الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَلَيْسَ عَتيق مؤنس الطُّهْر إِذْ غَدا
…
إِلَى الْغَار لم يصحب سواهُ من الصحب)
(وَهَاجَر قبل النَّاس لَا يُنْكِرُونَهَا
…
بهَا جَاءَا الْآثَار بِالنَّصِّ فِي الْكتب)
(وَبِالثَّانِي الْفَارُوق أظهر دينه
…
بِمَكَّة لما قَامَ بالمرهف العضب)
(وأجهر من أَمر الصَّلَاة وَلم تكن
…
لتجهر فِي فرض هُنَاكَ وَلَا ندب)
(وَقد فتح الْأَمْصَار مَا رد جَيْشه
…
جالت خُيُول الله فِي الشرق والغرب)
(وجهز جَيش الْعسرَة الثَّالِث الَّذِي
…
تسمى بِذِي النورين فِي طَاعَة الرب)
(وَإِن شِئْت قدم حيدراً وجهاده
…
وإطفاه نَار الشّرك بالطعن وَالضَّرْب)
(أَخُو الْمُصْطَفى يَوْم المؤاخاة وَالَّذِي
…
بصارمه جلى الْعَظِيم من الكرب)
(كَذَاك بقايا آله وصحابه
…
وَأكْرم بهم من خير آل وَمن صحب)
(أولائك ساداتي من النَّاس كلهم
…
فسلمهم سلمي وحربهم حَرْبِيّ)
(وَفِي بيعَة الرضْوَان عِنْدِي كِفَايَة
…
فحسبي بهَا من ربتة لَهُم حسبي)
3 -
(ابْن خفاجة الأندلسي الشَّاعِر)
إِبْرَاهِيم بن أبي الْفَتْح بن عبد الله بن خفاجة الأندلسي الشَّاعِر ذكره ابْن بسام فِي الذَّخِيرَة وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ كَانَ مُقيما بشرق الأندلس وَلم يتَعَرَّض لاستماحة مُلُوكهَا مَعَ تهافتهم على أهل الْأَدَب وَله ديوَان شعر مَوْجُود قد أحسن فِيهِ كل الْإِحْسَان عَاشَ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَهُوَ من جَزِيرَة شقر وَله فِي تَرْجَمَة عبد الْجَلِيل بن وهبون ذكر فليطلب هُنَاكَ وَكَانَ رَئِيسا مفخماً وَله نثر جيد وفه تأليف فِي اللُّغَة غَرِيب وَهُوَ مِمَّن أَجَاد الِاسْتِعَارَة كَقَوْلِه من أَبْيَات
(جاذبته فضل الْعَنَان وَقد طغا
…
فانصاع ينساب انسياب الأرقم)
(فِي خصر غور بالأراك موشح
…
أَو رَأس طود بالغمام معمم)
)
(أَو نحر نهر بالحباب مقلد
…
أَو وَجه خرق بالضريب ملثم)
(حَتَّى تهادى الْغُصْن يأطر مَتنه
…
طَربا لشدو الطَّائِر المترنم)
وَقَوله
(وصقيلة النوار تلوي عطفها
…
ريح تلف فروعها معطار)
(والنور عقد والغصون سوالف
…
والجزع زند وَالسري سوار)
(بحديقة مثل اللمى ظلاً بهَا
…
وتطلعت شنباً بهَا الأزهار)
(رقص الْقَضِيب بهَا وَقد شرب الثرى
…
وشدا الْحمام وصفق التيار)
وَقَوله فِي صفة نَار
(وموقد نَار طَابَ حَتَّى كَأَنَّمَا
…
يشب الندى فِيهِ لساري الدجا ندا)
(فَأطلع من داجي دُخان بنفسجاً
…
جنياً وَمن قاني شواظ لَهُ وردا)
(إِذا الرّيح باست من سَواد دخانها
…
عذاراً وَمن محمر جاحمها خدا)
(وثارت قتاماً يمْلَأ الْعين أكهباً
…
وجالت جواداً فِي عنان الصِّبَا وردا)
(رَأَيْت جفون الرّيح وَاللَّيْل إثمد
…
يقلب من جمر الجذاء أعيناً رمدا)
قَالَ ابْن خفاجة ذهبت يَوْمًا أُرِيد بَاب السمارين بشاطبة ابْتِغَاء للفرجة على جرية ذَلِك المَاء بِتِلْكَ الساقية وَإِذا الْفَقِيه أَبُو عمرَان ابْن أبي تليد رحمه الله قد سبقني إِلَى ذَلِك فَأَلْفَيْته جَالِسا على مصطبة كَانَت هُنَاكَ مَبْنِيَّة لهَذَا الشَّأْن فَسلمت عَلَيْهِ فَأَنْشد أثْنَاء مَا تناشدناه قَول ابْن رَشِيق رَحمَه الله تَعَالَى يَا من يمر وَلَا تمربه الْقُلُوب من الحرق
(بعمامة من خَدّه
…
أَو خَدّه مِنْهَا سرق)
(فَكَأَنَّهُ وَكَأَنَّهَا
…
قمر تعمم بالشفق)
(فَإِذا بدا وَإِذا مَشى
…
وَإِذا رنا وَإِذا نطق)
شغل الْجَوَارِح ولاجوانح والخواطر والحدق واستحسنها فَقلت أخل لِأَن النُّطْق لَا يشغل الحدق ونظمت قولي
(ومهفهف طاوي الحشا
…
خنث المعاطف وَالنَّظَر)
(مَلأ الْعُيُون بِصُورَة
…
تليت محاسنها سور)
)
(فَإِذا رنا وَإِذا شدا
…
وَإِذا سعى وَإِذا سفر)
فَضَح المدامة والحمامة والغمامة وَالْقَمَر وَقَالَ ابْن خفاجة أَيْضا
(وعشي أنس أضجعتني نشوة
…
فِيهِ تمهد مضجعي وتدمث)
(خلعت عَليّ بهَا الأراكة ظلها
…
والغصن يصغي وَالْحمام يحدث)
(وَالشَّمْس تجنح للغروب مَرِيضَة
…
والرعد يرقي والغمامة تنفث)
وَقَالَ يهجو سَوْدَاء
(وسويداء قسم الْقبْح فِيهَا
…
بَين وَجه جهم وجسم قضيف)
(أَقبلت فِي معصفر سحبته
…
وَهِي متفال وَهُوَ غير نظيف)
(فتأملت مِنْهُ نُطْفَة حيض
…
غرقت فِيهِ خنفساء كنيف)
وَقَالَ فِي فرس أشقر
(وأشقر تضرم مِنْهُ الوغى
…
بشعلة من شعل الباس)
(من جلنار ناضر لَونه
…
وَأذنه من ورق الآس)
(يطلع للغرة فِي وَجهه
…
حبابةً تضحك فِي الكاس)
وَقَالَ فِي أحدب أسود يسْقِي
(وكأس أنس قد جلتها المنى
…
فباتت النَّفس بهَا معرسه)
(طَاف بهَا أسود محدودب
…
يطرب من لَهو بِهِ مَجْلِسه)
(فخلته من سبج ربوةً
…
قد أنبتت من ذهب نرجسه)
وَقَالَ فِي غُلَام مليح بَين يَدَيْهِ نارنج
(وَيَوْم تقضى بَين كاس ومسمع
…
يحض إِلَيْهَا أَو تهز إِلَيْهِ)
(تطلع بدر التم فِي وسط دسته
…
فخرت نُجُوم الْأُفق بَين يَدَيْهِ)
وَقَالَ
(لله نورية الْمحيا
…
تحمل نارية الحميا)
(والدوح لدن المهز رطب
…
قد رف ريا وطاب ريا)
(تجسم النُّور فِيهِ نورا
…
فَكل غُصْن بِهِ ثريا)
)
وَقَالَ فِي أسود يسبح
(وأسود عَن لنا سابح
…
فِي لجة تطفح بَيْضَاء)
(وَإِنَّمَا لَاحَ بهَا نَاظر
…
فِي مقلة تنظر زرقاء)
وَقَالَ
(وَاللَّيْل قد ولى يقْرض برده
…
كداً ويسحب ذيله فِي الْمغرب)
(وكأنما نجم الثريا سحرةً
…
كف تمسح عَن معاطف أَشهب)
وَقَالَ يصف الْبرد
(وَالْأَرْض تضحك عَن قلائد أنجم
…
نثرت بهَا والجو جهم قاطب)
(وكأنما زنت البسيطة تَحْتَهُ
…
وأكب يرجمها الْغَمَام الحاصب)
وَقَالَ يصف شَجَرَة متهدلة
(وَلدته المعطفين ناعمةٍ
…
تمسح ريح الصِّبَا جوانبها)
(كَأَنَّهَا والرياح تعطفها
…
راقصة أسلت ذوائبها)
وَقَالَ
(ومجاجة لزجاجة عاطيتها
…
فرميت شَيْطَان الأسى بشهاب)
(وكأنما كرة البسيطة بَيْضَة
…
وَاللَّيْل يلحفها جنَاح غراب)
وَقَالَ يذم خطا ردياً
(قواف أَتَتْنِي عَنْك تحكيك خسةً
…
فَلَو كن أَعْضَاء لَكِن مخارجا)
(معوجة أسطارها وحروفها
…
كَأَن بهَا من برد لفظك فالجا)
وَكَانَ يَوْمًا فِي مجْلِس عِنْد بعض إخوانه وَفِيه عِنَب ورمان وَبينهمْ فَتى يتهم بِحَالَة ففضل الْعِنَب على الرُّمَّان فَقَالَ ابْن خفاجة
(صلني لَك الْخَيْر برمانةٍ
…
لم تنْتَقل عَن كرم الْعَهْد)
(لَا عِنَب أمتص عنقوده
…
ثدياً كَأَنِّي بعد فِي المهد)
(وَهل يرى بَينهمَا نِسْبَة
…
من عدل الخصية بالنهد)
فأخجل الْفَتى وَصحت التُّهْمَة وَقَالَ فِي اقتران الثريا بالهلال
(وَلَيْلَة من ليَالِي الْأنس بت بهَا
…
وَالرَّوْض مَا بَين منظوم ومنضود)
)
(والنَّسر قد حام فِي الظلماء من ظمإ
…
وللمجرة نهر غير مورود)
(وَابْن الغزالة فَوق النَّجْم منعطفٌ
…
كَمَا تأود عرجون بعنقود)
وَقَالَ فِي شَجَرَة نارنج
(ومائسةٍ تزهو وَقد خلع الحيا
…
عَلَيْهَا حلى حمراً وأرديةً خضرًا)
(يذوب لهها ريق الغمامة فضَّة
…
ويجمد فِي أعطافها ذَهَبا نضرا)
وَقَالَ
(وَاللَّيْل يقصر خطوه ولربما
…
طَالَتْ ليَالِي الركب وَهِي قصار)
(قد شَاب من طوق المجرة مفرق
…
فِيهَا وَمن خطّ الْهلَال عذار)
هَذَا الْوَصْف
(وأرعن طماح الذؤابة باذخ
…
يطاول أعنان السَّمَاء بغارب)
(يسد مهب الرّيح عَن كل وجهة
…
ويزحم لَيْلًا شهبه بالمناكب)
(وقور على ظهر الفلاة كَأَنَّهُ
…
طوال اللَّيَالِي مفكر فِي العواقب)
(يلوث عَلَيْهِ الْغَيْم سود عمائم
…
لَهَا من وميض الْبَرْق حمر ذوائب)