الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجرمي عظيم من قديم وحادث
…
وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما
ألست الذي غذّيتني وهديتني
…
ولا زلتَ مَنّاناً علي ومنعما
عسى مَن له الإحسان يغفر زَلتي
…
ويستر أوزاري وما قد تقدما (1)
15 - وقال أبو العتاهية
(2) رحمه الله تعالى:
وهو الخفي الظاهر الملك الذي
…
ج هو لم يَزَلْ ملكاً على العرش استوى
وهو المقدرُ والمدبرُ خلقَه
…
ج وهو الذي في الملك ليس له سِوى
(1) انظر ديوان الإمام الشافعي: 78 ـ 79.
وهناك ثلاثة أبيات من قوله: فإن تعف عني إلى قوله وأجسما ليست في الديوان، وكذلك البيت الأول، وانظر ((الأدب في التراث الصوفي)):248.
(2)
رأس الشعراء، الأديب الصالح الواحد، أو إسحاق إسماعيل بن قاسم بن سويد العنزي بالولاء، الكوفي، نزيل بغداد. لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه. سار شعره لجودته وحُسْنه وعدم تقعره. تنسّك آخر عمره، وقال في المواعظ والزهد فأجاد. وكان أبو نواس يعظمه ويتأدب معه لدينه. توفي رحمه الله تعالى ببغداد سنة 211 وله ثلاث وثمانون سنة أو نحوها. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 10/ 195 ـ 198.
وهو الذي يقضي بما هو أهله
…
فينا ولا يُقضى عليه إذا قضى (1)
وقال ـ أيضاً رحمه الله تعالى:
سبحان مَن لم تزل له حُجَجٌ
…
قامت على الخلق بمعرفته
قد علموا أنه الإله ولكن
…
عجز الواصفون عن صفته (2)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
فيا عجباً كيف يُعصى الإلهُ
…
أم كيف يجحده الجاحدُ
ولله في كل تحريكة
…
وفي كل تسكينة شاهدُ
وفي كل شيءٌ له آيةٌ
…
تدل على أنه واحدُ (3)
وقال رحمه الله تعالى:
كلُّ يوم يأت برزقٍ جديدِ
…
من مليكٍ لنا غنيٍّ حميدِ
قاهرٍ قادرٍ رحيم لطيفٍ
…
ظاهرٍ باطنٍ قريبٍ بعيدِ
(1)((شرح ديوان أبي العتاهية)): 9.
(2)
المصدر السابق: 59.
(3)
المصدر السابق: 70.
حجبته الغيوبُ عن كل عينٍ
…
وهو فيها أنسٌ لكل وحيدِ
حسبنا اللهُ ربُّنا هو مولى
…
خيرُ مولىّ ونحن شرُّ عبيدِ (1)
وقال رحمه الله تعالى:
وتصريف هذا الخلق لله وحده
…
وكلٌّ إليه لا محالة راجعُ
ولله في الدنيا أعاجيب جَمّةٌ
…
تدلُّ على تدبيره وبدائعُ
ولله أسرارُ الأمور وإن جرت
…
بها ظاهراً بين العباد المنافعُ
ولله أحكام القضاء بعلمه
…
ألا فهو معطِ ما يشاء ومانع (2) ُ
وقال رحمه الله تعالى:
لا ربَّ أرجوه لي سواكا
…
إن لم يَخِبْ سَعْي من رجاكا
(1) المصدر السابق: 85.
(2)
المصدر السابق: 150.
أنت الذي لم تَزلْ خفياً
…
لم يَبْلُغِ الوهمُ منتهاكا
إن أنت لم تهدنا ضللنا
…
يا ربُّ إن الهدى هداكا
أحطت علماً بنا جميعاً
…
أنت ترانا ولا نراكا (1)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
تعالى الواحدُ الصمدُ الجليلُ
…
وحاشى أن يكون له عديلُ
هو الملك العزيز وكلُّ شيءٍ
…
سواه فهو منُتّقِصٌ ذليلُ
وما من مذهبٍ إلا إليهِ
…
وإن سبيلَه لهو السبيلُ
وإن له لَمَنّاً ليس يُحصى
…
وإن عطاءه لهو الجزيلُ
وإن عطاءَه عَدْلٌ علينا
…
وكل بلائه حسنٌ جميلُ
وكل مُفَوّه أثنى عليه
…
لَيْبلُغه فمنحسر كليلُ (2)
(1) المصدر السابق: 182.
(2)
المصدر السابق: 201 ـ 202.
وقال ـ أيضاُ ـ رحمه الله تعالى:
والله أكرمُ مَن رَجَوْتَ نوالَه
…
والله أعظمُ مَن يُنيل نوالاً
ملكٌ تواضعت الملوكُ لعزه
…
وجلالِه سبحانه وتعالى (1)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
والله يقضي في الأمور بعلمه
…
والمرءُ يُحمدُ مرةً ويلامُ
ولِدائم الملكوت ربٌّ لم يَزَلْ
…
مَلِكاً تَقَطّعُ دونه الأوهامُ
ما كلُّ شيء كان أو هو كائن
…
إلا وقد جَفّت به الأقلام
فالحمد لله الذي هو دائمٌ
…
أبداً وليس لما سواه دوامُ
(1) المصدر السابق: 215 ـ 216.
والحمد لله الذي لجلاله ج
…
ولحلمه تتصاغر الأحلام
والحمد لله الذي هو لم يَزَلْ
…
لا تستقلُّ بعلمه الأفهام
سبحانه ملكٌ تعالى جدُّه
…
ولوجهه الإجلال والإكرام (1)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
سبحان مَن وسع العباد
…
بعدله في حكمهِ
وبعفوه وبعطفه
…
وبلطفه وبحلمهِ
وجميع ما هو كائن
…
يجري بسابق علمهِ (2)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
إلهي لا تعذبني فإني
…
مُقِرٌّ بالذي قد كان مني
ومالي حيلةٌ إلا رجائي
…
وعفوك إن عفوتَ وحسنُ ظني
(1) المصدر السابق: 245 ـ 246.
(2)
المصدر السابق: 249 ـ 250.
فكم من زَلّة لي بين البرايا
…
وأنت علي ذو فضلٍ ومَنٍّ
إذا فكرتُ في قُدُمي عليها
…
عضضت أناملي وقرعتُ سني
يظن الناس بي خيراً وإني
…
لشرُّ الناس إن لم تعف عني
أُجن بزهرة الدنيا جنوناً
…
وأُفني العمر فيها بالتمني
وبين يدي محتبس وثقيل
…
كأني قد دُعيت له كأني
ولو أني صدقتُ الزهد فيها
…
قلبتُ لأهلها ظهر المِجَن (1)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
الحمد لله اللطيفِ بنا
…
ستر القبيح وأظهر الحسنا
ما تنقضي عنَّا له مِننٌ
…
حتى يجددَ ضعفها مِننا (2)
(1) المصدر السابق: 264.
(2)
المصدر السابق.
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
سبحان من يُعطي المُنى بخواطرٍ
…
في النفس لم ينطق بهن لسان
سبحان مَن لا شيءَ يحجبُ علمَه
…
فالسر أجمعُ عنده إعلانُ
سبحان مَن هو لا يزال مُسَبَّحاً
…
أبداً وليس لغيره السُبحان
ملكٌ عزيزٌ لا يفارق عِزّهُ
…
يُعصى ويرجى عنده الغفرانُ
ويح ابنِ آدم كيف ترقد عينُه
…
عن ربه ولعله غضبانُ (1)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
سبحان مَن لم يَزَلْ عَلِيّاً
…
ليس له في العلوِّ ثانِ
قضى على خلقه المنايا
…
فكلُّ حيٍّ سواه فانِ (2)
(1) المصدر السابق: 258 ـ 259.
(2)
المصدر السابق: 270.
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
ياربِّ أنت خلقتني
…
وخلقتَ لي وخلقتَ مني (1)
سبحانك اللهم عالمَ
…
كلِّ غيب مُسْتكِنٍّ (2)
مالي بشكرك طاقةٌ
…
يا سيدي إن لم تُعنِّي (3)
16 -
وكان ذو النون المصري (4) رحمه الله تعالى إذا قام إلى الصلاة قال:
(يا إلهي:
بأي رِجل أمشي إليك؟
أم بأي عين أنظر إليك؟
أم بأي لسان أناجيك؟
أم بأي يد أدعوك؟
ولكن الثقة بكرمك حملتني على الجراءة، وإن العبد إذا
(1) أي خلقت لي أنواعاً من النعم وخلقت مني أولاداً.
(2)
أي مخفي.
(3)
المصدر السابق.
(4)
الزاهد، شيخ الديار المصرية، ثوبان بن إبراهيم، أبو الفَيْض. وكان عالماً فصيحاً حكيماً واعظاً، توفي سنة 245، وكان من أبناء التسعين رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 1/ 532 ـ 536.
ضاقت عليه حيلته قَلّ حياؤه) (1).
وقال رحمه الله تعالى:
(إلهي: ما أصغي إلى حفيف شجر، ولا صوت حيوان، ولا خرير ماء، ولا ترنم طائر إلا وجدتها شاهدةً بوحدانيتك، دالة على أن ليس كمثلك شيء، وأنك غالب لا تُغلب، وعدل لا تجور)(2).
وقال رحمه الله تعالى:
(إلهي: سمع العابدون بذكر عذابك فخشعوا، وسمع المذنبون بحسن عفوك فطمعوا.
إلهي: إن كانت الخطايا أسقطتني لديك فاعف عني بحسن توكلي عليك.
إلهي: لك تسبح كل شجرة، ولك تمجد كل مَدَرة (3)، ولك تسبح
(1)((طهارة القلوب)): 279.
(2)
((الأدب في التراث الصوفي)): 114.
(3)
المدرة قطعة الطين اليابسة، جمعها مَدَر.
الطير في أوكارها، والوحوش في قفارها، والحيتان في قعور بحارها بأصوات خفية، ونغمات بَكِيّة (1).
إلهي
…
خشع لك قلبي وجسدي، وصرخ إليك صوتي، وأنت الكريم الرؤوف الرحيم، الذي لا يضجره النداء، ولا يُبْرمه إلحاح الملحين بالدعاء، ولا يخيب رجاء المرتجين
…
) (2).
وقال رحمه الله تعالى:
(إلهي:
وسيلتي إليك أَنعُمُك علي، وشفِيعي إليك إحسانك إلي
…
ابتدأتني برحمتك من قبل أن أكون شيئاً مذكوراً، وخلقتني من تراب، ثم أسكنتني الأصلاب، ونقلتني إلى الأرحام، ولم تخرجني ـ برأفتك ـ في دولة أئمة الكفر الذين نقضوا عهدك وكذبوا رسلك، ثم بجودك أخرجتني برحمتك
…
وفي دولة أئمة الهدى.
ثم أنشأت خلقي من منيٍّ يُمنى.
(1) ملؤها البكاء والأسى.
(2)
((الصلاة والتهجد)):392.
ثم أظهرتني إلى الدنيا تاماً سوياً، وحفظتني في المهد صغيراً صبياً، ورزقتني من الغذاء لبناً مَرِياً، وكفلتني في جحور الأمهات، وأسكنت قلوبهن رقة لي وشفقة علي، وربيتني بأحسن تربية، ودبرتني بأحسن تدبير، وكَلأتني (1) من طوارق الجن، وسلمتني من شياطين الإنس، وصنتني من زيادة في بدني مما يُشينني، من نقص فيه يعييني فتباركت ربي وتعاليت، يا رحيم.
فلما استهللت بالكلام أتممت علي سوابغ الإنعام، وأبنتني زائداً في كل عام، فتعاليت يا ذا الجلال والإكرام.
حتى إذا ملكتني شأني، وشددت أركاني أكملتَ لي عقلي، ورفعتَ حجابَ الغفلة عن قلبي، وألهمتني النظر في عجيب صنائعك، وبدائع عجائبك، وأوضحت لي حجتك، ودللتني على نفسك، وعرفتني ما جاءت به رسلك، ورزقتني من أنواع المعاش، وصنوف الرياش بمنك العظيم وإحسانك القديم
…
ثم لم تَرْضَ لي بنعمة واحدة دون أن أتممت علي جميع النعم، وصرفت عني كل بلوى، وأعلمتني الفجور لأجتنبه، والتقوى لأقترفه، وأرشدتني إلى ما يقربني إليك زُلفى، فأن دعوتك أجبتني، وإن سألتك أعطيتني، وإن حمدتك شكرتني، وإن شكرتك زدتني.
(1) أي رعيتني.
إلهي: فأي نعمك أحصي عدده، وأي عطائك أقوم بشكره: ما أسبغت علي من النعماء، أو ما صرفت عني من الضراء.
إلهي: أشهد لك بما شهد لك به باطني وظاهري، وأركاني وجوارحي.
إلهي:
إني لا أطيق إحصاء نعمك فكيف أطيق شكرك عليها، وقد قلت وقولك الحق:{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا (1)} ، أم كيف يستغرق شكري نعمك وشكرك من أعظم النعم عندي، وأنت المنعم به علي كما قلت سيدي:{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ (2)} ، وقد صدقت في قولك إلهي وسيدي، وقد بَلّغَتْ رسلك بما أنزلت إليهم من وحيك، غير أني أقول بجهدي ومنتهى علمي ومجهود وُسْعي ومبلغ طاقتي:
الحمد لله على جميع إحسانه؛ حمداً يعدل حمد الملائكة والمقربين والأنبياء والمرسلين) (3).
(1) سورة إبراهيم: آية 34.
(2)
سورة النحل: آية 53.
(3)
((المكنون)): 191 ـ 194.
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
(اللهم: إن ثقتي بك، وإن ألهتني الغفلات عنك، وأبعدتني العثرات منك بالاغترار
…
أنا نعمة منك، وأنا قَدَر من قَدَرك، أجري في قدرك، وأسرح في نعمتك
…
فأسألك يا منتهى السؤالات، وأرغب إليك يا موضع الحاجات، سؤال مَن كذّب كل رجاء إلا منك، ورغبةَ من رغب عن كل ثقة إلا عنك
…
يا من لا تمل من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين، ولا تَكِلُّ من الرغبات إليه مدامع الخاشعين
…
من ذا الذي ذاق حلاوة مناجاتك فلَهَى بمرضاة بشر عن طاعتك ومرضاتك
…
أنا عبدك وابن عبدك، قائم بين يديك، متوسل بكرمك إليك
…
يا من يُعصى ويُتاب إليه فيرضى كأنه لم يُعْصَ، بكرم لا يوصف وتَحنُّن لا يُنعت.
يا حنّان بشفقته، يا متجاوز بعظمته
…
يا قريباً لا يبعد عن المقترفين (1)، ويا ودوداً لا يعجل على المذنبين، اغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين) (2).
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله تعالى:
(يا حبيب التائبين، ويا سرور العابدين، ويا أنيس المتفردين، ويا حرزَ اللاجئين، ويا ظهير المنقطعين
…
يا من أذاق قلوب العابدين لذةَ الحمد، وحلاوةَ الانقطاع إليه.
يا من يقبل من تاب، ويعفو عمن أناب
…
يا من يتأنى على الخطائين، ويحلم عن الجاهلين
…
يا من لا يضيع مطيعاً ولا ينسى صفياً.
يا من سمح بالنوال، ويا من جاد بالإفضال.
يا ذا الذي استدرك بالتوبة ذنوبنا، وكشف بالرحمة غمومنا، وصفح عن جُرمنا بعد جهلنا، وأحسن إلينا بعد إساءتنا
…
) (3).
وقال ـ أيضاً رحمه الله تعالى:
(إلهي:
(1) أي المقترفين للسيئات.
(2)
المصدر السابق: 195 ـ 197.
(3)
المصدر السابق: 198 ـ 199.