الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قواد الْمَأْمُون مِنْهُم مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الإفْرِيقِي وَمَالك بن شاهي وَغَيرهمَا فنمي الْخَيْر إِلَى الْمَأْمُون فَقبض على ابْن عَائِشَة وعَلى من بَايعه وحبسهم فِي المطبق مُدَّة ثمَّ إِنَّه حدث حدثٌ من المطبق فَضربت عنق ابْن عَائِشَة وَأخذ وَجَمَاعَة مِمَّن كَانُوا مَعَه وصلبوا فِي صحبته تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ ابْن عَائِشَة هَذَا أول عباسي صلب فِي الْإِسْلَام وَقيل إِن إِبْرَاهِيم بن عَائِشَة أَخذ الْبيعَة على من أَخذهَا لإِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي وَهُوَ فِي حبس الْمَأْمُون
3 -
(ابْن الْمُدبر الْكَاتِب)
)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن الْمُدبر أَبُو إِسْحَاق الْكَاتِب كَانَ كَاتبا بليغاً شَاعِرًا فَاضلا مترسلاً وَهُوَ أَخُو أَحْمد وَمُحَمّد روى عَنهُ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش وَأَبُو بكر الصولي وَمَيْمُون بن هَارُون وجعفر بن قدامَة الْكَاتِب وَكَانَ يزْعم أَنه من بني ضبة خدم المتَوَكل مُدَّة طَوِيلَة وولاه ديوَان الْأَبْنِيَة وَلم يزل فِي رُتْبَة الوزراء وأحضر فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ للوزارة فاستعفى لعظم الْمُطَالبَة فاستكتبه الْمُعْتَمد لِابْنِهِ الْمُفَوض وَضم إِلَيْهِ دواوين ثمَّ إِن الْمُعْتَمد دفع إِلَى إِبْرَاهِيم ثَلَاث مائَة ألف دِينَار وخلع عَلَيْهِ بتكريت وَقَالَ لقواده مِمَّن مَعَه مَا استوزرت بعد عبيد الله بن يحيى وزيراً أرضاه غير الْحسن ابْن مخلد وَإِبْرَاهِيم فِي هَذَا الْوَقْت وَخرج إِلَى الْموصل ليلتقي جَيش ابْن طولون ثمَّ إِن إِسْحَاق بن كنداج مُتَوَلِّي الْموصل وديار ربيعَة قبض على القواد بحيلة دبرهَا وَأَرَادَ الْقَبْض على إِبْرَاهِيم فحدره إِلَى بغداذ وحبسه إِلَى أَن رَضِي الْمُوفق عَنهُ وَهُوَ بواسط وخلع عَلَيْهِ وَله شركَة فِي تَرْجَمَة عريب الْمُغنيَة لِأَنَّهُ كَانَ يهواها وَله فِيهَا أشعار وكل مِنْهُمَا يهوى صَاحبه قَالَ الصولي وَإِبْرَاهِيم بن الْمُدبر كَاتب جليل شَاعِر أديب كريم لَيْسَ فِي زَمَاننَا شَاعِر إِلَّا وَقد استفرغ بعض مدحه فِيهِ قَالَ أَبُو هفان
(يَا ابْن الْمُدبر أَنْت علمت الورى
…
بذل النوال وهم بِهِ بخلاء)
(لَو كَانَ مثلك فِي الْبَريَّة واحدٌ
…
فِي الْجُود لم يَك فيهم فُقَرَاء)
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وَهُوَ فِي الْحَبْس أشعاراً كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله
(أدموعها أم لُؤْلُؤ متناثر
…
يدمي بِهِ الْورْد الجني الزَّاهِر)
(لَا يؤيسنك من كريم نبوة
…
فالسيف ينبو وَهُوَ عضب باتر)
(هَذَا الزَّمَان تسومني أَيَّامه
…
خسفاُ وهأنذا عَلَيْهِ صابر)
(إِن طَال ليلِي فِي الإسار فطالما
…
أفنيت دهراً ليله متقاصر)
(والسجن يحجبني وَفِي أكنافه
…
مني على الضراء لَيْث خادر)
(عجبا لَهُ كَيفَ الْتَقت أبوابه
…
والجود فِيهِ وَالربيع الباكر)
(هلا تقطع أَو تصدع أَو هوى
…
فعذرته لكنه بِي فاخر)
وَمِنْهَا قَوْله أَيْضا
(أَلا طرقت سلمى لَدَى وقْعَة الساري
…
وحيداً فريداً موثقًا نازح الدَّار)
(هُوَ الْحَبْس مَا فِيهِ عَليّ غَضَاضَة
…
وَهل كَانَ فِي حبس الْخَلِيفَة من عَار)
)
(أَلَسْت تَرين الْخمر يظْهر حسنها
…
وبهجتها بِالْحَبْسِ فِي الطين والقار)
(وَمَا أَنا إِلَّا كالجواد يصونه
…
مقومه للسبق فِي طي مضمار)
(أَو الدرة الزهراء فِي قَعْر لجةٍ
…
فَلَا تجتلي غلا بهول وأخطار)
(وَهل هُوَ إِلَّا منزل مثل منزلي
…
وَبَيت وَدَار مثل بَيْتِي أَو دَاري)
(فَلَا تنكري طول المدى وأذى العدى
…
فَإِن نهايات الْأُمُور لإقصار)
(لَعَلَّ وَرَاء الْغَيْب أمرا يسرنَا
…
يقدره فِي علمه الْخَالِق الْبَارِي)
وَلما عزل عَن الأهواز جَاءَ النَّاس يود عونه فجَاء أَبُو شراعة فَأمْسك يَده فِي الحراقة بالزلال وَأنْشد رَافعا صَوته
(لَيْت شعري أَي قومٍ أجدبوا
…
فأغيثوا بك من بعد العجف)
(نزل الْيمن من الله بهم
…
وحرمناك لذنبٍ قد سلف)
(إِنَّمَا أَنْت ربيع باكر
…
حَيْثُمَا صرفه الله انْصَرف)
(يَا أَبَا إِسْحَاق سر فِي دعةٍ
…
وامض مصحوباً فَمَا عَنْك خلف)
فَضَحِك إِلَيْهِ وَوَصله وَسَار وَقَالَ العطوي الشَّاعِر اسْتَأْذَنت على ابْن الْمُدبر فحجبني آذنه فَكتبت إِلَيْهِ
(أَتَيْتُك مشتاقاً فَلم أر جَالِسا
…
وَلَا نَاظرا إِلَّا بِعَين قطوب)
(كَأَنِّي غَرِيم مُقْتَض أَو كأنني
…
نهوض حبيب أَو حُضُور رَقِيب)
فَأَدْخلنِي وَهُوَ يَقُول هِيَ بِاللَّه نهوض حبيب أَو حُضُور رَقِيب وَفِي بني الْمُدبر يَقُول مُحَمَّد بن عَليّ الشطرنجي
(قد أحدث الْقَوْم دينا
…
وجدد الْقَوْم نسبه)
(وَكَانَ مرا ضَعِيفا
…
فضببوه بضبه)
وَمن شعر إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر
(يَا كاشف الكرب بعد شدته
…
ومنزل الْغَيْث بعد مَا قَنطُوا)
(لَا تبل قلبِي بشحط بَينهم
…
فالموت دَان إِذا هم شحطوا)
وَمِنْه قَوْله