الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) أَيْ جِهَةَ اللِّقَاءِ وَهِيَ جِهَةُ الْمُقَابَلَةِ. وَلَمْ يَأْتِ مَصْدَرٌ عَلَى تِفْعَالٍ غَيْرَ حَرْفَيْنِ «1» : تِلْقَاءٌ وَتِبْيَانٌ. وَالْبَاقِي بِالْفَتْحِ، مِثْلَ تَسْيَارٍ وَتَهْمَامٍ وَتَذْكَارٍ. وَأَمَّا الِاسْمُ بِالْكَسْرِ فِيهِ فَكَثِيرٌ، مِثْلَ تِقْصَارٍ وَتِمْثَالٍ. قَالُوا أَيْ قَالَ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ. (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) سَأَلُوا اللَّهَ أَلَّا يَجْعَلَهُمْ مَعَهُمْ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُمْ مَعَهُمْ. فَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّذَلُّلِ، كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ:" رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا «2» " وَيَقُولُونَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ لِلَّهِ عز وجل. وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ لَذَّةٌ.
[سورة الأعراف (7): الآيات 48 الى 49]
وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. (قالُوا مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) أَيْ لِلدُّنْيَا وَاسْتِكْبَارُكُمْ عَنِ الْإِيمَانِ. (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْفُقَرَاءِ، كَبِلَالٍ وَسَلْمَانَ وَخَبَّابٍ وَغَيْرِهِمْ. (أَقْسَمْتُمْ) فِي الدُّنْيَا. (لَا يَنالُهُمُ اللَّهُ) فِي الْآخِرَةِ. (بِرَحْمَةٍ) يُوَبِّخُونَهُمْ بِذَلِكَ. وَزِيدُوا غَمًّا وَحَسْرَةً بِأَنْ قَالُوا لَهُمْ (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ" دَخَلُوا الْجَنَّةَ" بِغَيْرِ أَلِفٍ وَالدَّالُ مَفْتُوحَةٌ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ" أُدْخِلُوا الْجَنَّةَ" بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ «3» . وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ مَلَائِكَةٌ أَوْ أَنْبِيَاءُ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ إِخْبَارٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ جَعَلَ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ الْمُذْنِبِينَ كَانَ آخِرَ قَوْلِهِمْ لِأَصْحَابِ النَّارِ" وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ" وَيَكُونُ" أَهؤُلاءِ الَّذِينَ" إِلَى آخِرِ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ النَّارِ تَوْبِيخًا لَهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الدُّنْيَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْأَوَّلُ عَنِ الحسن. وقيل: هو من كلام الملائكة
(1). الذي في المصباح: قالوا ولم يجئ بالكسر إلا تبيان وتلقاء والتنضال. قلت: في هذه الصيغة خلاف.
(2)
. راجع ج 18 ص 197.
(3)
. فعل ماض مبنى للمجهول كما في أبى حيان.