الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا ويصاغ من اسم العدد وصف على وزن فاعل مطابق لموصوفه، أما تعريف العدد، فالمضاف تدخل ال على المضاف إليه، والمركب تدخل ال على جزئه الأول، والمعطوف تدخل ال على الجزأين.
واما اعراب الاعداد فعلى ثلاثة أشكال:
1-
بالحركات من واحد الى عشرة على أن تكون هذه مفردة غير مركبة ويستثنى منها العدد اثنان للمذكر واثنتان للمؤنث فانهما لفظان ملحقان بالمثنى.
وكذلك العددان مائة وألف.
2-
بالحروف وهو العدد اثنان للمذكر واثنتان للمؤنث والعقود.
3-
بالبناء على الفتح وهي الأعداد المركبة أي من أحد عشر الى تسعة عشر ومن الحادي عشر الى التاسع عشر ما عدا الجزء الاول من اثني عشر لأنه يلحق بالمثنى كما تقدم.
اسم الفاعل المشتق من العدد:
يستعمل اسم الفاعل المشتق من العدد على معنيين:
أحدهما: أن يكون المراد به واحدا من جماعة.
وثانيهما: أن يكون فاعلا كسائر أسماء الفاعلين.
فالأول نحو ثاني اثنين وثالث ثلاثة قال الله تعالى: «لقد كفر الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة» وقال عز وجل: «إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين» فما كان من هذا الضرب فإضافة محضة لأن معناه أحد
ثلاثة وبعض ثلاثة فكما أن إضافة هذا صحيحة فكذلك ما هو في معناه ولا يجوز فيه أن ينون وينصب في قول أكثر النحويين لأنه ليس مأخوذا من فعل عامل وأما الثاني وهو ما يكون فاعلا كسائر أسماء الفاعلين نحو ثالث اثنين ورابع ثلاثة وخامس أربعة فهذا غير الوجه الأول إنما معناه هو الذي جعل الاثنين ثلاثة بنفسه فمعناه الفعل كأنه قال الذي ثلثهم وربعهم وخمسهم وعلى هذا قوله تعالى: «ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم» ومثله: «سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم.... رجما بالغيب» ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم وعلى هذا الوجه يجوز أن ينون وينصب ما بعده فتقول: هذا ثالث اثنين ورابع ثلاثة لأنه مأخوذ ثلثهم وربعهم فهو بمنزلة هذا ضارب زيدا والأول أكثر قال سيبويه: قلما تريد العرب هذا يعني خامس أربعة فإن أضفته فهو بمنزلة ضارب زيد فتكون الاضافة غير محضة هذا إذا أريد به الحال أو الاستقبال فان أريد به الماضي لم يجز فيه إلا حذف التنوين والإضافة كما كان كذلك في قولك هذا ضارب زيد أمس.
2-
التعجب وصيغة في العربية:
التعجب انفعال يحدث في النفس عند الشعور بأمر خفي سببه ولهذا يقال: إذا ظهر السبب بطل العجب ولا يطلق على الله انه متعجب إذ لا شيء يخفى عليه وما وقع مما ظاهره ذلك في القرآن فمحمول على انه مصروف الى المخاطب نحو قوله تعالى فما أصبرهم على النار أي أن حالهم في ذلك اليوم ينبغي لك أيها المخاطب أن تتعجب وقيل التعجب هو استعظام فعل فاعل ظاهر المزية فيه، وقوله تعالى هنا «أبصر به وأسمع» ذهب العلماء فيه ثلاثة مذاهب:
1-
انه بلفظ الأمر ومعناه الخبر والباء مزيدة في الفاعل إصلاحا
للفظ فإن قلت كيف تكون الهاء فاعلا وهي ضمير نصب أو جر قلت إنما هو اصطلاح وساغ ذلك لوجود الباء لفظا قبلها ولأن الباء إنما زيدت ليصير على صورة المفعول.
2-
ان الفاعل ضمير المصدر.
3-
ان الفاعل ضمير المخاطب واحتج القائلون بذلك على انه لا يعهد استعمال الأمر في الماضي وانما التزم إفراده وتذكيره فلم يثن ولم يجمع ولم يؤنث لأنه كلام جرى مجرى المثل وهذه إحدى صيغ التعجب القياسية.
والثانية ما أفعله وهاتان الصيغتان هما المبوب لهما في كتب النحو وهما القياسيتان ومعنى ما كما قال سيبويه انها نكرة تامة بمعنى شيء وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب وما بعدها من الجملة الفعلية في موضع رفع خبرها وهذا هو المذهب الصحيح لأن قصد المتعجب الإعلام بأن المتعجب منه ذو مزية إدراكها جلي وسبب الاختصاص بها خفي فاستحقت الجملة المعبر بها عن ذلك أن تفتح بنكرة غير مختصة ليحصل بذلك إبهام متلو بافهام.
وهنالك صيغ أخرى للتعجب واردة في الكتاب والحديث ولسان العرب فمن الكتاب «كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم» ومن الحديث قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة «سبحان الله ان المؤمن لا ينجس» ومن كلام العرب «لله دره فارسا» ولكن النحاة لم يبوبوا لهذه الصيغ لأنها لم تدل على التعجب بالوضع بل بالقرينة.
مسائل هامة:
1-
لا يتعجب الا من معرفة أو نكرة مختصة فلا يقال ما أسعد رجلا لأنه لا فائدة من ذلك.
2-
يجوز حذف المتعجب منه إذا كان ضميرا كقول علي بن أبي طالب كما قيل:
جزى الله عني والجزاء بفضله
…
ربيعة خيرا ما أعف وأكرما
أي ما أعفها وأكرمها وإنما قلنا كما قيل لأن هذا البيت لم يثبت لعلي وفي القاموس في مادة «ودق» نقلا عن المازني وصوبه الزمخشري انه لم يصح انه تكلم بشيء من الشعر غير بيتين وهما قوله:
تلكم قريش تمناني لتقتلني
…
فلا وربك لا برّوا ولا ظفروا
وإن هلكت فرهن ذمتي لهم
…
بذات ودقين لا يعفو لها أثر
وفي باب أفعل به إن كان معطوفا على آخر مذكور معه كما في الآية: «أبصر به وأسمع» وانما حذف مع كونه فاعلا لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلة وشذ حذفه دون أن يعطف على مثله كقول عروة ابن الورد:
فذلك إن يلق المنية يلقها
…
حميدا وإن يستغن يوما فأجدر
فحذف المتعجب منه ولم يكن معطوفا على مثله.
هذا ولا يبنى هذان الفعلان إلا مما اجتمعت فيه ثمانية شروط:
1-
أن يكون فعلا وشذ قولهم ما أذرع المرأة بنوه من قولهم امرأة ذراع والذراع كسحاب: الخفيفة اليدين بالغزل وروى ابن القطاع في الأفعال ذرعت المرأة خفت يدها في العمل فهي ذراع وعلى هذا لا شذوذ في قولهم ما أذرع المرأة ومن ذلك قولهم ما أجدره بكذا
وما أقمنه بكذا فالأول بنوه من قولهم هو قمين بكذا والثاني من قولهم هو جدير بكذا والمعنى فيهما ما أحقه بكذا ولا فعل لهما ولكن قال في القاموس «وقد جدر ككرم جدارة وإنه لمجدرة أن يفعل ومجدور أي مخلقة وجدره جعله جديرا» وطاح كلام النحاة من أساسه.
2-
أن يكون الفعل ثلاثيا فلا يبنيان من رباعي مجرد ولا مزيد فيه ولا ثلاثي مزيد بحرف أو حرفين أو ثلاثة إلا وزن أفعل فقيل يجوز بناؤهما منه سواء كانت الهمزة فيه للنقل أم لا نحو ما أظلم الليل وما أفقر هذا المكان وقيل هو شاذ يحفظ ما سمع منه كما تقدم ولا يقاس عليه وقالوا: ما أعطاه للدرهم وما أولاه للمعروف وما أتقاه الله وشذا كذلك ما أخصره لأنه من اختصر.
3-
أن يكون الفعل متصرفا لأن التصرف فيما لا يتصرف نقض لوضعه وشذ ما أعساه وأعسى به.
4-
أن يكون معناه قابلا للتفاضل أو التفاوت فلا يبنيان من نحو فني ومات وغرق لأنه لا مزية فيه لبعض فاعليه على بعض حتى يتعجب منه.
5-
أن يكون مبنيا للمعلوم فلا يبنيان من المبني للمجهول وبعضهم استثنى ما كان ملازما للبناء على المجهول نحو عنيت بحاجتك وزهي علينا فيجيز التعجب لعدم اللبس فتقول ما أعناه بحاجتك وما أزهاه علينا.
6-
أن يكون تاما فلا يبنيان من نحو كان وكاد وصار لأنهن نواقص وحكى ابن السراج والزجاج: ما أكون زيدا قائما.
7-
أن يكون مثبتا فلا يبنيان من منفي سواء كان ملازما للنفي نحو ما عاج بالدواء أي ما انتفع به ومضارعه يعيج ملازم للنفي أيضا
كذا قال النحاة وطاح كلامهم بوروده غير منفي، روى أبو علي القالي في نوادره: أنشدنا ثعلب عن ابن الاعرابي:
ولم أر شيئا بعد ليلى ألذه
…
ولا مشربا أروى به فأعيج
أي أنتفع به أم غير ملازم للنفي لئلا يلتبس المنفي بالمثبت.
8-
أن لا يكون اسم فاعله على وزن أفعل فعلاء فلا يبنيان من نحو عرج فهو أعرج من العيوب وشهل فهو أشهل من المحاسن وخضر الزرع فهو أخضر من الألوان ولمي فهو ألمى من الحلي لأن الألوان والعيوب والمحاسن الظاهرة جرت مجرى الخلق الثابتة التي لا تزيد ولا تنقص كاليد والرجل وسائر الأعضاء في عدم التعجب منها.
شرط تاسع:
وهناك شرط تاسع أغفله الكثير من النحاة مع أنه مهم جدا وهو أن لا يستغنى عنه بالمصوغ من غيره نحو قال من القائلة فانهم لا يقولون ما أقيله استغناء بقولهم ما أكثر قائلته، ذكره سيبويه ونحو سكر وقعد وجلس فانهم لا يقولون ما أسكره وأقعده وأجلسه استغناء بقولهم ما أشد سكره وأكثر قعوده وجلوسه وزادّ ابن عصفور قام وغضب ونام، وحكى سيبويه ما أنومه وقالوا أنوم من فهد.
كيف يتم التوصل الى التعجب مما فقد بعض الشروط:
ويتوصل الى التعجب من الزائد على الثلاثي ومما وصفه على أفعل فعلاء بما أشد ونحوه وبنصب مصدرهما بعده وبأشدد ونحوه وبجر مصدرهما بعده فتقول ما أشد انطلاقه أو حمرته وأشدد بانطلاقه وحمرته والمنفي والمبني للمجهول يكون مصدرهما مؤولا لا صريحا
نحو ما أكثر أن لا يقوم وما أشد ما ضرب واشدد بهما وأما الناقص فيؤتى بمصدره إن كان له مصدر على نحو ما تقدم نحو ما أشد صيرورته جميلا وأما الجامدة وغير القابل للتفاوت فلا يتعجب منهما البتة.
3-
القول في أحد، والفرق بين الأحد والواحد:
أحد أكمل من الواحد ألا ترى أنك إذا قلت: فلان لا يقوم له واحد جاز في المعنى أن يقوم له اثنان فأكثر بخلاف قولك لا يقوم له أحد وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد تقول ليس في الدار أحد فيجوز أن يكون من الدواب والطير والوحش والإنس فيعم الناس وغيرهم بخلاف ليس في الدار واحد فإنه مخصوص بالآدميين.
ويأتي الأحد في كلام العرب بمعنى الواحد فيستعمل في النفي والإثبات نحو «قل هو الله أحد» أي واحد، وأول «فابعثوا أحدكم بورقكم» وبخلافهما فلا يستعمل إلا في النفي تقول ما جاءني من أحد ومنه قوله تعالى:«أيحسب أن لن يقدر عليه أحد» وواحد يستعمل فيهما مطلقا وأحد يستعمل في المذكر والمؤنث قال تعالى «لستنّ كأحد من النساء» بخلاف الواحد فلا يقال كواحد من النساء بل كواحدة، وأحد يصلح للأفراد والجمع ولهذا وصف به في قوله «من أحد عنه حاجزين» بخلاف الواحد والأحد له جمع من لفظه وهو الأحدون والآحاد وليس للواحد جمع من لفظه فلا يقال واحدون بل اثنان وثلاثة، والأحد ممتنع من الدخول في شيء من الحساب بخلاف الواحد فتلخص من ذلك سبعة فروق.
4-
قصة انقطاع الوحي لفترة محدودة:
ولا بد هنا من تفصيل قصة انقطاع الوحي فقد ذكر الرواة أن قريشا لجأت الى وسيلة رهيبة لتكافح بها تأثير القرآن فأوفدت الى يهود يثرب فدا يسألها عن الوسائل التي تستطيع أن تقاوم بها هذا الذي جاء به محمد فطلب منهم اليهود أن يسألوا النبي عن أمور فلما عادوا الى مكة ذهبوا اليه وقالوا يا محمد أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصة عجب وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وأخبرنا عن الروح ما هي؟ فقال لهم النبي:
- أخبركم عما سألتم غدا.
وكان رسول الله ينتظر أن ينزل عليه وحي فيه جواب ما سألت عنه قريش ولكن الوحي أبطأ على النبي خمسة عشر يوما وطارت قريش فرحا بعجزه عن الجواب وقالت وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه وقد أحزن النبي انقطاع الوحي عنه حزنا شديدا وزاد في قلقه ما كان يتكلم به أهل مكة وفي ختام هذا اليوم نزل جبريل فابتدره بقوله:
- لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا فرد عليه جبريل بالآية الكريمة: «وما نتنزل إلا بأمر ربك، له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا» ثم أخذ جبريل يلقن النبي سورة «الكهف» وفيها- كما سيأتي- رد على ما سألت قريش وتفصيل رائع لكثير من الأمور التي تشغل الأذهان إذ ذاك وقد أخذت عليهم إجابات سورة الكهف السبيل فلم يحيروا ردا ولا جوابا.