الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول أهداف سورة «هود»
«1»
تمهيد عن الوحدة الموضوعية للسورة
هود عليه السلام هو أول رسول الى قوم عاد، وعاد أول أمة من نسل سام بن نوح «2» ، وقد تحدّث القرآن كثيرا عن هود فيمن تحدّث عنهم من رسل الله الكرام وقد ذكر باسمه خمس مرات في هذه السورة التي سميت باسمه.
وسورة هود من السور المكّيّة، شأنها كشأن السّور المكّيّة الأخرى: تقرير أصول الدين، وإقامة الأدلة عليها وردّ الشّبه التي كان يثيرها المعارضون حول الدعوة وصاحبها، والحديث عن اليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، وهي الموضوعات نفسها التي تحدثت عنها السورة السابقة، سورة يونس.
عناصر الدعوة الإلهية
والمتدبّر لسورة هود يرى أنها قررت عناصر الدعوة الإلهية- وهي التوحيد والرسالة والبعث- من طريق الحجج العقلية، مع الموازنة بين النفوس المستعدة للايمان، والنفوس النافرة منه. وقد عرضت لذلك في أربع وعشرين آية يختم بها الربع الأول منها، ثمّ أخذت السورة تتحدّث عن جملة من الرسل السابقين لبيان وحدة الدعوة الإلهية، وتسلية الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنذارا للمكذّبين.
(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1979- 1984.
(2)
. محمود شلتوت، الى القرآن الكريم ص 77.
ويستغرق قصص هؤلاء الرسل الكرام معظم السورة، فتذكر قصة نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى (ع) . وطريقة العرض هنا تختلف عنها في سورة أخرى، والحلقات التي تعرض من كل قصة تختلف كذلك لاختلاف السياق، فيمتنع التكرار، فيما يخيل أنه تكرار للقارئ العابر للقرآن الكريم.
هذا القصص الذي يستغرق معظم سورة هود: مرتبط كلّ الارتباط بما قبله وما بعده من السورة، متناسق مع السياق حتى في التعبير اللفظي أحيانا، فالقصة والمشهد والعظة والتعقيب تتناسق كلها تناسقا عجيبا، وتكشف عن بعض وظيفة القصة في القرآن الكريم.
تبدأ سورة هود بقوله تعالى.
الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) .
وهذا المطلع، يقرر أن المهمة الأولى للنبي هي الدعوة إلى توحيد الله، وينذر بالعذاب من يكذّب بدعوة الله. ويبشّر بالنعيم من آمن بها.
وقصص السورة كله يساق لتوكيد هذين المعنيين، فيرد في ألفاظ تكاد تكون واحدة يقولها كل رسول. وكأنما يقولها ويمضي، حتّى يأتي أخوه فيقولها كذلك ويمضي، والمكذّبون هم المكذّبون.
تبدأ قصة نوح بقوله تعالى:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) .
ثمّ بقوله جلّ وعلا حكاية على لسان هود وصالح وشعيب (ع) :
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ [الآية 50] .
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ [الآية 61] .
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ [الآية 84] .
ونهايات القصص كلّها، هلاك المكذّبين وعقوبة المعتدين، ووعيد لجميع المتكبّرين عن الإيمان بالحق، والانقياد للعقيدة الصحيحة، قال تعالى:
وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) .