الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- تاريخ الدولتين 49.
- الدرر الكامنة (ط مصر) 1/ 343.
- درة الحجال 1/ 13.
- الحلل السندسية 1 ق 3/ 634 - 636، 1 ق 4/ 1048 [2/ 164].
- رحلة العبدري 275.
- شجرة النور الزكية 305.
- غاية النهاية 1/ 142 - 149.
- فهرست الرصاع ص 91 تعليق 21.
- رحلة ابن رشيد المسماة ملء العيبة، تحقيق الشيخ الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة (تونس 1402/ 1982) ص 169 - 172 ج 2.
* * *
48 - أبو بكر (1317 - 1367 هـ)(1899 - 1948 م)
سعيد أبو بكر، الأديب الشاعر الصحفي.
ولد في بلدة المكنين الواقعة بين بلدتي سوسة والمهدية من الساحل الشرقي التونسي في 28 أكتوبر ونشأ في بلدته في رعاية عائلة طيبة متواضعة تعلّم أولا في الكتاب حيث استظهر نصيبا من القرآن وتعلّم الكتابة، ثم انتقل إلى المدرسة القرآنية، حيث تعلّم اللغة العربية ومبادئ العلوم الإسلامية من فقه وتوحيد ومبادئ اللغة الفرنسية. وارتكزت تربيته في وسطه العائلي وبين المثقفين ببلدته على أسس الأخلاق الإسلامية ومحبة الوطن.
وبدت عليه منذ صغره مخايل الفطنة والذكاء والحساسية والشاعرية المبكرة، وكان ذلك جالبا لأنظار أقرانه ومعلميه، وبدأ في قرض الشعر حوالى الحادية عشرة من عمره. ومن حسن حظه أن عني به معلموه ووجهوه وشجعوه على قول الشعر وذكر الشيخ راجح إبراهيم في تصديره «للسعيديات» (ديوان سعيد أبي بكر الجزء الأول ص 12) أن سعيدا كان يضيق بتشطيبات معلمه لمواضيعه الإنشائية فتوصل إلى جبر المعلم على عدم مس إنشائه بالتجائه إلى الشعر في كتابة الموضوع. قال الشيخ راجح إبراهيم: «ونذكر
…
على سبيل الفكاهة أن معلما كان مغرما بالتنقيح والتشطيب والزيادة والنقص في مواضيع الإنشاء التي يحررها تلاميذه، وقد كان سعيد يجهد نفسه في كتابة الموضوع بصورة كان يتحققها تقنع المعلم ولا تحوجه لا لتنقيح ولا لتشطيب ولكن بدون جدوى وأخيرا توصل سعيد إلى أن أجبر معلمه على عدم مس كتابته بطريقة شيطانية لم تكلفه إلا كتابة الموضوع قصيدة شعرية لم يجد المعلم إلى نفسه حقا في مسها خوفا من الإخلال بالوزن والقافية.
وذكر الشيخ راجح إبراهيم أنه صاغ الشعر ولم يتجاوز العاشرة «وكذلك إن بعض أناشيده في هذا السن ارتضاها أساتيذه وجعلوها أناشيد مدرسية لا تزال حتى اليوم تنشد بمدرسة المكنين تذكارا لطيفا لهذا النبوغ» .
يقول الشعر ويكتبه في كل مكان، في الموضع الخالي أو المحل العمومي، ويكتبه في كل وقت لا فرق عنده بين الصباح والمساء. وإذا استعصت عليه قريحته في بعض الأحيان فيكفيه لإخضاعها أن يبدل قلمه أو كرسيه وأن يقوم ويخطو بعض الخطوات ويعود إلى مكانه.
ولم يتجاوز مرحلة التعليم الابتدائي ولكنه كان شغوفا بالمطالعة يطالع الجرائد التونسية والشرقية التي تصله أو تصل إلى ثلة من أعيان بلدته المثقفين. وفيها قرأ أشعار صبري، وشوقي وحافظ، وخليل مطران، والرصافي، وعريضة، وشكيب أرسلان، والخوري، والزركلي، والكاظمي، والشبيبي وغيرهم من شعراء وأدباء الإصلاح في الشرق العربي وفي تونس. وهذه المطالعات ألهمت قريحته فكتب العديد من المقالات ونظم ديوانه «الزهرات» ولعل مطالعته لم تتجاوز الجرائد ولم يكرع من مناهل الأدب العربي، ولذلك كانت لغته يشوبها الضعف.
وله قصيدة بعنوان: «أيها الشعراء إلى نهضة الشعب قبل مماته» انتقد فيها القوالب الجامدة في التعبير والأغراض التقليدية من مدح ورثاء وغزل.
وهو أديب ثائر مجدد، قال الأستاذ أحمد خالد عنه: من مظاهر نزعته الثورية الأدبيّة أنه من القائلين بحل قيود الشعر وإدخال أوزان جديدة عليه. وهو أول شاعر تونسي تجاسر ونظّم من الأوزان الجديدة التي ابتكرها شعراء المهجر ومن الأوزان التي ابتكرها لنفسه وأصبح له فضل ابتداعها عند محبذي طريقته، غير مبال بالانتقاد الذي كان يوجهه إليه أناس كثيرون في بادئ الأمر، ولكن ما لبث أن اقتدى به بعض الشعراء العصريين وأصبحنا نرى من حين لآخر على صفحات جرائدنا من الشعر الجديد.
وسعيد لم يكن من أسرة ثرية، ولعل هذا مما عاقه عن مواصلة تعلمه الثانوي بسوسة أو بتونس وخرج من بلدته يبحث عن لقمة العيش فعمل كاتبا بمكتب الشيخ راجح إبراهيم الوكيل (1)(بمثابة المحامي الآن) بسوسة وكان أحد أعلام الحركة الإصلاحية في مطلع هذا القرن بتونس ومنتميا إلى الحزب الدستوري القديم وكان مكتبه منتدى يلتقي فيه الأدباء والمثقفون
(1) الشيخ راجح إبراهيم كان وكيلا فقط لا وكيلا شرعيا كما وهم الأستاذان أحمد خالد والحبيب الشاوش والوكيل من كان حاملا لشهادة الحقوق التونسية ويرافع في المحاكم الشرعية والمحاكم العدلية (المدنية) التونسية ولا يرافع في المحاكم الفرنسية بخلاف من يحمل لقب محام وهو الحامل لشهادة الإجازة في الحقوق من الجامعات الفرنسية والجامعة الجزائرية، والوكيل الشرعي لا يشترط فيه إلا إحسان القراءة والكتابة ولا يرافع إلا في المحاكم الشرعية، وإن كان في بداية إحداث هذه الخطة يرافع حتى في المحاكم العدلية ولما تكاثر عدد الحاملين لشهادة الحقوق التونسية ونظمت مهنة الوكالة ألزموا بالاقتصار على المرافعة في المحاكم الشرعية، وبعد الاستقلال وتوحيد القضاء الحق الوكلاء بسلك المحامين وانحلت الوكالة الشرعية.
والمشتغلون بالسياسة والمهتمون بالإصلاح والصحفيون بالساحل ليستعرضوا ألوانا من الأدب ويخوضوا في شتى المواضيع التي كانت تشغل بال المثقفين الأيقاظ زمنئذ.
وهذا الاحتكاك الأول بالشيخ راجح إبراهيم وجماعته مكّن المترجم له من اكتساب ثقافة وخبرة بالأمور السياسية والاجتماعية ووجّهه إلى الأدب الاجتماعي والإصلاحي والسياسي وآنذاك بدأ ينشر قصائده السياسية والاجتماعية في جريدة «صدى الساحل» للحاج إسماعيل ابن حميدة منذ سنة 1921 ثم راسل الصحف التونسية الصادرة بالعاصمة «كالنديم» و «الصواب» و «الوزير» و «النهضة» و «لسان العشب» و «مرشد الأمة» وهذه الجرائد كلها وطنية تنطق بلسان الحزب الدستوري القديم، عدا جريدة «النهضة» التي كانت لسان حال «الحزب الإصلاحي» وربما يكون سعيد يتلقى التوجيه المباشر من الشيخ راجح إبراهيم، فالصحف الشرقية والمجلات تصل مكتبه ولكثرتها كان يستعين بكتّابه لقراءتها له.
وهو لا يغفل عن توجيه القارئ وإرشاده إذا أخطأ في القراءة. فقد عرفت رجلا من أكودة (بلدة الشيخ راجح إبراهيم) عمل في مكتبه، وكان يقرأ له الصحف والمجلات، وكان يصوّب له أخطاءه عند القراءة حتى استقام لسانه وأصبح لا يخطئ وإذا سئل لماذا قرأ هكذا؟ قال: بالسليقة، وأنا لا أحسن النحو، وكان ينظم المقطوعات الشعرية الجيدة، وأصل تعليم هذا الرجل في الكتّاب. وإذا كان هكذا فبالأحرى أن يستفيد منه سعيد استفادة أوسع.
ثم انتقل إلى تونس العاصمة واستقر بها إلى أن توفي في 29 جانفي سنة 1948 وعمل في مكاتب المحامين، ولم ينقطع عن قرض الشعر والعمل في الحقل الصحافي والحزبي.
وكان ينشر قصائد ذات طابع اجتماعي وسياسي بعنوان «زهرة بعد زهرة» في جريدة «النديم» لصاحبها الأديب الشاعر حسين الجزيري حتى إذا تجمع له منها عدد وافر نشرها في كتيّب عنوانه «الزهرات» وذلك بعد جفوة حصلت بينه وبين صاحب النديم بعد أن كانا صديقين حميمين وانقطع عن الكتابة في جريدة «النديم» .
وأصدر مجلة «العالم» بعد أن تسوغ امتيازها من السيد محمد فخري أستاذ الخط بالمدرسة الخلدونية، وفسخ الامتياز بعد سنة ونصف قبل انتهاء المدة المتفق عليها لخلاف بينه وبين سعيد، ونشر المترجم له طرفا من الخصومة في المجلة.
وفي سنة 1937 أصدر مجلة شهرية بعنوان «تونس المصورة» واحتجبت عن الظهور بعد شهر نوفمبر 1943 بسبب دخول الجيوش الألمانية إلى البلاد واستأنفت الصدور خلال سنة 1945 بعد جلاء هاته الجيوش.
وقد نشر في الصحافة قصصا قصيرة في أغراض اجتماعية.