الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسميت واو الثمانية لمناسبة بينها وبين سبعة وذلك لأن السبعة عندهم عقد تام كعقود العشرات لاشتمالها على أكثر مراتب أصول الأعداد فان الثمانية عقد مستأنف فكان بينهما اتصال من وجه وانفصال من وجه وهذا هو المقتضي للعطف وهذا المعنى ليس موجودا بين السبعة والستة.
وأقول: ان توجيه تمام السبعة هو أن العدد إما فرد وإما مركب من فردين وهو الزوج أو من زوج وفرد أو من زوجين والثلاثة الأول من الثلاثة فان في ضمنها الواحد والاثنين والآخر من الأربعة. ومجموع الثلاثة والأربعة سبعة فتمت بها الأصول وما يأتي تكرار فالثمانية زوج وزوج قد مضى والتسعة زوج وفرد وهكذا.
هذا وسيأتي المزيد من هذا البحث عند الكلام على «وفتحت أبوابها» وعلى «ثيبات وأبكارا» فقد طال البحث جدا.
الفوائد:
1-
أحكام العدد وتمييزه:
مميز العدد على ضربين منصوب ومجرور فالمجرور على ضربين مفرد ومجموع فالمفرد مميز المائة والألف والمجموع مميز الثلاثة الى العشرة والمنصوب مميز أحد عشر الى تسعة وتسعين ولا يكون إلا مفردا ومما شذ عن ذلك قولهم ثلاثمائة الى تسعمائة اجتزءوا بلفظ الواحد عن الجمع وقد رجع الى القياس من قال:
ثلاث مئين للملوك وفي بها
…
ردائي وجلت عن وجوه الاهاتم
فجاء بتمييز الثلاث جمعا من لفظ المائة على ما يقتضيه القياس وإن كان
شاذا في الاستعمال ويجوز في التمييز حينئذ وجهان أحدهما الاتباع على البدل نحو ثلاثة أثواب والنصب على التمييز نحو ثلاثة أثوابا وقوله تعالى ثلاثمائة سنين نصب على البدل أو عطف البيان لثلاثمائة.
هذا رأي أبي اسحق الزجاج قال: ولا يجوز أن يكون تمييزا لأنه لو كان تمييزا لوجب أن يكون أقل ما لبثوا تسعمائة سنة لأن المفسر يكون لكل واحد من العدد وكل واحد سنون وهو جمع والجمع أقل ما يكون ثلاثة فيكونون قد لبثوا تسعمائة سنة وأجاز الفراء أن يكون سنين تمييزا على حد قوله:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
…
سودا كخافية الغراب الأعصم
قال وذلك انه جاء في التمييز سودا وهو جمع لأن الصفة والموصوف شيء واحد والمذهب الأول لأن الثواني يجوز فيها مالا يجوز في الأوائل ألا ترى أنك تقول يا زيد الطويل ولو قلت يا الطويل لم يجز.
هذا والبيت لعنترة من معلقته التي مطلعها:
هل غادر الشعراء من متردّم
…
أم هل عرفت الدار بعد توهم
وقبل البيت المستشهد به:
ما راعني إلا حمولة أهلها
…
وسط الديار تسف حب الخمخم
وراعني أفزعني والحمولة: الإبل التي يحمل عليها ووسط ظرفه وإذا لم يكن ظرفا حركت السين فقلت وسط الدار واسع، وتسف:
تأكل يقال: سففت الدواء أسفه، والحلوبة المحلوبة تستعمل في الواحد والجمع على لفظ واحد، والخوافي أواخر ريش الجناح مما يلي الظهر، والأسحم الأسود، واثنتان مرفوع بالابتداء وأربعون معطوف عليه وقوله سودا نعت لحلوبة لأنها في معنى الجمع والمعنى من الحلائب والكاف في قوله كخافية في موضع نصب والمعنى سودا مثل خافية الغراب الأسحم ومما ذكرناه في تفسير الحلوبة وصلاحيتها للاطلاق على الواحد والجمع تعلم ما في قولهم ان الشاهد في هذا البيت جواز وصف المميز المفرد بالجمع وادعائهم ان حلوبة مفرد مميز للعدد وانه وصف بالجمع وهو سود الذي هو جمع سوداء وزعم الأعلم ان قوله سودا ليس بوصف وانما هو حال من قوله اثنتان وأربعون قال:«وهو حال من نكرة ويجوز رفعه على النعت ولا يكون نعتا لحلوبة لأنها مفردة إذا كانت تمييزا للعدد وسودا جمع ولا ينعت الواحد بالجمع» وليس بشيء لأنهم غفلوا عن السر وهو إطلاق حلوبة على الواحد والجمع.
هذا ونلخص فيما يلي أحكام العدد عامة:
ألفاظ العدد من ثلاثة إلى تسعة تكون على عكس المعدود في التذكير والتأنيث سواء كانت مفردة كقوله تعالى «سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما» أو مركبة كخمسة عشر قلما وست عشرة ورقة أو معطوفا كثلاثة وعشرين يوما وأربع عشرين ساعة، وأما واحد واثنان منهما على وفق المعدود في الأحوال الثلاثة، وأما مائة وألف فلا يتغير لفظهما في التذكير والتأنيث، وكذلك ألفاظ العقود كعشرين وثلاثين إلا عشرة فهي على عكس معدودها إذا كانت مفردة، وعلى وفقه إذا كانت مركبة.