المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب التأويل في الحلف - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌باب الطلاق في الماضي والمستقبل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌اللعان

- ‌كتاب العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب شروط وجوب القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الديات

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا واللواط

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب الخلافة والملك

- ‌باب قتل أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب النذور

- ‌الإفتاء

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب آداب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب اليمين في الدعاوي

- ‌كتاب الإقرار

- ‌علوم

- ‌الاشتقاق

- ‌علم النفس

- ‌أعلام

- ‌مؤلفات:

- ‌المراجع

الفصل: ‌باب التأويل في الحلف

موجب أصول أحمد ونصوصه، وأن مثله والله لا أحلف يمينا، طلقت في الحال طلقة في مرة، وإن قصد بإعادته إفهامها لم يقع، ذكره أصحابنا (1) .

‌باب التأويل في الحلف

وإن حلف بالطلاق كاذبا يعلم كذب نفسه لا تطلق زوجته، ولا يلزمه كفارة يمين (2) .

ولو قيل: زنت امرأتك، أو خرجت من الدار فغضب، وقال: فهي طالق، لم تطلق وأتفى به ابن عقيل، وهو قول عطاء بن أبي

رباح.

وقريب منه ما ذكره ابن أبي موسى وخالف فيه القاضي: إذا قال لامرأته: أنت طالق أن دخلت الدار -بفتح الهمزة- أنها لا تطلق إذا لم تكن دخلت؛ لأنه إنما طلقها لعله فلا يثبت الطلاق بدونها.

ومن هذا الباب ما يسأل عنه كثير مثل أن يعتقد أن غيره أخذ ماله فيحلف ليردنه أو يقول: إن لم ترده فامرأتي طالق، ثم تبين أنه لم يأخذه أو يقول: ليحضرن زيد، ثم يتبين موته، أو لتعطيني من الدراهم الذي معك ولا دراهم معه.

ثم هذا قسمان: الأول: منه ما يتبين حصول غرضه بدون الفعل المحلوف عليه مثل ما إذا ظن أنها سرقت له مالا فيحلف ليردنه فوجدها لم تسرقه.

والثاني: فإنه وإن لم يحصل فيه غرضه لكن لا غرض له مع

(1) فروع (5/ 442) ، ف (2/ 321) .

(2)

اختيارات (256) ، ف (2/ 321) .

ص: 33

وجود المحلوف عليه فيصير كأنه لم يحلف عليه، وفي الأول يحصل غرضه منه فيصير كأنه بر بالفعل (1) .

واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله: فيمن حلف على غيره ليفعلنه فخالفه، لم يحنث إن قصد إكرامه لا إلزامه، لأنه كالأمر، ولا يجب؛ لأمره صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بوقوفه في الصف ولم يقف، ولأن أبا بكر أقسم ليخبرنه بالصواب والخطأ لما فسر الرؤيا فقال: لا تقسم، لأنه علم أنه لم يقصد الإقسام عليه مع المصلحة المقتضية للكتم.

وقال أيضا: إن لم يعلم المحلوف عليه بيمينه فكالناسي (2) .

وإذا حلف بالطلاق ليعطينه كذا فعجز عنه فلا حنث عليه إذا كانت نيته أن يعطيه مع القدرة (3) .

ومن كانت عنده وديعة فتصرفت فيها زوجته، فطلب صاحب الوديعة وديعته، فقال لزوجته: أعطيه الوديعة، فقالت: تصرفت فيها، فحلف أنه لا بد أن يعطيه الوديعة وإلا كانت طالقا، ولا يروح إلا بوديعته وكان قد رأى الوديعة في البيت، فعجزت الزوجة عن إحضارها، وراح الرجل ولم يأخذ الوديعة، فإذا كانت الوديعة معدومة فلا حنث عليه، لأن المحلوف عليه ممتنع ولا يحنث في أصح القولين، ولأنه اعتقد وجودها فتبين ضده فلا يحنث في مثل ذلك على الصحيح.

ومن رأى معجنة طين فقال: علي الطلاق ما تكفي، فكفت، فلا يعود إلى مثل هذا اليمين فإن فيها خلافا؛ لكن الأظهر أنه لا يحنث.

(1) اختيارات (263) فيه زيادات وجزم بالحكم ف (2/ 321) .

(2)

إنصاف (6/ 116) ، ف (2/ 321) .

(3)

مختصر الفتاوى (548) ، ف (2/ 320) .

ص: 34

وإن حلف على زوجته لا تفعل شيئا ولم تعلم أنه حلف أو علمت فنسيت ففعلته، فلا حنث عليه، وله أن يصدقها إن كانت صادقة عنده (1) .

فصل

ومن حلف على زوجته بالطلاق الثلاث لا تفعل كذا ففعلت وزعمت أنها حين فعلته اعتقدت أنه غير المحلوف عليه فالصحيح في مثل ذلك أنه لا يقع طلاقه، بناء على أنه إذا فعل المحلوف عليه ناسيا ليمينه أو جاهلا لم يقع به طلاق في أحد قولي الشافعي وأحمد.

وعنه في جنس ذلك ثلاث روايات، لأن البر والإيمان بمنزلة الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، لأن الحالف يقصد بيمينه الحض لنفسه أو لغيره ممن يحلف عليه أو المنع لنفسه أو لغيره ممن يحلف عليه، فهو في الحقيقة طلب مؤكد بالقسم، فكما أن الكلام نوعان: خبر وإنشاء.

والإنشاء أمر أو نهي أو إباحة، والقسم أيضا، نوعان: خبر مؤكد، وإنشاء مؤكد بالقسم؛ ولهذا كان القسم جملتان: جملة يقسم عليها، وجملة يقسم بها، فإذا قال: والله لقد كان كذا، أو ما كان كذا، أو لأفعلن كذا، أو لا تفعل كذا، كان هذا قسما على الخبر، وإذا قال: والله لا أفعل كذا، أو لا تفعل كذا، كان هذا إنشاء مؤكدا بالقسم، لكنه طلب يتضمن الأمر والنهي، ثم لما صاروا يحلفون بالطلاق كان له صيغتان: صيغة القسم، وصيغة الشرط، فصيغة القسم قول الحالف: الطلاق يلزمني لأفعلن كذا، أو لا أفعله، أو لتفعلن كذا، وصيغة القسم موجب في صيغة الجزاء، والمثبت في هذه منفي في هذه.

(1) مختصر الفتاوى (545) ، ف (2/ 320) .

ص: 35

وصيغة الشرط إذا تضمنت معنى الحض والمنع كانت حلفا بالطلاق، وأما إن كان تعليقا محضا كقوله: إذا ظهرت أو طلعت الشمس ونحو ذلك، ففيه نزاع بين العلماء، والصحيح أنه ليس بحلف، بل هو إيقاع موجب بوقت معلوم أو مجهول أو معلق بشرط، وينبني على ذلك مسائل.

منها: لو حلف لا يحلف بالطلاق، أو قال: إذا حلفت به فعبدي حر، أو لم يعرف لغته، فأما إن عرفت لغته فإن يمينه تنزل عليها.

ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف فقال: إن شاء الله فإن شاء فعل وإن شاء ترك".

وقد تنازع العلماء في الاستثناء على ثلاث درجات.

أحدها: الإيقاع المجرد، فعند أحمد ومالك أنه تقع الثانية.

وإذا علق الطلاق بشرط يقصد به الحض أو المنع، ففيه قولان: وهما روايتان عن أحمد.

إحداهما: الإيقاع، فإنه كالإيقاع، والثاني: وهو الصحيح أنه كالحض.

والدرجة الثالثة: إذا حلف بصيغة القسم، كقوله: الطلاق يلزمني لأفعلن كذا، فهذا ظاهر المذهب عن أحمد أنه لا يحنث، ثم من أصحابه من يجعله قولاً واحدًا ومنهم من يجعل فيه روايتين، فالصواب وقوع الاستثناء في هاتين الصورتين، وإن قيل: لا يقع في الإيقاع.

والمقصود هنا: أن الحالف على نفسه أو غيره ليفعلن أو لا يفعل، وهو طالب طلبا مؤكدا بالقسم بمنزلة الأمر والنهي، وإذا كان كذلك فقد علم أن المنهي إذا فعل ما نهى عنه ناسيًا أو مخطئًا، وقد فعل شيئا يعتقد أنه غير المنهي عنه كان المنهي عنه كأنه لم يكن، ولم يكن

ص: 36

المنهي مخالفا للناهي عاصيا له، فكذلك من فعل المحلوف عليه ناسيا أو مخطئا في اعتقاده لم يكن مخالفا للحالف، فلم يحنث الحالف، وهذا بين لمن تأمله، والله تعالى لم يؤاخذ بالنسيان والخطأ.

وأما إذا فعلت الزوجة المحلوف عليها، عالمة بالمخالفة، فهذا فيه نزاع آخر غير النزاع المعروف.

فأصل الحلف بالطلاق هل يقع به الطلاق، أو لا يقع؟ فإن النزاع في ذلك بين السلف والخلف.

والمقصود: أن الزوج إذا حلف على زوجته فخالفته عمدا، فمذهب أشهب صاحب مالك أنه لا يقع به طلاق في هذه الصورة، وخالفه غيره من المالكية، ولعل مأخذه إما وجوب طاعته عليها وجعلها عاصية بذلك، أو لئلا يكون الطلاق بيدها من غير رضاه، فإنه لم يقصد جعله بيدها إنما قصد منعها، وظن أنها لا تعصيه، كمن حلف على معنى يظنه، كصفة، فتبين بخلافها.

ثم إذا وقع به الطلاق بفعلها، أو حصلت فرقة بفعلها بعد الدخول فهل يرجع عليها بالمهر؟ فهو مبني على أن إخراج البضع من ملك الزوج هل هو متقوم؟ فلو شهد شهود بالطلاق ثم رجعوا، هل يضمنون الصداق؟ فيه قولان مشهوران هما روايتان عن أحمد، والصحيح أنه متقوم ومنهم من فرق بين المرأة والأجنبي فيقول: متقوم على الأجنبي دون المرأة فيقولون: إن أفسدت النكاح هي لم تضمنه، بخلاف الأجنبي.

ثم مالك يقول: هو مضمون بالمسمى وهو منصوص عن أحمد، والشافعي يقول: هو مضمون بمهر المثل وهو وجه لأحمد، وكذلك لو أفسد رجل نكاح امرأة قبل الدخول بها وبعده فللمرأة قبل الدخول نصف الصداق، ولها جميعه بعده، ويرجع الزوج به على المفسد في الصورتين.

ص: 37

عند من يقول خروج البضع متقوم، وهو المنصوص عن أحمد، وهو مقدار ما يرجع به على القولين، ومن يقول: لا يتقوم يقول: لا يرجع، وهذا القول الآخر في مذهب أحمد.

والدليل على أنه متقوم جواز الخلع عليه، وأيضا ما ذكره الله سبحانه وتعالى في الممتحنة حيث قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} إلى قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *} [10/60] نزلت باتفاق المسلمين في قضية الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة صلح الحديبية لما شرط عليهم أن يرد المسلمون من جاءهم مسلما، وأن لا يرد أهل مكة من ذهب إليهم مرتدا، فهاجر نسوة كأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط فنسخ الله تعالى الرد في النساء، وأمر برد المهر عوضا عن رد المرأة، فذلك قوله تعالى:{وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} فأمر أن يؤتي الأزواج الكفار ما أنفقوا على المرأة الممتحنة التي لا ترد، والذي أنفقوا هو المسمى {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} فشرع للمؤمنين أن يسألوا الكفار ما أنفقوا على النسوة اللاتي ارتددن إليهم، وأن يسأل الكفار ما أنفقوا على النساء المهاجرات، فلما حكم الله سبحانه وتعالى بذلك دل على أن خروج البضع متقوم، وأنه بالمهر المسمى، ودلت الآية على أن المرأة إذا أفسدت نكاحها رجع عليها زوجها بالمهر.

فإذا حلف عليها فخالفته وفعلت المحلوف عليه كانت عاصية ظالمة متلفة للبضع عليه، فيجب عليها ضمانه: إما بالمسمى على أصح قولي العلماء، وإما بمهر المثل.

يوضع ذلك ما كان من امرأة قيس بن شماس حين أبغضته.

ص: 38

وقالت: إني أكره الكفر بعد الإيمان فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترد عليه حديقته لأن الفرقة جاءت من جهتها فتبين أنه يجوز أن يأخذ صداقها إذا كان سبب الفرقة من جهتها، إلا إذا كانت من جهته، وهذا كله يقرر أنه يجوز أن يرجع إليه الصداق، إذا فعل ما يوجب الضمان مثل: ما إذا أفسدته عليه بالهجرة، أو الردة (1) .

ومن حلف على رجل، لا بد أن يعطي فلانا كذا يعتقد أن ذلك الشيء عنده موجود بحيث لو علم أنه قد عدم لما حلف، ثم تبين أن ذلك الشيء قد عدم فلا حنث عليه لأنه حلف على مستحيل نحو: لأطيرن، أوة لأشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، وهذا لا يحنث عند جماهير العلماء.

وله مأخذ آخر وهو: أنه حلف يعتقد شيئًا فتبين بخلافه (2) .

وإذا حلف بالطلاق الثلاث: أن أحدا من أرحام المرأة لا يطلع إلى بيته، فطلع في غيبته، فإن كان يعتقد أنه إذا حلف عليهم امتنعوا من الصعود فحلف ظنا أنهم ممن يطيعونه فتبين الأمر بخلاف ذلك، ففي حنثه نزاع بين العلماء، الأظهر أنه لا يحنث، كمن رأى امرأة يظنها أجنبية فقال: أنت طالق ثم تبين أنها امرأته ونحو ذلك من المسائل التي يتعارض فيها تعيين الظاهر والقصد؛ فإن الصحيح اعتبار القصد (3) .

وإذا حلف على زوجته بالطلاق أنها لا تخرج إلا إلى الحمام فخرجت إلى بيت أهل الزوج وقالت لم أظن أنك أردت منعي من أهلك، فعرف صدقها في ذلك لم يقع به طلاق، وإن عرف كذبها لم

(1) مختصر الفتاوى (538-541) ، ف (2/ 321) .

(2)

مختصر الفتاوى (549) ، ف (2/ 321) .

(3)

مختصر الفتاوى (541) ، ف (2/ 321) .

ص: 39

يقبل قولها، وإن شك في صدقها وكذبها لم يحكم بوقوع الطلاق فإن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك (1) .

وإذا حلف على أخت زوجته لا تدخل بيته إلا بإذنه فدخلت بغير إذنه ولم تكن علمت باليمين ثم علمت فاعتقدت أن اليمين انحلت بالحنث وأنه لم يبق عليها يمين فاستمرت على الدخول فلا حنث على الحالف لأن الدخول الأول لم تكن عالمة باليمين، وبعد ذلك اعتقدت أنها انحلت وأنه لم يبق عليه يمين (2) .

إذا علل الطلاق بعلة ثم تبين انتفاؤها، فمذهب أحمد أنه لا يقع بها الطلاق، وعند شيخنا لا يشترط ذكر التعليل بلفظه، ولا فرق عنده بين أن يطلقها لعلة مذكورة في اللفظ أو غير مذكورة، فإذا تبين انتفاؤها لم يقع الطلاق، وهذا هو الذي لا يليق بالمذهب غيره، ولا تقتضي قواعد الأئمة غيره (3) .

وإذا حلف: لا يسكن بيت أبيه فزارهم وجلس عندهم أياما لم يحنث، لأن الزيارة ليست سكنا باتفاق الأئمة (4) .

ومن حلف على ابن أخت زوجته أن لا يعمل عند إنسان لكونه يظلمه، ثم بلغ وخرج عن أمره واستقل بنفسه وأجر نفسه لذلك الرجل لم يحنث ذلك الحالف (5) .

وإذا حلف لا يفعل شيئًا لسبب فزال السبب أو أكره على فعل المحلوف عليه لم يحنث، وإن كان السبب باقيًا وأراد فعل المحلوف.

(1) مختصر الفتاوى (537) ، ف (2/ 321) .

(2)

مختصر الفتاوى (537) ، ف (2/ 321) .

(3)

إعلام الموقعين (4/ 90، 91) ، ف (2/ 321) .

(4)

مختصر الفتاوى (547) ، ف (2/ 321) .

(5)

مختصر الفتاوى (537) ، ف (2/ 323) .

ص: 40

فخالع زوجته خلعا صحيحا ثم فعله بعد أن بانت بالخلع لم يحنث، وإن كان الخلع لأجل اليمين ففيه نزاع مشهور.

والصحيح أن خلع اليمين لا يصح، كالمحلل، لأنه ليس المقصود به الفرقة، وهل يقع بخلع اليمين طلقة رجعية أم لا يقع به شيء؟ فيه نزاع مشهور، والصحيح أنه لا يقع به شيء بحال، لكن إذا أفتاه مفت به وفعله معتقدا أن النكاح قد زال وأنه لا حنث عليه لأنه لم يقصد مخالفة يمينه فلا حنث عليه، وأكثر العلماء يقولون إن يمينه باقية منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور والشافعي في أحد قوليه.

وفي القول الآخر: أن اليمين تنحل إذا حصل بينه وبين زوجته بينونة، ويجوز للمستفتي أن يستفتي في مثل هذه المسائل من يفتيه بأن لا حنث عليه، ولا يجب على أحد أن يطيع أحدا في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أفتاه من يجوز استفتاؤه جاز أن يعمل بفتواه ولو كان ذلك القول لا يوافق المذهب الذي ينتسب هو إليه، وليس بالازم أن يلتزم قول إمام بعينه في جميع أيمانه (1) .

قال شيخنا: والاحتياط أحسن ما لم يفض بصاحبه إلا مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط (2) .

ومن اتهمته زوجته بوطء جاريته فعرض وحلف أنه ما وطئها فله ذلك كما جرى لعبد الله بن رواحة رضي الله عنه إذ حلف لزوجته وأقام لها الدليل على ذلك أنه ليس جنبا فأنشد لها شعرا يوهمها أنه قرآن وهو:

شهدت بأن وعد الله حق

وأن النار مثوى الكافرين

وأن العرش فوق الماء طاف

وفوق العرش رب العالمين

(1) مختصر الفتاوى (549) ، ف (2/ 323) .

(2)

مختصر الفتاوى (545) ، ف (2/ 323) .

ص: 41