المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

172] إلا دعاء ونداء لأنهم كانوا في الصف الأخير من - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ١

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدمة المصنف

- ‌هي النفس ما حمّلتها تتحمّل

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في فضل القراءة والقارئ، وآداب القراءة وجواز اختلاف القراآت، وذكر القراء المشهورين المعتبرين

- ‌ذكر القراء السبعة وتسمية نقلتهم من الرواة وطرقهم من الثقات:

- ‌ذكر الأئمة المختارين وتسمية رواتهم:

- ‌المقدمة الثانية

- ‌نكت في الاستعاذة

- ‌المقدمة الثالثة في مسائل مهمة

- ‌المقدمة الرابعة في كيفية جمع القرآن

- ‌المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك

- ‌المقدمة السادسة في ذكر السبع الطول والمثاني والمئين والطواسيم والحواميم والمفصّل والمسبحات وغير ذلك

- ‌المقدمة السابعة في ذكر الحروف التي كتب بعضها على خلاف بعض في المصحف وهي في الأصل واحدة

- ‌المقدمة الثامنة في أقسام الوقف

- ‌المقدمة التاسعة في تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة

- ‌المقدمة العاشرة في أن كلام الله تعالى قديم أولا

- ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

- ‌(سورة فاتحة الكتاب)

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة البقرة)

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 46]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 54 الى 57]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 60 الى 61]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 62 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 86]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 96]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 101]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 108]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 113]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 123]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 124 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 134]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 152]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 187]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 189]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الوقوف

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 210]

- ‌القراآت:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 214]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 221]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 233 الى 237]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 242]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 251]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: 172] إلا دعاء ونداء لأنهم كانوا في الصف الأخير من

172] إلا دعاء ونداء لأنهم كانوا في الصف الأخير من الأرواح المجندة في أربعة صفوف:

الأول للأنبياء، والثاني للأولياء، والثالث للمؤمنين، والرابع للكافرين فما شاهدوا شيئا من أنوار الحق ولكنهم قالوا بالتقليد بلى فبقوا على التقليد بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا.

[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَاّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (174) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (176)

‌القراآت:

الْمَيْتَةَ بتشديد الياء: يزيد. الباقون: بالسكون فَمَنِ اضْطُرَّ بكسر النون وضم الطاء: أبو عمرو وسهل ويعقوب وحمزة وعاصم وكسر الطاء: يزيد. الباقون:

بضمهما.

‌الوقوف:

تَعْبُدُونَ هـ لِغَيْرِ اللَّهِ ج الشرط مع فاء التعقيب عَلَيْهِ ط رَحِيمٌ هـ قَلِيلًا لا لأن ما بعده خبر «إن» يُزَكِّيهِمْ ج والوصل أولى لاتصال بعض جزائهم بالبعض أَلِيمٌ هـ بِالْمَغْفِرَةِ ج للابتداء بالتعجب أو الاستفهام والوجه الوصل للمبالغة في الإنكار. عَلَى النَّارِ هـ بِالْحَقِّ ط للابتداء بأن بَعِيدٍ ربع الجزء.

‌التفسير:

إنه سبحانه تكلم من أول السورة إلى هاهنا في دلائل التوحيد والنبوة واستقصى شرح أهل النفاق والشقاق من المشركين وأهل الكتاب، وذيل كلا من ذلك بما يناسبه، ومن هاهنا شرع في بيان الأحكام الشرعية. الحكم الأول: إباحة الأكل للمؤمنين بعد ما عمم للناس كلهم، وهذا بالنظر إلى الأصل. وقد يصير واجبا العارض كما لو أشرف على الهلاك بسبب المجاعة، وقد يكون مندوبا كموافقة الضيف واستدل بقوله مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ على أن الرزق قد يكون حراما فإن الطيب هو الحلال. ولو كان الرزق حلالا البتة لم يبق في ذكر الطيب فائدة إذ يصير المعنى كلوا من حلالات ما أحللنا لكم وأجيب بالمنع من أن معنى الطيب ما ذكر بل المعنى كلوا من متلذذات ما رزقناكم، ولعل أقواما ظنوا أن التوسع في الأكل الحلال والاستكثار من الملاذ ممنوع منه فرفع الحرج.

وَاشْكُرُوا لِلَّهِ الذي رزقكموها إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إن صح أنكم تخصونه بالعبادة وتقرون أنه مولى النعم فإن الشكر رأس العبادة، والتركيب يدور على الكشف والإظهار ومنه كشر إذا كشف عن ثغره، فنشر النعم وحصرها باللسان من الشكر. وباطن الشكر أن يستعين بالنعم على الطاعة دون المعصية وقال بعضهم:

ص: 467

أو ليتني نعما أبوح بشكرها

وكفيتني كل الأمور بأسرها

فلأشكرنك ما حييت فإن أمت

فلتشكرنك أعظمي في قبرها

عن النبي صلى الله عليه وسلم «يقول الله تعالى إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري»

ولما أجمل في الآية ما يباح أكله ذيل بحصر ما هو محرّم ليبقى ما عدا ذلك على أصل الإباحة فقيل إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ يتناول ما مات حتف أنفه وما لم تدرك ذكاته على الوجه الشرعي. وإذا كانت محرمة وجب الحكم بنجاستها إجماعا، ولأن تحريم ما ليس بمحرم ولا فيه ضر وظاهر يدل على النجاسة. وليس في الآية إجمال عند الأكثرين، لأن المفهوم من تحريم الميتة ليس تحريم أعيانها وإنما المفهوم في العرف حرمة التصرف في هذه الأجسام كما لو قيل: فلان يملك جارية. فهم منه عرفا أنه يملك التصرف فيها. وعلى هذا فالآية تدل على حرمة جميع التصرفات إلا ما أخرجه الدليل المخصص كالسمك والجراد

لقوله صلى الله عليه وسلم «أحلت لنا ميتتان ودمان. أما الميتتان فالجراد والنون. وأما الدمان فالطحال والكبد» «1» .

وقال صلى الله عليه وسلم في صفة البحر «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» «2»

وهذا عام لجميع الحيوانات التي لا تعيش إلا في الماء وإن لم تكن على صورة السمكة المشهورة. ولا فرق أيضا بين ما يؤكل نظيره في البر كالبقر والشاة وبين ما لا يؤكل كخنزير الماء وكلبه على أصح القولين للشافعي. وقد زعم بعض الناس كصاحب الكشاف أن السمك والجراد يخرج بنفسه لأن الميتة لا تتناولهما عرفا وعادة، ولهذا من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث، وإن أكل لحما في الحقيقة لقوله تعالى لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا [النحل: 14] وشبهوه بما لو حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث وإن عدّ الكافر من الدواب لقوله تعالى إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا [الأنفال: 55] وفيه نظر. لأن عدم التناول عرفا إنما هو بعد تخصيص الشارع فلا يمكن أن يجعل دليلا على عمومه. وكالجنين الذي يوجد ميتا عند ذبح الأم عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد وهو

المروي عن علي رضي الله عنه وابن مسعود وابن عمر لقوله صلى الله عليه وسلم «ذكاة الجنين ذكاة أمه» «3»

وقال أبو حنيفة: لا يؤكل إلا أن يخرج حيا فيذبح وحمل الحديث

(1) رواه ابن ماجه في كتاب الأطعمة باب 31.

(2)

رواه أبو داود في كتاب الطهارة باب 41. الترمذي في كتاب الطهارة باب 52. النسائي في كتاب الطهارة باب 46. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 38. الموطأ في كتاب الطهارة حديث 12.

(3)

رواه الترمذي في كتاب الصيد باب 10. أبو داود في كتاب الأضاحي باب 17. ابن ماجه في كتاب الذبائح باب 15. الدارمي في كتاب الأضاحي باب 17. أحمد في مسنده (3/ 31) .

ص: 468

على الإضمار أي ذكاة الجنين كذكاة أمه وردّ بأن الإضمار خلاف الأصل، وبأنه إذا خرج لا يسمى جنينا، وبأنه لا يبقى للخبر حينئذ فائدة، لأن ذلك معلوم، ولما

روي عن أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجنين يخرج ميتا قال: «إن شئتم فكلوه فإن ذكاته ذكاة أمه» «1»

وكشعر الميتة وصوفها فإنهما عند أبي حنيفة ظاهران لقوله تعالى في معرض الامتنان وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ [النحل: 80]

ولقوله صلى الله عليه وسلم في شاة ميمونة «إنما حرم من الميتة أكلها» «2»

ولأنهم كانوا يلبسون جلود الثعالب، ولأن الشعر، والصوف لا حياة فيه لأن حكم الحياة الإدراك والشعور. ومن هاهنا ذهب مالك إلى تحريم العظام دون الشعور، وعند الشافعي الشعر والعظم ونحوهما كالقرن والظفر والسن كلها نجسة

لقوله صلى الله عليه وسلم «ما أبين من حي فهو ميت»

ولأن الحياة عندنا عبارة عن كونه متعرض للفساد والتعفن، وهذا المعنى يعم الشعر واللحم. وأما الإهاب فللفقهاء فيه مذاهب سبعة. فأوسع الناس قولا الزهري. جوز استعمال الجلود بأسرها قبل الدباغ، ثم داود قال: تطهر كلها بالدباغ

لقوله صلى الله عليه وسلم «أيما إهاب دبغ فقد طهر» «3»

ولأن الدباغ يعيد الجلد إلى ما كان عليه حال الحياة من عدم التعفن والفساد. ثم مالك يطهر ظاهر كلها دون باطنها. ثم أبو حنيفة يطهر كلها إلا جلد الخنزير لدسومته والآدمي لكرامته. ثم الشافعي يطهر الكل إلا جلد الكلب والخنزير.

ثم الأوزاعي وأبو ثور يطهر جلد ما يؤكل لحمه فقط. ثم أحمد بن حنبل والشيعة لا يطهر شيء منها بالدباغ لإطلاق الآية ولقول عبد الله بن حكيم: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. واختلف في أنه هل يجوز الانتفاع بالميتة بإطعام البازي والبهيمة؟ فمنهم من منع منه حتى قال بعضهم: إذا أقدم البازي من عند نفسه على أكل الميتة وجب علينا منعه. وجوز الشافعي استعمال نجس العين كجلد الكلب والخنزير للضرورة كمفاجأة قتال مع فقدان غيره، وكدفع الحر والبرد المهلكين، ولأجل تجليل الكلب وإن لم يكن ضرورة، وكذا استعمال جلد الميتة قبل الدباغ لتجليل الدابة والكلب، وكذا استعمال النجس العين كودك الميتة والخنزير والزبل للاستصباح

(1) رواه أبو داود في الأضاحي في باب 18. ابن ماجه في كتاب الذبائح باب 15. أحمد في مسنده (3/ 31) .

(2)

رواه البخاري في كتاب الزكاة: باب 61. مسلم في كتاب الحيض حديث 100، 101. أبو داود في كتاب اللباس باب 38. الدارمي في كتاب الأضاحي باب 20. الموطأ في كتاب الصيد حديث 16.

(3)

رواه مسلم في كتاب الحيض حديث 105. أبو داود في كتاب اللباس باب 38. الترمذي في كتاب اللباس باب 7. النسائي في كتاب الفرع باب 4 الدارمي في كتاب الأضاحي باب 20.

ص: 469

وتسميد الأرض لعموم الحاجة القريبة من الضرورة، وقد نقله الأثبات عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسئل عليه السلام عن الفأرة تقع في السمن فقال: استصبحوا به ولا تأكلوه. والدخان وإن كان نجسا لكنه قليل معفو عنه. وعند أبي حنيفة: إذا مات في الماء القليل ما ليس له نفس سائلة أي دم كالذباب والبعوض والخنفساء والعقرب وبنات وردان لم يفسد الماء قل أو كثر لأن رطوبة هذه الحيوانات تشبه رطوبة النبات فهي حية وميتة على هيئة واحدة. وعند الشافعي فيه قولان: وعامة الأصحاب عدّوا دود الطعام من جملة ما ليس له نفس سائلة وقالوا: لا ينجس الطعام الذي تولد منه بموته فيه بلا خلاف. وإن وقع في ماء أو في مائع آخر فقولان. ثم الذباب والبعوض ونحوهما وإن حكم بطهارة ميتتهما فهي محرمة لأنها مستقذرة مندرجة تحت عموم اسم الميتة. وفي جواز أكل دود الطعام والفواكه والماء وجهان، والأظهر تحريمها عند الانفراد، ومع هذه الأشياء يمكن أن يسامح به. وسأل عبد الله بن المبارك أبا حنيفة عن طائر وقع في قدر مطبوخ فمات فقال أبو حنيفة لأصحابه: ما ترون فيها؟ فذكروا له عن ابن عباس أن اللحم يؤكل بعد ما يغسل فيهراق المرق. فقال أبو حنيفة: بهذا نقول على شريطة إن كان وقع فيها في حال سكونها:

فكما في هذه الرواية، وإن وقع فيها في حال غليانها لم يؤكل اللحم ولا المرق. قال ابن المبارك: ولم ذلك؟ قال: لأنه إذا سقط فيها في حال غليانها فمات فقد داخلت الميتة اللحم، وإذا وقع فيها في حال سكونها فمات فقد وسخت الميتة اللحم. فاستحسنه ابن المبارك. وعند أبي حنيفة: ذبح ما لا يؤكل لحمه يستعقب الطهارة. وعند الشافعي لا يستعقبها كما لا يستعقب حل الأكل، وكما لو ذبح المجوسي مأكول اللحم. ولبن الشاة الميتة وأنفحتها طاهران عند أبي حنيفة دون الشافعي ومالك، لا لأن الآية لا تتناولهما فإن اللبن لا يوصف بأن ميتة، بل لتنجسهما بمجاورة الميتة. وبيض مأكول اللحم إذا مات ووجد ذلك في جوفه فإن كان متصلبا فطاهر بعد أن يغسل وإلّا فلا. وأما الدم فعند الشافعي جميعه محرم سواء كان مسفوحا أو غير مسفوح لإطلاق الآية إلا الكبد والطحال للخبر عند من يقول بتناول الآية إياهما، وعند من يقول بذلك لا تخصيص. وقال أبو حنيفة: دم السمك ليس بمحرم، وأما لحم الخنزير فأجمعت الأمة على أن الخنزير بجميع أجزائه محرم، وتخصيص اللحم بالذكر لأن معظم الانتفاع متعلق به. أما شعر الخنزير فغير داخل في الظاهر وإن أجمعوا على تحريمه وتنجيسه. واختلفوا في أنه هل يجوز الانتفاع به للخرز؟ فأبو حنيفة ومحمد يجوز، والشافعي لا يجوز. واحتج أبو حنيفة بأنا نرى المسلمين يقرون الأساكفة على استعماله من غير نكير، ولأن الحاجة ماسة اليه. وأما ما

ص: 470

أهل به لغير الله فمعناه رفع به الصوت للصنم وذلك قول أهل الجاهلية باسم اللات والعزى. وأهل المعتمر إذا رفع صوته بالتلبية. قال العلماء: لو أن مسلما ذبح ذبيحة وقصد بذبحها التقرب إلى غير الله صار مرتدا، وذبيحة ذبيحة مرتد. وقدم به في هذه السورة وأخر في المائدة والأنعام والنحل لأن تقدم الباء هو الأصل لأنه يجري في إفادة التعدية مجرى الهمزة والتضعيف، فكان الموضع الأول هو اللائق بهذا الأصل، وفي سائر المواضع قدم ما هو المستنكر وهو الذبح لغير الله، ولهذا لم يذكر في سائر الآية قوله فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ اكتفاء بما ذكر في الموضع الأول. ويستثنى مما أهل به لغير الله ذبائح أهل الكتاب إذا سمي عليها باسم المسيح مثلا لإطلاق قوله تعالى وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: 5] ولأن النصراني إذا سمي الله تعالى فإنما يريد به المسيح وهو مذهب عطاء ومكحول والحسن والشعبي وسعيد بن المسيب. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه: إذا ذبحوا على اسم المسيح فقد أهلوا به لغير الله فوجب أن يحرم. وإذا ذبحوا على اسم الله فظاهر اللفظ يقتضي الحل ولا عبرة بما لو أراد به المسيح.

وعن علي كرم الله وجهه: إذا سمعتم اليهود والنصارى يهلون لغير الله فلا تأكلوا، وإذا لم تسمعوهم فكلوا فإن الله تعالى قد أحل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون.

واعلم أن ظاهر الآية يقتضي أن يكون سوى هذه الأشياء محرما، لكنا نعلم أن في الشرع أشياء أخر سواها من المحرمات، فكلمة إنما متروكة العمل بظاهرها والله أعلم فَمَنِ اضْطُرَّ افتعل من الضر وهو الضيق أي ألجئ. استثنى من التحريم حالة الضرورة ولها سببان: أحدهما الجوع الشديد وأن لا يجد مأكولا حلالا يسد به الرمق فعند ذلك يكون مضطرا إلى أكل المحرم. الثاني: إذا أكرهه على تناوله مكره فيحل له تناول ما أكره عليه. والاضطرار ليس من أفعال المكلف حتى يقال إنه لا إثم عليه فيه، فلا بد من إضمار وهو الأكل. أي فمن اضطر فأكل فلا إثم عليه، وإنما حذف للعلم به. «وغير» هاهنا بمعنى «لا» النافية كأنه قيل: فمن اضطر باغيا ولا عاديا. والبغي في اللغة الظلم والخروج عن الإنصاف. بغي الجرح ورم وترامي إلى فساد. وكل مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد الشيء فهو بغي. والعدوان الظلم الصراح وتجاوز الحد. وللأئمة في الآية قولان:

أحدهما وإليه ذهب أبو حنيفة تخصيص البغي والعدوان بالأكل، وعلى هذا فالمعنى غير باغ بأن يجد حلالا تكرهه النفس، فعد إلى أكل الحرام للذته وَلا عادٍ أي متجاوز قدر الرخصة، أو غير باغ أي طالب للذة ولا عاد متجاوز سدا لجوعه، عن الحسن وقتادة والربيع ومجاهد وابن زيد: أو غير باغ على مضطر آخر بالاستئثار عليه، ولا عاد في سد الجوعة.

ص: 471

والثاني وإليه ذهب الشافعي والإمامية: غير باغ على إمام المسلمين، ولا عاد بالمعصية طريق المحقين. ويتفرع على الاختلاف أن العاصي بسفره هل يترخص أم لا؟ فعند أبي حنيفة يترخص لأنه مضطر وغير باغ ولا عاد في الأكل. وعند الشافعي لا يترخص لأنه موصوف بالعدوان ويؤيده الآية الأخرى فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ [المائدة: 3] وأيضا غير باغ ولا عاد حالان من الاضطرار، فلا بد أن يكون وصف الاضطرار باقيا في الحالين وليس كذلك، لأنه حال الأكل لا يبقى وصف الاضطرار.

وأيضا الإنسان نفور بطبعه عن تناول الميتة والدم فلا حاجة الى نهيه عن التعدي في الأكل. وأيضا إنه نفي ماهية البغي والعدوان، وإنما تنتفي عند انتفاء جميع أفرادها ويتحقق حينئذ نفي العدوان في السفر كما هو مقصودنا. وأما تخصيص البغي بالأكل كما ذهبتم إليه فترجيح من غير دليل. حجة أبي حنيفة قوله تعالى في آية أخرى وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119] وهذا الشخص مضطر فوجب أن يترخص.

وأيضا قال تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: 29] وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195] والامتناع عن الأكل سعي في قتل النفس، فيحرم كما لو ترك دفع أسباب الهلاك عن نفسه إذا صال عليه جمل أو فيل أو حية. وأيضا الضرورة تبيح تناول طعام الغير من دون الرضا بل على سبيل القهر، وهذا التناول محرم لولا الاضطرار فكذا هاهنا.

أجاب الشافعي: بأنه يمكنه الوصول إلى استباحة هذه الرخص بالتوبة، فإذا لم يتب فهو الجاني على نفسه. ثم إن الرخصة إعانة على السفر وإذا كان السفر معصية فالرخصة إعانة على المعصية، والسعي في تحصيل المعصية محظور، فالجمع غير ممكن ثم اتفق الإمامان على أن المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر ما يمسك رمقه إلا إذا عجز عن السير ويهلك فيتناول المشبع. وقال عبد الله بن الحسن العنبري: يأكل منها ما يسد جوعته. وعن مالك: يأكل منها حتى يشبع ويتزود فإن وجد غنى عنها طرحها. والأول أقرب، لأن سبب الرخصة إذا كان الإلجاء فمتى ارتفع الإلجاء ارتفعت الرخصة، كما لو وجد الحلال لم يحل له تناول الميتة، وكما أن الجوعة في الابتداء لا تبيح أكل الميتة إذا لم يخف ضررا بتركه. وهذه الرخصة لجميع المحرمات عند الأكثرين، وبعضهم خصصها بما سوى لحم الخنزير، والشافعي منع عن شرب الخمر لشدة العطش دون إساغة اللقمة. وفي التداوي بها وجهان، وبسائر المحرمات يجوز ولا يجب الامتناع إلى أن يشرف على الموت فإن الأكل حينئذ لا ينفع، بل لو انتهى إلى تلك الحالة له التناول. وحدوث مرض مخوف في جنسه كخوف الموت، وهكذا إن كان يخاف منه لطوله وتماديه. ولا يشترط في جميع

ص: 472

ذلك إلا غلبة الظن دون التيقن. ومعنى قوله فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ رفع الحرج والضيق كما مر في قوله فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [البقرة: 158] ورفع الحرج قدر مشترك بين الواجب والمندوب والمباح فلا ينافي وجوب الأكل في حالة الاضطرار. ومعنى قوله إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أن المقتضي للحرمة قائم إلا أنه زالت الحرمة لوجود العارض، فلما كان تناوله تناول ما حصل فيه المقتضى للحرمة ذكر بعده المغفرة، ثم ذكر أنه رحيم يعني لأجل الرحمة أبحت لكم ذلك، أو لعل المضطر يزيد على تناول قدر الحاجة فهو سبحانه غفور بأن يغفر ذنبه في تناول الزيادة، رحيم حيث أباح تناول قدر الحاجة. أو أنه لما بين هذه الأحكام فالمكلفون بالنسبة إليها إما أن يعصوا فذكر أنه غفور لهم إذا تابوا، أو يطيعوا فهو رحيم حيث وفقهم للطاعة. إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ عن ابن عباس: نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم- كعب بن الأشرف وحي بن أخطب ونحوهما- كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضول، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا: هذا نعت نبي آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي الذي بمكة. فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير وجدوه مخالفا لصفة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتبعونه وَيَشْتَرُونَ بِهِ أي بالكتمان لدلالة الفعل عليه، أو بالمنزل. وقد سبق معنى الاشتراء والثمن القليل فِي بُطُونِهِمْ حال أي ملء بطونهم. أكل فلان في بطنه وأكل في بعض بطنه إِلَّا النَّارَ لأنه إذا أكل ما يلتبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه أكل النار كقولهم «أكل الدم» أي الدية التي هي بدل منه: قال:

أكلت دما إن لم أرعك بضرة

بعيدة مهوى القرط طيبة النشر

وذلك أنهم كانوا يستنكفون عن أخذ الدية وبعيدة مهوى القرط كناية عن طول العنق. ويمكن أن يقال: إنهم يأكلون في الآخرة النار لأكلهم في الدنيا الحرام وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ بما يحبون لأنهم كتموا كلامه في الدنيا بل بنحو اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 108] أو لا يكلمهم الله أصلا لغضبه عليهم كما هو ديدن الملوك من الإعراض عند السخط والإقبال عند الرضا وَلا يُزَكِّيهِمْ بالإثناء عليهم أو بقبول أعمالهم أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى بيان لتماديهم في الخسارة فإن أحسن الأشياء في الدنيا الاهتداء والعلم، وأقبحها الضلال والجهل. وفي الآخرة أنفع الأشياء المغفرة، وأضرها العذاب فهم في خسران الدارين لاستبدالهم في الدنيا أقبح الأمور بأحسنها، وفي

ص: 473