المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌القراآت: لِجِبْرِيلَ مفتوحة الجيم مكسورة الراء غير مهموز: ابن كثير. وقرأ - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ١

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدمة المصنف

- ‌هي النفس ما حمّلتها تتحمّل

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في فضل القراءة والقارئ، وآداب القراءة وجواز اختلاف القراآت، وذكر القراء المشهورين المعتبرين

- ‌ذكر القراء السبعة وتسمية نقلتهم من الرواة وطرقهم من الثقات:

- ‌ذكر الأئمة المختارين وتسمية رواتهم:

- ‌المقدمة الثانية

- ‌نكت في الاستعاذة

- ‌المقدمة الثالثة في مسائل مهمة

- ‌المقدمة الرابعة في كيفية جمع القرآن

- ‌المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك

- ‌المقدمة السادسة في ذكر السبع الطول والمثاني والمئين والطواسيم والحواميم والمفصّل والمسبحات وغير ذلك

- ‌المقدمة السابعة في ذكر الحروف التي كتب بعضها على خلاف بعض في المصحف وهي في الأصل واحدة

- ‌المقدمة الثامنة في أقسام الوقف

- ‌المقدمة التاسعة في تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة

- ‌المقدمة العاشرة في أن كلام الله تعالى قديم أولا

- ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

- ‌(سورة فاتحة الكتاب)

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة البقرة)

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 46]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 54 الى 57]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 60 الى 61]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 62 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 86]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 96]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 101]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 108]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 113]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 123]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 124 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 134]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 152]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 187]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 189]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الوقوف

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 210]

- ‌القراآت:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 214]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 221]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 233 الى 237]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 242]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 251]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ ‌القراآت: لِجِبْرِيلَ مفتوحة الجيم مكسورة الراء غير مهموز: ابن كثير. وقرأ

‌القراآت:

لِجِبْرِيلَ مفتوحة الجيم مكسورة الراء غير مهموز: ابن كثير. وقرأ حمزه وعلي وخلف وعاصم غير حفص ويحيى مفتوحة الراء والجيم مهموزة مشبعا. وقرأ يحيى مختلسا. الباقون: مكسورة الراء والجيم غير مهموز. مِيكالَ أبو عمرو وسهل ويعقوب وحفص، وقرأ أبو جعفر ونافع مختلسا مهموزا. الباقون: ميكائيل مهموزا مشبعا.

‌الوقوف:

لِلْمُؤْمِنِينَ (هـ) لِلْكافِرِينَ (هـ) بَيِّناتٍ (ج) لأن هذه الواو للابتداء أو الحال والحال أوجه لاتحاد القصة الْفاسِقُونَ (هـ) فَرِيقٌ مِنْهُمْ (ط) لأن «بل» للإعراض عن الأول لا يُؤْمِنُونَ (هـ) أُوتُوا الْكِتابَ (ط) قد قيل يوقف لبيان أن كتاب الله مفعول «نبذ» لا بدل مما قبله لا يَعْلَمُونَ (هـ) قد يجوز للآية، والوصل للعطف على نَبَذَ لإتمام سوء اختيارهم في النبذ والاتباع.

‌التفسير:

هذا نوع آخر من قبائح أفعال اليهود، والسبب في نزوله

أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أتاه عبد الله بن صوريا من أحبار فدك فقال: يا محمد، كيف نومك؟ فقد أخبرنا عن نوم النبي صلى الله عليه وسلم الذي يجيء في آخر الزمان، فقال صلى الله عليه وسلم تنام عيناي ولا ينام قلبي. قال: صدقت يا محمد، فأخبرنا عن الولد من الرجل يكون أو من المرأة؟ فقال: أما العظام والعصب والغضروف فمن الرجل، وأما اللحم والدم والظفر والشعر فمن المرأة. فقال صدقت. قال:

فما بال الولد يشبه أعمامه دون أخواله، أو يشبه أخواله دون أعمامه؟ فقال: أيهما غلب ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له. قال: صدقت. قال: أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه وفي التوراة أن النبي الأمي يخبر عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديدا فطال سقمه فنذر لله نذرا إن عافاه الله من سقمه ليحرّمن أحب الطعام والشراب على نفسه وهو لحمان الإبل وألبانها؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال له: بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك. أيّ ملك يأتيك بما تقول عن الله؟ قال:

جبريل قال: ذاك عدونا ينزل بالقتال والشدة، ورسولنا ميكائيل يأتي باليسر والرخاء. فإن كان هو يأتيك آمنا بك. فقال عمر: ما مبدأ هذا العداوة؟ فقال ابن صوريا: إن الله أنزل على نبينا أن بيت المقدس يخرب في زمان رجل يقال له بختنصر، ووصفه لنا فطلبناه فلما وجدناه بعثنا لقتله رجالا فدفع عنه جبريل وقال: إن سلطكم الله على قتله. فهذا ليس هو ذاك وإن

ص: 341

لم يكن إياه فعلى أي حق تقتلونه. ثم إنه كبر وقوي وملك وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا. وأما ميكائيل فإنه عدو لجبريل. فقال عمر: فإني أشهد أن من كان عدوا لجبريل فهو عدو لميكائيل، وهما عدوان لمن عاداهما، فأنكر ذلك على عمر فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين. وقيل: كان لعمر أرض بالمدينة أعلاها، وكان ممره على مدراس اليهود، وكان يجلس إليهم ويسمع كلامهم. فقالوا: يا عمر قد أحببناك وإنا لنطمع فيك.

فقال: والله لا أجيئكم لحبكم ولا أسألكم لأني شاك في ديني، وإنما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم. ثم سألوه فقالوا: من صاحب صاحبكم؟

فقال عمر: جبريل. فقالوا: ذاك عدوّنا يطلع محمدا على أسرارنا، وهو صاحب كل خسف وعذاب، وإن ميكائيل يجيء بالخصب والسلام. فقال لهم: وما منزلتهما من الله؟ قالوا:

أقرب منزلة جبريل وهو عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وميكائيل عدوّ لجبريل. فقال عمر: إن كان كما تقولون فما هما بعدوّين، ولأنتم أكفر من الحمير. ومن كان عدوا لأحدهما كان عدوا للآخر، ومن كان عدوا لهما كان عدوا لله. ثم رجع عمر فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد وافقك ربك يا عمر. قال: لقد رأيتني في دين الله بعد ذلك أصلب من الحجر.

وعن مقاتل: زعمت اليهود أن جبريل عدونا أمر بأن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا. والأقرب في سبب عداوتهم إياه أنه كان ينزل بالقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم كما يشعر بذلك قوله فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ أي إن عاداه أحد فالسبب في عداوته أنه نزل عليك القرآن مصدقا لكتابهم وموافقا له وهم كارهون للقرآن ولموافقته لكتابهم، ولذلك كانوا يحرّفونه ويجحدون موافقته له كقولك «إن عاداك فلان فقد آذيته وأسأت إليه» أو إن عادى جبريل أحد من أهل الكتاب فلا وجه لمعاداته حيث نزل كتابا مصدقا للكتب بين يديه، فلو أنصفوا لأحبوه وشكروا له صنيعه في النزول بما ينفعهم ويصحح المنزل عليهم. ويمكن أن يتوجه الجزاء إلى قوله بِإِذْنِ اللَّهِ إلى آخره. أي إن عاداه أحد فلا وجه لعداوته لأنه لم ينزل بالقرآن من تلقاء نفسه وباختياره وإنما جاء به بإذن الله وأمره الذي لا محيص عنه ولا سبيل إلى مخالفته وجاء به مصدقا هاديا مبشرا، فهو من حيث إنه مأمور وجب أن يكون معذورا، ومن حيث إنه أتى بالهداية والبشارة يلزم أن يكون مشكورا. فعداوة من هذا سبيله عداوة الله، ولو أنه تعالى أمر ميكائيل بذلك لانقاد لأمره أيضا لا محالة ولتوجه الإشكال عليه، فما الوجه في تخصيص جبريل بالعداوة؟ وجبريل ممتنع من الصرف للعلمية والعجمة بشرطها.

وعن ابن عباس وغيره أن معناه عبد الله، والضمير في نزله للقرآن وإن لم يجر له ذكر لأنه كالمعلوم مثل قوله تعالى ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ [فاطر: 45] وهذا النوع من الإضمار فيه

ص: 342

فخامة لشأن صاحبه حيث جعله لفرط شهرته كأنه يدل على نفسه. وأكثر الأمة على أن القرآن إنما نزل على محمد لا على قلبه، لكن خص القلب بالذكر لأن السبب في تمكنه صلى الله عليه وسلم من الأداء ثباته في قلبه، فمعنى على قلبك حفظه إياك وفهمه. وقيل: أي جعل قلبك متصفا بأخلاق القرآن ومتأدبا بآدابه كما

في حديث عائشة «كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن»

وكان حق الكلام أن يقال على قلبي إلا أنه جاء على حكاية كلام الله كما تكلم به كأنه قيل: قل ما تكلمت به من قولي مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ ومعنى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ موافقا لما قبله من كتب الأنبياء فيما يرجع إلى المبادئ والغايات دون الأوساط التي يتطرق إليها الاختلاف بتبدل الأزمان والأوقات. ومعنى قوله هُدىً وَبُشْرى أن القرآن يشتمل على أمرين. أحدهما بيان ما وقع التكليف به من أعمال القلوب وأفعال الجوارح فهو من هذا الوجه هدى، وثانيهما بيان أن الآتي بتلك الأعمال كيف يكون ثوابه فهو من هذا الوجه بشرى، والأول مقدم على الثاني في الوجود فقدم في الذكر أيضا. ولا ريب أن البشرى تختص بالمؤمنين، وأما الهدى فلأنهم هم المنتفعون به كما مر في هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. ولما بين في الآية المتقدمة أن من كان عدوا لجبريل لأجل أنه نزل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وجب أن يكون عدوا لله تعالى، بين في الآية التالية أن من كان عدوا لله وللمخصوصين بكرامته فإن الله يعاديهم وينتقم منهم. والعداوة بالحقيقة لا تصح إلا فينا لأن العدو للغير هو الذي يريد إنزال المضار به، وهذا التصور يستحيل في حقه تعالى من العاقل المتفطن لا الغافل المتغابي. فمعنى قوله مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ أي لأولياء الله كقوله إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المائدة: 33] إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب: 57] . أو يراد بذلك كراهتهم القيام بطاعته وبعدهم عن التمسك بدينه، لأن العدو لا يكاد يوافق عدوه وينقاد لأمره. قال أهل التحقيق: عداوتهم لله وملائكته نتيجة عداوة الله لهم ونظره إليهم في الأزل بالقهر

«هؤلاء في النار ولا أبالي»

كما أن محبة المؤمنين لله نتيجة محبة الله إياهم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة: 54] وذلك أن صفات الله تعالى قديمة وصفات الخلق محدثة، والأولى علة الثانية. وأفرد الملكان بالذكر دلالة على فضلها كأنهما من جنس آخر، فإن التغاير في الوصف قد ينزل منزلة التغاير في الذات، ولأن الآية نزلت فيما يتعلق بهما فحسن أن ينص على اسميهما. وتقديم جبريل في الذكر يدل على أنه أفضل من ميكائيل وأيضا أن جبريل ينزل بالوحي والعلم وذلك سبب بقاء الأرواح، وميكائيل ينزل بالخصب والرزق وهو سبب بقاء الأبدان. والواو في جبريل وميكائيل بمعنى «أو» لأن عداوة أحد هؤلاء توجب عداوة الله كما أن عداوة كلهم توجب ذلك، ويحتمل أن يكون الواو على الأصل ويعرف ما ذكرنا من

ص: 343

القرينة. وقوله لِلْكافِرِينَ من وضع الظاهر موضع المضمر دلالة على أن عداوة هؤلاء كفر. الآيات البينات هي آيات القرآن، ولا يبعد أن تشمل سائر معجزاته وإن كان لفظ الإنزال نابيا عنه بعض النبوّ. ومعنى كون الآية بينة أن العلوم تنقسم إلى ما يكون طريق تحصيله، والدليل الدال عليه أكثر مقدمات فيكون الوصول إليه أصعب، وإلى ما يكون أقل مقدمات فيكون الوصول إليه أقرب وهذا هو الآية البينة. والكفر بها إما جحودها مع العلم بصحتها، وإما جحودها مع الجهل وترك النظر فيها والإعراض عن دلائلها، وليس في الظاهر تخصيص فيدخل الكل فيه، والفسق هو خروج الإنسان عما حد له إلى الفساد ويقرب منه الفجور، لأنه مأخوذ من فجور السد الذي يمنع الماء من أن يصير إلى الموضع الذي يفسد.

عن الحسن: إذا استعمل الفسق في نوع من المعاصي وقع على أعظم ذلك النوع من كفر وغيره. ولهذا لا يوصف صاحب الصغيرة بالفسق وإن تجاوز عن أمر الله تعالى كمن فتح من النهر نقبا صغيرا لا يقال: إنه فجر النهر. وفي قوله إِلَّا الْفاسِقُونَ وجهان: أحدهما أن كل كافر فاسق ولا ينعكس، وكان ذكر الفاسق أولى ليأتي على الكافر وغيره. الثاني أن المراد وما يكفر بها إلا الكافر المتجاوز عن كل حد في كفره. وهذه الآيات لما كانت بينة لم يكفر بها إلا الكافر الذي بلغ في الكفر النهاية القصوى، وهذا نوع آخر من فضائح اليهود. عن ابن عباس أنهم كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعث صلى الله عليه وسلم من العرب كفروا به وجحدوا بما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل: يا معشر اليهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن أهل الشرك، وتخبروننا أنه مبعوث وتصفون لنا صفته. فقال بعضهم: ما جاءنا بشيء من البينات وما هو بالذي كنا نذكر لكم فنزلت. واللام في الْفاسِقُونَ للجنس أو إشارة إلى أهل الكتاب. أَوَكُلَّما الواو للعطف على محذوف معناه أكفروا بالآيات البينات؟ وكلما عاهدوا واليهود موسومون بالغدر ونقض العهود وكم أخذ الله الميثاق منهم ومن آبائهم فنقضوا، وكم عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفوا الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة. وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن من يعتاد منه هذه الطريقة لا يصعب على النفس من مخالفته كصعوبة من لم تجر عادته بذلك. والنبذ الرمي بالذمام ورفضه، وإنما قيل فَرِيقٌ مِنْهُمْ لأن منهم من لم ينقض بل أكثرهم لا يؤمنون بالتوراة وليسوا من الدين في شيء، فلا يعدون نقض المواثيق ذنبا.

وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ أي كتاب لتلازمهما بدليل كتاب الله وهو القرآن، نبذوه بعد ما لزمهم تلقيه بالقبول كأنهم لا يعلمون أنه كتاب الله، يعني أن علمهم بذلك رصين من قبل التوراة ولكن المكابرة هجيراهم، ونبذه وراء ظهورهم مثل لإعراضهم عنه وتركهم العمل به.

وقيل: كتاب الله التوراة لأنهم لكفرهم برسول الله كافرون بها. وعن سفيان: أدرجوه في

ص: 344