الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله رجل أديب إِلَّا أَن الْغَالِب عَلَيْهِ الْخط الَّذِي بلغ النِّهَايَة فِي الْحسن قَالَ ياقوت وَقَالَ الْوَزير عميد الدولة أَبُو سعد ابْن عبد الرَّحِيم فِي أَخْبَار ابْنه عبد الْجَبَّار ابْن أَحْمد وَكَانَ وَالِده أَبُو عبد الله الديناري مقدما مكرماً يزور لحسن خطه على أبي عبد الله بن مقلة تزويراً لَا يكَاد يفْطن لَهُ وَله ولد أديب يُقَال لَهُ أَبُو يعلى عبد الْجَبَّار يذكر فِي بَابه
3 -
(ابْن الباذش)
أَحْمد بن أبي الْحسن بن الباذش بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد ألف ذال مُعْجمَة وشين مُعْجمَة الإِمَام أَبُو جَعْفَر الْأنْصَارِيّ الغرناطي تفنن فِي الْعلم وَكَانَ من الْحفاظ الأذكياء وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 -
(الإِمَام النَّاصِر لدين الله)
أَحْمد بن الْحسن أَمِير الْمُؤمنِينَ الإِمَام النَّاصِر لدين الله أَبُو الْعَبَّاس ابْن الإِمَام المستضيء ابْن الإِمَام المستنجد ولد يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر رَجَب سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة وبويع لَهُ فِي أول ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسبعين وَتُوفِّي سلخ رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَكَانَت خِلَافَته سبعا وَأَرْبَعين سنة وَكَانَ أَبيض اللَّوْن تركي الْوَجْه مليح الْعَينَيْنِ أنور الْجَبْهَة)
اقنى الْأنف خَفِيف العارضين أشقر اللِّحْيَة رَقِيق المحاسن نقش خَاتمه رجائي من الله عَفوه أجَاز لَهُ أَبُو الْحُسَيْن عبد الْحق اليوسفي وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عَسَاكِر والبطائحي وشهدة وَجَمَاعَة وَأَجَازَ هُوَ لجَماعَة من الْكِبَار فَكَانُوا يحدثُونَ عَنهُ فِي حَيَاته ويتنافسون فِي ذلكن وَمَا غرضهم الْعُلُوّ وَلَا الْإِسْنَاد وَإِنَّمَا غرضهم التفاخر وَإِقَامَة الشعار وَالوهم وَلم يل الْخلَافَة أحد أطول مُدَّة مِنْهُ إِلَّا مَا ذكر عَن العبيديين فَإِنَّهُ بَقِي الْأَمر بديار مصر للمستنصر نَحوا من سِتِّينَ سنة وَكَذَا بَقِي الْأَمِير عبد الرَّحْمَن أَبُو الحكم الأندلسي وَكَانَ أَبوهُ المستضيء قد تخوفه فاعتقله وَمَال إِلَى أَخِيه أبي مَنْصُور وَكَانَ ابْن الْعَطَّار وَأكْثر الدولة وحظية المستضيء بنفشا وَالْمجد ابْن الصاحب مَعَ أبي مَنْصُور وَنَفر يسير مَعَ أبي الْعَبَّاس فَلَمَّا بُويِعَ أَبُو الْعَبَّاس قبض على ابْن الْعَطَّار وَسلمهُ إِلَى المماليك فَخرج بعد سَبْعَة أَيَّام مَيتا وسحب فِي الْأَسْوَاق وَتمكن الْمجد ابْن الصاحب وَزَاد وطغى إِلَى أَن قتل قَالَ عبد اللَّطِيف وَكَانَ النَّاصِر شَابًّا مرحاً عِنْده ميعة الشَّبَاب يشق الدروب والأسواق أَكثر اللَّيْل وَالنَّاس يتهيبون لقاءه وَظهر التَّشَيُّع بِسَبَب ابْن الصاحب ثمَّ انطفى بهلاكه وَظهر التسنن المفرط ثمَّ زَالَ وَظَهَرت الفتوة والبندق وَالْحمام الْهَادِي وتفنن النَّاس فِي ذَلِك وَدخل فِيهِ الأجلاء ثمَّ الْمُلُوك فألبسوا الْملك الْعَادِل وَأَوْلَاده سرارويل الفتوة وألبسوا شهَاب الدّين الغوري ملك غزنة والهند وَصَاحب كيش وأتابك سعد صَاحب شيراز وَالْملك الظَّاهِر صَاحب حلب وتخوفوا من السُّلْطَان طغريل وَجَرت بَينهم حروب وَفِي الآخر استدعوا تكش لحربه وَهُوَ خوارزم شاه فَالتقى مَعَه على الرّيّ واجتز رَأسه وسيره إِلَى بغداذ وَكَانَ النَّاصِر قد خطب لوَلَده الْأَكْبَر أبي نصر بِولَايَة الْعَهْد ثمَّ ضيق
عَلَيْهِ لما استشعر مِنْهُ وَعين أَخَاهُ ثمَّ ألزم أَبَا نصر بِأَن أشهد على نَفسه أَنه لَا يصلح وَأَنه قد نزل عَن الْأَمر وأكبر الْأَسْبَاب فِي نفور النَّاصِر من وَلَده الْوَزير نصير الدّين ابْن مهْدي الْعلوِي وَلم يزل الإِمَام النَّاصِر مُدَّة حَيَاته فِي عز وجلالة وقمع الْأَعْدَاء والاستظهار على الْمُلُوك لم يجد ضيماً وَلَا خرج عَلَيْهِ خارجي إِلَّا قمعه وَلَا مُخَالف إِلَّا دمغه وَمن أضمر لَهُ سوءا رَمَاه الله بالخذلان قَالَ محب الدّين ابْن النجار حدثين حَمَّاد بن أبي البركات الْفَتْح وَكَانَ صَدُوقًا متديناً قَالَ حَدثنِي الْملك صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب صَاحب الشَّام وديار مصر وَكنت قد دخلت عَلَيْهِ وأعطيته مَكْتُوبًا من الدِّيوَان قَالَ وصل إِلَيْنَا من عنْدكُمْ رجل يعرف بِأبي رشيد ابْن أبي مَنْصُور البوشنجي واتصل بخدمتنا وَصَارَ لَهُ اخْتِصَاص بِنَا وتقرب إِلَيْنَا وَحسن حَاله)
فأرسلته إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز فِي رِسَالَة فَمضى وَعَاد وَأَنا نَازل على صور من سَاحل الشَّام محاصر لَهَا فاتصل بِنَا إِلَى الْعَسْكَر وَأدّى جَوَاب الرسَالَة فَقلت لَهُ كَيفَ تركت أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأجَاب بِمَا لَا يجوز التفوه بِهِ وَظن أَن ذَلِك يسرني فزبرته ونهيته عَن ذَلِك وَقلت لَهُ هَذَا بَيت مؤيد محروس من الله من قَصده بِسوء عَاد عَلَيْهِ ثمَّ إِنَّه خرج مُتَوَجها إِلَى الْموضع الَّذِي فِيهِ رَحْله فَلَمَّا فارقناه قَلِيلا أَتَاهُ سهم غرب فِيهِ ياسيج فَدخل فِي صَدره وَخرج من ظَهره وخر صَرِيعًا فِي الْحَال وَحمل إِلَى رَحْله وتسابق الغلمان إِلَيّ بِالْحَال فعجبت من تَعْجِيل الله سُبْحَانَهُ عُقُوبَته انْتهى وَكَانَ الإِمَام النَّاصِر شَدِيد الاهتمام بِالْملكِ ومصالحه لَا يكَاد يخفى عَلَيْهِ شَيْء من أُمُور رَعيته كبارهم وصغارهم وَأَصْحَاب أخباره فِي أقطار الْبِلَاد يوصلون إِلَيْهِ أَحْوَال الْمُلُوك الظَّاهِرَة والباطنة وَكَانَت لَهُ حيل لَطِيفَة ومكايد خُفْيَة وخدع لَا يفْطن لَهَا أحد يُوقع الصداقة بَين مُلُوك متعادين ويوقع الْعَدَاوَة مَعَ مُلُوك متفقين وهم لَا يَشْعُرُونَ وَلما دخل رَسُول صَاحب مازندران بغداذ كَانَ يتيه ورقة كل صباح بِمَا عمل فِي اللَّيْل وَصَارَ يُبَالغ فِي الكتم والورقة تَأتيه فاختلى لَيْلَة بِامْرَأَة دخلت إِلَيْهِ من بَاب السِّرّ فصبحته الورقة بذلك وفيهَا كَانَ عَلَيْكُم دواج فِيهِ صُورَة الفيلة فتحير وَخرج من بغداذ وَهُوَ لَا يشك أَن الْخَلِيفَة يعلم الْغَيْب لِأَن الإمامية يَعْتَقِدُونَ أَن الإِمَام الْمَعْصُوم يعلم مَا فِي الْحَامِل وَمَا وَرَاء الْجِدَار وأتى رَسُول خوارزم شاه برسالة مخفية وَكتاب مختوم فَقيل لَهُ ارْجع قد عرفنَا مَا جِئْت بِهِ فَرجع يظنّ أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب وَرفع من المطالعات أَن رجلا كَانَ وَاقِفًا والعسكر خَارج إِلَى ششتر فِي قُوَّة الأمطار وَشدَّة الشتَاء وَالْبرد فَقَالَ كنت أُرِيد من الله تَعَالَى من يُخْبِرنِي إِلَى أَيْن يمْضِي هَؤُلَاءِ المدابير ويسفقني مائَة خَشَبَة فَلم تزل عين الرافع ترقب الْقَائِل حَتَّى وصل مستقره خشيَة أَن يطْلب فَأمر النَّاصِر فِي الْحَال أَن يحضرهُ الْوَزير ويضربه مائَة خَشَبَة فَإِذا تمت أعلمهُ إِلَى أَيْن يذهب الْعَسْكَر فَلَمَّا ضربه الْمِائَة وَهُوَ لَا يعلم علام ضرب نسي أَن يُعلمهُ إِلَى أَيْن يذهب الْعَسْكَر فَمَا انْفَصل عَن الْمَكَان الْمَذْكُور حَتَّى تذكر الْوَزير ذَلِك فَقَالَ ردُّوهُ فَعَاد مَرْعُوبًا خشيَة أَن يُزَاد عُقُوبَة فَلَمَّا وصل قَالَ لَهُ الْوَزير قد أَمر مَوْلَانَا صلوَات الله عَلَيْهِ أَن نعلمك بعد أدبك إِلَى أَيْن يمْضِي الْعَسْكَر والعسكر يمْضِي إِلَى
ششتر فَقَالَ لَا كتب الله عَلَيْهِم سَلامَة فغلب ضحك الْحَاضِرين وَرفع الْخَبَر إِلَى النَّاصِر فَقَالَ يغْفر لَهُ سوء أدبه بِحسن نادرته ولطف موقعها وَيدْفَع إِلَيْهِ مائَة دِينَار عدد الْخشب الَّذِي ضرب بِهِ ويحكى عَنهُ من هَذِه)
الْمَادَّة غرائب وعجائب وَكَانَ يُعْطي فِي مَوَاطِن عَطاء من لَا يخَاف الْفقر وَجَاء رجل وَمَعَهُ ببغاء من الْهِنْد تقْرَأ قل هُوَ الله أحد تحفة للخليفة فَأَصْبَحت ميتَة فَجَاءَهُ فرَاش يطْلب مِنْهُ الببغاء فَبكى وَقَالَ اللَّيْلَة مَاتَت فَقَالَ عرفنَا بموتها وَكم كَانَ فِي ظَنك أَن يعطيك فَقَالَ خمس مائَة دِينَار فَقَالَ خُذ هَذِه خمس مائَة دِينَار فَإِنَّهُ علم بحالك مُنْذُ خرجت من الْهِنْد وَقَالَ أَبُو المظفر سبط ابْن الْجَوْزِيّ قل بصر الْخَلِيفَة فِي الآخر وَقيل ذهب جملَة وَكَانَ خادمه ريق قد استولى على الْخلَافَة وَقَامَ مُدَّة يُوقع عَنهُ وَكَانَ بالخليفة أمراض مِنْهَا عسر الْبَوْل والحصر وَوجد مِنْهُ شدَّة وشق ذكره مرَارًا وَمَا زَالَ يَعْتَرِيه حَتَّى قَتله وَقَالَ شمس الدّين الْجَزرِي حَدثنِي وَالِدي قَالَ سَمِعت الْوَزير مؤيد الدّين ابْن العلقمي لما كَانَ على الأستاذدارية يَقُول إِن المَاء الَّذِي يشربه الإِمَام النَّاصِر كَانَت تجبيه الدَّوَابّ من فَوق بغداذ بسبعة فراسخ ويغلى سبع غلوات كل يَوْم غلوة ثمَّ يجلس فِي الأوعية سَبْعَة أَيَّام ثمَّ يشرب مِنْهُ وَبعد هَذَا مَا مَاتَ حَتَّى سقِِي المرقد ثَلَاث مَرَّات وشق ذكره وَأخرج مِنْهُ الْحَصَى وَقَالَ الْمُوفق مَا مرض مَوته فسهو ونسيان بَقِي مِنْهُ سِتَّة أشهر وَلم يشْعر أحد بكنه حَاله من الرّعية حَتَّى خَفِي عَن الْوَزير وَأهل الدَّار وَكَانَ لَهُ جَارِيَة قد علمهَا الْخط بِنَفسِهِ فَكَانَت تكْتب مثل خطه فتكتب على التوقيع بمشورة قهرمانة الدَّار وَلما مَاتَ بُويِعَ لوَلَده أبي نصر ولقب الظَّاهِر بِأَمْر الله وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته تِسْعَة أشهر وَقَالَ ابْن الْأَثِير بَقِي النَّاصِر عاطلاً عَن الْحَرَكَة بِالْكُلِّيَّةِ ثَلَاث سِنِين قد ذهب إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَفِي الآخر أَصَابَهُ دوسنطاريا عشْرين يَوْمًا وَلم يُطلق فِي مَرضه شَيْئا مِمَّا كَانَ أحدثه من الرسوم وَكَانَ يسيء السِّيرَة خرب فِي أَيَّامه الْعرَاق وتفرق أَهله فِي الْبِلَاد وَأخذ أَمْوَالهم وأملاكهم قَالَ وَكَانَ يفعل الشَّيْء وضده وَجعل همته فِي رمي البندق والطيور المناسيب وسراويلات الفتوة وَنقل الظهير الكازروني فِي تأريخه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَأَجَازَ لي إِن النَّاصِر فِي وسط خِلَافَته هم بترك الْخلَافَة والانقطاع إِلَى التَّعَبُّد وَكتب عَنهُ ابْن الضَّحَّاك توقيعاً فقرئ على الْأَعْيَان وَبنى رِبَاطًا للْفُقَرَاء وَاتخذ إِلَى جَانب الرِّبَاط دَارا لنَفسِهِ كَانَ يتَرَدَّد إِلَهًا ويحادث الصُّوفِيَّة وَعمل لَهُ ثيابًا كَثِيرَة بزِي الصُّوفِيَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ثمَّ ترك ذَلِك كُله ومل الله يسامحه قَالَ ابْن النجار وَملك من المماليك مَا لم يملكهُ من تقدمه من الخفاء والملوك وخطب لَهُ بالأندلس والصين وَكَانَ أَسد بني الْعَبَّاس وَقيل إِنَّه بلغه أَن شخصا يرى خلَافَة يزِيد فَأحْضرهُ ليعاقبه فَقيل لَهُ أَتَقول بِصِحَّة)
خلَافَة يزِيد فَقَالَ أَنا أَقُول إِن الإِمَام لَا يَنْعَزِل بارتكاب الْفسق فَأَعْرض عَنهُ وَأمر بِإِطْلَاقِهِ وَخَافَ المحاققة