المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (11) * قالَ الله عز وجل: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ - تفسير العثيمين: السجدة

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآيتان (1، 2)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الآية (3)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَّةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الآية (4)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الآية (5)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (6)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الآيات (7 - 9)

- ‌يُسْتَفاد من قَوْلهِ تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ}:

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌يُسْتَفاد من قَوْلهِ تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}:

- ‌‌‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَّةُ:

- ‌يُسْتَفاد من قَوْلهِ تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ…} إلى آخره:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الآية (10)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (11)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (12)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (13)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الآية (14)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (15)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الآية (16)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (17)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (18)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الآية (19)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (20)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (21)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (22)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (23)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (24)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (25)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (26)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (27)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآيتان (28، 29)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (30)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

الفصل: ‌ ‌الآية (11) * قالَ الله عز وجل: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ

‌الآية (11)

* قالَ الله عز وجل: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: 11].

* * *

قوله رحمه الله: [{قُلْ} لهم {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أي: بِقَبْضِ أرواحِكُم]{يَتَوَفَّاكُمْ} يَقْبِضُكُم، كما تقول: توفَّيتُ حقِّي من فلانٍ؛ أي: طَلَبْتُه وكذلك استوفَيْتُه؛ أي: قَبَضْتُه على سبيل الوفاء وهو الكمالُ، فمعنى يتوفَّاكُم أي يَقْبِضُكم، والمراد قَبْضُ الأَرْواح.

وقوله سبحانه وتعالى: {مَلَكُ الْمَوْتِ} مَلَكٌ: مُفْرَد ملائِكَةٍ، أو مُفْرَدُ أَمْلاك، وهو مُشْتَقٌّ من الأَلُوكَةِ بمعنى الرِّسالَةِ، وعلى هذا فأصْلُه مَأْلَكٌ، ثم حُوِّل فقُدِّمَتِ اللَّام وأُخِّرَت الهمزةُ، فكانت (مَلْأَك) ثم خُفِّفَ فحُذِفَتِ الهمزةُ فصار: مَلَكًا؛ ولهذا إذا جُمِع جاءت الهمْزَة فقيل: ملائكة، ولا يقال: مَأَلِكَة؛ لأنَّ فيه إعلالًا بالتَّحويلِ؛ يعني: تقديم وتأخير وهو من الأَلُوكَة؛ أي: الرِّسالة؛ فمَلَكُ الموتِ معناه الذي أَرْسَلَه الله سبحانه وتعالى لقَبْضِ الأرواح؛ كما قال سبحانه وتعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61].

وقوله سبحانه وتعالى: {مَلَكُ الْمَوْتِ} أُضِيفَ إلى الموت؛ لأنه يُميتُ النَّاسَ بإذن الله، فسُمِّيَ مَلَكَ الموت، وقد سُمِّيَ في بعض الآثارِ بعِزْرَائِيلَ، ولكنَّه لم يَصِحَّ

ص: 57

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد صَحَّ من أسمائهم: جِبْرائِيلُ ومِيكائيلُ وإِسْرافيلُ

(1)

ومالِكٌ خازِنُ النَّارِ ورِضْوانُ خازِنُ الجنَّة

(2)

.

وعلى كلِّ حالٍ: عِزْرائيلُ لم يَثْبُت عن الرَّسُول عليه الصلاة والسلام على الرَّغْمِ أنَّ هذا الإسم أشْهَرُ أسماءِ الملائكة عند العامَّة.

وقوله سبحانه وتعالى: {الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} وكَّلَهُ الله عز وجل، وهذا التَّوْكيلُ ليس توكيلًا لحاجَةٍ، ولكنَّه توكيلُ سُلْطانٍ وعظمة؛ لأنَّ الرَّبَّ عز وجل لا يحتاج إلى أحد يُعِينُه، وَكُلُّ من وُكِّلَ مِنَ الملائكة بشيءٍ فَلَيْسَ ذلك على سبيل الحاجَةِ، أمَّا أنا إذا وَكَّلْتُ أحدًا فقد أكون محتاجًا إلى هذا؛ لأنَّني لا أستطيع مُباشَرَةَ العمل، لكِنْ ربُّنا عز وجل لا يحتاج، وإذا أراد شيئًا قال له كُنْ فيكونُ، لكنَّه يُوَكِّلُ ذلك توكيلَ سُلْطانٍ وعَظَمَة؛ لبيان سُلْطانه وعَظَمَتِه، وأنَّ كلَّ شيء في خِدْمَته سبحانه وتعالى، وفي عبادته.

وقوله تعالى: {الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أي: وَكَّلَه الله؛ إذن الله وَكيلٌ ومُوَكِّلٌ؛ قال تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 3] ومُوَكِّلٌ كما في قوله سبحانه وتعالى: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا} [الأنعام: 89] وهنا قال: {الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} ولكنْ ليس كونُه وكيلًا بمعنى أنه مُتَوَكِّل لغيره، والمُوَكِّل أعْلى منه كما هو مَعْهودٌ، ولكنَّه وكيلٌ بمعنى رَقيب على عباده مُهَيْمِن عليهم.

وقوله عز وجل: {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} هنا مُفْرَدٌ {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ} وفي آية أخرى في سورة الأنعام {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} فقال: {رُسُلُنَا} فجمَعَ،

(1)

أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (770)، من حديث عائشة رضي الله عنهما.

(2)

أخرجه الدارقطني في جزء رؤية الله رقم (64)، من حديث أنس رضي الله عنه.

ص: 58

وفي آية أخرى قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} في الزُّمَر، فكيف نَجْمَعُ بين هذه الآيات الثَّلاثِ؟

الجوابُ: جمع أهل العلم بينهُنَّ: بأنَّ قولَه تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} هذا هو الأَصْلُ، أما المتوفِّي هو الله لأنَّه المُدَبِّرُ، المدبِّرُ للشيء، والمدبِّرُ للشيء فاعلٌ له؛ كما تقول: بنى المَلِكُ قصرًا للحُكْم؛ فهل يعني ذهب وجاء بالزنبيل وجاء بالفاروعِ، وجاء بالمِسْحَاة، وجاء بالماءِ وجَهَّز الطينَ وحمل على مَتْنِه ليبنِيَ؟

الجوابُ: ليس المعنى كذلك؛ إذن معنى بناه؛ أي: أَمَرَ ببنائِهِ، لكنْ لما كان هذا البناءُ لا يتِمُّ إلا بأَمْرِه أُسْنِدَ إليه؛ فالله تعالى يتوفَّى الأَنْفُسَ فلا يكون تَوَفِّيها إلا بأمره، فأُسْنِدَتِ الوفاةُ إليه.

أما قوله تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} وقوله تعالى: {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} فإمَّا أن يقال: إنَّ مَلَكَ الموت هنا مفردٌ مضاف، وهذا له وَجْهٌ في اللُّغَة العربِيَّة، لكن ليس بصحيحٍ من ناحِيَة الواقِعِ، ولكنَّ الواقِعَ أن مَلَكَ الموتِ له أعوانٌ، له أعوانٌ قَبْل قَبْضِ الرُّوح، وأعوانٌ بَعْد قَبْضِ الرُّوح؛ فالأعوانُ قبل القَبْضِ يسوقونَ الرُّوحَ من البَدَن حتى تَصِلَ إلى الحُلْقُومِ ثم يَقْبِضُها، وأعوانٌ بعد ذلك إذا قبضها فهناك ملائِكَةُ الرَّحمة تنتظِرُ هذه الرُّوحَ بالكَفَنِ الذي من الجَنَّة فلا يَدَعُونَها في يده طَرْفَةَ عين حتى يَقْبِضوها ويَجْعَلوها في ذلك الكفَنِ، وإن كان الإنسانُ بالعَكْس - والعياذ بالله - فيكون عنده ملائِكَةُ العذابِ، معهم كفنٌ من نار لا يَدَعُونها في يده طَرْفَةَ عينٍ.

فيكون هنا المرادُ: الجمع بينهما: أنَّ إسنادَ الوفاة إلى الرُّسُل إلى الملائكة وهم جَمْعٌ؛ لأنَّهُم أعوانُ مَلَكِ الموتِ، فكان لهم نَوْعُ مُشارَكَةٍ في هذا الفعل، ومَلَكُ الموت هو الذي يقبضها إذا بلغت الحُلْقُومَ، وبهذا الجَمْعِ يزول الإشكالُ.

ص: 59