الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«وحقيقة الدمدمة تضعيف العذاب وترديده ويقال دمدمت على الشيء أطبقت عليه» وفي الصحاح «ودمدمت الشيء إذا ألزقته بالأرض ودمدم الله عليهم أي أهلكهم ويقال: دمدمت على الميت التراب أي سوّيته عليه» وقال ابن الأنباري: «دمدم أي غضب والدمدمة الكلام الذي يزعج الرجل» وفي القاموس: «ودمم الأرض سواها وفلانا عذبه عذابا تاما والقوم أهلكهم كدهدم ودمدم عليهم» .
(عُقْباها) تبعتها وعاقبتها، وفي القاموس:«وأعقبه الله بطاعته جازاه والعقبى جزاء الأمر» .
الإعراب:
(وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) الواو حرف قسم وجر والشمس مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف وضحاها عطف على الشمس والقمر عطف أيضا وإذا لمجرد الظرفية متعلقة بفعل القسم المحذوف وقد استشكل بأن فعل القسم إنشاء وزمانه الحال فلا يعمل في إذا لأنها للاستقبال والإلزام اختلاف العامل والمعمول في الزمان وهو محال وأجيب بأنه يجوز أن يقسم الآن بطلوع النجم في المستقبل فالقسم في الحال والطلوع في المستقبل ويجوز أن يقسم بالشيء المستقبل كما تقول: أقسم بالله إذا طلعت الشمس فالقسم متحتّم عند طلوع الشمس وإنما يكون فعل القسم للحال إذا لم يكن معتمدا على شرط، هذا وقد بسطنا القول بسطا مفيدا ووافيا عند الكلام على سورة التكوير وجملة تلاها في محل جر بإضافة الظرف إليها (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) الجملتان منسوقتان على ما تقدم مماثلتان له في الإعراب (وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) عطف أيضا و «ما» في الجمل الثلاث مصدرية أو بمعنى من
وعلى كل حال فهي معطوفة على الاسم قبلها أو المصدر المنسبك منها ومن الفعل معطوف عليه، وشجب الزمخشري كونها مصدرية. (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) منسوق أيضا على ما تقدم والتنكير في نفس لإرادة الجنس كأنه قال وواحدة من النفوس (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) الفاء عاطفة وألهمها فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به وفجورها مفعول به ثان وتقواها عطف على فجورها، وقد اختلفوا في معنى الإلهام قال ابن جبير ألزمها، وقال ابن عباس عرفها، وقال ابن زيد: بين لها، وقال الزجّاج وفّقها للتقوى وألهمها فجورها أي خذلها وقيل عرفها وجعل لها قوة يصحّ معها اكتساب الفجور واكتساب التقوى، وقال الزمخشري:
«ومعنى إلهام الفجور والتقوى إفهامها وإعقالها وأن أحدهما حسن والآخر قبيح وتمكينه من اختيار ما شاء منهما» وفيه تلميح إلى مذهب المعتزلة القائل بالتحسين والتقبيح العقليين أي إن الحسن والقبح مدركان بالعقل، أما أهل السنّة فيقولون بالتحسين والتقبيح الشرعيين أي إن الحسن والقبح لا يدركان إلا بالسمع لأنهما راجعان إلى الأحكام الشرعية مع عدم إلغاء خط العقل من إدراك الأحكام الشرعية وعندهم أنه لا بدّ في علم كل حكم شرعي من مقدمتين عقلية وهي الموصلة إلى العقيدة وسمعية مفرغة عليها وهي الدالّة على خصوص الحكم.
هذا والإلهام في اللغة إلقاء الشيء في الروع، قال الراغب: ويختص بما يكون من جهته تعالى وجهة الملأ الأعلى، قال تعالى: فألهمها فجورها وتقواها، فعلم أنه غير مختص بالخير بل يعمّه والشر، وفي الاصطلاح إلقاء معنى في القلب بطريق الفيض من غير كسب فيختصّ بالخير لعدم إطلاق الفيض في الشرّ بل يطلق فيه الوسوسة (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) الجملة جواب القسم وحذفت اللام لطول الكلام وقيل الجواب محذوف تقديره لتبعثنّ وقال الزمخشري: «تقديره ليدمدمنّ الله عليهم أي على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلّى الله
عليه وسلم كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحا وأما قد أفلح فكلام تابع لقوله فألهمها فجورها وتقواها على سبيل الاستطراد وليس من جواب القسم في شيء» وقد حرف تحقيق وأفلح فعل ماض ومن موصول فاعل وجملة زكّاها صلة وفاعل زكاها ضمير يعود على من وقيل ضمير الله تعالى أي قد أفلح من زكّاها الله تعالى بالطاعة وقد خاب من دسّاها عطف على الجملة السابقة مماثلة لها (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) كلام مستأنف مسوق لتقرير ما ذكر من فلاح من زكى نفسه أو زكّاها الله ومن دسى نفسه أو دساها الله. وكذبت ثمود فعل ماض وفاعل وبطغواها متعلقان بكذبت ومعنى الباء السببية أي بسبب طغيانهم وجعلها في الكشاف للاستعانة مجازا كقولك كتبت بالقلم يعني فعلت التكذيب بطغيانها، وكل من الطغوى والطغيان مصدر لكن اختير التعبير بالطغوى لأنه أشبه برءوس الآي، قال في المختار:«طغى يطغى بفتح الغين فيهما ويطغو طغيانا وطغوانا أي جاوز الحدّ وطغي بالكسر مثله والطغوى بالفتح مثل الطغيان» أما الزمخشري فقال «والطغوى من الطغيان فصلوا بين الاسم والصفة في فعلى من بنات الياء بأن قلبوا الياء واوا في الاسم وتركوا القلب في الصفة فقالوا: امرأة خزيا وصديا» وإذا ظرف لما مضى من الزمن متعلق بكذبت أو بالطغوى وجملة انبعث في محل جر بإضافة الظرف إليها، وأشقاها فاعل انبعث والمراد به قدار بن سالف بضم القاف ويضرب به المثل في الشؤم فيقال أشأم من قدار ويلقب بأحمر ثمود ويجوز أن يكونوا جماعة والإفراد لتسويتك في التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وعبارة ابن خالويه وقد خلط بها خلطا عجيبا:«فإذا كان المذكر أشقى فالمرأة شقواء لأنه من ذوات الواو كقوله: «ربنا غلبت علينا شقوتنا» وشقاوتنا و «ها» جرّ بالإضافة وجمع أشقى شقو مثل حمر وصفر فإن جمعت جمع سلامة قلت في المذكر أشقون وفي المؤنث شقواوات مثل حمراوات»