المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة شيخ الطريقة محيي الدين بن عربي إلى الإمام ابن خطيب الري المعروف بالفخر الرازي - بحوث وتحقيقات عبد العزيز الميمني - جـ ٢

[عبد العزيز الميمني]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الثالث نصوص محققة

- ‌ثلاث رسائل

- ‌المقدمة

- ‌مقالة "كلّا" وما جاء منها في كتاب الله لابن فارس

- ‌باب الوجه الأول من "كلا" وهو باب الرد

- ‌باب كلا إذا كانت تحقيقًا لما بعدها

- ‌باب الردع

- ‌باب صلة الأيمان

- ‌فهرسما جاء فيه "كلا" من كتاب الله سبحانه

- ‌كتاب "ما تلحن فيه العوام" للكسائي

- ‌رسالة شيخ الطريقة محيي الدين بن عربي إلى الإِمام ابن خطيب الري المعروف بالفخر الرازي

- ‌رسالة الملائكة

- ‌كلمة للناشر

- ‌رسالة الملائكة

- ‌فائت شعر أبي العلاء

- ‌زيادات ديوان شعر المتنبيء

- ‌وهذا جَدْول العلامات

- ‌استدراك

- ‌النُتَف مِن شِعر ابنِ رشيق وزميله ابنُ شرَف القيروانيّين

- ‌شعر ابن شرف من كتاب النُتف مِنْ شِعْرِ ابنِ رَشيق وَزميله ابن شَرَف

- ‌شعر أبي عبد الله محمد بن أبي سعيد بن شَرَفَ الجُذاميّ

- ‌خاتمة

- ‌فهرس (شعر ابن رشيق) "على القوافي

- ‌القصيدة اليتيمة لدوقلة المنْبَجِيّ

- ‌شكوى الهجر والصدود

- ‌الفخر بأخلاق النفس

- ‌الربيع بن ضبع الفزاري

- ‌أخباره وشعره

- ‌أقدم كتاب في العالم على رأي أوجاويذان خرد

- ‌كتاب جاويذان خرد خلَّفه أوشهنج الملك وصية على من خلَفه

- ‌كتاب المداخلات أو المداخل لأبي عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد المطرز غلام ثعلب

- ‌أبو عمر الزاهد غلام ثعلب الحُفَظة اللغوي المحدث "وكتاب المداخَل له

- ‌أبواب مختارة من كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني

- ‌كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد

- ‌نسب عدنان وقحطان

- ‌كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما يَنبُتُ عليها من الأشجار وما فيها من المياه

- ‌السفر الأول من تحفة المجد الصريح في شرح الكتاب الفصيح

- ‌المجلد الأول من كتاب العباب الزاخر واللباب الفاخر

- ‌الفصل الأول: في أسامي جماعة من أهل اللغة (ق 2 ظ) / غير مراعى توتيب مواليدهم:

- ‌الفصل الثاني في أسامي كتب حوى هذا الكتاب اللغات المذكورة فيها، وهي:

الفصل: ‌رسالة شيخ الطريقة محيي الدين بن عربي إلى الإمام ابن خطيب الري المعروف بالفخر الرازي

‌رسالة شيخ الطريقة محيي الدين بن عربي إلى الإِمام ابن خطيب الري المعروف بالفخر الرازي

نسخها وأبرزها وصححها

عبد العزيز الميمني الراجكوتي الأثري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وعلى وليي في الله فخر الدين محمَّد، أعلى الله همته.

أما بعد فأنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلَّا هو. وقال رسول الله عليه السلام "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلم إياه أني أحبك". ويقول الله تعالى: [العصر 3]: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} .

وقد وقفت على بعض تواليفك، وما أيدك الله تعالى به من القوة المتخيلة، وما تتخيله (1) من الفكر الجيد. متى تستعذب (2) النفس كسب بدنها فإنها لا تجد حلاوة الجود والوهب، وتكون ممن أكل من تحت رجله. والرجل من أكل من فوقه. كما قال الله تعالى:[المائدة 66]: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاة} الآية.

وليعلم وليي وفقه الله أن الوراثة الكاملة هي التي تكون من جميع الوجوه لا من

(1) في الأصل: يتخيله.

(2)

الأصل: تعذب.

ص: 48

بعضها. والعلماء ورثة الأنبياء، فينبغي للعاقل أن يجهد أن يكون وارثًا من جميع الوجوه، ولا يكون ناقص الهمة.

وقد علم وليي وفقه الله أن حسن الطبيعة (1) الإنسانية إنما يكون بما يحمله من المعارف الإلهية وقبحها بضد ذلك. وينبغي للعالي الهمة أن لا يقطع عمره في معرفة المحدثات وتفاصيلها فيفوته حظه من ربه. وينبغي له أيضًا أن يشرح نفسه من سلطان فكره. فإن الفكر يُعلم مأخذه، والحق المطلوب ليس كذلك، وأن العلم بالله خلاف العلم بوجود الله. فالعقول تعرف الله من حيث كونه موجودًا ومن حيث السلب، لا من حيثية الإِثبات، وهذا خلاف (2) الجماعة من العقلاء والمتكلمين، إلا سيدنا أبا حامد فإنه معنا في هذه القضية.

ويجل الله سبحانه أن يعرفه العقل بنظره وفكره. فينبغي للعاقل أن يخلي قلبه عن الفكر إذا أراد معرفة الله من حيث المشاهدة.

وينبغي للعالي الهمة أن لا يكون يتقيد (3) عند هذا من عالم الخبال، وهي الأنوار المتجسدة الدالة على معان وراءها. فإن الخيال ينزل المعاني العقلية في القوالب الحسية كالعلم في صورة اللبن والفرآن في صورة [

] والد [

] في صورة [

].

وينبغي للعالي الهمة أن لا يكون معلمه مؤنثًا متعلقًا بالأخذ من النفس الكلية، كما ينبغي له أن لا يتعلق بالأخذ متفقير أصلًا، فكل ما لا كمال له إلا بغيره فهو فقير.

فإذا حال كل ما سوى الله عز وجل، فارفع الهمة في أن لا تأخذ علمًا إلا منه سبحانه على الكشف. فإن عند المحققين أن لا فاعل إِلا الله، فأذن لا يأخذون إلا عن الله، لكن كشفًا لا عقلًا. وما فاز أهل الهمة إلَّا بالوصول إلى عين اليقين، أنفة بقاء مع علم اليقين.

واعلم أن أهل الأفكار إذا بلغوا فيه العناية القصوى أداهم فكرهم إلى خيال المقلد المصمم، فإن الأمر أعظم من أن يقف فيه الفكر. فما دام الفكر فمن المحال أن يطمئن العقل ويسكن.

(1) الأصل: اللطيفة.

(2)

الأصل: خلاق.

(3)

الأصل: يلقيه.

ص: 49

وللعقل (1) حد يقف عنده من حيث قوتها في التعرف (؟ التغرق) الفكري. ولها صفة القبول لما يهبه الله تعالى.

فإذن ينبغي للعاقل أن يتعرض لنفحات الجود، ولا يبقى ماسورًا في قيد نظره وكسبه، فإنه على شبهة في ذلك.

ولقد أخبرني من أثق به من إخوانك؛ وممن له فيك نية حسنة جميلة أنه رآك وقد تكتب يومًا، فسألك هو ومن حضرك عن مكانك فقلت: مسألة اعتقدتها منذ ثلاثين سنة تبين لي الساعة بدليل لاحٍ لي أن الأمر على خلاف ما كان عندي فنكبت (2) وقلت: ولعل هذا الذي لاح لي أيضًا مثل الأول، فإذا قولك (3).

ومن المحال على العارف بمرتبة العقل والفكر أن يسكن أو يستريح، ولا سيما في معرفة الله تعالى: إذ من المحال أن يعرف ماهيته بطريق النظر.

فما لك يا أخي تبقى في هذه الورطة، ولا تدخل طريق الرياضات والمجاهدات والخلوات التي شرعها رسول الله عليه السلام، فتنال ما نال من قال فيه سبحانه [الكهف 65]:{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَينَاهُ [رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ] مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} الآية.

ومثلك من يتعرض لهذه الخطة الشريفة، والمرتبة العظيمة الرفيعة.

وليعلم وليي أن كل موجود عند سبب (4) ذلك السبب محدث مثله. فإن له وجهين وجه ينظر إلى سببه، ووجه ينظر به إلى موجده وهو الله سبحانه. فالناس كلهم ناظرون إلى وجوه أسبابهم، والحكماء كلهم من الفلاسفة وغيرهم إلا المحققون من أهل الله كالأنبياء والأولياء والملائكة فإنهم مع معرفتهم بالسبب ناظرون من الوجه الآخر إلى موجدهم. ومنهم من نظر إلى ربهم من وجه سببه لا من وجهه فقال حدثني ربي.

وإليه أشار صاحبنا العارف بقوله: أخذتم علمكم عن الرسوم ميتًا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.

(1) كذا. ولعله "وللعقول".

(2)

الأصل: فنكتب.

(3)

لعله: فهذه قواك، أو فهذا قولك.

(4)

لعله: مسبب.

ص: 50

ومن كان وجوده مستفادًا من غيره فحكمه عندنا حكم لا شيء، فليس للعارف [أن] يقول غير الله ألبتة.

ثم ليعلم وليّي أن الحق وإن كان واحدًا فإن له إلينا وجوهًا كثيرة مختلفة. فاحذر عند الموارد الإِلهيات وتجلياتها من هذا الفصل فليس الحق من كونه ربا عندك حكمه (1) كحكمه من كونه مهيمنًا، ولا حكمه من كونه رحيمًا حكمه من كونه منتقمًا، وكذلك جميع أسماء الله تعالى.

واعلم أن الوجه الإِلهي الذي هو الله اسم جامع لجميع الأسماء، مثل الرب والقدير والشكور، وجميعها كالذات الجامع لما فيها من الصفات. فاسم الله مستغرق جميع الأسماء فتحفظ (2) عند المشاهدة منه، فإنك لا تشاهده مطلقًا، فإذا ناجاك به وهو الجامع فانظر ما يناجيك به، وانظر المقام الذي تقتضيه تلك المناجاة أو تلك المشاهدة. فانظر أي (3) اسم من الأسماء الإِلهية ينظر إليها. فذلك الاسم هو الذي خاطبك أو شاهدته، فهو المعبر عنه بالتحول في الصورة، كالغريق إذا قال يا الله فمعناه يا غياث أو يا منجي أو يا منقذ. وصاحب الألم إذا قال يا الله فمعناه يا شافي أو يا معافي وما أشبه ذلك، فقولي لك (؟) التحول ما ذكره مسلم في صحيحه: الباري يتجلى فينكر ويتعوذ منه فيتحول لهم في الصورة التي عرفوه فيها فيقرون بعد الإنكار، وهذا (4) هو معنى المشاهدة هنا والمناجاة والمخاطبات الربانية.

وينبغي للعاقل أن لا يطلب من العلوم إلا ما يكمل فيه (5) ذاته وينتقل معه حيث انتقل، وليس ذلك إلا العلم بالله تعالى من حيث الوهب والمشاهدة. فإن علمك بالطب مثلًا إنما يحتاج إليه في عالم الأسقام والأمراض. فإذا انتقلت إلى عالم ما فيه مرض ولا سقم فمن تداوي بذلك العلم؟ فالعاقل لا يسعى من حيث أن لا يكون له غير [كذا] وإن أخذه من طريق الوهب كطب الأنبياء عليهم السلام فلا يقف معه (6) وليطلب العلم بالله. وكذلك العلم بالهندسة إنما يحتاج إليه في عالم المساحة، فإذا انتقلت تركته في عالمه ومضت النفس ساذجة ليس عندها شيء. وكذلك الاشتعال

(1) الأصل: حكم.

(2)

الأصل: يحفظ.

(3)

الأصل: إلى.

(4)

الأصل: هكذا.

(5)

بدل "به".

(6)

الأصل: فلا تقف.

ص: 51

بكل علم تتركه النفس عند انتقالها إلى عالم الآخرة.

فينبغي للعاقل أن لا يأخذ منه إلا ما مست الحاجة الضرورية إليه، وليجتهد في تحصيل ما ينتقل معه حيث انتقل. وليس ذلك إلا علمان خاصة العلم بالله، والعلم بمواطن الآخرة وما تقتضيه مقاماتها حتى يمشي فيها كمشيه في منزله فلا ينكر شيئًا أصلًا، فإنه من أهل العرفان لا أهل النكران، وتلك المواطن مواطن التمييز لا مواطن الامتزاج التي تعطي (1) الغلط، وليتخلص (2) إذا حصل في هذا المقام أن يتميز من حزب (3) الطائفة التي قامت عندما تجلى لها ربها: نعوذ بالله منك لست ربنا، ها نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا. فلما جاءهم في الصورة التي عرفوه فيها أقروا به، فما (4) أعظمها من حسرة!

فينبغي للعاقل الكشف عن هذين العلمين بطريق الرياضة.

وكنت أذكر الخلوة وشروطها وما يتجلى فيها على الترتيب شيئًا بعد شيء، لكن يمنع من ذلك الوقت، وأعني بالوقت علماء السوء الذين أنكروا ما جهلوا، وقيدهم التعصب وحب الظهور والرياسة عن الاذعان للحق والتسليم له إن لم يكن الإيمان به. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

تمت

على يد العاجز

عبد العزيز الميمني

أواخر محرم الحرام 1344 هـ

بحيدر أباد

عن نسخة مشوهة

(1) كذا.

(2)

الأصل: الخلص.

(3)

الأصل: حرب.

(4)

الأصل: فلما.

ص: 52