المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(فَاجْتَنِبْهُمْ وراقب الله سرا … فَهُوَ أولى بِنَا وَأعظم أجرا)   (ذَا - الوافي بالوفيات - جـ ١٨

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(رب أعن)

- ‌(عبد الْأَحَد)

- ‌(عبد الْأَعْلَى)

- ‌(أَبُو الْخطاب الْمعَافِرِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي)

- ‌(أَبُو يعلى الْحُسَيْنِي)

- ‌(أَبُو يحيى الْبَاهِلِيّ)

- ‌(ابْن هِلَال الْأَسدي)

- ‌(ابْن أبي دارمة)

- ‌(عبد الأول)

- ‌(ابْن أبي عبد الله السجْزِي)

- ‌(عبد الْبَارِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ)

- ‌(كَمَال الدّين الأرمنتي)

- ‌(عبد الْبَاقِي)

- ‌(الْحَافِظ ابْن قَانِع)

- ‌(ابْن عبد الله النَّحْوِيّ)

- ‌(أَبُو البركات ابْن النَّرْسِي)

- ‌(وَزِير الظَّاهِر غَازِي)

- ‌(ابْن الْبَاجِيّ)

- ‌(ابْن ناقيا)

- ‌(أَبُو الْحسن الْمُقْرِئ)

- ‌(ابْن كتيلة)

- ‌(أَبُو الْفضل البغداذي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد العبرناني)

- ‌(أَبُو يعلى ابْن أبي حُصَيْن)

- ‌(ابْن عبد الْمجِيد)

- ‌(عبد الْبر)

- ‌(ابْن الْحَافِظ الهمذاني)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْوَادي آشي الْكَاتِب)

- ‌(ابْن رزين القَاضِي)

- ‌(عبد الْجَبَّار)

- ‌(القَاضِي عبد الْجَبَّار المعتزلي)

- ‌(أَبُو يعلى الديناري)

- ‌(أَبُو طَالب الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الجراحي)

- ‌(ابْن حسكان الإِسْفِرَايِينِيّ)

- ‌(المساحقي صَاحب مَالك)

- ‌(أَبُو بكر الْعَطَّار الْبَصْرِيّ)

- ‌(أَبُو هَاشم السّلمِيّ)

- ‌(أَبُو سعيد الْأَزجيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي)

- ‌(شيخ الفتوة)

- ‌(عبد الْجَبَّار الحصري)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْخرقِيّ)

- ‌(أَبُو طَالب الْمعَافِرِي)

- ‌(كَمَال الدّين بن الحرستاني)

- ‌(ابْن حمديس الصّقليّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد البغداذي)

- ‌(أَبُو طَالب النَّسَائِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الجهرمي)

- ‌(أَبُو المظفر عبد الْجَبَّار)

- ‌ عبد الْجَلِيل

- ‌(أَبُو المظفر الْمروزِي)

- ‌(أَبُو مَسْعُود الْأَصْبَهَانِيّ كوتاه)

- ‌(عبد الْجَلِيل الغزنوي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(ابْن وهبون المرسي)

- ‌(عبد الْحَافِظ)

- ‌(عماد الدّين النابلسي)

- ‌(عبد الْحق)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الزُّهْرِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ المغربي)

- ‌(عبد الْحق بن خلف الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(ابْن الْحجَّاج)

- ‌(ابْن الرصاص الشَّافِعِي)

- ‌(ابْن سبعين)

- ‌ رِسَالَة الْعَهْد

- ‌(ابْن الْخَرَّاط الإشبيلي)

- ‌(ابْن البيطار المالقي)

- ‌(سبط ابْن عَطِيَّة)

- ‌(ابْن عَطِيَّة الْمُفَسّر)

- ‌(عبد الْحق بن مُحَمَّد)

- ‌(ابْن الْجنان الشَّاعِر)

- ‌(عبد الحكم)

- ‌(ابْن الْعِرَاقِيّ)

- ‌(أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ)

- ‌(ابْن عبد الحكم)

- ‌(شهَاب الدّين)

- ‌(عبد الحميد)

- ‌(عبد الحميد الْمدنِي الْأَعْرَج)

- ‌(ابْن رَافع الْأنْصَارِيّ)

- ‌(الْحمانِي الْكُوفِي)

- ‌(أَبُو بكر الأصبحي)

- ‌(البرجمي)

- ‌(أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ)

- ‌(القَاضِي أَبُو خازم السكونِي)

- ‌(أَبُو عَليّ الزيدي)

- ‌(أَبُو بكر الهمذاني)

- ‌(شمس الدّين الخسروشاهي)

- ‌(أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي)

- ‌(عبد الحميد الكتامي الأسيوطي)

- ‌(مُخْتَصّ الدّين ابْن أبي الرَّجَاء)

- ‌(عز الدّين ابْن أبي الْحَدِيد)

- ‌(الْأَخْفَش الْأَكْبَر)

- ‌(شمس الدّين الْجَزرِي)

- ‌(عماد الدّين الجماعيلي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الموسوي النسابة)

- ‌(ملك الْمَوْت)

- ‌(اليونيني الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(ابْن الْوَزير المغربي)

- ‌(أَبُو مَنْصُور الْمَدَائِنِي)

- ‌(عبد الحميد الْأنْصَارِيّ)

- ‌(عبد الحميد الْكَاتِب)

- ‌(عبد الْخَالِق)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْحَنَفِيّ)

- ‌(السيوري الْمَالِكِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِي)

- ‌(أَبُو جَعْفَر الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي النَّحْوِيّ)

- ‌(الْحَافِظ النشتبري)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد بن علوان الشَّافِعِي)

- ‌(ابْن أبي حَاتِم)

- ‌(ابْن الفكاه)

- ‌(عبد الدَّائِم)

- ‌(ابْن عبد الدَّائِم الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(عبد ربه)

- ‌(عبد ربه بن سعيد)

- ‌(عبد الرب)

- ‌(أَبُو عبد الرب الدِّمَشْقِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن)

- ‌(ابْن أم برثن)

- ‌(دُحَيْم الْيَتِيم)

- ‌(ابْن أبي طَاهِر طيفور)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْفَزارِيّ)

- ‌(ابْن أبي عمر الْمَقْدِسِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن أبي أَبْزَى)

- ‌(أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي)

- ‌(نجم الدّين الشِّيرَازِيّ)

- ‌(أَبُو الْفضل الْعجلِيّ)

- ‌(كَمَال الدّين ابْن الفاقوسي)

- ‌(ابْن بَقِي بن مخلد)

- ‌(أَبُو حبيب المغربي)

- ‌(أَبُو الْمطرف بن بشر الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(أَبُو الْفرج السَّرخسِيّ الزاز)

- ‌(أَبُو نصر النَّيْسَابُورِي)

- ‌(أَبُو طَاهِر الساوي)

- ‌(أَبُو النجيب التغلبي)

- ‌(أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن الْمَقْدِسِي)

- ‌(ابْن يُونُس الصَّدَفِي)

- ‌(ابْن الْعَجُوز)

- ‌(ابْن عجب)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن أَرْطَاة)

- ‌(الزجاجي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْأَزْدِيّ)

- ‌(أَبُو شامة الْمَقْدِسِي)

- ‌(وضاح الْيمن)

- ‌(أَبُو عِيسَى الْخَولَانِيّ النَّحْوِيّ الْمصْرِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْوراق)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد البغداذي)

- ‌(شيخ الشُّيُوخ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ)

- ‌(أَبُو حَفْص النَّخعِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم المالقي)

- ‌(الرشيد النابلسي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن بشر النَّيْسَابُورِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْمُؤَدب البغداذي)

- ‌(ابْن الفحام الصّقليّ)

- ‌(ابْن أبي بكرَة الثَّقَفِيّ)

- ‌(ابْن ثَوْبَان)

- ‌(أَبُو قيس بن ثروان)

- ‌(ابْن غنيمَة)

- ‌(أَبُو حميد الْحَضْرَمِيّ)

- ‌(الْمصْرِيّ الْمُؤَذّن)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد المَخْزُومِي)

- ‌(أعشى هَمدَان)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن حجيرة)

- ‌(ابْن حَرْمَلَة)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن حسان)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْبَنْدَنِيجِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الهمذاني)

- ‌(الْحَافِظ أَبُو سعد النَّيْسَابُورِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن القبابي)

- ‌(القرمسيني)

- ‌(الْحَافِظ الْأَصْبَهَانِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ)

- ‌(أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي)

- ‌(شُرَيْح النعماني)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْمُقْرِئ البغداذي)

- ‌(الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد الطَّبَرِيّ)

- ‌(ابْن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط)

- ‌(أَبُو سَلمَة الْعَنْبَري)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْجلاب)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الدوني الزَّاهِد)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد نَاظر الدِّيوَان)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن حميد الزُّهْرِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد)

- ‌(ابْن مُسَافر الفهمي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم المَخْزُومِي)

- ‌(ابْن أبي الرِّجَال الْأنْصَارِيّ)

- ‌(ابْن رَوَاحَة)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن زيد)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن زيد الْأنْصَارِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الإفْرِيقِي)

- ‌(الْحَافِظ الْمحَاربي)

- ‌(الجُمَحِي الْمَكِّيّ)

- ‌(ابْن صصرى)

- ‌(جمال الدّين الْأَنْبَارِي)

- ‌(أَبُو حميد السَّاعدي)

- ‌(ابْن أبي سعيد الْخُدْرِيّ)

- ‌(جمال الدّين البغداذي)

- ‌(ابْن الغسيل)

- ‌(الجُمَحِي)

- ‌(ابْن سَمُرَة العبشمي)

- ‌(أَبُو الْمطرف الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(أَبُو الْفرج بن شُجَاع)

- ‌(أَبُو شُرَيْح الْمعَافِرِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الدنيسري)

- ‌(أَبُو هُرَيْرَة)

- ‌(ابْن الضَّحَّاك الفِهري)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن عَائِذ)

- ‌(أَبُو النَّصْر الْهَرَوِيّ)

- ‌(أَبُو عدنان السّلمِيّ)

- ‌(سَحْنُون)

- ‌(أَبُو طَالب ابْن العجمي)

- ‌(سديد الدّين القوصي)

- ‌(أَبُو الْفضل اللمغاني)

- ‌(ابْن الطبيز الرَّامِي)

- ‌(أَبُو سُلَيْمَان الْمَقْدِسِي)

- ‌(أَبُو الْفرج الْبَزَّاز الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الْهُذلِيّ)

- ‌(أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْجَوْهَرِي الْمَالِكِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن أبي عصرون)

- ‌(عبد الرَّحْمَن القس)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن عبد الله)

- ‌(أغشى هَمدَان)

- ‌(جمال الدّين الباذرائي)

- ‌(ياقوت الرُّومِي)

- ‌(السُّهيْلي)

- ‌(ابْن شبراق)

- ‌(دحمان الْأَشْقَر الْمُغنِي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم ابْن الصفراوي)

- ‌(خطيب الْموصل)

- ‌(كَمَال الدّين الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(أَبُو الْفرج الوَاسِطِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد اليلداني)

- ‌(الْحَافِظ أَبُو يحيى الأندلسي)

- ‌(أَبُو الْفرج النابلسي)

- ‌(سبط اليلداني)

- ‌(قَاضِي الْقُضَاة ابْن بنت الْأَعَز)

- ‌(سمع من الرشيد الْعَطَّار وَغَيره وتفقه على ابْن عبد السَّلَام وعَلى وَالِده وَكَانَ فَقِيها

- ‌مناظراً بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ جيد الْعَرَبيَّة ذكياً كَامِلا نبيلاً رَئِيسا شَاعِرًا محسناً فصيحاً مفوهاً وافر الْعقل كَامِل السؤدد روى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه شَيْئا من نظمه توفّي كهلاً سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة ودرس فِي أَمَاكِن كبار وَولي الوزارة مَعَ الْقَضَاء ثمَّ استعفى من الوزارة

- ‌(عماد الدّين النابلسي)

- ‌(ضِيَاء الدّين البعلبكي)

- ‌(الْقَارِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ)

- ‌(الشَّيْخ الْعَفِيف)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الشهرزوري)

- ‌(ابْن عسيلة الصنَابحِي)

- ‌(أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ)

- ‌(ابْن مسْعدَة الْكَاتِب)

- ‌(ابْن شقف الأتون البغداذي)

- ‌(ابْن التانرايا البغداذي)

- ‌(صدر الدّين القرميسني)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم سعد الله البيساني)

- ‌(ابْن أبي صَادِق النَّيْسَابُورِي)

- ‌(القَاضِي المرتضى الْعَسْقَلَانِي)

- ‌(رستة الْأَصْبَهَانِيّ)

- ‌(أَبُو الْفضل المجلد)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْحَرَّانِي)

- ‌(الصاحب ابْن أبي جَرَادَة)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب)

- ‌(النّحاس مُسْند مصر)

- ‌(الشنشتري الطَّبِيب)

- ‌(المشارف كَمَال الدّين الأرمنتي)

- ‌(أَبُو عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ)

- ‌(أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي)

- ‌(ابْن أبي عمْرَة)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن عَيَّاش)

- ‌(أَبُو عَليّ بن الْجراح)

- ‌(صَاحب الْأَلْفَاظ)

- ‌(التمتام الْحداد الْمصْرِيّ)

- ‌(أَبُو نوح الْخُزَاعِيّ)

- ‌(ابْن غنم الْأَشْعَرِيّ)

- ‌(ابْن غطريف البغداذي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم)

- ‌(ابْن الرواس الدِّمَشْقِي)

- ‌(أَبُو عبد الله العتقي)

- ‌(ابْن المسجف الْعَسْقَلَانِي)

- ‌(أَبُو ليلى الْأنْصَارِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ الفرضي)

- ‌(شيخ الدولة)

- ‌(أَبُو سعد الْمُتَوَلِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن الْأَشْعَث)

- ‌(كزبران)

- ‌(الْحَافِظ أَبُو يحيى الرَّازِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ الْخُرَاسَانِي)

- ‌(ابْن أبي حَاتِم)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْخرقِيّ)

- ‌(أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْأمَوِي)

- ‌(النَّاصِر شنشول الأندلسي)

- ‌(الْحَافِظ أَبُو مُسلم العابد)

- ‌(ابْن فوران الشَّافِعِي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم ابْن مَنْدَه)

- ‌(ابْن الرمال النَّحْوِيّ)

- ‌(فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر)

- ‌(الفراسي المغربي)

- ‌(أَبُو طَالب الوَاسِطِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الطَّيِّبِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي)

- ‌(ابْن رحمون النَّحْوِيّ)

- ‌(ابْن الفويرة)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(ابْن قدامَة الجماعيلي)

- ‌(ابْن الْإِخْوَة الْكَاتِب)

- ‌(أَبُو مَنْصُور الْكَرْخِي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ)

- ‌(كَمَال الدّين بن الْأَنْبَارِي)

- ‌(الْحلْوانِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْحَنَفِيّ)

- ‌عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن منقذ)

- ‌(ابْن دوست)

- ‌(الْحَافِظ الإدريسي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْحصار الطليطلي)

- ‌(أَبُو الْمطرف ابْن فطيس)

- ‌(الْوَزير أَبُو مطرف اللَّخْمِيّ)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد المكناسي الْكَاتِب)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(ابْن حُبَيْش الْأنْصَارِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم القوصي)

- ‌(ابْن عَسْكَر البغداذي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد البعلبكي الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(الدّباغ القيرواني)

- ‌(تَاج الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي)

- ‌(ابْن سنينيرة)

- ‌(ابْن قرطاس القوصي)

- ‌(أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ)

- ‌(ابْن مخلوف الإسكندري)

- ‌(أَبُو سهل التنوخي الشَّاعِر)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم بن مرهف)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان)

- ‌(ابْن المنجم الْوَاعِظ)

- ‌(أَبُو عَوْف البغداذي)

- ‌(أَبُو الْمطرف القنازعي)

- ‌(شمس الدّين الْحَارِثِيّ الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن الْمسور)

- ‌(ابْن مسافع الشَّاعِر)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل)

- ‌(أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ)

- ‌(أَبُو مُسلم الْأَصْبَهَانِيّ)

- ‌(أَبُو سعيد الْعَنْبَري)

- ‌(ابْن حديج قَاضِي مصر)

- ‌(ابْن أبي الموال الْمدنِي)

- ‌(أَبُو الْمَعَالِي الوَاسِطِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن مكي)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن ملجم)

- ‌(أَبُو تاشفين بن عبد الواد)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن نجم الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(الْأَعَز أَبُو بكر الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن نوح)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن نصر الْحَنَفِيّ)

- ‌(ابْن أبي نعم البَجلِيّ)

- ‌(أَبُو نعيم النَّخعِيّ)

- ‌(الْوَزير فلك المسيري)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ)

- ‌(المستظهر الْأمَوِي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ)

- ‌(أَبُو النجيب التغلبي)

- ‌(ابْن يخلفتن)

- ‌(ابْن الْخَواص الكفيف)

- ‌(عبد الرَّحْمَن النَّخعِيّ)

- ‌(الْحَافِظ الدَّارَانِي الدِّمَشْقِي)

- ‌(زكي الدّين بن وهيب القوصي)

- ‌(ابْن أبي ليلى الْأنْصَارِيّ)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن خمرتاش)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن وليدويه)

- ‌(عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن الْجَوْزِيّ)

- ‌(الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمروزِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد البعلبكي)

- ‌(أَبُو عَامر الْقَيْسِي)

- ‌(الْبَيْلَمَانِي الشَّاعِر)

- ‌(عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ رَسُول أَحْمد بن هولاكو)

- ‌(أَبُو زيد السالمي)

- ‌(أَبُو زيد الجياني)

- ‌(عبد الرَّحِيم)

- ‌(ابْن الْبَارِزِيّ)

- ‌(ابْن أبي الْيُسْر التنوخي)

- ‌(عبد الرَّحِيم بن أَحْمد الْحَافِظ)

- ‌(عبد الرَّحِيم القنائي)

- ‌(القَاضِي الْمُخْتَار الْحَنَفِيّ)

- ‌(عبد الرَّحِيم بن أَحْمد الْحَرَّانِي)

- ‌(ابْن الْأُخوة)

- ‌(مجد الدّين الْجَزرِي)

- ‌(ابْن الدقدق الشَّاعِر)

- ‌(عبد الرَّحِيم بن جَعْفَر)

- ‌(الْوَزير الْعَادِل)

- ‌(الجُمَحِي الْفَقِيه)

- ‌(ابْن الصنيعة الْأنْصَارِيّ)

- ‌(أَبُو عَليّ الرَّازِيّ)

- ‌(عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن الْمحَاربي)

- ‌(نجم الدّين بن الشحام)

- ‌(عبد الرَّحِيم بن العجمي)

- ‌(ابْن سَعْدَوَيْه)

- ‌(الدندري الفصيح)

- ‌(الزُّهْرِيّ رَاوِي السِّيرَة)

- ‌(جمال الدّين الباجربقي)

- ‌(محيي الدّين بن الدَّمِيرِيّ)

- ‌(أَبُو المظفر بن السَّمْعَانِيّ)

- ‌(أَبُو نصر الْقشيرِي)

- ‌(ابْن قدامَة الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(القَاضِي الْفَاضِل)

- ‌(جمال الدّين بن شِيث)

- ‌(الدخوار الطَّبِيب)

- ‌(الإسنائي الصُّوفِي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الدفاف)

- ‌(ابْن نباتة الْخَطِيب)

- ‌(عبد الرَّحِيم سبط ابْن فضلان)

- ‌(تَاج الدّين بن يُونُس)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد بن الزّجاج)

- ‌(السمهودي)

- ‌(تَقِيّ الدّين البمباني)

- ‌(الْقزْوِينِي خطيب الْجَامِع الْأمَوِي)

- ‌(عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد البعلبكي)

- ‌(أَبُو نصر بن النفيس)

- ‌(ابْن مسلمة الْكُوفِي)

- ‌(ابْن خطيب المزة)

- ‌(الْمهْر ابْن الْفرس)

- ‌(ابْن زويتينة)

- ‌(عبد الرَّزَّاق)

- ‌(عبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِيّ)

- ‌(عبد الرَّزَّاق العامري)

- ‌(شمس الدّين البهنسي)

- ‌(أَبُو غَانِم بن أبي حُصَيْن)

- ‌(ابْن أخي نظام الْملك)

- ‌(شيخ الشُّيُوخ)

- ‌(الجيلي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الدقوقي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الرَّسْعَنِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد بن أبي الثِّيَاب الشَّاعِر)

- ‌(عبد الرَّزَّاق بن عَليّ النَّحْوِيّ)

- ‌(ابْن الفوطي)

- ‌(عبد الرشيد)

- ‌(صَاحب غزنة)

- ‌(عبد السَّاتِر)

- ‌(عبد السَّاتِر بن عبد الحميد الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(عبد السَّلَام)

- ‌(عز الدّين النابلسي)

- ‌(ابْن اللمغاني)

- ‌(الْملَائي)

- ‌(ابْن الطوير القيسراني)

- ‌(أَبُو الْخطاب الحريري)

- ‌(الواجكا اللّغَوِيّ)

- ‌(أَبُو طَالب المأموني)

- ‌(ديك الْجِنّ)

- ‌(سَحْنُون الْمَالِكِي)

- ‌(ابْن برجان الْحَفِيد)

- ‌(ابْن برجان الْجد)

- ‌(مجد الدّين ابْن تَيْمِية)

- ‌(عبد السَّلَام الجيلي)

- ‌(ابْن سيد النَّاس الزواوي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الإبريسمي)

- ‌(أَبُو الميسر الْبَصْرِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم المزرفي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الجيلي)

- ‌(أَبُو الْفرج الأرمنازي)

- ‌(أَبُو يُوسُف الْقزْوِينِي)

- ‌(أَبُو هَاشم الجبائي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ)

- ‌(أَبُو الْمَعَالِي الْفَارِسِي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ)

- ‌(أَبُو ظفر الْأَزْدِيّ)

- ‌(ابْن أبي عصرون)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد التكريتي)

- ‌(الجماهري)

- ‌(موفق الدّين عبد السَّلَام)

- ‌(بَنو عبد السَّلَام)

- ‌(عبد السَّيِّد)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم بن عتاب)

- ‌(ابْن الصّباغ الشَّافِعِي)

- ‌(أَبُو نصر حفيد ابْن الصّباغ)

- ‌(ابْن الزيتوني)

- ‌(ابْن الجكر الصَّواف)

- ‌(عبد الصَّمد)

- ‌(ابْن أبي الْجَيْش)

- ‌(ابْن حنيش النَّحْوِيّ)

- ‌(قَاضِي هراة)

- ‌(عبد الصَّمد البديع)

- ‌(عبد الصَّمد المقاماتي)

- ‌(الْحِمصِي)

- ‌(عبد الصَّمد الجذامي النَّحْوِيّ)

- ‌(أَبُو صَالح الحاني)

- ‌(جمال الدّين بن الحرستاني)

- ‌(أَبُو نصر الْأَزْدِيّ)

- ‌(عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث الْحَافِظ)

- ‌(أَمِين الدّين ابْن عَسَاكِر)

- ‌(عبد الصَّمد بن المكتفي بِاللَّه)

- ‌(أَبُو الْحُسَيْن الطستي)

- ‌(أَبُو الْغَنَائِم بن الْمَأْمُون)

- ‌(عبد الصَّمد بن عَليّ العباسي)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم ابْن الحرستاني)

- ‌(عبد الصَّمد بن المعذل)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم بن بابك)

- ‌(أَبُو جَعْفَر بن تاجيت)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الْبَزَّاز)

- ‌(عبد الصَّمد النَّحْوِيّ الضَّرِير)

- ‌(عبد الظَّاهِر)

- ‌(رشيد الدّين أَبُو مُحَمَّد الجذامي)

- ‌(عبد الْعَزِيز)

- ‌(ابْن حَاجِب النُّعْمَان)

- ‌(ابْن مغلس الأندلسي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الشرفي)

- ‌(الْأَخْفَش)

- ‌(ابْن خطيب الأشمونين)

- ‌(الديريني)

- ‌(غُلَام الْخلال)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم بن خواستي)

- ‌(أَبُو الْحسن التَّمِيمِي)

- ‌(أَبُو طَاهِر سيدوك)

- ‌(ابْن أبي حَازِم)

- ‌(الْحَكِيم أسعد الدّين)

- ‌(أَخُو السفاح)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد الدَّارِيّ الخليلي)

- ‌(الجليس ابْن الْجبَاب)

- ‌(ابْن خلوف النَّحْوِيّ)

- ‌(الأسعد بن مماتي)

- ‌(المتنقتل)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن دلف)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن رفيع)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن أبي رواد)

- ‌(صفي الدّين الْحلِيّ)

- ‌(ابْن أبي سهل الْخُشَنِي)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب)

- ‌(أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن صَاحب أبي عَليّ الْفَارِسِي)

- ‌(فَخر الدّين الخلاطي)

- ‌(موفق الدّين السّلمِيّ الطَّبِيب)

- ‌(الْمَاجشون الْمدنِي)

- ‌(الأويسي)

- ‌(أَبُو الْعَبَّاس الْخُزَاعِيّ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الداركي)

- ‌(الشَّاعِر العباسي)

- ‌(ابْن قرناص الْحَمَوِيّ)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر)

- ‌(الصّقليّ)

- ‌(عز الدّين بن عبد السَّلَام)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد)

- ‌(صائن الدّين الجيلي)

- ‌(ابْن الصيقل الْحَرَّانِي)

- ‌(الرفيع الجيلي)

- ‌(عبد الْعَزِيز المنوفي)

- ‌(عبد الْعَزِيز الربعِي)

- ‌(عز الدّين الإربلي)

- ‌(الْمروزِي)

- ‌(أسعد الدّين الطَّبِيب)

- ‌(ابْن بنت السكرِي)

- ‌(ابْن الطَّحَّان الإشبيلي)

- ‌(ابْن صَاحب الرَّد)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد السمات)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن عمر)

- ‌(ابْن نباتة السَّعْدِيّ)

- ‌(ابْن عمرَان الْأَعْرَج)

- ‌(عبد الْعَزِيز الطَّائِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد البابصري)

- ‌(القَاضِي عبد الْعَزِيز بن النُّعْمَان)

- ‌(الدَّرَاورْدِي)

- ‌(أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي)

- ‌(أَبُو مُسلم الشِّيرَازِيّ)

- ‌(الطارقي)

- ‌(ابْن القبيطي)

- ‌(ابْن الديناري الْوَاعِظ)

- ‌(أَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي)

- ‌(ضِيَاء الدّين السنجاري)

- ‌(مجير الدّين ابْن الْجَزرِي)

- ‌(ابْن الرفاء)

- ‌(ضِيَاء الدّين الطوسي)

- ‌(قَاضِي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة)

- ‌(الْحَافِظ ابْن الْأَخْضَر الجنابذي)

- ‌(عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان)

- ‌(أَبُو طَاهِر اللبناني)

- ‌(الصاحب ابْن ودَاعَة)

- ‌(الكولمي التَّاجِر)

- ‌(الْقَسْمَلِي)

- ‌(المَخْزُومِي قَاضِي الْمَدِينَة)

- ‌(أَبُو خَالِد الْقرشِي)

- ‌(شمس الْعَرَب)

- ‌(الْأمَوِي نَائِب دمشق)

- ‌(عماد الدّين بن الزكي)

- ‌(الغول الشَّافِعِي)

- ‌(الجكار كَاتب عضد الدولة)

- ‌(عز الدّين ابْن سبط ابْن الْجَوْزِيّ)

- ‌(الْجُزْء التَّاسِع عشر)

الفصل: (فَاجْتَنِبْهُمْ وراقب الله سرا … فَهُوَ أولى بِنَا وَأعظم أجرا)   (ذَا

(فَاجْتَنِبْهُمْ وراقب الله سرا

فَهُوَ أولى بِنَا وَأعظم أجرا)

(ذَا جَوَاب لِابْنِ الْقشيرِي فاسمع

إِن أردْت السداد سرا وجهرا)

وَمن شعره الطَّوِيل

(ليَالِي وصال قد مضين كَأَنَّهَا

لآلي عُقُود فِي نحور الكواعب)

(وَأَيَّام هجر أعقبتها كَأَنَّهَا

بَيَاض مشيب فِي سَواد الذوائب)

وَجلسَ فِي مدرسة النظامية للوعظ فِي شهر رَمَضَان فَمُطِرُوا فَأَنْشد الْكَامِل

(رَمَضَان أرمضني بعادات على

عدد الطبائع والفصول الْأَرْبَعَة)

(صَوْم وَصوب مَا يغيب سحابه

وصبابة وصدود من قلبِي مَعَه)

وَمن شعره مجزوء الْكَامِل)

(تَقْبِيل خدك أشتهي

أمل إِلَيْهِ أَنْتَهِي)

(لَو نلْت ذَلِك لم أبل

بِالروحِ مني أَن تهي)

(دنياي لَذَّة سَاعَة

وعَلى الْحَقِيقَة أَنْت هِيَ)

3 -

(ابْن قدامَة الْحَنْبَلِيّ)

عبد الرَّحِيم بن عبد الْملك بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام الشَّيْخ كَمَال الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ شيخ صَالح ورع حَافظ كتاب الله عالي السَّنَد ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسمع من حَنْبَل حضوراً وَمن ابْن طبرزد والكندي والجلاجلي وَحدث فِي أَيَّام الْحَافِظ ابْن خَلِيل بحلب وروى الْكثير وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الْعَطَّار والمزي والبرزالي

وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى

3 -

(القَاضِي الْفَاضِل)

عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن أَحْمد بن المفرج بن أَحْمد القَاضِي الْفَاضِل محيي الدّين أَبُو عَليّ ابْن القَاضِي الْأَشْرَف أبي الْحسن اللَّخْمِيّ البيساني الأَصْل الْعَسْقَلَانِي المولد الْمصْرِيّ الدَّار صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء ووزير

ص: 201

السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب ولد فِي نصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة رحمه الله

قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين اشْتغل بصناعة الْإِنْشَاء على الْمُوفق ابْن الْخلال شيخ الْإِنْشَاء لخلفاء مصر ثمَّ خدم بالإسكندرية فِي صباه سمع السلَفِي وَأَبا مُحَمَّد العثماني وَأَبا طَاهِر بن عَوْف وَأَبا الْقَاسِم بن عَسَاكِر وَعُثْمَان بن سعيد بن فَرح الْعَبدَرِي وَكَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة أحدهم خدم بالإسكندرية وَبهَا مَاتَ خلف من الخواتيم صناديق وَمن الْحصْر والقدور والخزف بُيُوتًا مَمْلُوءَة وَكَانَ إِذا رأى خَاتمًا وَسمع بِهِ تسبب فِي تَحْصِيله وَأما الآخر فَكَانَ لَهُ هوى مفرط فِي تَحْصِيل الْكتب كَانَ عِنْده زهاء مِائَتي ألف كتاب من كل كتاب نسخ وَكَانَ الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى قَلِيل النَّحْو وَلكنه لَهُ دربة توجب لَهُ قلَّة اللّحن كَانَ عِنْد ابْن سناء الْملك من إنشائه اثْنَان وَعِشْرُونَ مجلدة وَعند ابْن الْقطَّان أحد كِتَابه عشرُون مجلداً وَكَانَ متقللاً فِي مطعمه ومنكحه وملبسه لِبَاسه الْبيَاض لَا يبلغ جَمِيع مَا عَلَيْهِ دينارين ويركب مَعَه غُلَام وركاب وَلَا يُمكن أحدا أَن يَصْحَبهُ وَيكثر تشييع الْجَنَائِز وعيادة المرضى وزيارة الْقُبُور وَكَانَ ضَعِيف)

البنية رَقِيق الصُّورَة لَهُ حدبة يغطيها الطيلسان وَكَانَ فِيهِ سوء خلق يكد بِهِ نَفسه وَلَا يضر بِهِ أحدا ولأصحاب الْفَضَائِل عِنْده نفاق يحسن إِلَيْهِم وَلَا يمن عَلَيْهِم وَلم يكن لَهُ انتقام من أعدائه إِلَّا بِالْإِحْسَانِ وَكَانَ دخله ومعلومه فِي السّنة خمسين ألف دِينَار سوى متاجر الْهِنْد وَالْمغْرب وَغَيرهمَا مَاتَ مسكوباً أحْوج مَا كَانَ إِلَى الْمَوْت عِنْد تولي الإقبال وإقبال الإدبار وَهَذَا يدل على أَن لله بِهِ عناية وَله أوقاف فِي فكاك الأسرى وأعان الطّلبَة الشَّافِعِيَّة والمالكية عِنْد دَاره بِالْمَدْرَسَةِ والأيتام بِالْكتاب وَله مُعَاملَة حَسَنَة مَعَ الله وتهجد فِي اللَّيْل لما بلغه أَن الْعَادِل أَخذ الديار المصرية دَعَا على نَفسه بِالْمَوْتِ خشيَة من ابْن شكر وزيره فيهينه انْتهى

وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء مولده وَأَصله بعسقلان وَإِنَّمَا قيل لَهُ البيساني لِأَن وَالِده ولي الْقَضَاء ببيسان قيل لما ولد أَخذ طالعه القَاضِي ابْن قُرَيْش وَكَانَ خَبِيرا بِعلم النُّجُوم فَقَالَ هَذِه وَالله سَعَادَة لَا تسعها الدُّنْيَا فضلا عَن عسقلان قلت وَقد ذكر مولده وطالعه واتصالات الْكَوَاكِب فِي ذَلِك الْوَقْت القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ الدّرّ النظيم فِي تقريظ عبد الرَّحِيم

ص: 202

قَالَ ياقوت كَانَ السَّبَب فِي تقدمه أَن أَبَاهُ كَانَ يتَوَلَّى بعسقلان بعد الْقَضَاء ببيسان وكاتبه السُّلْطَان بِمصْر بالأخبار فاتفق أَن وَالِي عسقلان أطلق أَسِيرًا لَهُ قيمَة فتعلل عَلَيْهِ المصريون كَونه لم يخبر بِخَبَرِهِ فَاسْتَحْضر إِلَى الْقَاهِرَة وصودر حَتَّى استصفى مَاله وَلم يبْق لَهُ شَيْء فأصابته فجعة فَمَاتَ وَبَقِي الْفَاضِل وَأُخْت لَهُ وَأَخ على غَايَة من الاختلال وَسُوء الْحَال والفقر فألجأه الْحَال إِلَى أَن مَشى رَاجِلا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَقصد بهَا القَاضِي ابْن حَدِيد فالتجأ إِلَيْهِ وعرفه بِنَفسِهِ وشكا إِلَيْهِ فاقته فتوجع لَهُ وَفرض لَهُ فِي كل شهر ثَلَاثَة دَنَانِير واستنابه فِي الْكِتَابَة عَنهُ

وَفتحت الفرنج عسقلان وَخرج أَخُوهُ وَأُخْته حَتَّى لَحقا بِهِ وَأَقَامَا عِنْده فاختبره القَاضِي فَوَجَدَهُ على غَايَة من الفصاحة والبلاغة وَحسن الْمَقَاصِد وَكَانَ إِذا أَرَادَ مُكَاتبَة ديوَان مصر أمره بِالْكِتَابَةِ عَنهُ وَكَانَت كتبه ترد كالدر النظيم فحسده الْكتاب الَّذين ترد كتبه عَلَيْهِم وخافوا مِنْهُ على مَنْزِلَتهمْ فسعوا بِهِ إِلَى الظافر بن الْحَافِظ فَحدث مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بنان الْأَنْبَارِي كَاتب الْإِنْشَاء يَوْمئِذٍ قَالَ فأحضرني الظافر وَأَمرَنِي أَن أكتب إِلَى الْوَالِي بالإسكندرية أَن يتسلم ابْن البيساني من القَاضِي ابْن حَدِيد وَيقطع يَده ويسيرها إِلَيْنَا قَالَ فَمَا علمت السَّبَب وَلَا عرفت)

ابْن البيساني ووددت لَو كَانَ هَذَا الْكتاب بِخَط غَيْرِي فَأخذت الدواة والقلم والدرج وكتبت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبَطلَت الْكِتَابَة فَنظر إِلَيّ وَقَالَ مَا تنظر قلت عَفْو مَوْلَانَا قَالَ تعرف هَذَا الرجل قلت لَا وَالله قَالَ هَذِه رقْعَة وَردت من الدِّيوَان تخبر بِسوء أدبه واستخفافه وَذَاكَ أَنه كتب كتابا وَجعل بَين السطر والسطر شبْرًا وَهَذَا لَا يكون إِلَّا من الْفَاضِل إِلَى الْمَفْضُول وَبَلغنِي أَيْضا أَنه يرى انتقاضنا وَذَهَاب دولتنا دينا فَقلت إِن رأى استحضار الْمَكْتُوب وَالْوُقُوف عَلَيْهِ فأحضر فَرَأَيْت أبلغ كتاب وَأحسن عبارَة فَقلت هَذَا كتاب مَعْدُوم الْمِثَال وكاتبه أوحد عصره وَمَا كتبُوا فِي أمره بِمَا كتبُوا إِلَّا حسداً لَهُ فَإِن رأى إِحْضَار كَاتبه وَسَمَاع لَفظه وَالْعَمَل بِمُوجب الْمُشَاهدَة رَجَوْت أَن يكون ثَوابًا وصواباً فَكتبت بتسييره مكرماً فَمَا كَانَ إِلَّا مَسَافَة الطَّرِيق حَتَّى أحضر إِلَى مجْلِس الظافر وَأَنا حَاضر فَرَأَيْت شَابًّا ظريفاً بِثِيَاب قصار وأكمام لَطِيفَة وطيلسان فَوقف بَين يَدي الظافر فَقَالَ الظافر اختبره فِي شَيْء من الرسائل فَقلت لَهُ مَوْلَانَا يَأْمُرك أَن تكْتب منشوراً لأحد أَوْلِيَاء دولته يتَضَمَّن تَوليته مَا وَرَاء بَابه فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فقربت مِنْهُ دَوَاة فَأخذ يكْتب وَهُوَ قَائِم وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يستمد

ص: 203

انكب إِلَى الدواة ثمَّ وقف فَكتب فَلَمَّا أَن رأى الظافر جَرَيَان قلمه وثبات جنانه أَمر خَادِمًا أَن يحمل لَهُ الدواة ثمَّ فرغ من الْكِتَابَة وَهُوَ قَائِم على رجله فتناوله الْخَادِم وَعرضه على الظافر فَاسْتحْسن خطه وَكَانَ خطا مليحاً رائقاً على طَريقَة ابْن مقلة وَقَالَ لي اقرأه فَقلت يَا مَوْلَانَا اسْمَعْهُ من منشئه فَهُوَ أحسن فقرأه بِلِسَان حاد وَبَيَان صَادِق فَلَمَّا استتم قِرَاءَته أَمر الظافر بقلع طيلسانه وَأخذ عذبة عمَامَته وفتلها وتحنيكه بهَا فَفعل بِهِ ذَلِك وَلم يزل فِي الدِّيوَان مُدَّة أَيَّام الظافر والفائز والعاضد

فَلَمَّا استعلى الضرغام على شاور وَتَوَلَّى الوزراة وهرب شاور إِلَى الشَّام وَقبض على وَلَده الْكَامِل وأودعه السجْن خدمه الْفَاضِل ومت إِلَيْهِ بِخِدْمَة قديمَة ثمَّ إِن الضرغام تنكر على الْفَاضِل فَمضى من فوره إِلَى ملهم أخي ضرغام واستجار بِهِ وَكَانَ ملهم هُوَ الْكَبِير وَكَانَ ترفع عَن الْولَايَة فَأمره بملازمة دَاره حَتَّى يصلح أمره فاتفق أَن قرن بالكامل ابْن شاور فِي محبسه وَحبس مَعَه وَحصل لَهُ بذلك يَد بَيْضَاء عِنْده وَرجع شاور إِلَى الديار المصرية يَصْحَبهُ شيركوه وَقتل الضرغام وَأَخُوهُ ملهم ملهم وَبَنوهُ وعادت الوزارة إِلَى ساور وَركب ابْنه الْكَامِل من دَار ملهم وَمَعَهُ القَاضِي الْفَاضِل حَتَّى دخلا على شاور وَعرف الْكَامِل أَبَاهُ شاور حُقُوق)

الْفَاضِل عَلَيْهِ وَحسن ولائه

واختص الْفَاضِل بالكامل اختصاصاً كلياً وَكَانَ أَولا يدعى بالأسعد فَغَيره ولقبه بالفاضل وَلم يزل مَعَهُمَا على أحسن حَال إِلَى أَن عَاد أَسد الدّين إِلَى مصر فِي الْمرة الْأُخْرَى وَاسْتولى على الديار المصرية وَتَوَلَّى الوزارة وَقتل شاور وَابْنه الْكَامِل وَطلب الْفَاضِل وَكَانَ فِي نَفسه مِنْهُ أَشْيَاء نقمها عَلَيْهِ فِي مكاتباته عَن شاور وَكَانَ يغلظ القَوْل فِيهَا ولجأ القَاضِي إِلَى الْقصر مستجيراً ومستخفياً وَطَلَبه شيركوه من العاضد فشفع فِيهِ فَلم يقبل الشَّفَاعَة وألح فِي طلبه فاتفق أَن العاضد أهْدى إِلَى شيركوه هَدَايَا نفيسة وَقعت مِنْهُ موقعاً لطيفاً وَسَأَلَهُ مَعَ قبُولهَا أَمَان الْفَاضِل فَأَمنهُ فَلَمَّا حضر أكْرمه شيركوه وَأمره بِالْجُلُوسِ فِي حَضرته وَقَالَ اكْتُبْ كتاب إِلَى نور الدّين مَحْمُود بن زنكي عرفه مَا فعل الله بِهَذَا الطاغية الْفَاسِق يَعْنِي شاوراً فَكتب وَلم يذكرهُ إِلَّا بِالْخَيرِ فَغَضب أَسد الدّين وَقَالَ مَا لَك لَا تكْتب بِمَا آمُرك بِهِ فَقَالَ مَا يسعني ذَلِك أَيهَا الْوَزير لحقوق لَهُ عَليّ فَأَغْلَظ لَهُ وتهدده إِن لم يكْتب وَحلف ليوقعن بِهِ فَوَثَبَ حَتَّى صَار بَين يَدَيْهِ وَقَالَ قد انبسط الْآن عُذْري فِيمَا كنت أكاتب بِهِ الْمولى فَإِنَّمَا أَنا آلَة أكتب حَسْبَمَا أومر فسط عذره وَأَعْجَبهُ مخرجه من الْحجَّة وآنس بِهِ آنساً تَاما

فَلَمَّا مَاتَ أَسد الدّين شيركوه ترشح أكَابِر الدولة لمكانه وطمع فِيهَا من هُوَ أهل لذَلِك

ص: 204

وَلم يكن صَلَاح الدّين مِمَّن تطمع نَفسه فِي تِلْكَ الرُّتْبَة وَاتفقَ أَنه اجْتمع بالفاضل فِي دَار السُّلْطَان وَجرى حَدِيث من ترشح للولاية وَبسط صَلَاح الدّين الحَدِيث فِي ذكرهم وَلم يذكر نَفسه فَجَذَبَهُ الْفَاضِل إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ سرا هَل عنْدك قُوَّة لِأَن تلِي هَذَا الْأَمر فَقَالَ صَلَاح الدّين وأنى لي بذلك وَهنا مثل فلَان وَفُلَان وَعدد الأكابر فَقَالَ لَهُ لَا عَلَيْك فَإِنِّي أدبر أَمرك فاستعد لذَلِك

فَبينا هما فِي الحَدِيث استدعي الْفَاضِل إِلَى مجْلِس العاضد واستشير فِيمَن يُولى وَلم يكن شيركوه دفن بعد لِأَن من عَادَتهم أَن الَّذِي يتَوَلَّى يلبس فِي الْجِنَازَة أَخْضَر دون كل من فِيهَا وَنهي إِمَارَة الْولَايَة فَقَالَ الْفَاضِل رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ أَعلَى وَهُوَ أعرف فَقَالَ العاضد مَا تَقول فِي فلَان فوهى أمره وَذكر شَيْئا صدفه عَنهُ إِلَى أَن ذكر جمَاعَة كلهم كَذَلِك فَقَالَ للفاضل فَمن ترى أَنْت قَالَ مَا رَأَيْت فِي الْجَمَاعَة أحسن طَريقَة من يُوسُف ابْن أَيُّوب ابْن أخي الْمَيِّت فَإِنِّي اختبرته ورأيته يرجع إِلَى دين وَأَمَانَة فَقَالَ العاضد إِنِّي أَخَاف أَن لَا يرضى بِهِ الْقَوْم فَقَالَ الْفَاضِل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنْت ألبسهُ وَأَجْلسهُ وَهُوَ يبْذل الْأَمْوَال وَيصْلح)

حَال الرِّجَال فَفعل ذَلِك وَخرج النَّاس وعَلى صَلَاح الدّين الْأَخْضَر من دون الْجَمَاعَة فعرفوا أَنه صَاحب الْأَمر وساعدته السَّعَادَة فَلم يقل أحد كلمة وَفرق خزاين شيركوه وعامل النَّاس بِالْإِحْسَانِ وبذل المَال فَأَحبُّوهُ وَتمّ أمره وَصَارَ الْقَبْض والبسط إِلَى الْفَاضِل وفوض صَلَاح الدّين إِلَيْهِ أُمُور دولته وَصَارَ لَا يصدر عَن رَأْيه واستنابه فِي جَمِيع أُمُوره ورعى لَهُ تِلْكَ الْحَال فَجرى فِي تصاريفه على أحسن قانون وَأحسن إِلَى أَرْبَاب الْبيُوت وَجمع كتبا مَشْهُورَة بَلغنِي أَنَّهَا تكون سبعين ألف مُجَلد فِي فنون الْعلم وأنواعه وَأما ابْن بنان الَّذِي كَانَ السَّبَب فِي خُلَاصَة وعلو منزله فَإِنَّهُ أطرح فِي دولة بني شادي حَتَّى احْتَاجَ إِلَى النَّاس فَدخل يَوْمًا إِلَى الْفَاضِل وَقد انقادت الدولة لأَمره وَنَهْيه فعدد إحسانه إِلَيْهِ واشتماله فِي الدولة الذاهبة عَلَيْهِ فاعترف الْفَاضِل بذلك واستخلص لَهُ رزقا كَانَ يقوم عَلَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ

وَكَانَ القَاضِي الْفَاضِل شَابًّا مليحاً من أظرف الرِّجَال فَلَمَّا كَانَت وقْعَة الْبَاب بَين شيركوه وشاور بالصعيد نفرت بِهِ فرسه فَوَقع على ظَهره على قربوس السرج فأوهنه فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة عمل عَلَيْهِ وَكَانَ يمرضه ويداويه وَقد مد وانتفخ فَلَمَّا كَانَ يَوْم جُلُوسه بَين يَدي أَسد الدّين وَهُوَ يكْتب انفجرت عَلَيْهِ وَهُوَ بَين يَدَيْهِ فَمَا راعه إِلَّا والمدة وَالدَّم يسيلان بَين يَدي أَسد الدّين فارتاع من ذَلِك وَقَالَ احملوه ورق لَهُ وعولج وانفسدت إِحْدَى خَرَزَات ظَهره ثمَّ اندملت وَكَانَت لَهُ حدبة وَفِي ذَلِك يَقُول ابْن عنين المنسرح

ص: 205

(قد أصبح الْملك مَا لَهُ سَبَب

فِي النَّاس إِلَّا الْبغاء والحدب)

(سلطاننا أعرج وكاتبه

ذُو عمش والوزير منحدب)

(معايب كلهَا لَو اجْتمعت

فِي فلك لم تحله الشهب)

انْتهى كَلَام ياقوت قلت وَقد أَكثر ابْن عنين من هجوه وَذكر الحدبة فَقَالَ وَهُوَ أحسن مَا يكون من التهكم المنسرح حاشا لعبد الرَّحِيم سيدنَا الْفَاضِل مِمَّا تَقوله السّفل

(يكذب من قَالَ إِن حدبته

فِي ظَهره من عبيده حَبل)

(هَذَا قِيَاس فِي غير سيدنَا

يَصح إِن كَانَ يحبل الرجل)

وَقَالَ أَيْضا الْكَامِل

(كم ذَا التبظرم زَائِد عَن حَده

مَا كَانَ قبلك هَكَذَا الحدبان)

)

(مَا طَال فِي اللَّيْل البهيم سُجُوده

إِلَّا ليركع فَوْقه السودَان)

وَقَالَ أَيْضا المتقارب

(إِذا كلبة ولدت سَبْعَة

فقف واستمع أَيهَا السَّائِل)

(وَإِن كلبة ولدت تِسْعَة

تزاوجن فالفاضل الْفَاضِل)

وَقَالَ فتيَان الشاغوري الْكَامِل

(عجبا لأحدب فِي دمشق وَكتبه

هن الْكَتَائِب عثن فِي الحدباء)

(آراؤه شهب البزاة فسل بهَا

حَلبًا إِذا انْقَضتْ على الشَّهْبَاء)

وَكَأَنَّهُ الزَّوْرَاء والأقلام أسهمه بهَا يفري كلى الزَّوْرَاء وَفِيه يَقُول ابْن الخيمي الْخَفِيف

(يشبه الْقوس صُورَة فَلهَذَا

قد غَدَتْ فِي النُّفُوس مِنْهُ نبال)

قلت إِلَّا أنني مَا أعرف أحدا كَانَ فِي عصره من الشُّعَرَاء الْمَشْهُورين إِلَّا وَقد مدح القَاضِي الْفَاضِل كَابْن سناء الْملك وَابْن مماتي وَابْن الدروي وَابْن قلاقس وَابْن الساعاتي وَابْن النبيه وَابْن نفاده والرشيد النابلسي والتعاويذي وَقَالَ القَاضِي محيي الدّين عبد الله بن عبد

ص: 206

الظَّاهِر ونقلت ذَلِك من خطه كَانَ القَاضِي الْفَاضِل يبكر كل يَوْم سحرة إِلَى مصر فيقف على بَاب الْمُوفق بن قادوس حَتَّى يركب ويسايره إِلَى الْقَاهِرَة ويذاكره ويستفيد مِنْهُ فَإِذا وصل إِلَى الْقصر مضى لمنزله وَأقَام إِلَى الظّهْر ثمَّ يركب وَيقف على بَاب الْقصر فَإِذا خرج صَحبه إِلَى مصر قَالَ وَرَأَيْت أوراقاً سود القَاضِي الْفَاضِل فِي ظهرهَا شَيْئا من كَلَامه وشعره وَهِي استدعاءات بجلبان لعلوفات الْحمام الرسائلي بالإسكندرية وَصُورَة خطه بِصِحَّة المستدعى بِهِ وَكتب عبد الرَّحِيم ابْن القَاضِي الْأَشْرَف وخطه بذلك عِنْدِي

وَعِنْدِي بِخَطِّهِ فِي إِجَارَة اسْتَأْجر فلَان ابْن فلَان من ديوَان الرباع السُّلْطَانِيَّة بثغر الْإسْكَنْدَريَّة وَفِي آخرهَا الشَّهَادَة على الْمُسْتَأْجر وَكتب عبد الرَّحِيم ابْن القَاضِي الْأَشْرَف وَهُوَ كَانَ يُبَاشر هَذَا الدِّيوَان فَالْإِجَارَة مِنْهُ وَالشَّهَادَة على الْمُسْتَأْجر بِخَطِّهِ وَهَذَا فِيهِ نظر قلت مَا فِي هَذَا نظر لاحْتِمَال أَن يكون النَّاظر غَيره وَهُوَ الَّذِي آجر الْمُسْتَأْجر والفاضل كَانَ شَاهد الدِّيوَان وَقَالَ محيي الدّين كلَاما آخِره أَن الْوَزير شاور لما وزر الوزارة الثَّانِيَة استخدم الْفَاضِل فِي ديوَان المكاتبات شَرِيكا للشَّيْخ الْمُوفق أبي الْحجَّاج يُوسُف بن الْخلال وَقَالَ الصاحب كَمَال الدّين بن)

العديم وَقَالَ لي القَاضِي بهاء الدّين ابْن شَدَّاد قَاضِي حلب دخلت على القَاضِي الْفَاضِل أول دخولي عَلَيْهِ دَاره وَمَعِي الْعِمَاد الْكَاتِب فَلَمَّا خرجنَا قَالَ لي الْعِمَاد كَيفَ رَأَيْت القَاضِي الْفَاضِل قلت رَأَيْت رجلا قد أَتَاهُ الله أَرْبَعَة أَسبَاب السَّعَادَة وَهِي تَدْعُو النَّاس إِلَى الْميل إِلَيْهِ والاشتمال عَلَيْهِ وَأَتَاهُ الله الْعلم فَإِنَّهُ كَانَ عَالما مطلعاً على سَائِر الْعُلُوم آخِذا من كل نوع مِنْهَا بأوفر سهم لَا يجْتَمع بِهِ صَاحب علم إِلَّا ويخوض مَعَه فِي علمه وَذَلِكَ من أَسبَاب السَّعَادَة لِأَن النَّاس يميلون إِلَى إرشاد علمه

الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ من أَكثر النَّاس ورعاً وَكَانَ وقته لَا يخليه من تِلَاوَة قُرْآن أَو التَّسْبِيح وَإِن اتّفق من يكلمهُ فِي حَاجَة كلمة ثمَّ عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضا يَدْعُو النَّاس إِلَيْهِ فَإِنَّهُم يميلون إِلَى ذِي الدّين

وَالثَّالِث الجاه وَكَانَ من أوفر النَّاس جاهاً عِنْد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وأقربهم منزلَة وَكَانَ أعظم النَّاس ميلًا إِلَيْهِ

وَالرَّابِع المَال وَكَانَ كثير المَال جدا حَتَّى أَن وَكيله ابْن سناء الْملك قَالَ كَانَ دخله فِي كل يَوْم خمسين دِينَارا

وَقَالَ القَاضِي جمال الدّين ابْن شِيث على مَا شاهدته مسطوراً قَالَ كَانَ للْقَاضِي الْفَاضِل رحمه الله بِمصْر ربع عَظِيم يُؤجر بمبلغ كَبِير فَلَمَّا عزم على الْحَج ركب وَمر بِهِ ووقف عَلَيْهِ

ص: 207

وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَن هَذَا الخان لَيْسَ شَيْء أحب لي مِنْهُ أَو قَالَ أعز عَليّ مِنْهُ اللَّهُمَّ فاشهد أنني وقفته على فكاك الأسرى وَسَار إِلَى مَكَّة وَهُوَ إِلَى يَوْمنَا وقف وَأَظنهُ صناعَة التَّمْر الَّتِي بِمصْر على الْبَحْر

قَالَ القَاضِي محيي الدّين وَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن قَائِلا يَقُول لي قل للْقَاضِي تَاج الدّين يَعْنِي ابْن بنت الْأَعَز قَاضِي الْقُضَاة إِن شِئْت أَن تَدْعُو وَأَن يُسْتَجَاب لَك فَاقْعُدْ بَين قبر القَاضِي الْفَاضِل وَبَين قبر الشَّيْخ الشاطبي وادع فَإِن دعَاك يُسْتَجَاب أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ فعرفته ذَلِك قَالَ كنت أفعل ذَلِك وَتركته مُدَّة وسر بذلك وَقَالَ الصاحب كَمَال الدّين بن العديم إِنَّه سمع عبد الرَّحِيم بن شِيث بِالْبَيْتِ الْمُقَدّس وَكَانَ يكْتب بَين يَدي الْفَاضِل قَالَ كَانَ النَّاس يَشكونَ من الْفَاضِل قلَّة اهتمامه بهم وَأَنه لَا يوفيهم رد السَّلَام إِذا لقوه فِي طَرِيق قَالَ وَلم يكن ذَلِك كبرا مِنْهُ وَإِنَّمَا من يرى أَنه لَا يضيع وقتا من أوقاته إِمَّا فِي مصلحَة أَو فِي عبَادَة فَإِذا ركب الدَّابَّة)

تنفل عَلَيْهَا فيمضي ويمر بِهِ الْإِنْسَان فَيسلم عَلَيْهِ فَلَا يقطع صلَاته فَهَذَا كَانَ سَبَب إهماله الاحتفال بِالنَّاسِ فِي رد السَّلَام قلت لَا تفي لَهُ صَلَاة النَّافِلَة بِمَا يحصل لَهُ من كسر قُلُوب من هُوَ دونه أَو أَنه يؤثم من هُوَ مثله أَو قريب مِنْهُ لِأَنَّهُ يغتابه أَو أَنه يسبه أَو غير ذَلِك

وَقَالَ الشَّيْخ موفق الدّين عبد اللَّطِيف البغداذي وَالْقَاضِي الْفَاضِل هُوَ الَّذِي زَاد فِي الكلاسة مثلهَا وَلما حفرت وجد تَحت الأَرْض أعمدة قَائِمَة على عتب وفوقها مثلهَا وَأثر الْعِمَارَة مُتَّصِل تَحت الأَرْض لَيْسَ لَهُ نِهَايَة وَكَأَنَّهُ كَانَ معبدًا وَوجدت فِيهِ قبْلَة بحي الشمَال قَالَ محيي الدّين ومدرسته بِالْقَاهِرَةِ بدرب ملوخياً هِيَ أول مدرسة بنيت بِالْقَاهِرَةِ ووقفها على الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة والمالكية وَجعل فِيهَا قاعة لإقراء الْقُرْآن كَانَ الشاطبي متصدراً بهَا وَغَيره وَخرج مِنْهَا جمَاعَة من الْعلمَاء وَكَانَ الْفَقِيه ابْن سَلامَة مدرساً بهَا وَجعل قاعة للكتب وقف بهَا الْكتب الْعَظِيمَة الجليلة من التفاسير والشروح وأصناف الْعُلُوم وَمن مَبارّه الأرضي الَّتِي ابتاعها بالجمل الْكَثِيرَة من المَال بأراضي اللوق على عين الْأَزْرَق بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَهِي قريب بُسْتَان البورجي وَهِي الْآن بُسْتَان لبني قُرَيْش وَبَعضهَا دخل فِي الميدان الظَّاهِرِيّ وَعوض عَنْهَا أَرَاضِي بِأَكْثَرَ من قيمتهَا وَمن مباره الميضأة الَّتِي قريب مشْهد الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ وَالْمَسْجِد والساقية ووقف عَلَيْهَا أراض قريب الخَنْدَق انْتهى مَا نقلته من خطّ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر

ص: 208

وَقَالَ ابْن مماتي كنت فِي مجْلِس الْفَاضِل فحدثه بعض حاضري مَجْلِسه أَن الْغَزالِيّ لما ورد بغداذ سُئِلَ عَن أبي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ فَقَالَ تركته بنيسابور وَقد أُسَمِّهِ الشِّفَاء وَقد كَانَ شرع فِي مطالعة كتاب الشِّفَاء لِابْنِ سينا قَالَ فَجعل القَاضِي يتعجب من حسن قَوْله أسقمه الشِّفَاء ويتمايل لَهُ وَيَقُول وَالله إِن هَذَا كَلَام حسن بديع وَكَانَ عِنْده ابْن ولد الْوَزير ابْن هُبَيْرَة فَقَالَ كَلَام جدي فِي هَذَا الْمَعْنى أحسن وأبلغ قَالَ لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ قَوْله الشِّفَاء ترك الشِّفَاء والنجاة ترك النجَاة فَقَالَ الْفَاضِل لَا وَلَا كَرَامَة بَين الْكَلَامَيْنِ بون لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا أَرْبَاب الصَّنَائِع

وَكتب إِلَيْهِ تَاج الدّين بن جراح الْخَفِيف

(أَنا أهذي وَأَنت تقرا وَتَرْمِي

والليالي تمر وَالله حسبي)

فَكتب فَوق قَوْله أَنا أهذي أَنْت اعْترفت بالهذيان وَكتب فِي قَوْله وَأَنت تقْرَأ وَتَرْمِي الهذيان مرمى وَفَوق قَوْله والليالي تمر نعم تمر عَليّ وَعَلَيْك وَكتب فَوق قَوْله وَالله حسبي)

وحسبي أَيْضا

وَدخل أَبُو الْخَيْر سَلامَة الضَّرِير عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ حق يُوجب الدَّالَّة يستقضيه فِي مُهِمّ كَانَ سَأَلَهُ استنجازه من السُّلْطَان فمطله فتضجر أَبُو الْخَيْر وأنشده قَول ابْن الرُّومِي الْبَسِيط

(لَا يسر الله خيرا أَنْت جالبه

وَلَا أعَان على مقدوره الْقدر)

(فَأَنت عِنْدِي كزب الْكَلْب مدخله

سهل ومخرجه مستصعب وعر)

فَقَالَ الْفَاضِل يَا أَبَا الْخَيْر وَقع الْفساد فِي مَوضِع الحيا وَعرض عَلَيْهِ يَوْمًا ورقة باسم مؤذنين يستخدمان اسْم أَحدهمَا مرتضى وَالْآخر زِيَادَة فَكتب على رَأس الورقة أما مرتضى فَزِيَادَة وَأما زِيَادَة فمرتضى فصرف مرتضى واستخدم زِيَادَة

وَحضر مرّة من الْعَجم واعظ وَكَانَ جميلاً مبدعاً فِي الْحسن فَاجْتمع لَهُ النَّاس فوعظ فَظهر مِنْهُ خلاف مَا يُؤَدِّي إِلَى الْخُشُوع فَقَالَ الْفَاضِل يَا لَهَا من عظة منعظة وَعمل الْجَمَاعَة فِي هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ الأسعد بن مماتي السَّرِيع

(وجاهل بعد من ضَيفه

لما أَتَى من سفه منسفه)

(فَقبل الأَرْض فجف الثرى

فيا لَهَا من شفة منشفه)

وَقَالَ ابْن الْحجَّاج حضرت يَوْمًا عِنْد الْفَاضِل فَحَضَرَ من ثقل عَلَيْهِ فَاعْتَذر الْفَاضِل فَأقبل وَقَالَ الْمَوْت غَدا فَأَنْشد الْفَاضِل الرجز المجزوء

ص: 209

(قَالَ لي الْمَوْت غَدا

فَقلت هذي حجتي)

وَكَانَ كثيرا مَا ينشد الرجز المجزوء

(عمَارَة الْجِسْم نفس

وهدمه إِذا احْتبسَ)

وَركب الْفَاضِل يَوْمًا فَرَكبهُ القَاضِي المكين ابْن حيوس وَلم يكن مَعَه مقرعة فَأعْطَاهُ الْفَاضِل مقرعة فَرَمَاهَا ثمَّ رد فِي طلبَهَا عجلاً فَمَا وجدهَا فَعَاد بسكتة وسكينة لخيبته فأنشده الْفَاضِل الْكَامِل المجزوء يَا عاديا شبه السَّفِيه وعائدا مثل الْحَلِيم ضيعت مقرعة وعدت شبيهها من غير مِيم وَتوجه رَسُولا إِلَى صَاحب الْموصل فأحضرت فواكه فَقَالَ بعض الْكِبَار خياركم أحدب فَقَالَ الْفَاضِل خسنا خير من خياركم)

وَلما عمل الْعِمَاد الْكَاتِب كتاب الخريدة بعثها إِلَيْهِ فِي ثَمَانِيَة أَجزَاء فَلَمَّا أحضرت لَدَى الْفَاضِل قَالَ وَأَيْنَ الْآخرَانِ لِأَنَّهُ قَالَ كتاب خريدة وَمَا أرى إِلَّا ثَمَانِيَة يَعْنِي خرى عشرَة لِأَن ده بالعجمي عشرَة

وَقَالَ ضِيَاء الدّين ابْن الْحجَّاج دخلت على الْفَاضِل أَنا وَأخي فَقَالَ الأسعد بن مماتي إِن فلَانا أفضل من فلَان فَقَالَ الْفَاضِل هما كَحَد السَّيْف قَالَ وَذكرت قَول الْفَاضِل هَذَا بعد مُدَّة للموفق الديباجي فنظمه وَقَالَ الهزج هما كالسيف لَا يدْرك فرق بَين حديه وَقَالَ ضِيَاء الدّين أَيْضا حضرت وَأَنا صَغِير مجْلِس الْفَاضِل فَحَضَرَ عِنْده أحد أَوْلَاد الْوَزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة وَكَانَ ينْسب إِلَى الثّقل فِي أشغاله فَسَأَلَهُ عدَّة سُؤَالَات فقضاها وَكثر فِي أَشْيَاء لَا يُمكن الْفَاضِل فعلهَا والفاضل يحلم عَنهُ ويجيبه أجوبة حَسَنَة فَلَمَّا قَامَ قَالَ مَا هُوَ إِلَّا أَن يَجِيء فيا خيل الله ارْكَبِي وَيَا يَد البطالة اكتبي وَيُقَال إِنَّه تخرج وتدرب على الْمُوفق ابْن الْخلال فِي أَيَّام الْخُلَفَاء المصريين وَكَانَ الْمُوفق يكْتب إِلَيْهِ فِي أَيَّام السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَلم يُغير مُكَاتبَته أَيَّام المصريين فَيَقُول خادمه وَكَانَ الْفَاضِل يتعجب من ذَلِك وَيَقُول إِلَى مَتى يخبئ الْألف وَاللَّام يَعْنِي يكْتب الْخَادِم

وَكَانَ الْفَاضِل يعْمل للسجعة وَيَقُول لكتابه اعْمَلُوا قرينتها فَمَا ارْتَضَاهُ أجاره وَمَا لَا يرتضيه أفادهم إِيَّاه فَقَالَ لَهُم جَاءَت خيل الله تعسل مَا قرينتها فَقَالُوا أَشْيَاء لم يرضها فَقَالَ وَهِي من كل حدب تنسل وَقَالَ لَهُم يَوْمًا كتبهَا وَالْمغْرب قد تنحنح مؤذنه وَطلب إجازتها فَلم يَأْتُوا بِمَا أرضاه فَقَالَ وجفن عين الشَّمْس قد غمضه وسنه

ص: 210

وَقيل إِن الْعَزِيز هوى قينة شغلته عَن مَصَالِحه فَأمره أَبوهُ بِتَرْكِهَا فشق ذَلِك عَلَيْهِ وضاق صَدره وَلم يجْتَمع بهَا فسيرت لَهُ مَعَ بعض الخدم كرة عنبر فَكَسرهَا فَوجدَ فِيهَا زر ذهب ففكر فِي ذَلِك وَلم يعرف مَعْنَاهُ وَعرف الْفَاضِل الصُّورَة فنظم الْفَاضِل بَيْتَيْنِ وجهزهما إِلَيْهِ وهما السَّرِيع

(أَهْدَت لَك العنبر فِي وَسطه

زر من التبر خَفِي اللحام)

(فالزر فِي العنبر مَعْنَاهُمَا

زر هَكَذَا مختفياً فِي الظلام)

قَالَ شمس الدّين مَحْمُود الْمروزِي كنت يَوْمًا بِحَضْرَة القَاضِي الْفَاضِل وَكَانَ الْعِمَاد الْكَاتِب)

عِنْده فَلَمَّا انْفَصل قَالَ الْفَاضِل للْجَمَاعَة بِمَ تشبهون الْعِمَاد وَكَانَت عِنْده فَتْرَة عَظِيمَة وجمود فِي النّظر وَالْكَلَام فَإِذا أَخذ الْقَلَم أَتَى بالنظم والنثر فكلهم شبه بِشَيْء فَقَالَ لَهُم مَا أصبْتُم هُوَ كالزناد ظَاهره بَارِد وباطنه فِيهِ نَار وَقَالَ لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب يَوْمًا سر فَلَا كبا بك الْفرس فَقَالَ الْفَاضِل دَامَ عَلَاء الْعِمَاد

وَمن كَلَام الْفَاضِل فِي هَذِه الْمَادَّة أَعنِي مَا يقْرَأ مقلوباً فَلَا يتَغَيَّر قَوْله أبدا لَا تدوم إِلَّا مَوَدَّة الأدباء قلت وَلَا يعلم أَن كَاتبا بلغ من الرُّتْبَة عِنْد مخدومه مَا بلغه الْفَاضِل عِنْد صَلَاح الدّين حَتَّى أَنه كَانَ يَقُول مَا فتحت الْبِلَاد بالعساكر إِنَّمَا فتحتها بأقلام القَاضِي الْفَاضِل وَعمل الْخُلَفَاء على أَخذه مِنْهُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُم يطلبونه لأمور لَا تقال إِلَّا للْقَاضِي الْفَاضِل فِي مَا يتَعَلَّق بالفتوحات فَأذن لَهُ فَقَالَ لَهُ السَّلَام عَلَيْك هُوَ آخر الْعَهْد بك ثمَّ دَافع عَنهُ وَاعْتذر بضعفه فَعَلمُوا عَلَيْهِ لما حج وَأَرَادُوا أَخذه غصبا فَتعذر ذَلِك وَيُقَال إِن النَّاصِر الإِمَام لما توفّي صَلَاح الدّين كتب إِلَى الْفَاضِل أَو أرسل إِلَيْهِ يَقُول لَهُ أَي من كَانَ فِي أَوْلَاد صَلَاح الدّين يصلح للْملك وَله الْأَمر وَحكى شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز الْأنْصَارِيّ قَالَ لما مرض السُّلْطَان صَلَاح الدّين بحران مَرضا شَدِيدا حَتَّى حصل الْيَأْس مِنْهُ وَبَقِي أَيَّامًا لَا يَأْكُل وَلَا يشرب فَدخل عَلَيْهِ القَاضِي ضِيَاء الدّين الشهرزوري عَائِدًا فَبكى السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ ضِيَاء الدّين يَا مَوْلَانَا مثلك مَا يسامح أَنْت ربيت بَين سمر الرماح وبيض الصفاح وَعرضت نَفسك على الْمَوْت مرَارًا فِي عدَّة حروب وَأَنت الْآن تفزع من الْمَوْت وَأَنت فِي هَذَا السن فَقَالَ وَالله مَا خطر لي هَذَا ببال وَلَكِن فَكرت السَّاعَة فِي القَاضِي الْفَاضِل كَيفَ يكون إِذا بلغته وفاتي فَأَشْفَقت عَلَيْهِ لعلمي بِهِ وَمَا يجده من أَجلي

وَرَأَيْت من تمكن الْفَاضِل عِنْد السُّلْطَان فصلا كتبه فِي معنى الْعَادِل أخي السُّلْطَان وَكَانَ الْعَادِل يكره الْفَاضِل لِأَنَّهُ أَخذ حلب مِنْهُ وَأَعْطَاهَا للعزيز عُثْمَان وَبلغ الْخَادِم أَن الْمولى الْعَادِل

ص: 211

أنكر توالي الإنعام بعد الإنعام وتتابع الْإِكْرَام بعد الْإِكْرَام وَمَا علم أَن آثَار السَّيْف طاحت وَبَقِي أثر الأقلام وَكم للخادم من موقف مشكور يعجز عَنهُ السيوف الْمَشْهُور وَالْعلم المنشور وَالْمولى الْعَادِل يمني نَفسه فأدام الله أَيَّام الْمولى مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْخَادِم إِن تقدم الْمولى فَهُوَ أكبر مُرَاده وَإِن كَانَت شقوة تطيل لَهُ الْبَقَاء فَمَا يخرج الْملك عَن السَّادة الْمُلُوك من أَوْلَاده)

قلت من هَذَا الْكَلَام يعرف أَيْن كَانَ الْفَاضِل فِي الرُّتْبَة عِنْد صَلَاح الدّين وَمَا أَفَادَ هَذَا الْكَلَام

وَمَات السُّلْطَان وَاسْتولى الْعَادِل على الْبِلَاد وسل أَوْلَاد أَخِيه صَلَاح الدّين وَاحِدًا بعد وَاحِد وَمَا نفعهم القَاضِي الْفَاضِل

وَمن إدلال الْفَاضِل على السُّلْطَان مَا رَأَيْته فِي مُكَاتبَة عَنهُ إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ أَن الْعَزِيز عُثْمَان وَلَده كَانَ مَعَه فِي تِلْكَ السفرة فَذكره الْفَاضِل وَقَالَ الْكَامِل

(مَمْلُوك مَوْلَانَا ومملوك ابْنه

وأخيه وَابْن أَخِيه وَالْجِيرَان)

(طي الْكتاب إِلَيْهِ مِنْهُ إِجَابَة

لسلام مَوْلَانَا ابْنه عُثْمَان)

(وَالله قد ذكر السَّلَام وَأَنه

يَجْزِي بِأَحْسَن مِنْهُ فِي الْقُرْآن)

(وغريبة قد جِئْت فِيهَا أَولا

وَمن اقتفاها كَانَ بعدِي الثَّانِي)

(فرسولي السطلان فِي إبلاغها

وَالنَّاس رسلهم إِلَى السُّلْطَان)

وترسله فَلَعَلَّهُ يبلغ الْمِائَة مُجَلد ونظمه فقد قَالَ فِي جملَة رِسَالَة إِنِّي من مدرجة سِتِّينَ وَمَا قاربها وَهِي الْمدَّة من تاريخها قدح هِجْرَة وَكري وعلو سعر شعري قد نظمت مَا بَين خمسين ألف بَيت من الشّعْر بِشَهَادَة عيانها وَحُضُور ديوانها وَمثل هَذَا الْعدَد لَا يعرف لقديم وَلَا مُحدث فِي مثل هَذِه الْمدَّة مثل قولي فِي صفة باذهنج شَدِيد الحرور مَا يناهز ألف بَيت وَمثل قولي فِي رجل طَوِيل الآذان كَأَنَّهُمَا فِي رَأسه خفان أَو قد عجل لَهُ مِنْهُمَا نَعْلَانِ مَا يُقَارب ألفي بَيت وَمثل قولي فِي رثاء الوطن الَّذِي درجت من وَكره وَخرجت فَلم أخرج عَن ذكره مَا يناهز عشرَة آلَاف بَيت وَمثل قولي فِي مدائح منصوصة وأهاجي مَخْصُوصَة وَمثل قواف لم اسبق إِلَى ركُوبهَا وَلم يدر الزَّمَان على مسامع أَهله مثل كوبها

فَأَما نثره فَمِنْهُ مَا كتبه إِلَى موفق الدّين خَالِد بن القيسراني وَقد وقف لَهُ على رِسَالَة كتبهَا بِالذَّهَب وقف الْخَادِم على مَا دبجته أنامل الحضرة الَّتِي إِذا صاب سحابها روض لساعته وَإِذا عدمت حَقِيقَة السحر فَهِيَ الَّتِي نفثها بَيَانه فِي روع يراعته فانتقل من الِاسْتِحْسَان

ص: 212

إِلَى التَّسْبِيح لِأَن حُرُوفه شذور السبح وخلص من التَّرْجِيح بِأول مَا صَافح الطّرف من الطّرف واللمح من الْملح فَتَنَاول مِنْهَا جنَّة قد زخرفت بِنَار وَلَيْلَة قد وثجت بنهار وروضة قد سقيت بأنهار عقار وعارض ذهب قد أذيب يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار فتعالى من ألان لداود عليه السلام الْحَدِيد وَلها الذَّهَب وَأَيْقَظَ بِهِ جد هَذِه الصِّنَاعَة بعد أَن نَام بَين الْأَنَام فَهَب وَأعلم)

النَّاس أَن الْقَلَم فِي يَد ابْن البواب للضرب لَا للطرب وَأَن قيمَة كل مِنْهَا وَمِنْه مَا بِهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة وَكتب وجلاها بِتمَام البدور وَأَعْطَاهُ مَا أعْطى أَبَاهُ من المحاق وَأخر زمانها وَقدم زَمَانه وَرِزْقهَا السَّبق وَحرمه اللحاق فَمن ألفات ألفت الهمزات غصونها حمائم وَمن لامات بعْدهَا يحسدها الْمُحب على عنَاق قدودها النواعم وَمن صادات نقعت غلال الْقُلُوب الصوادي والعيون الحوائم وَمن واوات ذكرت مَا فِي جنَّة الأصداغ من العطفات وَمن ميمات دنت الأفواه من ثغورها لتنال جني الرشفات وَمن سينات كَأَنَّهَا التأشير فِي تِلْكَ الثغور وَمن دالات دالات على الطَّاعَة لكاتبها بانحناء الظُّهُور وَمن جمات كالمناسر تصيد الْقُلُوب الَّتِي تخفق لروعات الِاسْتِحْسَان كالطيور وفيهَا مَا تشْتَهي الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين وخَالِد فِيهَا خَالِد وتحيته فِيهَا المحامد وَيَده تضرب فِي ذهب ذائب والخلق تضرب فِي حَدِيد بَارِد فَهِيَ الْيَد الَّتِي تنظم تيجان الْمُلُوك بدرها وَتظهر آيَة الْكَرم على قراطيسها لما تظهره من تبرها وَمَا كنت قبل يَدهَا أَحسب أَن سحاباً يمطر تضاراً وَلَا أَن مَاء يستمد نَارا وَلَا أَن أقلامها سفكت دم المَال فأجرته أَنهَارًا وَلَا قل لحظها أَن الشَّفق لَا يشفق من طُلُوع الْفجْر وَلَا أَن لون الْوَصْل ينْقض على لون الهجر وَلَا أَن اللَّيْل يتشبث بعطف الْبَرْق فَلَا يريم وَلَا أَن ذهب الْأَصِيل يجْرِي بِهِ سَواد اللَّيْل البهيم وَلَا أَن يدا كَرِيمَة تَدعِي من آيَات قلمها وكرمها أَن الجلمود بهَا يُفَارق الجمود وَأَن اليراعة تستر فرقدها على الظمأ فيشافه منهل النضارة المورود وَمَا كَانَت خطوط الْفُضَلَاء إِلَّا تجربة بَين يَدي تجريرها الْآن وَلَا أقلامها إِلَّا حطباً أوقدته على الذَّهَب فذاب لَهَا ولان وَلَا تحسب الْخط إِلَّا بحسبها فغيرت لَهُ أَثوَاب الْحداد وجلت عرائس حُرُوفه مضمخة الأجساد بالجساد وأطلعت إِنْسَان عين الْإِحْسَان بِدَلِيل كَونه لم يلمح إِلَّا فِي سَواد وَسجد لَهُ وَالسُّجُود فَرْضه لِأَنَّهُ ثوب التيجان وَقَبله والتقبيل حَقه لِأَن الْجنان تجَاوز مِنْهُ حور الْجنان كَيفَ لَا يفضل جوهرها بِأَن يفضل ويقابل حروفها بَان تقبل وَقد كتب النَّاس إِلَيْهِ وَكتب بِالْعينِ وَحصل النَّاس من هَذِه الصِّنَاعَة بعد حَرْب حنين على خَفِي حنين وفازت بِمَا أظهرت من ثروتها للنظار من النضار وَصحت لَهَا الكيمياء لِأَنَّهُ كتب بِشَطْر دِينَار سطراً بِأَلف دِينَار وَأَن لَهُ فِي نَهَارهَا بل فِي أنهارها سبح طَوِيل وَأَنَّهَا على خفَّة وَزنهَا وَقلة أسطرها لتكلف من الشُّكْر عبئاً ثقيلاً وَكَيف لَا تخف ميزَان الثَّنَاء على أَنَّهَا رجحته بذائب ذهب وَكَيف يضل وَفد الشُّكْر وَقد هدبه بذوائب لَهب وَقد نشره وطواه حَتَّى كَاد أَن يخلقه وأسام فِيهِ نَاظرا لَا يسأمه)

فَكَانَ آخر مَا يأمله أول مَا رمقه أَمْسَى لافتتانه يعبد مذْهبه على حُرُوفه أَو

ص: 213

على ورقه وورده إِذْ ورده فازداد عطشاً على كَثْرَة العل والنهل وأعشاه إِذا عشاه وَكَثْرَة النُّور يعشي نَاظر الْمقل

وَمِنْه مَا وصف بِهِ الْخيام فَقَالَ إِن الْخيام فقد بليت وَصَارَت أمشاجاً ورقت فخالطت كأس الْغَمَام مزاجاً وَلَقِيت مَعنا الشدَّة وَكَانَت شدتنا أَن رَأينَا بهَا انفراجاً وفيهَا من السَّمَاء رقاع وكأنما أَخذهَا فِي شقّ الثِّيَاب سَماع وَإِذا هبت الرِّيَاح فَهِيَ بتقدمها وتأخرها فِي نزاع حثيث وَنزع من الشَّيْطَان خَبِيث طلقتنا وَهِي بعد فِي حبالنا وظعنت وَهِي بعد فِي عقالنا إِن أرْسلت الرّيح آيَة ظلت أعناقها لَهَا خاضعة وَإِن قعدنا فِيهَا فعلى قَارِعَة الطَّرِيق وَهِي قَاعِدَة على طَرِيق القارعة وَإِن وَقعت لَيْلًا فَمَا لوقعتها الخافضة الرافعة بهَا للدهر جراح الإبر لَا تقطبها وَمِنْهَا على الدَّهْر أطلال تصدقها الْعين تَارَة وتكذبها قد فرجت سماؤها وانشقت وأذنت إربها وحقت لم يبْق فِي أدمها بشرة تعاتب وَلَا فِي صبرها سكَّة تجاذب كَأَنَّهَا وَأَخَوَاتهَا إِذا هبت الرِّيَاح المجرمون رَأَوْا الْعَذَاب وتقطعت بهم الْأَسْبَاب بِحَيْثُ يرى حماها نافضاً والعارض وَقد دخل عَلَيْهَا على الْحَقِيقَة عارضاً فعمدها الأغصان هزها البارح وشرائطها الشرار أطاره القادح أما إِذا نشأت السحائب فسلت سيوف برقها وسلسلت سيول ودقها فَإِنَّهَا أَمَام تِلْكَ السيوف جرحى ووراء تِلْكَ السُّيُول طرحى تود مَا ود ابْن نوح يَوْم لَا عَاص وتراها كبط المَاء وَنحن بَين غريق وعائم نَضْرِبهَا فِي كل يَوْم فَوق الْحَد ونأخذها فِي المصيف بِحَرب حر وَفِي الشتَاء بِبرد برد

وَمِنْه كتاب أصدره من بعرين وَهُوَ المستقر ببعرين حَيْثُ أخرجت السَّمَاء أثقالها وَفتحت من عز إِلَيْهَا أقفالها وركضت خيل الرعود لابسة من الْغَيْم جلالها ثوب اللَّيْل بِمَاء الْغَمَام غسيل وشبح الظلام بِسيف الْبَرْق قَتِيل وغراب الْأُفق فِي الجو باز لِأَنَّهُ فِي قَوس قزَح ناز وَكَأن عقارب الظلماء بالثلج أفاعي فَلْيَكُن ليل السَّلِيم وَكَأن مواقع الرَّعْد قواقع حلى على الغواني فَهُوَ لَا نَام وَلَا تنيم وَكَأن الصَّباح قد ذاب فِي اللَّيْل قطراً وَكَأن الْبَرْق لما سَاوَى بَين صدفي اللَّيْل وَالنَّهَار قد قَالَ آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطراً وَقد ابتل جنَاح اللَّيْل المغدق فَمَا يطير وَأَبْطَأ حمام الصُّبْح خلاف مَا يحياه فِي رِسَالَة نوح فَمَا يسير والرياح قد أعصفت فقصفت عيدَان نجد ورتمها وخيولها قد ركضت فِي السَّحَاب فَكَانَ الْبَرْق تحجيلها ورتمها فَأَما الْخيام الَّتِي قد)

نَضِجَتْ جلودها بإيقاد الشَّمْس واسودت ثمَّ نَضِجَتْ بدموع الْغَمَام فتراخت أجفانها بَعْدَمَا اشتدت فَمَا هِيَ إِلَّا أعين سَالَ مِنْهَا بالدموع كحلها وخيول دهم جلّ عَنْهَا بالرياح من الإطناب شكلها وَلَا يزَال الْخِصَام بَينهَا وَبَين الأهوية إِلَى أَن تشق الشَّاب من حرمهَا كَمَا شقها السَّحَاب من طربها وَنحن ندأب فِي عقد طنبها لنَدْخُل فِي عقد حسبها وهيهات سلبت فِي البيكار أشباحها وَخرجت بالرياح أرواحها فالشمس إِن طلعت ألْقى الشرق جامات تقر على العيان لَا دَنَانِير أبي الطّيب الَّتِي تَفِر من البنان وَمَا لاذت بجانبها

ص: 214

الرِّيَاح وأبت على الْأَطْنَاب من إرسالها فِي عنان الجماح إِلَّا أشبهت قطاة غرها شرك وَقد علق الْجنَاح وقداة هزها دَرك وَقد أَبَت البراح وَقد زَادَت السُّيُول إِلَى أَن صَار هَذِه الْخيام عَلَيْهَا فواقع وهمهم الرَّعْد قارياً فاستقلت قِيَامهَا بَين ساجد وَرَاكِع وَأَنا فِيهَا كعثمان فِي دَاره والخطب قد أَخذ فِي حصاره فَلَا يزَال ويل الثبل مفرقاً وَلَا أَزَال على نَفسِي من السَّيْل مخندقاً وَقد رَجعْنَا إِلَى النشأة الأولى فعدنا فِي هَذَا المَاء علقاً وَلَا كفران لله فَإِنِّي ملقى على طرق الطوارق ملقى مَا شَاب الْعَيْش من فِرَاق يشوب بالشيب المفارق وَمَا كنت أخْشَى أَن ينقلني الدَّهْر من دَرَجَة مجانيه المقتطفة إِلَى مدرجة مجاريه المجتحفة وَلنْ يرى أعجب مني ممحلاً وَأَنا أَشْكُو الغدران الغادرة ومجدباً أتظلم من ظلمات اللَّيَالِي الماطرة وَفتح الله بعرين وَإِن استجن مِنْهَا أَسد الْإِسْلَام بعرين وَأَنا بَرِيء مِنْهَا بِعَدَد رمل بيرين

وَمِنْه من جملَة كتاب ثمَّ وَردت فِي هَذِه السَّاعَة على الْعُيُون عُيُون مُوسَى فِي سَاعَة بَكت لَهَا عُيُون أم أَحْمد وَفِي هجير مَا يُوقد بالنَّار بل النَّار بِهِ توقد والجو يتنفس عَن صدر مسجور كصدر مهجور وَالْحر وصاليه فِي نَحْو هَذِه الطَّرِيق جَار ومجرور والمهامه قد نشر فِيهَا ملاء السراب وزخر فِيهَا بَحر مَاء ولد لغير رشدة وعَلى غير فرش السَّحَاب وحر الرمل قد منع حث الرمل وَنحن فِي أَكثر من جموع صفّين نَخَاف من الْعَطش وقْعَة الْجمل ووردنا مَاء الْعُيُون وَهُوَ كَمَا عُيُون المحابر يغترف المجرم مِنْهُ مثل عمله ويرسله فَلَا يُؤَدِّي الْأَمَانَة إِلَى غلله وَهُوَ مَعَ هَذَا قَلِيل كَأَنَّهُ مِمَّا جَادَتْ بِهِ الآماق فِي ساحات النِّفَاق لَا فِي سَاعَات الْفِرَاق وَلَو لم يكن مِمَّا جَادَتْ مَا كَانَ ملحاً طعمه نَافِذا فِي الْقُلُوب سَهْمه فيا لَك من مَاء لَا تتَمَيَّز أَوْصَافه من التُّرَاب وَلَا يعدو مَا وصف لَهُ أهل الْجَحِيم فِي قَوْله تَعَالَى وَإِن يستغيثوا يغاثوا بِمَاء كَالْمهْلِ يشوي الْوُجُوه بئس الشَّرَاب فَنحْن حوله كالعوائد حول الْمَرِيض بل)

الْمَيِّت يُجهز للدفن ونعشه المزاد ويحفر عَلَيْهِ ليقوم من قَبره وَذَلِكَ خلاف الْمُعْتَاد وَفِي غير من قد وَأَدت الأَرْض فاطمع فَمَا شِئْت من صارخ وصارخة وَابْن شمس وَهُوَ وَإِن لم يكن من مُضر فَإِنَّهُ ابْن طابخة وَكلما عصفت الرِّيَاح تعاهدها مِنْهُ نافخ وقابل صفحتها من صَحَائِف الْوُجُوه مَنْسُوخ وناسخ وكل لِسَانه كسباً بِهِ الْفرق وإصبع الْغَرق قد جَفتْ اللهوات من الأرياق وفدي بَيَاض المَاء بسواد الأحداق وسئلت الثماد عَمَّا عِنْدهَا واقتدح الْحفر زندها فَلَا حجر يبض وَلَا نقد مَاء ينض إِنَّمَا هِيَ يَد الْبَخِيل إِذا سُئِلت وَإِنَّمَا المؤودة وبيننا قتلت فَأَما الْقُلُوب فقد أوقد لظى أنفاسها وسلط سُلْطَان سوء الظَّن على وسواسها وخناسها وَلَا غرو فَإِن الْقُلُوب مَا بَرحت تتبع الْعُيُون على عَشِقَهَا وَمَا بَرحت الْعُيُون تقودها إِلَى حتفها وَهَذِه قُلُوبنَا الْآن منقادة لحكم هَذِه الْعُيُون منتظرة على يَدهَا الْمنون إِلَّا أَن مَاء قد كشف الغرب خبيئته وَزعم أَن الطير كَانَ ربيئته وَالله مَا عرفوه إِلَّا الْآن على أَنه لَو كَانَ دمعاً لما بل الأجفان أَو مَالا لما رفع كفة الْمِيزَان وَإِن امْرَءًا روحه فِي جلد غَيره وَهُوَ المَاء

ص: 215

الَّذِي فِي المزاد وخصمه غير نَفسه وَهُوَ النَّار الَّتِي فِي غير الزِّنَاد لجدير بِأَن يعزى بِهِ أعزاؤه وَأَن يلام على مُفَارقَة الأحباب وَيُقَال هَذَا جَزَاؤُهُ وَأَنا وَإِن كنت من الْحر فِي أجيج وَمن الْعرق فِي خليج كإنسان الْعين ظام ماتح غرق سابح فَإِنِّي إِلَى أَخْبَار حَضرته أشوق مني إِلَّا ذكر المَاء على مَا ذكرته من هَذِه الغلل وعَلى مَا اعترضنا فِي هَذِه الطَّرِيق من هَذِه الغيل وَلَو أَنه عللني بِكِتَاب لعلني بسحاب وَلَو أَنه زَاد طرفِي سَواد مداده لأعاد صبغة مَا غسلته بكارة من سوَاده وَلَو أَنه بعث الطيف لقدم لمسيره الطّرف جواد رقاده وَإِن كَانَ جواداً على النَّوَى برقاده

وَمِنْه فصل من كتاب يذكر فِيهِ الجرب وأشكو بعد قلبِي جسمي فقد ضعفت قوته وَقَوي ضعفه ونسجت عَلَيْهِ همومي ثوبا دون الثِّيَاب وشعاراً دون الشعار من الجرب الَّذِي عادى بيني وبيني وأنتقم بيَدي من جسمي وأستخدمها تحرث أرضه فَإِن لم يكن لأرضه عجاج فلي عجيج وَإِن لم يكن لي بذار فلي من الْحبّ ثمار وَإِن لم يكن لي سنبلة فلي أُنْمُلَة وَإِن لم يكن فِي كل سنبلة مائَة حَبَّة فَفِي كل أُنْمُلَة مائَة حَبَّة تأكلني وَقد كنت مسالماً لأعضائي إِلَّا سنا أقرعها فَمَا يَخْلُو زمن من مندماتي أَو إصبعاً أعضها فَمَا أَكثر مَا تَأتي بِهِ الْأَيَّام من غايظاتي والآن فقد زِدْت على الظَّالِم الَّذِي يعَض يَدَيْهِ فَأَنا أَقرع جَمِيع أعضائي وَكلهَا ثنيات وأعض على جوارحي وَكلهَا أنامل وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ والجرب هم)

للأجسام والهم جرب الْقُلُوب والفكر للقلب حك والحك للجسم فكر وَبِاللَّهِ ندفع مَا لَا نطيق يَا واهب الْعُمر خلصه من الكدر

وَمِنْه يصف مَا حصل لَهُ من النقرس وجالي فِي النقرس إِلَى هَذِه الْغَايَة الأَرْض من ذَوَات الْمَحَارِم مَا وطئتها برجلي وطرقها ضاحية مني مَا كسوتها ظِلِّي والمملوك قد وهنت ركبتاه وَضعف أطيباه وكتبت لَام ألف عِنْد قِيَامه رِجْلَاهُ وَلم يبْق من نظره إِلَّا شفافة وَمن حَدِيثه إِلَّا حَدِيث خرافة

وَمن كَلَامه فِي وصف المكاتبات الْوَارِدَة عَلَيْهِ وصلني كِتَابه فوصلني مِنْهُ مَا وصلني وَعرفت من بلاغته مَا جهلني وشربت من بَحر كَلَامه مَا شربني وأكلني وعلوت بِهِ قدرا على أَنه صهوة الْكَلَام استنزلني فَإِنَّهَا بَدَائِع مَا سر البلاغة قبلهَا بذائع ووقائع خاطر صفت صفاتها فَهِيَ الَّتِي رقته وروقته الوقائع وغرائب سهلت وجزلت فَتَارَة أَقُول جرْأَة نبع وَتارَة أَقُول جرية نابع قد ضمن الدّرّ إِلَّا أَنه كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب كلم وأحي حَيّ الأشواق إِلَّا أَنه كَمَا قَالَ أَبُو تَمام لَو مَاتَ من شغل بالبين مَا علم

ففديت يَدهَا وَقد مدت ظلاً كَاد يقصر ظلاً من الْخط وَالله قلمها الَّذِي طَال وأناف

ص: 216

مِنْهَا كَأَنَّهُ تحيفه القط قطّ

وَمِنْه وَمَا أَحسب الأقلام جعلت سَاجِدَة إِلَّا لِأَن طرسه محراب وَلَا أَنَّهَا سميت خرساً إِلَّا قبل أَن ينفث سيدنَا فِي روعها رايع هَذَا الصَّوَاب وَلَا أَنَّهَا اضطجعت فِي دويها إِلَّا ليبعثها أما ينفح فِيهَا روحه فِي مرقدها وَلَا سوددت رؤوسها إِلَّا لِأَنَّهَا أَعْلَام عباسية تداولتها الحضرة بِيَدِهَا لَا جرم أَنَّهَا تَحْمِي الْحمى وتسفك دَمًا وتتشح بهَا يَده عنانا ويرسلها فَيعلم الفرسان أَن فِي الْكتاب فُرْسَانًا وَيقوم الخطباء بِمَا كتبت فتعلم الْأَلْسِنَة أَن فِي الْأَيْدِي كَمَا فِي الأفواه لِسَانا وَلَقَد عجبت من هَذِه الأقلام تجز ألسنتها قطعا فَتَنْطِق فصيحة وتجدع أنوفها فَتخرج صَحِيحه وتجلى مليحة وَمَا هِيَ إِلَّا آيَة فِي يَد سيدنَا الْبَيْضَاء موسوية وَمَا مادتها فِي الفصاحة إِلَّا علوِيَّة وَلَوْلَا الْخلق لقَالَ علوِيَّة

وَمِنْه وَلَو ادّعى سحر الْبَيَان أَنه يقْضِي أيسر حُقُوقه ويثمر مَا يجب من شكر فورعه وعروقه لَكُنْت أفضح بَاطِل سحره وأذيقه وبال أمره وأصلب الخواطر السحارة على جُذُوع الأقلام وأعقد ألسنتها كَمَا تعقد الْحَسْرَة الْأَلْسِنَة عَن الْكَلَام)

وَمِنْه كتاب كريمي من حَيْثُ النِّسْبَة إِلَيْهِ كلمي من حَيْثُ نسبته إِلَى الْيَد الْبَيْضَاء من يَدَيْهِ مسيحي من حَيْثُ أَنه أَحْيَا ميت الْأنس محمدي منم حَيْثُ كَاد يكون بِمَا نفثه فِي روعي روح الْقُدس فَلَا عدمت مخاطبته الَّتِي تخلع على الْأَيَّام يَوْم الْعِيد وعَلى اللَّيَالِي لَيْلَة الْعرس فأبقاه الله للسان الْعَرَبِيّ فلولاه كَانَ مزوياً لَا مروياً ومدحوراً لَا مذخوراً ولولاه لحالت أحرفه عَن حَالهَا وأبت الفصاحة أَن تكون قَوَائِم الأحرف من آلاتها وَكَانَت تقعد أَلفه الْقَائِمَة وَتَمُوت باؤه النائمة وَيزِيد حَتَّى ظهر داله حَتَّى يلْحق بالرغام خدها ويغض وَحَتَّى تدرد أَسْنَان سينه فَلَا يبْقى لَهَا ناجذ عَلَيْهِ تعض

وَمِنْه وقف عَلَيْهِ وَالشُّكْر عَن الْمُنعم بِهِ غير وَاقِف بل وقف واستمطر مِنْهُ صوب الْغَمَام فَمَا انْقَطع وَلَا كف وكف وَأرى بُنيان تبيان لَو رَأَتْهُ المجارون لأبي بنيانهم من الْقَوَاعِد فجر عَلَيْهِم السّقف فَللَّه هُوَ من بليغ أَن قَالَ فَالْقَوْل عِنْده أَكثر يَوْم الْبَين من مَاء الطّرف وَإِن رام القَوْل غَيره فَهُوَ أقل عِنْده يَوْم الحنين من مَاء الطف

وَمِنْه من جَوَاب الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وظننته وحقق الله فِي الظَّن قد ارْتقى الْأَسْبَاب وَأخذ اللَّفْظ من الْقطر والقرطاس من السَّحَاب وَآمَنت بِصِحَّة رقِيه وتبينت الْتِقَاطه للنجوم حِين أوردهَا فِي بارع اللَّفْظ ونقيه قلت للْجَمَاعَة كَلَام التَّاج تَاج الْكَلَام وَالْملك فِي كِنْدَة وَكَانَت أقلامها سيوفاً وسيوفها الْآن أَقْلَام

وَمِنْه فوقفت مِنْهُ على طرف الطّرف وتحفة الطّرف وكدت أعبده مِنْهُ على حرف وكل جرف ذَلِك الْحَرْف وَلَوْلَا إشفاقي أَن يفْطن الدَّهْر لمكانه من قلبِي وخوفي أَن أعرفهُ

ص: 217

بحسنته مِنْهُ فأغريه مِنْهَا بِدفع أوزار حَرْبِيّ لَقلت قولا يغض الْأَوَّلين والآخرين من هَذِه الصِّنَاعَة وأنفدت فيهم سهاماً لَا تَحْمِي شَاعِرًا مِنْهُم صَخْرَة وَجه وَلَا كَاتبا درع دراعه وَمَا هِيَ إِلَّا آيَات كل وَاحِدَة أكبر من أُخْتهَا وفكر مرزوقة فِي أَيَّام الْجمع كلهَا إِذا أَتَت الْفِكر أرزاقها يَوْم سبقها

وَمِنْه كتب كَرِيمَة كَادَت ألفاظها تتبسم ومعانيها تَتَكَلَّم وكادت حروفها تكون أناسي لعين المسار وكادت سطورها تحلي عرائس وَعَلَيْهَا من الشكل حلي وَمن النقط نثار

وَمِنْه كتاب سني الْمعَانِي سني القوافي وَحقّ سينه أَن يخلص لَهَا الإقبال وَالسِّين تصْحَب الْفِعْل فتخلصه للاستقبال وَهَذَا أفق لَا مطار فِيهِ إِلَّا للعقاب وَابْنه وبحر لَا سبح فِيهِ إِلَّا لمن)

يخرج الدّرّ من فِيهِ وَيدخل الْبَحْر فِي ردنه وَمَا عنيت هَاهُنَا بالبحر إِلَّا يَده الْكَرِيمَة فَأَما الْبَحْر فَلم أعنه

وَمِنْه كتب الْمجْلس روح وأتاح فريه وَلَا بَرحت أقلامه سلَاح أوليائه على الزَّمن إِذا خَافُوا حربه تؤنس راجيها وتؤنس مجاريها وتخضب بهَا السّمع ويتظاهر بهَا النَّفْع لَوْلَا أَنَّهَا تغير علينا شيمنا فتخلق فِيهَا الْحَسَد وتشد أَيْدِينَا إِذا تعاطينا المجاراة بِحَبل من مسد

وَمِنْه وَسَيِّدنَا مَا بعد بَيَانه بَيَان وَبَين فَكَّيْهِ سيف وَبَين فكي كل إِنْسَان لِسَان فَقولِي يَا أقلامه فقد خرست فِي الغمود المناصل وتبختري يَا تغلب ابْنة وَائِل فقد أعْطى التقدمة من البلغاء وهم صاغرون وأفلح الْمُعْتَرف بفضله وَقد علم أَنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ

وَمِنْه وَلَكِن اعتزل النَّاس السماك الأعزل وارتفع أهل الدرج الْعليا وانخفض أهل الدَّرك الْأَسْفَل وضيع النَّاس السِّهَام وأصبت أَنْت بواحدها المقتل فَأَنت الرَّامِي وَغَيْرك الرائم وَأَنت الحامي وَغَيْرك الحائم وحروفك الأزهار وكتبك الكمائم وقلمك الساقي وخاطرك الغمائم وبقولك يضن ويغالي وَإِذا قلت يَا خيل الأقلام ارْكَبِي مَلَأت الأَرْض تصهالاً وصيالاً ونفرت إِلَيْك الْمعَانِي خفافاً وثقالاً وأذنت فِيهَا بِالْحَجِّ فَأَتَت ضمائر على كل ضامر ورجالاً وَأَنت الْحَاضِر والغيث الْحُضُور وَأَنت السَّيِّد وَغَيْرك الحصور والأسماع إِلَى مَا تَقول فِي دمشق صور وَلَو قدحت المَاء لاستطار شراراً وَلَو أجرت ورد الخد لَكُنْت لَهُ من بنفسج العذار جاراً

وَمِنْه ووقفت على الميمية فأطاف بِهِ مِنْهَا الطوفان وحياه مِنْهَا الرّوح وَالريحَان وَهِي مِمَّا أملاه ملك إِن كَانَ يملي الْأَشْعَار شَيْطَان وَعَجِبت لاطراد تِلْكَ القوافي وَرَأَيْت الشُّعَرَاء أَتَت بِمَا ألفت فِي ضيق الأودية وخاطره وقلمه أَتَيَا بِمَا ألفيا فِي الفيافي وكل بَيت مِنْهَا بديوان كَمَا أَن قَائِلهَا إِنْسَان يعد بِأَلف إِنْسَان كَمَا أَن قلمه قصير فَمَا جدع أَنفه إِلَّا ليَأْخُذ ثأر

ص: 218

الْقَلَم من السنان

وَمِنْه وارتحت لما امتحت على بعد أرضي من غمامه وداويت الْقلب الدوي من آلامه بلمامه وَأعَاد عَليّ زمن رامة كَمَا هُوَ بآرامه وأطلع عَليّ مطالع الْأَهِلّة وَمَا الْأَهِلّة وَهل هِيَ إِلَّا قلامة أقلامه

وَمن كَلَامه)

وَأَنْتُم يَا بني أَيُّوب لَو ملكتم الدَّهْر لأمطيتم لياليه أداهم وقلدتم أَيَّامه صوارم ووهبتم شموسه وأقماره دَنَانِير ودراهم وأيامكم أعراس وَمَا تمّ فِيهَا على الْأَمْوَال مآتم والجود فِي أَيْدِيكُم خَاتم وَنَفس حَاتِم فِي نقش تِلْكَ الْخَاتم

وَمِنْه ونزلنا قلعة كَوْكَب وَهِي نجم فِي سَحَاب وعقاب فِي عِقَاب وَهَامة لَهَا الغمامة عِمَامَة وأنملة إِذا خضبها الْأَصِيل كَانَ الْهلَال لَهَا قلامة

وَمِنْه وَالْفضل والفصل اللَّذين وردا بالإسهاب والإيجاز والجميل المخلد الذّكر فَإِنَّهُ تَنْجِيز وعد الخلود وَإِن جَازَ فِيهِ إنجاز

وَمِنْه وَعرفت الإنعام بِالْخلْعِ وَمن تكفل فِي مَوَاقِف المناظرة بطي لسانها تكفلت لَهُ المملكة بِأَن يزهى بطيلسانها وأحلته من سَواد الْخلْع فِي خلعة إنسانها

وَمِنْه واطلعت شرف الْأَرْبَعين وَمَا تركت سرف الْعشْرين وَقلت للنَّفس إنساني نيسان مَا تشرين لتشرين

وَمِنْه وأوحشني قَوْله إِنِّي بعثت بِالْكتاب مستأذناً وَكَيف يرى فِي معشر طلبته بالحقوق لأستاذنا

وَأما شعره فكثير وَتقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ وَكله قصائد مُطَوَّلَة ومعانيه مَعَاني الْكتاب لَا مَعَاني الشُّعَرَاء فَلذَلِك قل دوره على الْأَلْسِنَة وَمن شعره مَا هُوَ مَشْهُور السَّرِيع

(بتنا على حَال يسر الْهوى

وَرُبمَا لَا يحسن الشَّرْح)

(بوابنا اللَّيْل فَقُلْنَا لَهُ

إِن نمت عَنَّا هجم الصُّبْح)

وَمِنْه الْكَامِل

(بِاللَّه قل للنيل عني إِنَّنِي

لم أشف من مَاء الْفُرَات غليلا)

(وسل الْفُؤَاد فَإِنَّهُ لي شَاهد

إِن كَانَ جفني بالدموع بَخِيلًا)

(يَا قلب كم خلفت ثمَّ بثينة

وأعيذ صبرك أَن يكون جميلا)

وَمِنْه الْبَسِيط

(وَكَيف أَحسب مَا يُعْطي العفاة وَمَا

حسبت الَّذِي مَا زَالَ يعطيني)

ص: 219

(الْكتب تشكره عَنَّا وَلَا عجب

مَا تشكر السحب إِلَّا بالبساتين)

وَمِنْه الْكَامِل)

(للنَّاس أَغْصَان وَقد يجنونها

وعلقت غصناً دونهَا وجنان)

(وَيَد النسيم كَرِيمَة عِنْدِي بِمَا

شرع التعانق فِي غصون البان)

(وعَلى الْأَحِبَّة من عداهم رَقَبَة

وعَلى الحمائم رَقَبَة الأغصان)

(وَالرِّيح تَحت الطير تجْرِي خيلها

وَالطير يمسك غصنه بعنان)

(ويهزني كالغصن خمر غنائه

فَأَقُول هَل غناهُ أَو غناني)

وَمِنْه المتقارب

(وأغيد لما رجا عتبنا

تبدى على الخد مِنْهُ شفق)

(صفا فَوق خديه خمر الصِّبَا

فَكَانَ الْحباب عَلَيْهِ الْعرق)

(إِلَى الله أَشْكُو فكم حَادث

طرا فِي هَوَاهُ وخطب طرق)

(ضعيفين من جفْنه والوداد

فليت الضَّعِيف لضعفي رق)

(وصعبين من لوعتي والوصال

فَلَا تِلْكَ هَانَتْ وَلَا ذَا اتّفق)

(وماءين من وَجهه والعيون

وَهَذَا أَقَامَ وَذَاكَ اندفق)

(ونارين فِي خَدّه والقلوب

سناها لغيري وَعِنْدِي الحرق)

وَمِنْه الْبَسِيط كم بت أسرِي على ظهر الكؤوس إِلَى أَن أصبح الدن فِي آثارها طللا

(فَاسْأَلْهُ لَا تسْأَل الأطلال حادثه

فالدن من أنطق الأطلال أَن يسلا)

(أما الشَّبَاب فأبكاني برحلته

فَقَالَ إِن كنت تنعي فابك من رحلا)

(فَقلت هَل بعْدك الْأَيَّام وَاسِعَة

أَو لَا فقد جَاءَنِي مَا ضيق السبلا)

وَمِنْه من وصف قصيدة الطَّوِيل

(يَد الْجُود عِنْدِي من يَديك عَظِيمَة

وَأعظم مِنْهَا عِنْدِي الْحَمد وَالشُّكْر)

(ومجلسك الْأَعْلَى المطهر مَسْجِد

فَمَا قلت خُذْهَا خيفة أَنَّهَا خمر)

وَمِنْه الْكَامِل المجزوء والمدن إِن رَجَعَ الْمُسَافِر أَو إِذا خرج الْمُسَافِر

(مَا استقبلته وودعت

هـ المدن إِلَّا بالمقابر)

ص: 220

وَمِنْه الطَّوِيل)

(فَلَا تمكن الْأَيَّام من أَن تمسني

فمهما تمس الْحر مسته بالضر)

(وَأَنت بِحَمْد الله أعدل حَاكم

فَلَا ترفعن الْحجر عَن سفه الدَّهْر)

وَمِنْه الطَّوِيل

(وَمَا ألسن الراوين إِلَّا صوارم

كَمَا أَن أَعْرَاض اللئام رِقَاب)

(فَلَا تنكروا الأنفاس فَهِيَ دِمَاؤُهُمْ

وَلَا تنكروا الأقلام فَهِيَ حراب)

وَمِنْه الطَّوِيل

(تلق ضِيَاء الصُّبْح فَهُوَ أرايحي

وشم نسيم الرَّوْض فَهُوَ سلامي)

(وَإِن زَاد مَاء النّيل فَهُوَ مدامعي

وَإِن هاج وَقد القيظ فَهُوَ ضرامي)

وَمِنْه فِي وصف الْخمر الطَّوِيل

(لَهَا منن تصفو على الشّرف أَربع

وَوَاحِدَة لَوْلَا سماحتها تَكْفِي)

(سرُور إِلَى قلب وتبر إِلَى يَد

وَنور إِلَى عين وعطر إِلَى أنف)

(وَلما رَأينَا ياسمين حبابها

مددنا يَمِين القطف قبل يَد الرشف)

وَمِنْه الْكَامِل

(من لي بِوَجْهِك والشباب وثروة

والأمن من دهري وَمن أبنائه)

(وَيْح الْمُحب وَقَلبه وحبيبه

ورقيبه والدهر من أعدائه)

(وَيَمُوت بالداء الَّذِي فِي قلبه

وَيخَاف من علم الطَّبِيب بدائه)

(وعذوله وَكَفاهُ هم عذوله

وَالْمَوْت مِنْهُ وَمن تفلسف رائه)

جرى عِنْده يَوْمًا ذكر حب الصَّغِير فَإِن الْقلب للضيق رُبمَا ضَاقَ عَنهُ فارتجل فِي الْحَال وَقَالَ السَّرِيع

(طِفْل كَفاهُ الْقلب دَارا لَهُ

كَأَنَّمَا الْقلب لَهُ قالب)

(كيوسف الْحسن وقلبي لَهُ

سجن وَمَا ثمَّ لَهُ صَاحب)

(أصبح وَالْقلب لِبَاس لَهُ

لَا قَاصِر عَنهُ وَلَا ساحب)

(وَهُوَ كعيني وَهُوَ إنسانها

وَهِي لَهُ من خَارج حَاجِب)

وَمن شعره السَّرِيع

(يبش من هون لأقدارهم

وَالسيف فِي الروع يرى هشاً)

)

(كَأَنَّمَا أسيافه فِي الوغى

طير ترى الْهَام لَهَا عشا)

ص: 221

وَمِنْه الْخَفِيف

(عللوني عَن الشآم بذكرى

أَن قلبِي إِلَيْهِ بالأشواق)

(مثلته الذكرى لسمعي كَأَنِّي

أتمشى هُنَاكَ بالأحداق)

قلت هُوَ من قَول الشريف الرضي الْخَفِيف فَاتَنِي أَن أرى الديار بعيني فعلي أرى الديار بسمعي وَهَذَانِ البيتان غَرِيبَانِ من القَاضِي الْفَاضِل فَإِنَّهُ مَا كَانَ يُؤثر الشَّام وَلَا يُحِبهُ وَله فِي نثره عجائب من ذمّ دمشق لَكِن هَذَا الْمَعْنى من مَعَانِيه وَهَذَا النَّفس من أنفاسه وَمِنْه الطَّوِيل

(أفيكم لهَذَا الْحسن بِاللَّه مُنكر

فَإِن كَانَ فالأعمى الَّذِي لَيْسَ يبصر)

(تودي إِلَى قلب الْفَتى نغماته

هوى غير مَا كَانَت بِهِ الْعين تشعر)

(هِيَ الكأس مَا دارت بكف على فَم

فبالسمع نسقاها وبالقلب نسكر)

(فيا لَك من در من اللَّفْظ مقتنى

وَيَا لَك من خمر من اللحظ تعصر)

(يمجمج ألفاظاً بخمرة رِيقه

سكارى الخطا فِي ذيلها تتعثر)

وَمِنْه الْخَفِيف تعس الْكَاتِب الشقي فَمَا أِشقاه بِالْأَمر بَين هذي الخليقة خير أَيَّامه وَلَا خير فِيهَا يَوْم يلقى من بكرَة وَجه ليقه والدراريع فخره وَهُوَ مِنْهَا فِي ثِيَاب من صَدره مشقوقه وَمِنْه الْبَسِيط

(الْغُصْن تثمره الأغصان من بَان

وكل غُصْن يحيينا ببستان)

(مُبشر جلنار الوجنتين بِمَا

رباه فِي الصَّدْر من أَطْفَال رمان)

(إِنِّي لأخشى على ورد بوجنته

من أَن يسبخه خطّ بريحان)

وَمِنْه الطَّوِيل

(نديمي هيا قد قضى النَّجْم نحبه

وهب نسم ناعم يوقظ الفجرا)

(وَقد أَزْهَر النارنج أزهار فضَّة

تزر على الْأَشْجَار أوراقها الخضرا)

وَمِنْه الْكَامِل)

(من ثغره وحليه ونسيمه

مَا لَا يقوم بكتمه الظلماء)

(وَمَتى يفوز بِمَا تمنى عاشق

وَجَمِيع مَا يهوى لَهُ أَعدَاء)

ص: 222

وَمِنْه الطَّوِيل

(وَلما مَرَرْنَا بالرسوم تنفذت

بهَا للهوي فِي العاشقين المراسم)

(بكينا فَغطّى الدمع أنوار أعين

وَمن عجب أَن الدُّمُوع كواتم)

وَمِنْه الْبَسِيط

ص: 223

(الصمت أسلم لَكِن إِن أردْت دمي

أَن لَا يفِيض فسامحني أفض كلمي)

(بيني وَبَين وجودي الله يحكم لي

عَلَيْهِ يَا لَيْتَني لَا شَيْء فِي الْعَدَم)

(وَلَا حَدِيثي وَلَا دهري أحادثه

وَلَا همومي وَلَا وهمي وَلَا هممي)

(وَلَا حسامي الَّذِي للعجز أغمده

وَلَا أجرد فِي الشكوى سوى قلمي)

(وَلَا اللَّيَالِي الَّتِي نيرانها انقدت

بالفكر لم يعل فِي الدُّنْيَا سوى علمي)

(الشَّرّ فِي يقظتي بِالْعينِ أبصره

وَالْخَيْر بِالْقَلْبِ قد أَلْقَاهُ فِي حلمي)

وَمِنْه الطَّوِيل

(قدمت علينا بالبشاشة والندى

ففجر إِلَى ليل ومزن إِلَى قفر)

(ووافيت من لين الْخَلَائق والظبا

بأسهل من مزن وأخشن من صَخْر)

(فَللَّه مَا ألبست ذَا الدّين من على

وَللَّه مَا ألبست ذَا الْملك من فَخر)

(بِجَيْش إِذا مَا النَّقْع أبدى حديده

حسبتهم قد نصلوا السمر بالزهر)

(إِذا اشتجرت راياتهم وتألفت

طيور إِلَيْهِم قلت حنت إِلَى وكر)

(أسيدنا إِن جِئْت فِي الدَّهْر آخرا

فقد جَاءَ عيد الْفطر فِي آخر الشَّهْر)

(وَتمّ لي التَّمْثِيل فِيمَا ذكرته

وَقد جَاءَ عيد النَّحْر فِي آخر الْعشْر)

وَمِنْه الْبَسِيط

(يَا لمْعَة الْبَرْق وَيَا هبة الرّيح

روحي بجسمي إِلَى من عِنْدهم روحي)

(خدي لَهُم من سلامي عنبراً عبقاً

وأوقديه بِنَار من تباريحي)

(ناشدتك الله إِلَّا كنت مخبرة

عني بِأَنَّهُم ذكري وتسبيحي)

وَمِنْه الْكَامِل)

(والشمع فَوق الْبَحْر تحسب إِنَّه

من لجه قد أطلع المرجان)

(وَالْمَاء درع والشموع أسنة

وَلها إِذا خَفق النسيم طعان)

وَمِنْه الْبَسِيط

(أَشْكُو إِلَيْك جفوناً عينهَا أبدا

عين تترجم من نيران أحشائي)

(كَأَن إنسانها وافى بمعجزة

فَكَانَ من أدمعي يمشي على المَاء)

وَمن شعره مِمَّا نقلته من خطه الطَّوِيل

(أيقطع صرف الدَّهْر مني بَعْدَمَا

علقت بِحَبل من حبال مُحَمَّد)

(جرى أملي بالنجح لما لَقيته

إِلَى موعد لم أثن عَنهُ بموعد)

(عشوت إِلَى نَار تلقى بقوله

تَجِد خير نَار عِنْدهَا خير موقد)

(كَأَن اللَّيَالِي فِي كَفَالَة جوده

فَإِن تعذلي خيرا فَمن يَده يَدي)

ص: 224

(فدى لَك من يدعى فَلَا ينْطق الصدى

ويورد مَعْنَاهُ فَلَا ينقع الصدى)

(رَأَيْنَاك فِي العلياء طلاب أنجم

إِذا افتخرت يَوْمًا بطلاع أنجدي)

(وَكم عدتم إِن الشجَاعَة متجر

بِهِ رق مِنْهَا من ضراب مهند)

(تَعَالَى الَّذِي أجْرى على كفك الندى

وَترْجم عَنهُ مَا على وَجهك الندي)

(فَمن همة تعلو على هام جبهة

وَمن قدم يخطو على فرق فرقد)

(أسيدنا والسودد اسْم مفحم

ولولاك لم نظفر بِأَفْعَال سَيِّدي)

(سَيَأْتِيكُمْ شكري على الْبعد عَنْكُم

وَرب مغيب شَاهد لي بمشهد)

(وأذكر أَيَّامًا لديك جميلَة

وَمن يلق مِنْهُ الْحَمد لاقيه يحمد)

(وَإِن أنصرف لم ينْصَرف حمد مجدكم

وَفِي الْحَمد مَصْرُوف وحمديك أَحْمد)

(أجد رحيل الْيَوْم يَوْم منيتي

وَكَانَ لقائي أمس سَاعَة موردي)

(وَمن لي من بعد الرحيل برجعة

وَمن لي وَقد جد الرحيل بمورد)

(وَمَا أسفي إِلَّا على النَّفس الْهوى

إِذا طرف عين ناهزك بمرود)

(وينشر عني إِن ذكرت لَهَا غَدا

وَغدا يستجر الدمع خوف نوى غَد)

(هم وطئوا فِي سرة الأَرْض مقعدي

وهم رفعوا إِلَى قمة النَّجْم مصعدي)

(وَلَو أنني يَوْمًا جحدت جميلهم

قرت يَدي مِنْهُ بِمَا تمّ فِي يَدي)

)

مِنْهَا

(مغاني معَان لَو رَأَتْ عين معبد

مجالتها أصبحن معبد معبد)

(يصادم قلبِي الْهم والهم صَخْرَة

وَيَا جلمد أَلْقَاهُ مِنْهُ بجلمد)

(وأبلغ مَا لَا يبلغ الْجهد وادعاً

وأغنى كَمَا يغنى العديد بمفرد)

(وصبحة يَوْم الوجد أَنِّي مجتدا

وَلم يدر يَوْم الْفقر أَنِّي مجتدي)

(وأقصد مَا لَا يخجل الْحر قَصده

وَلَا عَار إِن لم ينجح الدَّهْر مقصدي)

(وبالنفس قارنت العلى وَلَو أنني

قعدت بهَا لاستنهض الدَّهْر محتدي)

(وأقتل من ناويت بِالسَّيْفِ مغمداً

وَإِن كَانَ يلقاني بِسيف مُجَرّد)

(وَإِن رجوعي عَنْك قره أعين

لقوم وَفِي قوم حرارة أكبد)

(مَوَاقِف رَأْي لَو رأتها غزيَّة

لعض دُرَيْد يَوْم عض بأدرد)

(وهيهات مني أَن أَعُود إِلَيْكُم

أرث جَدِيد الْحَبل من أم معبد)

(فَلَا تعجبوا إِن خبت فيهم فَإِن أخب

فَتلك سَبِيل لست فِيهَا بأوحد)

(وَقُولُوا لنجم الدّين عني رِسَالَة

دعوتك للجفن القريح المسهد)

(وللعين عِنْد النَّجْم أعظم رَاحَة

وَهل أنست إِلَّا بِهِ فِي التفرد)

(فيا لسهام الدَّهْر كلي مقَاتل

فَلَا تتحري فِي أَن تتعمد)

(إِذا وَردت تِلْكَ الأكف على الضنى

فهيهات أَن اشفي الغليل بجلمد)

وَمِنْه قَوْله الوافر

(لعينيه على العشاق إمره

وَلَيْسَ لَهُم إِذا مَا جَار نَصره)

(فَأَما الهجر مِنْهُ فَهُوَ إلْف

وَأما الْوَصْل مِنْهُ فَهُوَ ندره)

(إِذا مَا سره قَتْلِي فأهلاً

بِمَا قد سَاءَنِي إِن كَانَ سره)

(تلفت بِشعرِهِ وَسمعت غَيْرِي

يَقُول سلمت من تلفي بِشعرِهِ)

(وَقد خدعتك ألحاظ مراض

وتمم بالفتور عَلَيْك سحره)

(فيا حذر البصيرة كَيفَ حَتَّى

وَقعت كَمَا رَأَيْت وُقُوع غره)

(فَإِن الْحَرْب تزرعها بِلَفْظ

ون الْحبّ تجنيه بنظره)

(وَبعد فَإِن قلبِي فِي يَدَيْهِ

فَإِن هُوَ ضَاعَ مِنْهُ أذاع سره)

)

(وَأعظم حسرة أَنِّي بدائي

أَمُوت وَفِي فُؤَادِي مِنْهُ حسره)

ص: 225

(لقد جمع الْإِلَه لناظريه

بنضرة خَدّه مَاء وخضره)

(وحمرته بِمَاء الْعين تذكى

وَمَا جَفتْ بهَا للشعر زهره)

(فإبريق المدام بريق فِيهِ

وَلم أشْرب فَكيف وجدت سكره)

(وَعِنْدِي أَنه لبن وخمر

وَقَالَ حسوده مَاء وجمره)

(يروع قرطه من بعد مهوى

فَإِن يرعد فقد أبديت عذره)

(وَلَوْلَا جوره مَا كَانَ ظلما

يغلظ ردفه ويرق خصره)

(وَلَوْلَا بخله مَا كَانَ نظمي

لَهُ شفتان تستلمان ثغره)

(وأعجب من ذبولهما ظماء

وَقد منعا الورى من ورد خمره)

(سقا روض العقيق بِفِيهِ خمر

وَقد زَان الْبيَاض سَواد طره)

(سقا روض العقيق بِفِيهِ خمر

وَكَانَ النبت بعد السَّقْي دره)

(فيا شمساً تبدت لي عشَاء

وَيَا قمراً وَلَيْسَ يغيب بكره)

(إِذا استخدمت فِي الأفكار سري

وَمَا أطلقت لي بالوصل أجره)

(وَقد ضمن اغترامي عَنْك صبري

وَكم من ضَامِن يبْلى بكسره)

(وَلم أره على الْأَيَّام إِلَّا

عقدت محبَّة وحللت صره)

(وَلَا عاتبته إِلَّا ثناه

على الغيظ وَهُوَ عَليّ شفره)

(وَلَا استمطرت سحب الْعين إِلَّا

بقيت بأدمعي فِي الشَّمْس عصره)

(بَكَيْت عَلَيْك يَا مولَايَ حَتَّى

صرعت وَلَيْسَ فِي عَيْني قطره)

(وَكم زمن نواصله وَكُنَّا

نقُول لذاك كَيفَ قطعت شعره)

(صببت عَلَيْهِ لما زَاد دمعي

فَأنكرهُ فَقلت المَاء نثره)

(وخوفني من الأوزار فِيهِ

وَمن لمحبه لَو نَالَ وزره)

(وحلمني هَوَاهُ فصرت فِيهِ

أسامح كل من لحقته ضجره)

(بدا بَدْرًا جلاه ليل شعر

وَقد أهْدى لَهُ الشَّفق المزره)

(وَجُمْلَة مَا أُرِيد بِأَن يراني

مَكَان الْخَيط مِنْهُ وَهُوَ إبره)

(فَقلت لَهُ وَقد أحرقت جسمي

وَأَنت بِهِ فَكيف سكنت سره)

)

(فَلَو قبلتني وَقبلت مني

فَقَالَ أَخَاف بعد الْحَج عمره)

(تميدن خَدّه من وَقع لثمي

وصولح صُدْغه وَالْخَال أكره)

ص: 226

(إِذا عاينته وبدا رقيبي

فيا لَك حمرَة نسجت بصفره)

(أَرَانِي كنت فِي وَطن التصابي

وأشعار المشيب دَلِيل سَفَره)

(وَمَا أخصبت يَا نور الأقاحي

وَإِن أجدبتني إِلَّا لمطره)

(وينهرني نَهَار الشيب زجرا

وليل شبيبتي قد كَانَ ستره)

(وَإِن رابتك أقوالي فَإِنِّي

حملت وقاره وحملت وقره)

وَلَيْسَ يجوز الْأَيَّام إِلَّا التخيل والتخيل للمسرة

(وخل لَا يخل بِشَرْط ودي

وَلَا يُبْدِي لعينك وَجه عذره)

(وَبَعض الْحلم فِي الْأَوْقَات جهل

ويعجبني الْحَلِيم وَلَو بمره)

(وَكم قد مر فِي سَمْعِي ملام

أخذت لبابه وَتركت قشره)

(وَمَا فِي الأَرْض أشعر من أديب

يَقُول الشّعْر فِي البخلاء سَخَّرَهُ)

(يروقني الْكَرِيم وَلَو بفلس

وَلَا أَهْوى الْبَخِيل وَلَو ببدره)

(وكل مذاقة تحلو وتحلى

سوى طعم السُّؤَال فَمَا أمره)

(مَرَرْت على حطام من حطام

ويملكني الصّديق بِحسن عشره)

(وَأما سوء حظي من صديقي

فَذَاك من الرسوم المستقره)

(حفظت عهوده وأضاع عهدي

وَلم يَك لي بطرق الْغدر خَبره)

(وَكم آمنته خدعي ومكري

وَلم آمن خديعته ومكره)

(بذلت لَهُ على العلات خيري

وَلَكِن مَا كفاني الله شَره)

(وَمَا أدخلت نَار الهجر قلباً

بَقِي من حبه مِثْقَال ذره)

(سترجعه لي الْأَيَّام طَوْعًا

وتعطفه التجارب وَهُوَ مكره)

(لي الثِّقَة الَّتِي مَلَأت يَمِيني

من الثِّقَة الَّذِي أمليت شكره)

(أَذمّ الدَّهْر من ذمِّي بمدحي

وذم خَلِيله من ذمّ دهره)

(رَبِّي رئاسة وَأبي نفس

وَرَأس سيادة وَأمين حَضَره)

(من الْقَوْم الَّذين لَهُم حَدِيث

إِذا نشر استطاب الْمسك نشره)

)

(وُجُوه رئاسة لَهُم وُجُوه

وَستر الْجُود فِي تِلْكَ الأسره)

(تفانوا فِي سَبِيل الْمجد لَكِن

لَهُم ذكر أَطَالَ الله عمره)

(لقد أحببته سلفا رميماً

فَعَاد لأثره فِي الْمجد أَثَره)

ص: 227

(وَمَا أخْشَى عَلَيْك عثار سبق

أيخشى نير الْآفَاق عثره)

(وعثر السَّمْح لمح فارتقبها

حظوظاً أَبْطَأت لتجي بكثره)

(وَقد تتضاعف الأنواء جدا

إِذا الأقمار كَانَت مستسره)

(وللأيام فِي الحكم اخْتِلَاف

وهم عَشِيَّة يمحى ببكره)

(فيا من سره مني قصوري

إِذا الْمَسْبُوق يُوضح مِنْك عذره)

(حسبت كِتَابه خداً صقيلاً

ذكرت عذاره فلثمت سطره)

(وَشعر مَا حسبت أخف روحاً

وأثقب زهرَة وأغض زهره)

(جلاه عَليّ فِي أَثوَاب ليلِي

فابصر مِنْهُ ليل الْهم فجره)

(وفجرت البلاغة مِنْهُ بحراً

أردْت عبوره فَخَشِيت عبره)

(إِذا غرق امْرُؤ فِي سيف بَحر

فَلَا تذكر على شفتيك قَعْره)

(ألذ من الرِّضَا من بعد سخط

وأعذب من وصال بعد هجره)

(وَكم من شَاعِر إِن قَالَ بَيْتا

حكى مَيتا وَكَانَ الطرس قَبره)

(قَلِيل اللَّفْظ لَكِن فِي الْمعَانِي

إِذا حصلتها بِالنَّقْدِ كثره)

(وَيُؤْنس ثمَّ يؤيس مثل بَحر

ترَاهُ فيستهين الْغمر غمره)

(وَفِي شعر الورى غر ودهم

وَهَذَا كل بَيت مِنْهُ غره)

(قواف شاردات طالعات

لإمرة قَادر لم تعص أمره)

(وَجئْت بهَا على قدر فَجَاءَت

ترينا مِنْك فِي التَّقْدِير قدره)

(وَلَيْسَ كمن يُغير على الْمعَانِي

فَإِن ظهر ادّعى بِالنَّقْدِ غره)

(رَقِيق الطَّبْع مرهفه فَأَما

خواطره فَمثل السَّيْف خطره)

(وَقد عرف الْأُمُور وعرفته

فَصَارَ لَهُ بعقبى الْأَمر خَبره)

وَمَا يخفي غناهُ عَن صديقولكن مَا أرَاهُ أرَاهُ فقره

ص: 228

(جَزَاك الله خيرا عَن صديق

بتَخْفِيف الأسى أثقلت ظَهره)

)

(عرائس يجتليها وَجه نقدي

فتنقد من صفاء الود مهره)

(لَئِن سهلت لقد صعبت وأضحت

كروض دونه الطرقات وعره)

(فَلَا تَعْتَد كل النّظم شعرًا

فتحسب كل سُودًا مِنْهُ تمره)

(تعلة حَاضر ونشيد سفر

ومرشف ناهل وأنيس فقره)

(تخْفض فَتْرَة الأفكار عني

وَكم دبت لَهَا بالسكر فتره)

(فَخذهَا بنت لَيْلَتهَا ارتجالاً

وَلَكِن أَصبَحت شَمْطَاء سحره)

(لَئِن طَالَتْ لقد طابت وراقت

على نظر الخواطر حسن نظره)

(وسارت أَو غَدَتْ للنجم نجماً

فطيرها وأوقع ثمَّ نسره)

(تعرفنِي إِلَيْهِ وَلَا أرَاهُ

وتعقد لي من الْفُضَلَاء أسره)

(عقائل سنّ شرع الشّعْر أَنِّي

أَب من شَاءَ كنت بِهن صهره)

(ملكت قيادها بِيَمِين فكري

وَلَقَد عتقت لوجه الْمجد حره)

(أَطَالَ الله عمرك فِي سعود

تجر ذيولها فَوق المجره)

سَأَلَ شرف الدّين شيخ الشُّيُوخ عبد الْعَزِيز الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ بعض أَصْحَابه مُعَارضَة هَذِه القصيدة فَقَالَ ارتجالاً الوافر

(لعَيْنِي كل يَوْم فِيك عبره

تصيرني لأهل الْعِشْق عبره)

(فعسجد جفنها لَا نقص فِيهِ

وَكم جهزت مِنْهُ جَيش عسره)

(إِذا غفل الوشاة أسلت دمعي

فيغدو مُرْسلا فِي وَقت فتره)

(زِيَادَة صبوتي نقصت ملامي

وكفت زيده عني وعمره)

(عَلامَة شقوتي فِي الْحبّ أَنِّي

ثقلت عَلَيْك لَا من طول عشره)

(ووتر الْوَصْل لم يشفع بثان

وهجرك زمرة من بعد زمره)

(وجفنك أكحل من غير كحل

وخدك أَحْمَر من غير حمره)

(وصبري عَنْك لَيْسَ لَهُ وجود

ووجدي فِيك لَا أحصيه كثره)

(وَبَيت الْحزن بَيْتِي حِين تنأى

وَحين تزوره دَار المسره)

(وَقَالُوا كم ترى غَضْبَان رَاض

فَقلت رضيت زنبوراً وتمره)

(سألزم بَاب خمار الثنايا

ليطلق لي وَلَو فِي الْعُمر سكره)

)

(وقدماً كنت مَسْتُورا إِلَى أَن

لبست من الخلاعة ثوب شهره)

(أَطَعْت غوايتي وعصيت رشد الناصح

مرّة من بعد مره)

(وَمَا تنقى من الأدناس نَفسِي

وَلَو غسلت بصابون المعره)

(وأعجب حادثات الدَّهْر أَنِّي

أحاول طَاعَة فتعود حسره)

(وأطمع فِي خلاص يَوْم بعثي

وَمَا أخلصت فِي مِثَال ذره)

ص: 229