الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو مفعول مطلق أي يهديني هداية فيكون ملاقيا لعامله بهذا المعنى والأول أقرب أي لشيء أقرب إرشادا للناس ودلالة على ذلك والاشارة في قوله هذا لما تقدم من نبأ أصحاب الكهف وقصتهم العجيبة التي اختتمت الآن. (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) ولبثوا عطف على ما تقدم حسما للخلاف وإماطة للشبهة الناجمة عن الاختلاف في أمرهم ومدة لبثهم وفي كهفهم متعلقان بلبثوا وثلاث ظرف ومائة مضاف اليه وسنين عطف بيان لثلاثمائة أو بدل ولا يصح أن يكون تمييزا لأن تمييز المائة مجرور وجره بالاضافة والتنوين مانع منها وسيأتي بحث العدد مفصلا في باب الفوائد وازدادوا فعل وفاعل وتسعا مفعول به أي تسع سنين. (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) الله مبتدأ وأعلم خبر والجملة مقول القول وبما متعلقان بأعلم وجملة لبثوا صلة الموصول أي بالزمن الذي لبثوه. (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) له خبر مقدم وغيب السموات والأرض مبتدأ مؤخر وأبصر صيغة تعجب وهو فعل ماض أتى على صيغة الأمر ومعناه الخبر والباء مزيدة في الفاعل إصلاحا للفظ وسيأتي البحث في صيغتي التعجب في باب
البلاغة
واسمع عطف على ابصر. (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) ما نافية ولهم خبر مقدم ومن دونه حال ومن حرف جر زائد وولي مبتدأ مؤخر محلا ولا الواو عاطفة ولا نافية ويشرك فعل مضارع وفاعل مستتر وفي حكمه متعلقان بيشرك وأحدا مفعول به.
البلاغة:
الكلام يطول جدا على هذه الآيات وما اشتملت عليه من فنون بلاغية وسنجنح الى الاختصار ما أمكن فنقول:
1-
الاستعارة المكنية:
في قوله تعالى «يتنازعون بينهم أمرهم» استعارة مكنية فقد شبه أمرهم بشيء كثر النزاع حوله ثم حذف ذلك الشيء واستعير النزاع القائم حوله.
وفي قوله تعالى «رجما بالغيب» استعارة مكنية أيضا فقد شبه الغيب والخفاء بشيء يرمى بالحجارة واستعير الرجم له.
2-
واو الثمانية والخلاف المشتجر حولها:
وعدناك بأن نأتي بالأقوال حول الواو الداخلة على ثامنهم في قوله تعالى «ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم» وقد قدمنا في الاعراب ما اخترناه من هذه الأقوال فقال عدد من كبار الأدباء انها واو الثمانية قال ابن هشام: «واو الثمانية ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه ومن المفسرين كالثعلبي وزعموا أن العرب إذا عدوا قالوا ستة سبعة وثمانية إيذانا بأن السبعة عدد تام وان ما بعده عدد مستأنف واستدلوا على ذلك بآيات احداها «سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم» الى قوله سبحانه «وثامنهم كلبهم» وقيل هي في ذلك لعطف جملة على جملة إذ التقدير هم سبعة ثم قيل الجميع كلامهم وقيل العطف من كلام الله تعالى والمعنى نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم وان هذا تصديق لهذه المقالة كما ان رجما بالغيب تكذيب لتلك المقالة» وبعد كلام طويل قال: «وأقول لو كان لواو الثمانية حقيقة لم تكن الآية منها إذ ليس فيها ذكر عدد البتة وانما فيها ذكر الأبواب وهي جمع لا يدل على عدد خاص ثم الواو ليست داخلة عليه بل على جملة هو فيها» .
وقال آخرون في الرد على من زعم وجود واو الثمانية: وهو أن في اللغة واوا تصحب الثمانية وتختص بها فأين ذكر العدد في أبواب الجنة حتى ينتهي الى الثامن فتصحبه الواو وربما عدوا من ذلك «والناهون عن المنكر» وهو الثامن من قوله تعالى «التائبون» وهذا مردود أيضا بأن الواو إنما اقترنت بهذه الصفة لتربط بينها وبين الأولى التي هي الآمرون بالمعروف لما بينهما من التناسب والربط ألا ترى اقترانهما في جميع مصادرهما ومواردهما كقوله: يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وكقوله: وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، وربما عد بعضهم من ذلك الواو في ثيبات وأبكارا لأنه وجدها مع الثامن وهذا غلط فاحش فإن هذه واو التقسيم ولو ذهبت تحذفها فتقول ثيبات أبكارا لم يستدل الكلام فقد وضح أن المراد في جميع هذه المواضع المعدودة ورادة لغير ما زعمه هؤلاء.
قلت: لو سقطت الواو من أبكار لاختل المعنى لأنهن لا يكنّ ثيبات أبكارا في وقت معا فاضطر الى الواو لتدل على المغايرة. هذا وقد كان القاضي الفاضل صاحب الطريقة المصنوعة في الإنشاء يعتقد زيادة الواو في هذه الآية ويتبجح باستخراجها ويقول هي واو الثمانية الى أن ذكر ذلك بحضرة الشيخ أبو الجود المقري فبين له أنه وأهم وان الضرورة تدعو الى دخولها وإلا فسد المعنى بخلاف واو الثمانية فانه يؤتى بها لا لحاجة فقال أرشدتنا يا أبا الجود.
هذا وممن أيد وجود واو الثمانية الإمام فخر الدين الرازي وقال العلامة الكافيجي قولا طريفا منصفا في هذا الصدد نورده بنصّه:
«هي في التحقيق واو العطف لكن لما اختص استعمالها بمحل مخصوص وتضمنت أمرا غريبا واعتبارا لطيفا ناسب أن تسمى باسم غير جنسها