المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ولاية الأشتر النخعي على مصر - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - جـ ١

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌[خطبة المؤلف]

- ‌ذكر فتح مصر لابن عبد الحكم وغيره

- ‌ذكر ما ورد في فضل مصر من الآيات الشريفة والأحاديث النبوية

- ‌ذكر ما ورد في نيل مصر

- ‌ذكر ما قيل في سبب تسمية مصر بمصر

- ‌[ذكر من ملك مصر قبل الإسلام]

- ‌ذكر ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر

- ‌ذكر ولاية أبن أبي سرح على مصر

- ‌ذكر استيلاء محمد بن [أبي] حذيفة على مصر

- ‌ذكر ولاية قيس بن سعد بن عبادة على مصر

- ‌ذكر ولاية الأشتر النخعي على مصر

- ‌ذكر ولاية محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه على مصر

- ‌ذكر ولاية عمرو بن العاص ثانياً على مصر

- ‌ذكر ولاية عتبة بن أبي سفيان على مصر

- ‌ذكر ولاية عقبة بن عامر على مصر

- ‌ذكر ولاية مسلمة بن مخلد على مصر

- ‌ذكر ولاية سعيد بن يزيد على مصر

- ‌ذكر خلافة معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ثالث خلفاء بني أمية ووفاته

- ‌ذكر ولاية عبد الرحمن بن جحدم على مصر

- ‌ذكر ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن عبد الملك على مصر

- ‌ذكر ولاية قرة بن شريك على مصر

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن رفاعة الأولى على مصر

- ‌ذكر وفاة موسى بن نصير المذكور

- ‌ذكر ولاية أيوب بن شرحبيل على مصر

- ‌ذكر ولاية بشر بن صفوان على مصر

- ‌ذكر ولاية حنظلة بن صفوان الأولى على مصر

- ‌ذكر ولاية محمد بن عبد الملك على مصر

- ‌ذكر ولاية الحر بن يوسف على مصر

- ‌ذكر ولاية حفص بن الوليد الأولى على مصر

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن رفاعة الثانية على مصر

- ‌ذكر ولاية الوليد بن رفاعة على مصر

- ‌ذكر ولاية عبد الرحمن بن خالد على مصر

- ‌ذكر ولاية حنظلة بن صفوان الثانية على مصر

- ‌ذكر ولاية حفص بن الوليد ثانياً على مصر

- ‌ذكر ولاية حسان بن عتاهية على مصر

- ‌ذكر ولاية حفص بن الوليد الثالثة على مصر

- ‌ذكر ولاية حوثرة بن سهيل على مصر

- ‌ذكر ولاية المغيرة بن عبيد الله على مصر

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن مروان على مصر

- ‌ذكر بيعة السفاح بالخلافة

- ‌ذكر ولاية صالح بن علي العباسي الأولى على مصر

- ‌ذكر ولاية أبي عون الأولى على مصر

- ‌ذكر ولاية صالح بن علي العباسي ثانياً على مصر

- ‌ذكر ولاية أبي عون الثانية على مصر

- ‌ذكر ولاية موسى بن كعب على مصر

- ‌ذكر ولاية محمد بن الأشعث على مصر

- ‌ذكر ولاية حميد بن قحطبة على مصر

الفصل: ‌ذكر ولاية الأشتر النخعي على مصر

في منصرفه من وقعة الجمل بساعة، وكان مروان مع عائشة أيضاً غير أنه لما رأى انصرافه رمى عليه بسهم قتله، وقال لأبان بن عثمان بن عفان: قد كفيتك بعض قتلى أبيك- يعني أنه كان موارياً على عثمان في أول الأمر- وفيها قتل الزبير بن العوّام ابن خالد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو عبد الله القرشىّ الأسدىّ المكي حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها، أسلم وهو ابن ست عشرة سنة وهو من السابقين، قتله عمير «1» بن جرموز بعد انصرافه من وقعة الجمل بساعة؛ وفيها توفي حذيفة بن اليمان واسم اليمان حسيل (ويقال حسيل بالتصغير) بن جابر بن أسيد، وقيل ابن عمرو، أبو عبد الله العبسي حليف الأنصار، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وفيها توفي سلمان الفارسي رضي الله عنه في قول وقد تقدم ذكره.

أمر النيل في هذه السنة، الماء القديم سبعة أذرع وثمانية عشر إصبعاً، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وإصبعان.

‌ذكر ولاية الأشتر النخعي على مصر

وفي ولاية الأشتر هذا على مصر قبل محمد بن أبي بكر الصديق اختلاف كثير، حكى جماعة كثيرة من المؤرخين وذكروا ما يدل على أنّ ولاية محمد بن أبي بكر كانت هي السابقة بعد عزل قيس بن سعد بن عبادة، وجماعة قدموا ولاية الأشتر هذا، ولكل منهما استدلال قوي، والذين قدموا الأشتر هم الأكثر، وقد رأيت في عدة كتب ولاية الأشتر هي المقدمة فقدّمته لذلك.

ص: 102

والأشتر اسمه مالك بن الحارث، قال أبو المظفر في مرآة الزمان: قال علماء السيرة كابن إسحاق وهشام والواقدي قالوا: لما اختل أمر مصر على محمد بن أبي بكر الصديق وبلغ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: ما لمصر إلا أحد الرجلين، صاحبنا الذي عزلناه عنها- يعني قيس بن سعد بن عبادة- أو مالك ابن الحارث- يعني الأشتر هذا.

قلت: وهذا مما يدل على أن ولاية محمد بن أبي بكر الصديق كانت هي السابقة، اللهم إلا إن كان لما اختل أمر مصر على محمد عزله علي رضي الله عنه بالأشتر، ثم استمر محمد ثانياً بعد موت الأشتر على عمله حتى وقع من أمره ما سنذكره، وهذا هو أقرب للجمع بين الأقوال لأن الأشتر توفي قبل دخوله إلى مصر والله أعلم؛ وكان علىّ رضى الله عنه حين انصرف من صفين رد الأشتر إلى عمله على الجزيرة وكان عاملا عليها، فكتب إليه وهو يومئذ بنصيبين: سلام عليك يا مالك، فإنك ممن استظهرتك على إقامة الدين؛ وكنت قد وليت محمد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه خوارج، وهو غلام حدث السن غر ليس بذي تجربة للحرب ولا مجرب للأشياء، فاقدم علي لننظر في ذلك كما ينبغي واستخلف على عملك أهل الثقة والنصفة من أصحابك والسلام. فأقبل مالك- أعني الأشتر- على علي رضي الله عنه فأخبره بحديث محمد وما جرى عليه، وقال: ليس لها غيرك، فاخرج رحمك الله فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك فاستعن بالله على ما أهمك، واخلط الشدة باللين وارفق ما كان الرفق أبلغ. فخرج الأشتر من عند علي وأتى رحله وتهيأ للخروج إلى مصر، وكتب عيون معاوية إليه بولاية الأشتر على مصر فشق عليه وعظم ذلك لديه، وكان قد طمع في مصر وعلم أن الأشتر متى قدمها كان أشد عليه، فكتب معاوية إلى الخانسيار «1»

ص: 103

(رجل من أهل الخراج، وقيل كان دهقان القلزم) يقول: إن الأشتر واصل إلى مصر قد وليها، فإن أنت كفيتني إياه لم آخذ منك خراجاً ما بقيت، فأقبل لهلاكه بكل ما تقدر عليه؛ فخرج الخانسيار حتى قدم القلزم فأقام به، وخرج الأشتر من العراق يريد مصر حتى قدم إلى القلزم فاستقبله الخانسيار فقال له: انزل فإني رجل من أهل الخراج وقد أحضرت ما عندي، فنزل الأشتر فأتاه بطعام وعلف وسقاه شربة من عسل جعل فيها سماً، فلما شربه مات، وبعث الخانسيار [من «1» ] أخبر بموته معاوية، فلما بلغ معاوية وعمرو بن العاص موت الأشتر قال عمرو بن العاص:

إن لله جنوداً من عسل.

وقال ابن الكلبي عن أبيه: لما سار الأشتر إلى مصر أخذ في طريق الحجاز فقدم المدينة، فجاءه مولى لعثمان بن عفان يقال له نافع، وأظهر له الود وقال له:

أنا مولى عمر بن الخطاب، فأدناه الأشتر وقرّ به ووثق به وولاه أمره، فلم يزل معه إلى عين شمس (أعني المدينة الخراب خارج مصر بالقرب من المطرية) وفيها ذلك العمود المذكور في أول أحوال مصر من هذا الكتاب، فلما وصل إلى عين شمس تلقاه أهل مصر بالهدايا؟؟؟ وسقاه نافع المذكور العسل فمات منه.

وقال ابن سعد: إنه سم بالعرش؛ وقال الصوري: صوابه بالقلزم؛ وقال أبو اليقظان: كان الأشتر قد ثقل على أمير المؤمنين علي أمره، وكان متجريا عليه مع شدة محبته له.

وحكي عن عبد الله بن جعفر قال: كان علي قد غضب على الأشتر وقلاه واستثقله، فكلمني أن أكلمه فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين، وله مصر فإن ظفروا به استرحت منه فولاه، وكانت عائشة رضي الله عنها قد دعت عليه فقالت: اللهم

ص: 104

ارمه بسهم من سهامك؛ واختلفوا في وفاة الأشتر، فقال ابن يونس: مات مسموماً سنة سبع وثلاثين، وقال هشام: سنة ثمان وثلاثين في رجب؛ وكان الأشتر شجاعاً مقداماً، وقصته مع عبد الله بن الزبير مشهورة، وقول ابن الزبير بسببه:

اقتلاني ومالكاً

واقتلا مالكاً معي

حتى صار هذا البيت مثلاً.

وشرح ذلك: أن مالك بن الحارث (أعني الأشتر النخعي) كان من الشجعان الأبطال المشهورين، وكان من أصحاب علي وكان معه في يوم وقعة الجمل، فتماسك في الوقعة هو وعبد الله بن الزبير بن العوام، وكان عبد الله أيضاً من الشجعان المشهورين، وكان عبد الله بن الزبير من حزب أبيه، وخالته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم، وكانوا يحاربون علياً رضي الله عنه فلما تماسكا صار كل واحد منهما إذا قوي على الآخر جعله تحته وركب صدره، وفعلا ذلك مراراً وابن الزبير يقول:

اقتلاني ومالكاً

واقتلا مالكاً معي

يريد قتل الأشتر بهذا القول والمساعدة عليه حتى افترقا من غير أن يقتل أحدهما الآخر؛ وقال عبد الله بن الزبير المذكور: لقيت الأشتر النّخعىّ يوم الجمل فما ضربته ضربة إلا ضربني ستاً أو سبعاً، ثم أخذ رجلي وألقاني في الخندق وقال: والله لولا قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع منك عضو إلى عضو أبداً.

وقال ابن قيس: دخلت مع عبد الله بن الزبير الحمام واذا فى رأسه ضربة لو صبّ فيها قارورة لاستقر، فقال: أتدري من ضربني هذه الضربة؟ قلت:

لا، قال: ابن عمك الأشتر النخعىّ.

ص: 105