الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد ارفع رأسك، سل تُعطه، واشفع تُشفع
…
) (1).
وهكذا يظهر أن ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على ربه الجليل وحمده إياه سيكون باباً لقبول السؤال في الشفاعة العظمى يوم القيامة ـ إن شاء الله ـ وهذه فائدة جليلة عظيمة للثناء والحمد والمدح بين يدي الدعاء.
جـ ـ الثناء على الله تعالى في الدعاء طريقة الأنبياء:
فقد قدم الأنبياء العظام ثناءَ حسناَ على الله تعالى قبل دعائهم، فمما علمناه قول الله تعالى قاصّاً دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
(1)
سورة إبراهيم: آية 38 ـ 41.وقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضاً:
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَّغْفِرَ لِي
(1) أخرجه الإمام البخاري: كتاب التفسير: سورة الإسراء: باب قوله تعالى {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}
خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (2)}.
(2)
سورة الشعراء: آية 78 ـ 87.وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام:
وقال تعالى قاصّاً دعاء شعيب عليه الصلاة والسلام وتقديمه الثناء فيه:
وقال تعالى قاصّاً دعاء يوسفَ عليه الصلاة والسلام:
(1) سورة الممتحنة: آية 4 ـ 5.
(2)
سورة الأعراف: آية 89.
(3)
سورة يوسف: آية 101.
ومما ورد في السنة المطهرة الشريفة من أساليب الدعاء الممزوج بالحمد والثناء والتسبيح قوله صلى الله عليه وسلم:
((اللهم لك الحمد مِلْءَ السموات وملْءَ الأرض ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الوسخ)) (1).
ـ وفي حديث جابر الطويل في صحيح مسلم في حج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله بدأ بالصفا فرقى عليه، حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحّد الله وكبّره، وقال:
((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)) ثم دعا بين ذلك فقال ثلاث مرات.
ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قُحُوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه.
قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجبُ الشمس فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله عز وجل، ثم قال:
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب الصلاة: باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.
((إنكم شكوتم جدب دياركم واستيخار المطر عن إبّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله ألا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه
…
)) (1).
ـ وعن أنس بن مالك أن أم سليم رضي الله تعالى عنهما غدت على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: علمني كلمات أقولهن في صلاتي: فقال:
((كبري الله عشراً، وسبحي الله عشراً، واحمديه عشراً، ثم سلي ما شئت يقول: نعم، نعم)) (2).
ـ وعن سلمة بن الأكوع (3) رضي الله عنه قال: ما سمعت
(1) أخرجه الإمام أبو داود في سننه: كتاب الصلاة: باب رفع اليدين في الاستسقاء، وقال الإمام أبو داود: هذا حديث غريب إسناده جيد، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. انظر ((المستدرك)): 1/ 476.
(2)
أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الصلاة: باب ما جاء في صلاة التسبيح، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. انظر ((المستدرك)): 1/ 462.
(3)
سلمة بن عمرو بن الأكواع الأسلمي، أبو مسلم وأبو إياس. شهد بيعة الرضوان. مات سنة 74 رضي الله عنه: انظر ((التقريب)): 248.
النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاءً إلا استفتحه بسبحان ربي العلي الأعلى الوهّاب)) (1).
ـ وهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقدم الثناء على الدعاء فيحمد له ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فعن علي رضي الله عنه قال:
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه ومن شاء الله من أصحابه، فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((من هذا؟)) فقيل: عبد الله بن مسعود.
فقال: ((إن عبد الله يقرأ القرآن غَضّاً (2) كما أنزل)).
فأثنى عبد الله على ربه وحمده فأحسن حمده على ربه، ثم سأله فأجمل المسألة، وسأله إيماناً لا يرتد، ونعيماً لا ينفد، ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى عليين في جنانك جنان الخلد.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سل تُعط، سل تُعط)) مرتين، فانطلقت لأبشره، فوجدت أبا بكر قد سبقني، وكان سباقاً بالخير (3).
(1) أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 1/ 676، وقال: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
(2)
غضّاً: أي حديثاً طرياَ. ((ترتيب القاموس)): غ ض ض، والمراد كما أنزل.
(3)
أخرجه الحاكم في ((المستدرك)): 3/ 358 ـ 359، وقال: صحيح، ووافقه الذهبي.