المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌62 - بيرم الخامس (1255 - 1307 هـ) (1840 - 1889 م) - تراجم المؤلفين التونسيين - جـ ١

[محمد محفوظ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌حرف الألف

- ‌1 - آغة (1296 - 1365 هـ) (1876 - 1946 م)

- ‌آثاره:

- ‌المراجع:

- ‌2 - ابن الأبّار (658 هـ1280/ م)

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌4 - الأبّي (…827 أو 828 هـ) (1425 أو 1424 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌9 - الإسرائيلي (…نحو 320 هـ) (933 م)

- ‌ مؤلفاته

- ‌‌‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌11 - الأصرم (…- حوالى 1172 هـ) (…- 1756 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌12 - الأصولي (كان حيا سنة 693 هـ) (1293 م)

- ‌‌‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌13 - أعين بن أعين (…385 هـ) (…995 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌14 - ابن الأغلب (…283 هـ) (…896 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌15 - الإمام المنزلي (…1248 هـ) (…1832 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌لة

- ‌المرجع:

- ‌18 - الأندلسي (960 هـ) (1552 م)

- ‌المراجع:

- ‌19 - الأوسي (662 هـ) (1264 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصدر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌21 - الأومي (1204 هـ) (1789 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرف الباء

- ‌22 - الباجي (…1024 هـ) (…1605 م)

- ‌المرجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌24 - ابن باديس (398 - 454 هـ) (1008 - 1062 م)

- ‌المراجع:

- ‌‌‌المراجع:

- ‌المراجع:

- ‌26 - البارودي (1304 هـ) (1887 م)

- ‌27 - البارودي (…- 1216 هـ) (…- 1801 م)

- ‌المصدر:

- ‌28 - الباروني (من رجال القرن العاشر هـ) (16 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌29 - البجائي (…نحو 689 هـ) (1282 - 1291 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌30 - البجائي (كان حيا حوالى 848 هـ) (1442 م)

- ‌31 - البجائي (كان حيا سنة 1025 هـ) (1616 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌33 - البرادي (كان حيا حوالى 810 هـ) (1407 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌34 - البختري (1317 هـ) (1903 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌38 - البرشكي (…780 هـ) (1378 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌40 - برناز (1074 - 1138 هـ) (1664 - 1726 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌42 - بسيّس (1332 - 1398 هـ) (1914 - 1978 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌44 - البشروش (1329 - 1363 هـ) (1911 - 1944 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌45 - ابن بشرون (كان حيا سنة 561 هـ) (1166 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌46 - ابن بشير (كان حيا سنة 562 هـ) (1132 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌48 - أبو بكر (1317 - 1367 هـ) (1899 - 1948 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌49 - البكري (نحو 380 هـ) (990 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌51 - البلهوان (1326 - 1377 هـ) (1909 - 1958 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌52 - البليّش (1252 هـ) (1837 م)

- ‌المصادر:

- ‌53 - البليّش (1317 - 1384 هـ) (1899 - 1964 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌54 - ابن بلّيمة (427 أو 428 - 514 هـ) (1036 أو 1037 - 1120 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌55 - البنّا (1283 هـ) (1866 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌57 - البيّاسي (573 - 653 هـ) (1177 - 1255 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌58 - بيرم الأول (1130 - 1214 هـ) (1718 - 1800 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌59 - بيرم الثاني (1162 - 1247 هـ) (1749 - 1831 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌60 - بيرم الثالث (1201 - 1259 هـ) (1786 - 1843 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌61 - بيرم الرابع (1220 - 1278 هـ) (1805 - 1861 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌62 - بيرم الخامس (1255 - 1307 هـ) (1840 - 1889 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌63 - بيرم (كان حيا سنة 1321 هـ) (1902 م)

- ‌المراجع:

- ‌حرف التاء

- ‌64 - تاج (نحو 1270 - 1338 هـ) (1854 - 1920 م)

- ‌المراجع:

- ‌65 - التادلي (من رجال القرن الثامن هـ) (14 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌66 - ابن التبّان (314 - 371 هـ) (928 - 981 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر و‌‌المراجع:

- ‌المراجع:

- ‌67 - التجاني (في حدود 660 هـ) (1262 م)

- ‌مؤلفاته

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌70 - التجاني (635 - 714 هـ) (1238 - 1314 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌71 - التجاني (…718 هـ) (1318 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌72 - التجيبي (كان حيا سنة 449 هـ) (1068 م)

- ‌مؤلفاته

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌74 - التجيبي (422 هـ) (1031 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌75 - الترجمان (نحو 758 - 832 هـ) (1357 - 1430 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌76 - التركي (1328 - 1397 هـ) (1910 - 1977 م)

- ‌المرجع:

- ‌77 - التّريكي (829 - 894 هـ) (1417 - 1489 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌78 - ابن تعاريت (1289 هـ) (1872 م)

- ‌المرجع:

- ‌79 - ابن تعاريت (1255…هـ) (1355 - 1936 م)

- ‌80 - ابن تعاريت (من رجال القرن 10 هـ) (16 م)

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌82 - التلاتلي (1288 - 1370 هـ) (1871 - 1950 م)

- ‌‌‌المرجع:

- ‌المرجع:

- ‌83 - التلاتلي (من رجال القرن 12 هـ 18 م)

- ‌84 - التليلي (1266 - 1358 هـ) (1850 - 1939 م)

- ‌‌‌مؤلفاته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌85 - التمجاري (471 هـ) (1078 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌86 - ابن تميم (نحو 287 - 349 هـ) (900 - 960 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌87 - التميمي (1164 - 1248 هـ) (1751 - 1832 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر:

- ‌89 - التميمي (…- 363 هـ) (…- 974 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌من آثاره:

- ‌المراجع:

- ‌91 - التميمي (274 - 336 هـ) (887 - 949 م)

- ‌المصادر:

- ‌92 - التنبكتي (…- كان حيّا سنة 1248 هـ) (…- 1832 م)

- ‌المراجع:

- ‌93 - التنوخي (…- 737 هـ) (1237 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌94 - التّواتي (…- 1311 هـ) (1892 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌95 - التواتي (…1115 هـ) (1704 م)

- ‌‌‌مؤلفاته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌‌‌المرجع:

- ‌المرجع:

- ‌96 - التوزري (حوالي 1300 - 1358 هـ) (1883 - 1939 م)

- ‌97 - التوزري (كان حيا قبل سنة 1168 هـ) (1755 م)

- ‌المرجع:

- ‌98 - التوزري (كان حيا بعد 260 هـ) (873 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌99 - التوزري (630 - 713 هـ) (1233 - 1313 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌100 - التوزري (…- 1348 هـ) (…- 1930 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌101 - التوزري (…- 1380 هـ) (1960 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌102 - التونسي (443 هـ) (1051 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌103 - التونسي (كان حيا سنة 967 هـ) (1559 م)

- ‌‌‌المرجع:

- ‌المرجع:

- ‌104 - التونسي (كان حيا 889 هـ) (1493 م)

- ‌من آثاره

- ‌105 - التونسي (كان حيا سنة - 1190 هـ) (…- 1776 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌106 - التونسي (888 هـ) (1484 م)

- ‌المصدر:

- ‌107 - التونسي (1204 - 1274 هـ) (1790 - 1857 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌108 - التونسي (كان حيا سنة 1140 هـ) (1738 م)

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌110 - ابن التين (611 هـ) (1214 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرف الثاء

- ‌111 - ثامر (1326 - 1367 هـ) (1909 - 1949 م)

- ‌المرجع:

- ‌112 - الثعالبي (1291 - 1363 هـ) (1879 - 1944 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌100 - التوزري (…- 1348 هـ) (…- 1930 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌101 - التوزري (…- 1380 هـ) (1960 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌102 - التونسي (443 هـ) (1051 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌103 - التونسي (كان حيا سنة 967 هـ) (1559 م)

- ‌‌‌المرجع:

- ‌المرجع:

- ‌104 - التونسي (كان حيا 889 هـ) (1493 م)

- ‌من آثاره

- ‌105 - التونسي (كان حيا سنة - 1190 هـ) (…- 1776 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌106 - التونسي (888 هـ) (1484 م)

- ‌المصدر:

- ‌107 - التونسي (1204 - 1274 هـ) (1790 - 1857 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌108 - التونسي (كان حيا سنة 1140 هـ) (1738 م)

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌110 - ابن التين (611 هـ) (1214 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرف الثاء

- ‌111 - ثامر (1326 - 1367 هـ) (1909 - 1949 م)

- ‌المرجع:

- ‌112 - الثعالبي (1291 - 1363 هـ) (1879 - 1944 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

الفصل: ‌62 - بيرم الخامس (1255 - 1307 هـ) (1840 - 1889 م)

‌62 - بيرم الخامس (1255 - 1307 هـ)(1840 - 1889 م)

حمد بيرم الخامس بن مصطفى بن محمد بيرم الثالث، الفقيه الرحالة المؤرخ الصحفي من نبغاء خريجي جامع الزيتونة.

ولد بتونس في محرم /1255 مارس 1840 وأشرف والده على تربيته وكذلك عمه بيرم الرابع، وهما اللذان وجهاه إلى طلب العلم بجامع الزيتونة وبعد اجتيازه لمرحلة التعليم الابتدائي دخل جامع الزيتونة، وقرأ على أعلامه أمثال المشايخ سالم بو حاجب، والشاذلي بن صالح، وعلي العفيف، ومحمد الطاهر بن عاشور. وفي هذا الطور كان الشيخ محمود قابادو يزور والد المترجم له في بيته لأنه كان صديقا له، كما كان يزور عمه محمد بيرم الرابع في بيته أيضا وكان المترجم له يحضر المجالس التي فيها قابادو بدار أبيه أو دار عمه، ويستمع إلى حديثه فتكون له إعجاب به واحترام له ما زادتهما الأيام إلاّ رسوخا، وكان يستنير بتوجيهاته، وظل على هذه الحال بعد تخرجه من جامع الزيتونة واشتغاله بالتدريس، وقال الأستاذ عمر بن سالم:«وتأثر بأفكار قابادو التقدمية ونظرياته الإصلاحية تأثرا كبيرا، فقد أخذ عنه رأيه في إحياء العلوم الصحيحة والاعتماد عليها لنهضة البلاد» .

واستكمل تعلمه بجامع الزيتونة ولم يتجاوز سنه سبعة عشر عاما، وتخرج منه محرزا على شهادة التطويع، ثم اجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الثانية في سنة 1278/ 1861 وتولى مشيخة المدرسة العنقية في 6 جمادي الاولى 1278/ 1861 وهذه الخطة كانت وراثية في أسرتهم، ثم اجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الاولى في 15 رجب 1284.

وفي مطلع شبابه اشتغل بالمسائل السياسية والاجتماعية لأنّ ميوله سياسية وأدبية ك أكثر منها فقهية وعلمية، وكان همه تتبع ماجريات الأحداث وانتقادها، ولما كان ابن ملاك أراض فقد شاهد الوضعية الاجتماعية للعمال الفلاحيّين والخماسة، ومسك دفترا سجل فيه القرارت والأوامر الترتيبية على عهد محمد بأي لأنه التزم بالدفاع عن هذه الطبقة الريفية.

وبعد ثورة 1281/ 1864 وتعطيل دستور عهد الأمان رحل إلى أوروبا بعلة التداوي وملاقاة أصدقائه المغتربين الجنرال حسين في إيطاليا وخير الدين في فرنسا، ومات والده فورث عنه قسطا هاما من العقارات، وأراد مبارحة تونس نهائيا ولكن الظروف الصعبة القاسية التي تجتازها البلاد منعته من تحقيق رغبته.

ولما عزل مصطفى خزنه دار عن الوزارة الكبرى (رئاسة الحكومة) في سنة 1291/ 1873 وخلفه في المنصب خير الدين جاهر المترجم له بنصرته في آرائه الإصلاحية وصرح بآرائه السياسية على صفحات جريدة «الرائد التونسي» وهو أول من تجاسر على ذلك في تونس.

ولاحظ الأستاذ رشيد الذوادي: «إنه المنشئ الأول لفن النشر الصحفي باختلاف

ص: 143

أغراضه في تونس. فقد تحدى القيود المتبعة في أساليب الكتابة في عصره فأضناه هذا العمل ولم يسلم من العثرات وتستطيع أن تلاحظ هنا جليا في تفكك بعض تراكيبه خاصة في افتتاحياته المنشورة في صحيفة «الإعلام» .وقال أيضا: «فكتب في الرائد التونسي (1290 هـ 1874) مقالات كثيرة أيد فيها عزل مصطفى خزنه دار وآزر الوزير خير الدين باشا صاحب الاتجاه التقدمي في البلاد وتعتبر مقالاته السياسية أول مقالات ظهرت في النثر السياسي في البلاد، ذلك إن الاتجاه السياسي لم تعرفه صحافة تونس قبل هذا التاريخ، إذ معظم ما كان ينشر فيها يتنازل النواحي الأخلاقية والاجتماعية والأدبية» .

كما نشر بعض إنتاجه في جريدة «الجوائب» الصادرة في إستانبول لصاحبها أحمد فارس الشدياق، وذلك أيام حرب تركيا مع اليونان.

وأعجب الوزير خير الدين بنشاطه وتعلقه ومؤازرته له في منهجه الإصلاحي فعهد إليه بتنظيم إدارة جمعية الأوقاف التي ابتكرها المصلحون، يعنيه موظف وعدلان يختارهم التجار وأصحاب الأراضي الموقوفة. وفي بضعة أشهر وبعد مجهودات خارقة توصل إلى تنظيم هذه المؤسسة وجعلها قوية، وهذا مما أثر على صحته وأجبره مرضه العصبي على قطع عمله والذهاب إلى باريس لمداواة مرضه، واغتنم هذه الفرصة لتدوين القسم الأول من تأليفه «صفوة الاعتبار» .

وكان نحيف البنية مصابا بمرض في الأعصاب الموصلة بين المعدة والقلب مع فقر في الدم يستعمل المورفين لتسكين آلامه فأثر ذلك في صحته مع ما يقوم به من أعمال مرهقة.

وفي مدة رئاسته لجمعية الأوقاف وقع نزاع بين الكونت دوسانسي المغامر الفرنسي الذي له علاقات قرابة مع كثير من وزراء فرنسا وقع نزاع بينه وبين الحكومة التونسية على قطعة أرض بسيدي ثابت منحها له الوزير خير الدين لتربية الخيل على شروط أخل بها، فأرادت الحكومة التونسية استرجاعها منه فأبى وأنقلب خصما لخير الدين.

ومن الملاحظ أن خير الدين كان يجامل الفرنسيين. وكان قسم من الصحافة الفرنسية يشن الحملات ضده بتأثير من عملاء خزنه دار الموجودين في باريس وقد عين صاحب الترجمة عضوا في لجنة التحكيم التي شكلتها الحكومة التونسية للنظر في هذه القضية واستمر النزاع بين الطرفين إلى عهد الوزير مصطفى بن إسماعيل.

كما عينه الوزير خير الدين سنة 1292/ 1874 ناظرا على المطبعة الرسمية ومشرفا على تحرير جريدة «الرائد» .وهذا النشاط أثر على صحته التي تدهورت فسافر إلى باريس للمعالجة.

وفي سنة 1292/ 1875 سمي عضوا في لجنة برنامج التعليم للمدرسة الصادقية ولترغيب الأسر التونسية لإرسال أبنائهم إلى هذه المدرسة سجل فيها ابنه الأكبر مصطفى الذي أصبح فيما بعد رئيسا لمجلس الاستئناف بالقاهرة.

ص: 144

كما اسندت إليه إدارة تأسيس المكتبة الصادقية (العبدلية) الزيتونية المؤسسة حديثا.

وفي سنة 1294/ 1877 عزم على التخلي عن وظائفه أسوة بأصدقائه جماعة الإصلاح الذين اضطروا لمغادرة مراكز السلطة، على أن تدخل الباي الزمه الاحتفاظ بوظائفه لكن المعرض العالمي المنعقد في باريس سنة 1878 هيأ له مبررا لمغادرة البلاد فزار باريس ولندرة ثم الجزائر وسمحت له هذه الرحلة باثراء ملاحظة لإكمال تحرير الأجزاء الباقية من مؤلفه «صفوة الاعتبار» .

وعند ما رجع إلى تونس أصبح عضوا في اللجنة التي كلفت بتنظيم مستشفى العاصمة التونسية - الذي دشّنه الأمير محمد الصادق باي رسميا في 10 فيفري 1894، وأصبح يعرف بالمستشفى الصارقيّ، على غرار المؤسسات الصحية العصرية الأوروبية، لكن الذين لا يروق لهم الإصلاح ولا تفكير الإصلاحيين كالقنصل الفرنسي روسطان فكان رد الفعل عنيفا والتهجم قاسيا، وكان المترجم له على صلة ببعض أفراد من السفارة الإيطالية بتونس ممن ينشر الدعاية ضد السياسة الفرنسية، وبلغت المعركة الدعائية بين السياسة الفرنسية والإيطالية حدا مضطرما ملتهبا، ففرنسا تهيئ الوسائل والحجج لتبرير الاحتلال، وإيطاليا تشهر بمطامع فرنسا وتحاول حشد الرأي العام ضدها سواء في الداخل أو في الخارج وهي لم تكن بريئة في هذه الحملة، وإنها هي تسعى جاهدة لتحل محل فرنسا وتحتل البلاد فيما بعد، ولا ندري كيف غاب هذا عن ذهن المترجم له حتى اغتر بالدعايات الإيطالية وسار في طريق يثير العواصف الهوجاء من النقد والتهجم والاتهام.

وكان الوزير مصطفى بن إسماعيل خلف خير الدين في رئاسة الحكومة يضيق بآرائه الإصلاحية ثم أنه يرى أنه لا يصفو له الجو إلاّ إذا أقصى جماعة الإصلاح عن مباشرة أية مهمة سامية في الحكومة والمترجم له لا يتحمل الضغط على حريته والسكوت على آرائه لذلك عزم على مبارحة تونس وقرر أن يطلب أولا من الباي الاذن في السفر لاداء فريضة الحج، ولم يتحصل على هذا الاذن إلاّ بعد تداخلات عديدة من أصدقائه العلماء، وتحصل على هذا الاذن وبارح تونس سنة 1296/ 1879 ومر بمصر في طريقه إلى الحرمين الشريفين وبعدهما زار سوريا، ثم سافر إلى إستانبول حيث كان في انتظاره صديقة الصدر الأعظم خير الدين، وأحسنت الدولة وفادته وعزم أن يقيم بها نهائيا، لكن الوزير مصطفى بن إسماعيل كتب إلى الباب العالي وطالب بإرجاع المترجم له، واتهمه باختلاس أموال جمعية الأوقاف وجرده من عناوينه الجامعية لكن خير الدين انتصر له ولم يخذله ولم يسلمه.

وفي انتظار وصول أسرته إلى إستانبول قام برحلة إلى فيينا وبودابست وبلغراد. وعند رجوعه إلى إستانبول حيكت ضده دسائس لإزالة مكانته عند السلطان فقد اتهم بالمشاركة في ثورة عرابي عند مروره بمصر، واضطر لأجل تجنب الخصومات وإنجاز الجزء الثاني من تأليفه «صفوة الاعتبار» إلى مغادرة إستانبول وتوجه إلى مصر، وفي القاهرة احتفل بقدومه احتفالا حارا الخديوي والعلماء.

ص: 145