الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله رحمه الله: [{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} دلالاتٍ على قُدْرَتِنا] ولو قال المُفَسِّر رحمه الله: "وعلى انتقامِنا من المُجْرمينَ" لكان أَوْلى وأَنْسَبَ، لأنَّ المقامَ الآن مقامُ اعتبارٍ بما جرى، فيكون هذا فيه دلالَةٌ على الإنتقام من المكَذِّبينِ، فيكون أدعى للإعتبارِ.
وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ} هذا للتَّوْبيخِ، الإسْتِفْهامُ للتَّوْبيخ، والمرادُ: قال المُفَسِّر: [{أَفَلَا يَسْمَعُونَ} سَماعَ تدبُّرٍ واتِّعاظٍ] وإلا فهم يسمعون سماعَ إدراكٍ، لكنْ سماعُ الإدراكِ لا يُجْزِئ، بل يَضُرُّ، فإذا لم تنتفِعْ بسماعِ الإدراك - يعني بالأذن - كان ضررًا عليك، كما أنَّ العِلْمَ إذا لم تَنْتَفِعْ به كان ضررًا، فالمراد هنا: سَماعُ الإتِّعاظِ والإعْتِبارِ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى:
استعمالُ ضرْبِ الأمثالِ؛ تُؤخَذُ من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا} يعني: فإذا كنَّا أهْلَكْنا مَنْ قَبْلَهُم فسَنُهْلِكُهُم إذا كانوا مِثْلَهم؛ ولهذا قال الله عز وجل في سورة يوسف: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:
الإستدلالُ بالشَّيْء المحسوسِ على الشَّيْء المعقولِ؛ لقوله تعالى: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} ؛ أو بعبارة أخرى: الإستدلالُ بِعَيْنِ اليقينِ على صِدْقِ عِلْمِ اليقين؛ فقوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ} هذا عِلْمُ اليقينِ، وقوله تعالى:{يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} هذا عين اليَقينِ.