الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذُكِرَ أَنَّ مُوسَى بَشَّرَ بِهِ، وَأَنَّ عِيسَى بَشَّرَ بِهِ. ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ بِنَفْسِهِ" إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً". وَ (كَلِماتِهِ) كَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى كُتُبُهُ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ والقرآن.
[سورة الأعراف (7): آية 159]
وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)
أَيْ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى الْهِدَايَةِ. وَ (يَعْدِلُونَ) مَعْنَاهُ فِي الْحُكْمِ. وَفِي التَّفْسِيرِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ وَرَاءِ الصِّينِ، مِنْ وَرَاءِ نَهَرِ الرَّمْلِ، يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ، آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ وَتَرَكُوا السَّبْتَ، يَسْتَقْبِلُونَ قِبْلَتَنَا، لَا يَصِلُ إِلَيْنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَا مِنَّا إِلَيْهِمْ أَحَدٌ. فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مُوسَى كَانَتْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَكُونُوا بَيْنَ ظَهَرَانَيْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَخْرَجَهُمُ اللَّهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ أَرْضِهِ فِي عُزْلَةٍ مِنَ الْخَلْقِ، فَصَارَ لَهُمْ سَرَبٌ فِي الْأَرْضِ، فَمَشَوْا فِيهِ سَنَةً وَنِصْفَ سَنَةٍ حَتَّى خَرَجُوا وَرَاءَ الصِّينِ، فَهُمْ عَلَى الْحَقِّ إِلَى الْآنِ. وَبَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُمْ بَحْرٌ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِمْ بِسَبَبِهِ. ذَهَبَ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فَآمَنُوا بِهِ وَعَلَّمَهُمْ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ مِكْيَالٌ وَمِيزَانٌ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ مَعَاشُكُمْ؟ قَالُوا: نَخْرُجُ إِلَى الْبَرِيَّةِ فَنَزْرَعُ، فَإِذَا حَصَدْنَا وَضَعْنَاهُ هُنَاكَ، فَإِذَا احْتَاجَ أَحَدُنَا إِلَيْهِ يَأْخُذُ حَاجَتَهُ. قَالَ: فَأَيْنَ نِسَاؤُكُمْ؟ قَالُوا: فِي نَاحِيَةٍ مِنَّا، فَإِذَا احْتَاجَ أَحَدُنَا لِزَوْجَتِهِ صَارَ إِلَيْهَا فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ. قَالَ: فَيَكْذِبُ أَحَدُكُمْ فِي حَدِيثِهِ؟ قَالُوا: لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُنَا أَخَذَتْهُ لَظًى، إِنَّ النَّارَ تَنْزِلُ فَتَحْرِقُهُ. قَالَ: فَمَا بَالُ بُيُوتِكُمْ مُسْتَوِيَةٌ؟ قَالُوا لِئَلَّا يَعْلُوَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ. قَالَ: فَمَا بَالُ قُبُورِكُمْ عَلَى أَبْوَابِكُمْ؟ قَالُوا: لِئَلَّا نَغْفُلَ عَنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ. ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الدُّنْيَا لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أُنْزِلَ عَلَيْهِ:" وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ «1» " يَعْنِي أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عليه السلام. يُعْلِمُهُ أَنَّ الَّذِي أَعْطَيْتُ مُوسَى فِي قَوْمِهِ أَعْطَيْتُكَ فِي أُمَّتِكَ. وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَمَسَّكُوا بِشَرْعِ مُوسَى قَبْلَ نَسْخِهِ، وَلَمْ يُبَدِّلُوا ولم يقتلوا الأنبياء.
(1). راجع ص 329 من هذا لجزء. تأمل هذا مع كون الآية مدينة بالإجماع.