الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الخنس وهو الرجوع لأنها ترجع في مجراها وراءها والفعل خنس يخنس من باب دخل، وفي الصحاح: الخنس الكواكب كلها لأنها تخنس في المغيب ولأنها تخفى نهارا ويقال: هي الكواكب السيّارة منها دون الثابتة، وقال الفرّاء في قوله تعالى فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس أنها النجوم الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد لأنها تخنس في مجراها وتكنس كما تكنس الظباء في المغار، والخنس أيضا مأوى الظباء والظباء نفسها والبقر الوحشية.
(الْكُنَّسِ) في المصباح: وكناس الظبي بالكسر بيته وكنس الظبي كنوسا من باب نزل دخل كناسه، وتكنس الظبي تغيب واستتر في كناسه وتكنس الرجل: دخل في الخيمة وتكنست المرأة دخلت في الهودج.
(عَسْعَسَ) أقبل بظلامه أو أدبر قال العجاج:
حتى إذا الصبح لها تنفسا
…
وانجاب عنها ليلها وعسعسا
الإعراب:
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ، وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) الفاء استئنافية ولا تقدم القول فيها فجدد به عهدا وأقسم فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره أنا وبالخنس متعلق بأقسم والجواري نعت أو بدل والكنس نعت للجواري، والليل: الواو للقسم أيضا والليل مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم وإذا ظرف متعلق بفعل القسم وجملة عسعس في محل جر بإضافة الظرف إليها، والصبح إذا تنفس عطف على الجملة السابقة وإنما لم نعطف الليل على الخنس لأن الواو ابتداء قسم فإن قيل فقد خالفتم سيبويه فإنه لا يرى الواو المتعقبة للقسم ابتداء قسم بل
عاطفة وقد جعلتم الواو الأولى وهي متعقبة للقسم ابتداء قسم؟ قلنا إنما تكلم سيبويه في الواو وأما الآية فالقسم الأول فيها بالباء والفعل فجعلنا الواو بعد ذلك قسما وتبعا وهو أبلغ كأنه أقسم بشيئين مختلفين فإن قيل أجل إنما تكلم سيبويه على الواو المتعقبة للقسم فما الفرق بين الواو المتعقبة للقسم بالواو والواو المتعقبة للقسم بالباء وما هما إلا سواء فإن كل واحد منهما آلة له والتاء تدل على الباء فحكمهما واحد قلنا ليستا سواء فإن القسم متى صدر بالواو ولم تله واو أخرى فجعلها قسما الآخر فيه تكرار مستكره إذ الآلة واحدة ولا كذلك الآية إذ اختلفت الآلة فإن عاملة التكرار مأمونة إذا ألا ترى أنه لو صدر القسم بالواو ثم تلاه قسم بالباء لتحتم جعلهما قسمين مستقلين فكذلك لو خولف هذا الترتيب وأيضا فإنه إن كان المانع لسيبويه من جعل الواو الثانية قسما مستقلا فجيء الجواب واحدا واحتياج الواو الأولى إلى محذوف فالعطف يغني عن تقدير محذوف فلا يلزم اطّراد الباء لأنها أصل القسم لا سيما مع التصريح بفعل القسم ثم تأكيده بزيادة لا فإن في مجموع ذلك ما يغني عن إفراده بجواب مذكور ولا كذلك الواو فإنها ضعيفة المكنة في القسم بالنسبة إلى الباء فلا يلزم من حذف جواب تمكنت الدلالة عليه حذف جواب دونه في الوضوح. ونختم الكلام على هذا السؤال بنكتة بديعة:
وهي أنه إنما خصصت إيراد السؤال بالواو الثانية في قوله والليل إذا عسعس دون الثالثة لأنه غير متوجه عليها، ألا تراك لو جعلتها عاطفة لم يلزمك العطف على عاملين لأنك تجعلها نائبة عن الباء وتجعل إذا فيها منصوبة بالفعل مباشرة إذا لم يتقدم في جملة الفعل ظرف تعطف عليه إذا فتصير بمثابة قولك مررت بزيد وعمرو اليوم فاليوم منصوب بالفعل مباشرة وفهم من المثال أن مرورك بزيد مطلق غير مقيد بظرف وإنما المقيد باليوم مرورك بعمرو خاصة لكن يطابق الآية فإن الظرف فيها وإن عمل فيه الفعل مباشرة فهو مقيد للقسم بالليل لا للقسم بالخنس
(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) الجملة لا محل لها لأنها جواب القسم وإن واسمها واللام المزحلقة وقول خبرها ورسول مضاف إليه وكريم نعت، وسيأتي المراد به في باب الفوائد (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) ذي قوة صفة ثانية لرسول وعند ذي العرش حال من مسكين لأنه كان في الأصل صفة له فلما قدم نصب حالا، ومكين صفة ثالثة ومطاع صفة رابعة وثم ظرف بمعنى هناك متعلق بمطاع وأمين صفة خامسة (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) الواو عاطفة والجملة عطف على إنه لقول رسول كريم وما نافية حجازية وصاحبكم اسمها والباء حرف جر زائد ومجنون مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) عطف على قوله إنه لقول إلخ فهو داخل في حيز المقسم به واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق ورآه فعل ماض وفاعل مستتر وبالأفق متعلقان برآه والمبين نعت للأفق (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) عطف أيضا وما نافية حجازية وهو اسمها وعلى الغيب متعلقان بضنين والباء حرف جر زائد وضنين مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما وعلى بمعنى الباء أي فلا يبخل به عليكم بل يخبركم به وقرىء بظنين بالظاء المعجمة أي بمتهم، وفي المصباح:«والظنة بالكسر التهمة وهي اسم من ظننته من باب قتل إذا اتهمته فهو ظنين فعيل بمعنى مفعول وفي السبعة وما هو على الغيب بظنين أي بمتهم» وفي المصباح أيضا: «ضن بالشيء يضنّ من باب تعب ضنا وضنّة بالكسر وضنانة بالفتح بخل فهو بخيل ومن باب ضرب لغة فيه» (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) عطف أيضا وهو نفي لقولهم أنه كهانة وسحر (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) الفاء عاطفة وأين اسم استفهام في محل نصب ظرف مكان مبهم لا مختص متعلق بتذهبون، وتذهبون فعل مضارع مرفوع وفاعل أي فأي طريق تسلكون (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) إن نافية وهو مبتدأ وإلا أداة حصر وذكر خبر وللعالمين متعلقان