الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَكَنُودٌ) الكنود: الكفور وكند النعمة كنودا ومنه سمي كندة لأنه كند أباه ففارقه، وعن الكلبي: الكنود بلسان كندة: العاصي وبلسان بني مالك: البخيل وبلسان مضر وربيعة: الكفور وفي المختار: «كند: كفر النعمة وبابه دخل فهو كنود وامرأة كنود أيضا» وروى أبو أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكنود: الذي يأكل وحده ويمنع رفده أي عطاءه ويضرب عبده» وعبارة ابن خالويه: الكنود:
الكفور قال الحسن في قوله عز وجل: إن الإنسان لربه لكنود قال:
يذكر المصائب وينسى النعم، وقال النمر بن تولب:
كنود لا تمنّ ولا تغادي
…
إذا علقت حبائلها برهن
لها ما تشتهي عسل مصفّى
…
إذا شاءت وحوّارى بسمن
(بُعْثِرَ) تقدم شرحها كثيرا والبعثرة والبحثرة بالحاء استخراج الشيء واستكشافه.
الإعراب:
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) الواو حرف
قسم وجر والعاديات مجرور بواو القسم والجار المجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف وضبحا مفعول مطلق لفعل محذوف أي يضبحن ضبحا وهذا الفعل المقدّر حال من العاديات ويجوز أن تعرب حالا أي ضابحات وقال الخطيب «وانتصاب ضبحا على تقدير فعل أي يضبحن ضبحا أو بالعاديات كأنه قيل والضابحات ضبحا لأن الضبح لا يكون إلا مع العدو أو على الحال أي ضابحات، والفاء عاطفة والموريات عطف على العاديات وقدحا فيه الأوجه الثلاثة التي في ضبحا، قال الزمخشري «وانتصب قدحا بما انتصب به ضبحا» والفاء عاطفة والمغيرات نسق أيضا على العاديات وضبحا نصب على الظرفية أي التي تغير في وقت الصبح وهو متعلق بالمغيرات قال أبو حيان وأجاد: «وفي هذا دليل على أن هذه الأوصاف لذات واحدة لعطفها بالفاء التي تقتضي التعقيب والظاهر أنها الخيل التي يجاهد عليها العدو من الكفار ولا يستدل على أنها الإبل بوقعة بدر وإن لم يكن فيها إلا فرسان اثنان لأنه لم يذكر أن سبب نزول هذه السورة هو وقعة بدر ثم بعد ذلك لا يكاد يوجد أن الإبل جوهد عليها في سبيل الله بل المعلوم أنه لا يجاهد في سبيل الله تعالى إلا على الخيل في شرق البلاد وغربها» قال هذا في معرض ردّه على من فسّر العاديات بالإبل (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) الفاء حرف عطف وأثرن فعل ماض مبني على السكون والنون فاعل والعطف على فعل ومنع اسم الفاعل موضعه لأن المعنى واللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن، وبه متعلقان بأثرن ونقعا مفعول به والضمير في به يعود على الوادي وإن لم يتقدم له ذكر وهو مكان العدو وقيل يعود على الصبح أي فأثرن به في وقت الصبح، قال أبو حيان:«وهذا أحسن من الأول لأنه مذكور بالصريح» وعلى كلّ من التفسيرين فالباء من به بمعنى في وكل ما يتعدى بفي يتعدى بالباء ولا عكس. والفاء عاطفة ووسطن فعل ماض مبني على السكون ونون النسوة فاعل وبه متعلقان بوسطن
والضمير يعود على الصبح كما تقدم أو على النقع فالباء للتعدية وعلى الأول للظرفية وقيل إن الباء حالية أي فتوسطن ملتبسات بالغبار فتكون متعلقة بمحذوف على أنه حال، ونقل أبو البقاء وجها غريبا لم أجد له مبررا وهو أنها زائدة وجمعا مفعول أثرن وأغرب أبو البقاء أيضا فجعلها حالا لأنه جعل الباء زائدة في المفعول به وليس بذاك، وأسف ابن خالويه فأعرب جمعا ظرفا ولست أدري ولا المنجّم يدري كيف استقام له (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) الجملة لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم وإن حرف مشبّه بالفعل والإنسان اسمها ولربه متعلقان بكنود واللام المزحلقة وكنود خبر إن والألف واللام في الإنسان للجنس وقيل للكافر والأول أولى لأن طبع الإنسان مجبول على ذلك يهيب به إلى الشر إلا من عصمه الله (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) عطف على الجملة السابقة وهو المقسم عليه الثاني وإن واسمها وعلى ذلك متعلقان بشديد واللام المزحلقة وشديد خبر إن أي يشهد على نفسه بصنعه والشهادة بالقوة التي تبد في آثار أعماله الواضحة وشواهدها الفاضحة، وأجاز الزمخشري أن يعود الضمير على الله فقال:«وقيل وإن الله على كنوده لشاهد على سبيل الوعيد» (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) منسوق على ما تقدم وهو المقسم عليه الثالث وإن واسمها ولحب الخير متعلقان بشديد واللام للتقوية والمعنى إنه لقوي مطيق لحب الخير، يقال هو شديد لهذا الأمر أي مطيق له وقيل اللام للتعليل أي وأنه لأجل حب المال لشديد واللام المزحلقة وشديد خبرها وأراد بالخير المال والشديد البخيل الممسك يقال: فلان شديد ومتشدّد قال طرفة:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي
…
عقيلة مال الفاحش المتشدّد
وعبارة ابن خالويه: «والخير المال هاهنا كما قال تعالى: إن ترك خيرا أي مالا والخير الخيل من قوله تعالى: إني أحببت حبّ الخير عن
ذكر ربي يعني الخيل والخير الخمر تقول العرب ما عنده خل ولا خمر أي لا شر ولا خير ويجمع الخير خيورا والشر شرورا» قلت: لم أر في ما لدي من المعاجم هذا المعنى للخير أي الخمر وما كنت لأسجّل هذه الملاحظة لأن ابن خالويه من الأئمة المشهود لهم بالحفظ ولكني سجلت ملاحظتي تعليقا على إيراده المثل فالسياق الذي أورده فيه يدل على أن الخير قد يراد به الخمر ولكن المثل لم يرد ذلك قطعا وإنما جعل الشر خلا والخير خمرا على سبيل التشبيه فقولهم في المثل ما عنده خل ولا خمر يريدون به ما عنده خير ولا شر وقولهم: ما أنت بخل ولا خمر المراد به ما أشار إليه الميداني وغيره من أنه كان بعض العرب يجعلون الخير خمرا للذتها والخل شرا لحموضته ولأنه لا يقدر الإنسان على شربه (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على مقدّر يقتضيه المقام أي أيفعل ما يفعل من المقابح فلا يعلم، ولا نافية ويعلم فعل مضارع مرفوع وإذا ظرف لمجرد الظرفية، قال زاده:«لا يجوز أن يكون ظرفا ليعلم لأن الإنسان لا يراد منه العلم في ذلك الوقت وإنما يراد منه ذلك وهو في الدنيا، ولا يجوز أن يكون ظرفا لبعثر لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف ولا لقوله خبير لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها فتعين أن يكون العامل فيه ما دلّ عليه قوله: إن ربهم بهم يومئذ لخبير، أي أفلا يعلم الإنسان في الدنيا أنه تعالى يجازيه إذا بعثر ومعنى علم الله تعالى بهم يوم القيامة مجازاته لهم» وجملة بعثر في محل جر بإضافة الظرف إليها وما موصول نائب فاعل بعثر وفي القبور متعلقان بمحذوف لا محل له لأنه صلة ما (وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) منسوق على بعثر ما في القبور وحصل فعل ماض مبني للمجهول أي جمع في الصحف وأظهر مفصلا مجموعا وقيل ميّز بين خيره وشره وسمينه وغثّه، قال زاده: «وخصّ أعمال القلوب بالذكر وترك ذكر أعمال الجوارح لأنها تابعة لأعمال القلوب فإنه