المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أبواب مختارة من كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني - بحوث وتحقيقات عبد العزيز الميمني - جـ ٢

[عبد العزيز الميمني]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الثالث نصوص محققة

- ‌ثلاث رسائل

- ‌المقدمة

- ‌مقالة "كلّا" وما جاء منها في كتاب الله لابن فارس

- ‌باب الوجه الأول من "كلا" وهو باب الرد

- ‌باب كلا إذا كانت تحقيقًا لما بعدها

- ‌باب الردع

- ‌باب صلة الأيمان

- ‌فهرسما جاء فيه "كلا" من كتاب الله سبحانه

- ‌كتاب "ما تلحن فيه العوام" للكسائي

- ‌رسالة شيخ الطريقة محيي الدين بن عربي إلى الإِمام ابن خطيب الري المعروف بالفخر الرازي

- ‌رسالة الملائكة

- ‌كلمة للناشر

- ‌رسالة الملائكة

- ‌فائت شعر أبي العلاء

- ‌زيادات ديوان شعر المتنبيء

- ‌وهذا جَدْول العلامات

- ‌استدراك

- ‌النُتَف مِن شِعر ابنِ رشيق وزميله ابنُ شرَف القيروانيّين

- ‌شعر ابن شرف من كتاب النُتف مِنْ شِعْرِ ابنِ رَشيق وَزميله ابن شَرَف

- ‌شعر أبي عبد الله محمد بن أبي سعيد بن شَرَفَ الجُذاميّ

- ‌خاتمة

- ‌فهرس (شعر ابن رشيق) "على القوافي

- ‌القصيدة اليتيمة لدوقلة المنْبَجِيّ

- ‌شكوى الهجر والصدود

- ‌الفخر بأخلاق النفس

- ‌الربيع بن ضبع الفزاري

- ‌أخباره وشعره

- ‌أقدم كتاب في العالم على رأي أوجاويذان خرد

- ‌كتاب جاويذان خرد خلَّفه أوشهنج الملك وصية على من خلَفه

- ‌كتاب المداخلات أو المداخل لأبي عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد المطرز غلام ثعلب

- ‌أبو عمر الزاهد غلام ثعلب الحُفَظة اللغوي المحدث "وكتاب المداخَل له

- ‌أبواب مختارة من كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني

- ‌كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد

- ‌نسب عدنان وقحطان

- ‌كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما يَنبُتُ عليها من الأشجار وما فيها من المياه

- ‌السفر الأول من تحفة المجد الصريح في شرح الكتاب الفصيح

- ‌المجلد الأول من كتاب العباب الزاخر واللباب الفاخر

- ‌الفصل الأول: في أسامي جماعة من أهل اللغة (ق 2 ظ) / غير مراعى توتيب مواليدهم:

- ‌الفصل الثاني في أسامي كتب حوى هذا الكتاب اللغات المذكورة فيها، وهي:

الفصل: ‌أبواب مختارة من كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني

‌أبواب مختارة من كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني

من النسخة الفريدة بالخزانة الشرقية العمومية

في بانكي بور- بتنه (الهند)

نسخها وعلق عليها ثم أبرزها

عبد العزيز الميمني الراجكوتي الأثري

الأستاذ بجامعة كره

القاهرة - 1350

المطبعة السلفية - ومكتبتها

ص: 291

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أبواب اخترتها من الأبواب التي ألفها أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني رحمه الله.

أعلم أن العرب سَمَّت أشياءَ عرفتْ ما أرادت بها فكثرت اليوم في أفواه الناس وجازت على غير ما قيلت عليه.

فمن ذلك البناء (1): كان الرجل يتزوج المرأة فإذا أرادَ الدخولَ بها بني عليها بيتًا من شَعَر أو صوف أو وَبَر فيقال بني على فلانة بيتًا. فأكثر ذلك في كلامهم حتى صار الرجل يُدْخِل المرأة دارًا قد بُنيت قبلها بزمان فيقال بَنَى عليها.

ومن ذلك المَلة: وهي التراب الذي (2) أوقدت عليه النارُ وما طُرح في النار فهو المليل فكثر ذلك في كلامهم حتى قالوا أكلنا مَلةً، وكيف يؤكل الرماد الحار.

ومن ذلك العقيقة: وهي شعر الصبي الذي يولد وهو عليه. فيقال عقَّ عنه يوم أسبوعه أي حُلقت عنه عقيقته وهي شعر رأسه وهريق عنه دم. فلما صار الذَبح يكون مع الحَلْق قالوا للشاة عقيقة. وأصل العقيقة الشعر الذي يكون على رأس الصبيّ من بطن الله. وكذلك الشعر الذي يكون على الحمار حين يولد يقال له عقيقة وعِقَّة.

قال زُهير:

أذلك أم أقَبُّ البطن جَأبٌ

عليه من عقيقته عِفاءُ (3)

(1) مثله في اللسان وغيره.

(2)

في الأصل التي مصحَّفا.

(3)

أذلك الظليم. وأقبّ البطن لاحقه. والجأب الغليظ من الحُمر. والعِفاء الشعر والوَبر. ومثل ما هنا في مقصور ابن ولّاد (مصر ص 79) وفي الديوان بشرح الأعلم شتيم الوجه وهو كريهه. جأب وكان في الأصل جاءت مصحفا.

ص: 292

وقال ابن الرقاع (1):

تحسّرتْ عِقّةٌ عنه فأنسَلَها (2)

واجتابَ أخرى جديدًا بعد ما ابتَقَلا

ومن ذلك الغانية: وهي المرأة ذات الزوج التي قد استغنت بزوجها عن الرجال (3) وأنشد:

أيامُ ليلى عَروبٌ غير غانية

وأنت خِلْو من الأحزان والفِكَر (4)

ثم كثر في الكلام حتى صار يقال في النساء كلهن ذوات الأزواج وغيرهنَّ.

ومن ذلك الغائط: وهو المطمئن من الأرض، كان الرجل يقول: حتى آتيَ الغائطَ فأقضِيَ حاجتي، فأكثر ذلك في كلامهم حتى صاروا يقولون ذهب إلى الغائط وذهب يضرب الغائطَ (5).

ومن ذلك العَذِرة: إنما هي فِناء الدار. وكانوا يلقون الرجيع يابسه بافنية الدور فكثر ذلك في كلامهم حتى قالوا للرجيع عَذِرة. قال الحطيئة:

لعمري لقد جربتكم فوجدتكم

قِباح الوجوه سيِّئِي العذرات

يريد أفنية البيوت (6) أنها ليست بنظيفة.

(1) عديّ يصف عيرا وبعد البيت:

مولع بسواد في أسافله

منه احتذَى وبلون مثله اكتحلا

فجعل العقيقة الشعر لا الشاة يقول لما تربع وأكل يقول الربيع انسلَ الشعَر المولود معه وأنبت الآخر فاجتَابه أي اكتساه من اللسان.

(2)

كان في الأصل عقيقته فانسلها مصحفا.

(3)

هو المعروف وهو قول أبي عبيدة. وقيل التي غنيت بجمالها عن الحلى وقيل التي تُطلب (مجهولا) ولا تَطلبُ وقيل التي غنيت بيت أبويها ولم يقع عليها سباء قال ابن سِيده وهذه أغربها وهي عن ابن جني وقيل الشابة العفيفة كان لها زوج أو لم يكن. وابن السكيت عن عُمارةَ الغواني الشواب اللواتي يعجبن الرجال ويعجبهن الشبان وقال ابن شميل كل امرأة غانية. من اللسان. والبيت أنشده ابن بري لنُصَيب مع آخر متقدم:

أيامُ لَيلى كَعاب غير غانية

وأنت أمرد معروف لك الغزل

(4)

كان في الأصل حلو مصحْفا.

(5)

ضرب الخلاء وضرب الغائطَ قضى حاجته. اللسان.

(6)

كذا في الاشتقاق لابن دريد 315 والفاخر 40 وقال شارح ديوانه السكري العِذِرات (بكسرتين) من الاعتذار

ويروى العَذِرات وهي الساحة (؟) والأفنية يريد أنهم ضيقو الأعطان

يريد تضيق أفنينكم عن جيرانكم وضيفانكم فلا تضيفون ولا تجيرون وهذا مثل. وفي تهذيب الإصلاح 2: 26 كما =

ص: 293

ومن ذلك اللطم: وهو الضرب بالكفّ وجهًا أو ظهرًا فأكثر ذلك في كلامهم حتى جعلوا اللطم خاصة للوجه دون سائر الجسد. قال نابغة بني جَعْدة:

كأنَ مَقَط شراسيفه

إلى طرف القُنْب فالمَنْقَب

لُطمن بُترس شديد الصِفاق

من خشبِ الجَوْز لم يُثْقَبِ (1)

ومن ذلك أن العرب كانوا إذا فَجِئَتْهُم الغارةُ وهم غارون لم يستعدَوا لذلك لم يلتفت أب إلى ولده ولا أُم إلى ابنها فقيل: غارة لا يُنادى وليدها (2). فكثر ذلك في كلامهم حتى قالوا خَير لا ينادى وليده.

ومن ذلك الجائزة: وهي أن يعطَى الرجلُ الرجلَ ما يُجيزه ليذهب. يقول الرجل لقيم الماء: أجِزْني أي اسقني حتى أجوز وأذهب فأكثر ذلك حتى قيل جائزة السلطان لما وهب. قال الراجز:

يا قَيِّم الماء فدتْك نفسي

عَجِّلْ جَوازي وأقِل حَبْسي (3)

ومن ذلك المأتم: وهو كل مجتمع نساء في حزن أو فرح وكذلك الجماعة من الرجال. قال الشاعر:

كما ترى حول الأمير المأتَما (4)

ثم كثر حتى خصوا به الموت.

ومن ذلك فرج المرأة: وإنما الفرج ما بين اليدين والرجلين فيقال عفيف البطن

= هنا ثم قال وقال أبو محمَّد الأعرابي (وهو الأسود الغندجاني) أنهم ضيّقو الأعطان تضيق الخ كما عند السكري وأنشد أبو محمَّد بيتًا آخر من الكلمة:

رأيتكمو لم تجبروا عظم هالك

ولا تنحرون النِيب في الحُجَرات

(1)

مقط الشراسيف منقطعها والقُنْب جِراب قضيب الدابة والمنقب كمذبح قدّام السرة وخشب الجوز معروف بالصلابة والبيتان في اللسان (قط، جوز، نقب) والأساس (لطم) وفي طبقات ابن قتيبة ص 160 برواية شديد الصقال. وكان في الأصل القلب وشديد الصناف مصحفين.

(2)

كان في الأصل وليده مصحفًا. وهذا مثل معروف راجعه بلفظ: هم في أمر لا الخ في الميداني (الطبعات الثلاث 2: 289، 232، 312) وجمهرة الأمثال 2: 275 بلفظ لا الخ وطبعة بمباي ص 218 والفاخر أمر لا الخ ص 10 وفي ص 215 وقعوا في شيء لا الخ (والتفسير يشبه ما هنا) والكتاب الكامل لبسيك أمر الخ 146 والمستقصى بتفسير طويل (خط) وأمالي المرتضي طعام لا الخ 1: 160 وأمثال أبي عبيد وغيرها.

(3)

الشطران يوجدان في الأساس ورواية اللسان يا صاحب.

(4)

صدره كما في اللسان: حتى تراهنّ لديه قيَّما.

ص: 294

والفرج أي لا يصير (1) في بطنه ما يأثَم منه. وأما الفرج الذي يذهب إليه الناس اليوم فهو الذكر من الرجل والقُبُل من المرأة. قال امرؤٌ القيس (2):

لها ذَنَب مثل ذيل العروس

تَسُدُّ به فرَجها من دُبُرْ

وإنما يصف طول ذَنَبها فلو كان إنما يريد ظَبْيَتَهَا لسدَّها أصلُ ذَنَبها.

ومن ذلك الراوية: وهو بعير القوم الذي يستقون عليه الماءَ. وأما الوعاء الذي يُحمل فيه الماء فهو المزادة.

فكثر ذلك في كلامهم حتى قالوا للمزادة راوية. قال أبو النجم:

تَمْشي من الرِدّة مشي الحُفّلِ

مشي الروايا بالمَزاد الأثقل (3)

ويقال فلان راوية للعلم أي حامل له.

ومن ذلك الأسير: وأصله أن يؤخذ الرجل من العدوَ فيشدَ بالقِدّ (4) فهو أسير في معنى مأسور -ويقال أسر الرجلُ قَتَبَه إذا شد عليه القِد (4) فكأنَ الأسير يُشَد بالقِدّ قال الراجز:

حول قَلوصٍ صَعْبة أسير

تَدُقّ حَنْوَى قَتَبٍ مأسور

ثم أكثر حتى قالوا لكل مأخوذ أسير وإن لم يُشد ولم يقيَّد.

العرب ربما ذكرت الثوب وإنما يريدون به البدن ويريدون به صاحب الثوب يقولون فِدىً لك ثوباي وفِدىً لك إزاري. قال الشاعر (5):

ألا أبلِغْ أبا حفص رسولًا

فِدى لك من أخي ثقة إزاري

أي فِدى لك نفسي وما ضمَ إزاري. قال الراعي (6):

(1) في الأصل لا يصر.

(2)

من رائيته المعروفة في طبعات ديوانه وغيره.

(3)

الجوهري: الردّة امتلاء الضرع من اللبن قبل النتاج عن الأصمعي. والشطران في اللسان والصحاح (زود، ردد) وأضداد الأصمعي 46 وابن السكيت 200 وابن الأنباري مصر 141 والأرجوزة توجد في شرح شواهد المغني 154 والخزانة 1: 401 ويروى المثقل.

(4)

كذا في الموضعين. والقيد أيضًا صحيح.

(5)

نُفيلة الأكبر الأشجعي من أبيات كلها في اللسان وغيره وانظر لمعنى الإزار السهيلي 1: 276 وكنايات الثعالبي 3.

(6)

أبياته بتمامها في الحماسة مع التبريزي مصر 4: 36 وروايته كرواية الكتاب 1: 302 والخزانة 4: 98: =

ص: 295

فقام إليها حبتْرٌ بسِلاحه

فللهِ ثوبا حبتر أيما فتى

يريد لله ما ضَمَّ ثوبا حَبْتَر. وقال الفرزدق (1):

فِدىً لسيوف من تميم وفي بها

ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم

والإِزار: تؤنث في لغة هذيل. ويقال فلان طاهر الثوب أي هو عفيف وإنما المعنى للرجل لا للثوب، قال امرؤٌ القيس:

ثياب بني عوف طَهَارى نقيَّةٌ

وأوجُهُهُمْ بيضُ المَسَافِرِ غُرانْ (2)

وكانت العرب تقول لمن وقع في خِزْية أو فضيحة دَنِستْ ثيابه وقد دَنَّسها.

قال (3):

يا رب يشح من لُكيز قَحْمِ

أوذَمَ حجًّا في ثيابٍ دُسْم

أي حج وهو غادر متدنِّس بالذنوب.

آخرُ من معناه: يقال للرجل إنه لطويل النِجاد إذا كان طويلًا جسيمًا. والنجاد حمائل السيف، قال طفيل:

طويل نجاد السيف ليس بجَيدَرِ (4)

ويقال فلان غمر الرداء إذا كان واسع المعروف وإن كان رداؤه صغيرًا قال الشاعر (5):

= فأومأت إيماء خفيًّا لحبترِ

ولله عينا الخ. وفي اللسان (ثوب) كما هنا وعند الجمحي (ليدن 120) فأومضت إيماضًا الخ.

(1)

ديوان جرير 2: 134 والنقائض (ليدن 371) في خبر طويل يدل على أن الرداء في البيت هو الرداء نفسه لا النفس التي اشتمل عليها. وقد شرح البغدادي هذه القطعة في الخزانة (3: 303).

(2)

ورواية الديوان عند المشاهد. وغران ساكن النون.

(3)

الشطران في اللسان (وذم) وروايته لا همّ إن عامر بن جهم أو ذم الخ وفي كتاب الضرائر 102 رجز يشبهه وهو:

يا رب شيخ من لكيز ذي غنم

في كفّه زيغ وفي الفمّ فَقَمْ

وأوذم على نفسه حجًّا أو سفرًا أوجبه- وكان في الأصل أودم.

(4)

بقصير.

(5)

كثير يمدح عبد العزيز بن مروان. انظر القالي الثانية (2: 291 و 3: 5) قال يريد بالرداء ها هنا البدن وتهذيب الإصلاح 1: 4 ويروي جزل العطاء ورقاب الأموال نفسها والأموال الإبل والماشية، واللسان (عمر).

ص: 296

غمر الرداء إذا تبسم ضاحكًا

غَلِقَتْ لضَحْكته رِقابُ المال

قال الشاعر:

يا ليت بعلَكِ قد غزا (1)

متقلدًا سيفًا ورُمْحًا

أراد متقلِّدًا سيفًا وحاملًا رمحًا. وقال آخر (2):

علفتها تبْنًا وماء باردًا

حتى غدت همّالةً عيناها

أراد علفتها تِبْنًا وسقيتها ماء باردًا. وقال آخر:

كم قد تمشّشتَ من قَصٍ فإنْفَحَةٍ

جاءت إليك بهنَّ الأضؤُنُ السُوْدُ (3)

والإِنفحة لا تُتَمَشَّش فيريد كم تَمشَشت من قَصّ وأكلتَ من إنفحة أي أنك كثير المال لا تزال الغنم تولد لك فتأكل إنفحةً وتذْبَح فتتمشش قَصًّا. ومثله:

شَراب ألبان وسَمْن وأقِطْ

قد جَعَل الحِلْسَ على بَكْر عُلَطْ (4)

أراد شراب ألبان وآكل سَمن وأقِط

وقال الزِبْرقان بن بدر (5):

تراه كأن الله يجدع أنفه

وعينيه إن مولاه بات له وَفْر

(1) ويروي قد غدا والبيت في الكامل لبسيك (و 18، و 209 ، 403) وأمالي المرتضى 4: 170 والأشباه 1: 208 واللسان (زجج) والإنصاف للكمال ابن الأنباري 253.

(2)

قال العيني هذا رجز مشهور لم أر أحدًا عزاه إلى راجزه وتمامه حتى شتت همالة الخ. العيني 4: 181 وشرح شواهد المغني 314 واللسان (زجج) والبيت كما هنا يوجد في أمالي المرتضى 4: 170 والإنصاف 253 ونقل بعضهم أن صدره:

لما حططت الرحل عنها واردا

علفتها الخ

وتكلم عليه البغدادي في خزانته (1: و 49) ونقل عن حاشية نسخة من الصحاح أنه لذي الرمة ولا يوجد في نسخ ديوانه والصدر فقط في الأشباه 1: 208.

(3)

التمشش مصّ العظم والمشاش العظم اللين والقَص والقَصَص الصدر والأنفحة عن أبي زيد كرش الجدي والحمل ما لم يأكل فإذا أكل فهو غرض. الأزهري عن الليث الأنفحة لا تكون إلا لذي كرش وهو شيء يستخرج من بطن ذيه أصفر يعصر في صوفة مبتلّة في اللبن فيغلظ كالجُبن. الصحاح واللسان. والبيت الأساس (نفح): جاءت بذاك إليك.

وكان في الأصل حتى بهن إليك مصحفًا.

(4)

بلا خطام أو بلا سمة. والصدر فقط في الكامل (لبسيك 189 و 210 و 403) واللسان (زجج) والإنصاف 253.

(5)

العيني 4: 171 هو للزبرقان عن كراع ونسبه الجاحظ لخالد بن الصليفان (كذا) وعنده ثاب له وفر كما في الإنصاف 210 و 253.

ص: 297

والعين لا تُجْدَعُ أراد يَجْدَع أنفه ويَفْقَأ عينيه. وقال آخر:

يُعالِجُ عِرْنينًا من الليل باردًا

تَلُفّ شَمالٌ ثوبَهُ وبُرُوق

أراد تلف شمال ثوبه وتلمع له بروق. وقال آخر (1):

إذا ما الغانيات خرجن يومًا

وزَجّجن الحواجب والعيونا

أراد وكحلن العيون فإنها لا تُزَجَّج.

قال الراجز:

ولم تَرَىْ إذ جُبّتي من طاقِ

ولمّتي مثلُ جَناح غاقِ

تخفق عند المَشْي والسِباق (2)

أراد مثل جناح غراب يقول غاقِ غاقِ فسمّاه بصوته وقال آخر:

إذا عُقيل عقدوا الرايات

ونقع الصارخ بالبَيَات

أبَوْا فما يُعْطَون شيئًا هاتِ (3)

يريد لا يعطون شيئًا لقائل هات. وقال آخر (4):

ألا إنني شُربتُ أسودَ حالكا

ألا بَجَلِي من الشراب ألا [بَجَلْ]

يعني شُربتْ سُم أسودَ. وقال آخر (5):

إذا حَملتُ بِزّتي على عَدَسْ

على الذي بين الحمار والفرس

(1) هو الراعي النميري وصدره:

وهِزّةِ نسوة من حيّ صدق

يزجّجن الخ

وقيل صدره إذا ما الخ، كما هنا وعند الجوهري والإنصاف 253 - وزججن قال ابن بري صوابه يزجِجن -شرح شواهد المغني 263 واللسان (زجج) - ورواية العيني (3: 91): برزن يومًا.

(2)

الأشطار في اللسان (عدس) والشطران الأولان في الاقتضاب 395 واللسان (غاق وطوق) وعزاهما إلى رؤبة ولا يوجدان في ديوانه بل في زياداته ص 180 والثالث هناك:

ذا غدوات قلبَ الأخلاق

وذو دغوات لا أثبت على خُلق. والدَّغْوة والدغية العوراء والسَّقْطة والطاق الطيلسان أو هو الأخضر.

وكان في الأصل عند المشي والـ. وهذا الثالث يوجد في اللسان أيضًا منسوبًا إلى رؤية مفردًا في (دغوى) ورواية هؤلاء ولو تَرَى على التذكير.

(3)

أضداد الأصمعي 54 وابن السكيت 209 وابن الأنباري.

(4)

هو طرفة شرح ديوانه للشنقيطي 20 وشرح شواهد المغني 119 وقيل أراد بالشراب كأس المنية أو شرابًا فاسدًا.

(5)

قال ابن السِيد لا أعرف قائله. ويروي الثالث: =

ص: 298

عَدَسْ زجر للبغل فسمّاه به. وقال آخر:

تحسب خَزًّا تحته وقَزًا

أو فُرُشًا محشوَةً إوَزا (1)

أراد ريش إوَزٍّ.

إذا اجتمع للشيء اسمان فإن العرب تأتي بهما جميعًا يؤكدون الأول بالآخر فيجعلونه شبه الصفة له. قال رؤبة (2):

أغدو قرين الفارغ السَبَهْلَل

والسبهلل الفارغ. وقال زهير (3):

تالله ذا قسما لقد علمتْ

ذيبانُ عام الحَبْس والأصْر

والحبس الأصر. وقال الفَزاري لمزرِّد (4):

فإن الفزاريّ الذي بات فيكم

غدا عنكم والمرء غرثانُ ساغب

والغرثان والساغب جميعًا الجائع. وقال الحطيئة (5):

ألا حبَّذا هند وأرض بها هند

البيت. وقال لبيد (6):

= فلا أبالي من غزا أو من جلسْ

و: من غدا ومن جلس

والأشطار الثلاثة في الخزانة للبغدادي (2: 517) من غير عزو عن الجاحظ. وفي الاقتضاب 395 واللسان على التي. والبغل يقع على الذكر والأنثى من الخيل وقيل إن عدَسًا وحَدَسًا كانا رجلين يبيعان البغال على عهد سليمان عليه السلام فكان البغل إذا رآهما طار فَرقًا. والبزّة السلاح.

(1)

وفي اللسان كأن خزّا

وفُرشا. وذكر تأويلًا آخر وهو أن يكون أراد الأوزَ بأعيانها.

(2)

لم أجده في ديواني رؤبة وأبيه العجاج.

(3)

وفي شرح ديوانه من شرح أشعار الستة للأعلم مصر 61:

تالله قد علمت سراة بني ذبيان

(4)

في الأصل بمزرد مصحفا. ومزرّد بن ضرار أخر الشماخ معروف بشُحّه وكراهته للضيوف.

(5)

ديوانه بشرح السكري 19 ولكن الشاهد في المصراع الثاني وهو:

وهند أتى من دونها النأي والبُعْد

فإن الناي والبعد شيء.

(6)

رواية ديوانه صنع الطوسي بني جعفر بأرضهم. وقبله وهو المطلع:

طافت أُسيماءُ بالرحال فقد

هيج مني خيالها طَرَبًا

ص: 299

إحدى بني جعفر كَلِفْتُ بها

لم تُمْسِ مني نَوْبًا ولا قَرَبا

والنَوْبُ القَرَب (1). وقال عَبيد (2):

أزعمتَ أنك قد قتلـ

ـتَ سَراتَنا كذِبًا ومَينا

وهما واحد.

وإذا اجتمع للشيء اسمان واختلف لفظاهما فربما أضافوا الأول إلى الآخر.

قال الكميت (3):

وميراث ابن أبجر حين ألقى

بأصل الضنء ضئضئه الأصيل

والضنء والأصل واحد. ومن ذلك قول الله تعالى {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيرٌ} ، وقوله تعالى:{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} والدين والحنيفية القيمة (4). ومن ذلك قول الناس مسجد الجامع وإنما هو المسجد الجامع (5). قال أبو ذؤيب (6):

فإِن تك أنثى من معدّ كريمةً

علينا فقد أُعطيتِ نافلةَ الفَضْلِ

والنافلة هي الفضل. وقال النمر بن تَوْلب:

سقيَّةُ بين أنهار ودُوْر (7)

وزرعٍ نابت وكُرومِ جَفْنِ

والجَفْنة الأصل من الكَرْم فقال وكروم جفن وهما واحد وإنما جاز ذلك لما اختلف اللفظان. وقال رؤبة:

(1) الثوب ما كان منك مسيرة يوم وليلة وكذا القَرَب. وكان في الأصل في البيت وبعده ثوب محرفًا.

(2)

ديوانه ص 27.

(3)

هذا البيت لم أقف عليه.

(4)

كذا في الأصل والظاهر والدين والقيمة الحنيفية أو ودين الحنيفية القيمة يشير إلى كلمة حُنفَاء المتقدمة في الآية.

(5)

النحاة يجعلونه من باب إضافة الموصوف إلى الصفة.

(6)

من كلمة في الخزانة 4: 498. وقبله:

ألا زعمت أسماء أن لا أحبّها

فقلت بلى لولا ينازعني شغلي

جزيتك ضعف الودّ لما اشتكيته

وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي

فإنْ

البيتَ.

(7)

من الصاحبي 206 وكان في الأصل أنهار وزون محرفا وفي اللسان (الجفن) أنهار عذاب قال أراد وجفن كروم فقلب والجفن الكرم أضافه إلى نفسه اهـ أقول لما كانا شيئًا واحدًا فأي حاجة إلى هذا القلب.

ص: 300

إذا استعيرت من جفون الأغمادْ

فقأن بالصَقْع يرابيعَ الصادْ (1)

والجفون هي الأغماد. وقال خِداش بن زهير:

ويوم تخرج الأرماس فيه

لأبطال الكُماة به أوَامُ

شهدتم غَمَّه ففرجتموه

بضرب ما يصيح عليه هام (2)

فأضاف الكماة إلى الأبطال والأبطال هم الكماة وقال أبو ربيعة الطائي:

وخُلقان دِرْسان حوالَيْ عرينه

ورقص (3) سلاح أو قَنًا متكسِّر

والخُلقان والدِرسان واحد. وقال جرير:

يخرُجْنَ من رَهَج الغبار عوابسا

بالدارعين كأنهنَّ سَعالى (4)

والرَهَج والغبار واحد.

باب (*)

أعلم أنهم ربما أرادوا أن يجيئُوا بالمعنى فيجيئون.

ببعضه فيستدل به على المعنى. فمن ذلك قول الأعشى:

الواطؤون على صدور نعالهم

يمشون في الدَفَني والأبرادِ (5)

قال: على صدور نعالهم وهم لا يطؤون على الصدور دون الأعقاب (6)، وإنما أراد أنهم يلبسون النعال ولا يمشون حُفاةً يعني أنهم ملوك وليسوا برِعاء. قال:

(1) الصقع شجّ الرأس والصاد في اللسان (صقع وربع) أراد الصيد فأعلّ على القياس المتروك. واليرابيع دوابّ كالأوزاغ تكون في الرأس. والشطران في الديوان ص 40 وقبلهما:

نَعْصَى بغَرْبَيْ كل نصل قداد

وبعدهما:

نكفي قريشًا من سعى بإفساد

(2)

في الأصل يصح والصواب ما كتبنا يريد مزعم العرب أن القتيل إن لم يقد به كان كالهامة تصيح على قبره اسقوني. يعني أن ضربكم مبيد مفن لا يبقى بعده الروح حتى تفسير هامة تصيح.

(3)

هذه الكلمة معرفة ولم أهتد لوجه صوابها.

(4)

لم أجده في ديوان جرير والذي فيه 2: 73:

إنا لننزل ثغر كل مخوفة

بالْمُقْربات كأنهن سعالى

(*) هذا الباب يوجد في سر العربية 404 مقتضبا.

(5)

الرواية الشائعة الواطئين. والدَفَنى ضرب من الثياب وقيل هي المخططة. والبيت في اللسان (دفن).

(6)

كان في الأصل "دون الافعا" وهو محرف عن الأعقاب إن شاء الله.

ص: 301

ويقال جاء فلان على صدر راحلته. قال طُفيل الغنوي (1):

وأطنابه أرسان جُرد كأنها

صدور القنا من بادئ ومعقب

أراد كأنها القنا في صلابتها وضُمرها. وقال ابن أحمر (2):

أرى ذا شَيبة حمَّال ثِقْل

وأبيضَ مثلَ صدر السيف بالا (3)

أي حاله مثل صدر السيف. يقول يعتز كأنه سيف وقال حميد بن ثور وذكر أرضَين قطعهما:

قطعتهما بيدَي عَوْهَجِ (4)

وهو لا يمكنـ[ـه] قطعهما باليدين دون الرجلين. وقال لبيد:

تَراك أمكنة إذا لم أرضَها

أو يرتبِطْ بعض النفوسِ حمامُها

والموت لا ينزل ببعض النفس دون بعض.

باب

هذا باب اتَّسعتْ فيه العرب فجعلوا المفعول به فاعلا والفاعل مفعولًا في اللفظ. وأنشد للحطيئة (5):

فلما خَشِيتُ الهُونَ والعَيرُ مُمْسِكٌ

على رَغْمِهِ ما أمسك الحبلَ حافرُهُ

(1) الأغاني (الثانية 14: 87) وفيه كأنّه. وضمير أطنابه على كلمة (بيت) في البيت السابق.

(2)

لم أجده في مظنة أخرى مع طول الفحص وهو وشرحه مصحف والله أعلم بصوابه.

(3)

من قصيدة لابن أحمر مطلعها:

أغدوًا واعدَ الحيّ الزيالا

لوجه لا يريدُ به بِدالا

والبيت من شواهد سيبويه. وقد ذكر العيني (2: 421) أبياتًا من القصيدة. وتفسيره على ما قال الأصمعي: أي فيهم شيخ حمال ثقل، وهو الذي ينيل ويعطي، وفيهم شابّ مثل صدر السيف بالا - أي حالًا- وهو كالسيف في حاله وبأسه. قال: وفَسر هذا في البيت الثاني فقال:

بهم يسعى المفاخر حين يسعى

إذا ما عدِّ بأسًا أو نوالًا

البأس للشاب والنوال للشيخ. وكان ابن الأعرابي صحف "بالا" في البيت بلفظ "نالا" انظر التحصيف للعسكري ص 86.

(4)

هي الطويلة العنق من النُوق والظباءِ والظلمان.

(5)

ديوانه صنع السكري ص 10 وفيه ما أثبت الحبل قال أي ما دام الحمار مقيدا فهو ذليل، وهذا مقلوب أراد ما أثبت الحبل حافرَه. وأنشده قدامة 87 شاهدًا للقلب ويوجد في أضداد ابن الأنباري 86:112. وانظر مبحث القلب في الصاحبي والمرتضى 1: 155 و 2: 117 وأضداد ابن الأنباري 84 والأشباه 1: 294 وسر العربية سنة 1341 هـ 397.

ص: 302

فجعل الفعل للحافر وإنما الحبل يمسك الحافر. وقال الأعشى (1):

ما كنتَ في الحرب العَوانِ مُغمَّرا

إذ شَبّ حَر وَقودها أجذَالها

فجعل الفعل للوقود وإنما الأجذال [هي] التي تَشُبّ الوقودَ. وقال آخر:

فلا تكسِروا أرماحنا في صدوركم

فتغشِمكم إن الرماح من الغَشْمِ

يريد أن الغشم من الرماح. وقال الشاعر:

وقد أراني في زمان ألعبُهْ

في رونق من الشباب أعجِبُهْ

أراد يُعْجِبُني. ويروي أعجَبَهْ أي أعجَب منه (2). وقال آخر:

ياطول ليلى وعادتي (3) سهري

ما تلتقي مقلتي على شُفُري

أراد ما يلتقي شُفْري على مقلتي. وقال العجاج يذكر السيوف:

يَشْقى (4) بأم الرأس والمطوَّق

وإنما أمَّ الرأس تَشْقى بالسيوف فقلَبَ المعنى. وقال العباس بن مرداس (5):

فديتُ بنفسه نفسي ومالي

ولا آلوك إلَّا ما أُطيقُ

يريد فديت نفسه بنفسي فقلب المعنى. وقال آخر:

إن سراجًا لكريمٌ مَفخَرُهْ

تَحْلَى به العينُ إذا ما تَجْهَرُهْ (6)

والعين لا تحلَى به إنما يحلَى بها. وقال الأخطل:

مثلَ القنافذ هَدّاجون قد بلَغتْ

نجرانَ أو بلغتْ سوآتِهم هَجَرُ

(1) ديوانه طبعة المتقدم ص 17 وقبله (وروايته محرفة):

فلعمر من جعل الشهور علامة

قَدَرا فَبين نصفها وهلالها

وأضداد ابن الأنباري مصر 84.

(2)

ويمكن أن يكون أعْجَبه (مجهولا) أي أعجَب به. من الإعجاب.

(3)

كذا في الأصل وهو ظاهر ويمكن أن يكون عادني.

(4)

وكان في الأصل تشقى مصحفا. والبيت في ديوانه ص 41 وقبله:

نعْصَى بكل مشرفي مِخْفق

مطردِ القَدَ رقاقِ الرونق

(5)

كذا في أضداد ابن الأنباري مصر 84 وأمالي المرتضى 1: 156. وفي شرح ديوان الحطيئة للسكري 10 ونقد الشعر 87 والموشح 85 وشرح شواهد المغني 328 والأشباه 1: 294 أنه لعروة الصعاليك ولا يوجد في ديوانه. وقبله:

ولو أني شهدت أبا معاذ

غداة غدا بمهجته يفوق

ويروي أبا سعاد ولعله تصحيف.

(6)

الشطران في أمالي المرتضى مصحفان 1: 155.

ص: 303

يريد [أ] وبلغتْ سوآتُهم هَجَرَ (1). وقال النابغة [الجعديّ]:

كانت فريضةَ ما تقول كما

أن الزناء فريضةُ الرَجْم (2)

يريد كان الرجمُ فريضةَ الزناء.

واعلم أنهم ينقلون لفظ المفعول إلى الفاعل يقول الشاعر:

إن البغيض لَمَنْ يُمَلُّ حديثهُ

فانشَحْ (3) فؤادَك من حديث الوامق

يريد الموموق. وقال آخر:

لقد عيَّل الأيتامَ طعنةُ ناشرَهُ

أناشرَ لا زالتْ يمينُك آشره (4)

(1) هَجَر محركا ممنوع الصرف وكان في الأصل هجرا مصحفًا. وبيت الأخطل هذا انظره في ختام رسالة المبرد.

(2)

أمالي المرتضى 1: 155 والإنصاف 165. وفي أضداد السجستاني 152 ما أتيتَ وفي سر العربية ذيل فقه اللغة سنة 1341 هـ ص 398 أن البيت للفرزدق ولعله وهم.

(3)

من نشح بعيره سقاه ماء قليلًا وكان في الأصل فانشخ مصحفًا. وفي أضداد ابن الأنباري 28 والصاحبي 187 فانقع. وفي فانشح حسن ظاهر ثم وجدت في سر العربية (ذيل فقه اللغة سنَة 1341 هـ ص 344) أن البيت لجرير، وروايته:

إن البليّة من تَملّ كلامه فانقع

البيت

وهو في ديوانه 2: 19 على ما كتبته في المتن وحسنته في الحاشية سواء ولله الحمد.

(4)

قال التبريزي في تهذيب الإصلاح 1: 67 ما ملخَّصه: أن ناشرة هذا من تغلب وكان مقدمه في بني شيبان وكان رباه همام بن مرّة ووقعت حرب البسوس وناشرة مع همام فلما كان يوم واردات بين بكر وتغلب قاتل همام قتالًا شديدًا وأثخن في تغلب ثم عطش فجاء إلى رحله يستسقي فلما رأى ناشرة غفلته طعنه بحربة فقتله وهرب إلى تغلب فقالت نائحة همام تبكيه. ويجوز أن تكون آشرة بمعنى ذات أشر. وقال مهلهل في قتل همام:

وهمام بن مرة قد تركنا

عليه القشعمان من النسور

أقول ويشهد ما في الأغاني (الثانية 4: 143) والذي في كتاب حرب البسوس 51 عن محمَّد بن إسحاق أنه ناشرة بن أغواث وأنه كان فارس تغلب وفاتِكها وكانت أمه مولاة لهمام بن مرة وكانت حين وضعته أرادت قتله خشية الضَيعة والعيلْة فأمر لها بلقحة وجمل فكان ناثرة غذيا لهمام حتى صار من فرسان ربيعة المعدودين ودخل بيع قومه تغلب في الحرب ثم إنه خرج همام يوم واردات يسقي الناس اللبن فقتله ناشرة على غِرّة فقالت أم ناشرة:

ألا ضيّع الأيتام .... البيت.

قتلتَ رئيس الناس بعد رئيسهم

كليب ولم تشكر وإني لشاكره

قال وعظم مُصاب همام في ذهل فحمل عباد اليشكري على ناشرة وقتله فحمل مهلهل على اليشكري فقتله. اهـ ملخصا والبيت في الخصائص أيضًا 1: 157.

ص: 304

أي مأشورة يعني مقطوعة بالمئشار. ومنه قولهم تطليقة بائنة والمعنى مُبانة من قولك أبنتُها.

ويجعلون الفاعل مصدرًا كقوله تعالى: {لَيسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} أي بكذب، وكذلك {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} أي لغوًا، وكذلك {فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} أي بطغيانهم وكفرهم، وكذلك قوله {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} أي بقاء.

وقد ينقلون لفظ مُفْعِل إلى فاعل كقوله تعالى: {الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} المعنى مَلاقِحَ لأنها جمع مُلْقِحَة وهي التي تلْقِحُ السحاب. وقال نهشل بن حَرّى (1):

لِيَبْكِ (2) يزيدَ ضارعٌ لخصومه

ومختبِط مما تُطيح الطوائح

أي مما تُطيح المَطاوح. وقال لبيد [صوابه رؤبة (3)]:

يخْرُجن من أجواز ليل غاض

أي مغْضٍ مُطْرِق. وقال العجاج:

يَكْشِف عن جَفاتِه (4) دَلْوُ الدالْ

أراد المُدْلِي لأنه من أدلى دَلْوَه. وقال النابغة:

كِلِيني لهمّ يا أميمَةَ ناصبِ

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

ناصب أي مُنْصِب من النَصَب. وقال آخر:

(1) هذا هو الصواب، ونسب أيضًا للحارث بن نهيك النهشلي ولضرار النهشلي ولمزرود (؟) وللمهلهل.

وذكر العيني (2: 434) أبياتًا من الكلمة.

(2)

ليبك على زنة المعروف والنحاة يحرّفون الرواية ويجعلونه على زنة المجهول كأن أصله ليبكَ بزيدُ فقيل من يبكيه فقال يبكيه ضارع وهو تمحل ظاهر نعاه عليهم ابن قتيبة في طبقاته 33 وانظر الكلام على البيت بغاية الاستيعاب في الخزانة 1: 147، وهو من أبيات الكتاب مصر 1: 185 و 145 وعزاه للحارث بن نهيك ولكن الأعلم نسبه للبيد.

(3)

هذا مما زدته في المتن وتحريف رؤبة بلبيد لا يبعد في خطّ النسّاخ - انظر ديوان رؤبة 82 واللسان (غضى، دلو) والاقتضاب 475 وليل غاضٍ مظلم. ويخرجن أي العيس. قال ابن قتيبة غاض بمعنى مغض قال ابن السيد وهذا لا يلزم لأن الأصمعي وغيره حكوا غضا الليل وأغضى اهـ.

(4)

كان في الأصل عن حماته مصحفًا. والشطر في زيادات ديوان العجاج 86 واللسان (دلو). ودلو الدال أي نزع النازع وفي الأزمنة للمرزوقي أيضًا 157: 2 وقال علي بن حمزة قد غلط جماعة من الرواة في تفسيره آخرهم ثعلب وإنما المعنى فيه أنه لما كان المدلي إذا أدلى دلوه عاد فدلاها أي أخرجها ملأى إلى آخر ما قال.

ص: 305

تَنْدَى أكفّهُم بخير فاضل

إذا سمت (كذا) أكف الخُيّب

أراد أكف المخيِّبين.

أعلم أنهم يعلّقون المعنى من الشيء إلى الشيء هو معه أو فيه (1) كقول الأعشى:

حتى إذا احتدمَتْ وصار

الجمرُ مثلَ ترابها

يريد صار ترابها مثلَ الجمر مِن الحر. وقال آخر (2):

كأنَّ لونَ أرضِهِ سماؤهُ

يريد كأن لون سمائه من غُبرتها لونُ الأرض. وقال امرؤٌ القيس:

يضيء الفِراشَ وجهُها لضجيعها

كمباح زيت في قناديل ذُبّال

أراد في ذُبال قناديل والذبال القناديل (3) الواحدَة ذُبالة.

باب

أعلم أن العرب ربما أرادت أن تذكر الشيء من جسد الإنسان فتجمعه بما حوله (4). فمن ذلك:

قولهم: امرأة ضخمة الأوراك، وإنما لها وَرِكان. وامرأة حسنة اللَبّات، يريدون اللَبة وما حولها. قال ذو الرمة (5):

بَرَّاقةُ الجيد واللَبَّات واضحةٌ

كأنها ظبية أفضى بها لَبَبٌ

ومنه قولهم: ألقاه في لَهَوات الأسد وإنما له لهاة واحدة.

وقولهم: قد شابت مَفارق فلان، وإنما له مَفْرِق واحد. قال الأعشى:

(1) هذه الكلمة غير ظاهرة في الأصل.

(2)

هو رؤية انظر ديوانه ص 1 وأمالي المرتضى 1: 155 والأشباه 1: 294. وصدره على ما هو المعروف:

ومهمهٍ مغبرّة أرجاؤه

وفي الديوان والإنصاف 215: وبلد عامية أعماؤه.

(3)

كذا وهو قول غريب على أنه لا معنى للقلب إذا كانت الذبال هي القناديل والمعروف أن الذبالة هي الفتيلة التي يُصْبَح بها السراج وبه فسّر بيت امرئ القيس.

(4)

التثنية والجمع على إرادة الأطراف ليسا مما يختص بجسد الإنسان بل هما شائعان في أسماء البقاع وانظر البحث عند السهيلي 1: 95 و 125.

(5)

انظر القصيدة بآخر جمهرة أشعار العرب وبديوانه ص 3. وأفضى بها صار بها إلى فضاء وهو الخالي من الأرض. واللبب منقطع الرمل ومشرفه.

ص: 306

فإنْ تك لمّتي [يا قَتْلَ (1)] أضحتْ

كأن على مفارقها ثَغاما

أراد المَفْرِق وما حوله. وقال ابن الرِقاع:

وعلى الزَوْر مَنْبِضُ القلب منه

وحيازيمُ بينها أستار

وإنما له حيزوم واحد. وقال امرؤٌ القيس يصف الفرس:

يُطير الغُلامَ الخَفَّ عن صَهَوَاته

ويُلْوي بأثواب العنيف المثقّل

فقال صَهَواته وإنما للفرس صَهْوة واحدة فجمعها بما حولها، والصهوة موضع اللبد.

ومنه قولهم: امرأة بيضاء المعاصم وإنما لها مِعْصَمان قال الأعشى:

وبيضاءِ المعاصم إلْفِ لَهْوٍ

خلوتُ بشَكْرِها ليلًا تِماما (2)

باب

أعلم أن العرب ربما احتاجت إلى الشيء فتضع غيره مكانه مما يدل عليه.

فمن ذلك قولهم: أتانا فلان حافيًا مشقَقَّ الأظلاف، إذا كان مشققَ القدمين.

وإنما الأظلاف للشاء والبقر فيجعلونه في الناس. وقال رجل من بني سعد (3):

سأمنعها أو سوف أجعل أمرها

إلى مَلِك أظلافُه لم تُشَققِ

ويقال للرجل إنه لغليظ المشافر إذا كان غليظ الشفة وإنما المشافر للإبل فاستعملوها في الناس. قال الفرزدق:

(1) من نسخة ديوان الأعشى بخزانة رامبور وطبعة التقدّم ص 30 وقد أخبرت الأستاذ رودُلْف غَيرَ مصحّح ديوان الأعشى بعثوري على هذه النسخة وفيها من شعر الأعشى زيادة 23 قصيدة على المطبوعة بمصر وقَتْلَ مرخّم قَتْلة. وقَتْلة تغيير قُتيلة التي أكثر من ذكرها الأعشى. والقصيدة آخر كلمة في نسخة رامبور.

(2)

الشكر بالفتح والكسر فرج المرأة أو لحمه. والبيت من القصيدة المذكورة.

(3)

قيل أن البيت للأخطل وقيل لعقفان بن قيس بن عاصم وبعده:

سواء عليكم شؤمها وهجانُها

وإن كان فيها واضح اللون يبرق

والشؤم السود من الإبل (اللسان - ظلف). وأنشد القالي البيت في أماليه (الطبعتان 2: 121 و 120) وتكلم عليه أبو عبد الله البكري (ص 183) وعزاه لِعُقْفان كما قال ابن بري وذكر خبر القصيدة ثم قال: وهذه من أقبح الاستعارات وإنما يريد بقوله أظلافه لم تشقق أنه منتعل مترفّه فلم تشقق قدماه. وضميرا المؤنثة يعودان على هجائنه، ويريد بالملك النعمان.

ص: 307

فلو كنتَ ضَبِّيًا عرفتَ قرابتي

ولكنّ زنجيًّا غليظَ المشافر (1)

ومنه قولهم: فلان لَوَى عِذَاره. وليس للرجل عذار. وإنما العِذار للدابة وأصل ذلك أن يلوي (2) رأسه.

ومنه قولهم: رمى بحبله على غاربه وإنما الغارب للإبِل وهو مقدّم السنَام.

تم الاختيار

من خزانة بانكي بور (بتنه) في المحرم 1346 هـ

الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات

لما زرتُ خزانة الكتب المشرقية ببانكي بور -التي أسسها المرحوم خُدَابَخْشْ خان المحامي الشهير والقاضي بحيدرآباد- بدء سنة 1346 هـ انتسخت منها -فيما انتسختُه- هذه الرسالة ورسالة (ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد) لأبي العباس المبرد. ويغلب على ظني أن مؤلف أصل هذه الرسالة هو ابن السكيت. وإن نسخة أصليهما في خزانة بانكي بور بخط واحد دقيق رديء غير مشكول، وربما أغفل كاتبها عن النُقَط اللازمة ولولا هذا التنقيب الذي كابدتُ فيه عناءً لبقي الكتابان كما قال النابغة:

فاستعْجَمتْ دار نعْمٍ ما تُكلّمنا

والدار لو كلَّمَتْنا ذاتُ أخبار

غير أن الخط يرتقي -كما بدا لي- إلى القرن السادس أو السابع الهجري، وقد بقي -بعد كل ما عُنيت به، خللٌ ليس بهيّن وعذري أنني أعوزتني الوسائل. فسدلًا ذيل أغماضك أيها القاريء إن مرَّ بك قصور أو نقص، فالكمال لله وحده.

عبد العزيز الميمني

بجامعة عليكرة الإِسلامية

(1) كذا رواه عدة من النحاة والصواب غليظًا مشافرُهُ. والكلمة توجد مع خبرها في الأغاني (19: 24) ونقلها في شرح شواهد المغني 239 عن طبقات الجمحي أيضًا ولم أجدها فيها وروايتهما مختلفة عما هنا اختلافا يسيرًا.

(2)

وكان في الأصل "أن يكون" مصحفًا.

ص: 308