الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقَدّمَة
الحمد لله العظيم الشان، ذي القوة والجبروت والسلطان، والرحمة والستر والغفران، آثاره أنارت العقول والأذهان، وآلاؤه علّقت به القلوب والأبدان، فذلّت لخالقها العظيم، ورغبت بما عنده من الأجر والخير العميم.
إن من شيء إلا يسبح بحمده، وما من مخلوق إلا سجد ـ طوعاً أو كرهاً ـ لعظمته.
هدى من شاء إلى الصراط المستقيم فضلاً ومَنّاّ، وأضلّ من أراد عن النهج القويم عدلاً وعلماً، لا يُسأل عما يفعل والخلق يُسألون، لا إله إلا هو رب كل شيء والخلق مربوبون.
إله واحد أحد، فرد صمد، جلّ في علاه عن الشبيه والمثيل، وتقدست أسماؤه وصفاته وتنزهت عن التشبيه والتعطيل.
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى: 11
وأشهد أن لا إله إلا الله الحليم الكريم، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه، وحبيبه وخليله، فصلِّ
اللهم عليه وعلى آله وصحبه الغُرّ الميامين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
المرء في هذه الحياة مكلف بالعمل، وبتقصير الأمل، وانتظارِ الأجل على وجل، والحياة الدنيا مليئة بالمغريات الفاتنات، والمحبوباتِ الصارفات، والسفاسفِ الدنيّات، والشيطان متربص بالإنسان، ينتظر منه الغفلة حتى يصرفه إلى العصيان، وقد أقسم بعزة الرحمن الرحيم على أن ذلك منهجه لا يحيد عنه ولا يميل إلى يوم لقاء الملك الدّيان، وشياطين الإنس جاهدون في الإغواء عاملون على كل ما يورث الشقاء، في الدنيا والآخرة على السواء، فمتى يستقيم المرء مع هذا الحال، ومتى يجمع قلبه على مولاه ذي الجلال؟
في وسط هذا الخضم الهائج والبحر المائج يتذكر المرء مولاه فيقبل عليه مستعيناً متوكلاً، مناجياً وداعياً، مسبحاً ومثنياً، يستمسك منه بحبل متين، وصراط مستقيم، يسأله الرشد والثبات، والهدى والتقوى والرشادَ حتى الممات.
وهذه الرسالة وضعتها لأجل هذه المعاني العليّات، ولأبين جوانب مضيئات كريمات، في فزع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، ومن تبعهم من السلف العظام والخلق الكرام إلى يوم الناس هذا، في فزعهم إلى الله تبارك وتعالى بالثناء والتسبيح والتقديس،
والمناجاة الكفيلة بإذهاب ما يجده العبد في نفسه من الوساوس والتلبيس، والتخويف والإحباط والتيئيس، عسى أن نقتدي بالصالحين في هذا المجال، فنفزع إلى ذكر ذي الجلال، والثناء عليه بلساني الحال والمقال، وإلى التسبيح الموصل إلى الثبات والإقامة على جميل الصفات والخِلال.