الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبق إِلَى ذَلِك بالأندلس وَقد رَأَيْته بالمرية بعد الْأَرْبَعين والأربع مائَة وَله كتب فِي علم الْقُرْآن مِنْهَا كتاب التَّحْصِيل فِي تَفْسِير الْقُرْآن كتاب التَّفْصِيل فِي التَّفْسِير أَيْضا وَله غير ذَلِك وَكَانَ جده أَحْمد بن برد وزيراً فِي الْأَيَّام العامرية وَكَانَ كَاتبا بلغياً أَيْضا توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبع مائَة أَعنِي الْوَزير وَمن شعر أَحْمد بن مُحَمَّد هَذَا قَوْله
(تَأمل فقد شقّ البهار مغلّساً
…
كماميه عَن نوّاره الخضل الندي)
(مداهن تبرٍ فِي أنامل فضةٍ
…
على أذرعٍ مخروطةٍ من زبرجد)
وَمِنْه أَيْضا
(لما بدا فِي لازور
…
دي اللبَاس وَقد بهر)
كَبرت من فرط الْجمال وَقلت مَا هَذَا بشر)
(فَأَجَابَنِي لَا تنكرن
…
ثوب السَّمَاء على الْقَمَر)
وَمِنْه أَيْضا
(قلبِي وقلبك لَا محَالة واحدٌ
…
شهِدت بذلك بَيْننَا الألحاظ)
(فتعال فلنغظ الحسود بوصلنا
…
إِن الحسود بِمثل ذَاك يغاظ)
3 -
(القَاضِي الدلوي الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن دلويه أَبُو حَامِد الاستوائي قَالَ الْخَطِيب يعرف بالدلوي قدم بغداذ وَسمع من الدَّارَقُطْنِيّ واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته وَولي الْقَضَاء بعكبرا من قبل القَاضِي أبي بكر بن الطّيب الباقلاني وَكَانَ ينتحل فِي الْفِقْه مَذْهَب الشَّافِعِي وَفِي الْأُصُول مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَله حظٌ فِي معرفَة الْأَدَب والعربية وَحدث بِشَيْء يسير وكتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا وَلما مَاتَ فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة دفن بالشونيزية وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء كَانَ الدلوي فَاضلا وَكَثِيرًا مَا تُوجد كتب الْأَدَب بِخَطِّهِ وَكَانَ صَحِيح النَّقْل جيد الضَّبْط مُعْتَبر الْخط فِي الْغَالِب
3 -
(الْحَافِظ السلَفِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سلفه بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَالْفَاء وَأَصله سلبه بِالْبَاء مَعْنَاهُ ثَلَاث شفَاه لِأَن شفته كَانَت مشقوقة
الْحَافِظ صدر الدّين أَبُو طَاهِر السلَفِي الْأَصْبَهَانِيّ سمع بِبَلَدِهِ الْقَاسِم بن الْفضل بن أَحْمد الثَّقَفِيّ ومكي بن مَنْصُور بن عَلان الكرجي وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف النضري وخلقاً كثيرا وسافر إِلَى بغداذ فِي شبابه وَسمع أَبَا الْخطاب بن البطر وَالْحُسَيْن بن عَليّ البشري وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وخلقاً كثيرا وَعمل معجما بشيوخ بغداذ ومعجما بالأصبهانيين وسافر للحجاز وَسمع بِمَكَّة وَالْمَدينَة والكوفة وواسط وَالْبَصْرَة وخوزستان ونهاوند وهمذان وساوة والري وقزوين وزنجان وَدخل بِلَاد أذربيجان وطافها إِلَى أَن وصل إِلَى الدربند وَكتب بِهَذِهِ الْبِلَاد عَن شيوخها وَعَاد إِلَى الجزيرة من ثغر آمد وَسمع بخلاط ونصيبين والرحبة ودمشق وَأقَام بهَا عَاميْنِ ورحل إِلَى صور وَركب مِنْهَا فِي الْبَحْر الْأَخْضَر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واستوطنها إِلَى الْمَوْت وَلم يخرج مِنْهَا إِلَّا مرّة وَاحِدَة إِلَى مصر وَكَانَ إِمَامًا مقرئاً مجوداً مُحدثا حَافِظًا جهبذاً فَقِيها مفنناً نحوياً ماهراً لغوياً محققاً ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ حجَّة ثبتاً انْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد فِي الْبِلَاد وَجمع معجماً ثَالِثا لباقي)
الْبلدَانِ الَّتِي سمع بهَا سوى أَصْبَهَان وبغداذ قَالَ الزَّاهِد أَبُو عَليّ الأوقى سَمِعت السلَفِي يَقُول لي سِتُّونَ سنة مَا رَأَيْت المنارة إِلَّا من هَذِه الطَّاقَة وَقَالَ ابْن الْمفضل فِي مُعْجَمه عدَّة شُيُوخ شَيخنَا السلَفِي تزيد على سِتّ مائَة نفس بأصبهان ومشيخته البغداذية خمس وَثَلَاثُونَ جُزْءا وَقَالَ الْحَافِظ عمر بن الْحَاجِب مُعْجم السّفر للسلفي يشْتَمل على ألفي شيخ وَله تصانيف كَثِيرَة
وَلما دخل بغداذ أقبل على الْفِقْه والعربية حَتَّى برع فيهمَا وأتقن مَذْهَب الشَّافِعِي على الكيا الهراسي وعَلى الخيطب أبي زَكَرِيَّاء التبريزي وَحدث ببغداذ وَهُوَ شَاب ابْن سبع عشرَة سنة أَو أقل وَلَيْسَ فِي وَجهه شَعْرَة كالبخاري وَأول سَمَاعه سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ قَالَ محب الدّين ابْن النجار روى لي عَنهُ ببغداذ وَمَكَّة ودمشق وحلب وحماة والقدس ونابلس ومصر والقاهرة والإسكندرية أَكثر من مائَة شيخ وَأورد لَهُ
(إِن علم الحَدِيث علم الرِّجَال
…
تركُوا الإبتداع لِلِاتِّبَاعِ)
(فَإِذا اللَّيْل جنهم كتبوه
…
وَإِذا أَصْبحُوا غدوا للسماع)
وَله أَيْضا
(كم جبت طولا وعرضا
…
وَجَبت أَرضًا فأرضا)
(وَمَا ظَفرت بخلٍّ
…
من غير غلٍّ فأرضى)
وَله أَيْضا
(أذابني فرط تجافيه
…
وعذل عذالي مَعًا فِيهِ)
(دعوا ملامي وانظروا طرفه
…
فِي طرفه والدر فِي فِيهِ)
(ولاحظوا الْحسن بألبابكم
…
كي تعذروا قلب مصافيه)
(ثمَّ اعذلوني بعد إِن كَانَ مَا
…
أصابني الْعقل يُنَافِيهِ)
وَله أَيْضا
(عفتم من الْحبّ بداياته
…
وعبتم أقْصَى نهاياته)
(ولمتموني فِيهِ واللوم لَا
…
يصلح فِي أهل ولاياته)
(فبالغوا فِي لومكم وابلغوا
…
أقْصَى تناهيه وغاياته)
(فوالذي أرجوه فِي محشري
…
وَحُرْمَة الذّكر وآياته)
)
(أليةً آليتها برّةً
…
لَا متّ إِلَّا تَحت راياته)
وَله أَيْضا
(فَلم تذق عَيْني مذ أبصرته
…
من شقائي طول ليلِي وسنا)
(وَلها فِي ذَاك عذر وَاضح
…
فَهُوَ كالبدر سناء وسنا)
وَله أَيْضا
(لَيْسَ على الأَرْض فِي زماني
…
من شَأْنه فِي الحَدِيث شاني)
(نقلا ونقداً وَلَا علوّاً
…
فِيهِ على رغم كل شاني)
وَكَانَ جيد الضَّبْط وخطه مَعْرُوف وَله أَجزَاء كَثِيرَة يَقُول فِي آخر كل مِنْهَا وَهِي أَجزَاء كبار كتبت جَمِيع هَذَا الْجُزْء فِي اللَّيْلَة الْفُلَانِيَّة وَقَالَ أكتب إِلَى قبيل الْفجْر ثمَّ أَنَام وَكَانَ كَأَنَّهُ شعلة نارٍ فِي تَحْصِيل الحَدِيث وَكَانَ ابْن الْأَكْفَانِيِّ شَيْخه يقوم لَهُ ويتلقاه ويعظمه وَإِذا خرج يشيعه
وَكتب حَتَّى عَن من كتب عَنهُ وَلم يزل يسمع إِلَى لَيْلَة وَفَاته وَلم يزل أمره يعظم بالإسكندرية حَتَّى صَار لَهُ عِنْد مُلُوك مصر الِاسْم والجاه العريض والكلمة النافذة مَعَ مُخَالفَته لَهُم فِي الْمَذْهَب وَقلة مبالاته بهم فِي أَمر الدّين لعقله وَدينه وَحسن مُجَالَسَته وأدب نَفسه وتألفه النَّاس واعترافه بالحقوق وشكره لَهَا وإرفاده للوفاد وَكَانَ لَا يكَاد تبدو مِنْهُ جفوة فِي حق أحد وَإِن بَدأته بادرها حَتَّى لَا ينْفَصل عَنهُ أحد إِلَّا طيب الْقلب وَكَانَ يجلس من أول الْمجْلس إِلَى آخِره لَا يبصق وَلَا يتنخم وَلَا يشرب وَلَا يتورك فِي جُلُوسه وَلَا يَبْدُو لَهُ قدم وَإِن بَدَت غطاها وَكَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين تحدث هُوَ وَأَخُوهُ فِي مَجْلِسه وهما يسمعان عَلَيْهِ فزبرهما وَقَالَ أيش هَذَا نَحن نَقْرَأ أَحَادِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما تتحدثان وقصده النَّاس ورحلوا حَتَّى السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَأَوْلَاده وَإِخْوَته وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة بعد الزياة على الْمِائَة بسنين لِأَن مولده بعيد السّبْعين والأربع مائَة على خلاف فِيهِ لِأَنَّهُ قَالَ أَنا أذكر قتل نظام الْملك فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَكَانَ عمري فِي حُدُود عشر سِنِين وَبنى لَهُ الْعَادِل عَليّ بن السلار أَمِير مصر مدرسة بالإسكندرية وَلما مَاتَ وجدت خَزَائِن كتبه قد التصقت وعفنت لكثرتها فَكَانُوا يستخلصونها بالفأس وَتلف أَكْثَرهَا
وارتحل إِلَيْهِ ابْن سناء الْملك الْمَشْهُور وَسمع عَلَيْهِ الحَدِيث وامتدحه بقصيدة الَّتِي أَولهَا
(حمد السرى وَهِي الْحَقِيقَة بالذم
…
لفرقة أرضٍ غَابَ عَن أفقها نجمي)
)
مِنْهَا
(نسيت سوى دارٍ بَكَيْت برسمها
…
وَذَلِكَ رسمي إِن وقفت على رسمي)
(وَدِيعَة مسكٍ فِي ثراها وَجدتهَا
…
فصيرت لثمي للوديعة كالختم)
(على سنة العشاق أَو بِدعَة الْهوى
…
حلمت بجهلي أَو جهلت بِهِ حلمي)
(ولكنني أنشرت فهمي من البلى
…
كَمَا أنني أيقظت حلمي من الْحلم)
(وَأَقْبل نسكي حِين ولت شبيبتي
…
وآض اعتزامي حِين عاينه حزمي)
(فَجئْت إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة قَاصِدا
…
إِلَى كعبة الْإِسْلَام أَو علم الْعلم)
(إِلَى خير دينٍ عِنْده خير مرشدٍ
…
وَخير إمامٍ عِنْده خير مؤتمّ)
(إِلَى أَحْمد المحيي شَرِيعَة أحمدٍ
…
فَلَا عدمت مِنْهُ أَبَا أمة الْأُمِّي)
(حمى بدعاءٍ أَو همى بفوائد
…
فبورك مِمَّا زَالَ يحمي كَمَا يهمي)
(تقوّس تقويس الْهلَال تهجداً
…
وَذَاكَ هِلَال يفضح الْبَدْر فِي التمّ)
(إِذا مَا شياطين الضلال تمردت
…
جدالاً فَمن أَقْوَاله كَوْكَب الرَّجْم)
(تكَاد لَدَيْهِ الْعَرَب وَالْفَخْر فخرها
…
تقرّ لَهُ أَن المفاخر فِي الْعَجم)
(أَبُو الدَّهْر عمرا واعتزاماً ومنصباً
…
فَلَا ذاق مِنْهُ دهره فجعة الْيُتْم)
وغزل هَذِه القصيدة فِي غَايَة الْحسن
وَأما ابْن قلاقس الإسكندري الشَّاعِر فَأكْثر مدائحه فِيهِ فَمن ذَلِك قَوْله قصيدة أَولهَا
(قرنت بواو الصدغ صَاد الْمقبل
…
وأغريت بِي لَام العذار المسلسل)
مِنْهَا
(وَهل أَنا إِلَّا نبعة يمنية
…
منضرة الأفنان فِي رَأس يذبل)
(سقى أَصْلهَا النُّعْمَان مَاء مفاخرٍ
…
فأثمر مِنْهَا كلّ فرع بِأَفْضَل)
(وَمن كَانَ صدر الدّين أَحْمد شَيْخه
…
أَطَالَ بهَا باعي يمينٍ ومقول)
(إمامٌ لقِيت الدَّهْر أدهم دونه
…
فألبسه وصف الأغرّ المحجّل)
(أَقَامَ بِهِ الله الشَّرِيعَة فاعتلت
…
دعائمها فَوق السماك وتعتلي)
(يُفَسر من ألفاظها كل مبهمٍ
…
وَيفتح من أعراضها كل مقفل)