الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (24)
* * *
* قالَ الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24].
* * *
وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} .
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً} أي: صيَّرْنا، والجَعْل هنا كونيٌّ، وغالِبُ الجَعْلِ المذكور في القرآن كونيٌّ، وإن كان يأتي بمعنى الشَّرْعيِّ؛ مثل قوله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ} إذ المعنى: ما جعله شَرْعًا وأمَّا كَوْنًا فقد وقع.
وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ} أي: مِنْ بني إسرائيل.
وقوله رحمه الله: [{أَئِمَّةً} بتحقيقِ الهمزتين وإبدال الثانية ياءً] هذه هي تفسيرٌ للأئِمَّة، فـ (أئمة) هذا تحقيق، و (أَيِمَّة) إبدال الثانية ياءً، وكثيرٌ من القُرَّاء عندنا يقرؤونها بالتَّسْهيل دائمًا يقولون:(أَيِمَّة).
وقوله رحمه الله: [قادة] تفسير لأئِمَّة؛ لأنَّ الإمامَ هو الشَّيْء الذي يُقتدَى به ويُتَّبَع.
وقوله رحمه الله: [{يَهْدُونَ} النَّاسَ {بِأَمْرِنَا}]{يَهْدُونَ} أي يَدُلُّون النَّاس، والمراد بالهدايَةِ هنا هدايَةُ الدَّلالَةِ؛ لأن هدايَةَ التَّوْفيق لا تكونُ إلا لله سبحانه وتعالى لكن هذه هدايَةُ دلالَةٍ.
وقوله تعالى: {بِأَمْرِنَا} يُحتَمَل أن يكون الأمْر الشَّرْعي أو الأَمْر الكَوْني، فإن كان المرادُ به الشَّرْعيَّ، فالمعنى: يَهْدُون النَّاسَ بالشَّرْع؛ أي: إليه، وإن كان الأَمْرُ قَدَرِيًّا فالمعنى: أنَّهُم يَهْدونَ ذلك وَيدُلُّونهم بقَدَرِنا وتَقْدِيرنا، والحقيقةُ: أنَّ الأَمْر هنا شاملٌ للمعنيينِ جميعًا.
وقوله رحمه الله: [{لَمَّا صَبَرُوا} على دينهم وعلى البلاءِ مِنْ عَدُوِّهِم، وفي قراءةٍ بِكَسْرِ اللام وتخفيف الميم] وهي: (لِمَا صَبَرُوا)].
فقوله سبحانه وتعالى: {لَمَّا صَبَرُوا} لما هذه فيها قراءتان: قراءة: (لِمَا صَبَرُوا)، وقراءة:{لَمَّا صَبَرُواْ} ، أما على قراءَةِ:{لَمَّا صَبَرُواْ} فهي بمعنى حينَ، فهي إذن ظَرْف، وأما على قراءة (لِمَا صَبَرُوا) فاللَّامُ حَرْفُ جَرٍّ و (ما) مَصْدَرِيَّة؛ أي: لصَبْرِهم، وتكون اللام هنا لامَ التَّعليل.
وقوله سبحانه وتعالى: {صَبَرُوا} قال المُفَسِّر رحمه الله: [على دينهم وعلى البَلاءِ من عَدُوِّهم]، وهذا هو الحق، فيقول: الصَّبْرُ هنا على أحكامِ الله الكَوْنيَّة والشَّرعيَّة؛ فالشَّرعيَّة على دِينِهِم، والكَوْنِيَّة على قوله رحمه الله:[وعلى البلاءِ مِن عَدُوِّهم].
وقوله رحمه الله: [{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا} الدالَّةِ على قُدْرَتِنا ووَحْدَانِيَّتنا {يُوقِنُونَ}]{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} الواو حرف عطف، و (كان) معطوفَةٌ على {صَبَرُواْ} ، يعني لهذين الأَمْرَينِ: الصَّبْرِ واليقينِ، واليقينُ هو أعلى درجاتِ الإيمان؛ لأنَّ اليقينَ معناه: أنه يقينٌ لا تَزَعْزُعَ معه ولا شَكَّ فيه، وقد قيل:(بالصَّبْر واليَقينِ تُنالُ الإمامةُ في الدِّينِ)، وهي مأخوذَةٌ من هذه الآيَةِ:{لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} .
وقوله رحمه الله: [{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا} الدَّالَّة على قُدْرَتنا ووَحْدانِيَّتنا] يَشْمَلُ الآياتِ الشَّرعيَّةَ والكونيَّةَ.