الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النُتَف مِن شِعر ابنِ رشيق وزميله ابنُ شرَف القيروانيّين
ويليه
مُلْحَق فيه لمَعٌ من شعر الشاعر الحكيم
(أبي الفضل جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شَرَف)
الجُذامي الأنْدَلُسي
صُنعُ
(أبي البركات عبد العزيز المَيمَني)
السَّلَفِي الرَّاجكوتي لطف الله به
خادم العلم بالكلية الشرقية في لاهور من عواصم الهند
عُنيَتْ بنشرِه
المطبعة السلفية - ومكتبتُها
لصاحبيهما: محب الدين الخطيب وعبد الفتاح قبلان
القاهرة
(حقوقُ الطبع محفوظة للمطبعة السَّلفِية ومكتبتها)
بسم الله الرحمن الرحيم
وصَلَّى الله على (محمد) سيد أنبيائه وأكرم أوليائه وسلّم وكرّمَ، ومَجّدَ وعَظم.
هذه نُتَفٌ من شعر ابن رشيق القيرواني أبي على الحَسنِ مبثوثةٌ في مَطاوي دواوين الأدَب ودفاتره. اقتطفنا من أزاهرها، وانتقينا من أًخايرها، لتكون نموذجًا من شعره، ينؤَه بذكره، ويمَيّزه عن أبناء عَصْره، ويُطيّب من نَشْره.
قافية الهمزة
(1)
قال رحمه الله في العُمدة (1) وصنعتُ أنا في زَرافة أتت في الهديَّة من مصر إلى (يريد المعزٌ بن باديس) خلَّد الله ملكه من قصيدة طويلة:
وأتتك من كسب الملوك زَرافةٌ
…
شَتَّى الصفات لكونها إثناء
جمعت محاسنَ ما حَكتْ فتناسبت
…
في خَلقها وتنافت الأعضاء
تَحْتثُّها بين الخوافق مِشْيةٌ
…
بادٍ عليها الكبْرُ والخُيَلاءُ
وتَمُدُّ حِيدًا في الهواء يَزِينُها
…
فكأنَّه تحت اللِواءِ لِواءُ
حُطَّتْ مَآخِرُها وأشْرفَ صَدرُها
…
حتى كان وقوفَها إِقعاء
وكأنَّ فِهْرَ الطِيب ما رَجَمَتْ به
…
وجْهَ الثَرَى لو لُمَّتِ الأجزاءُ
وتخيَّرت دون الملابس حُلَّةً
…
عيَّتْ لصنعة مثلها صَنْعاءُ
لونًا كلون الزَبْل إلَّا أنَّه
…
حِلْى وجزع بعضَه الجُلَّاءُ
أو كالسحاب المكفهِرَة خَيّطتْ
…
فيه البروق وميضُها إيماءُ
أو مثل ما صَدِئتْ صَفَائحُ جوْشَنِ
…
وجرى على حافاتهنّ جِلاء
نِعْم التجافيفُ التي ادّرعت به
…
من جِلْدها لو كان فيه وقاء
(1) طبعة مصر سنة 1225 هـ 2: 228 - و 229، وبساط العقيق 43 - 44. ولأبي عبد الله بن زمرك في زرافة أهداها ملك الحبش إلى السلطان أبي سالم ملك المغرب قصيدة أنشأها بأمره أولها:
لولا تألق بارق التذكار
راجع الإحاطة لابن الخطيب 2: 227.
وقال من خَمْريّة (1):
قدر المُدامة فوق قدر الماءِ
…
فارغبْ بكأسِك عن سِوى الأكْفاءِ
ما لي ومزْجَ الراح إلا في فمي
…
بالرِيق من فمِ غادةٍ حسْناء
ذاك المِزاجُ وإِن تعدّاني الذي
…
في المُزْن من ذي رِقَّة وصفاء
أشهى وأبلغ في الفؤاد مسرَّةٌ
…
من غيره وأدبُّ في الأعضاء
لي الصِرْفُ إِن فرِح النديم ولم أكن
…
مستأثرًا فيها عن النُدماء
(3)
وقال يرثي (2):
المنايا حَتْمٌ فطوبى لنفس
…
سَلَّمَتْ بالرِضى لحكم القضاءِ
لو بوَدِّي قَتلتُ نفسي لألقا
…
هـ ولكنْ خشِيت فوق اللِقاء
الباء
(4)
وقال من قصيدة (3):
تَثَبَّتْ لا يُخامِرْك اضطراب
…
فقد خضعتْ لعِزَّتك الرِقابُ
(1) بساط العقيق ص 70 وهناك سوا (موضع سوى) ودأب (موضع أدب) وفرج (موضع فرح) ومستأثر (موضع مستأثرًا).
(2)
الغيث المنسجم في شرح لامية العجم للصلاح الصفدي 2: 262 - 263 - الود الحبيب يقول يا ليتني قتلت نفسي بدل حبيبي أو فداء عليه حتى ألقاه في الآخرة ولكنني أخشي العذاب فإن قتل الرجل نفسه حرام أوعد عليه.
(3)
الذخيرة لابن بسام (ونقلناه عن مجموعة أماري الإيطالي في تاريخ صقلية ص 650) والبساط ص 60 - قال ابن بسام وذكر هجوم أسطول الروم ليلًا على المهدية فأصبح البحر ثنايا، تطلع منايا. واكاما، تحمل موتا زؤاما. فدخل على المعز حين وضح الفجر فوجده في مصلاه والرقاع عليه ترد، والشمع بين يديه تتقد. فقام ينشده قصيدته التي أولها "تثبت" البيت فقال له مه! متى عهدتني لا أتثبت؟ إذا لم تجئنا إلا بمثل هذا فمالك لا تسكت عنا. ثم أمر بالرقعة التي فيها القصيدة فمزقت ولم يقنعه حتى أدناها إلى الشمع فأحرقت فخرج ابن رشيق من عنده على غير طريق وكان وجهته إلى صقلية. إلى آخر =
وقال (1):
فأُوْصِيكُم بالبَغْل شرًّا فإنَّه
…
من العَير في سُوءِ الطِباع قريبُ
وكيف يَجيء البغلُ يومًا بحاجة
…
تسُرُّ وفيه للحمار نصيبُ
(6)
وقال في غلام (2):
عزيزٌ يُبارِي الصُبْحَ إشراق خَدِّه
…
وفي مَفْرِق الظلماء منه نَسِيبُ
يزف إليه ضاحكًا أقحوانه
…
ويهتزُّ في بُرْدَيه منه قَضيب
(7)
وقال في الخمر (3):
قلتُ لمن ناوَلَنى مُرَّةً
…
ما بِيَ حُبُّ الغِيد بل حُبُّها
لا تَسْقِني الراح (؟)(4) ممزوجةً
…
واشرَبْ فما يُمْكِنني شُرْبُها
ما راحتي في الراح إن غُيّرتْ
…
دَعْني كما جاء بها ربُّها
(8)
وقال (5):
إن كنتَ تُنْكِرُ ما منكَ ابتُلِيتُ به
…
فإن بُرْءَ سَقامِي عَزَّ مَطلَبه
= ما نقل ابن فضل الله عن الذخيرة. وإنما طولنا لأن صاحب البساط نقل عن الذخيرة في جواب المعز أنه قال "متى عهدتني يا نديمي لا أتثبت" وهذا خلاف المنقول ولا يلائم سائر القصة فكأنه لم يتثبت في النقل والله أعلم.
(1)
شرح الشريشي على مقامات الحريري 2: 176 والبساط 75 - وله في البغل كلمتان أخريان راجعهما في الراء وثالثة وراجعها في اللام.
(2)
الشريشي 2: 259 - كذا وانظر هل الصواب نصيب ويرف بالراء المهملة.
(3)
البساط 70 - 71.
(4)
كذا في البساط والصواب "راحك" أو ما يشبهه أن شاء الله.
(5)
الشريشي 2: 215 والبساط 69 وشرح دي ساسي على المقامات 548 ولكن هذا الأخير عكس الترتيب وهو خطأ منه.
أَشِرْ بعُود (1) من الكبريت نحو فمي
…
وانظُرْ التي زَفراتي كيف تُلْهبه
(9)
وقال في غَرض يظهر من الأبيات (2):
ومن حَسَنات الدهر عندي لَيلة
…
من العمر لم تَتْركْ لأيّامها ذنْبا
خلَوْنا بها نَنْفي القَذى عن عيوننا
…
بلؤلؤة مملوءةٍ ذهَبًا سَكْبا
ومِلْنا لتقبيل الثغور ولَثْمِها
…
كمثل جنوح الطير تلتقط الحَبّ
(10)
وقال يشكو حُرْفَة الأدب (3):
أشقَى لعقلكَ أن تكون أديبًا
…
أو أن يرى فيك الورَى تهذيبًا
ما دمْت مستويًا ففعلك كلُّه
…
عِوَجٌ وإن أخطات كنت مُصيبًا
كالنقْش ليس يصِحُّ مَعْنى ختْمِه
…
حتى يكون بِناؤه مقلوبًا
(11)
وقال وأجاد (4):
سألت الأرض لِمْ كانت مصلَّى
…
ولمْ كانت لنا طُهْرًا وطيبا
فقالت غيرَ ناطقة لأني
…
حوْيت لكلِّ إنسان حبيبا
(12)
وقال يصف سوْداء (5):
دعا بكِ الحسنْ فاستَجيبي
…
يا مِسْكُ في صِبْغة وطِيب
(1) يريد الطاقة التي يشعل بها المصباح.
(2)
الشريشي 1: 177 والبساط ص 68 والحلل السندسية ومعجم الأدباء لياقوت البيتان الأولّان فقط 72: 3.
(3)
معاهد التنصيص 1: 56 والغيث 2: 75 والبساط 66.
(4)
المعاهد 2: 16 والبساط 76 وحسن التوصل 79 - 80. ويروي بدل "كانت" الأولى "جعلت" وهو أحسن.
(5)
الشريشي 1: 100 والغيث 2: 161 والمعاهد 2: 23 وديوان الصبابة على هامش تزيين الأسواق 68 =
تِيْهِي على البِيض واستطيلي
…
تِيهَ شباب على مشيب
ولا يرُعْكِ اسوداد لَوْنِ
…
كمقْلة الشادن الرَبيب
فإنَّما النور عن سوادٍ
…
في أعْين الناس والقلوب
(13)
وقال يذكر ماضي العهد (1):
قرعت سنّي على مما فاتني ندمًا
…
من الشباب. ومنْ باللَهْو للشيبِ
فقد رددت كُؤُوس الراح متْرعةً
…
على السقاة وكانت جُلَّ مشروبي
أُنَزِّه السمع والعينين في نَغَمٍ
…
ومنظرٍ عابث بالحسن والطِيب
من كلّ لافظة بالدرّ باسمةٍ
…
عنه محلاةِ نوع منه مثقوب
أيام تَصْحبني الغِزْلان آنسةً
…
هذا على أنني أعْدى من الذيب
(14)
وقال في زرافة أهديت إلى المعز ومرّ ذكرها في قافية الهمزة (2):
ومجنوبه أبدًا لم تكن
…
مذلَّلَة الظهر للراكب
= والبساط 68 - زاد الشريشي قال ابن رشيق أخذته من قول الآخر أنشده الجاحظ:
مشبهات الشباب والمسك تفديـ
…
ـهن نفسي من السردى والخطوب
كيف يهوى الفتى اللبيب وصال البيـ
…
ـض والبيض مشبهات المشيب
قال الشريشي وأخذ بيته الآخر من قول الآخر أنشده الجاحظ:
وإن سواد العين في العين نورها
…
وما لبياض العين نور فيعلم
وفي معنى قول صاحبا قول ابن رباح:
وسوداء الأديم إذا تبدت
…
يرى ماء النعيم جرى عليه
رآها ناظري فصبا إليها
…
وشبه الشيء منجذب إليه
أقول هذا المصراع صدر بيت للمتنبيء ولفقه التالي:
وأشبهنا بدنيانا الطعام
وقد أكثر الشعراء في نعت السود وأتوا بمعاني مبتكرة ولكن أضربنا عن سرد أشعارهم إذ لم يكن هذا من غرضنا.
(1)
الشريشي 2: 16 والبساط 77 غير البيت الآخر.
(2)
العمدة 2: و 229 عقيب الهمزية المارة. وصحح صدر البيت الأول وعجز البيت الأخير من نسخة (العمدة) المخطوطة المحفوظة في إدارة مجلة (الزهراء).
قد اتصل الجِيد من ظهرها
…
بمثل السنام بلا غارب
ملمَّعةٍ مثل ما لُمعتْ
…
بِحنّاء وشْيء يد الكاعب
كأنَّ الجواري كنَّفنها
…
لخالخ من كل ما جانب
(15)
وقال في الشيب (1):
وإن لم تَعجَبي ببياض شعرْ
…
فلا تستغرِبي بَلَقَ الغراب
تَعافِين المشيب وليس هذا
…
ولكن هذه شِيَة الشباب
(16)
وقال في القناعة (2):
يُعْطَى الفتى فينال في دَعةٍ
…
ما لم ينلْ بالكدّ والتعب
فاطلب لنفسك فضل راحتها
…
إذ ليست الأشياء بالطلب
إن كان لا رِزْقٌ بلا سبب
…
فرجاء ربّك أعظم السبب
(17)
وقال في الشيب (3):
أراك للشَيْب ذا اكتئاب
…
فأين تمضِي عن الصواب
إن كنت تَرْعَى الوفاءَ حقًّا
…
فالشيب أوفَى من الشباب
(18)
وقال في استهلال الهلال (4):
لاح لي حاجبُ الهلال عشيًّا
…
فتمنيت أنني من سحاب
(1) الشريشي 2: 18 والبساط 76 - قال الشريشي أخذه ابن رشيق من قول البحتري يعتذر من الشيب:
عيرتني بالشيب وهي رمته
…
في عذاري بالصد والاجتناب
لا تريه عارًا فما هو بالشيـ
…
ـب ولكنه جلاء الشباب
وبياض البازي أصدق حسنًا
…
إن تأملت من سواد الغراب
(2)
الشريشي 1: 103 والبساط 66.
(3)
الشريشي 2: 18 والبساط 76.
(4)
الشريشي 2: 179 والبساط 71 - قوله لعدو وهو هلال رمضان وقوله لما قلت كذا ولعل صوابه كما.
قلت أهلًا وليس أهلًا لما قـ
…
ـلت ولكنْ أسمعتها أصحابي
مظهِرًا حبَّه وعنديَ بُغْضٌ
…
لعدوّ الكؤوس والأكواب
(19)
وقال وأحسن في التعليل (1):
وأهْوى الذي أهْوى له البدر ساجدًا
…
ألست ترى في وجهه أثر الترْب
(20)
وقال (2):
ومهفهفٍ يَحْميه عن نظر الورى
…
غيْرانُ سُكْنى الموت تحت قبابه
أوْمَى إليَّ أن آئتني فأتيته
…
والفجر يرمُق من خِلال نقابه
فلثمْت خدًّا منه ضرَّم لوْعتي
…
وجعلت أطفيءُ حرَّها برضابه
وضممته للصدر حتى اسْتوهَبتْ
…
مني ثيابي بعضَ طِيب ثيابه
فكأنَ قلبي من وراء ضلوعه
…
طرِبًا يخبّر قلبه عمّا به
(21)
وقال في النفور عن البحر، والتجانف عن مركبه الوعْر (3):
خلقتُ طينًا وماء البحر يتْلِفه
…
والقلب فيه نُفُورٌ من مراكبه
فالبحر خير رفيق بالرفيق له
…
والبرَ مثل اسمِه بَرُّ براكبه
(1) المعاهد 2: 18.
(2)
الشريشي 2: 85 والمعاهد 2: 20 - 21 وفي كل منهما أربعة أربعة فالفائت في الشريشي الثاني وفي المعاهد الثالث- هذا وقد ألطف تعليل خفقان القلب. ومثله للحظيري.
يقول لي حين وافى
…
قد نلت ما ترتجيه
فما لقلبك قد جا
…
بخفقة تعتريه
فقلت وصلك عرس
…
والقلب يرقص فيه
وقال البهاء زهير:
لا تنكروا خفقان قلبي
…
والحبيب لدي حاضر
ما القلب إلا داره
…
دقت له فيها البشائر
(3)
البساط 61 - 62. وله بيتان في المعنى نفسه انظرهما في قافية الياء.
(22)
وقال في أن التآسي، لا يبعث على السلْوة والتناسي (1):
رأيت التعزّيَ مما يهيج
…
على المرء ساكن أوصابه
وما نال ذو أسوةٍ سلْوةً
…
ولكنْ أتى الحُزْن من بابه
تفكّر في مثل أرزائه
…
فذكَّرَه ما به ما به
(التاء)
(23)
وقال في الإعراض عن الجاهل (2):
أيّها المُوْحِي إلينا
…
نَفْثةَ الصِلِّ الصمَوتِ
ما سكتْنا عنك عِيًّا
…
ربّ نطق في السكوت
لك بيتٌ في بيوت (3)
…
مثل بيت العنكبوت
إن يهنْ وهْنًا ففيه
…
حِيلتا سُكْنى وقوت
(24)
وقال يذكر إبليس (4):
أرى الشيخ إبليس ذا علَّة
…
فلا بَرأ الشيخ من علته
(1) الشريشي 2: 194 والبساط 75. هذا رد على الخنساء وقد اقتفى أثر ابن الرومي وهو مجلي الحلبة قال:
رأيت الدهر يجرح ثم يأسو
…
يؤسي أو يعوض أو ينسى
أبت نفسي الهلاع لرزء شيء
…
كفى رزءًا لنفسي رزء نفسي
أتجزع وحشة لفراق ألف
…
وقد برّأتها لحلول رمى
قال ابن رشيق أخذته من قول عمر بن أبي ربيعة:
وذو الشوق القديم وإن تعزّى
…
مشوق حين يلقى العاشقينا
وأخذه عمر من قول متمم بن نويرة:
وقالوا أتبكي كل قبر رأيته
…
لقبر ثوى بين اللوى والدكادك
فقلت لهم أن الأسى يبعث الأسى
…
دعوتي فهذا كله قبر مالك
(2)
العمدة 1: 162 ويأتي له في الغين بيتان في المعنى.
(3)
وفي النسخة المطبوعة من العمدة البيوت محلى باللام. وهذا البيت والذي بعده غير موجودين في النسخة المخطوطة التي في إدارة مجلة (الزهراء).
(4)
الشريشي 283: 2 - وهناك بريء وفلا تدخروا بالدال المهملة - ولابن رشيق أبيات في لعن إبليس =
يقود على الحِبّ مستيقظًا
…
ويأتيك في الليل في صورته
فيؤتيك ما شاء من نفسه
…
ويَبْلغُ ما شاء من لذته
ومن كان ذا حيلة هكذا
…
تمثَّل للمرء في يَقْظته
فلا تَدْخُروا دونه لعنة
…
لأن رضي الله في لعنته
الثاء
(25)
وقال وأبدع ما شاء (1) ويعْزى لابن شرف:
لك مجلس كملت بشارة لهْونا
…
فيه ولكن تحت ذاك حديث
غنى الذباب فظلَّ يَزْمِر حوله
…
فيه البعوض ويرقص البُرغوث
الجيم
(26)
قال في العمدة (2) ومن قصيدة صنعتها بديهةً بالمَهْدية ساعة وصولي إليه أدام
= لامية - والسابق إلى المعنى الحكمي حيث يقول:
عجبت من إبليس في كبره
…
وخبث ما أضمر من نيته
تاه على آدم في سجدة
…
وصار قوّادًا لذريته
(1)
بدائع البدائه للأزدي على هامش المعاهد 2: 176 - وعزاهما الشريشي 2: 45 لابن شرف وقد حرفهما الناسخ وكذا في المعاهد 1: 220 ونفح الطيب مصر 2: و 209 أوروبا 2: 222 - وأنشد الحافظ ابن دحية:
ضاقت بلنسية بي
…
وذاد عني غموضي
رقص البراغيث فيها
…
على غناء البعوض
والمعنى مبتذل تداوله الشعراء قديمًا وحديثًا وقد أحسن الكمال أبن الأعمى المتوفي سنة 692 هـ في ذم دار سكناه:
من بعض ما فيها البعوض عدمته
…
كم أعدم الأجفان طيب سباتها
وتبيت تسعدها براغيث متى
…
غنت لها رقصت على نغماتها
رقص بتنقيط ولكن قافه
…
قد قدمت فيه على أخواتها
وقد أوجز ابن رشيق وأعجز.
(2)
العمدة 1: 154.
الله عِزَّه عن اقتراح بعض شعراء وقتنا هذا:
وذيّالٍ له رِجْل طَحونٌ
…
لما نزلت به ويَدٌ زَجوجُ
يَطير بأربع لا عيب فيها
…
لظُهْرانِ الصَفا منها عَجيج
خرجت به عن الأوهام سَبْقًا
…
وقلَّ له عن الوَهْم الخُروج
إلى المَلِك المعِزِ أبي تميم
…
أمُرَ بمن سِواه فلا أعيج
(27)
وقال في النسيب (1):
من ذا يعالج عني ما أعالجه
…
من حَر شوق أذاب القلب لاعجُه
ومن يكن لرسيس الشوق داخلُه
…
يكن لفرْطِ الضَنى والسُقم خارجه
كادت خلاخيل من أهوى تبوح به
…
سرًّا - وغصّت بما فيها دمالجه
(28)
وقال (2) - وركب متن البحر إلى صِقليَّة - وقد أحسن كلَّ الإِحسان:
ولقد ذكرتُك في السفينة والرَدى
…
متوقَّعُ بتلاطم الأمواجِ
والجو يهْطِل والرياح عواصف
…
والليِل مُسْودُّ الذوائب داج
وعلى السواحل للأعادي غارةٌ
…
يتوقَعون لغارةٍ وهِياج
وعلتْ لأصحاب السفينة ضجّة
…
وأنا وذكْرُك في ألذ تَناج
(1) البساط 67 وهناك الصبي (موضع الضنى) وعصت (موضع غصت) فأصلحناهما.
(2)
الغيث 23: 2 والبساط 65 وديوان الصبابة 182 وهناك للأعادي عسكر وغارة أيضًا صحيح فالمراد به المدى وهم المغيرون - والمعنى مطروق ورده الشعراء وقد أحرز قصبتي السبق والإحسان أبو عطاء السندي الحمامي في قوله:
ذكرتك والخطى يخطر بيننا
…
وقد نهلت منا المثقفة السمر
الثناءة الأبيات - وعزاها صاحب تزيين الأسواق 219 للشريف البياضي وأورد قبيلها أبياتًا رائية لابن رشيق (ستأتي في رقم 53 ص 31) وهي:
ولقد ذكرتك والطبيب معبس
…
والجرح منغمس به المسبار
الثلثة، فانظر هل انقلب على كاتب الأمر فكتب على الرائية اسم ابن رشيق بدل الشريف البياضي وعلى الجيمية اسم الشريف بدل اسم ابن رشيق.
وقال في العمدة (1): وقد كنت صنعت بين يدي سيِّدنا (ابن أبي الرجال الكاتب وفي نعمه) عن أمره العالي زاده الله علوًّا:
الشعر شيء حسنُ
…
ليس به من حَرَجِ
أقلُّ ما فيه ذها
…
ب الهمٌ عن نفس الشجى
يُحْكِم في لطافة
…
حل عقود الحُجج
كم نظرة حسَّنها
…
في وجه عذْرٍ سَمِج
وحُرْقةٍ برَّدها
…
عن قلب صبٍ مُنضَج
ورحمةٍ أوقعها
…
في قلب قاسٍ حَرِج
وحاجةٍ يسَّرَها
…
عند غَزال غنج
وشاعر مطرَحٍ
…
مُغلق باب الفرج
قرَّبَه لسانه
…
من مَلِك مُتَوَّج
فعلموا أولادكم
…
عَقار طِبِّ المهج
(30)
وقال (2) يذمّ الباذِنجانَ:
وإذا صنعتَ غَداءَنا
…
فاجعله غير مُبَذْنَج
إيّاك هامة أسْودٍ
…
عُرْيانَ أصْلَعَ كَوْسَجِ
(31)
وقال (3):
وقد أطْفأوا شمسَ النهار وأوقدوا
…
نجومَ العوالي في سماء عَجاج
(1) العمدة 1: 23 - وفارس هذا المضمار أبو العباس الناشئ راجع نونيته 2: 91 - 93 من العمدة.
(2)
حلبة الكميت للنواحي ص 269 - وهناك غدانا موضع غداءنا ومنبذج بدل مبذنج وهو مفعول مصنوع من الباذنجان- وورد البيتان في "نزهة الأنام في محاسن الشام" ص 286 غير معزوين لشاعر بعينه - وقال آخر يصفه:
وروضة ابذنج تكامل حسنها
…
لها منظر يزهو بكل نظير
وقد لاح في أقماعه فكأنه
…
قلوب ظباء في أكف نسور
(3)
خزانة الأدب لابن حجة 1: 70، حسن التوسل 69.
الحاء
(32)
وقال (1) يصف الثريّا:
يا حبّذا من بنات الشمس سائلة
…
على جوانبها تهفو المصابيحُ
كأنّها رَبْوةٌ سمعاء كَلَّلها
…
نَوْرُ البَهار وقد هَبّت لها ريح
(33)
قال ابن شَرَف (2) استخلانا المعزّ يومًا وقال أريد أن تصنعا شِعرًا تمدحان به الشَعَرَ الرقيق الخفيف الذي يكون على سوق بعض النساء فإني أستحسنه وقد عاب بعض الضرائر بعضًا به وكلهنِ قارئات كاتبات فأحب أن أرِيَهن هذا وأدّعى أنه قديم لأحتج به على من عابه وأسُرَّ مَنْ عِيبَ عليه. فانفرد كل منا (من ابن شرف وابن رشيق) وصنع في الوقت، فكان الَّذي (3) قلتُ "وبلقيسةٍ" الأربعة الأبيات، وكان الذي قال ابن رشيق:
يعيبون بلقيسية أن رأوا بها
…
كما قد رأى من تلك من نصب الصرْحا
وقد زادها التزغيبُ مِلْحًا كمثل ما
…
يزيد خُدودَ الغِيد تزغيبُها مِلْحًا
فانتقد المعز على ابن رشيق قوله يعيبون وقال: قد أوجدتَ لخصمها حجَّةً بأنَّ بعض الناس عابه. وهذا نقد ما فَطِنتُ له.
(1) البساط 65 - وسمعاء لم أهتد لوجه صوابه ولا عثرت على البيتين في موضع آخر- و "سائلة" كذا وانظر هل هي سائرة.
(2)
في كتابه أبكار الأفكار على ما في بدائع البدائه 1: 228 والبساط 49.
(3)
انظر أبياته في باب الحاء من شعره.
(34)
وقال (1):
أيها الليل طِرْ بغير جَناح
…
ليس للعين راحة في الصباح
كيف لا أبغض الصباحَ وفيه
…
بانَ عني أولو الوجوه الصِباح
(35)
وقال (2) وقيل إنهما لابن حَمْديس الصِقِلّي:
باكِرْ إلى اللّذّات واركَبْ لها
…
نجائبَ اللهو ذواتِ المِراحْ
من قبل أن تَرْشُفَ شمسُ الضحى
…
ريق الغوادي من ثغور الأَقاحْ
(36)
وقال في العُمْدة (3) ونقل قول المتنبّيء:
"نُسقوا لنا نسق الحساب مقدَّما
…
وأتى فذلكَ إذ أتيتَ مؤخَّرا"
تفسير مليح قليل النظير في أشعار العرب وتعلّقتُ به في مدح السيد أبي الحسن فقلت:
أنى بعد أهل العُلَى
…
كجُملة شيء شُرِحْ
(1) الشريشي 1: 226 وتزيين الأسواق 201، ديوان الصبابة 109، شرح دي ساسي على المقامات ص 212 - ويروى في قافية البيت الثاني بدل الصباح الملاح - البساط 75 - والنثار 25.
(2)
الغيث 1: 182 والمعاهد 1: 188 والخزانة للحموي 49 ونثار الأزهار 46 ونزهة الأنام في محاسن الشام 149 والبساط 70 وزاد عليهما مطلعًا نقلًا عن ابن خلكان وهو:
قم هاتها من كف ذات الوشاح
…
فقد نعى الليل بشير الصباح
وزعم أن ابن خلكان غير مصيب في عزو الأبيات التي ابن حمديس. أقول ابن خلكان أعرف الجميع وأيًّا ما كان فإن المطلع لم يعزه أحد إلى ابن رشيق وإنما نقله نفسه عن ابن خلكان في ترجمة ابن حمديس 1: 302 معزوًا إليه فعزاه إلى صاحبنا - وما أرشق البيتين وأبدعهما!
(3)
العمدة 2: 30.
الدال
(37)
قال (1) سألني بعض أصحابنا أن أضمِن له قول الشاعر:
"فإن فخرتَ بآباء لهم شرف
…
قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا"
ولا أزيدَ على بيت واحد فقلتُ:
أصبحتَ من جملة الأشراف إن ذُكروا
…
كواحد الآس لا يزكو له عدد
(38)
وقال (2) في أدب المشاورة:
أشاورُ أقوامًا لأخُذَ رأيَهم
…
فيَلْوُوْن عني أعينا وخدودا
وليس برأي حاجةٌ غير أنني
…
أؤنسه كيلا يكون وحيدًا
ولا أنا ممن يبعث السهمَ راميًا
…
إلى غرض حتى يكون سديدًا
فلا يتّهمْ عقلي الرجال فإنني
…
أعرفهم أني خُلقتُ ودُودًا
(39)
وقال (3):
كم ركعة ركع الضِبعانُ تحت يدي
…
ولم يقل سمع اللهُ لمن حمِدهْ
(40)
وقال (4) والبيتان سائران وعزاهما ابن خلكان لذي الوزارتين أبي بكر بن عمار المقتول وأخْلِقْ به أن يكون صوابا:
(1) الشريشي: 2: 116.
(2)
الشريشي 2: 281.
(3)
نفح الطيب أوروبا 1: 799.
(4)
المعجب طبعة أوروبا ص 50 ونفح الطيب مصر 1: 99 أوروبا 131 ومعالم الإيمان 3: 239 البساط 61 - ونسبهما ابن خلكان لابن عمار في ترجمته 2: 7 وملخص ما روى أنه كان وزيرًا للمعتمد ووجهه =
مما يزهدني في أرض أندلس
…
سماعُ معتضدٍ فيها ومعتمد
أسماءُ مملكة في غير موضعها
…
كالهرّ يحكي انتفاخًا صولة الأسد
(41)
وقال (1) في النارنج:
ودوحة نارنج بُهتنا بحسنها
…
وقد نشرت أغصانها للتأوُّد
ونارنجها فوق الغصون كأنه
…
نجومُ عقيق في سماء زبرجد
(42)
وقال (2):
معتدل القامة والقدٌ
…
مورَّد الوجنة والخدٌ
لو وضع الورد على خدِّه
…
ما عُرف الخدِّ من الورد
= أميرًا فملك مدينة تدمير وكان سيء التدبير ثم وثب يبخس حقوق مولاه ويعقه فتحيل المعتمد عليه وقتله بيده سنة 477 هـ بقصره في إشبيلية. ومن جملة ذنوبه عند المعتمد ما بلغه عنه من هجائه وهجاء أبيه المعتضد في بيتين هما كانا من أكبر أسباب قتله وهما:
مما يقبح عندي ذكر أندلس البيتين - ولا بد أن يكون أخذ الخبر من مصدر يوثق به ولم يذكرهما صاحب القلائد فإذن لا يعد إذًا أن قلنا أن صاحبنا تمثل بهما وكم من شعر عزى التي المتمثل به لما جهل قائله. وأما خبر البيتين فإنا نذكره أن شاء الله في شعر ابن شرف وهو به أليط. وفي النفح 2: 475 ما يدلك أيضًا على أن البيتين لغير صاحبنا حيث سمى قائلهما كافرًا لنعم بني عباد عليه ومعلوم أن لم يصل إلى ابن رشيق شيء من نعمهم حيث لم يفد عليهم وكذا في مجموعة تاريخ بني عباد. والعجب كل العجب من ابن خلدون حيث عزاهما في مقدمته (مصر سنة 1311 هـ) ص 3 و 136 إلى ابن شرف.
(1)
البساط وحلبة الكميت غير معزو إلى أحد 266 - وما أحسن قول ابن المعتز:
كأنما النارنج لما بدت
…
صفرته في حمرة كاللهيب
وجنة معشوق رأى عاشقا
…
فاصفر ثم احمر خوف الرقيب
وقوله:
وكأنما النارنج في أغصانه
…
من خالص الذهب الذي لم يخلط
كرة رماها الصولجان إلى الهوا
…
فتعلقت في جوه لم تسقط
(2)
الشريشي 1: 46 ودي ساسي 37 وديوان الصبابة غير البيت الثاني 190 - وله في المعنى بيتان يأتيان في الهاء.
قل للذي يعجبُ من حسنه
…
إقرأ عليه سورة الحمد
(43)
وقال (1) في مغنّ:
غنني يا مجوّد الخلق عندي
…
"حَيّ نجدًا ومن بأكناف نجد"
واسقني ما يصير ذو البخل منها
…
حاتمًا والجبانُ عمرَو بن معدي
في زمان الشباب عاجلني الشيـ
…
ـبُ فهذا أوائل الدَّن دُرْدى
(44)
وقال (2) في غرض يظهر من الأبيات:
قد أحكمت مني التجا
…
ربُ كل شيء غير جودي
أبدًا أقولُ لئن كسبـ
…
ـتُ لأقبضنَّ يَدي شديد
حتى إذا أثريتُ عُدْ
…
تُ إلى السماحةِ من جديد
إن المُقام بمثل حا
…
لي لا يتمّ مع القعود
لا بدَّ لي من رحلةٍ
…
تُدْني من الأمل البعيد
(45)
وقال (3):
إذا لم تجد بُدًّا من القول فانتصفْ
…
مجدُ لسان كالحُسام المهنّد
فقد يدفع الإِنسانُ عن نفسه الأذى
…
بمِقْوله إن لم يدافعه باليد
(1) الشريشي 2: 11 والبساط 71 - ولفظ المثل "أول الدن دردي" راجع الأمثال البغدادية للطالقاني رقم 120 ص 8 وأمثال الميداني -وأرى- المثل مترجمًا من الفارسي- وعمرو بن معد يكرب هو أبو ثور الزبيدي أنجد فرسان العرب وأشدهم بأسًا صاحب الصمصامة أسر كثيرًا من الفرسان كعنترة ودريد بن الصمة وأخته ريحانة والحارث بن ظالم وعامر بن الطفيل واخته والعباس بن مرداس ثم منّ عليهم وأطلقهم وأمره معروف.
(2)
معجم الأدباء ج 3: ص 72 (وهناك حملت بدل أحكمت ولعله محرف عن جملت) والحلل السندسية.
(3)
العمدة 142: 2 والبساط 66 و 67.
وقال (1) وناوله محبوبه الصائغ يومًا تفاحة:
وتُفَّاحة من كفّ ظبي أخذتها
…
جناها من الغصن الذي مثل قدّه
لها لمس رِدفَيه وطيبُ نسيمه
…
وطعم ثناياه وحمرة خده
(47)
وقال (2) وجمع ستة أمثال:
خذ العفو وَأبَ الضيمَ واجتنبِ الأذى
…
وأغْضِ تَسُدُ وارفْقْ تَنَلْ واسخُ تُحْمَدِ
(48)
وقال (3) في البنفسج:
بنفسج جاءك في حين لا
…
حَريُرى فيه ولا فرطُ بَرْدْ
كأنه لما أُتينا به
…
منغمِس الأثواب في اللازَورْدْ
(49)
وقال (4):
رأيت شقيقة حمراءَ بادٍ
…
على أطرافها لطخ السواد
يلوح بها كأحسن ما تراه
…
على شفة الصبي من المداد
الذال
(50)
قال ابن شَرَفَ (5) استدعاني المعز بن باديس يومًا واستدعى أبا علي الحسن بن
(1) الشريشي 2: 269 - وتحفة المجالس للسيوطي 219 ونزهة الأنام في محاسن الشام 205.
(2)
العمدة 1: 193.
(3)
حلبة الكميت 246.
(4)
نزهة الأنام في محاسن الشام 166.
(5)
في أبكار الأفكار له وبدائع البدائه 1: 226 والبساط 55.
رشيق الأزدي وكنا شاعري حضرته وملازمي ديوانه فقال: أحب أن تصنعا بين يديَّ قطعتين في صفة الموز على قافية الغين فصنعنا حالًا من غير أن يقف أحدنا على ما صنعه الآخر فكان الذي صنعته "يا حبذا الموز .. " الأبيات الثلثة. والذي صنعه ابن رشيق "موز سريع." الأبيات الأربعة - فأمرنا للوقت أن نصنع فيه على حرف الذال فعملنا ولم يُرِ أحدُنا صاحبِه ما عمل فكان الذي عملته "هل لك .. " الأبيات الستة من الرجز - وما عمله ابن رشيق:
لله مَوْز لذيذُ
…
يُعيذه المستعيذ
فواكهٌ وشرابٌ
…
به يُداوى الوقيذ
تَرَى القذى العينُ في
…
كما يُريها النبيذ
قال ابن شرَف فأنت ترى هذا الاتفاق لما كانت القافية واحدة والقصد واحدًا. ولقد قال من حضر ذلك اليوم ما ندري ممٌ نتعجّب أمن سرعة البديهة أم من غرابة القافية أم من حسن الاتفاق.
(51)
وقال (1):
يا ربّ لا أقْوى على دفْع الأذى
…
وبكَ استعنت على الضعيف الموذِي
ما لي بعثتَ إليَّ ألف بعوضة
…
وبعثتَ واحدةً إلى نمْرُوذ
الراء
(52)
وقال (2):
بين أجفانك سِحْرُ
…
ولأغصانك بَدْرُ
جرّدت عيناك سَيفَيـ
…
ـن لذا أمْرُك أمْرُ
فعلى خدّيك من نزْ
…
ف دِما العُشَّاقِ أثر
(1) ابن خلكان 1: 133 والشريشي 2: 45 والبساط 75 وغيرها.
(2)
الشريشي 2: 261.
ومن الكُثْبان شطر
…
لك والأغصانُ شَطر
وسواءٌ قلتُ دُرّ
…
ما أرى أو قلت ثَغْر
وبما إذا أصفُ الخصـ
…
ـر وما إن لكَ خصْرُ
بك شُغلي واشتغالي
…
ومضى زيد وعمرو
(53)
وعزيت الأبيات الآتية له (1) والله أعلم:
ولقد ذكرْتك والطبيبُ مُعبّسٌ
…
والجرح منغمس به المسبارُ
وأديمُ وجهي قد فَراه حديدُه
…
ويمينُه حذرا عليَّ يسار
فشغلتني عما يليق وإنَّه
…
ليضيق عن بُرَحائها الأقطار
(54)
وقال (2) يعرّض بكاتب ردَّ أمر محمد بن هرون:
أرى بعض من أنت صيَّرته
…
من الناس يعروك تعبيرُه
تُنافِس أفعالك أفعالُه
…
وينقُص جاهَك تأثيره
كما كسف الشمسَ بَدْرُ الدُجى
…
وإن كان من نورها نوره
(55)
وقال (3) في معنى التقفّز والرحلة:
وماءٍ بعيد الغوْر كالنجم في الدُجى
…
وردتُ طروقًا أو وردتُ مهجّرا
على قدم أخت الجَناح وأخمصٍ
…
يخال حصا المعْزاء جمرا مسعرا
فريدا من الأصحاب صلتا من الكُسى
…
كما أسلَمَ الغِمدُ الحسامَ المذكرا
(1) معزوة إليه في تزيين الأسواق ص 219 ولعله خطأ من بعض كتابه وانظر حاشية قطعة جيمية (تقدمت في رقم 28 ص 143). وقوله حديدة وفي التزيين جديدة بالجيم وهو خطأ.
(2)
الغيث 2: 148.
(3)
العمدة 1: 154.
(56)
وقال (1) في خال تحت لحْي:
حبذا الخال كامنًا منه بيـ
…
ـن الجيد والخدّ رِقبةً وحِذارا
رام تقبيله اختلاسا ولكن
…
خاف من سيف لحظه فتَوارى
(57)
وقال (2) في الصبح من الرجز:
كأنما الصبح الذي تفرَّا
…
ضمَّ إلى الشرق النُجوم الزُهْرا
فاختلطت فيه فصارت فجْرا
(58)
قال ابن رشيق في أنموذجه (3) من قصَّة: أنشدته (بريد عبد الوهاب بن محمد الأزديّ المعروف بالمثقال) من قصيدة لي:
والثريا قبالة البدر تحكي
…
باسطًا كفه ليقبض جاما
وأنشدته أيضًا لي:
رأيت بَهْرامَ والثريّا
…
والمشتري في القرآن كَرَّه
كراحة خُيّرت فحارت
…
ما بين ياقوتة ودرّه
(1) قال ابن رشيق (في الأنموذج): وكان كثيرًا ما ينتابني غلام وضيء الوجه ذو خال تحت لحيه. فنظر إليه يومًا بعض أصحابي ثم أطرق فعلمت أنه يعمل فيه. فصنعت بيتين وسكت عنهما خوف الوقوع دونه. فلما رفع رأسه قال اسمع وأنشد:
يقولون لي من تحت صفحة خده
…
تنزل خال كان مسكنه الخد
فقلت رأي ذاك الجمال فهابه
…
فحط خضوعا مثل ما خضع العبد
فقلت: أحسنت ولكن اسمع وأنشدت "حبذا
…
" البيتين. فقال: فضحتني- بدائع البدائة 1: 240 والمعاهد 2: 19 وهناك بهر الجمال من لحظ طرفه. والبساط 69 - وسمى في المعاهد بعض أصحابه بابن حبيب.
(2)
نثار الأزهار 71 والبساط 65 وهناك نجوم الزهرا والصواب ما كتبنا أو نجوما زاهرا.
(3)
فوات الوفيات 2: 24 والمعاهد 4: 139 وفيه يا ساقي الكأس في أبيات عبد الوهاب الأزدي ونسب بيتي ابن رشيق الآتيين إلى عبد الوهاب أيضًا وهو خطأ منه.
فاستظرفه وأنشدني:
(يا ساقيَ الراح إسقِ صحبي
…
وواسِني إنني أُواسي)
(وانظر إلى حيرة الثُرَيّا
…
والليل قد شد باندماس)
(ما بين بهرامها الملاحي (1)
…
وبين برجيسها المواسي)
(كأنّها راحة أشارت
…
لأخذِ تُفاحة وكاس)
(59)
وقال (2) وهو من سائر شعره:
في الناس من لا يرتجى نفعُه
…
إلا إذا مُسّ بإضرار
كالعُوْد لا يُطمَع في طِيبه
…
إلا إذا أُحرق بالنار
(60)
وقال الزاهي (3) وقيل لابن رشيق في الغيم والمطر والبرق:
خليلَيَّ هل للمزن مقلة عاشق
…
أم النار في أحشائها وهي لا تدري
سحابٌ حكت ثكلَى أصيبت بواحد
…
فعاجت له نحو الرياضِ على قبر
ترقرق في دمعًا في خدود توشَّحت
…
مطارفُها بالبرق طرزًا من النبرِ
فوشي بلا رَقْم ونسجٌ بلا يد
…
ودمع بلا عين وضِحكُ بلا ثغر
(61)
وقال في الحمام (4):
ومرتَهَنٍ لدَى الحمّام أضحى
…
وحالاه لأصحاب السعير
إذا سَئِموا العذاب أو استغاثوا
…
أغاثوهم بباب الزَمهَرِير
(1) يريد اللاحي واللائم.
(2)
معجم الأدباء 3: 72 وبغية الوعاة 220 والحلل السندسية والبساط 66 و 85 - والعجب من ياقوت حيث يقول 6: 143 في ترجمة أبي القاسم الفضل بن محمد النحوي قال القاسم بن محمد بن الحريري أنشدنا شيخنا المذكور لنفسه في الناس البيتين اهـ ملخصه. وعزا الصفدي البيتين (في نكت الهميان ص 227) إلى أبي القاسم الفضل بن محمد القصباني شيخ الحريريّ والتبريزي.
(3)
هذا لفظ النواجي في حلية الكميت ص 329.
(4)
الشريشي 1: 54.
كذلك حاله حَرًا وبَرْدًا
…
ببيت الحوض أو بيت الطَهور
وطال به انتظارُ مواعِدِيهْ
…
فقد زاد الشقيُّ على النظير
(62)
وقال في بَغْل (1):
أوْصِيك بالبغل شرًّا
…
فإنه ابن الحمار
لا يصلح البغل إلا
…
للكدّ والأسفار
كالعبد إن لم تُهِنْه
…
جَنَى على الأحرار
ما اعتاض بغلا بطِرْف
…
إلا أخو إدْبار
(63)
وقال (2):
الأسر خير من الفرار
…
والقتل خير من الإسار
وشر ما خفته حياةُ
…
أدَّتْ إلى ذلة وعار
(64)
.
وقال في الهجاء (3)، وقد أثبتناه كما وجدناه والعياذ بالله عن سفساف الهراء:
عِرْسُه من غير ضَير
…
عِرْسُ زيد بن عُمير
أبدًا تَزْنِي فإن حا
…
ضَتْ تَقُدْ حِبَّا لأير
ولها رِجْلان من نا
…
قة كعب بن زُهَير
هكذا تبنى المعالي
…
ليس إلا كل خير
(1) الشريشي 2: 176 - وله في البغل مقاطيع بائية ورائية ولامية- وأخبار أبي دلامة وشعره في لغله معروف.
(2)
البساط 67.
(3)
العمدة 2: 72 - قال: زيد بن عمير هو الذي يقول في زوجته:
تقود إذا حاضت وان طهرت زنت
…
فهي أبدًا يزنى بها وتقود
وكعب بن زهير يقول في وصف ناقته:
تهوي على يسرات وهي لاهية
…
ذوابل وقعهن الأرض تحليل
وكأن هذه المرأة في حاليها لا تقع رجلاها بالأرض إما لكثرة مباضعة أو شدة مشي في فساد. انتهى بلفظه البذيء.
(65)
وقال (1):
لا يُبْعِدِ اللهُ أبا جعفر
…
دُعابةً بِتُّ على نارها
وإن تأذّيتُ فيا ربما
…
تأذت العينُ بأشفاره
(66)
وقال (2):
كتبتُ: ولو أنني أستطيع
…
لإجلال قدرك دون البشرْ
قددتُ اليراعة من أنمُلي
…
وكان المِدادُ سوادَ البَصَر
(67)
وقال في بَغْل (3):
كأنيَ بعضُ نجوم السماء
…
تَصَعَّدَ في الجو ثم انحَدَرْ
على رَسْلةٍ من هِبات الملوك
…
سَفْواءَ ملمومةٍ كالحَجَرْ
تَعاوَنَ في جَدْلِ أعضائها
…
بنو أخْدَرٍ وبنات الأغَرّ
(1) العمدة 2: 143 باب الاعتذار نهى فيه أولًا عن الاحتجاج وإقامة الدليل لا سيما مع الملوك ثم أنشد قول إبراهيم بن المهدي وغيره ثم قال وقد سلك أبو علي البصير مذهب الحجة وإقامة الدليل بعد إنكار الجناية فقال:
لم أجن ذنبًا فإن زعمت
…
جنيت ذنبا فغير معتمد
قد تطرف الكف عين صاحبها
…
ولا يرى قطعها من الرشد
ونحوت أنا هذا النحو فقلت: لا يبعد: التبيتين.
(2)
الشريشي 2: 259.
(3)
الشريشي 2: 176 وهناك سلمومة بالسين وبنو حذر بالذال المعجمة وكلاهما خطأ - والرسالة بالفتح السهلة السير أصله في النوق وأراد هنا البغلة -والسفواء البغلة السريعة- وملمومة مجتمعة الخلق- وأخدر حمار معروف وقيل فرس وهو أفره الحمر هكذا تزعم العرب والعادة أن يكون ما تناتج منه بغالا - من العمدة 181: 2 - والأغر اسم عدة أفراس معروفة وهي عشر على ما ساقه الصغاني واثنتا عشرة كما في التاج.
السين
(68)
وقال (1)
ظنَّ أن الحصون مُلكُ سليما
…
ن وليلى بجهله بِلْقيسا
وله في العصا مآرب أخرى
…
حاشَ لله أن تكون لموسى
(69)
قال (2) ابن بسّام في الذخيرة دخل ابن رشيق على المعز بن باديس يومًا وفي يده أتْرجة كأنها واسطة ذهب أو جِذْوة لهب فأشار إليَّ بوصفها (؟) فارتجل:
أتْرُجَّة سَبطةُ الأطراف ناعمة
…
تلقى النفوسَ بخطّ غير منحوس
كأنما بسطت كفًّا لخالقها
…
تدعو بطول بقاء لابن باديس
(70)
قال ابن رشيق (3) ومما قلته على عقب وداع:
ولم أدخل الحمَّام ساعة بينهم
…
لأجل نعيمٍ، قد رَضيتُ ببوسى
ولكن لتجري عَبرتي مطمئنة
…
فابكي ولا يَدْرِي بذاك جليسي
(71)
وقال (4):
كأن ثناياه أقاح وخدَّه
…
شقيق وعينيه بقيةُ نرجس
(1) الشريشي 1: 242 قال ابن رشيق كنت أميل إلى قينة اسمها ليلى فعشقها بعض خدام الحصون وكان يحسب خدمتها وكنسها منزله لا يثلم جاه متوليها فنهيته عنها فلم ينته فقلت فيه- البساط 74 - .
(2)
هذا لفظ الأزدي نقلًا عن ابن بسام - البدائع 2: 39 والبساط 59 وذكره ابن خلكان في ترجمة المعز 2: 105 باختلاف يسير قال كان المعز يومًا جالسًا في مجلسه وعنده جماعة من الأدباء وبين يديه أترجة ذات أصابع (إلى أن قال) فاستحسن ذلك منه وفضله على من حضر من الجماعة (؟) الأدباء - ومنحوس كذا هو في المواضع كلها والعمل صوابه مبخوس من البخس وتصحف على النساخ - وورد البيتان في نزهة الأنام في محاسن الشام 332.
(3)
الشريشي 1: 54 وطراز المجالس للخفاجي 122 والبساط 75 - وراجع حماميانه في الراء والنون.
(4)
العمدة 1: 199.
(72)
وقال يمدح صقلية (1):
أخت العدَينة في اسم لا يشاركها
…
فيه سواها من البلدان والْتمِس
وعظّم الله معنى لفظها قَسَمًا
…
قلَدْ إذا شئتَ أهل العلم أو فقِس
الضاد
(73)
وقال يتغزل (2):
وفاتن الأجفان ذي وجنة
…
كأنها في الحسن ورد الرياضْ
قلت له يا ظبي خذ مهجتي
…
داو بها تلك الجفون المراض
فجاوبت من خده خجلة
…
كيف ترى الحمرة فوق البياض
الطاء
(74)
وقال (3):
تنازعني النفس أعلى الأمور
…
وليس من العجز لا أنشَط
ولكن بمقدار قرب المكان
…
تكون سلامة من يسْقط
(1) ديوان صلة السمط (مجموعة أماري 212) قال فأما سقلية بالسين مكسورة فضيعة في غوطة دمشق قال والأصل فيما يظهر فيهما (صقلية وسقلية) واحد عربت هذه وقيلت بالصاد وبقيت تلك على حالها وسقلية اسم رومي تفسيره تين وزيتون قال والي هذا المعنى أشار أبو علي الحسن بن رشيق رحمه الله حين مدح صقلية بقوله: أخت .. البيتين. أقول وأما العُدينة فلعله فيما أرى والله أعلم مصغر عدن يريد الغوطة وهي من جنات الدنيا الأربع.
(2)
الشريشي 2: 261 وهناك داوى بإثبات الياء.
(3)
الغيث 2: 27. وقال آخر:
بقدر الصعود يكون الهبوط
…
فإياك والرتب العالية
وكن في مكان إذا ما وقعت
…
تقوم ورجلك في عافية
وقال (1) يصف طول الليل من قصيدة مدح بها السيد أبا الحسن:
قد طال حتى خلته
…
من مناحية وَسطْ
وتكرّرت فيه المنا
…
زل منه لا مني الغلط
(76)
وقال (2) كلمةً يعاتب فيها القاضي جعفر بن عبد الله الكوفي- منها:
وقد كنتُ لا آتِي إليك مُخاتِلًا
…
لديك ولا أثْنى عليك تَصَنُّعا
ولكن رأيتُ المدح فيك فريضةً
…
عليَّ إذا كان المديح تَطَوُّعا
فقمتُ بما لم يخفَ عنك مَكانُه
…
من القول حتى ضاق مما تَوَسَّعا
ولو غيرُك الموسوم عني بِريبة
…
لأعطيتُ منها مُدَّعي القوم ما ادّعى
فلا تَتخالجْكَ الظُنونُ فإِنَّها
…
مآثمُ واترك فِيَّ للصُنْع موضعا
فوالله ما طَوَلتُ باللوم فيكم
…
لسانًا ولا عَرَضتُ للذمِّ مسمَعا
ولا ملتُ عنك بالوداد ولا انطوتْ
…
حِبالي ولا وَلَّى ثنائي مودِّعا
بلى ربَّما أكرمتُ نفسي فلم تَهُنْ
…
وأجللتُها عن أن تذِلّ وتَخْضَعا
ولم أرض بالحظّ الزهيد ولم أكن
…
ثقيلا على الإِخوان كَلًّا مدفَّعا
فباينتُ لا أن العداوة باينتْ
…
وقاطعتُ لا أن الوفاء تَقَطَّعا
(1) العمدة 2: 196 - والبيتان على حسن المعنى من باب التوجيه أو محتمل الضدين: منه الغلط لا مني -أو منه الغلط لا لا! بل هو مني. وجعله وسط من مناحية كخط الدائرة.
(2)
العمدة 2: 131 - ابن خلكان 2: 343 وفيه ففهت بدل فقمت وعنده ثمانية ترتيبها 1، 2، 3، 4، 5، 6، 8، 10 - معجم الأدباء 3: 74 وفيه ستة 4، 5، 6، 7، 8، 10 ولفظه ثم قال (ابن رشيق) في ورقة أخرى (من فسح اللمح) تمام الأبيات العينية (قال ياقوت) وما وجدتها أعني الأبيات التي هذه تمامها (ثم أنشدها) - البساط 73، 74 وعنده تسعة 1، 4 والباقي على ما هنا - قال ابن خلكان قبيل الأبيات وكان الشيخ موفق الدين (أبو البقاء بن يعيش النحوي) المذكور كثيرًا ما ينشد منسوبًا إلى أبي علي الحسن بن رشيق المقدم ذكره ثم كشفت ديوانه فلم أجد هذه الأبيات فيه والله أعلم وهي (ثم أنشدها). أقول وقد علمت أن صاحبنا ذكرها في كتابيه المذكورين- البيت الرابع في البساط كما هنا وفي معجم الأدباء وابن خلكان عندي موضع عني- وأما هذا القاضي فذكره صاحب المعالم 3: 243 وذكر أن أبيات ابن رشيق الميمية التي حصلنا منها على بيتين فقط كانت السبب في عزل ابنه محمد بن جعفر عن القضاء.
ألوذ بأكناف الرجاء وأتّقي
…
شماتَ العِدَى إِن لم أجد فيكَ مطْمَعا
(77)
وقال يهجو (1):
يا مُوجِعي شتمًا على أنه
…
لو فَرَكَ البُرْغوثَ ما أوجعا
كُلٌّ له من نفسه آفةٌ
…
وأفةُ النَحْلة أن تلْسَعَا
(78)
وقال في خيانة الأصدقاء (2):
صديق المرء كالدينار طبعًا
…
وكيف يفارق المرء الطِباعا
تراه إذا أقام يقيم جاهًا
…
وإن فارقتَه أجدى انتفاعا
(79)
وقال يرثي (3) وأنشدها في الأنموذج:
أما لئن صَحّ ما جاء البريد به
…
ليَكْثُرَنَّ من البَاكين أشياعي
ما زلت أفزَع من يأس إلى طمع
…
حتى ترفّع يأسي فوق أطماعي
فاليوم أنفق كنزَ العمر أجمعَه
…
لمّا مضى واحد الدنيا بإجماعي
(80)
وقال (4) في دقّة الخصر ورجاحة الكفل:
أحمل أثقالي على رِدْفه
…
وأمسك الخَصْرَ لئلا يضيع
الغين
(81)
وقال (5):
وأخرقَ أكّالٍ للحم صديقه
…
وليس لجاري ريقه بمُسيغ
(1) العمدة 2: 137 والبساط 74، 75.
(2)
الشريشي 1: 45.
(3)
معجم الأدباء 3: 71 والأولى بإجماع بدون الياء.
(4)
الغيث 1: 243.
(5)
العمدة 1: 162 والبساط 74 محرفًا.
سكتُّ له ضنًّا بعرضي فلم أجب
…
وربّ جواب في السكوت بليغ
(82)
وقال (1) في المَوْز ومرّ خبره في قافية الذال:
مَوْز سريع أكلُهُ
…
من قبل مَضْغ الماضغ
مأكلة لآكل
…
ومشرب لسائغ
فالفم من لِينٍ به
…
ملآنُ مثلُ فارغ
يخال وهو بالغ
…
للحـ[ـلْـ]ـق غير بالغ
الفاء
(83)
قال في العمدة (2) وقلت من قصيدة اعتذرت بها إلى مولانا خلّد الله أيامه من طول غيبة غِبْتُها عن الديوان:
إليك يخاض البحر فَعْمًا كأنه
…
بأمواجه جيش إلى البَرِّ زاحفُ
ويبعث خَلفَ النُجْح كلُّ مُنيفة
…
تُريك يداها كيف تطوى التنائف
من المُوجِفات اللاء يَقْذِفْن بالحصا
…
ويرْمَى بهنّ المهْمَهُ المتقاذف
يَطير اللُغامُ الجعَدُ عنها كأنه
…
من القطن أو ثلج الشتاء ندائف
وقد نازعت فضل الزمام ابن نكبةٍ
…
هو السيف لا ما أخلصتْه المشارف
فكيف تراني لو اُغنت على الغنى
…
بجد وإني للغنى لمشارف
وقد قرَّب الله المسافة بيننا
…
وأنجزَني الوعدَ الزمانُ المساوف
(1) أبكار الأفكار لابن شرف على ما في بدائع البدائة 1؛ 226 والبساط 54.
(2)
العمدة 1: 153 و 154 والبساط 72 محرفا على جاري عادته- قوله ابن نكبة يريد الماضي المتصلت في الأمور والمشارف قرى تشارف الشام أي تصاقبها ردوها في النسبة الي الواحد وحكي الواحدي هي قرى باليمن وقال أبو عبيدة تنسب إلى مشرف وهو جاهلي قال ابن الكلبي هو المشرف بن ملك بن دعر بن حجر (راجع النسب في معجم البلدان 8: 62 مصر) من قحطان- هذا هو المعروف والعجب من صاحبنا حيث يقول في العمدة 180: 2 مشرف منسوب إلى مشرف وهي قرية باليمن كانت السيوف تعمل بها وليس قول من قال أنها منسوبة إلى مشارف الشام أو مشارف الريف بشيء عند العلماء وإن قاله بعضهم اهـ ومع هذا ينسب السيوف إلى المشارف في هذا البيت. فقوله "وليس قول من قال". هذا القائل هو ابن أخت خالته.
ولولا شَقائي لم أغِبْ عنك ساعةً
…
ولا رامَ صرفي عن جنابك صارف
ولكنني أخطات رُشدي فلم أصِبْ
…
وقد يُخطيء الرُشْدَ الفتى وهو عارف
(84)
وأنشد (1) لنفسه في كتاب فسح اللمح:
المرء في فسحة كما علموا
…
حتى يرى شعره وتأليفه
فواحد منهما صفحتَ له
…
عنه وجازت له زخاريفه
وآخر تجري؟ منه في غَرَر
…
إن لم يوافق رضاك تثقيفه
وقد بعثنا كيسَين ملؤهما
…
نقد امرئ حاذق وتزييفه
فانظر وما زلت أهل معرفة
…
يا من لنا علمه ومعروفه
(85)
وقال (2) في نفسه -وكان أحول- وفي الطوسي الأعمى الشاعر وفي محمد بن شرف الأعور:
لا بد في العور من تيه ومن صلف
…
لأنهم يبصرون الناس أنصافا
وكل أحول يلفى ذا مكارمة
…
لأنهم ينظرون الناس أضعافا
والعمْى أولى بحال العور لو عَرَفوا
…
على القياس ولكن خاف من خافا
(86)
وأنشد (3) لنفسه في الأنموذج:
قالوا رأينا فراتًا ليس يوجعه
…
ما يوجع الناس من هجر إذا قذفا
(1) معجم الأدباء 3: 73.
(2)
الغيث 2: 225. وقال آخر في المعنى:
شمس الضحى يغشى العيون ضياؤها
…
إلا إذا رمقت بعين واحدة
فلذاك تاه العور واحتقروا الورى
…
فاعرف فضيلتهم وخذها فائدة
نقصان جارحة أعانت أختها
…
فكأنما قويت بعين زائدة
ومن أبيات لأبي عثمان الخالدي:
وربما ابتهج الأعمى بحالته
…
لأنه قد نجا من طيرة العور
(3)
معجم الأدباء 3: 73.
(87)
وقال (1):
من جفاني فإنني غير جاف
…
صلة أو قطيعة في عفاف
ربما هاجر الفتى من يصافـ
…
ـيه ولاقى بالبشر من لا يصافي
(88)
وقال (2):
ما أنت يا دهر بالأهوال تفجعنا
…
إلا كمن يقرع الجلمود بالخزف
إن كنت أنت لسيف الغدر منتضيًا
…
فإنني من جميل الصبر في زغف
(89)
وأنشد لنفسه (3) في تشبيه أربعة بأربعة:
بفرع ووجه وقدّ وردف
…
كليل وبدر وغصن وحِقف
(90)
وقال في البهار (4):
يا حسن ما سُمّيَ البهارُ به
…
لو تركته عيافة العائِفْ
قلبتهُ راهبًا فأشْعرني
…
خوفًا ويا ويل راهب خائف
القاف
(91)
اجتمع أبو عبد الله بن شرف الجُذاميّ يومًا بأبي علي بن رشيق فوصف له منزلًا
(1) معجم الأدباء 3: 73.
(2)
الغيث 2: 177.
(3)
العمدة 1: 200.
(4)
الغيث 2: 263 و 264 - ولآخر في المعنى:
حكاني بهار الروض حتى ألفته
…
وكل بهار للمحب صاحب
فقلت له ما بال لونك شاحبًا
…
فقال لأني حين أقلب راهب
ضيّقًا كان فيه ثم صنع في صفته فقال (1):
ومنزلٍ قبّحَ من منزل
…
النتن والظلمة والضيق
كأنني في وسطه فَيشة
…
ألوطه والعَرَق الريق
وكان ابن شرف أعور أصلع فقال ابن رشيق يُداعِبه على طريق الإجازة:
وأنت أيضًا أعور أصلع
…
فوافَقَ التشبيهَ تحقيق
(92)
وقال (2):
بكؤوس حكين من شفّ قلبي
…
شفَةً لم تُذَق وثغرًا وريقا
(93)
وقال (3):
أراك اتهمْتَ أخاكَ الثقَهْ
…
وعندك مقْتّ وعندي مقَهْ
وأثني عليكَ وقد سُؤْتني
…
كما طيّبَ العودُ مَنْ أحرَقه
(94)
وقال يرثي أبا إسحاق إبراهيم بن حسن المعافري التونسيّ (4):
(1) البدائع 1: 114 وهكذا كله لفظه ثم قال ولو قال ابن شرف كأنني في وسطه فيشة في فقحة لكان أوضح في تشبيه المنزل اهـ. فيا لله! ألبس فيهم رجل رشيد وقد صدق ابن القيم.
فإن لم تكونوا قوم لوط حقيقة
…
فما قوم لوط منكم ببعيد
وإنهم في الخسف ينتظرونكم
…
على مورد من جهلكم وصديد
قوله منزلًا هو الحمام على ما في الغيث 2: 225 وأول البيت هناك: كأنما حمامنا فقحة- فإذا لا يحتاج الغيث في الإصلاح إلى هذا الثالث المعزز به وليس بدونهم وأيضًا هناك ألوطها بدل ألوطه وهو الصواب ولكن الصحيح أن كلاهما خطأ جلل، وزلل وخطأ. أعاذنا الله.
(2)
العمدة 1: 199 قال وقال (صاحب الكتاب) على جهة التفسير وأنشد البيت ثم قال يريد حافة (؟ ولعله حالة) والكاس والحباب والخمر.
(3)
قوله هذا وقوله (في الناس. . . بأضرار) البيتين هما مأخوذان من قول أبي تمام:
لولا اشتعال النار فيما جاورت
…
ما كان يعرف فضل طيب العود
البساط 85.
(4)
معالم الإيمان 3: 223 - وتوفي أبو إسحاق هذا سنة 443 هـ. وحضر جنازته المعز بن باديس في جمع عظيم.
يا للرزيئةِ في أبي إسحاق
…
ذهبَ الحِمام بأنفس الأعلاق
ذهبَ الحِمائم بخاشع متبتّل
…
تبكي العيون عليهِ باستحقاق
ذهبَ الحمامُ ببدرِ تمّ لم يدَعْ
…
منهُ الردى إلا هلال محاقِ
وَحوتْ جُنوبُ اللحد بحرًا زاخرًا
…
تركَ البحار الخُضْرَ وهي سَواقِ
فاليوم أغْلقَ كلُّ فهم بابَه
…
لمّا فقدنا فاتحَ الأغلاق
ما القيروان أذقت ثكلك وحدها
…
قد ذاق ثُكلك سائر الآفاق
(95)
وقال في الأنموذج (1) خرج أبو العباس ابن حُديدة القيروانيّ في جماعة من رفقائه طالبًا للتنزه فحلوا بروضة قد سفرت عن وجنات الشقيق وأطلعت في زبرجد الأرض الخضراء نجومًا من عقيق، والجو قد أفرط في تعبيسه ونثر لغيظه جميع ما كان من لؤلؤ القطر في كيسه. فقال ابن حديدة:
(أو ما ترى الغيث المعرِّس باكيا
…
يذري الدموع على رياض شقيق)
(فكأن قطر دموعه من فوقها
…
ذرّ تبدَّد في بساط عقيق)
قال وأنشدنيهما فأجزتهما بأن قلت:
فاجمع إلى شكليهما بزجاجة
…
شكلين من حبب وصفو رحيق
فكأنما انتصرا لعبرة عاشق
…
مهراقةٍ في وجنتي معشوق
وقال (2):
نظرت إلى البستان أحسن منظر
…
وقد حجب الأغصانُ شمسَ المشارق
به زوج رمّان يلوح كأنه
…
قناديل تبر محكمات العلائق
(96)
وقال في غلام معتمّ بعمامة حمراء (3):
(1) بدائع البدائه 1: 121 والبساط 64.
(2)
نزهة الأنام في محاسن الشام 200.
(3)
قال ابن خفاجة في ديوانه وخرجت يومًا بشاطبة إلى باب السمارين ابتغاء الفرجة على خرير ذلك الماء بتلك الساقية وذلك سنة 480 هـ وإذا بالفقيه أبي عمران بن أبي تليد رحمه الله تعالى قد سبقني إلى ذلك=
يا من يَمُرّ ولا تمـ
…
ـرّ به القلوب من الفَرَقْ
بِعمامة من خَدّه
…
أو خَدُّه منها اسْتَرَقْ
فكأنّه وكأنّها
…
قمرٌ تَعَمَّمَ بالشفَقْ
فإِذا بدا وإذا انثنى
…
وإذا شدا وإذا نطق
شغل الخواطر والجوا
…
نح والمسامعَ والحَدَقْ
(97)
وقال (1):
اختر لنفسك من تُعا
…
دِي كاختيارك من تُصادِقْ
إنّ العدوّ أخو الصديـ
…
ـق وإن تخالفت الطرائقْ
(98)
وقال (2) -: وكتب به إلى بعض الرؤساء-:
= فألفيته جالسًا على دكان كانت هناك مبنية لهذا الشأن فسلمت عليه وجلست إليه مستأنسًا به فجرى أثناء ما تناشدناه ذكر قول ابن رشيق "يا من" الخمسة الأبيات فقلت -وقد أعجب بها جدًّا وأثنى عليها كثيرًا- أحسن ما في القطعة سياقة الأعداد وإلا فأنت تراه قد استرسل فلم يقابل بين ألفاظ البيت الأخير والبيت الذي قبله فينزل بإزاء كل واحدة منها ما يلائمها وهل ينزل بإزاء قوله وإذا نطق قوله شغل. . الحدق. وكأنه نازعني القول في هذا غاية الجهد فقلت بديها:
ومهفهف طاوي الحشا
…
خنث المعاطف والنظر
ملأ العيون بصورة
…
تليت محاسنها سور
فإذا رنا وإذا مشى
…
وإذا شدا وإذا سفر
فضح الغزالة والنعا
…
مة والحمامة والقمر
فجن بها استحسانا اهـ نفح الطيب مصر 2: 204 وليدن 2: 216 و 217 والبدائع 2: 146 وفيه باب الشمارين وإذا انطلق في الموضعين والجوارح موضع الجوانح و"في أن هذا غاية الجهل" موضع "في هذا غاية الجهد" والنعامة بدل والغمامة- والأبيات فقط بدون الرابع في الشريشي 2: 22 والخمسة بتمامها فقط في البساط 69 - وفي هذين من الحرق. وسرق والجوانح- وأما صاحب البدائع فقال بعد سرد الحكاية بطولها "قال علي بن ظافر والقطعة الأولى ليست لابن رشيق بل هي لأبي الحسين بن علي بن بشر الكاتب أحد شعراء اليتيمة".
(1)
الشريشي 1: 193 والبساط 67.
(2)
المعاهد 1: 131.
إني لقيتُ مَشقَّهْ
…
فابعث إليّ بشقّهْ
كمثل وجهك حسًا
…
ومثل دينيَ رقَّه
[والعياذ بالله] فقال له الرئيس: أما مثل دينك رقةً فلا يوجد بوزن أمثال رمال الرقة.
الكاف
(99)
لما مات المُعِزّ رثاه الشعراء ومنهم ابن رشيق فقال (1):
لكل حيّ وإن طال المَدَى هَلَكُ
…
لا عِزّ مملكة يبقَى ولا مَلِك
وَلّى المعز على أعقابه فرمي (؟)
…
أو كاد ينهدُّ من أركانه الفلك
مضى فقيدًا وأبقى في خزائنه
…
هامَ الملوك وما أدراك ما ملكوا
ما كان إلا حُسامًا سَلّه قَدَرٌ
…
على الذين بَغَوْا في الأرض وانهمكوا
كأنه لم يَخُضْ للموت بحرَ وَغًى
…
خُضْرُ البحار إذا قيست به بِركُ
ولم يَجُدْ بقناطيرٍ مقنطرةٍ
…
قد أرعيت باسمه إبريزها السِكَكُ
راحُ المُعزِّ ورُوحُ الشمسِ قد قُبضا
…
فانظر بأيّ ضياء يصعد الفلك
(100)
وقال (2) وقد غاب المعزّ عن حضرته وكان العيد ماطرًا:
تجهَّمَ العيدُ وانهلّت بوادره
…
وكنت أعهد منه البشر والضحكا
كأنما جاء يَطْوي الأرض من بَعَدٍ
…
شوقًا إليك فلما لم يجدك بَكَى
(1) ولفظ كامل ابن الأثير الزهرية سنة 1301 هـ 10: 7 فمنهم أبو الحسن (كذا) ابن رشيق-البساط 47 - وأرعيت لعل صوابه أرعبت باسمه ابريزها يعني قطعت- وراح المعز كفه وذكرها على التغليب في التثنية.
(2)
هذا لفظ المعاهد 2: 16، ومثله في البساط 58 وزاد عيد الفطر وإنه لما سمع البيتين وصل شاعر حضرته بصلة فاخرة. ولكن الشريشي خالفهما فقال: "وعد ابن رشيق محبويه الصائغ أن يكون عنده يوم عيد فصلى وارتقبه فإذا بالسماء قد أرعدت وأبرقت فكتب إليه البيتين. وعنده كأنه بدل كأنما: وفي الخزانة للحموي 214 كما في المعاهد من الحكاية إلا أن روايتهما: وكان يعهد منك: وهي أغير ظاهرة.
وقال (1):
قم فاسقني قهوة إذا انبعثت
…
في باخل جاد بالذي مَلكَهْ
كأنّ أيدي الرياح قد بسطت
…
في متنه أظهرت لنا حُبُكَهْ
اللام
(102)
قال (2) على ما حكاه ابن بسام في الذخيرة:
أسْلَمَني حُبُّ سُلَيما كمو
…
إلى هَوًى أيسرهُ القتل
قالت لنا جُند مَلاحاته
…
لما بدا ما قالت النَمْل
"قوموا ادخلوا مسكنكم قبل أن
…
تَحْطِمَكم أعينه النُجْلُ"
(103)
قال في الأنموذج (3): كان لمحمد بن حبيب التنوخي معشوق لا يزال يزوره إذا غاب عن منزله فإذا حضر لم يأته وكثر ذلك منهما فقال لي يومًا: تَعال حتى نصنع في ذلك، فصنعتُ:
ما بالنا نُجفَى فلا نوصل
…
إلَّا خلافًا مثلَ ما تَفْعَل
تأتي إذا غبنا فإن لم نغب
…
جَعلتَ لا تأتي ولا تَسْأل
كهاجرٍ أحبابَه زائرٍ
…
أطلالهم من بعد أن يرحَلوا
وصنع هو:
(يا تاركًا إن لم أغِبْ زَوْرتي
…
وزائري دأبًا إذا غبتُ)
(1) حلبة الكميت 285. وضمير "حبكه" يرجع إلى متنه.
(2)
ابن خلكان 1: 133 وهناك سليمانكم وهو مصحف والبساط 67 و 68 وهناك سليمى منكم وهو أيضًا تصحيف والأبيات في البساط كلها مصحف والصواب ما كتبنا إن شاء الله وقد عزا العماد هذه الأبيات في الخريدة وابن المستوفي في تاريخ إربل إلى الأمير دبيس صاحب (الحلة المزيدية)، وعزاها صاحب "الذخيرة" إلى ابن رشيق، وذكر ابن خلكان (1: 178) أنها به أليط. فراجعه.
(3)
بدائع البدائة: 1: 239.
(وَدِدتُ أنْ وُدُّك لا ينثني
…
يزور فُقْدانيَ لو مُتُّ)
(104)
وقال (1):
طيرٌ أبابيلُ جاءتْنا فما بَرِحت
…
إلَّا وأقواسُنا الطير الأبابيل
ترميهم بحَصَى طيرٍ مسوَّمةٍ
…
كأنّ مَعْدِنَها للرَمْي سِجِّيلْ
تعدو على ثقة منا بأطيبها
…
فالنارُ تقدحُ والطنجيرُ مغسول
(105)
وقال (2):
بنفسي من سُكان صَبْرَةَ واحد
…
هو الناس والباقون بعد فُضُول
عزيز له نصفان: ذا في إزاره
…
سمينٌ وهذا في الوشاح نحيل
مَدَارُ كئوسِ اللحظ منه مكحَّلٌ
…
ويقطف (؟) وَرْد الخَدِ منه أسيلُ
(106)
وقال (3) ويا ليته حُرِمَ المقال:
يا سوء ما جاءت به الحال
…
إن كان ما قالوا كما قالوا
ما أحْذَقَ الناسَ بصَوْغ الخَنا
…
صِيغَ من الخاتَم خَلْخال
(1) العمدة 2: 221 قال ونقل قول امريء القيس:
إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا
…
تعالوا إلى أن يأتنا الصيد نحطب
ثم ذكر أقوال شعراء نقلوا معناه وقال: نقلته أنا إلى قوس البندق فقلت. . وسرد الثلثة الأبيات.
(2)
معجم البلدان مصر 3: 336 أوربا 3: 366. وصبرة بلد قريب من القيروان وتسمى المنصورية باسم جد المعز بن باديس قال ياقوت وهي الآن خراب يَباب- وصواب "يقطف" مقطف إن شاء الله.
(3)
حكى ابن بسام في الذخيرة قال ذكر أبو عبد الله. الصفار الصقلي قال كان بالقيروان غلام وضيء كان يختلف إلى أبي علي حسن بن رشيق فكان يحذره من المخالطة فخرج يومًا يتنزه مع جماعة فأشيع عنه ما ينكر وبلغ أبا علي فقال -بديها- بدائع البدائة 2: 119 والشريشي 1: 125.
(107)
وقال (1):
غبْ عن بلادك وارج حُسْنَ مغِبَّةٍ
…
إن كنتَ حقًّا تشتكي الأقلالا
فالبدر لم يُجحِفْ به إدباره
…
أنْ لا يسافِر يَطْلُبُ الإقبالا (؟)
(108)
وقال (2) يشبه الثريا:
كأنها كأس بَلُّوْرٍ منبَّتَةٌ
…
أو نرجس في يد الندمان قد ذبلا
(109)
وقال (3):
رأيتُ إبليسَ من مُروءته
…
لكل ما لا يُطاقُ محتملا
إذا هَويتُ امرءًا وأعجزني
…
جاء به في الظلام معتَقَلا
تبذُّلًا منه في حوائجنا
…
ولا يزالُ الكريم مبتذلًا
(110)
وقال (4):
إصحب ذوي القدر واستعدَّ بهم
…
وعَدِّ عن كلّ ساقط سَفِلْه
فصاحب المرء شاهد ثقةٌ
…
يُقْضى به غائبًا عليه وله
ورُقعة الثوب حين تَلْبَسه
…
شهرته أو تكون مشتكله (كذا)
(1) الشريشي 1: 102 وفيه قال ابن رشيق كتبت إلى بعض إخواني "مثل الرجل القاعد أعزك الله كمثل الماء الراكد إن ترك تغير، وإن ترك تكدر. ومثل المسافر كالسحاب الماطر: هؤلاء يدعونه رحمة وهؤلاء يدعونه. نقمة فإذا اتصلت أيامه، وثقل مقامه، وكثر لوامه، فاجمع لنفسك فرجة الغيبة، وفرحة الأوبة، والسلام" وقد انصف في الحكم ولم يذهب مذهب الشطط.
(2)
نثار الأزهار 113 والبساط 65 وراجع له في المعنى قطعتين أخريين في الخاء والميم.
(3)
الشريشي 2: 283.
(4)
الشريشي 1: 192 قال وقد قيل "الصاحب رقعة في الثوب فلينظر الإنسان ما يرقع به ثوبه" والبساط 66 وفيه "غالبًا" موضع غائبًا ولا عبرة به.
(111)
وقال في استبطاء (1):
أحسنتَ في تأخيرها مِنّةً
…
لو لم تؤخَّر لم تكن كاملة
وكيف لا يحسُنُ تأخيرها
…
بعد يقيني أنها حاصلة
وجنَّةُ الفردوس يُدْعَى بها
…
آجلةً للمرْءِ لا عاجلة
لكنما أضْعَفَ من همتي
…
أيّامُ عُمْرٍ دونها زائلة
(112)
وقال في طول ليلته (2):
أقول كالمأسور في ليلة
…
ألقت على الآفاق كلكالها
يا ليلة الهجر التي ليتها
…
قَطَّعَ سيفُ الهجر أوصالها
ما أحسنت جملًا ولا أجملت
…
هذا وليس الحسن إلَّا لها
(113)
قال في الأنموذج (3) في ترجمة نفسه: ومن مَدْح القصيدة التي دخل بها (يعني نفسه) في جملته ونسب إلى خدمته فلزم الديوان وأخذ الصلة والحملان:
لَدْنُ الرماح لما يَسقى أسنَّتها
…
من مُهْجة القَيل أومن ثُغْرة البطلِ
لو أثمرت من دم الأعداء سُمْرُ قنًا
…
لأورقتْ عنده سُمْرُ القنا الذُبُل
إذا توجَّهَ في أولَى كتائبِه .. لم تَفْرق العين بين السهل والجبل
فالجيش ينفضُ حولَيهِ أسنَّته
…
نَفْضَ العقاب جناحيه من البَلل
يأتي الأمور على رِفق وفي دعَةٍ
…
عَجْلانَ كالفلك الدوّار في مَهل
(1) العمدة 2: 128 و 129، البساط، الشريشي 1: 44 و 45 بدون البيت الآخر.
(2)
معجم الأدباء 3: 73 وفيه "جمله" بدل جملًا. وجملا كذا هو في الحلل والبساط 76 منصوبًا ولعل صوابه والله أعلم جعل بالرفع اسم امرأة- وكذا فيهما "ليلها" بل ليتها وهو تصحيف.
(3)
معجم الأدباء 3: 71 - وفي البساط ص 64 ثلثه 2 و 3 و 4 والرابع فقط أيضًا فيه في 84 - وانظر هل الأبيات التالية عقيب هذه من هذه القصيدة؟
وفي طبعة تونس من الأنموذج، ص 441 تسقي عوض يسقي (م. ي.).
(114)
وقال من قصيدة بَعْدَ تعديد ذنوبه تقبَّل الله عنه (1):
إذا أتى الله يومَ الحشْرِ في ظُلَل
…
وجيء بالأمم الماضين والرسل
وحاسب الخلق من أحصى بقدرته
…
أنفاسَهم وتوفاهم إلى أجل
ولم أجدْ في كتابي غيرَ سيّئة
…
تسوءني وعسى الإِسلام يسلم لي
رجوت رحمة ربّي وهي واسعةٌ
…
ورحمة الله أرجى لي من العمل
(115)
وقال من قصيدة خاطب بها بعض مني مناد (2):
من يصحب الناس مطويًّا على دَخَل
…
لا يصحَبوه فَخلّوا كل تدخيل
لا تستطيلوا على ضَعْفي بقُوّتكم
…
إن البَعوضة قد تعدو على الفيل
وجانِبوا المَزْح إن الجِدَّ يتْبعه
…
ورث مُوْجِعة في إثْر تقبيل
قال ومنها بعد أبيات لا تليق بالموضع خوف الحشو:
يا قومُ لا يُلقينّي منكم أحدٌ
…
في المُهلكات فإني غيرُ مغلول
لا تدخلوا بالرضَى منكم على غَرَر
…
فتُخْرِجوا الليث غصْبانًا من الغِيل
إلَّا تكن حملت خيرًا ضمائرُكم
…
أكن تأبط شرًّا ناكحَ الغُول
(116)
وقال من قصيدة (3):
أو بغلة سفواءَ تعرض للفتى
…
فتخال تحت السرج أمَّ غزال
سألَت إلى الأمّ النجابةَ من أب
…
وزهت على الأعمام والأخوال
وكأنها قد أفرغت في قالب
…
لا أنها خلقت على تمثال
(1) الشريشي 2: 67 و 68 والبساط 77 مصحفًا ودي ساسي ص 370 - وادعى صاحب البساط أنه قالها في آخر حياته ولا أراه صوابًا إذ لم ينقل إلينا من أخباره بصقلية شيء.
(2)
العمدة 2: 137 والبساط 67 أربعة فقط 1 و 2 و 3 و 5.
(3)
الشريشي 2: 176 - وفيه خلقتي؟.
وقال (1):
إن زارني يومًا على خلْوةٍ
…
أو زرتُه في موضع خال
كنتُ له رفعًا على الابتدا
…
وكان لي نصبًا على الحال
(118)
وقال (2):
فيك خلاف لخلاف الذي
…
فيه خلاف لخلاف الجميلْ
وغير من أنت سوى غيره
…
وغيره من غيرك غير البخيل
(119)
وقال (3):
ما أغربتْ في زِيّها
…
إِلَّا يعاقيبُ الحَجَلْ
جاءتك مُثقَلة الترائب
…
بالحُلي وبالحُلل
صُفرَ العيون كأنها
…
باتت بتبر تكتحل
وتخالها قد وُكلتْ
…
بالنون والصوتِ الزجِل
وكأنما باتتْ أصا
…
بعُها بحنّاءٍ تُعَلّ
من يستحلّ لصيدها
…
فأنا امرؤٌ لا أستحلّ
(120)
وقال (4):
تفاحة شاميّةٌ
…
من كفِّ ظبي أكحل
ما خُلقت مذ خلقت
…
تلك لغير القُبَل
كأنما حمرتها
…
حمرةُ خدٍّ خجل
(1) الشريشي 2: 15.
(2)
المعاهد 3: 8.
(3)
حياة الحيوان في رسم اليعقوب (التبج).
(4)
نزهة الأنام في محاسن الشام 205.
الميم
(121)
وقال (1):
سقطتْ ثنيّتُه فأوجع قلبه
…
لسقوطها وجرى عليه عظيم
فإذا مررتَ به فسلِّ فؤاده
…
عنها وقل صبرا كذاك الريم
عجبًا للؤلؤة هَوَتْ من سلكها
…
والسلك لا واهٍ ولا مفصوم
أتعدّيًا يا خطبُ وهو مصوَّنٌ
…
أبدًا بخاتم ربّهِ محتومُ
(122)
وقال (2) وفيه أربعة أمثال:
كل إلى أجل والدهر ذو دولٍ
…
والحرص مَخْيَبةٌ والرزق مقسوم
(123)
وقال (3) في محبوبه الصائغ وقد عَذَّرَ:
وأسمرِ اللون عسجديٍ
…
يكاد يَسْتمطر الجهاما
ضاق بحَمْل العذار ذَرْعا
…
كالمُهْر لا يعرف اللجاما
ونكَّسَ الرأسَ إذ رآني
…
كآبةً واكتسى احتشاما
وظَنَ أن العِذار ممّا
…
يُزيح عن قلبيَ الغَراما
وما دَرَى أنَّه نباتٌ
…
أنبت في جِسميَ السَقاما
وهل ترى عارضَيه إلَّا
…
حمائلا حُمّلتْ حُساما
(1) الشريشي 1: 126.
(2)
العمدة 1: 193.
(3)
بدائع البدائه 2: 38، المعاهد 2: 22 الشريشي 1: 223 - وفي البدائع ومجموعة أماري ص 651 قصة الأبيات وفيها فائدة فأحبَبْنا إيرادها على طولها: روي عن ابن بسام في الذخيرة قال قال أبو عبد الله الصفار الصقلي كنت ساكنًا بصقلية وأشعار ابن رشيق ترد علي فكنت أتمنى لقاءه حتى قدم الروم علينا فخرجت فارًا بمهجتي تاركًا لكل ما ملكت يدي وقلت أجتمع بأبي على فبرقة وشمائله وطيب مشاهدته سيذهب عني بعض ما أجد من الحزن، على مفارقة الأهل والوطن، فجئت القيروان ولم أقدم شيئًا على الدخول إلى منزله فاستأذنت ودخلت فقام الي وهو ثاني اثنين فأخذ بيدي وجعل يسألني فأخبرته =
(124)
وقال (1) يصف -الثريا ومرّ في الراء-:
والثريا قبالة البدر تحكي
…
باسطًا كفَّه ليَقْبِضَ جاما
(125)
وقال (2) يمدح وسَلسَلَ بالعَنْعنة:
أصحّ وأقوى ما سمعناه في الندى
…
من الخبر الماثور منذُ قديم
أحاديثُ ترويها السيولُ عن الحَيا
…
عن البحر عن كفّ الأمير تميم
= بأمري فارتمض. وبعد أن تمكن أنسى بمجالسته قال لي يومًا: يا أبا عبد الله أن ها هنا بالقيروان غلامًا قد سلب كبدي، واستولى هواه على خلدي، منذ عشرة أعوام. فانهض بنا إليه فإن أنت ساعدتني عليه قدمت عندي يدًا لا يعدلها إلا رضاه. فقلت سمعًا وطاعة وسرت معه حتى جئنا صاغة الجوهريين (؟) فإذا غلام وكأنه بدر تمام، صافي الأديم عطر النسيم، كأنما يبسم عن در ويسفر عن بدر، قد ركب كافور عارضيه ومسك صدغيه، على بياض يجرحه الوهم يخاطره ويدنيه الطرف بناظره. فلما رآنا الغلام علتْهُ خجلة سلبت وجه أبي على ماءه، وأنشدته قول الصنوبري:
إنه من علامة العشاق
…
اصفرار الوجوه عند التلاقي
وانقطاع يكون من غير عي
…
وولوع بالصمت والإطراق
فقال لي والله ما واجهته قط قبل يومي هذا إلا غشي علي ولكنني أنست بك وشغلت بعذوبة لفظك مع أني لم أرو طرفي من وجهه المقمر، ولا متعته بقده المثمر لتنكيسه رأسه عند طلوعي إليه. فقلت ولم ينكس رأسه فوالله ما رأيت أشبه بالبدر منه خدًا، وبالغصن قدًّا، ولا بالدر ثغرًا، ولا بالمسك شعرًا. فقال يا أبا عبد الله ما أبصرك بمحاسن الغلمان لاسيما من فضضت كف الجمال صفحته وذهّبت وجنته، وخافت على تفاح خده العيون، فوكلت بها الجفون. يا أبا عبد الله ينكس رأسه لأني علقته وخده هلالي، وطرفه غزالي، وفرعه ظلامي، ولحظه بابلي، وقده قضيبي، وردفه كثيبي، وخصره ساجي، وصدره عاجي، فكأن طرفي يشرب كافوره بالعقيق، فيحرج لذلك صدر العشيق، حتى بدا عذاره، فأبدى من نميمه، نقشًا على فضي أديمه، فتوهم ذلك الطاهر الأعراق، الطيب الأخلاق، أن ذلك مما يضعف قوى محبتي، ويمحو رسوم مودتي. فقلت له: بحقي عليك يا أبا علي إلا قلت في هذا المعنى شيئًا فأطرق قليلًا ثم أنشد. . انتهى هرفه وسرفه.
(1)
وراجعه مع أبيات عبد الوهاب وبيتي ابن رشيق في الراء- المعاهد 1: 140، البساط 65، فوات الوفيات 2:24.
(2)
ابن خلكان 1: 98، المعاهد 1: 219، البساط 73، حسن التوسل 113.
(126)
وقال (1):
أحِبّ أخي وإن أعرضتُ عنه
…
وقَلَّ على مسامعه كلامي
ولي في وجهه تقطيبُ راضٍ
…
كما قَطّبتَ في إثر المُدام
ورث تقطُّب من غير بُغض
…
وبغضٍ كامنٍ تحت ابتسام
(127)
وقال (2):
وقائلة ماذا الشُحُوبُ وذا الضَنى
…
فقلت لها قولَ المشوق المتيَّم
هواكِ أتاني وهو ضيف أعِزّه
…
فأطعمتهُ لحمى وأسقيتُه دمي
(128)
وختم العمدة بهذه الأبيات (3):
إنّ الذي صاغت يدي وفمي
…
وجرى لساني فيه أو قَلَمي
مما عُنيتُ بسَبْك خالصه
…
واخترتهُ من جوهر الكَلمِ
لم أهده إلا لتكسوَه
…
ذكرًا يجدده على القدَم
لسنا نزيدك فضل معرفة
…
لكنهن مصايد الكرم
فاقبل هدية من أشدتَ به
…
ونسخت عنه آية العَدَم
لا تحْسِنُ الدنيا أبا حسن
…
تأتي بمثلك فائقَ الهِمَمَ
(129)
وقال (4):
فكّرت ليلة وصلها في صَدّها
…
فجرت بقايا أدمُعي كالعندم
(1) ابن خلكان 1: 133 ومعجم الأدباء 3: 73 والغيث 1: 265 والبساط 66 والترجمة في أول العمدة 3.
(2)
ابن خلكان 1: 133 والبساط 68 والترجمة في أول العمدة 3.
(3)
العمدة 2: و 343 ومعجم الأدباء 3: 74 - وأبو الحسن هذا هو ولي نعمة الكاتب علي بن أبي الرجال الشيباني، وصنف الكتاب باسمه.
(4)
حياة الحيوان في رسم الرباح. والبساط 68.
فطفِقتُ أمسَحُ مقلتي في نحرها
…
إن عادة الكافور إمساكُ الدم
(130)
وقال كان الحُصْرى أخذ في عمل (طبقات الشعراء) على رتب الأسنان وكان صاحبنا أصغرهم سنّا فصنع (1):
رفقًا أبا إسحاق بالعالم
…
حصلتَ في أضيق من خاتمَ
لو كان فضل السبق مندوحةً
…
فُضّل إبليس على آدم
(131)
وقال في أبي عبد الله محمد بن جعفر الكوفي قاضي صبرة من أبيات (2):
يا سالكًا بين الأسنة والظُبَى
…
إني أشمّ عليك رائحةَ الدم
يا ليت شعري من رقاك بُعوده
…
حتى رقِيتَ إلى مكان الأرقم
(132)
وقال (3) في حسن التعليل:
خط العذار له لامًا بصفحته
…
من أجلها يستغيث الناس باللام
(133)
وقال (4) من قصيدة مدح بها المعزّ عند انتصاره:
وكأنما راياته
…
مشهورةً يوم اقتحامِهْ
أيدٍ تشير إلى العد
…
وّ بِسلْمه أو بانهزامه
(1) فبلغه البيتان فأمسك عنه- معجم الأدباء 1: 359.
(2)
معالم الإيمان 3: 244 وذكر الدباغ أن البيتين جرا على القاضي محنة وعزلًا عن القضاء ومصادرة بالمكروه وفرارًا من القيروان إلا أنه لم يلمم بسببه حتى يعلم أي الفريقين أحق بالأمن -وفي المعالم "الضبا" وهذه عادة المغاربة أن يكتبوا الظاء ضادًا.
(3)
المعاهد: 2: 22 واللأمة مهموزًا الدرع وجمعها لأم مهموزًا ولام ملينًا.
(4)
البساط 2: 72 و 73.
(134)
وقال (1):
قد كنتُ كاتبَ جيش الأمير
…
ومُجْرِي الأمور على رسمها
فما أنا تاجر سوق المُحال
…
وسوق المحال كفى باسمها
(135)
وقال (2) مَصّحِفا الدينار والدرهم:
صحّفتُ دالين من ديـ
…
ـينار يلوح ودِرْهَمْ
فقال لي ذلكم "ذي
…
نار" وذا قال "ذَرْهُمْ"
النون
(136)
قال (3):
لِمْ كَرهَ النَّمامَ أهلُ الهَوَى
…
أساء إخواني وما أحسنوا
إن كان نَمَامًا فمعكوسه
…
من غير تكذيب لهم مَأمَنُ
(137)
وقال (4):
سأشكر للحمّام بَدْأً وعَوْدةً
…
أياديَ بيضًا ما لهنّ ثمين
جَلاكَ على عينَيَّ عُرْيانَ حاسرًا
…
فَرحْت بتطليق وأنت ثمين
وطَهَّرَ قلبي من هواكَ بباردٍ
…
وسُخنٍ فقَر الجفن وهْو سَخين
(1) من جزء يوجد بمكتبة اسكوريال فيه نخب أشعار عدة من الشعراء منهم ابن رشيق وهاك لفظه على ما في مجموعة أماري ص 681 وأنشدني أبو محمد (ابن حمود) لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني الأبيات (منها) و"فما" صوابه أن شاء الله "فها".
(2)
1: 43 وانظر بيتي ابن شرف في المعنى في قافية الراء من شعره.
(3)
الغيث 2: 264، حلبة الكميت 231.
(4)
الشريشي 1: 54.
(138)
وقال (1):
إذا ما خَففْتُ لعهد الصِبَي
…
أبت ذلك الخمسُ والأربعون
وما ثَقُلت كِبَرًا وَطْأتي
…
ولكنْ أجُرُّ ورائي السِنِينا
(139)
وقال (2):
تأذَّى بلحظي مَن أحبُّ وقال لي
…
أخاف من الجُلّاس أن يَفْطَنُوا بنا
وقال إذا كرّرت لحظَك دونهم
…
إليَّ فما يخفَى دليلٌ مُرِيبُنا
فقلت بُلينا بالرقيب فقال ما
…
بُلينا ولكنَّ الرقيبَ بُلِي بنا
(140)
وأنشد في الأنموذج (3) لنفسه يمدح المعز سنة 410 هـ وهو ابن عشرين من قصيدة أولها:
ذمّت لعينك أعين الغزلان
…
قمر أقرَّ لحسنه القَمَران
ومشت ولا والله ما حِقْف النقا
…
مما أرتك ولا قضيب البان
وثن الملاحة غير أن ديانتي
…
تأبى عليَّ عبادة الأوثانِ
ومنها:
يا ابن الأعزة من أكابرِ حميَرٍ
…
وسُلالة الأملاك من قحطان
من كل أبلجَ آمِرٍ بلسانه
…
يضع السيوفَ مواضعَ التيجان
(141)
وقال (4) يرثي مجد القيروان الغابر ويقف على رسمها الداثر- وهي طويلة:
(1) ابن خلكان 1: 133 وترجمته في أول العمدة 3 والبساط 76، 77.
(2)
الغيث 1: 238.
(3)
معجم الأدباء 3: 71 وفيه واضح بلسانه (؟) والبساط 72 والحلل السندسية- وتأمل البيت الأول. ص 440 من طبعة المطوي والبكوش (م. ي.).
(4)
معالم الإيمان وذيله 1: 15 - 18 وجملة الأبيات 36 من جملة 122 والبساط 46 و 47 وجملتها 27 وترتيبها 51 - 55 مسلسلًا ثم 43 و 45 - 48 و 50 و 20 - 30 و 32 و 33 و 35 و 36 و 56 والقصيدة=
كم كان فيها من كرام سادةٍ (1)
…
بيض الوجوهِ شوامخِ الإيمان
متعاونين على الديانة والتقى
…
لله في الإسرار والإعلان
ومهذَّبٍ جَمّ الفضائل باذلٍ
…
لنواله ولعرْضه صَوَّان
وأئمةٍ جَمعوا العلوم وهذَّبوا
…
سُنن الحديث ومُشكل القرآن
عُلماءَ أن ساءلتهم كشفوا العَمى
…
بفقاهةٍ وفصاحةٍ وبيان
وإذا الأُمور استَبْهمت واستَغْلقتِ
…
أبوابها وتَنازعَ الخصمان
حَلوا غوامضَ كلّ أمر مشكل
…
بدليل حقّ واضح البرهان
هجروا المضاجع قانتين لربهم
…
طلبًا لخيرِ معرَّس ومَعان (2)
وإذا دجا الليل البهيمُ رأَيتهم
…
متبتّلين تبتّلَ الرهْبان
في جنة الفردوس أكرم منزلٍ
…
بين الحِسان الحُوْر والغلمان
تجروا بها الفردوس من أرباحهم
…
نعم التجارةُ طاعةُ الرحمان
المتّقين الله حقَّ تُقاته
…
والعارفينَ مكايدَ الشيطان
وترَى جبابرَة الملوك لديهم
…
خُضُعَ الرقاب نواكس الأذقان
لا يستطيعون الكلامَ مهابَةً
…
إلا إشارةَ أعين وبنان
خافوا الآله فخافهم كلُّ الورى
…
حتى ضِراءُ الأسد في الغيران
تُنسيكَ هَيبَتُهم شماخةَ كلّ ذي
…
مُلكٍ وهيبةَ كلّ ذي سلطان
أحلامُهم تَزِنُ الجبال وفضلهم
…
كالشمس لا تخفى بكلّ مكان
كانت تعدّ القيروانُ بهم إذا
…
عُدَّ المنابر زَهْرةَ البلدان
وزهت على مصر وحُقَّ لها كما
…
تزهو بهم (3) وغدت على بغدان
حَسُنت فلما إذ تكاملَ حسنها
…
وسما إليها كلُّ طَرْف رانٍ
= تضاهي قصيدة الشريف الرندي وصاحبنا أقدم منه، وأولها:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
…
فلا يغر بطيب العيش إنسان
ثم أن شمس الدين الكوفي الواعظ عارض نونية صاحبنا بنونية مثلها يذكر فيها خراب بغداد وأولها:
إن لم تفرح أدمعي أجفاني
…
من بعد بعدكم فما أجفاني
انظرها في فوات الوفيات 1: 238 - وهذا مما يدل على جودة شعر صاحبنا وطيران صيته.
(1)
كان في الأصل "وسادة".
(2)
المنزل من "م ع ن".
(3)
كذا؟ وبغدان لغة في بغداد.
وتجمّعت فيها الفضائل كلّها
…
وغدتْ محلّ الأمن والايمان
نظرت لها الأيام نظرةَ كاشحٍ
…
ترنو (1) بنظرة كاشح مِعْيان
حتى إذا الأقدارُ حُمَّ وقوعُها
…
ودنا القضاءُ لمدّةٍ وأوان
أهدت لها فِتنا كليل مُظلم
…
وأرادها كالناطح العَيدَان
بمصائبٍ من فادع وأشائب (2)
…
ممّن تجمَّعَ من بني دُهْمان
فتكوا بأمة أحمد أتراهم
…
أمِنوا عقابَ الله في رمضان
نقضوا العهودَ المبرَمات وأخفروا
…
ذِمَمَ الإله ولم يَفُوا بضمان
فاستحسنوا غَدْرَ الجوارِ وآثروا
…
سبيَ الحريم وكشْفةَ النسوان
سامُوهمُ سوءَ العذاب وأظهروا
…
متعسّفين كوامنَ الأضعان
والمسلمون مقسَّمون تنالهم
…
أيدي العُصاة بذلّة وهَوان
ما بين مضطرّ وبين معذَّبٍ
…
ومقتَّلٍ ظلمًا وآخَرَ عان
يستصرخون فلا يُغاثُ صريخُهم
…
حتى إذا سَئِموا من الإِرنان (3)
بادوا (4) نفوسهم فلما أنفذوا
…
ما جمَّعوا من صامت وصُوان
واستخلصوا من جوهر ومَلابس
…
وطرائفٍ وذخائرٍ وأوانٍ
خرجوا حُفاةً عائذين بربهم
…
من خوفهم ومصائب الألوان
هربوا بكلّ وليدة وفطيمةٍ
…
وبكلّ أرملة وكلّ حَصان
وبكلَ بكْر كالمَهاة عزيزة (5)
…
تَسبي العقولَ بطرفها الفَتّان
خَوْدٍ مبتَّلةِ الوشاح كأنها
…
قمر يلوح على قضيب البان
والمسجدُ المعمور جامعُ عُقْبة
…
خَرِبُ المعاطن مُظْلم الأركان
قَفْر فما تغشاه (6) بعدُ جماعةٌ
…
لصلاة خمس لا ولا لِأذان
بيت به عبدَ الآله وبُطلتْ (7)
…
بعد الغُلوّ عبادةُ الأوثان
(1) وفي المعالم ترموا (كذا)
(2)
وفي الكتابين أشالب وهو تصحيف- وفادع كذا؟
(3)
وفي البساط الأزمان وهو لحن منه.
(4)
كذا؟
(5)
لعله غريرة.
(6)
كذا؟
(7)
لعل صوابه بدلت وفيه أيضًا تجوز.
بيت بوَحْي اللهُ كان بناؤه
…
نعم البِنا والمبتني والباني
أعظِمْ بتلك مصيبةً ما تنجلي
…
حَسَراتها أو ينقضي المَلوان
لو أن ثهلانًا أصيب بعشْرها
…
لتدكدكت منها ذُرا ثهلان (1)
حَزِنت لها كُوَرُ العراق بأسْرها
…
وقُرَى الشآم ومصرَ والخرْسان (2)
وتزعزعت لمصابها وتنكَدَت
…
أسفًا بلاد الهند والسندان (3)
وعفا من الأقطار بعد خَلائها
…
ما بين أنْدَلُس إلى حُلْوان
وأرى النجومَ طلعن غير زواهر
…
في أفقهنّ وأظْلَمَ القَمَران
وأرى الجبال الشُمَّ أمست خُشَّعًا
…
لمُصابها وتزعزعَ الثَقَلان
والأرضُ من وَلَهٍ بها قد أصبحت
…
بعد القَرار شديدة المَيَلان
أتُرَى الليالى بعد ما صنعت بنا
…
تقضي لنا بتواصل وَتدانِ
وتُعيد أرض القيروان كعهدها
…
فيما مضى من سالف الأزمان
من بعدما سَلبت نَضائرَ حسنها
…
أيّامُ واختلفت بها مبتان (4)
وغدت كأن لم تَغْنَ قَطُّ ولم تكن
…
حَرَمًا عزيز النصر غيرَ مُهان
أمست وقد لعب الزمان بأهلها
…
وتقطَّعت بهمُ عُرَا الأقران
فتفرقوا أيدي سَبا وتَشتَّتوا
…
بعد اجتماعهمُ على الأوطان
(142)
وقال (5) والصحيح أن البيت لابن شرف:
غلف تَمنّوا في البيوت أمانيًا
…
وجميع أعمار اللئام أماني
(143)
وله من كتاب سرّ السرور (6):
(1) كانت في الموضعين بالتاء المثنّاة. وهو جبل معروف.
(2)
مخفف خراسان إقليم من أقاليم فارس كبير.
(3)
جمع السند على إرادة الأطراف جمع الفارشة بالألف والنون.
(4)
كذا ولعله الملوان.
(5)
البساط 67 - وفي المعاهد 1: 183 معزوًا لابن شرف، وكذا في الغيث 2: 100، وديوان الصبابة 167 - وفي المعاهد بلفظ شرف الدين.
(6)
معجم الأدباء 3: 72 والبساط 71.
معتَّقةً يعلو الحبَابُ متُونَها
…
فتحسبه فيها نثير جُمان
رأت من لُجين راحةً لمديرها
…
فطافت له عن عسجد ببنان
(144)
وقال في تعليل حمرة الخدّ (1):
همّتْ عِذاراه بتقبيله
…
فاستلّ من عينيه سيفين
فذلك المحمرّ من خذه
…
دم جرى بين الفريقين
(145)
قال منصور بن إسماعيل التميمي الفقيه قال ابن رشيق (2):
لو قيل لي خذ أمانًا
…
من حادثات الزمان
لما أخذت أمانًا
…
إلَّا من الإخوان
(146)
وقال (3):
فارقتُ بالكُره من أهوى وفارقني
…
شتان لكننا في الودّ سِيّان
كأنما قد طولا (4)(؟) يوم فُرْقتنا
…
شرقًا وغربًا فأمسى وهو يومان
(1) الشريشي 2: 155 والبساط 69 - وفي المعاهد 2: 19 دماء ما بين.
(2)
هذا لفظ الشريشي 1: 225 - وفي المعنى للبحتري:
أما العدو فيبدي
…
ما عنده ويكاشف
لكن توق وحاذر
…
من الصديق الملاطف
(3)
البساط 85 وسبقه إلى المعنى ابن دراج القسطلي حيث يقول:
إذا غرب الحادي بهم شرقت بنا
…
نوى يومها يومان والحين أحيان
هكذا قال صاحب البساط وتأمل المعنيين فإنك تجد بينهما بونًا بعيدًا فمعنى قول القسطلي أن كل يوم من أيام النوى يساوي يومين وكل حين منها أحيانًا على ما هو متداول بين الشعراء في تطويل أيام الفراق فأين هذا من معنى قول صاحبنا. وقوله شتان كأنه حال ولا يجيز النحويون مثله.
(4)
كذا في البساط ولعل صوابه أن شاء الله تولى.
(147)
وقال (1) في وليّ نعمته ابن أبي الرجال الكاتب:
إني لأعجب كيف يحسن عنده
…
شعر من الأشعار مع إحسانه
ما ذاك إلا أنه درّ النُهى
…
يف (؟) التجار به على دهقانه
الواو
(148)
وقال (2) من باب التقسيم:
إذا أقبلت أقعَت وإن أدبرت كبَتْ
…
وتَعْرِضُ طولًا في العِنان فتستوي
وكلفْتُ حاجاتي شبيهة طائر
…
إذا انتشرت ظلّت لها الأرض تَنطَوي
الهاء
(149)
قال (3):
شكوتُ بالحبّ إلى ظالمي
…
فقال لي مستهزئًا ما هو؟
قلتُ غرام ثابت قال لي
…
إقرأ عليه "قل هو الله"
الياء
(150)
قال في العتاب بعد اليأس المتحكم (4):
(1) العمدة 1: 163 البساط 73 وفي الموضعين "يف" والمعنى بن قول المتنبي:
ملك منشد القريض لديه
…
واضع الثوب في يدي بزاز
(2)
العمدة 2: 20 - قال بعد أن أنشد قول الأسعر الجعفي في وصف فرسه في باب التقسيم واختاره أيضًا قدامة وليس عندي بأفضل من قول امرئ القيس إلا بشرف الصفات (ثم أنشد أبيات امريء القيس- إذ أقبلت قلت دباءة- الثلثة) ولو لم يكن إلا تنسيق هذا الكلام بعضه على بعض وانقطاع ذلك بعضه من بعض. . . وقد صنعت على ضعف متني (منتي؟) وتأخر وقتي (ثم أنشد بيته).
(3)
الشريشي 1: 46 والبساط 68 - ومر له في الدال أبيات في المعنى.
(4)
العمدة 2: 128 والبساط 74 - ومر له نحو هذا المعنى في عينية.
رجوتك للأمر المهم وفي يدي
…
بقايا أمنّي النفس فيها الأمانيا
فساوفتَ بي الأيامَ حتى إذا انقضت
…
أواخر ما عندي قطعتَ رجائيا
وكُنتُ كأني نازفُ البئر طالبًا
…
لا جمامها أو يرجعَ الماءُ صافيا
فلا هوَ أبقى ما أصابَ لنفسه
…
ولا هي أعطته الذي كان راجيا
(151)
وذكر (1) في الأنموذج قال اجتمعت بأبي حديدة (؟) الشاعر يومًا وأنا سكران فسألني عن حال المكان الذي كنت فيه فوصفته وأفضت بي صفته إلى ذكر غلام كان ساقيًا فقلت في عُرض الكلام ولم أرد الوزن:
فشربتها من راحتيـ
…
ـه كأنها من وَجْنَتَيه
وكأنَّها في فِعْلها
…
تحكي الذي في نَاظِرَيه
وقلت له أجز فقال:
(وشَمِمْت ورْدة خدّهِ
…
نظرًا ونرجِسَ مُقْلَتَيه)
فقلت له أحسنت في شمك بالنظر كما سمع أبو الطيب بالبصر حيث يقول:
كالخطّ يملأ مِسْمَعَي مَنْ أبصرا
(152)
وقال (2):
البحر صَعْب المرام مُرٌّ
…
لا جعلت حاجتي إليهِ
أليس ماءً ونحن طين
…
فما عسى صبرُنا عليهِ
(1) البدائع 1: 114 والبساط 71 - وأبو حديدة. وفي البدائع 1: 120 أبو العباس بن حديدة ولعله الصواب.
الأنموذج ص 72 (م. ي.).
(2)
المعاهد 2: 25، البساط 61 - قال ابن حمديس اجتمعت مع أبي الفضل الكاتب جعفر بن المقترح بسبتة فذكر لي بيتي ابن رشيق ثم قال لي أتقدر على اختصار هذا المعنى قلت نعم أقدر على ذلك وأنشدته:
لا أركب الماء خوْفًا
…
علي منه المعاطب
طين أنا وهو ماء
…
والطين في الماء ذائب
فاستحسن ذلك إذ كان على الحال وأقام عني أيامًا ثم اجتمعت به فأنشدني لنفسه في المعنى: =
(153)
قال (1) الصلاح الصفديّ وقال ابن رشيق فيما أظنّ:
أخاف تجنِّيه فأصفرّ إن بدا
…
ويصفرّ خوفًا أن أنِمَّ عليه
وأكثر ظنّي أنّ مرآة خده
…
توصِّل ألوانَ الوجوه إليه
(154)
وقال (2) في محبوبه الصائغ:
وظبيٍ من بني الكتّاب يَسبي
…
قلوب العاشقين بمقلتيه
رفعت إليه أستقضي رضاه
…
وأسأله خلاصًا من يديه
فوَقع "قد رددت فؤاد هذا
…
مسامحة فلا يُعْدَى عليه"
* * *
وأنشد ابن خلدون (3) في باب صناعة الشعر ووجه تعلمه كلمة الناشئ في وصف الشعر أولها:
لعن الله صنعة الشعر ماذا
…
من صنوف الجهال فيها لقينا
إلى آخرها وقال "أظنه ابن رشيق" وهذا وهم منه فإن ابن رشيق نفسه عزاها إلى الناشئ في العمدة (4) في باب أعراض الشعر وصنوفه ولقد زاد ضغثًا على إبّالة صاحب المجاني على جاري عادته في عدم التثبُّت إذ جعل الظن يقينًا. ولا غرو فإن ظن ابن خلدون يساوي يقينه على عكس قول أبي تمام:
ولذاك قيل من الظنون جلية
…
صدق وفي بعض القلوب عيون
= إن ابن آدم طين
…
والبحر ماء يذيبه
لولا الذي فيه يتلى
…
ما جاز عندي ركوبه
يعني قوله تعالى: {وَقَال ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} فأنشدته لي:
وأخضر لولا آية ما ركبته
…
ولله تصريف القضاء بما شاء
أقول حذارا من ركوب عبابه
…
أيا رب أن الطين قد ركب الماء
(1)
الغيث 2: 258 - يقول أن اصفراري انعكس في وجهه ليس إلا - والمعنى معْتور ومما قيل فيه:
ظبي ترى وجهك في وجهه
…
وتشرب الخمرة من فيه
(2)
الشريشي 2: 269، ديوان الصبابة 136. والكتاب: المكتب.
(3)
المقدمة (مصر سنة 1311 هـ)372.
(4)
3: 91، 93.