الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاقتصاد الذي هو وسط بين الإسراف والتقتير، وقد طابق في الاستعارة بين بسط اليد وقبضها من حيث المعنى لأن جعل اليد مغلولة هو قبضها وغلّها أبلغ في القبض وقد رمق أبو تمام سماء هذا المعنى فقال في المعتصم:
تعود بسط الكف حتى لو أنه
…
ثناها لقبض لم تطعه أنامله
2- التغاير:
في قوله تعالى «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم» وقد تقدم بحثه في سورة الانعام وفيه سر خفي بين ما جاء في سورة الاسراء وما جاء في سورة الانعام وهو قوله «ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم» فجدد به عهدا ونضيف اليه الآن ان قتل الأولاد إن كان مبعثه خوف الفقر فهو من سوء الظن بالله واليأس من رحمته وإن كان مبعثه الغيرة على البنات فهو تدبير أرعن لا ينجم عنه إلا هدم المجتمع وتعطيل معالم الحياة.
الفوائد:
شروط النصب بأن بعد فاء السببية وواو المعية:
لا تضمر أن بعد فاء السببية وواو المعية أيضا إلا بشرطين أساسيين وهما أن يسبقهما نفي أو طلب محضين ولا فرق في النفي بين أن يكون حرفا أو فعلا أو اسما أو تقليلا مرادا به النفي ومثال التقليل: قلما تأتينا فتحدثنا وأما الطلب فيشمل سبعة أمور وهي الأمر والنهي
والدعاء والعرض والتحضيض والاستفهام والتمني فهذه سبعة مع النفي تصير ثمانية وزاد بعضهم الترجي وقد جمع هذه التسعة بقوله:
مروانه وادع وسل عرض لحضّهم
…
تمن وارج كذاك النفي قد كملا
واحترزنا بقولنا «نفي أو طلب محضين» من النفي التالي تقريرا بالهمزة لأن التقرير اثبات ومن النفي المتلو بالنفي لأن نفي النفي اثبات ومن النفي المنتقض بإلا ومما يجب مراعاته قول جميل بن معمر العذري:
ألم تسأل الربع القواء فينطق
…
وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق
فينطق مرفوع وهو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف أي فهو ينطق والفاء استئنافية وليست للسببية كما أنها ليست للعطف إذ العطف يقتضي الجزم، ورجح ابن هشام في المغني أن تكون الفاء للعطف وان المعتمد بالعطف الجملة لا الفعل وحده وانما يقدر النحويون كلمة هو ليبينوا أن الفعل ليس المعتمد بالعطف قال «ومثله فإنما يقول له كن فيكون» أي فهو يكون حينئذ وقوله:
الشعر صعب وطويل سلمه
…
إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلت به الى الحضيض قدمه
…
يريد أن يعربه فيعجمه
أي فهو يعجمه» .
ونعود الى بيت جميل فنقول: أورده سيبويه في كتابه وقال ما نصه: «لم يجعل الأول سبب الآخر ولكنه جعله ينطق على كل حال
كأنه قال وهو مما ينطق كما يقال ائتني وأحدثك فجعل نفسه ممن يحدثه على كل حال وزعم يونس أنه سمع هذا البيت وانما كتبت ذلك لئلا يقول انسان فلعل الشاعر قال: إلا اهـ» وقال ابن النحاس:
«تقرير معناه انك سألته فيقبح النصب لأن المعنى يكون انك ان تسأله ينطق» وقال الأعلم: الشاهد فيه رفع ينطق على الاستئناف والقطع على معنى فهو ينطق وإيجاب ذلك ولو أمكنه النصب على الجواب لكان أحسن.
وقال الفراء: أي قد سألته فنطق ولو جعلته استفهاما وجعلت الفاء شرطا لنصبت كما قال آخر:
ألم تسأل فتخبرك الديارا
…
عن الحي المضلّل حيث سارا
والجزم في هذا البيت جائز كما قال:
فقلت له صوب ولا تجهدنه
…
فيدرك من أخرى القطاة فتزلق
فجعل الجواب بالفاء كالمنسوق على ما قبله.
هذا ولأهمية هذا البيت وعناية العلماء به نقول انه مطلع قصيدة لجميل بن معمر العذري صاحب بثينة المشهور وبعده وهو من جيد الشعر:
بمختلف الأرواح بين سويقة
…
وأحدب كادت بعد عهدك تخلق
أضرت بها النكباء كل عشية
…
ونفح الصبا والوابل المتعبق
وقفت بها حتى تجلت عمايتي
…
ومل الوقوف الأرحبيّ الم
نوّق وقال صديقي: إن ذا لصبابة
…
ألا تزجر القلب اللجوج في
لحق؟ تعزّ وإن كانت عليك كريمة
…
لعلك من أسباب بثنة
تعتق فقلت له: إن البعاد يشوقني
…
وبعض بعاد البين والنأي أشوق
والربع: المنزل، والقواء: القفر وجعله ناطقا للاعتبار بدروسه وتغيره ثم حقق وأخبر أنه لا يجيب ولا يخبر سائله لعدم وجود القاطنين به، البيداء القفر، والسملق: الأرض التي لا شيء فيها.
ومما اختلف فيه وكان موضع الدقة قول عروة العذري صاحب عفراء:
وما هو إلا أن أراها فجاءة
…
فأبهت حتى ما أكاد أجيب
قال سيبويه: «وسألت الخليل عن قول الشاعر: وما هو إلا أن أراها إلخ فقال: أنت في «فأبهت» بالخيار إن شئت حملتها على أن وإن شئت لم تحملها عليها فرفعت كأنك قلت ما هو إلا الرؤي فابهت» ومعنى ما أراده سيبويه أن النصب بالعطف على أن المراد المصدر