الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالنَّار فِي أحشائها كمتيم
…
أضحى الغريق بهاطل الأجفان)
(أَو مثل شمس الْأُفق فِي كبد السما
…
ممطورة مَمْنُوعَة الدوران)
وَكَانَ شرف الدّين التيفاشي حَاضرا فَقَالَ الْكَامِل
(فوراة بِالْمَاءِ يفتن حسنها
…
ببديع منظرها وَحسن صفاء)
)
(فَالنَّار فَوق المَاء عنصر كَونهَا
…
فاعجب لهَذَا النَّار تَحت المَاء)
3 -
(ابْن الرفاء)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن خلف الإِمَام الْعَلامَة الأديب الشَّاعِر شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن القَاضِي أبي عبد الله الْأنْصَارِيّ الأوسي الدِّمَشْقِي ثمَّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الصاحب ابْن قَاضِي حماة وَيعرف بِابْن الرفاء ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة
ورحل بِهِ وَالِده وسَمعه جُزْء ابْن عَرَفَة من ابْن كُلَيْب والمسند كُله من عبد الله بن أبي الْمجد الْحَرْبِيّ وَحدث بالجزء نَحوا من سِتِّينَ مرّة بِدِمَشْق وحماه وبعلبك ومصر وروى الْمسند غير مرّة قَرَأَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخ شرف الدّين الْفَزارِيّ وَغَيره وَقَرَأَ الْكثير من كتب الْأَدَب على الْكِنْدِيّ وَسمع من جمَاعَة وبرع فِي الْعلم وَالْأَدب وَكَانَ من الأذكياء الْمَعْدُودين وَله محفوظات كَثِيرَة وَسكن بعلبك مُدَّة وَسمع بهَا من الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن وَحدث مَعَه وَسكن دمشق مُدَّة ثمَّ سكن حماه وَكَانَ صَدرا كَبِيرا نبيلاً مُعظما وافر الْحُرْمَة كَبِير الْقدر روى عَنهُ الدمياطي وَأَبُو الْحُسَيْن وَأَبُو الْعَبَّاس ابْن الظَّاهِرِيّ وقاض الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَجَمَاعَة كَثِيرَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت لَهُ عدَّة قصائد على تَاج الدّين عبد الْخَالِق قَرَأَهَا عَلَيْهِ قلت لَا أعرف فِي شعراء الشَّام من بعد الْخمس مائَة وَقبلهَا من نظم أحسن مِنْهُ وَلَا أجزل وَلَا أفْصح وَلَا أصنع وَلَا أسرى وَلَا أَكثر فَإِن لَهُ لُزُوم مَا لَا يلْزم مُجَلد كَبِير وَمَا رَأَيْت لَهُ شَيْئا إِلَّا وعلقته لما فِيهِ من النكت والتورية الْقَاعِدَة والقوافي المتمكنة والتركيب العذب وَاللَّفْظ الفصيح ولمعنى البليغ فَمن ذَلِك قَوْله الوافر
(غَدَوْت فَكنت شمسي فِي صباحي
…
ورحت فَكنت بَدْرِي فِي مسائي)
(وَجَدْتُك إِذْ عدمت وجود نَفسِي
…
فأهلاً بالفراق وباللقاء)
(وَإِن أغفيت كَانَ عَلَيْك وقفي
…
أَو استيقظت كَانَ بك ابتدائي)
(فيا سعدي إِذا مَا دَامَ سكري
…
عَليّ وَإِن صحوت فيا شقائي)
(وَقلت لصاحبي لما لحاني
…
عَلَيْك بِمَا عناك ولي عنائي)
(أصمك سوء فهمي عَن خطابي
…
وأعماك الضلال عَن اهتدائي)
(وهنت فَكنت فِي عَيْني صَبيا
…
أخاطبه بِأَلْفَاظ الهجاء)
)
(فَلَو أَصبَحت ذَا حاء وسين
…
لما عنفت فِي حاء وباء)
وَمِنْه الْبَسِيط
(قَرَأت خطّ عذاريه فأطمعني
…
بواو عطف وَوصل مِنْهُ عَن كثب)
(وأعربت لي نون الصدغ مُعْجمَة
…
بِالْحَال عَن نجح مقصودي وَعَن طلبي)
(حَتَّى رنا فسبت قلبِي لواحظه
…
وَالسيف أصدق أنباء من الْكتب)
وَمِنْه مخلع الْبَسِيط
(حَيْثُ ترامت بِي الْجِهَات
…
فلي إِلَى وَجهك الْتِفَات)
(جيراننا باللوى أجيروا
…
وَلها أودى بِهِ الشتات)
(إِلَيْكُم هجرتي وقصدي
…
وَفِيكُمْ الْمَوْت والحياة)
(أمنت أَن توحشوا فُؤَادِي
…
فآنسوا مقلتي وَلَا تو)
يُرِيد وَلَا توحشوها فاقتصر على بعض الْكَلِمَة تظرفاً وتلطفاً
وَمِنْه مجزوء الْكَامِل
(رَاح هويت صَرِيح
…
فمنحت مَاء المزن مقتا)
(إِن الَّتِي ناولتني
…
فرددتها قلت قتلتا)
وَمِنْه مضمناً الوافر
(بروحي من سمحت لَهُ بروحي
…
وَأصْبح خائني فِيهِ نصيحي)
(وَعز عَليّ عزلي فِي هَوَاهُ
…
وَهَان عَليّ مأثور الْقَبِيح)
(فَقلت لصاحبي قفا فَإِنِّي
…
جريت مَعَ الْهوى طلق الجموح)
(وَفرق بَين أقراني وبيني
…
قرَان النغم بالوتر الفصيح)
(فقاطع من يصدك عَن سرُور
…
وصل بعرى الغبوق عرى الصبوح)
وَمِنْه مجزوء الْخَفِيف
(نفحت معنبرة
…
من رياض محبره)
(وغمام معربد
…
ببروق مزمجره)
(ترك الرَّوْض ناضراً
…
بعيون مخضره)
وَمِنْه الْخَفِيف)
(كبد تلتظي وجفن غريق
…
هَكَذَا هَكَذَا يكون المشوق)
(نفس عَن خنق نفس كثيب
…
كلفت بالغرام مَا لَا يُطيق)
(مَا لنا فِي الْهوى حُقُوق عَلَيْكُم
…
بل لكم سادتي علينا الْحُقُوق)
(مثلكُمْ فِي جمالكم لَيْسَ يلقى
…
وعرامي بغيركم لَا يَلِيق)
(عقني لُؤْلُؤ المدامع فِيكُم
…
ووفى لي دمع حَكَاهُ العقيق)
(فبعيني أفدي سيوف جفوني
…
لدمى من جفوني عَيْني تريق)
(يَا حبيباً لَهُ بصدري وداد
…
رحب صدر الفضاء عَنهُ يضيق)
(دق مغناي فِيك مذ كنت طفْلا
…
لست أَدْرِي بكم يُبَاع الدَّقِيق)
(إِنَّنِي رب غلظة لعذولي
…
ولداعي هَوَاك عبد رَقِيق)
(بهرت مِنْك مقلتي عين شمس
…
يتهادى بهَا قضيب وريق)
(فبتعريق حاجبيك افتناني
…
كلما مَاس قدك الممشوق)
(وبتعليق ذَا العذار اشْتِغَال
…
عَن دروسي وَالضَّرْب وَالتَّعْلِيق)
وَمِنْه الْبَسِيط
(أفنيت عمري فِي دهر مكاسبه
…
تطيع أهواءها فِينَا وتعصينا)
(تسعا وَعشْرين مد الدَّهْر شقتها
…
حَتَّى توهمتها عشرا وَتِسْعين)
وَمِنْه المنسرح
(أكملت سِتا وَأَرْبَعين بهَا
…
أحلّت همومي من راحتي ربعي)
(وجزت فِي السَّبع خَائفًا وجلاً
…
كأنني جَائِز على السَّبع)
وَمِنْه الوافر
(مَرَرْت وبدره فِي عقربيه
…
فصد فَبَان لي صدق النجامه)
(فديتك لَو رَأَيْت لهيب قلبِي
…
إِذا لرحمت دمعي وانسجامه)
(وخدك فِي العذار بديع حسن
…
وَأحسن مِنْهُ ساقك فِي الحجامه)
وَمِنْه مجزوء الْكَامِل
(ضحك العواذل إِذْ بكيتك
…
فشغلتني عَنْهُم فديتك)
لَا مت من يلحى عَلَيْك وعاش عيشي إِذْ نأيتك)
أطمعتني بلطيف وَعدك فِي وصالك فافتضيتك وَأَرَدْت قَتْلِي بالبعاد فَقَالَ صدرك قد كفيتك
(وَنزلت قلبِي فاحتكم
…
فِيهِ فَإِن الْبَيْت بَيْتك)
وَمِنْه مجزوء الوافر
(غرامي فِيك لَا يُحْصى
…
بميزان وَلَا كيل)
(وَأما دمع أجفاني
…
فَلَا تسْأَل عَن السَّيْل)
(وَمَا أنسى فَلَا تنسى
…
مراحي ساحباً ذيلي)
واجلابي على اللَّذَّات بِالرجلِ وبالخيل
(من اللَّيْل إِلَى اللَّيْل
…
إِلَى اللَّيْل إِلَى اللَّيْل)
وَمِنْه مجزوء الرمل
(عد عَن عذلي وبسك
…
إِن نَارِي لن تمسك)
(لَو تلبست بحالي
…
لَا زَالَت عَنْك لبسك)
(قد ضرسنا مِنْك فاقلع
…
من قبُول اللوم ضرسك)
(لَا تلمني فِي حبيب
…
لَو ترَاهُ لمت نَفسك)
(سَيِّدي مأتم صبري
…
قاتم هنيت عرسك)
لست أنساك فَلَا يعْدم فُؤَادِي مِنْك أنسك وَمِنْه السَّرِيع
(سِتّ عُيُون من تأتت لَهُ
…
كَانَت لَهُ شافية كافيه)
الْعلم والعلياء وَالْعَفو والعزة والعفة والعافية
وَمِنْه فِي طِفْل السَّرِيع
(لَا تكبروا وجدي بطفل فقد
…
تمّ لَهُ الْحسن على صغره)
(يحسدني الْملك المنيع الْحمى
…
لأنني والٍ على ثغره)
وَمِنْه السَّرِيع
(النذل مَفْرُوض لَهُ يسره
…
وَالْحر بالإقتار مرفوض)
(كَذَلِك المنقوص لم ينخفض
…
وأكمل الْأَسْمَاء مخفوض)
)
وَمِنْه السَّرِيع
(سَأَلته من رِيقه شربة
…
أطفي بهَا من ظمأي حره)
فَقَالَ أخْشَى يَا شَدِيد الظما أَن تتبع الشربة بالجره وَمِنْه الْخَفِيف
(إِن قوما يلحون فِي حب سعدى
…
لَا يكادون يفقهُونَ حَدِيثا)
(سمعُوا أوصافها ولاموا عَلَيْهَا
…
أخذُوا طيبا وأعطوا خبيثا)
وَمِنْه الْخَفِيف
(يَا غزالاً من سرب عبد المدان
…
لَيْسَ لي بالصدود مِنْك يدان)
(بِعْتُك الرّوح بيعَة لزمتني
…
فعلام الْفِرَاق بالأبدان)
وَمِنْه الْخَفِيف
(زَعَمُوا أنني هويت سواكم
…
كذبُوا مَا عرفت إِلَّا هواكم)
(قد علمْتُم بِصدق مُرْسل دمعي
…
فسلوه إِن كَانَ قلبِي سلاكم)
قَالَ لي عذلي مَتى تبصر الرشد وتسلو فَقلت يَوْم عماكم حاولوا سلوتي بلومي فاغروني فَمن ذَا بصدكم أغراكم
(صدق الواصفون للبدر فِيمَا
…
قد حكوه لكنه مَا حكاكم)
(لَا تحيلوا قلبِي على حسن صبري
…
أحسن الله فِي اصْطِبَارِي عزاكم)
وَمِنْه المجتث
(مَا بَان لي فِيك جين
…
لَو لم يبن لَك حِين)
(يَا جنتي كل هون
…
سوى تجنيك هَين)
(تديننا أَبُو عيد
…
وتنكر الْوَعْد دين)
إِن كَانَ جفنك جفن فَإِن عَيْني عين وَمِنْه الْبَسِيط
(ومعرف اللَّفْظ لي من نَحوه أبدا
…
حذف وَصرف وإعلان وتنكير)
(فلحظه سَاكن وَالْقد منتصب
…
والقرط مُرْتَفع والمرط مجرور)
وَمِنْه الوافر)
(لنا من ربة الخالين جَاره
…
تواصل تَارَة وتصد تاره)
(توانسني فتنفر من قريب
…
وَتعرض ثمَّ تقبل فِي الحراره)
(وَمَا لي فِي الغرام بهَا شبيبه
…
وَلَيْسَ لَهَا نَظِير فِي النضاره)
(وَفِي الْوَصْف من كحل وكحل
…
حوت حسن البداوة والحضاره)
(وَقَالُوا قد خسرت الرِّبْح فِيهَا
…
فَقلت الرِّبْح فِي تِلْكَ الخساره)
(بأيسر نظرة أسرت فُؤَادِي
…
كَمَا ينشا اللهيب من الشراره)
(وَقلت لَهَا قفي إِن لم تزوري
…
فَقَالَت وَالْوُقُوف من الزِّيَارَة)
(وَدَار على مزررها عناقي
…
فَبت ومعصمي للبدر دَاره)
وَمِنْه يمدح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مخلع الْبَسِيط
(ويلاه من غمضي المشرد
…
فِيك وَمن دمعي المردد)
(يَا كَامِل الْحسن لَيْسَ يطفي
…
نَارِي سوى ريقك الْمبرد)
(يَا بدر تمّ إِذا تجلى
…
لم يبْق عذرا لمن تجلد)
(أبديت من حَالي الموري
…
لما بدا خدك المورد)
(رفقا بولهان مستهام
…
أَقَامَهُ جده وأقعد)
(مُجْتَهد فِي رضاك عَنهُ
…
ونت فِي إثمه الْمُقَلّد)
(لَيْسَ لَهُ منزل بِأَرْض
…
عَنْك وَلَا فِي السَّمَاء مصعد)
(قيدته فِي الْهوى فتمم
…
واكتب على قَيده مخلد)
(بَان الصبى عَنهُ فالتصابي
…
إنْشَاء إطرابه فَأَنْشد)
(من لي بطفل حَدِيث سحر
…
بابل عَن ناظريه سَنَد)
(شتت عني نظام عَقْلِي
…
شتيت ثغر لَهُ منضد)
(لَو اهْتَدَى لائمي عَلَيْهِ
…
ناح على نَفسه وَعدد)
(أكسبني نشوة بِطرف
…
سكرت من خمره فعربد)
(لَا سهم لي فِي سديد رَأْي
…
يحرس من سَهْمه المسدد)
غُصْن نقي حل عقد صبري بلين خص يكَاد يعْقد فَمن رأى ذَلِك الوشاح الصَّائِم صلى على مُحَمَّد)
(خير نَبِي نبيه قدر
…
عودي إِلَى الْمَدْح فِيهِ أَحْمد)
(ومرسل حَمده شعاري
…
لِأَنَّهُ فِي الْمعَاد أَعُود)
(عِقَابه للطغاة مقص
…
وبابه للعفاة مقصد)
(أَن يحسدوه على علاهُ
…
فَمثله فِي الْعَلَاء يحْسد)
(أبان نقص الْجَمِيع عَنهُ
…
لما غَدا فِي الْكَمَال مُفْرد)
(رد مِنْهُ الْعدْل مَا تولى
…
كف من الْجور مَا تولد)
(ألبسنا الْمجد فانتصرنا
…
بِحَدّ عضب لَهُ مُجَرّد)
(فالعيش من سيبه المهنى
…
وَالْمَوْت من سَيْفه المهند)
(فكم عصى عَلَيْهِ شقي
…
وَكم منيب إِلَيْهِ يسْعد)
(وَكم شَدِيد الضلال مِمَّن
…
أشرك لما رَآهُ وحد)
(فَلَو رَأَتْهُ بلقيس أغْنى
…
بهداه عَن صرحها الممرد)
(أشرف من فِي النَّهَار نَاجِي
…
وَخير من فِي الدجى تهجد)
(لله كم كربَة تجلت
…
بِهِ وَكم مفخر تجدّد)
(وَكم سفاه عَلَيْهِ أبدى
…
وَكم صَوَاب إِلَيْهِ أرشد)
(وَكم قَطعنَا إِلَى ذراه
…
من مهمه موحش وفدفد)
(حَتَّى وفدنا إِلَى ضريح
…
جنابه للوفود مشْهد)
(نَأْمَن فِي ظله إِذا مَا
…
أبرق من كادنا وأرعد)
(وَغير بدع لمستجير
…
بِهِ إِذا نَالَ كل مقصد)
قلت أما مخلص هَذِه القصيدة وَحسنه فَمَا رَأَيْته لأحد فَتَأَمّله يظْهر لَك مَعْنَاهُ
وَمن شعره قَوْله الْبَسِيط
(أَقْسَمت مَا خَدّه القاني من الخجل
…
أرق من دمعي الْجَارِي وَلَا غزلي)
(يَا عاذلي لَيْسَ مثلي من تخادعه
…
وَلَيْسَ مثلك مَأْمُونا على عذلي)
(مَا دمت حلواً فَلَا تنفك مُتَّهمًا
…
أعشق وقولك مَقْبُول عَليّ ولي)
(إِن تدعني خَالِيا من لوعتي فَلَقَد
…
أجَاب دمعي وَمَا الدَّاعِي سوى طلل)
(عاتبت إِنْسَان عَيْني فِي تسرعه
…
فَقَالَ لي خلق الْإِنْسَان من عجل)
)
وَمِنْه الوافر
(سَأَلت سوارها المثري فَنَادَى
…
فَقير وشاحها الله يفتح)
(لَهَا طرف يَقُول الْحَرْب أولى
…
ولي قلب يَقُول الصُّلْح أصلح)
قَالَ شرف الدّين شيخ الشُّيُوخ حضرت بَين يَدي وَالِدي رحمه الله وَقد قاربت خمس عشرَة سنة فَسَأَلته عَن عمره فَقَالَ خُذ فِي شَأْنك هَكَذَا فِي حَدِيث مسلسل فألححت عَلَيْهِ فَأمرنِي فأحضرت كتابا من كتب الْقرَاءَات فَأرَانِي صفحة فِي آخِره عَلَيْهَا خطّ جدي رحمه الله ولد الْوَلَد الْمُبَارك مُحَمَّد فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتَحْته بِخَط وَالِدي ولد الْوَلَد الْمُبَارك عبد الْعَزِيز ضحوة نَهَار الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشْرين جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة فأخذنا نتعجب من هَذَا الِاتِّفَاق فِي السّنة والشهر والجزء من الْيَوْم ثمَّ انصرفت من بَين يَدَيْهِ إِلَى حجرَة كنت أَخْلو فِيهَا بنفسي وأنفرد بأنسي وأتفرغ للاشتغال بدرسي ففكرت فِي يَوْم مولدِي كَانَ قد أكمل الله لوالدي عشْرين سنة فنظمت بَيْتَيْنِ وكتبت بهما إِلَيْهِ وهما السَّرِيع
(يَا رب قد وجدت قبلي أبي
…
فِي هَذِه الدُّنْيَا بعشرينا)
(فاجعله بعدِي بَاقِيا مثلهَا
…
وَارْحَمْ محباً قَالَ آمينا)
فَكتب إِلَيّ فِي الْحَال المجتث
(لَا بل أَمُوت وتحيى
…
فِي غِبْطَة خير محيا)
حَتَّى يصرف صرف الزَّمَان أمرا ونهيا وَكتب بعدهمَا المجتث
(لَا بل أَمُوت وَتبقى
…
من الخطوب موقى)
(وَيرْحَم الله خلا
…
يَقُول آمين حَقًا)
(وَمَا عهدتك مِمَّن
…
أَرَادَ برا فعقا)
وَكتب تحتهما إِنَّمَا أردْت بقافية الْبَيْت الثَّانِي أَن دَعَاني حَقِيقَة بِخِلَاف دعائك وَجعلت قدحي فِي ادعائك عُقُوبَة على اعتدائك ثمَّ بَات تِلْكَ اللَّيْلَة فَلَمَّا أصبح كتب إِلَيّ ليعلم الْوَلَد أسلكه الله الجدد وهياً لَهُ الرشد إِنَّنِي فرقت فَارَقت واستشعرت من مَضْمُون شعره فنظمت مجزوء الرمل)