المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ١

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدمة المصنف

- ‌هي النفس ما حمّلتها تتحمّل

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في فضل القراءة والقارئ، وآداب القراءة وجواز اختلاف القراآت، وذكر القراء المشهورين المعتبرين

- ‌ذكر القراء السبعة وتسمية نقلتهم من الرواة وطرقهم من الثقات:

- ‌ذكر الأئمة المختارين وتسمية رواتهم:

- ‌المقدمة الثانية

- ‌نكت في الاستعاذة

- ‌المقدمة الثالثة في مسائل مهمة

- ‌المقدمة الرابعة في كيفية جمع القرآن

- ‌المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك

- ‌المقدمة السادسة في ذكر السبع الطول والمثاني والمئين والطواسيم والحواميم والمفصّل والمسبحات وغير ذلك

- ‌المقدمة السابعة في ذكر الحروف التي كتب بعضها على خلاف بعض في المصحف وهي في الأصل واحدة

- ‌المقدمة الثامنة في أقسام الوقف

- ‌المقدمة التاسعة في تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة

- ‌المقدمة العاشرة في أن كلام الله تعالى قديم أولا

- ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

- ‌(سورة فاتحة الكتاب)

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة البقرة)

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 46]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 54 الى 57]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 60 الى 61]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 62 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 86]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 96]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 101]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 108]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 113]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 123]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 124 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 134]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 152]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 187]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 189]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الوقوف

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 210]

- ‌القراآت:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 214]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 221]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 233 الى 237]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 242]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 251]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

إذا شرعنا مثلا في تفسير قول القائل «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فههنا مباحث لفظية ومباحث معنوية.

أما اللفظية فمنها ما يتعلق بالقراءة، ومنها ما يتعلق باللغة، ومنها ما يتعلق بعلم الاشتقاق، ومنها ما يتعلق بعلم الصرف، ومنها ما يتعلق بالنحو، ومنها ما يتعلق بعلم البديع أعني المحسنات اللفظية.

وأما المعنوية فمنها ما يتعلق بالمعاني، ومنها ما يتعلق بالبيان، ومنها ما يتعلق بالاستدلال، ومنها ما يتعلق بأصول الدين، ومنها ما يتعلق بأصول الفقه، ومنها ما يتعلق بالفقه، ومنها ما يتعلق بعلم الأحوال.

أما القراءة فكما مر. وأما اللغة فإذا قلنا العوذ كذا، واسم الله معناه كذا والشيطان كذا، والرجيم كذا، والباء ومن واللام معانيها هاهنا كذا، فكل واحد منها مسألة. وأما الاشتقاق فإن اعتبرنا الاشتقاق الكبير وقلنا: إن التراكيب الستة الممكنة من ع وذ هل هي مستعملة أو مهملة؟ وكذا كل من تراكيب ال ش ط ن، أو ش ي ط، ومن تراكيب ر ج م، وإذا كانت مستعملة، فأصل المعنى في كل من المستعملات كيف يعتبر فيحصل مسائل كثيرة، وإن اعتبرنا الاشتقاق الصغير فهل للعوذ معنى آخر غير الالتجاء وإن كان فما له الاشتراك بينهما أي شيء هو؟ فيحصل مسائل.

وأما الصرف فكأن نقول: «أعوذ» فعل مضارع متكلم وأصله أعوذ مثل أطلب، نقلت الضمة من الواو إلى ما قبلها تخفيفا. والله أصله الإله كالناس أصله الإناس فعال بمعنى مفعول، نقلت الكسرة من الهمزة إلى اللام وحذفت الهمزة للتخفيف فاجتمعت لامان فأسكنت الأولى وأدغمت في الثانية. وقالوا: يا الله، في النداء خاصة بالقطع لأنها كالعوض من المحذوفة، فكأنك قلت: يا إله. وقيل: أصله لاه، ألحقوا بها الألف واللام وأنشدوا:

ص: 55

كحلفة من أبي رياح

يسمعها لاهه الكبار

ولو عدّ هذه المسألة من اللغة جاز، لأنها غير قياس. والشيطان فعلان أو فيعال، والرجيم فعيل بمعنى مفعول، وكلاهما للمبالغة. فهذه مسائل.

وأما النحو ف «أعوذ» فعل فاعله ضمير المتكلم المستتر وهو أنا، والمجموع جملة فعلية. وبالله متعلق به. وكذا من الشيطان الرجيم، نحو سرت من البصرة إلى الكوفة.

والرجيم صفة للشيطان معرف مثله، وشيطان منصرف لأنه اسم جنس لا علم. فهذه مسائل.

وأما البديع فأن نقول: إنما اختير الرجيم دون اللعين أو المرجوم مثلا ليوافق الفاصلة الأخرى وهو الرحيم إذا ابتدأ القارئ بعد الاستعاذة بالبسملة، وهو الأكثر، مع أن أول القرآن أيضا البسملة واعتبار الاستعاذة هاهنا أولى ليكون تجنيسا خطيا وترصيعا.

وأما المعاني فأن نقول: إنما اختير المضارع على الماضي ليدل على الاستمرار والدوام. أي: شأني أني أعوذ، كقولك: يشرب الخطيب. وإنما لم يقل: أنا أعوذ وأنا عائذ، وإن كانت الجملة الاسمية تدل على الثبات، لأن المراد أني على تجدد هذا القول مني لحظة فلحظة ثابت مستمر، لا أن عوذي مستمر. ويمكن أن يقال: المراد أني أعوذ في حال القراءة لقوله تعالى فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ [النحل: 98] فتعين إيراد لفظ المضارع لأنه مشترك بين الحال والاستقبال. وإنما لم يقل «بالله أعوذ» ليفيد الحصر، كما يقال في «بسم الله أبتدىء» لأن الاستعاذة هاهنا أهم امتثالا للأمر، ولأنه لا يعوذ إلا بالانقطاع عن الغير والتبري عن سوى الحق جل ذكره، فلا حاجة إلى التخصيص ولأنه موافق لما ورد في القرآن فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل: 98] . وإنما اختير اسم «الله» لأنه كالعلم والمقام مقام إحضار له في ذهن السامع بعينه ليكون أدلّ على انقطاعه عما سواه. وإنما ذكر «الشيطان» معرفا باللام الجنسي ليدل على هذه الحقيقة التي هي مادة كل شر، ويشمل كل فرد منها ضرورة وجود الحقيقة في أي فرد يفرض. ولو أريد العهد أيضا جاز كما مر. ولو نكرت بأن قلت:«من شيطان رجيم» لم يفد العموم وإن قلت: «من كل شيطان» لأطلت، والمقام مقام اختصار. وإنما وصف ب «الرجيم» لأن المقام مقام تأكيد وذم، ولا ذم أبلغ من البعد عن حضرة من هو منشأ كل كمال ومصدر كل خير.

وأما البيان، فإن قوله «أعوذ» معناه ألتصق. ولا ريب أن الالتصاق بالله محال لأن ذلك من شأن الأجسام. والمراد: ألتصق برحمة الله وفضله. فهو إذن مجاز لغوي. وفي نفس الالتصاق أيضا بعد تقدير الرحمة تجوّز بعيد على ما لا يخفى. ولو أريد بالشيطان شيطان الإنس أيضا ويثبت كون اللفظ موضوعا لشيطان الجن فقد كان استعارة. وإذا قدّرنا

ص: 56

الاستعاذة من شر الشيطان، كما مر، كان مجازا بالنقصان أيضا.

وأما ما يتعلق بالاستدلال فإما من جهة التصوّر وإما من جهة التصديق. أما الأول فنحو كيفية اقتناص التصوّرات الواقعة في التركيب من مفهوم العوذ ومفهوم اسم الله ومفهوم الشيطان ومفهوم الرجيم وأن كلّا منها كيف يعرّف بالحدّ أو الرسم فإن عرف بالحد فكيف يرتب جنسه وفصله؟ وإن عرّف بالرسم فكيف يركب لوازمه؟ وأما معرفة الجنس والفصل واللوازم أنفسها لكل منها فمن الأمور العامة. وأما الثاني فإن قولنا: «أعوذ» لفظه خبر ومعناه إما دعاء أي اللهم أعذني، وإما إنشاء نحو بعت واشتريت. وإذا كان كذلك فلا يتطرق إليه احتمال الصدق والكذب فلا يحتاج إلى البرهان على أحدهما. واستعمال الخبر في معنى الطلب من مسائل علم المعاني أيضا.

وأما ما يتعلق بأصول الدين فأن تعلم ذات الله تعالى وصفاته من أنه قادر مختار عليم إلى غير ذلك من الصفات التي بها يتمكن المستعاذ به من دفع المضار والشرور عن المستعيذ بحيث لا يمنعه مانع ولا يغلبه منازع، وتصور الشيطان ولوازمه وكيفية وسوسته بنحو مما سبق في المقدمة الثانية.

وأما ما يتعلق بأصول الفقه فأن يعرف أن الاستعاذة الواردة في الكتابة والسنة واجبة أم لا بل مندوبة، وإن كانت واجبة فتتكرر بتكرر القراءة أم لا، وإنها تقتضي الفور أو تحتمل التراخي. وأما ما يتعلق بالفقه فإنها تستحب في الصلاة أم لا، وإن استحبّت فتجوز في المكتوبة أم لا، وإن جازت ففي كل ركعة أم في الأولى وحدها، ويسرّ بها أم يجهر؟

وأما ما يتعلق بعلم الأحوال فكالنكت التي ذيلنا بها المقدمة الثانية وأنها لا تكاد تنحصر. فهكذا يجب أن تستنبط المسائل من كل كلام يراد تفسيره من غير أن يتخطى في شيء من ذلك إلى ما ليس من العلم، كأن تقول في كل قراءة الاستعاذة، والقراآت المشهورة سبع هي كذا وكذا، ورواة كل قراءة من هم وما منشأ كل قراءة؟ وفي اللغة أن واضعها من هو؟ وكيف نشأت اللغات؟ وما معنى الاشتقاق؟ وما فائدته؟ وفي الصرف أنه معرفة أحوال الكلم التي ليست بإعراب. ومن جملة الأحوال صيغة المضارع وما معناها، وما حد الفعل والكلمة؟ إلى غير ذلك من قواعد الصرف بل ما فوق ذلك من مباحث الحرف والصوت بل مقولة الكيف. وفي النحو أن التركيب مشتمل على الاسم والفعل والحرف، والاسم معرب منصرف وغير منصرف، ومبني، وما سبب الإعراب والبناء والصرف ومنع الصرف، وأنواع الإعراب كم هي؟ وكل منها يختص بأي شيء من الفاعل والمفعول

ص: 57

والمضاف إليه ولم يختص بكل صنف ما يختص، وأصناف الفعل كم هي؟ وأصناف الحرف كم هي، ولا سيما حروف الجر، وما معنى كل منها؟ إلى غير ذلك.

وبالجملة فمن كل علم يؤخذ نكت مخصوصة بهذه المادة يلزمنا إيرادها فقط إذ لو تعدّينا إلى ما فوق ذلك من القواعد والقوانين لزم إيراد كل العلوم أو أكثرها في تفسير كلام واحد، وإنه محال شنيع إذ يلزم تداخل العلوم واضطراب القوانين. وأيضا لو فسر «الشيطان الرجيم» بما يلزمه من أنواع الضلالات والجهالات والعقائد الفاسدة والمذاهب الباطلة في الملة الإسلامية وغيرها، أو فسر بما هو مباين عنه كأنواع الآفات وأصناف المخافات حتى يلزم تكثير المسائل، لم يخل عن التعسف والإعنات. ومن ارتكب شيئا من ذلك فقد نطق بالخلف وزاغ عن الجادة وانحرف عن سواء السبيل. نعم لو أورد طرف من الاصطلاحات أو المسائل على سبيل التصوير من غير إشارة إلى مآخذها الأصلية ودلائلها الكلية إلا نادرا، جاز ما لم يتجاوز حد الضرورة ومقدار الواجب، كما أشرنا إليها في المقدمات. وقد بقي مما يمكن أن يعد من المقدمات ذكر ابتداء الوحي وكيفية نزول القرآن شيئا بعد شيء، وبيان كيفية إعجاز القرآن. ونحن قد رأينا الأليق بها إيرادها في مواضعها إذا أفضت النوبة إليها.

فلنشرع الآن في المقصود وهو التفسير المسمى بغرائب القرآن ورغائب الفرقان والله المستعان وعليه التكلان.

ص: 58