الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَذْفُ الثَّانِيَةِ. وَفِي الْكَلَامِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالْمُجَازَاةِ، أَيْ مَنْ تَبِعَكَ عَذَّبْتُهُ. وَلَوْ قُلْتَ: مَنْ تَبِعَكَ أُعَذِّبُهُ لَمْ يَجُزْ، إِلَّا أَنْ تُرِيدَ لَأُعَذِّبُهُ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ" لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ" بِكَسْرِ اللَّامِ. وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَتَقْدِيرُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- مِنْ أَجْلِ مَنْ تَبِعَكَ. كَمَا يُقَالُ: أَكْرَمْتُ فُلَانًا لَكَ. وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى: الدَّحْرُ لِمَنْ تَبِعَكَ. وَمَعْنَى" مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ" أَيْ مِنْكُمْ وَمِنْ بَنِي آدَمَ، لِأَنَّ ذِكْرَهُمْ قَدْ جَرَى إِذْ قَالَ:" وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ" خَاطَبَ وَلَدَ آدَمَ.
[سورة الأعراف (7): آية 19]
وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (19)
قَالَ لِآدَمَ بَعْدَ إِخْرَاجِ إِبْلِيسَ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنَ السَّمَاءِ: اسْكُنْ أَنْتَ وَحَوَّاءُ الْجَنَّةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ «1» مَعْنَى الْإِسْكَانِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ هُنَاكَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
[سورة الأعراف (7): آية 20]
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما مَا وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (20)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) أَيْ إِلَيْهِمَا. قِيلَ: دَاخِلَ الْجَنَّةِ بِإِدْخَالِ الْحَيَّةِ إِيَّاهُ وَقِيلَ: مِنْ خَارِجٍ بِالسَّلْطَنَةِ «2» الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي الْبَقَرَةِ. وَالْوَسْوَسَةُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَالْوَسْوَسَةُ: حَدِيثُ النَّفْسِ يُقَالُ: وَسْوَسَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَسْوَسَةً وَوِسْوَاسًا (بِكَسْرِ الْوَاوِ). وَالْوَسْوَاسُ (بِالْفَتْحِ): اسْمٌ مِثْلُ الزَّلْزَالِ. وَيُقَالُ لِهَمْسِ الصَّائِدِ وَالْكِلَابِ وَأَصْوَاتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاسٌ. قَالَ الأعشى:
(1). راجع ج 1 ص 298. وص 204.
(2)
. في ج: بالشيطة.
تَسْمَعُ لِلْحَلْيِ وَسْوَاسًا إِذَا انْصَرَفَتْ
…
كَمَا اسْتَعَانَ بِرِيحٍ عِشْرِقٌ زَجِلُ «1»
وَالْوَسْوَاسُ: اسْمُ الشَّيْطَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ «2»). (لِيُبْدِيَ لَهُما) أَيْ لِيُظْهِرَ لَهُمَا. وَاللَّامُ لَامُ الْعَاقِبَةِ كَمَا قَالَ (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً «3») وَقِيلَ: لام كي و (وُورِيَ) أَيْ سُتِرَ وَغُطِّيَ عَنْهُمَا. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ القرآن أورى مثل أقتت ومن سوءاتهما من (عوراتها «4») وَسُمِّيَ الْفَرْجُ عَوْرَةً لِأَنَّ إِظْهَارَهُ يَسُوءُ صَاحِبَهُ. وَدَلَّ هَذَا عَلَى قُبْحِ كَشْفِهَا فَقِيلَ: إِنَّمَا بدت سوءاتهما لَهُمَا لَا لِغَيْرِهِمَا كَانَ عَلَيْهِمَا نُورٌ «5» لَا تُرَى عَوْرَاتُهُمَا فَزَالَ النُّورُ. وَقِيلَ: ثَوْبٌ فَتَهَافَتَ «6» ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ)(أَنْ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، بِمَعْنَى إِلَّا، كَرَاهِيَةَ أَنْ فحذف المضاف. هذا قول البصرين. وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ: لِئَلَّا تَكُونَا. وَقِيلَ: أَيْ إِلَّا أَلَّا تَكُونَا مَلَكَيْنِ تَعْلَمَانِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَقِيلَ طَمِعَ آدَمُ فِي الْخُلُودِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَمُوتُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَبَيَّنَ اللَّهُ عز وجل فَضْلَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَمِنْهَا هَذَا وَهُوَ (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ). وَمِنْهُ (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ «7»). ومنهَ- لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
«8» وَقَالَ الْحَسَنُ: فَضَّلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالصُّوَرِ. وَالْأَجْنِحَةِ وَالْكَرَامَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَضَّلَهُمْ جَلَّ وَعَزَّ بِالطَّاعَةِ وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ، فَلِهَذَا يَقَعُ التَّفْضِيلُ في كل شي. وَقَالَ ابْنُ فُورَكَ. لَا حُجَّةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَلَكَيْنِ فِي أَلَّا يَكُونَ لَهُمَا شَهْوَةٌ فِي طَعَامٍ. وَاخْتِيَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالزَّجَّاجِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ تَفْضِيلُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ «9». وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فُضِّلُوا عَلَى الْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ، غَيْرَ طَائِفَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمَلَكَ الْمَوْتِ، لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ رُسُلِ اللَّهِ. وَتَمَسَّكَ كُلُّ فَرِيقٍ بِظَوَاهِرَ مِنَ الشَّرِيعَةِ، وَالْفَضْلُ بِيَدِ اللَّهِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ" مَلِكَيْنِ" بِكَسْرِ اللَّامِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ أَبِي «10» كَثِيرٍ وَالضَّحَّاكِ. وأنكر
(1). العشرق كزبرج: شجر قدر ذراع له حب صغار إذا جف صوت بمر الريح.
(2)
. راجع ج 20 ص 261.
(3)
. راجع ج 13 ص 252.
(4)
. من ج وك وى. [ ..... ]
(5)
. النور بفتح النون: الزهر.
(6)
. تهافت: تساقط.
(7)
. راجع ج 9 ص 25.
(8)
. راجع ج 6 ص 26.
(9)
. راجع ج 1 ص 289.
(10)
. من ب وع وز.