الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شفعه كمنعه ويوم الأضحى وقيل في قوله تعالى: والشفع والوتر هو الخلق لقوله تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين أو هو الله عز وجل لقوله تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم» .
(الْوَتْرِ) في القاموس «الوتر بالكسر ويفتح الفرد أو ما لم يتشفع من العدد ويوم عرفة» .
وقال أبو حيان: «والشفع والوتر ذكر في كتاب التحرير والتحبير فيها ستة وثلاثين قولا ضجرنا من قراءتها فضلا عن كتابتها في كتابنا هذا» .
وقال الزمخشري: «وقد أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون معظم ما يقعان فيه وذلك قليل الطائل جدير بالتلهي عنه» .
(حِجْرٍ) عقل، وسمّي العقل بذلك لأنه يحجر صاحبه عمّا لا يحلّ ولا ينبغي كما سمي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن القبائح وينهاه ولأنه ينهى عمّا لا يحلّ ولا ينبغي، وأصل الحجر المنع وقد تقدم القول في هذه المادة، وقال ابن خالويه:«هل في ذلك حجر أي لذي عقل ولذي لب» والحجر ديار ثمود وحجر الكعبة والفرس الأنثى.
(جابُوا) قطعوا وفي المختار «وجاب خرق وقطع وبابه قال ومنه قوله تعالى وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وجبت البلاد بضم الجيم من باب قال وباع وأجبتها قطعتها» .
الإعراب:
(وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ) الواو حرف قسم وجر والفجر مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بأقسم والواو حرف عطف وليال عطف على
الفجر مجرور وعلامة جرّه الفتحة نيابة عن الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. وقد أشار ابن مالك إلى هذه القاعدة الهامة بقوله:
وكن لجمع مشبه مفاعلا
…
أو المفاعيل بمنع كافلا
أي إن الجمع المشبه مفاعيل أو المفاعيل في كونه مفتوح الفاء وثالثه ألف بعدها حرفان كمفاعل أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن كمفاعيل يمتنع صرفه لقيام الجمع فيه مقام علتين وهي الجمع وعدم النظير في الواحد وشمل قوله مفاعل ما أوله الميم كمساجد أو ما أوله غيرها كدراهم وشمل قوله المفاعيل ما أوله ميم كمصابيح أو ما أوله غيرها كدنانير ثم أن من هذا الجمع ما يجيء معتل اللام وهو قسمان أحدهما ما قلبت فيه الكسرة التي بعد الألف فتحة فانقلبت الياء ألفا نحو عذارى ولا إشكال في منع التنوين والآخر ما استثقلت في بابه الفتحة فحذفت ولحقها التنوين وإلى ذلك أشار بقوله:
وذا اعتلال منه كالجواري
…
رفعا وجرّا أجره كساري
يعني أن ما كان من الجمع المعتل اللام مثل جوار في كونه على ما ذكر من حذف الحركة يجري مجرى سار في لحاق التنوين بآخره في حالة الرفع والجر فتقول هذه جوار ومررت بجوار، وسكت عن حالة النصب ففهم أنه على الأصل كالصحيح فتقول رأيت جواري.
وعشر نعت لليال، قالوا وأراد بالليالي العشر عشر ذي الحجة وجاءت منكرة لفضيلتها على غيرها من ليالي السنة وقيل هي العشر الأواخر من رمضان وقيل العشر الأول من المحرم (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) منسوق على الفجر وليال وكذلك الوتر والليل وإذا ظرف متعلق بفعل القسم المحذوف أو بفعل قسم مقدر وعلى ذلك جرى أبو البقاء، أي أقسم
بالليل وقت سراه، ويسري فعل مضارع مأخوذ من السرى وهو خاص بسير الليل وقد تقدم وقال في المصباح:«سريت الليل وسريت به سرى والاسم السراية إذا قطعته بالسير وأسريت بالألف لغة حجازية ويستعملان متعديين بالباء إلى مفعول فيقال سريت بزيد وأسريت به والسرية بضم السين وفتحها أخصّ يقال سرينا سرية من الليل وسرية والجمع السّرى مثل مدية ومدى، قال أبو زيد ويكون السرى أول الليل وأوسطه وآخره وقد استعملت العرب سرى في المعاني تشبيها لها بالأجسام مجازا واتساعا قال الله تعالى: والليل إذا يسر والمعنى إذا يمضي، وقال البغوي: إذا سار وذهب وقال الفارابي: سرى فيه السم والخمر ونحوهما وقال السرقسطي: سرى عرق السوء في الإنسان وزاد ابن القطاع على ذلك، وسرى عليه الهمّ آتاه ليلا وسرى همّه: ذهب، وإسناد الفعل إلى المعاني كثير في كلامهم نحو: طاف الخيال وذهب الهم وأخذه الكسل والنشاط وقول الفقهاء سرى الجرح إلى النفس معناه دام ألمه حتى حدث منه الموت وقطع كفّه فسرى إلى ساعده أي تعدّى أثر الجرح وسرى التحريم وسرى العتق بمعنى التعدية وهذه الألفاظ جارية على ألسنة الفقهاء وليس لها ذكر في الكتب المشهورة لكنها موافقة لما تقدم» هذا وقد حذف بعض القرّاء ياء يسر وقفا وأثبتوها وصلا وأثبتها بعضهم في الحالين وحذفها بعضهم في الحالين لسقوطها في خط المصحف الكريم وموافقة رؤوس الآي، وعبارة ابن خالويه:«وكان الأصل يسري فخزلوا الياء لأن تشبه رؤوس الآي التي قبلها فمن القراء من يثبت الياء على الأصل ومنهم من يحذفها اتباعا للمصحف» (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) معنى الاستفهام هنا التفخيم والتعظيم للأمور المقسم بها وفي ذلك خبر مقدم وقسم مبتدأ مؤخر ولذي حجر نعت وعلى ذلك تكون هل وما في حيّزها جواب القسم وقيل هي للتقرير كقولك ألم أنعم عليك إذا كنت قد أنعمت والجواب على هذا محذوف
مضمر وتقديره لنجازينّ كل أحد بما عمل وقدّره الزمخشري لتعذبنّ وقيل الجواب مذكور وهو إن ربك لبالمرصاد، وعبارة السمين:«وقال مقاتل هل هنا في موضع إن تقديره إن في ذلك قسما لذي حجر فهل على هذا في موضع جواب القسم، وهذا قول باطل لأنه لا يصلح أن يكون مقسما عليه على تقدير تسليم أن التركيب هكذا وإنما ذكرته للتنبيه على سقوطه» (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) الهمزة للاستفهام التقريري أي قد رأيت لأن المراد بالرؤية هنا رؤية القلب وهي العلم، عبّر عنه بالرؤية لكونه علما ضروريا مساويا في الجلاء والبيان للمشاهدة والعيان، ولم حرف نفي وقلب وجزم وتر فعل مضارع مجزوم بلم وكيف اسم استفهام في موضع نصب بفعل على أنه مصدر واختاره الزمخشري وابن هشام في المغني والمعنى أي فعل فعل ربك وأعربه ابن خالويه حالا قال «كيف استفهام عن الحال» ولكنه ممتنع لأنه إذا أعرب حالا يكون من الفاعل ووصفه تعالى بالكيفية مستحيل وغير جائز والجملة المعلقة بكيف الاستفهامية سدّت مسدّ مفعولي تر. وفعل ربك فعل ماض وفاعل وبعاد متعلقان بفعل وإرم بدل أو عطف بيان من عاد ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث وهذا الابدال إيذان بأنهم عاد الأولى القديمة وقيل إرم بلدتهم أو أرضهم التي كانوا فيها، وعبارة أبي البقاء: «إرم لا ينصرف للتعريف والتأنيث قيل هو اسم قبيلة فعلى هذا يكون التقدير إرم صاحب ذات العماد لأن ذات العماد مدينة وقيل ذات العماد وصف كما تقول القبيلة ذات الملك وقيل إرم مدينة فعلى هذا يكون التقدير بعاد صاحب إرم ويقرأ بعاد إرم بالإضافة فلا يحتاج إلى تقدير ويقرأ إرم ذات العماد بالجر على
الإضافة» وذات العماد نعت لإرم أي الطول، قال الزمخشري: «وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة فالمعنى أنهم كانوا بدويين أهل عمد أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة ومنه
قوله رجل معمد وعمّدان إذا كان طويلا وقيل ذات البناء الرفيع وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى أنها ذات أساطين» وسيأتي تلخيص لقصتها الرائعة في باب الفوائد والتي صفة ثانية لإرم وجملة لم يخلق صلة التي ومثلها نائب فاعل يخلق وفي البلاد متعلقان بيخلق وقرىء يخلق بالبناء للمعلوم فتكون مثلها مفعولا به (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) الواو عاطفة وثمود عطف على عاد والذين نعت لثمود وجملة جابوا صلة الذين والصخر مفعول به وبالوادي متعلقان بجابوا والباء للظرفية فهي بمعنى في وحذفت الياء لأنها من ياءات الزوائد (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) عطف على عاد وذي الأوتاد نعت لفرعون كان يدق للمعذب أربعة أوتاد ويشدّه بها مسطوحا على الأرض ثم يعذبه بما يريد من ضرب وإحراق وغيرهما، وفي المصباح:«الوتد بكسر التاء في لغة الحجاز وهي الفصحى وجمعه أوتاد وفتح التاء لغة وأهل نجد يسكنون التاء فيدغمون بعد القلب فيبقى ود ووتد الوتد أتده وتدا من باب وعد أثبته بحائط أو بالأرض وأوتدته بالألف لغة» (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) الذين إما مجرور على أنه صفة للمذكورين أو منصوب على الذم، قال الزمخشري:«أحسن الوجوه فيه أن يكون في محل النصب على الذم ويجوز أن يكون مرفوعا على هم الذين طغوا أو مجرورا على وصف المذكورين عاد وثمود وفرعون» وجملة طغوا صلة الذين وفي البلاد متعلقان بطغوا (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) الفاء عاطفة وصبّ فعل ماض مبني على الفتح وعليهم متعلقان بصبّ وربك فاعل وسوط عذاب مفعول به، وسيأتي معنى هذا التعبير في باب البلاغة (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) الجملة لا محل لها لأنها تعليل لما قبلها وإن واسمها واللام المزحلقة وبالمرصاد متعلقان بمحذوف خبر إن وسيأتي معناها أيضا في باب البلاغة.