الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعبارة أبي البقاء: «قوله تعالى تبتيلا مصدر على غير المصدر واقع موقع تبتل وقيل المعنى بتل نفسك تبتيلا» .
(النَّعْمَةِ) بالفتح التنعم وبالكسر الإنعام وبالضم المسرّة.
(أَنْكالًا) قيودا ثقالا جمع نكل بكسر النون.
(كَثِيباً) رملا مجتمعا.
(مَهِيلًا) سائلا بعد اجتماعه وهو من هال يهيل وهو اسم مفعول أصله مهيول استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الهاء وحذفت الواو ثاني الساكنين لزيادتها وقلبت الضمة كسرة لمجانسة الياء وفي المختار «هال الدقيق في الجراب صبّه من غير كيل وكل شيء أرسله إرسالا من رمل أو تراب أو طعام ونحوه فقد هاله فانهار أي جرى وانصبّ وبابه باع وأهال لغة فيه فهو مهال ومهيل» .
الإعراب:
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) يا حرف نداء وأيها منادى مبني على الضم لأنه نكرة مقصودة والهاء للتنبيه والمزمل بدل أو نعت وقم فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والليل ظرف لقم وإن استغرقه الحدث الواقع فيه وإلا أداة استثناء وقليلا مستثنى من الليل وفيه دليل على أن المستثنى قد يكون مبهم المقدار (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا) جوّز المعربون في نصفه أن يكون بدلا من الليل ومن قليلا فإذا كان بدلا من الليل كان الاستثناء منه وكان المأمور بقيامه نصف الليل إلا قليلا منه والضمير في منه وعليه عائد على النصف فيصير المعنى قم نصف الليل إلا قليلا أو أنقص من نصف الليل قليلا أو زد على نصف الليل فيكون قوله أو أنقص من نصف الليل قليلا تكرارا لقوله إلا قليلا من نصف
الليل وذلك تركيب غير فصيح ينزّه القرآن عنه. قال الزمخشري: «نصفه بدل من الليل وإلا قليلا استثناء من النصف كأنه قال: قم أقل من نصف والضمير في منه وعليه للنصف والمعنى التخيير بين أمرين بين أن يقوم أقل من نصف الليل على البتّ وبين أن يختار أحد الأمرين وهما النقصان من النصف والزيادة عليه» وقال أبو حيان تعقيبا على إعراب الزمخشري: «فلم ينتبه للتكرار الذي يلزمه في هذا القول لأنه على تقديره قم أقل من نصف الليل كان أو أنقص من نصف الليل تكرارا، وإذا كان نصفه بدلا من قوله إلا قليلا فالضمير في نصفه إما أن يعود على المبدل منه أو على المستثنى منه وهو الليل لا جائز أن يعود على المبدل منه لأنه يصير استثناء مجهول من مجهول إذ التقدير إلا قليلا نصف القليل وهذا لا يصح له معنى البتة وإن عاد الضمير على الليل فلا فائدة من الاستثناء من الليل إذ كان يكون أخصر وأوضح وأبعد عن الالتباس أن يكون التركيب قم الليل نصفه وقد أبطلنا قول من قال: إلا قليلا استثناء من البدل وهو نصفه وإن التقدير قم الليل نصفه إلا قليلا منه أي من النصف وأيضا ففي دعوى أن نصفه بدل من إلا قليلا وأن الضمير في نصفه عائد على الليل إطلاق القليل على النصف ويلزم أيضا أن يصير التقدير إلا نصفه فلا تقمه أو أنقص من النصف الذي لا تقومه أو زد عليه النصف الذي لا تقومه وهذا معنى لا يصحّ وليس المراد من الآية قطعا» وقال الزمخشري أيضا «وإن شئت جعلت نصفه بدلا من قليلا وكان تخييرا بين ثلاث: بين قيام النصف بتمامه وبين قيام الناقص منه وبين قيام الزائد عليه وإنما وصف النصف بالقلّة بالنسبة إلى الكل وإن شئت قلت: لما كان معنى قم الليل إلا قليلا نصفه إذا أبدلت النصف من الليل قم أقل من نصف الليل رجع الضمير في منه وعليه إلى الأقل من النصف فكأنه قيل: قم أقل من نصف الليل وقم أنقص من ذلك الأقل أو أزيد منه قليلا فيكون التخيير فيما وراء النصف بينه
وبين الثلث ويجوز إذا أبدلت نصفه من قليلا وفسّرته به أن تجعل قليلا الثاني بمعنى نصف النصف وهو الربع كأنه قيل أو أنقص منه قليلا نصفه وتجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع نصف الربع كأنه قيل أو زد عليه قليلا نصفه ويجوز أن تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث فتكون تخييرا بين النصف والثلث والربع» . وتعقبه أبو حيان كعادته فقال: «وما أوسع خيال هذا الرجل فإنه يجوز ما يقرب وما يبعد والقرآن لا يجوز أن يحمل إلا على أحسن الوجوه التي تأتي في كلام العرب» وممّن نصّ على جواز أن يكون نصفه بدلا من الليل أو من قليلا الزمخشري كما ذكرنا عنه وابن عطية أورده مورد الاحتمال وأبو البقاء قال: «أشبه بظاهر الآية أن يكون بدلا من قليلا أو زد عليه والهاء فيهما للنصف فلو كان الاستثناء من النصف صار التقدير قم نصف الليل إلا قليلا أو أنقص منه قليلا والقليل المستثنى غير مقدّر فالنقصان منه لا يتحصل» وأما الخوفي فأجاز أن يكون بدلا من الليل ولم يذكر غيره.
وقال ابن عطية: «وقد يحتمل عندي قوله إلا قليلا أنه استثناء من القيام فيجعل الليل اسم جنس» ثم قال: «إلا قليلا، أي الليالي التي تخل بقيامها عند العذر البيّن وهذا النظر يحسن مع القول بالندب» . وقال أبو حيان معقّبا: «وهذا خلاف الظاهر وقيل المعنى أو نصفه كما تقول أعطه درهما درهمين ثلاثة تريد أو درهمين أو ثلاثة وفيه حذف حرف العطف من غير دليل عليه» أو قال التبريزي: «الأمر بالقيام والتخيير في الزيادة والنقصان وقع على الثلثين من آخر الليل لأن الثلث الأول وقت العتمة والاستثناء وارد على المأمور به فكأنه قال قم الليل إلا قليلا ثم جعل نصفه بدلا من قليلا فصار القليل مفسّرا بالنصف من الثلثين وهو قليل من الكل فقوله أو أنقص منه أي من المأمور به وهو قيام الثلث قليلا أي ما دون نصفه أو زد عليه أي على الثلثين فكان التخيير في الزيادة والنقصان واقعا على الثلثين (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) أو عاطفة
للتخيير أي بين قيام نصف الليل وبين الزائد عليه إلى الثلثين وبين الناقص عنه إلى الثلث، وزد فعل أمر وعليه متعلقان بزد ورتل القرآن فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به وترتيلا مفعول مطلق (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) الجملة اعتراض بين الأمر بقيام الليل وبين تعليله بقوله الآتي: إن ناشئة الليل إلخ وقيل مستأنفة وعبارة الزمخشري: «وهذه الآية اعتراض ويعني بالقول الثقيل القرآن وما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين وخاصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته فهي أثقل عليه وأبهظ له، وأراد بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن لأن الليل وقت السبات والراحة والهدوء فلا بدّ لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه» وإن واسمها وجملة سنلقي خبرها وعليك متعلقان بنلقي وقولا مفعول به وثقيلا نعت أي كلاما عظيما جليلا مهيبا ذا خطر وكل شيء له خطر ومقدار فهو ثقيل (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا) الجملة تعليل لما تقدم وإن واسمها وهي ضمير فصل أو مبتدأ وأشدّ خبر إن أو خبر هي والجملة خبر إن ووطئا تمييز وأقوم عطف على أشد وقيلا تمييز أي قولا (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا) إن حرف مشبه بالفعل ولك خبر إن المقدّم وفي النهار حال لأنه كان في الأصل صفة لسبحا وسبحا اسم إن وطويلا اسمها المؤخر، وسيأتي معنى السبح في باب البلاغة (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) عطف على ما تقدم واسم ربك مفعول اذكر أي دم عليه ليلا ونهارا على أيّ حال ووجه وتبتل فعل أمر وإليه متعلقان به وتبتيلا مفعول مطلق (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا) رب المشرق يقرأ بالرفع فهو خبر لمبتدأ محذوف ويقرأ بالجر على أنه بدل من ربك والقراءتان سبعيتان ولا إله إلا هو تقدم إعراب الشهادة في البقرة، والفاء الفصيحة أي إن عرفت ذلك