الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحرف غير القراءات:
الأحرف إذن اللغات التي تختلف فيما بينها لفظا ومادة فأما هذه القراءات التي تختلف في القصر والمد وفي الحركة والسكون وفي النقل والإثبات وفي حركات الاعراب فليست من الأحرف في شيء لأنها اختلاف في الصورة والشكل لا في المادة واللفظ وقد اتفق المسلمون على أن القرآن أنزل على سبعة أحرف أي على سبع لغات مختلفة في ألفاظها ومادتها، واتفق المسلمون على أن أصحاب النبي تماروا في هذه الأحرف السبعة كل يقرأ على الحرف الذي سمعه من النبي فاشتد الخلاف والمراء في ذلك حتى كادت الفتنة تقع بين الناس ولا سيما في جيوش المسلمين التي كانت تغزو وترابط في الثغور بعيدة عن مهبط الوحي ومستقر الخلافة فرفع الأمر الى الخيفة عثمان رضي الله عنه فجزع له وأشفق على المسلمين أن يقع بينهم مثل ما وقع بين النصارى من الاختلاف في نص القرآن كما اختلفوا في نص الإنجيل فجمع لهم المصحف وأذاعه في الأمصار وأمر بما عداه من المصاحف فمحي محوا وعلى هذا محيت الأحرف الستة ولم يبق إلا حرف واحد هو هذا الحرف الذي نقرؤه في مصحف عثمان وهو حرف قريش وهو الحرف الذي اختلفت لهجات القراء فيه فمدّ بعضهم وقصر بعضهم وفخّم فريق ورقّق فريق ونقلت طائفة وأثبتت طائفة ثم أورد الدكتور طه ما ورد في الجزء الأول من تفسير ابن جرير الطبري لتأييد رأيه.
خلاصة قول الطبري:
قال ابن جرير ما ملخصه: إن قوما من العلماء ذهبوا إلى أن الأحرف السبعة هي سبعة معان جملتها: الأمر والنهي والوعد والوعيد
والجدل والقصص والمثل، ولكنه يعارض هذا ويقول: إن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات احياء من قبائل العرب مختلفة الألسن وذكر أن أصحاب رسول الله تماروا في تلاوة بعض القرآن فاختلفوا في قراءته دون تأويله وأنكر بعض قراءة بعض مع دعوى كل قارئ منهم قراءة منها أن رسول الله أقرأه ما قرأه بالصفة التي قرأ ثم احتكموا الى رسول الله فكان من حكم رسول الله بينهم أن صوّب قراءة كل قارئ منهم على خلاف قراءة أصحابه الذين نازعوه فيها وأمر كل امرئ منهم أن يقرأ كما علم حتى خالط قلب بعضهم الشك في الإسلام لما رأى من تصويب رسول الله قراءة كل منهم على اختلافها ثم جلاه الله ببيان رسول الله له أن القرآن على سبعة أحرف.
وعرض الطبري لنقطة هامة وهي الرد على سؤال المستفسرين:
فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة، وقد أقرأهن رسول الله أصحابه وأمر بالقراءة بهن وأنزلهن الله من عنده على نبيه؟ أنسخت فرفعت؟ فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الأمة؟ فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه أم ما القصة في ذلك؟ وأجاب ابن جرير على هذه الأسئلة المحرجة جوابا بارعا فقال: لم تنسخ الأحرف الستة فترفع ولا ضيّعتها الأمة وهي مأمور بحفظها ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت وضرب لها مثلا في الفقه: إذا حنث موسر في يمين فله أن يختار كفارة من ثلاث كفارات: اما بعتق أو اطعام أو كسوة، فكذلك الأمة أمرت بحفظ القرآن وقراءته وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت قرأت، ولعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد قراءته بحرف واحد ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما أذن له في قراءته به.