الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «إن لكل شيء مفتاحاً وإن ثابتاً من مفاتيح الخير» وكانت عيناه تشبه عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له أنس ابن مالك: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! فما زال يبكي حتى عمشت.
وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر، قال: وتوفي في هذه السنة أبو صخرة جامع ابن شداد، وحكيم بن عبد الله بن قيس، وأبو عشانة حي بن يؤمن المعافري، وعبادة بن نسي الكندي، وعبد الله بن عامر مقرئ الشأم.
قلت: هو الذي ذكرناه آنفاً. قال: وعبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، وعبد الرحمن بن سابط الجمحي (بضم الجيم نسبة لبني جمح) وعثمان بن عبد الله بن سراقة المدني، وعلي بن عبد الله بن العباس الهاشمي. قلت: وقد تقدم ذكره في غير هذه السنة. قال: ومعاذ بن عبد الله الجهني، ومعبد بن خالد الجدلي الكوفي، وأبو جعفر محمد بن علي الباقر في قول ابن معين. قلت: وقد تقدم ذكره في غير هذه السنة.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وستة أصابع، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعاً وعشرون إصبعا.
ذكر ولاية حنظلة بن صفوان الثانية على مصر
قلت: تقدم التعريف به في ولايته الأولى على مصر في سنة اثنتين ومائة، وكان سبب ولايته هذه على مصر ثانياً أنه لما ضعف أمر عبد الرحمن بن خالد أمير مصر المقدم ذكره شكا منه أهل مصر إلى هشام بن عبد الملك، وكان شكواهم من لينه لا لسوء سيرته، فعزله الخليفة هشام لهذا المقتضى وغيره وولى حنظلة
ابن صفوان هذا ثانياً على إمرة مصر على صلاتها، فقدمها حنظلة في خامس المحرم سنة تسع عشرة ومائة، وتم أمره ورتب أمور الديار المصرية ودام بها إلى سنة إحدى وعشرين ومائة، [و] فيها انتقض عليه قبط مصر، فحاربهم حنظلة المذكور حتى هزمهم، ثم في سنة اثنتين وعشرين ومائة قدم عليه بمصر رأس زيد بن علي زين العابدين فأمر حنظلة بتعليقها وطيف بها؛ ثم استمر على إمرة مصر إلى أن عزله عنها الخليفة هشام بن عبد الملك وولاه إفريقية، فاستخلف حنظلة على صلاة مصر حفص بن الوليد الحضرمىّ المعزول عن إمرة مصر قبل تاريخه، وخرج حنظلة من مصر لسبع خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائة، فكانت ولايته على مصر في هذه المرة الثانية خمس سنين وثمانية أشهر.
وذكر صاحب كتاب «البغية والاغتباط، فيمن ولي الفسطاط» قال بعد ما سماه: ولي ثانياً من قبل هشام على الصلاة، فقدم يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم سنة تسع عشرة ومائة، وجعل على شرطته عياض بن خترمة «1» بن سعد الكلبي. ثم ذكر نحواً مما ذكرناه من عزله وخروجه إلى إفريقية. ولما ولي حنظلة إفريقية أمره الخليفة هشام بتولية أبي الخطار حسام بن ضرار الكلبي إمرة الأندلس، فولاه في شهر رجب. وكان أبو الخطار لما تتابع ولاة الأندلس من قيس قال شعراً وعرض فيه بيوم مرج «2» راهط، وما كان من بلاء كلب فيه مع مروان بن الحكم، وقيام القيسية مع الضحاك بن قيس الفهري على مروان، فلما بلغ شعره هشام ابن عبد الملك سأل عنه فأعلم أنه رجل من كلب، فأمر هشام بن عبد الملك حنظلة أن يولي أبا الخطار الأندلس فولاه وسيّره اليها، فدخل قرطبة فرأى ثعلبة
ابن سلامة «1» أميرها قد أحضر الألف الأسارى من البربر ليقتلهم، فلما دخل أبو الخطار دفع الأسارى إليه، فكانت ولايته سبباً لحياتهم. ومهد أبو الخطار بلاد الأندلس.
وفي ولايته خرج عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع بالأندلس، فأرسل إليه حنظلة رسالة يدعوه إلى مراجعة الطاعة فقبضهم «2» وأخذهم معه إلى القيروان «3» ، وقال: إن رمي أحد من أهل القيروان بحجر قتلت من عندي أجمعين فلم يقاتله أحد، واستفحل أمره. وكان حنظلة لا يرى القتال إلا لكافر أو خارجي.
فلما قوي أمر عبد الرحمن خرج حنظلة إلى الشأم ودعا على عبد الرحمن وأهل إفريقية فاستجيب له، فوقع الوباء والطاعون ببلادهم سبع سنين لم يفارقهم إلا في أوقات متفرقة، وثار على عبد الرحمن هذا جماعة من العرب والبربر ثم قتل بعد ذلك. هذا بعد أن وقع له مع أبي الخطار حروب ووقائع. وكان ممن خرج على عبد الرحمن عروة بن الوليد الصدفي واستولى على تونس، وثابت الصنهاجي بناحية أخرى، وأما حنظلة فإنه أستمر بالشأم إلى «4» أن مات.
السنة الأولى من ولاية حنظلة الثانية على مصر وهي سنة تسع عشرة ومائة- فيها حج بالناس مسلمة بن عبد الملك أخو الخليفة هشام. وفيها غزا مروان بن محمد المعروف بالحمار غزوة السابحة «5» فدخل بجيشه من باب اللان، فلم يزل حتى خرج من بلاد الخزر، ثم انتهى إلى البيضاء مدينة الخاقان. وفيها جهز عبيد الله بن الحبحاب
أمير إفريقية جيشاً، عليهم قثم بن عوانة، فأخذوا قلعة سردانية من بلاد المغرب ورجعوا، فغرق قثم بن عوانة وجماعته في البحر. وفيها توفّى عبد الله بن كثير مقرئ أهل مكة أبو معبد مولى عمرو بن علقمة الكناني، أصله فارسي، ويقال له: الداري (والداري: العطار، نسبة إلى عطر دارين)، وقال البخاري: هو مولى قريش من بني عبد الدار، وقال أبو بكر بن أبي داود: الدار: بطن من لخم، منهم تميم الداري، قرأ القرآن على مجاهد وغيره، وقيل: إن وفاته سنة عشرين، وهو الأصح.
وفيها قصد خاقان أسد بن عبد الله القسري بجموع الترك، فالتقاهم أسد بن عبد الله وواقعهم فقتل خاقان وأصحابه، وغنم أسد أموالاً عظيمة وفتح بلاداً لم يصل إليها غيره. وفيها خرج المغيرة بن سعيد بالكوفة، وكان ساحراً متشيعاً، فحكى عنه الأعمش أنه كان يقول: لو أراد علي بن أبي «1» طالب أن يحيي عاداً وثموداً «2» وقروناً بين ذلك كثيراً لفعل. وبلغ خالد بن عبد الله القسري خبره، فأرسل إليه فجيء به وأمر خالد بالنار والنفط وأحرقه ومن كان معه. وفيها غزا أسد بن عبد الله الختل «3» وقتل ملكها بدير «4» طرخان. وفيها توفي حبيب بن محمد العجمي، ويعرف بالفارسي، البصري، من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة، وهو أحد الزهاد الذي يضرب بزهده المثل. وفيها حج بالناس مسلمة بن عبد الملك.
وأما الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة فهم جماعة كثيرة، قال: وتوفي إياس بن سلمة بن الأكوع، وحبيب بن أبي ثابت في قولٍ، وحماد بن أبي سليمان
الفقيه في قولٍ، وسليمان بن موسى الفقيه بدمشق، وقيس بن سعد الفقيه بمكة، ومعاوية بن هشام الأمير بأرض الروم.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمسة أذرع ونصف، مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعاً وستة أصابع.
*** السنة الثانية من ولاية حنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة عشرين ومائة- فيها عزل خالد بن عبد الله القسري عن إمرة العراق بيوسف بن عمر الثقفي، وكانت مدة ولاية خالد على العراق أربع عشرة سنة، فلما استخلف الوليد ابن يزيد بن عبد الملك بعد موت عمه هشام بن عبد الملك بعث بخالد إلى يوسف هذا فقتله. وفيها توفي أسد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر البجلي القسري، وهو أخو خالد بن عبد الله القسري المقدم ذكره أعلاه. وكان أسد هذا ولي خراسان مرتين، وغزا عدة غزوات وافتتح البلاد، وبنى مدينة بلخ، وتوفي قبل عزل أخيه خالد بن عبد الله القسري بيسير. وفيها توفي حماد بن أبي سليمان فقيه أهل الكوفة، وقد ذكر الذهبي وفاته في الخالية، وهو من الطبقة الثالثة من التابعين.
قيل لإبراهيم النخعي: من نسأل بعدك؟ قال: حماد بن أبي سليمان. وعنه أخذ أبو حنيفة العلم، وهو أول من حلق حلقة للاشتغال «1» . وفيها توفي سليمان بن ثابت الداراني الدمشقي المحاربي من الطبقة الثالثة من التابعين، كان يقال له: قاضي الخلفاء لأنه أقام قاضياً على دمشق ثلاثين سنة، قضى لتسعة من خلفاء بني أمية، وقيل لسبعة، وهو الأصح. وفيها توفي محمد بن واسع بن جابر أبو عبد الله الأزدي، من الطبقة
الثالثة من تابعي أهل البصرة، كان لا يقدم عليه أحد في زمانه في العبادة والزهد والورع، كان يصوم الدهر ويخفيه. قيل: إنه دخل هو ومالك بن دينار إلى دار الحسن البصري فلم يجداه في الدار، فرأى محمد بن واسع طعاماً للحسن فأكل منه من غير إذن الحسن، وعزم على مالك فلم يوافقه مالك وقال: حتى يأذن لي صاحبه، وبينما هما في ذلك دخل الحسن البصري فأعجبه فعل محمد بن واسع وقال:
هكذا كنا نفعل مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جئتنا يامويلك.
وذكر الذهبي جماعة أخر وفيهم من تكرر ذكره لاختلاف المؤرخين، قال:
وتوفي أنس بن سيرين على الصحيح، وأسد بن عبد الله القسري الأمير، والجلاح أبو «1» كثير القاضي، والجارود «2» الهذلي، وحماد بن أبي سليمان في قولٍ، وأبو معشر «3» زياد ابن كليب الكوفي، وعاصم بن عمر بن قتادة الظّفرىّ، وعبد «4» الله بن كثير مقرئ أهل مكة، وعبد الرحمن بن ثروان الأودي «5» ، وعدي بن عدي بن عميرة الكندي، وعلقمة بن مرثد الكوفي، وعلي بن مدرك النخعي الكوفي، وقيس بن مسلم الجدلي الكوفي، ومحمد بن إبراهيم التيمي المدني الفقيه في قول، ومحمد بن كعب القرظي في قولٍ، ومسلمة بن عبد الملك، وواصل الأحدب، ويزيد «6» بن رومان على الصحيح، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على الصحيح.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربعة أذرع سواء، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعاً وإصبعان ونصف.
*** السنة الثالثة من ولاية حنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة إحدى وعشرين ومائة- فيها غزا مروان الحمار من أرمينية إلى أن بلغ قلعة بيت السرير من بلاد الروم فقتل وسبى، ثم أتى قلعة ثانية فقتل أيضاً وأسر، ثم دخل الحصن الذي فيه سرير الملك فهرب منه الملك حتى صالحوا مروان في السنة على ألف رأس ومائة ألف مديٍ «1» ، ثم سار مروان في السنة حتى دخل أرض أرز «2» وبلاد بطران «3» فصالحوه ثم صالحه أهل بلاد تومان، ثم أتى حمزين «4» فقاتلهم ولازم الحصار عليهم شهرين حتى صالحوه، ثم افتتح مروان مسدار وغيرها. وذكر خليفة بن خياط أن أبا محمد البطال قتل فيها. وفيها غزا الصائفة مسلمة ابن الخليفة هشام بن عبد الملك فسار حتى أتى ملطية، ومات مسلمة هذا في دولة أبيه هشام. وفيها غزا نصر بن سيار ما وراء النهر وقتل ملك الترك كورصول، وكان كورصول المدكور ملكاً عظيماً غزا في المسلمين اثنتين وسبعين غزوة، ولما قبض عليه نصر أراد أن يفدي نفسه بألف جمل بختي وبألف برذون، فلم يقبل نصر وقتله. وفيها خرج زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب رضي الله عنهم، ووقع له مع جيش الخليفة أمور وحروب وآل أمره إلى أن انكسر واختفى حتى ظفر به وقتل في سنة اثنتين وعشرين ومائة. وفيها توفي الربيع بن أبي راشد أبو عبد الله الزاهد، من الطبقة الثالثة من تابعي
أهل الكوفة، كان يقول: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لخشيت أن يفسد علي قلبي. وفيها توفي عطاء السليمي، من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة، وكان من التابعين المجتهدين، أقام أربعين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله تعالى ولم يضحك، ورفع رأسه مرة ففتق في بطنه فتق؛ وكان إذا أراد أن يتوضأ ارتعد وبكى، فقيل له: في ذلك، فقال: إني أريد أن أقدم على أمر عظيم قبل أن أقوم بين يدي الله تعالى. وفيها توفي نمير بن أوس الأشعري قاضي دمشق، من الطبقة الرابعة من التابعين، ولاه الخليفة هشام القضاء ثم استعفاه فأعفاه. وفيها توفّى محارب ابن دثار السدوسي الشيباني أبو المطرف؛ من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة؛ قال: لما أكرهت على القضاء بكيت وبكى عيالي، فلما عزلت عن القضاء بكيت وبكى عيالي.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وعشرون إصبعاً، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعاً وثلاثة عشر إصبعاً.
*** السنة الرابعة من ولاية حنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة اثنتين وعشرين ومائة- فيها خرج بالمغرب ميسرة الحقير وعبد الأعلى مولى «1» موسى بن نصير متعاضدين ومعهما خلائق [من الصفرية «2» ] ، فخرج لقتالهم متولي إفريقية عبيد الله بن الحبحاب وقاتلهم واستظهر عليهم والي إفريقية، لكن قتل ابنه إسماعيل، ثم جهز لهم عبيد الله بن الحبحاب جيشاً ثانياً عليه أبو الأصم خالد، فقتل أبو الأصم المذكور
في جماعة من الأشراف في آخر السنة، واستفحل أمر الصفرية وبايعوا الشيخ عبد الواحد بالخلافة، فلم يتم أمره وقتل بعد حروب كثيرة. وقتل في هذه الواقعة وغيرها في هذه السنة خلائق كثيرة. وكان عبيد الله بن الحبحاب قد جهز جيشاً آخر مع حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة الفهري إلى جزيرة صقلية فظفر حبيب المذكور ظفراً ما سمع بمثله، وسار حتى نزل على أكبر مدائن صقلية، وهي مدينة سرقوسة «1» ، وهابته النصارى وذلوا لإعطاء الجزية، ووقع بالمغرب في هذه السنة حروب مهولة متداولة. وفيها توفي شهيداً زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وصلب مدة طويلة، وقد تقدم ذكر واقعته في سنة إحدى وعشرين ومائة.
وفيها توفي إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري، من الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة، وكنيته أبو واثلة، وكان قاضياً على البصرة، وكان سيداً فاضلاً ذكياً، له نوادر غريبة، كان يقول: أذكر ليلة ولدت وضعت أمي على رأسي جفنة.
قال إياس: قلت لأمي: ما شيء سمعته عند ولادتي يا أمي «2» ؟ فقالت: طست وقع من أعلى الدار ففزعت فولدتك في تلك الساعة. قلت: وعلى هذا يكون سماعه لذلك وهو في بطن أمه، فإنها لما سمعت الضجة ولدت من الفزع. فيكون سماع إياس لذلك قبل أن ينزل من بطن أمه. اهـ. وفيها توفي بلال بن سعد بن تميم السكوني «3» (بفتح السين المهملة) من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الشأم، كان بالشأم مثل الحسن البصري في العراق، وكان إمام جامع دمشق، فكان إذا كبر سمع صوته من الأوزاع (قرية على باب الفراديس) ولم يكن البنيان يومئذ متصلاً؛ هكذا نقل أبو المظفر في تاريخه «مرآة الزمان» . وفيها توفي الأمير مسلمة ابن الخليفة عبد الملك
ابن مروان أبو شاكر «1» ، وقيل: أبو سعيد وقيل: أبو الأصبع «2» ، كان شجاعاً صاحب همة وعزيمة، وله غزوات كثيرة من ولاية أبيه عبد الملك إلى هذه السنة.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وستة أصابع، مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعاً وثمانية عشر إصبعاً.
*** السنة الخامسة من ولاية حنظلة بن صفوان على مصر وهي سنة ثلاث وعشرين ومائة- فيها كانت وقعة عظيمة بين البربر وبين كلثوم بن عياض، فقتل كلثوم في المصاف واستبيح عسكره، كسرهم أبو يوسف الأزدي رأس الصّفريّة (والصفرية «3» هم منسوبون إلى بني المهلب بن أبي صفرة) ، ثم وقعت أمور ووقائع بالمغرب في هذه السنة أيضاً يطول شرحها. وفيها حج بالناس يزيد ابن الخليفة هشام بن عبد الملك وصحبه الزهري بن شهاب، فهناك لقى الزهرىّ مالك بن أنس وسفيان ابن عيينة. وفيها خرج خمسة وعشرون ألفاً من الروم ونزلوا بملطية، فبعث إليهم
هشام بن عبد الملك الجيوش فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، ولله الحمد. وفيها توفيت عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق؛ وأول أزواج عائشة عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ثم تزوجها مصعب ابن الزبير فاصدقها مائة ألف «1» دينار. وعن الكلبي قال: قال عبد الملك بن مروان يوماً لجلسائه: من أشجع العرب؟ قيل: شبيب، وقيل: فلان وفلان؛ فقال:
إن أشجع العرب رجل ولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف وألف ألف وألف ألف، وتزوج سكينة بنت الحسين بن علي وعائشة بنت طلحة، وابنة «2» الحميد بنت عبد الله بن «3» عامر بن كريز، وابنة «4» ريان بن أنيف الكلبي، وأعطي الأمان فأبى ومشى بسيفه حتى مات، ذاك مصعب بن الزبير. وأظنها تزوجت بعد مصعب.
وأما الذين ذكر وفاتهم الذهبي في هذه السنة فجماعة مختلف فيهم، قال: توفي ثابت البناني، وقد تقدم ذكره، وتوفي ربيعة بن يزيد القصير بدمشق، وأبو يونس سليم مولى أبي هريرة، وسماك بن حرب الذهلي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وشرحبيل بن سعد المدنىّ، وأبو عمران الجونىّ عبد الملك بن حبيب، وأبن محيصن مقرئ مكة، ومحمد بن واسع عابد البصرة، وقد تقدم ذكره، ومالك بن دينار، يأتي ذكره.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان سواء، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعاً وثلاثة عشر إصبعا.