الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالشمس عِنْد غُرُوبهَا
…
تصفر من ألم الْفِرَاق)
وَلما مَاتَ الصاحب ابْن عباد قَالَ فَخر الدولة لأبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ حصل من الْأَعْمَال والمتصرفين ثَلَاثِينَ ألف ألف دِرْهَم فَإِن الصاحب أهمل الْحُقُوق وضيع الْأَمْوَال فَامْتنعَ من ذَلِك وَكتب أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن حمولة وَكَانَ خصيصاً بالصاحب من جرجان يخْطب الوزارة وَيضمن ثَمَانِيَة آلَاف ألف دِرْهَم فَأَجَابَهُ فَخر الدولة وَقَالَ لأبي الْعَبَّاس قد ورد أَبُو عَليّ وَغدا أخرج أَلْقَاهُ وَأمرت الْجَمَاعَة وَغَيرهم بالنزول لَهُ وَلَا بُد لَك من النُّزُول لَهُ فثقل عَلَيْهِ ذَلِك وَضمن عَن الوزارة سِتَّة آلَاف ألف دِرْهَم وَسَأَلَ إعفاءه من تلقي أبي عَليّ فقلدهما الوزارة شَرِيكَيْنِ وسمح كلا مِنْهُمَا بألفي ألف دِرْهَم وخلع عَلَيْهِمَا خلعتين متساويتين وَأَمرهمَا أَن يجلسا فِي دست واحدٍ وَيكون التوقيع لهَذَا فِي يَوْم الْعَلامَة للْآخر وَتجْعَل الْكتب باسمهما)
وَيقدم عنواناتها لهَذَا يَوْمًا وَلِهَذَا يَوْمًا وَأقَام على حَالهمَا مُدَّة وَلم يَزَالَا كَذَلِك إِلَى أَن أوقع السَّعَادَة بَينهمَا وَأَبُو عَليّ متغافل فدبر أَبُو الْعَبَّاس عَلَيْهِ وَقَبضه بِأَمْر السيدة وَحمله إِلَى قلعة استوناوند ثمَّ نفذ إِلَيْهِ من قَتله وَانْفَرَدَ أَبُو الْعَبَّاس بِالْأَمر وَجَرت لَهُ خطوب فعجز فِي آخرهَا وَمَات للسيدة قريب فَقيل عَنهُ إِنَّه هُوَ الَّذِي سقَاهُ السم فهرب وَلحق ببروجرد والتجأ إِلَى بدر بن حسنويه وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين أَو سنة سبع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَقيل إِن تركته اشْتَمَلت على شَيْء كثير لِأَن أَبَا بكر بن طَاهِر حصل لَهُ مِنْهَا لما حملهَا سِتّ مائَة ألف دِينَار وَمِمَّنْ مدحه مهيار الديلمي بقصيدته الَّتِي أَولهَا
(أجيراننا بالغور والركب مِنْهُم
…
أيعلم خَال كَيفَ بَات المتيم)
(رحلتم وَعمر اللَّيْل فِينَا وَفِيكُمْ
…
سَوَاء وَلَكِن ساهرون ونوم)
وَلما مَاتَ رثاه بقوله الَّذِي مِنْهُ أبكيك لي وَلمن بلين بفرقة الْأَيْتَام بعْدك وَالنِّسَاء أرامل
(ولمستجير والخطوب تنوشه
…
مستطعم والدهر فِيهِ آكل)
3 -
(أَبُو رياش)
احْمَد بن إِبْرَاهِيم أَبُو رياش الشَّيْبَانِيّ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء توفّي فِيمَا ذكره أَبُو غَالب همام بن الْفضل بن مهذب فِي تَارِيخه سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة كَانَ يُقَال إِنَّه يحفظ خَمْسَة آلَاف ورقة لُغَة وَعشْرين ألف بَيت شعر إِلَّا أَن أَبَا مُحَمَّد المافروخي أبر عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا اجْتمعَا أول مَا تشاهدا بِالْبَصْرَةِ فذاكرا أشعار الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد يذكر القصيدة فَيَأْتِي أَبُو رياش على عيونها فَيَقُول أَبُو مُحَمَّد لَا إِلَّا أَن تهذها من أَولهَا إِلَى آخرهَا فينشد مَعَه ويتناشدان إِلَى آخرهَا ثمَّ أَتَى أَبُو مُحَمَّد بعده بقصائد لم يتَمَكَّن أَبُو رياش أَن يَأْتِي بهَا
إِلَى آخرهَا وَكَانَ طَوِيل الشَّخْص جهير الصَّوْت يتَكَلَّم بِكَلَام الْبَادِيَة وَيظْهر أَنه على مَذْهَب الزيدية ويتزوج كثيرا وَيُطلق وَكَانَ عديم الْمَرْوَة وسخ اللبسة كثير التقشف قَلِيل التنظف وَفِيه يَقُول أَبُو عُثْمَان الخالدي
(كَأَنَّمَا قمل أبي رياش
…
مَا بَين صئبان قَفاهُ الفاشي)
(وَذَا وَذَا فلج فِي انتفاش
…
شهدانج بدد فِي خشخاش)
وَكَانَ شَرها فِي الطَّعَام سيء الْأَدَب فِي المؤاكلة دَعَاهُ يَوْمًا أَبُو يُوسُف الزيدي وَالِي الْبَصْرَة)
إِلَى مائدة فَمد يَده إِلَى قِطْعَة لحم فانتهشها ثمَّ ردهَا إِلَى الْقَصعَة وَكَانَ بعد ذَلِك إِذا حضر مائدته هيأ لَهُ طبقًا يَأْكُل فِيهِ وَحده وَدعَاهُ يَوْمًا الْوَزير المهلبي فَبينا هُوَ يَأْكُل إِذا بِهِ امتخط فِي منديل الْغمر وبصق فِيهِ وَأخذ زيتونة من قَصْعَة فغمزها بعنف حَتَّى طفرت نواتها فأصابت وَجه الْوَزير وَفِيه يَقُول ابْن لنكك
(يطير إِلَى الطَّعَام أَبُو رياش
…
مبادرة وَلَو واراه قبر)
(أَصَابِعه من الْحَلْوَاء صفر
…
وَلَكِن الأخادع مِنْهُ حمر)
وَقَالَ فِيهِ
(أَبُو رياش بغى وَالْبَغي مصرعه
…
فَشدد الْغَيْن ترميه بآبدته)
(عبد ذليل هجا للحين سَيّده
…
تَصْحِيف كنيته فِي صدع والدته)
قلت يرد بغاً وَأَبُو رياش تَصْحِيف أَبُو زبانين أَو أَبُو وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد المافروخي قد ولاه الرَّسْم على المراكب بعبادان فَقَالَ ابْن لنكك
(أَبُو رياش ولي الرسما
…
وَكَيف لَا يصفع أَو يعمى)
(يَا رب جدي دق فِي خصره
…
ثمَّ أَتَانَا بقفاً يدمى)
وَقَالَ
(قل للوضيع أبي رياش لَا تبل
…
إِن تاه يَوْمًا بِالْولَايَةِ وَالْعَمَل)
(مَا زاددت حِين وليت إِلَّا خسةً
…
كَالْكَلْبِ أنجس مَا يكون إِذا اغْتسل)
قَالَ أَبُو رياش مدحت الْوَزير المهلبي فتأخرت عني صلته فَقلت وقائلة قد مدحت الْوَزير وَهُوَ المؤمل والمستماح
(فَمَاذَا أفادك ذَاك المديح
…
وَهَذَا الغدو وَذَاكَ الرواح)
(فَقلت لَهَا لَيْسَ يدْرِي امْرُؤ
…
بِأَيّ الْأُمُور يكون الصّلاح)
عَليّ التقلب وَالِاضْطِرَاب جهدي وَلَيْسَ عَليّ النجاح وَكَانَ أَبُو رياش أول أمره جندياً وَكَانَ يتعصب على أبي تَمام الطَّائِي