الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
1- التتميم:
في قوله تعالى «لتأكلوا منه لحما طريا» تتميم احتياط وقد تقدم أن التتميم فن يشتمل على كلمة لو طرحت من الكلام نقص معناه كما تقدم أنه ثلاثة أنواع تتميم نقص وتتميم احتياط وتتميم مبالغة وتقدمت الأمثلة عليه ونقول هنا انه علم سبحانه انه إذا لم يصف اللحم بالطراوة لم يكن مظنة للفساد ولكن المعروف أن الفساد الى اللحم الطري أكثر من غيره فلزم وصفه بها ليسارع الى أكله خيفة الفساد عليه، وللفقهاء مباحث في لحم السمك تدل على ذكاء وألمعية وسنشير إليها في باب الفوائد إشارة سريعة، ولهذا التميم فائدة عامة وهي التعليم والإرشاد إلى أن اللحم لا ينبغي أن يتناول إلا طريا والأطباء يقولون: إن تناوله بعد ذهاب طراوته أضر شيء يكون.
2- الالتفات:
في قوله تعالى: «وبالنجم هم يهتدون» التفات من الخطاب الى الغيبة والفائدة منه انه لما كانت الدلالة من النجم أنفع الدلالات وأوضحها في البر والبحر نبه على عظمها بالالتفات إلى مقام الغيبة لإفهام العموم ولئلا يظن أن المخاطب مخصوص بذلك وزاد التأكيد بتقديم الجار والمجرور كأنما يشير من طرف خفي الى أن دلالة غير النجم ضئيلة لا يؤبه لها.
3- التشبيه المقلوب:
وذلك في قوله تعالى «أفمن يخلق كمن لا يخلق» إذ مقتضى
الظاهر عكسه لأن الخطاب لعباد الأوثان حيث سموها آلهة تشبيها به تعالى فجعلوا غير الخالق كالخالق فجاءت المخالفة في الخطاب كأنهم لمبالغتهم في عبادتها ولا سفافهم- بالتالي- وارتكاس عقولهم صارت عندهم كالأصل وصار الخالق الحقيقي هو الفرع فجاء الإنكار على وفق ذلك. وللتشبيه المقلوب أسرار كثيرة ومنها هذا السر الذي ألمعنا اليه ومنها أن ينسى الإنسان أن المشبه به هو المقدّم لشدة ولعه بالمشبه فيعكس التشبيه كما فعل البحتري في وصف البركة التي بناها المتوكل على الله إذ قال:
كأنها حين لجت في تدفقها
…
يد الخليفة لمّا سال واديها
والمعهود أن تشبه يد الخليفة في تدفقها بالكرم بالبركة إذا تدفقت بالماء.
هذا وقد جرى الشعراء على مذهب القلب كثيرا فمنهم من أصاب كما أصاب أبو عبادة البحتري ومنهم من أخطأ وتعسف، وزعم أبو بكر الصولي أن أبا تمام قد أخطأ في قلبه بقوله:
طلل الجميع لقد عفوت حميدا
…
وكفى على رزئي بذاك شهيدا
قال أبو بكر: «أراد وكفى بأنه مضى حميدا شاهدا على اني رزئت وكان وجه الكلام أن يقول: وكفى برزئي شاهدا على أنه مضى حميدا لأن حمد أمر الطلل قد مضى وليس بشاهد ولا بمعلوم ورزؤه بما ظهر من تفجعه شاهد معلوم فلأن يكون الحاضر شاهدا على الغالب أولى من أن يكون الغائب شاهدا على الحاضر» ومضى الصولي في نقده منكرا أن يكون القلب قد ورد في القرآن وان ما احتج به أصحاب