الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(خالوه الْحلْوانِي)
أَحْمد بن عَليّ بن بدران بن عَليّ الْحلْوانِي أَبُو بكر بن أبي الْحسن الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بخالوه بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على الْحسن بن غَالب بن الْمُبَارك وَعلي بن مُحَمَّد بن فَارس الْخياط وَغَيرهمَا وَسمع الحَدِيث بالكثير من الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَالْقَاضِي طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ وَعلي بن مُحَمَّد بن حبيب الْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهم وَسمع بِالْبَصْرَةِ وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَخرج تخريجاتٍ وفوائد فِي فنون وانتقى أَبُو عبد الله الْحميدِي لَهُ فَوَائِد من أُصُوله وَتكلم على أحاديثها وَحدث بالكثير وروى عَنهُ ابْن كُلَيْب وَأَبُو الْفرج وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ قَالَ محب الدّين ابْن النجار أَنبأَنَا أَبُو بكر الجيلي عَن أبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ قَالَ أَحْمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي كَانَ شَيخا لَيْسَ لَهُ معرفَة بطرِيق الحَدِيث روى كتاب التَّرْغِيب لِابْنِ شاهين عَن العشاري من نُسْخَة طرية مستجدة وَلم نر لَهُ أصلا عتيقاً بِهِ وَهُوَ شيخ صَالح فِيهِ ضعف لَا يحْتَج بحَديثه توفّي سنة سبع وَخمْس مائَة
3 -
(أَبُو بكر الْحَافِظ خطيب بغداذ)
أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت بن أَحْمد بن مهْدي أَبُو بكر الْخَطِيب الْحَافِظ إِمَام هَذِه الصَّنْعَة انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي الْحِفْظ والإتقان وَالْقِيَام بعلوم الحَدِيث وَحسن التصنيف ولد بقرية من أَعمال نهر الْملك تعرف بهنيقيا بهاء مَفْتُوحَة وَنون مَكْسُورَة وياء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وقافٍ مَكْسُورَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف مَفْتُوحَة وَبعدهَا ألف مَقْصُورَة كَذَا وجدته مضبوطاً
قَالَ أَبُو الْخطاب ابْن الْجراح يمدح الْخَطِيب
(فاق الْخَطِيب الورى صدقا وَمَعْرِفَة
…
وأعجز النَّاس فِي تصنيفه الكتبا)
(حمى الشَّرِيعَة من غاوٍ يدنسها
…
بِوَضْعِهِ وَنفى التَّدْلِيس والكذبا)
(جلى محَاسِن بغداذٍ فأودعها
…
تَارِيخه مخلصاً لله محتسبا)
(وَقَالَ فِي النَّاس بالقسطاس منحرفاً
…
عَن الْهوى وأزال الشَّك والريبا)
(سقى ثراك أَبَا بكرٍ على ظمأ
…
جونٌ ركامٌ يسح الواكف السربا)
)
(ونلت فوزاً ورضواناً ومغفرةً
…
إِذا تحقق وعد الله واقتربا)
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي يمدح مصنفات الْخَطِيب
(تصانيف ابْن ثابتٍ الْخَطِيب
…
ألذّ من الصِّبَا الغضّ الرطيب)
(يَرَاهَا إِذْ حواها من رَوَاهَا
…
رياضاً رَأسهَا ترك الذُّنُوب)
(وَيَأْخُذ حسن مَا قد صاغ مِنْهَا
…
بقلب الْحَافِظ الفطن الأريب)
(فأية راحةٍ ونعيم عيشٍ
…
يوازي كتبه أم أَي طيب)
سمع ببغداذ شُيُوخ وقته وبالبصرة والري والدينور والكوفة ونيسابور وَقدم دمشق سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة حاجّاً فَسمع بهَا وبصور وَقَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ فِي خَمْسَة أَيَّام بِمَكَّة على كَرِيمَة المروزية وَعَاد إِلَى بغداذ وَصَارَ لَهُ قرب من الْوَزير رَئِيس الرؤساء فَلَمَّا وَقعت فتْنَة البساسيري ببغداذ استتر الْخَطِيب وَخرج إِلَى الشَّام لما آذاه الْحَنَابِلَة بِجَامِع الْمَنْصُور وَحدث بِدِمَشْق بعامة كتبه ثمَّ قصد صور وَأقَام بهَا وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الْقُدس للزيارة ثمَّ يعود إِلَى صور وَتوجه إِلَى طرابلس وحلب وَأقَام بهما أَيَّامًا قَلَائِل ثمَّ عَاد إِلَى بغداذ فِي أعقاب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأقَام بهَا سنة إِلَى توفّي وَحِينَئِذٍ روى تَارِيخ بغداذ وروى عَنهُ من شُيُوخه أَبُو بكر البرقاني والأزهري وَغَيرهمَا
وَكَانَ يَقُول شربت مَاء زَمْزَم ثَلَاث مَرَّات وَسَأَلت الله عز وجل ثَلَاث حاجاتٍ آخِذا بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ فالحاجة الأولى أَن أحدث بتاريخ بغداذ وَالثَّانيَِة أَن أملي الحَدِيث بِجَامِع الْمَنْصُور وَالثَّالِثَة أَن أدفن إِذا مت عِنْد قبر بشر الحافي فَلَمَّا عَاد إِلَى بغداذ حدث بتاريخه بهَا وَوَقع إِلَيْهِ جُزْء فِيهِ سَماع الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله فَحمل الْجُزْء وَمضى إِلَى بَاب حجرَة الْخَلِيفَة وَسَأَلَ أَن يُؤذن لَهُ فِي قِرَاءَة الْجُزْء فَقَالَ الْخَلِيفَة هَذَا رجل كَبِير فِي الحَدِيث وَلَيْسَ لَهُ إِلَى السماع مني حَاجَة وَلَعَلَّ لَهُ حَاجَة أَرَادَ أَن يتَوَصَّل إِلَيْهَا بذلك فَاسْأَلُوهُ حَاجته فَسَأَلُوهُ فَقَالَ حَاجَتي أَن أملي الحَدِيث بِجَامِع الْمَنْصُور فَتقدم الْخَلِيفَة إِلَى نقيب النُّقَبَاء بِأَن يُؤذن لَهُ فِي ذَلِك وَلما مَاتَ أَرَادوا دَفنه عِنْد بشر الحافي بوصيةٍ مِنْهُ وَكَانَ الْموضع الَّذِي بِجنب بشر قد حفر فِيهِ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الطريثيثي قبراً لنَفسِهِ وَكَانَ يمْضِي إِلَى ذَلِك الْموضع وَيخْتم فِيهِ الْقُرْآن وَيَدْعُو وَمضى على ذَلِك سنُون فَلَمَّا مَاتَ الْخَطِيب سَأَلُوهُ أَن يدفنوه فِيهِ فَامْتنعَ وَقَالَ هَذَا قَبْرِي قد حفرته وختمت فِيهِ عدَّة ختمات وَلَا أمكن أحدا من الدّفن)
فِيهِ وَهَذَا مِمَّا لَا يتَصَوَّر فَانْتهى الْخَبَر إِلَى سعد الصُّوفِي فَقَالَ لَهُ يَا شيخ لَو كَانَ بشر فِي الْأَحْيَاء وَدخلت أَنْت والخطيب إِلَيْهِ أيكما كَانَ يقْعد إِلَى جَانِبه أَنْت أَو الْخَطِيب فَقَالَ لَا بل الْخَطِيب فَقَالَ فَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي حَالَة الْمَوْت فَإِنَّهُ أَحَق بِهِ مِنْك فطاب قلبه وَرَضي بِأَن يدْفن الْخَطِيب فِي ذَلِك الْموضع
وَكَانَ بعض الْيَهُود قد أظهر فِي بغداذ كتابا وَادّعى أهـ كتاب رَسُول الهل صلى الله عليه وسلم بِإِسْقَاط الْجِزْيَة عَن أهل خَيْبَر وَفِيه شَهَادَات الصَّحَابَة وَأَنه خطّ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فعرضه رَئِيس الرؤساء على الْخَطِيب فَقَالَ هَذَا مزوّر فَقيل لَهُ من أَيْن لَك ذَلِك قَالَ فِي الْكتاب شَهَادَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَمُعَاوِيَة أسلم يَوْم الْفَتْح وخيبر كَانَت فِي سنة سبع وَفِيه شَهَادَة سعد بن معَاذ وَكَانَ قد مَاتَ يَوْم الخَنْدَق فِي سنة خمس فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ وتقد رَئِيس الرؤساء إِلَى الْقصاص والوعاظ أَن لَا يُورد أحد حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى يعرضه إِلَى الْخَطِيب فَمَا أَمرهم بإيراده أوردوه وَمَا مَنعهم مِنْهُ ألغوه وَقَالَ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ الْخَطِيب قَدِيما على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل فَمَال عَلَيْهِ أَصْحَابنَا لما رَأَوْا من ميله إِلَى المبتدعة وآذوه فانتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وتعصب فِي تصانيفه عَلَيْهِم فرمز إِلَى ذمهم وَصرح بِقدر مَا أمكن فَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن حَنْبَل سيد الْمُحدثين وَفِي تَرْجَمَة الشَّافِعِي تَاج الْفُقَهَاء فَلم يذكر أَحْمد بالفقه وَقَالَ فِي تَرْجَمَة حُسَيْن الْكَرَابِيسِي إِنَّه قَالَ عَن أَحْمد أيش نعمل بِهَذَا الصَّبِي إِن قُلْنَا لفظنا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق قَالَ بِدعَة وَإِن قُلْنَا غير مَخْلُوق قَالَ بِدعَة ثمَّ الْتفت إِلَى أَصْحَاب أَحْمد فقدح فيهم بِمَا أمكن وَله دسائس فِي ذمهم عَجِيبَة وَذكر شَيْئا مِمَّا زعم أَبُو الْفرج أَنه قدح فِي الْحَنَابِلَة وتأوّل لَهُ ثمَّ قَالَ أَنبأَنَا أَبُو زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن أبي الْفضل القومسي وَكَانَ من أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ يَقُول ثَلَاثَة من الْحفاظ لَا أحبهم لشدَّة تعصبهم وَقلة إنصافهم الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَأَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو بكر الْخَطِيب قَالَ أَبُو الْفرج وَصدق إِسْمَاعِيل وَكَانَ من أهل الْمعرفَة فَإِن الْحَاكِم كَانَ متشيعاً ظَاهر التَّشَيُّع والآخران كَانَا يتعصبان للمتكلمين والأشاعرة وَمَا يَلِيق هَذَا بأصحاب الحَدِيث لِأَن الحَدِيث جَاءَ فِي ذمّ الْكَلَام وَقد أكد الشَّافِعِي فِي هَذَا حَتَّى قَالَ رَأْيِي فِي أَصْحَاب الْكَلَام أَن يحملوا على البغال وَيُطَاف بهم وصنف ابْن الْجَوْزِيّ أَبُو الْفرج السهْم الْمُصِيب فِي بَيَان تعصب الْخَطِيب وَقَالَ ابْن طَاهِر سَأَلت أَبَا)
الْقَاسِم هبة الله الشِّيرَازِيّ قلت هَل كَانَ أَبُو بكر الْخَطِيب كتصانيفه فِي الْحِفْظ فَقَالَ لَا كُنَّا إِذا سألناه عَن شَيْء أجابنا بعد أَيَّام وَإِن ألححنا عَلَيْهِ غضب وَكَانَت لَهُ بادرة وَحْشَة وَأما تصانيفه فمصنوعة مهذبة وَلم يكن حفظه على قدر تصانيفه قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء ونقلت من خطّ أبي سعد السَّمْعَانِيّ ومنتخبه لمعجم شُيُوخ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد النخشبي قَالَ وَمِنْهُم أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب يخْطب فِي بعض قرى بغداذ حَافظ فهم وَلكنه كَانَ يتهم بِشرب النَّبِيذ كنت كلما لَقيته بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ فَلَقِيته فِي بعض الْأَيَّام فَلم يسلم عَليّ ولقيته شبه الْمُتَغَيّر فَلَمَّا جَازَ عني لَحِقَنِي بعض أَصْحَابنَا وَقَالَ لي لقِيت أَبَا بكر الْخَطِيب سَكرَان فَقلت لَهُ لقد لَقيته متغيراً واستنكرت حَاله وَلم أعلم أَنه سَكرَان
وَلَعَلَّه قد تَابَ إِن شَاءَ الله قَالَ السَّمْعَانِيّ وَلم يذكر عَن الْخَطِيب رحمه الله هَذَا إِلَّا النخشبي مَعَ أَنِّي لحقت جمَاعَة من أَصْحَابه كَثِيرَة وَقَالَ فِي المذيل والخطيب فِي دَرَجَة القدماء من الْحفاظ وَالْأَئِمَّة الْكِبَار كيحيى بن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن أبي خَيْثَمَة وطبقتهم وَكَانَ عَلامَة الْعَصْر اكتسى بِهِ هَذَا الشَّأْن غضارة وبهجة ونضارة وَكَانَ مهيباً وقوراً نبيلاً خطيراً ثِقَة صَدُوقًا متحرياً حجَّة فِيمَا يصنفه ويقوله وينقله ويجمعه حسن النَّقْل والخط كثير الشكل والضبط قَارِئًا للْحَدِيث فصيحاً وَكن فِي دَرَجَة الْكَمَال والرتبة الْعليا خلقا وخلقاً وهيئة ومنظراً انْتهى إِلَيْهِ معرفَة علم الحَدِيث وَحفظه وَختم بِهِ الْحفاظ رحمهم الله بَدَأَ بِسَمَاع الحَدِيث سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة وَقد بلغ إِحْدَى عشرَة سنة من عمره قَالَ وَسمعت بعض مشايخي يَقُول دخل بعض الأكابر جَامع دمشق أَو صور وَرَأى حَلقَة عَظِيمَة للخطيب والمجلس غاص يسمعُونَ مِنْهُ الحَدِيث فَصَعدَ إِلَى جَانِبه وَكَأَنَّهُ استكثر الْجمع فَقَالَ لَهُ الْخَطِيب الْقعُود فِي جَامع الْمَنْصُور مَعَ نفر يسير أحب إِلَيّ من هَذَا انْتهى وَحدث الْخَطِيب وَله عشرُون سنة حِين قدم من الْبَصْرَة وَكتب عَنهُ شَيْخه أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي أَشْيَاء أدخلها فِي تصانيفه وَسَأَلَهُ الْخَطِيب فقرأها عَلَيْهِ وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة قَالَ أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى بن عَليّ الْخَطِيب اللّغَوِيّ لما دخلت دمشق سنة سِتّ وَخمسين كَانَ بهَا إِذْ ذَاك الإِمَام أَبُو بكر الْحَافِظ وَكَانَت لَهُ حَلقَة كَبِيرَة يَجْتَمعُونَ فِي بكرَة كل يَوْم فَيقْرَأ لَهُم وَكنت أَقرَأ عَلَيْهِ الْكتب الأدبية المسموعة وَكَانَ إِذا مر فِي كِتَابه شَيْء يحْتَاج إِلَى إصْلَاح يصلحه وَيَقُول أَنْت مني الرِّوَايَة وَأَنا أُرِيد مِنْك الدِّرَايَة قَالَ وَكَانَ إِذا قَرَأَ الحَدِيث فِي جَامع دمشق يسمع صَوته فِي آخر الْجَامِع وَكَانَ يقْرَأ مَعهَا صَحِيحا)
وَحدث مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي سَمِعت أَبَا الْقَاسِم مكي بن عبد السَّلَام الرَّمْلِيّ يَقُول سَبَب خُرُوج أبي بكر الْخَطِيب من دمشق إِلَى صور أَنه كَانَ يخْتَلف إِلَيْهِ صبي صبيح الْوَجْه وَقد سَمَّاهُ مكي أَنا نكبت عَن ذكره فَتكلم النَّاس فِي ذَلِك وَكَانَ أَمِير الْبَلدة رَافِضِيًّا متعصباً فبلغته الْقِصَّة فَجعل ذَلِك سَببا للفتك بِهِ فَأمر صَاحب الشرطة أَن يَأْخُذهُ بِاللَّيْلِ ويقتله وَكَانَ صَاحب الشرطة من أهل السّنة فقصده صَاحب الشرطة تِلْكَ اللَّيْلَة مَعَ جمَاعَة من الشرطة من أَصْحَابه وَلم يُمكنهُ أَن يُخَالف الْأَمِير وَأَخذه وَقَالَ لَهُ أمرت بِكَذَا وَكَذَا وَلَا أجد لَك حِيلَة إِلَّا أنني أعبر بك على دَار الشريف ابْن أبي الْحسن الْعلوِي فَإِذا حاذيت الْبَاب فَادْخُلْ الدَّار فَإِنِّي أرجع إِلَى الْأَمِير وَأخْبرهُ بالقصة فَفعل ذَلِك وَدخل دَار الشريف وَأعلم صَاحب الشرطة الْأَمِير فَبعث الْأَمِير إِلَى الشريف أَن يبْعَث بِهِ فَقَالَ الشريف أَيهَا الْأَمِير أَنْت تعرف اعتقادي فِيهِ وَفِي أَمْثَاله وَلَكِن لَيْسَ لي فِي قَتله مصلحَة هَذَا الرجل مَشْهُور بالعراق وَإِن قتلته قتل بِهِ جمَاعَة من الشِّيعَة بالعراق وَخَربَتْ الْمشَاهد قَالَ فَمَا ترى قَالَ أرى أَن يخرج من بلدك فَأمر بِهِ فَخرج إِلَى صور وَبَقِي بهَا مُدَّة إِلَى أَن عَاد إِلَى بغداذ وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ
قَالَ محب الدّين ابْن النجار أخبرنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الْحداد بأصبهان قَالَ أَنا الْحَافِظ أَبُو
مُوسَى مُحَمَّد بن أبي بكر الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا عَليّ الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن بَقِي الأندلسي الجذامي الْحَافِظ وَقل من رايت من الْحفاظ مثله يَقُول قَالَ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ رَأَيْت الْحفاظ فِي ديار الْإِسْلَام أَرْبَعَة أَبَا ذَر عبد بن أَحْمد والصوري والأرموي وَأَبا بكر الْخَطِيب وَأما الْفُقَهَاء فكثير انْتهى وَحضر أَبُو بكر الْخَطِيب درس الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فروى الشَّيْخ حَدِيثا من رِوَايَة بَحر بن كنيز بالنُّون والزاء السقاء ثمَّ قَالَ للخطيب مَا تَقول فِيهِ فَقَالَ الْخَطِيب إِن أَذِنت لي ذكرت حَاله فأسند الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق ظَهره إِلَى من الحائظ وَقعد مِثْلَمَا يقْعد التلميذ بَين يَدي الْأُسْتَاذ يسمع كَلَام الْخَطِيب وَشرع الْخَطِيب فِي شرح أَحْوَاله وَيَقُول قَالَ فِيهِ فلَان كَذَا وَقَالَ فِيهِ فلَان كَذَا وَشرح أَحْوَاله شرحاً حسنا وَمَا ذكر فِيهِ الْأَئِمَّة من الْجرْح وَالتَّعْدِيل إِلَى أَن فرغ مِنْهُ فَأثْنى الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا وَقَالَ هُوَ دارقطني عهدنا وَكَانَ الْخَطِيب يمشي فِي الطَّرِيق وَفِي يَده جُزْء يطالعه وَرُبمَا أعلم على الْأَحَادِيث وتفقه الْخَطِيب على الْمحَامِلِي وعَلى القَاضِي أبي الطّيب وَقَالَ أَبُو عَليّ البرداني لَعَلَّ الْخَطِيب لم ير مثل نَفسه وَكَانَ يذهب مَذْهَب أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مذْهبه يَعْنِي الْخَطِيب فِي)
الصِّفَات أَنَّهَا تمر كَمَا جَاءَت صرح فِي تصانيفه بذلك قلت الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لَهُ فِي آيَات الصِّفَات مذهبان أَحدهمَا أَنه إِذا مرت بِهِ آيَة ظَاهرهَا يفهم مِنْهُ الجسمية كَالْيَدِ وَالْجنب ردهَا بالتأويل إِلَى مَا يَنْفِي الجسمية وَالثَّانِي أَنه يمر بظاهرها كَمَا جَاءَت لَا يتأولها ويكل الْعلم بهَا إِلَى الله تَعَالَى من غير اعْتِقَاد الجسمية فَاخْتَارَ الْخَطِيب الْمَذْهَب الثَّانِي وَهُوَ الأسلم وَولد الْخَطِيب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي رحمه الله يَوْم الِاثْنَيْنِ السَّابِع من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ أحد من حمل جنَازَته الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
وَقَالَ أَبُو الْفضل بن خيرون جَاءَنِي بعض الصَّالِحين فَأَخْبرنِي لما مَاتَ الْخَطِيب وَقَالَ إِنِّي رَأَيْته فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ كَيفَ حالك قَالَ أَنا فِي روح وَرَيْحَان وجنة نعيم وَقَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن جدا رَأَيْت فِي الْمَنَام بعد موت الْخَطِيب شخصا قَائِما بحذائي فَأَرَدْت أَن أسأله عَن الْخَطِيب فَقَالَ لي ابْتِدَاء أنزل وسط الْجنَّة حَيْثُ يتعارف الْأَبْرَار وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي سَمِعت أَبَا الْعِزّ نجا بن الْمُبَارك بن طَالب المحرمي الْفَقِيه يحلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَيْهِ إِلَّا هُوَ وَهُوَ صَدُوق صَالح من أهل الْعلم أَنه رأى فِي الْمَنَام أَبَا بكر الشَّامي قَاضِي بغداذ بعد مَوته كَأَنَّهُ قَاعد على كرْسِي قَالَ فدنوت مِنْهُ وسلمت عَلَيْهِ وصافحته فَالْتَفت فَإِذا أَبُو بكر الْخَطِيب على كرْسِي آخر فَقَالَ لي القَاضِي الحَدِيث الْفُلَانِيّ فَأَجَابَهُ الْخَطِيب بِشَيْء ذهب عني فتنازعنا فَقَالَ الْخَطِيب فَهَذَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم قُم حَتَّى نَسْأَلهُ فقاما جَمِيعًا إِلَى زَاوِيَة فرفعا سترا أخرض ودخلا فوقفت أَنا على الْبَاب ثمَّ انْتَبَهت وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْمَكِّيّ بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي كنت نَائِما فِي منزل الشَّيْخ أبي السن بن الزَّعْفَرَانِي ببغداذ لَيْلَة الْأَحَد الثَّانِي عشر من ربيع الأول سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة فَرَأَيْت فِي
الْمَنَام عِنْد السحر كأنا اجْتَمَعنَا عِنْد الْخَطِيب بمنزله بِبَاب الْمَرَاتِب لقِرَاءَة التَّارِيخ على الْعَادة وَكَانَ الشَّيْخ جَالِسا وَالشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح نصر بن إِبْرَاهِيم عَن يَمِينه وَعَن يَمِين الْفَقِيه نصر رجل جَالس لم أعرفهُ فَسَأَلت عَنهُ فَقلت من هَذَا الرجل الَّذِي لم تجر عَادَته بالحضور مَعنا فَقيل لي هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَاءَ ليسمع التَّارِيخ فَقلت فِي نَفسِي هَذِه جلالة للشَّيْخ أبي بكر يحضر النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَجْلِسه فَقلت فِي نَفسِي وَهَذَا أَيْضا رد لقَوْل من يعيب التَّارِيخ وَيذكر أَن فِيهِ تحاملاً على أَقوام وَقَالَ الْخَطِيب فِي تَرْجَمَة الْحِيرِي إِسْمَاعِيل بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي الضَّرِير)
حج وَحدث وَنعم الشَّيْخ كَانَ وَلما حج كَانَ مَعَه حمل كتب ليجاور وَكَانَ فِي جملَة كتبه صَحِيح البُخَارِيّ سَمعه من الكشمهيني فَقَرَأت جَمِيعه عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَة مجَالِس قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهَذَا شَيْء لَا أعلم أحد فِي زَمَاننَا يستطيعه
وَكتبه الَّتِي صنفها تَارِيخ مَدِينَة السَّلَام مائَة وَسِتَّة أَجزَاء شرف أصَاب الحَدِيث ثَلَاثَة أَجزَاء الْجَامِع خَمْسَة عشر جُزْءا الْكِفَايَة فِي معرفَة الرِّوَايَة ثَلَاثَة عشر جُزْءا تَلْخِيص الْمُتَشَابه سِتَّة عشر جُزْءا تالي التَّلْخِيص الْفَصْل للوصل المدرج فِي النَّقْل تِسْعَة أَجزَاء المكمل فِي المهمل ثَمَانِيَة أَجزَاء غنية المقتبس فِي تَمْيِيز الملتبس سِتَّة أَجزَاء من وَافَقت كنيته اسْم أَبِيه ثَلَاثَة أَجزَاء الْأَسْمَاء المبهمة جُزْء مُجَلد الموضح أَرْبَعَة عشر جُزْءا من حدث وَنسي تَمْيِيز مُتَّصِل الْأَسَانِيد ثَمَانِيَة أَجزَاء الْخَيل ثَلَاثَة أَجزَاء الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء الرحلة الِاحْتِجَاج بالشافعي البخلاء أَرْبَعَة أَجزَاء التطفيل ثَلَاثَة أَجزَاء الْقُنُوت ثَلَاثَة أَجزَاء الروَاة عَن مَالك سِتَّة أَجزَاء الْفَقِيه والمتفقه اثْنَا عشر جُزْءا المؤتنف لتكملة المؤتلف والمختلف مُبْهَم الْمَرَاسِيل ثَلَاثَة أَجزَاء الْبَسْمَلَة من الْفَاتِحَة الْجَهْر بالبسملة جزءان مقلوب الْأَسْمَاء الْأَنْسَاب اثْنَا عشر جُزْءا صِحَة الْعَمَل بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد أَسمَاء المدلسين اقْتِضَاء الْعلم للْعَمَل تَقْيِيد الْعلم ثَلَاثَة أَجزَاء القَوْل فِي علم النُّجُوم رِوَايَات الصَّحَابَة عَن التَّابِعين صَلَاة التَّسْبِيح مُسْند نعيم بن هماز النَّهْي عَن صَوْم يَوْم الشَّك الْإِجَازَة للمعدوم والمجهول رِوَايَات السِّتَّة من التَّابِعين بَعضهم عَن بعض مُعْجم الروَاة عَن شُعْبَة ثَمَانِيَة أَجزَاء المؤتلف والمختلف أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ جُزْءا حَدِيث مُحَمَّد بن سوقة أَرْبَعَة أَجزَاء المسلسلات ثَلَاثَة أَجزَاء طرق قبض الْعلم ثَلَاثَة أَجزَاء غسل الْجُمُعَة ثَلَاثَة أَجزَاء الدَّلَائِل والشواهد
وَمن شعر الْخَطِيب رحمه الله
(لَا تغبطن أَخا الدُّنْيَا بزخرفها
…
وَلَا للذة وقتٍ عجلت فَرحا)
(فالدهر أسْرع شيءٍ فِي تقلبه
…
وَفعله بينٌ لِلْخلقِ قد وضحا)
(كم شاربٍ عسلاً فِيهِ منيته
…
وَكم تقلد سَيْفا من بِهِ ذبحا)