الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
1-
في قوله «يرسل السماء عليكم مدرارا» مجاز مرسل علاقته المحلية، فقد أراد بالسماء المطر لأن المطر ينزل منها قال:
إذا نزل السماء بأرض قوم
…
رعيناه وإن كانوا غضابا
والمراد بالبيت وصف شجاعتهم لأنهم إذا اجترءوا على رعي نبات القوم الغضاب فهم أحرى بأن يجترئوا على غيرهم، وفي البيت أيضا استخدام فقد أطلق السماء وأعاد عليها الضمير بمعنى النبات لأنها سببه.
2-
وفي قوله «والله أنبتكم من الأرض نباتا» استعارة تصريحية لأنه شبّههم بالنبات، فقد استعار الإنبات للإنشاء كما يقال زرعك الله للخير، وكانت هذه الاستعارة ذات فائدة لأنها دلّت على الحدوث فإنهم إذا كانوا نباتا كانوا محدثين لا محالة حدوث النبات وفيه قيل للحشوية النباتية والنوابت لحدوث مذهبهم في الإسلام.
الفوائد:
اختلفت أقاويل المفسرين في قوله: «ما لكم لا ترجون لله وقارا» ونحن نورد هنا مقتطفات من أقوالهم ثم نعقب عليها بما يجلو غامضها، فالرجاء معناه الأمل والخوف، فقال أبو عبيدة:«لا ترجون: لا تخافون» قالوا والوقار بمعنى العظمة والسلطان فالكلام وعيد وتخويف، وعبارة الزمخشري «والمعنى ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب، ولله بيان للموقر ولو تأخر لكان صلة للوقار
…
أو لا تخافون لله حلما وترك معاجلة العقاب فتؤمنوا وقيل ما لكم لا تخافون لله عظمة، وعن ابن عباس لا تخافون لله عاقبة لأن العاقبة حال استقرار
الأمور وثبات الثواب والعقاب من وقر إذا ثبت واستقر» وعبارة أبي حيان: «وقيل ما لكم لا تجعلون رجاءكم لله وتلقاءه وقارا ويكون على هذا منهم كأنه يقول تؤدة منكم وتمكنا في النظر لأن الفكر مظنة الخفة والطيش وركوب الرأس» وقال قطرب: هذه لغة حجازية، وهذيل وخزاعة ومضر يقولون: لم أرج لم أبال.
والذي يتحصل معنا من هذا كله: هو أن القوم كانوا يبالغون في احتقاره عليه السلام والاستهزاء به والتندّر عليه فأمرهم الله بالتزام الجدّ في توقيره واحترامه والصدوف عن هذه المعاملة غير اللائقة، أي أنكم إذا وقرتم نوحا وتركتم الاستخفاف به والتندّر عليه كان ذلك طاعة لله وتقربا إليه وامتثالا لأوامره فما لكم لا تهتبلون هذه الفرصة فتفوزوا برضا الله بتوقيره واحترامه؟