المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59] وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ١

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدمة المصنف

- ‌هي النفس ما حمّلتها تتحمّل

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في فضل القراءة والقارئ، وآداب القراءة وجواز اختلاف القراآت، وذكر القراء المشهورين المعتبرين

- ‌ذكر القراء السبعة وتسمية نقلتهم من الرواة وطرقهم من الثقات:

- ‌ذكر الأئمة المختارين وتسمية رواتهم:

- ‌المقدمة الثانية

- ‌نكت في الاستعاذة

- ‌المقدمة الثالثة في مسائل مهمة

- ‌المقدمة الرابعة في كيفية جمع القرآن

- ‌المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك

- ‌المقدمة السادسة في ذكر السبع الطول والمثاني والمئين والطواسيم والحواميم والمفصّل والمسبحات وغير ذلك

- ‌المقدمة السابعة في ذكر الحروف التي كتب بعضها على خلاف بعض في المصحف وهي في الأصل واحدة

- ‌المقدمة الثامنة في أقسام الوقف

- ‌المقدمة التاسعة في تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة

- ‌المقدمة العاشرة في أن كلام الله تعالى قديم أولا

- ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

- ‌(سورة فاتحة الكتاب)

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة البقرة)

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 46]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 54 الى 57]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 60 الى 61]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 62 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 86]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 96]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 101]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 108]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 113]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 123]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 124 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 134]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 152]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 187]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 189]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الوقوف

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 210]

- ‌القراآت:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 214]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 221]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 233 الى 237]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 242]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 251]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59] وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا

[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (59)

‌القراآت:

يغفر لكم بضم الياء التحتانية وفتح الفاء: أبو جعفر ونافع وجبلة.

تغفر لكم بضم التاء الفوقانية وفتح الفاء: ابن عامر وأبو زيد عن المفضل. الباقون تغفر بالنون وكسر الفاء يغفر لكم مدغما كل القرآن: أبو عمرو. خَطاياكُمْ وبابه بالإمالة: علي قَوْلًا غَيْرَ بالإخفاء: يزيد وأبو نشيط عن قالون، وكذلك يخفيان النون والتنوين عند الخاء والغين سواء وسط الكلمة أو أولها.

‌الوقوف:

خَطاياكُمْ (ط) الْمُحْسِنِينَ (هـ) يَفْسُقُونَ (هـ) .

‌التفسير:

القرية مجتمع الناس من قرأت الماء في الحوض أي جمعت. وبهذا الاعتبار كثيرا ما تطلق القرية على البلدة، والجمع القرى على غير قياس. وإنما قياسه من المعتل اللام «فعال» نحو: ركوة وركاء، وظبية وظباء، والنسبة إليها قروي. وهو على القياس عند يونس حيث قال: ظبوي في النسبة إلى ظبية، وعلى خلاف القياس عند الخليل وسيبويه حيث يقولان: ظبي على مثال الصحيح. والقرية بيت المقدس، وقيل: أريحا من قرى الشام. أمروا بدخولها بعد التيه. والباب باب القرية، وقيل: باب القبة التي كانوا يصلون إليها وهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى، أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب تواضعا وشكرا لله تعالى. وقيل: السجود أن ينحنوا ويتطامنوا داخلين ليكون دخولهم بإخبات وخشوع. وقيل: طؤطىء لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلم يخفضوا ودخلوا متزحفين على أوراكهم من الزحف وهو المشي على الأوراك. وحِطَّةٌ فعلة من الحط كالجلسة خبر مبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة، أو أمرك وأصله النصب معناه: اللهم حط عنا ذنوبنا حطة، فرفعت لإفادة الثبوت كقوله:

شكا إليّ جملي طول السرى

يا جملي ليس إليّ المشتكى

صبر جميل فكلانا مبتلى الأصل صبرا أي أصبر صبرا. كان القوم أمروا أن يدخلوا الباب على وجه الخضوع، وأن يذكروا بلسانهم التماس حط الذنوب حتى يكونوا جامعين بين ندم القلب وخضوع

ص: 293

الجوارح والاستغفار باللسان، وذلك أن التوبة صفة القلب فلا يطلع الغير عليها، فإذا اشتهر واحد بالذنب ثم تاب بعده لزمه أن يحكي توبته لمن شاهد منه الذنب، لا لأن التوبة لا تتم إلا به إذا الأخرس تصح توبته وإن لم يوجد منه الكلام، بل لأجل تعريف الغير عدوله عن الذنب إلى التوبة ولإزالة التهمة عن نفسه، وكذا من عرف بمذهب خطأ ثم تبين له الحق، فإنه يلزمه أن يعرّف إخوانه الذين عرفوه بالخطأ عدوله عنه لتزول التهمة عنه في الثبات على الباطل، وليعودوا إلى موالاته بعد معاداته ويحسنوا الظن به. وعن أبي مسلم الأصفهاني:

أن معناه أمرنا حطة أي أن نحط في هذه القرية ونستقر فيها. وأصل الغفر الستر والتغطية.

ومعنى القراآت في نَغْفِرْ لَكُمْ واحد، لأن الخطيئة إذا غفرها الله تعالى فقد غفرت، وإذا غفرت فإنما يغفرها الله. والفعل إذا تقدم الاسم المؤنث وحال بينه وبين الفاعل حائل جاز التذكير والتأنيث. والخطء الذنب قال تعالى إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً [الإسراء: 31] تقول منه خطىء يخطأ خطأ وخطأة على فعلة. والاسم الخطيئة على «فعلية» وجمعها خطايا وأصله خطايء بياء ثم همز، أبدلت الهمزة ألفا فانفتحت الياء لأجلها.

وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ المفعول الثاني محذوف للعلم به ولمكان الفاصلة أي سنزيدهم إحسانا أو ثوابا أو سعة، وذلك أن المراد من المحسنين إما من هو محسن بالطاعة في هذا التكليف، وإما من هو محسن بطاعات أخرى في سائر التكاليف. وعلى الأول فالزيادة الموجودة إما منفعة دنيوية، فالمعنى أن المحسن بهذه الطاعة نزيده سعة في الدنيا ونفتح عليه قرى غير هذه القرية، وإما منفعة دينية أي المحسن بهذا نزيده على غفران الذنوب ثوابا جزيلا. وعلى الثاني فالمعنى أنّا نجعل دخولكم الباب سجدا وقولكم حِطَّةٌ مؤثرا في غفران الذنوب، ثم إن أتيتم بعد ذلك بطاعات أخرى زدناكم ثوابا. ويحتمل أن يكون المراد أنهم صنفان: فمن مخطئ تصير الكلمة سببا لغفرانه، ومن محسن تصير سببا لزيادة ثوابه قوله تعالى فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قال أبو البقاء: التقدير فبدلوا بالذي قيل لهم قولا غير الذي قيل لهم. يتعدى إلى مفعولين: واحد بنفسه والآخر بالباء. والذي مع الباء يكون هو المتروك، والذي بغير باء هو الموجود. ويجوز أن يكون «بدل» بمعنى «قال» ، لأن تبديل القول يكون بقول. والمعنى أنهم أمروا بقول معناه التوبة والاستغفار فخالفوه إلى قول ليس معناه معنى ما أمروا به ولم يمتثلوا أمر الله. وليس الغرض أنهم أمروا بلفظ معين وهو لفظ حطة فجاءوا بلفظ آخر، لأنهم لو جاءوا بلفظ آخر مستقل بمعنى ما أمروا به لم يأخذوا به، كما لو قالوا مكان حطة نستغفرك ونتوب إليك، أو اللهم اعف عنا ونحو ذلك. وقيل:

ص: 294

قالوا مكان حطة حنطة. وقيل: قالوا بالنبطية والنبط قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين حطا سمقاثا أي حنطة حمراء استهزاء منهم بما قيل لهم، وعدولا عن طلب ما عند الله إلى طلب ما يشتهون.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم، فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا: حبة في شعرة» «1»

وفي تكرير الَّذِينَ ظَلَمُوا ووضع المظهر موضع المضمر، زيادة في تقبيح أمرهم وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم، وهو أن وضعوا غير ما أمروا به مكان ما أمروا به. والرجز العذاب. عن ابن عباس: مات بالفجأة منهم أربعة وعشرون ألفا في ساعة واحدة. وقال ابن زيد: بعث الله عليهم الطاعون حتى مات من الغداة إلى العشي عشرون ألفا. وقيل: سبعون ألفا. ومعنى مِنَ السَّماءِ يحتمل أن يكون شيئا نازلا من جهة العلو كريح ونحوه، ويحتمل أن يراد من قبل الأمر النازل من عند الله تفظيعا لشأن العذاب. والفسق هو الخروج عن طاعة الله إلى معصيته بارتكاب الكبيرة، فالمراد بِما كانُوا يَفْسُقُونَ إما الظلم المذكور وفائدة التكرار التأكيد، وإما أن يراد أنهم استحقوا اسم الظلم بسبب ذلك التبديل. ونزول الرجز عليهم من السماء بالفسق الذي كانوا يفعلون قبل ذلك التبديل مستمرا إلى أوان هذا الظلم، وهذا أظهر لزوال التكرير، ولأن لفظة «كانوا» تنبىء عن خصلة مستمرة، والخصلة الواحدة المعينة لا يتصور فيها الاستمرار. فلو كان المراد ذلك لقيل بما فسقوا. وربما احتج أصحاب الشافعي بقوله تعالى فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنه لا يجوز تحريم الصلاة بلفظ التحميد والتعظيم والتسبيح، ولا تجوز القراءة بالفارسية، وكذا لا يجوز تبديل ما ورد به التوقيف من الأذكار بغيرها. وأجيب بأنهم إنما استحقوا الذم لتبديلهم القول إلى قول آخر يضاد معناه معنى الأول، فلا جرم استوجبوا الذم. فأما من غير اللفظ مع بقاء المعنى فليس كذلك. ورد بأن ظاهر الآية يتناول كل من بدل قولا بقول آخر سواء اتفق القولان في المعنى أم لم يتفقا.

(أسئلة) لم قال في «البقرة» وَإِذْ قُلْنَا وفي «الأعراف» وَإِذْ قِيلَ لأنه صرح بالقائل في أول القرآن إزالة للإبهام، ولأن الكلام مرتب على قوله اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ وفي «الأعراف»

(1) رواه مسلم في كتاب التفسير حديث 1.

ص: 295

لم يبق الإبهام. ولم قال هاهنا ادْخُلُوا وهناك اسْكُنُوا؟ لأن الدخول مقدم على السكون، «والبقرة» مقدمة في الذكر على «الأعراف» . ولم قال في «البقرة» فَكُلُوا وفي «الأعراف» وَكُلُوا بالواو؟ لما بينا في قوله وَكُلا مِنْها رَغَداً. ولم قال في «البقرة» خَطاياكُمْ وفي «الأعراف» خَطِيئاتِكُمْ؟ لأن الخطايا جمع الكثرة، والخطيئات جمع السلامة للقلة، وقد أضاف القول هاهنا إلى نفسه فكان اللائق بكرمه غفران الذنوب الكثيرة، وهناك لم يذكر الفاعل فلم يكن ذكر اللفظ الدال على الكثرة واجبا. ولمثل هذا الجواب ذكر هاهنا رَغَداً ليدل على الإنعام الأتم، ولم يذكر في «الأعراف» ، ولم قال هاهنا وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ وفي «الأعراف» بالعكس؟ لأن الواو للجمع المطلق، ولأن المخاطبين صنفان: محسن ومذنب. واللائق بالمحسن تقدم العبادة والخضوع، ثم ذكر التوبة على سبيل هضم النفس وإزالة العجب. واللائق بالمسيء عكس ذلك، ولأنه ذكر في هذه السورة ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فقدم كيفية الدخول. ولم قال في «البقرة» وَسَنَزِيدُ وفي «الأعراف» سَنَزِيدُ؟ لأنه في «الأعراف» ذكر أمرين: قول الحطة وهو إشارة إلى التوبة، ودخول الباب وهو إشارة إلى العبادة. ثم ذكر جزاءين أحدهما الغفران والآخر الزيادة، فترك الواو ليفيد توزيع الجزاءين على الشرطين. وفي «البقرة» وقع مجموع المغفرة والزيادة جزاء لمجموع الفعلين، أعني دخول الباب وقول الحطة، فاحتيج إلى الواو وأيضا الاتصال اللفظي حاصل في هذه السورة بين قوله وَإِذْ قُلْنَا وبين قوله وَسَنَزِيدُ بخلاف «الأعراف» لأن اللائق به في الظاهر سيزاد، فحذف الواو ليكون استئنافا للكلام. وما الفائدة في زيادة كلمة مِنْهُمْ في الأعراف؟ لأن أول القصة مبني على التخصيص وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [الأعراف: 159] فذكر أن منهم من يفعل ذلك، ثم عدد صنوف إنعامه وأوامره عليهم، فلما انتهت القصة قال فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فهناك ذكر أمة عادلة وأمة جائرة فصار آخر الكلام مطابقا لأوله، وأما في البقرة فلم يذكر في أول الآيات تمييزا وتخصيصا حتى يلزم في اخر القصة مثل ذلك. لم قال في «البقرة» فَأَنْزَلْنا وفي «الأعراف» فَأَرْسَلْنا لأن الإنزال يفيد حدوثه في أول الأمر، والإرسال يفيد تسلطه عليهم واستئصالهم بالكلية، وذلك إنما يحدث بالآخرة. وقيل: لأن لفظ الإرسال في «الأعراف» أكثر فروعي التناسب. لم قال في «البقرة» بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وفي «الأعراف» يَظْلِمُونَ لأنه لما بين في البقرة كون الظلم فسقا اكتفى بذلك البيان في «الأعراف» . وأيضا إنهم ظلموا أنفسهم وخرجوا عن طاعة الله تعالى، فوصفهم بالأمرين في موضعين والله أعلم.

ص: 296