الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المسعودي: وسألت جماعة من أقباط مصر بالصعيد وغيره من أهل الخبرة عن تفسير اسم فرعون فلم يخبروني عن معنى ذلك ولا تحصل لي في لغتهم، فيمكن- والله أعلم- أن هذا الاسم كان سمة لملوك تلك الأعصار، وأن تلك اللغة تغيرت كتغير الفهلوية، وهي الفارسية الأولى إلى الفارسية الثانية، وكاليونانية إلى الرومية، وتغير الحميرية وغير ذلك من اللغات. انتهى كلام المسعودي.
قلت: وليس بمستبعد هذه المقالة لأن لسان العرب وهو أشرف الألسن وبه نزل القرآن الكريم قد تغير الآن غالبه، وصارت العامة وغيرها تتكلم بكلام لو سمعه بعض أعراب ذلك الزمان لما فهموه لتغير ألفاظه، وكذلك اللغة التركية، فإن لسان المغل الآن لا يعرفه جند زماننا هذا ولا يتحدثون به، ولو سمعوه لما فهموه، وأشياء كثيرة من هذا. اهـ.
ونشرع الآن بذكر ما نحن بصدده، ومن لأجله صنف هذا الكتاب، وهم ملوك مصر والقاهرة، ونبدأ بترجمة عمرو بن العاص رضي الله عنه، لأنها «1» فتحت على يديه، وهو أوّل من وليها من المسلمين.
ذكر ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص ابن كعب بن لؤي بن غالب، أبو عبد الله، وقيل: أبو محمد القرشىّ السّهمىّ الصحابىّ؛ أسلم يوم الهدنة وهاجر، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش غزوة ذات السلاسل، وفيه أبو بكر وعمر، لخبرته بمكيذة الحرب، ثم ولي الإمرة في غزوة الشأم لأبي بكر وعمر، ثم افتتح مصر حسبما تقدم ذكره ووليها لعمر أولاً، ثم وليها لمعاوية ابن أبي سفيان ثانياً على ما يأتي ذكره.
وحكى ابن سعد في كتاب الطبقات: أنه أسلم بعد الحديبية هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة.
قال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي في تاريخ الإسلام: وله عدة أحاديث، روى عنه ابناه عبد الله ومحمد، وأبو عثمان النهدي، وقبيصة بن ذؤيب، وعلي بن رباح، وعبد الرحمن بن شماسة، وآخرون؛ وقدم دمشق رسولاً من أبي بكر إلى هرقل، وله بدمشق دار عند سقيفة كردوس، ودار عند باب الجابية تعرف ببني حجيجة، ودار عند عين الحمار «1» ، وأمه عنزية، وكان قصيرا يخضب بالسواد.
حدثنا ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص» رواه الترمذي. وقال ابن أبي مليكة قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«عمرو بن العاص من صالحي قريش» أخرجه الترمذي وفيه انقطاع. وقال حمّاد ابن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ابنا العاص مؤمنان هشام وعمرو» . وقال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أخبرني سويد بن قيس عن قيس بن شفىّ: أن عمرو بن العاص قال:
يا رسول الله، أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي؟ قال:«إن الإسلام والهجرة يجبّان ما كان قبلهما» قال: فو الله ما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله، حياءً منه.
وقال الحسن البصري: قال رجل لعمرو بن العاص: أرأيت رجلاً مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه، أليس رجلاً صالحاً؟ قال: بلى، قال:
قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبك، وقد استعملك؛ قال: بلى،
فو الله ما أدري أحباً كان لي منه أو استعانةً بي، ولكن سأحدثك برجلين مات وهو يحبهما: عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر؛ فقال الرجل: ذاك قتيلكم يوم صفين، قال: قد والله فعلنا.
وروي أن عمراً لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان على عمان، فأتاه كتاب أبي بكر بذلك. قال ضمرة عن الليث بن سعد: إن عمر رضي الله عنه نظر إلى عمرو ابن العاص يمشي، فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميراً.
قال الذهبي بعد كلام ساقه: ثم إن عمراً قال لمعاوية- يعني في أيام وقعة صفين-: يا معاوية، أحرقت كبدي بقصصك، أترى أنا خالفنا علياً لفضلٍ منا عليه! لا والله، إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها، وأيم الله لتقطعن لي قطعة من دنياك، أو لأنابذنك، قال: فأعطاه مصر، يعطي أهلها عطاءهم وما بقي فله.
ويروى أن علياً كتب إلى عمرو يتألفه، فلما أتاه الكتاب أقرأه معاوية، وقال:
قد ترى، فإما أن ترضيني، وإما أن ألحق به! قال: فما تريد؟ قال: مصر، فجعلها له.
وعن يزيد بن أبي حبيب وغيره؛ أن الأمر لما صار لمعاوية استكثر طعمة مصر لعمرو، ورأى عمرو أن الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه، وظن أن معاوية سيزيده الشأم مع مصر فلم يفعل معاوية، فتنكر له عمرو فاختلفا وتغالظا، فدخل بينهما معاوية بن حديج فأصلح بينهما، وكتب بينهما كتاباً: إن لعمرو ولاية مصر سبع سنين وأشهد عليهما شهوداً، ثم مضى عمرو إليها سنة تسع وثلاثين (أعني في ولايته الثانية) ، فما مكث نحو ثلاث سنين حتى مات.
قال: وكان عمرو من أفراد الدهر دهاء وجلادة وحزماً ورأياً وفصاحة. ذكر محمد بن سلام الجمحي: أن عمر بن الخطاب كان إذا رأى رجلاً يتلجلج في كلامه يقول: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
وقال مجالد عن الشعبي عن قبيصة عن جابر قال: صحبت عمر بن الخطاب فما رأيت أقرأ لكتاب الله منه، ولا أفقه في دين الله منه، ولا أحسن مداراةً منه؛ وصحبت طلحة بن عبيد الله فما رأيت رجلاً أعطى للجزيل منه من غير مسئلة؛ وصحبت معاوية فما رأيت رجلاً أحلم منه؛ وصحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلاً أبين، أو قال أنصع، «1» ظرفاً منه، ولا أكرم جليساً، ولا أشبه سريرة بعلانيةٍ منه؛ وصحبت المغيرة بن شعبة فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها. وقال موسى بن علي بن رباح حدثنا أبي حدثنا أبو قيس مولى عمرو بن العاص: أن عمراً كان يسرد الصوم، وقلما كان يصيب من العشاء أول الليل، أكثر ما كان يأكل في السحر. وقال عمرو بن دينار: وقع بين المغيرة بن شعبة وبين عمرو بن العاص كلام فسبه المغيرة، فقال عمرو: يا آل هصيص، أيسبني ابن شعبة! فقال عبد الله ابنه: إنا لله! دعوت بدعوى القبائل وقد نهي عنها! فأعتق عمرو ثلاثين رقبة. انتهى كلام الذهبي باختصار.
قلت: ولما ولي عمرو بن العاص مصر ودخلها سكن الفسطاط. ولسبب تسمية مصر بالفسطاط أقول كثيرة، منها: أن عمراً لما أراد التوجه لفتح الإسكندرية أمر بنزع فسطاطه (أعني خيمته) فإذا فيه يمامة قد فرخت، فقال عمرو: لقد تحرّم منا بمتحرّم، فأمر به فأقرّ كما هو، وأوصى به صاحب القصر، فلما قفل المسلمون
من الإسكندرية قالوا: أين ننزل؟ قالوا: الفسطاط- يعنون فسطاط عمرو الذي خلفه بمصر مضروباً لأجل اليمامة فغلب عليه ذلك- وكان موضع الفسطاط المذكور موضع الدار التى تعرف اليوم بدار الحصار «1» عند دار عمرو الصغيرة بمصر.
وقال الشريف محمد بن سعد الجوّانىّ: كان فسطاط عمرو عند درب حمّام «2» شمول بخط الجامع، اهـ.
ولما رجع عمرو من الإسكندرية في سنة إحدى وعشرين أو غيرها نزل موضع فسطاطه وتنافست «3» القبائل بعضها مع بعض في المواضع، فولى عمرو بن العاص معاوية بن حديج التجيبي «4» ، وشريك بن سمي الغطيفي، وعمرو بن قحزم «5» الخولاني، وحيويل «6» بن ناشرة المعافري على الخطط، وكانوا هم الذين نزلوا الناس وفصلوا بين القبائل. وذلك في سنة إحدى وعشرين من الهجرة، واستمر عمرو على عمله بمصر، وشرع في بناء جامعه بمصر إلى أن عزله عثمان عن ولاية مصر في سنة خمس وعشرين بعبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد أن أنتقض صلح أهل الإسكندرية وغزاه عمرو في السنة المذكورة.
وسبب ذلك أن ملك الروم بعث إليهم منويل الخصي في مراكب من البحر، فطمعوا في النصرة ونقضوا دينهم، فغزاهم عمرو في ربيع الأول سنة خمس وعشرين
فافتتح الأرض عنوة والمدينة صلحاً، ثم استأذن عمراً عبد الله بن سعد بن أبي سرح في غزوة إفريقية، فأذن له عمرو بن العاص؛ وبعد قليل عزله عثمان في هذه السنة بعبد الله بن أبي سرح المذكور- وعبد الله بن أبى سرح أخو عثمان لأمه- وقيل:
إن ذلك كان في سنة سبع وعشرين، والذي قلنا الأقوى؛ وهذه ولاية عمرو بن العاص على مصر الأولى. وتأتي بقية ترجمته ووفاته في ولايته الثانية، إن شاء الله تعالى.
وسبب عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر أنه قدم على عثمان لما تخلف وكان قدم على عمر مرتين استخلف في إحداهما زكريا بن جهم العبدري «1» ، وفي الثانية ابنه عبد الله، فلما قدم عمرو على عثمان سأله عزل عبد الله بن سعد ابن أبي سرح عن صعيد مصر، وكان عمر قد ولاه صعيد مصر، فامتنع عثمان من ذلك وعزله عن مصر وعقد لعبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر كلها مضافةً للصعيد وغيره، فكانت ولاية عمرو بن العاص على مصر في المرة الأولى أربع سنين وأشهرا.
[ذكر «2» بناء جامع عمرو بن العاص بمصر رضى الله عنه
كان خاناً والذي حاز موضعه قيسبة «3» بن كلثوم التجيبي أبو عبد الله أحد بني سوم، فلما رجعوا من الإسكندرية سأل عمرو قيسبة المذكور في منزله هذا يجعله مسجداً؛ فقال له قيسبة: فإني أتصدق به على المسلمين، فسلمه إليهم؛ واختط مع قومه بني سوم في [تجيب «4» ] وبني الجامع في سنة إحدى وعشرين، وكان طوله
خمسين ذراعاً في عرض ثلاثين؛ ويقال: إنه وقف على إقامة قبلته ثمانون رجلاً من الصحابة، منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، وأبو بصرة الغفاري، ومحمية «1» بن جزء الزّبيدى، ونبيه ابن صواب وغيرهم، وكانت القبلة مشرقة «2» جداً، وإن قرة بن شريك لما هدم المسجد المذكور وبناه في زمان الوليد بن عبد الملك بن مروان تيامن بها قليلا.
وذكر الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة: [أنهما «3» ] كانا يتيامنان إذا صليا في المسجد الجامع، ولم يكن للمسجد الذي بناه عمرو محراب مجوّف، وإنما قرة بن شريك المذكور جعل المحراب المجوف.
وأول من أحدث ذلك عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ عامل الوليد بن عبد الملك على المدينة ليالي أسس مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هدم وزاد فيه. وكان لمسجد عمرو بابان يقابلان دار عمرو بن العاص، وبابان في بحريه، وبابان في غربيه؛ وكان الخارج من زقاق القناديل يجد ركن الجامع الشرقي محاذياً لركن دار عمرو الغربىّ، وكان طوله من القبلة إلى البحري مثل طول دار عمرو، وسقفه مطأطأ جدّا ولا صحن له؛ وكان الناس يصطفون بفنائه؛ وكان بينه وبين دار عمرو سبعه أذرع؛ وكان الطريق محيطاً به من جميع جوانبه، وكان عمرو قد اتخذ منبراً فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعزم عليه في كسره ويقول:
أما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك! فكسره عمرو.
وأول من صلي عليه من الموتى به في داخله أبو الحسين سعيد «1» بن عثمان صاحب الشرطة في النصف من صفر، وكانت وفاته فجأة فأخرج وصلي عليه خلف المقصورة وكبر عليه خمساً، ولم يعلم أحد قبله صلي عليه بالجامع وأنكر الناس ذلك.
وأول من زاد في الجامع المذكور مسلمة بن مخلد الأنصاري أمير مصر في أيام معاوية سنة ثلاث وخمسين «2» ، فزاد فيه من بحريه وجعله رحبة في البحري وبيضه وزخرفه، ولم يغير البناء القديم ولا أحدث في قبليه ولا غربيه شيئاً.
وذكر أنه زاد فيه من شرقيه حتى ضاق الطريق بينه وبين دار عمرو بن العاص وفرشه بالحضر وكان مفروشاً قبل ذلك بالحصباء.
وقيل: إن مسلمة نقض ما كان عمرو بناه وزاد فيه من شرقيه وجعل له صوامع، وبنى فيه أربع صوامع في أركانه الأربعة، وأمر ببناء المنار في جميع المساجد، وأمر مسلمة أن يكتب اسمه على المنائر، وأمر مؤذني المسجد الجامع أن يؤذنوا للفجر إذا مضى نصف الليل، فإذا فرغوا من آذانهم أذن كل مؤذن في الفسطاط في وقت واحد، فكان لآذانهم دوي شديد، وأمر ألا يضرب بناقوس عند وقت الأذان، أعني الفجر.
ثم إن عبد العزيز بن مروان هدمه سنة تسع وسبعين، وهو أمير مصر من قبل أخيه عبد الملك بن مروان، وزاد فيه من ناحية الغرب وأدخل فيه الرحبة التي كانت في بحريه ولم يجد في شرقيه موضعا يوسعه به.
وذكر الكندي في كتاب الأمراء: أنه زاد فيه من جوانبه كلها، ويقال: إن عبد العزيز المذكور لما أكمل بناء المسجد المذكور خرج من دار الذهب عند طلوع الفجر فدخل المسجد فرأى في أهله خفة فأمر بأخذ الأبواب على من فيه، ثم دعاهم رجلاً رجلاً، يقول للرجل: ألك زوجة؟ فيقول: لا، فيقول: زوجوه؛ ألك خادم؟ فيقول: لا، فيقول: اخدموه؛ أحججت؟ فيقول: لا، [فيقول «1» ] : أحجوه؛ أعليك دين؟ فيقول: نعم، فيقول: اقضوا دينه، فأقام المسجد بعد ذلك دهراً عامراً ثم الى اليوم.
وأمر عبد العزيز المذكور برفع سقف الجامع وكان مطأطأ في سنه تسع وثمانين «2» ، ثم إن قرة بن شريك العبسي بن قيس عيلان هدمه في مستهل سنة اثنتين وتسعين بأمر الوليد بن عبد الملك بن مروان، وقرة أمير على مصر من قبله، وابتدأ في بنائه في شعبان من السنة المذكورة، وجعل على بنائه يحبى بن حنظلة مولى بنى عامر ابن لؤي، وكانوا يجمعون الجمعة في قيسارية العسل حتى فرغ من بنائه في رمضان سنة ثلاث وتسعين ونصب المنبر الجديد في سنة أربع وتسعين ونزع المنبر الذي كان في المسجد؛ وذكر أن عمرو بن العاص كان جعله فيه.
قلت: ولعله كان وضعه بعد وفاة عمر بن الخطاب، فإنه كان منعه حسبما ذكرناه؛ وقيل: هو منبر عبد العزيز بن مروان.
وذكر أنه حمل إليه من بعض كنائس مصر. وذكر أن زكريا بن مرقى «3» ملك النوبة أهداه إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح وبعث معه نجارا يسمّى «بقطر» حتى
ركبه، ولم يزل هذا المنبر في الجامع إلى أن زاد قرة بن شريك المذكور في الجامع، فنصب منبراً سواه، ولم يكن إذ ذاك يخطب في القرى إلا على العصي إلى أن ولي [عبد الملك بن مروان «1» ] بن موسى بن نصير اللخمي مصر من قبل مروان بن محمد فأمر باتخاذ المنابر فى القرى، وذلك فى ستة اثنتين وثلاثين ومائة، ولا يعرف منبر أقدم من منبر قرة بن شريك بعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل كذلك إلى أن قلع وكسر أيام العزيز بالله نزار العبيدي بنظر الوزير ابن كلس في يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الأوّل سنة تسع وسبعين وثلثمائة وجعل مكانه منبر مذهب، ثم أخرج هذا المنبر إلى الإسكندرية وجعل بجامع عمرو بن العاص الذي بها، ثم أنزل المنبر الكبير إلى الجامع المذكور في أيام الحاكم بأمر الله العبيدي في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعمائة، وصرف بنو عبد السميع عن الخطابة وجعلت خطابته لجعفر بن الحسن بن خداع الحسيني، وجعل إلى أخيه الخطابة في الجامع الأزهر، وصرف بنو عبد السميع من جميع المنابر؛ ثم وجد بعد ذلك المنبر الجديد الذي نصب بالجامع قد لطّخ بالقذر فوكّل به من يحفظه وعمل له غشاء من أدم مذهب، وخطب عليه ابن خداع وهو مغشى؛ وكانت زيادة قرة بن شريك من القبلي والشرقي وأخذ بعض دار عمرو بن العاص وابنه عبد الله فأدخله في المسجد وأخذ منهما الطريق التي بين المسجد وبينهما، وعوض أولاد عمرو ما هو في أيديهم من الرباع التي في زقاق مليح في النحاسين وقشرة، وأمر قرة بعمل المحراب المجوف، وهو المحراب المعروف بمحراب عمرو؛ [لأنه في سمت محراب]«2» المسجد القديم الذي بناه عمرو، وكانت قبلة المسجد القديم عند العمد المذهبة في صف التوابيت، وهي
أربعة عمد: اثنان في مقابلة اثنين؛ وكان قرّة قد أذهب رءوسها، ولم يكن في المسجد عمد مذهبة غيرها، وكانت قديما [حلقة أهل المدينة «1» ] ثم زوق أكثر العمد وطوق في أيام الإخشيد سنة أربع وعشرين وثلثمائة، ولم يكن للمسجد أيام قرة غير هذا المحراب.
فأما المحراب الأوسط فيعرف بمحراب عمر بن مروان أخي عبد الملك بن مروان الخليفة، ولعله أحدثه في الجدار بعد قرة؛ وذكر قوم أن قرة عمل هذين المحرابين، وصار للجامع أربعة أبواب في شرقيه، آخرها باب إسرائيل، وهو باب النحاسين؛ وفي غربيه أربعة أبواب شارعة في زقاق يعرف بزقاق البلاط؛ وفي بحريه ثلاثة أبواب. انتهى ما أوردناه من أمر جامع عمرو بن العاص المذكور رضى الله عنه.
*** وأما بناء عمرو بن العاص لبيت المال بالفسطاط- فالأصح أنما بناه أسامة بن زيد التنوخي متولي الخراج بمصر في سنة سبع وتسعين في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان، وأمير مصر يوم ذاك عبد الملك بن رفاعة الآتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد خرجنا عن المقصود لطلب الفائدة ونعود إلى ذكر عمرو بن العاص رضي الله عنه.
قيل: إنه رئي وهو على بغلة هرمة، وهو إذ ذاك أمير مصر، فقيل له: أتركب هذه وأنت أمير مصر؟ فقال: لا ملل عندي لدابتي ما حملتني، ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديقي ما حفظ سري؛ إن الملل من كواذب الأخلاق.
وعن عمرو قيل له: صف الأمصار، قال: أهل الشام أطوع الناس للمخلوق وأعصاه للخالق؛ وأهل مصر أكيسهم صغاراً وأحمقهم كباراً؛ وأهل الحجاز أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم عنها؛ وأهل العراق أطلبهم للعلم وأبعدهم منه.
قال مجالد عن الشعبي قال: دهاة العرب أربعة: معاوية، وعمرو، والمغيرة ابن شعبة، وزياد بن أبيه؛ فأما معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات، وأما المغيرة فللمبادرة، وأما زياد بن أبيه فللصغير والكبير.
وقال أبو عمران بن عبد البر: كان عمرو من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية، مذكوراً فيهم بذلك، وكان شاعراً محسناً حفظ عنه فيه الكثير في مشاهد شتى، وله يخاطب عمارة بن الوليد بن شعبة عند النجاشىّ:
إذا المرء لم يترك طعاماً يحبه
…
ولم ينه قلباً غاوياً حيث يمما
قضى وطراً منه وغادر سنة
…
إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
وقال الذهبي في التذهيب: روى أحمد بن حنبل عن أبي عبد الله البصري عن أبي مليكة قال قال عمرو بن العاص: إني لأذكر الليلة التي ولد فيها عمر. قلت:
ما قال هذا إلا لأنه أسن من عمر فلعل بينهما نحو خمسين سنة. انتهى كلام الذهبىّ باختصار.
وقال ابن عبد الحكم في تاريخه: خطبة عمرو. حدّثنا عبد الرحمن حدّثنا سعيد ابن ميسرة عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن الأسود بن مالك الحميري عن بحير بن ذاخر «1» المعافري قال:
رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة [تهجيراً «1» ] وذلك آخر الشتاء بعد حميم «2» النصارى بأيام يسيرة، فأطلنا الركوع، إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يزجرون الناس، فذعرت؛ فقلت: يا أبت، من هؤلاء؟ قال: يا بني، هؤلاء الشرط، فأقام المؤذنون الصلاة، فقام عمرو بن العاص على المنبر، فرأيت رجلا ربعة قصد «3» القامة، وافر الهامة، أدعج أبلج، عليه ثياب موشية كأن به العقيان يأتلق، عليه حلة وعمامة وجبة، فحمد الله وأثنى عليه حمداً موجزاً وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ووعظ الناس وأمرهم ونهاهم، فسمعته يحض على الزكاة وصلة الأرحام ويأمر بالاقتصاد وينهى عن الفضول وكثرة العيال وقال في ذلك: يا معشر الناس، إياكم وخلالاً أربعة، فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة، وإلى الضيق بعد السعة، وإلى المذلة بعد العزة. إياكم وكثرة العيال، وإخفاض الحال، وتضييع المال، والقيل بعد القال، فى غير درك ولا نوال؛ ثم إنه لا بد من فراغ يؤول إليه المرء في توديع جسمه والتدبير لشأنه، وتخليته بين نفسه وبين شهواتها، ومن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب الأقل، ولا يضيع المرء في فراغه نصيب العلم من نفسه، فيحور من الخير عاطلاً، وعن حلال الله وحرامه غافلاً.
يا معشر الناس، إنه قد تدلت الجوزاء، وذكت الشعرى، وأقلعت السماء، وارتفع الوباء، وقل الندى، وطاب المرعى، ووضعت الحوامل، ودرجت السخائل، وعلى الراعي بحسن رعيته حسن النظر، فحي لكم على بركة الله إلى ريفكم فنالوا من خيره ولبنه وخرافه وصيده؛ وأربعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها، فإنها جنتكم من عدوكم وبها مغانمكم وأنفالكم، واستوصوا بمن جاورتموه من القبط خيراً؛ وإياكم والمسومات «4» والمعسولات فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهمم.
حدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله سيفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم صهراً وذمة» ؛ فكفوا أيديكم وعفوا فروجكم وغضوا أبصاركم، ولا أعلمن ما أتى رجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه؛ واعلموا أني معترض الخيل كاعتراض الرجال، فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك؛ واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم وتشوق قلوبهم إليكم وإلى داركم معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية.
وحدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال: «لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة» .
فاحمدوا الله معشر الناس على ما أولاكم، فتمتعوا في ريفكم ما طاب لكم، فإذا يبس العود وسخن العمود وكثر الذباب وحمض اللبن وصوح البقل وانقطع الورد من الشجر، فحي إلى فسطاطكم على بركة الله؛ ولا يقدمن أحد منكم ذو عيال على عياله إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته؛ أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم.
قال: فحفظت ذلك عنه، فقال والدي بعد انصرافنا إلى المنزل- لما حكيت له خطبته- إنه يا بني يحدو الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط كما حداهم على الريف والدعة] .
*** السنة الأولى من ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر وهي سنة عشرين من الهجرة- فيها كانت غزوة تستر؛ وفيها توفي بلال بن رباح الحبشي مولى أبي بكر الصديق، وحمامة أمه، وكان من السابقين الأولين وممن عذب في الإسلام
وشهد بدراً وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم؛ مات بدمشق بالطاعون في هذه السنة، وقيل في التي قبلها ودفن بدمشق بالباب الصغير، وله بضع وستون سنة رضي الله عنه؛ وفيها توفيت زينب بنت جحش بن رباب الأسدي- أسد خزيمة- أم المؤمنين، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث وقيل سنة خمس وقيل سنة أربع وهو الأصح؛ وفيها توفي البراء بن مالك الأنصارىّ أخو أنس بن مالك الأنصارىّ النجاري، كان أحد الأبطال الأفراد في الصحابة رضي الله عنهم؛ وفيها توفي عياض بن غنم أبو سعد من المهاجرين الأولين، شهد بدراً وغيرها رضي الله عنه؛ وفيها توفي سعيد ابن عامر بن حذيم الجمحي، كان من أشراف بنى جمح، له صحبة ورواية، قال الذهبي:
روى عنه عبد الرحمن بن سابط؛ وفيها توفي أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رضيع النبي وشبيهه؛ وفيها توفي هرقل عظيم الروم وقام ابنه قسطنطين مكانه.
أمر النيل في هذه السنة، الماء القديم أربعة أذرع وتسعة أصابع، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعاً وإحدى وعشرون إصبعاً.
*** السنة الثانية من ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر وهي سنة إحدى وعشرين من الهجرة- فيها فتحت الإسكندرية في مستهلها على يد عمرو بن العاص بعد أمور وحروب، وفي آخرها افتتح عمرو بن العاص برقة وصالحهم على ثلاثة عشر ألف دينار؛ وفيها اشتكى أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصرفه عمر وولى عليهم عمار بن ياسر على الصلاة، وولى عبد الله بن مسعود على بيت المال، وولى عثمان بن حنيف على مساحة أرض السواد؛ وفيها كان فتح نهاوند، واستشهد أمير الجيش الذي توجّه اليها، وهو النعمان بن مقرن المزني، واستشهد
أيضا يومئذ طليحة بن خويلد بن نوفل وفتحت تستر؛ وفيها صالح أبو هاشم بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس على أنطاكية وملطية وغيرهما؛ وفيها توفّى خالد بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أبو سليمان سيف الله، كذا لقبه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه لبابة أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين ودفن بحمص، وقبره مشهور يقصد للزيارة؛ وفيها توفي العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي عبد الله بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مقنع بن حضرموت حليف بني أمية، وإلى أخيه تنسب بئر ميمونة التي بأعلى مكة احتفرها في الجاهلية؛ وفيها توفي الجارود العبدي سيد عبد القيس، وكنيته أبو عتاب، وقيل أبو المنذر، وقيل اسمه بشر ولقب جاروداً لأنه أغار على بكر بن وائل فأصابهم وجردهم، أسلم سنة عشر من الهجرة وفرح النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه.
أمر النيل في هذه السنة، الماء القديم خمسة أذرع وإصبعان، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعاً وخمسة أصابع.
*** السنة الثالثة من ولاية عمرو الأولى على مصر وهي سنة اثنتين وعشرين من الهجرة- فيها افتتح عمرو بن العاص طرابلس الغرب، وقيل في التي بعدها؛ وفيها غزا حذيفة مدينة الدّينور فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت قبل لسعد ثم انتقضت؛ وفيها أيضا غزا حذيفة ما سبذان فافتتحها عنوة، وقيل كان افتتحها سعد ثم نقضوا؛ وقال طارق بن شهاب: غزا أهل البصرة ماه، فأمدهم أهل الكوفة وعليهم عمار بن ياسر فأرادوا أن يشركوا في الغنائم فأبى أهل البصرة، ثم كتب إليهم عمر: الغنيمة لمن شهد الوقعة؛ وفيها فتحت همذان قاله ابن جرير وغيره؛ وفيها فتحت الري وما بعدها، ثم فتحت أذربيجان في قول الواقدي وأبي معشر، وقال سيف: كانت فى سنة
ثماني عشرة، وكان بين أهل هذه البلاد والمسلمين حروب كثيرة حتى فتح الله عليهم؛ وفيها توفي أبي بن كعب، في قول الواقدىّ وابن نمير والدّيلمى واليزيدي، وقيل في سنة تسع عشرة.
أمر النيل في هذه السنة الماء القديم، أعني القاعدة، ستة أذرع واثنا عشر إصبعاً، مبلغ الزيادة فيها ستة عشر ذراعاً وثمانية عشر إصبعاً.
*** السنة الرابعة من ولاية عمرو الأولى على مصر، وهي سنة ثلاث وعشرين من الهجرة- فيها فتح كرمان، وكان أميرها سهل بن عدي؛ وفيها فتحت سجستان وكان أمير الجيش عاصم بن عمر؛ وفيها فتحت مكران، وكان أمير الجيش لفتحها الحكم بن عثمان وهي من بلاد الجبل؛ وفيها- ذكر سيف عن مشايخه-: أنّ سارية ابن زنيم قصد فسا ودارابجرد واجتمع له جموع من الفرس والأكراد عظيمة ودهم المسلمين منهم أمر عظيم، ورأى عمر بن الخطاب في تلك الليلة فيما يرى النائم معركتهم وعددهم في وقت من نهار وأنهم في صحراء، وهناك جبل إن استندوا إليه لم يؤتوا إلا من جهة واحدة، فنادى عمر من الغداة للصلاة جماعة حتى إذا كانت الساعة التي كان رأى أنهم اجتمعوا فيها خرج إلى الناس، فصعد المنبر فخطب الناس وأخبرهم بما رأى ثم قال: يا سارية، الجبل الجبل، ثم قال: إن لله جنوداً ولعل بعضها أن يبلغهم؛ قال: ففعلوا ما قال عمر، فنصرهم الله على عدوهم وفتحوا البلد؛ وقيل في رواية أخرى: إنما كان عمر في خطبة الجمعة؛ وفيها حج عمر بن الخطاب بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهي آخر حجة حجها؛ وفيها غزا معاوية بن أبي سفيان الصائفة حتى بلغ عمورية؛ وفيها توفي قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر ابن سواد بن كعب واسمه ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس أبو عمرو
الأنصاري الظفري أخو أبي سعيد الخدري لأمه وقتادة الأكبر، شهد قتادة وقعة بدر، وأصيبت عينه ووقعت على خده في يوم أحد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فغمز حدقته وردها إلى موضعها فكانت أصح عينيه؛ وفيها توفى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب ابن لؤي أبو حفص القرشي العدوي الفاروق، استشهد في يوم الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة وقيل لأربع، وسنه يوم مات نيفت على ستين سنة، وقيل غير ذلك على أقوال كثيرة، ضربه أبو لؤلؤة واسمه فيروز عبد المغيرة بن شعبة بخنجر في خاصرته وهو في صلاة الصبح فمات بعد ثلاثة أيام، وتولى الخلافة بعده عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وكانت خلافته عشر سنين ونصف لأنه ولي بعد وفاة أبي بكر الصديق في ثامن جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة.
قلت: ويضيق هذا المحل عن ذكر شىء من بعض مناقبه وما ورد في حقه من الأحاديث، وقد ذكرنا ذلك في غير هذا المكان.
أمر النيل في هذه السنة، الماء القديم ثلاثة أذرع وثمانية عشر إصبعاً، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعاً واثنا عشر إصبعاً.
*** السنة الخامسة من ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر وهي سنة أربع وعشرين من الهجرة- فيها سار منويل الخصي إلى الإسكندرية فسأل أهل مصر عثمان إرسال عمرو بن العاص لقتال منويل المذكور، فجاء إليها عمرو وحارب حتى افتتحها الفتح الثاني في هذه السنة، وقيل: بل كان ذلك في سنة خمس وعشرين وهو الأصح؛ وفيها حج بالناس عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ وفيها- في قول سيف- عزل عثمان سعداً عن الكوفة وولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط