الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الثاء
111 - ثامر (1326 - 1367 هـ)(1909 - 1949 م)
الحبيب ثامر، الطبيب، والزعيم السياسي المناضل.
ولد بتونس وزاول تعلمه الثانوي بالمدرسة الصادقية إلى أن أحرز على دبلومها، ثم سافر إلى باريس والتحق بكلّيّة الطبّ وتخرج منها محرزا على شهادة الدكتوراه في الطب.
وفي مدّة إقامته بباريس انتخبه طلبة المغرب العربي رئيسا لجمعية «طلبة شمال أفريقيا» وهي جمعية ثقافية سياسية، وعاد إلى تونس في موفي عام 1938 على إثر حوادث 9 أفريل التي القت فيها السلطة الاستعمارية القبض على زعماء الحركة الوطنية وخيم على البلاد جو ثقيل من الإرهاب والكبت وامتلأت السجون بالتونسيين. في هذا الظرف الدقيق سعى المترجم له إلى تنظيم حركة الكفاح السري ضد عدوان الاستعمار، والشعب لم يقابل هذا الطغيان بالاستسلام بل قاومه بعنف فقد استمرت المظاهرات وتعددت أعمال التحريب. وظل المترجم له يقود الحركة الوطنية سريا في إطار محدود المدى إلى أن انهزمت فرنسا في الحرب العالمية الثانية سنة 1940 فرأى أن يوسع نطاق عمل الحركة الوطنية ويجعلها شاملة لعدة ميادين، فظهرت كثير من الصحف الوطنية، وأسس المدارس لتعليم اللغة العربية، وفكر في إنشاء النقابات والمنظمات المهنية وتمكن من بعث الوعي بالتضامن واستمرار مقاومة الاستعمار عن طريق الاجتماعات المستمرة التي طالب فيها الوطنيون بإطلاق سراح الزعماء بإلحاح.
في هذا الظرف الحرج المتأزم تولى المترجم له قيادة مظاهرة كبرى إلى قصر الباي بحمام الأنف، وحاولت السلطة الاستعمارية تشتيت هذه المظاهرة لكنه تمكن من الاتصال بالباي وقدم له عريضة تتضمن وجوب الإسراع بإعلان سقوط الحماية، والسعي في إطلاق سراح القادة السياسيين والمساجين، وإثر خروجه من قصر الباي القت السلطة الاستعمارية عليه القبض وأودعته السجن لمدة أربعين يوما، ولم تكن هذه الحادثة لتفل من عزيمته الصلبة القوية فاستأنف الكفاح من جديد فدعم الحركة الوطنية السرية، ولما رأى صولة الاستعمار وعسفه وتفانيه في خنق الحركة الوطنية سعى في الهجرة إلى المشرق العربي خفية في جانفي 1942 فوصل إلى الحدود الليبية ومنها ألقى عليه القبض وسيق إلى السجن، وحاكمته المحكمة الفرنسية بتونس في 18 فيفري 1942 بتهمة التآمر على أمن الدولة وصدر عليه حكم يقضي
بسجنه عشرين عاما والنفي مثل هذه المدة، ولم يلبث في السجن الا بضعة أشهر لتبدل الظروف وتغير الأحوال، فقد تولى الملك محمد المنصف باي، ونزلت جيوش المحور بتونس فأفرج عنه في ديسمبر 1942، وهذا المناضل العنيد لا يرهبه السجن والمضايقات الاستعمارية فبمجرد خروجه من السجن استأنف النضال فنظم شؤون الحزب الحر الدستوري الجديد وتجديد تشكيلاته، وأصدر جريدة «إفريقيا الفتاة» الناطقة بلسان الحزب والتي خدمت القضية الوطنية بحماس وجد، وساهم في تحريرها شبّان وطنيون كرشيد إدريس. وعاد الزعماء المساجين إلى البلاد في 9 أفريل 1943 وظل مواصلا للعمل بنشاط إلى 6 ماي من تلك السنة [وهو تاريخ دخول الحلفاء الى تونس] فغادر البلاد خشية الوقوع في قبضة الفرنسيين الناقمين عليه فالتحق أولا بإيطاليا ثم برلين وأخيرا بباريس. وحاول الالتحاق باسبانيا مرارا عديدة لكنه وجد صعوبات وممانعة من الألمان، وحاول ذات مرة الوصول إلى اسبانيا بواسطة قارب صغير وغرق هذا القارب في وسط البحر فقطع بقية المسافة سباحة حتى وصل الشواطئ الإسبانية، والقت عليه السلطة الإسبانية القبض لاشتباهها في أمره، ولم تطلق سراحه الا بعد أيام من البحث والتحري، وبقي بإسبانيا بضع سنوات برفقة جمع من إخوانه المناضلين ووجهت له دعوة في الالتحاق بمصر فنزل بالقاهرة يوم 10 جوان 1946، وبذل نشاطا كبيرا في الصحافة المصرية وفي مكتب المغرب العربي للتعريف بالقضية التونسية كما عرّف بقضايا المغرب العربي. وفي مدة إقامته بالشرق كان كتلة من النشاط الدائب خدمة لوطنه فقد قام برحلات كثيرة وألقى المحاضرات العديدة في نوادي الأحزاب السياسية ونوادي الطلبة معرفا بقضية وطنه تونس وبقضايا المغرب العربي.
وفي 23 نوفمبر 1948 عينه الحزب للمشاركة في المؤتمر الإسلامي الاقتصادي المنعقد بباكستان وعرف فيه بالقضية التونسية وشهر بسياسة القمع الاستعماري فيها، وبعد انتهاء المؤتمر قبل دعوة حكومة باكستان فزار عدة مدن باكستانية وألقى فيها المحاضرات عن تونس وعن كفاح المغرب العربي في سبيل التحرر.
وكانت نهاية المطاف في هذه الجولة وفاة هذا البطل المناضل في ظرف عصيب كان وطنه ما زال في حاجة إلى كفاحه فقد لقي حتفه في اصطدام الطائرة التي كان راكبا فيها في جهة بثاور لاهور في يوم 13 ديسمبر. وهكذا طويت صفحة هذا المناضل الكبير ذي الحركة والنشاط والشجاعة والعزيمة.
ترك تأليفا وحيدا هو «هذه تونس» المطبوع في القاهرة سنة 1948، وهو كتاب تاريخ للبلاد لا سيما في العصور الحديثة ولسير الحضارة فيها إلى أن ابتليت بالاحتلال الفرنسي وتتبع فيه أطوار الكفاح ضد الاستعمار، وبسط بأطناب أحوال تونس السياسة والاجتماعية والاقتصادية في عهده، وفضح طرق وأساليب الاستعمار في الاعتداء على الحريات وإصدار القوانين الجائرة التي تخدم غاياته وأغراضه ومحاولة هذا الاستعمار إدماج الشعب وتتبع خطر