المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لمذحج، و (يعوق) لهمدان، و (نسر) بأرض حمير لذي الكلاع، - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ١

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدمة المصنف

- ‌هي النفس ما حمّلتها تتحمّل

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في فضل القراءة والقارئ، وآداب القراءة وجواز اختلاف القراآت، وذكر القراء المشهورين المعتبرين

- ‌ذكر القراء السبعة وتسمية نقلتهم من الرواة وطرقهم من الثقات:

- ‌ذكر الأئمة المختارين وتسمية رواتهم:

- ‌المقدمة الثانية

- ‌نكت في الاستعاذة

- ‌المقدمة الثالثة في مسائل مهمة

- ‌المقدمة الرابعة في كيفية جمع القرآن

- ‌المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك

- ‌المقدمة السادسة في ذكر السبع الطول والمثاني والمئين والطواسيم والحواميم والمفصّل والمسبحات وغير ذلك

- ‌المقدمة السابعة في ذكر الحروف التي كتب بعضها على خلاف بعض في المصحف وهي في الأصل واحدة

- ‌المقدمة الثامنة في أقسام الوقف

- ‌المقدمة التاسعة في تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة

- ‌المقدمة العاشرة في أن كلام الله تعالى قديم أولا

- ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

- ‌(سورة فاتحة الكتاب)

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة البقرة)

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 46]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 54 الى 57]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 60 الى 61]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 62 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 86]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 96]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 101]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 108]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 113]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 123]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 124 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 134]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 152]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 187]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 189]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الوقوف

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 210]

- ‌القراآت:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 214]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 221]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 233 الى 237]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 242]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 251]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: لمذحج، و (يعوق) لهمدان، و (نسر) بأرض حمير لذي الكلاع،

لمذحج، و (يعوق) لهمدان، و (نسر) بأرض حمير لذي الكلاع، و (اللات) بالطائف لثقيف، و (منات) بيثرب للخزرج، و (العزى) لكنانة بنواحي مكة، و (أساف) و (نائلة) على الصفا والمروة. وكان قصي جد رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن عبادتها ويدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، وكذلك زيد بن عمرو بن نفيل حين فارق قومه وهو الذي يقول:

أربا واحدا أم ألف رب

أدين إذا تقسمت الأمور

تركت اللات والعزى جميعا

كذلك يفعل الرجل البصير

[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (24)

‌القراآت:

ما يتعلق بها من ضم ميم الجمع ومن إمالة الناس يعرف مما مر.

‌الوقوف:

«من مثله» (ص)«صادقين» «والحجارة» (ج) على تقدير هي أعدت للكافرين، والوصل أجود لأن قوله «أعدت» بدل الجملة الأولى في كونها صلة للتي «للكافرين» (هـ) .

‌التفسير:

لما نبه بالآيتين السابقتين على طريق الاعتراف بوجود الصانع ووحدانيته، أعقبهما بما يدل على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وحقية ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر في كون القرآن معجزا طريقان:

الأول: أنه إما أن يكون مساويا لكلام سائر الفصحاء أو زائدا عليه بما لا ينقض العادة أو بما ينقضها. والأولان باطلان لأنهم- وهم زعماء وملوك الكلام- تحدّوا بسورة منه مجتمعين أو منفردين ثم لم يأتوا بها مع أنهم كانوا متهالكين في إبطال أمره حتى بذلوا النفوس والأموال، وارتكبوا المخاوف والمحن، وكانوا في الحمية والأنفة إلى حد لا يقبلون الحق فكيف الباطل؟ فتعين القسم الثالث.

الطريق الثاني: أن يقال: إن بلغت السورة المتحدى بها في الفصاحة إلى حد الإعجاز فقد حصل المقصود وإلا فامتناعهم من المعارضة مع شدة دواعيهم إلى توهين أمره معجز، فعلى التقديرين يحصل الإعجاز. فإن قيل: وما يدريك أنه لن يعارض في مستأنف الزمان وإن لم يعارض إلى الآن؟ قلت: لأنه لا احتياج إلى المعارضة أشد مما في وقت التحدي،

ص: 190

وإلا لزم تقرير المبطل المشبه للحق. وحيث لم تقع المعارضة وقتئذ علم أن لا معارضة، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله «ولن تفعلوا» كما يجيء.

واعلم أن شأن الإعجاز عجيب يدرك ولا يمكن وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة فمدرك الإعجاز هو الذوق. ومن فسر الإعجاز بأنه صرف الله تعالى البشر عن معارضته، أو بأنه هو كون أسلوبه مخالفا لأساليب الكلام، أو بأنه هو كونه مبرأ عن التناقض، أو بكونه مشتملا على الأخبار بالغيوب وبما ينخرط في سلك هذه الآراء، فقد كذب ابن أخت خالته. فإنا نقطع أن الاستغراب من سماع القرآن إنما هو من أسلوبه، ونظمه المؤثر في القلوب تأثيرا لا يمكن إنكاره لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، لا من صرف الله تعالى البشر عن الإتيان بمثله، كما لو قال أحد: معجزتي أن أضع الساعة يدي على رأسي ويتعذر ذلك عليكم. وكان كما قال، جاء الاستغراب من التعذر لا من نفس الفعل. وأيضا تسمية كل أسلوب غريب معجزا باطل، وكذا تسمية كل كلام مبرإ عن التناقض أو مشتملا على الغيب ككلام الكهان ونحوهم. فإن قيل: كيف نعتقد إعجاز القرآن بحيث يعجز عنه الثقلان فقط والزائد غير معلوم الحال، أو بحيث يعجز عنه المخلوقات بأسرها؟ قلنا: لا ريب أن الحق هو القسم الثاني، إلا أن التحدي لم يقع إلا بالقدر الأول وبه يثبت صحة النبوة. لكن النبي صادق وقد أخبر بأنه كلام الله تعالى، ونحن نعلم أن كلام صفته وصفته يجب أن تكون في غاية الكمال ونهاية الجلال. فالقرآن إذا في غاية البلاغة ونهاية الفصاحة. والبلاغة هي بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حدا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها، وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها، وهي فينا كأنها هيئة اجتماعية حاصلة من معرفة قوانين علمي المعاني والبيان. والفصاحة إما معنوية وهي خلوص الكلام عن التعقيد، والتعقيد أن يعثر صاحبه فكرك في متصرفه ويشيك طريقك إلى المعنى ويوعر مذهبك نحوه، حتى يقسم فكرك ويشعب ظنك فلا تدري من أين تتوصل وبأي طريق معناه يتحصل. وإما لفظية وهي أن تكون الكلمة عربية أصلية، وعلامة ذلك أن تكون على ألسنة الفصحاء من العرب الموثوق بعربيتهم أدرب، واستعمالهم لها أكثر، وأن تكون أجرى على قوانين اللغة العربية، وأن تكون سليمة عن التنافر، عذبة على العذبات، سلسة على الأسلات. والحاكم في ذلك هو الذوق السليم والطبع المستقيم، فقلما ينجع هنالك إلا ذلك. ثم إنه قد اجتمع في القرآن وجوه كثيرة تقتضي نقصان الفصاحة، ومع ذلك فإنه بلغ في الفصاحة النهاية التي لا غاية وراءها، فدل ذلك على كونه معجزا. منها أن فصاحة العرب أكثرها في وصف المشاهدات كبعير أو فرس أو جارية أو ملك أو ضربة أو

ص: 191

طعنة أو وصف حرب أو وصف غارة، وليس في القرآن من هذه الأشياء مقدار كثير. ومنها أنه تعالى راعى طريق الصدق وتبرأ عن الكذب، وقد قيل: أحسن الشعر أكذبه. ولهذا كان لبيد بن ربيعة وحسان بن ثابت لما أسلما وتركا سلوك سبيل الكذب والتخيل ترك شعرهما.

ومنها أن الكلام الفصيح والشعر الفصيح إنما يتفق في بيت أو في بيتين من قصيدة، والقرآن كله فصيح ككل جزء منه. ومنها أن الشاعر الفصيح إذا كرر كلامه لم يكن الثاني في الفصاحة بمنزلة الأول، وكل مكرر في القرآن فهو في نهاية الفصاحة وغاية الملاحة.

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره

هو المسك ما كررته يتضوّع

ومنها أنه اقتصر على إيجاب العبادات وتحريم المنكرات والحث على مكارم الأخلاق والزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة، ولا يخفى ضيق عطن البلاغة في هذه المواد. ومنها أنهم قالوا: إن شعر امرئ القيس يحسن في النساء وصفة الخيل، وشعر النابغة عند الخوف، وشعر الأعشى عند الطرب ووصف الخمر، وشعر زهير عند الرغبة والرجاء والقرآن جاء فصيحا في كل فن من فنون الكلام. فانظر في الترغيب إلى قوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17] وفي الترهيب وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ [إبراهيم: 15- 17] وفي الزجر فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا [العنكبوت: 40] وفي الوعظ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء: 205] وفي الإلهيات اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ [الرعد: 8، 9] . ومنها أن القرآن أصل العلوم كلها كعلم الكلام وعلم أصول الفقه وعلم الفقه واللغة والنحو والصرف والنجوم والمعاني والبيان وعلم الأحوال وعلم الأخلاق وما شئت، ومن يطيق وصف القرآن وبلاغته فإنه كما أن الإتيان بأقصر سورة منه فوق حد البشر فوصفه كما هو فوق طاقة البشر.

«فدع عنك بحرا ضل فيه السوابح» وإنما قيل: «وإن كنتم» دون إذ كنتم لما عرفت في تفسير لا رَيْبَ فِيهِ. وإنما اختير «نزلنا» على لفظ التنزيل دون الإنزال، لأن المراد النزول على سبيل التدريج والتنجيم وهو من مجازه لمكان التحدي، وذلك أنهم كانوا يقولون: لو أنزله الله لأنزله جملة واحدة وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً [الفرقان: 32] أي على خلاف ما

ص: 192

نرى عليه أهل الخطابة والشعر من وجود ما يوجد منهم مفرقا شيئا فشيئا وحينا فحينا حسب ما يعنّ لهم من الأحوال المتجددة والحاجات السانحة، فقيل لهم: إن ارتبتم في هذا الذي وقع إنزاله هكذا على مهل وتدريج، فهاتوا أنتم نوبة واحدة من نوبه، وهلموا نجما من نجومه أصغر سورة وهي الكوثر، ومعنى السورة مذكور في المقدمة الرابعة. وإنما قيل:«على عبدنا» دون أن يقال على محمد كقوله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ [محمد: 2] تشريفا له صلى الله عليه وسلم وإعلاما بأنه صلى الله عليه وسلم ممن صحح نسبة العبودية المأمور بها في قوله تعالى: «يا أيها الناس اعبدوا» وإضافة العبد إلى الضمير أيضا تؤيد ذلك كقوله تعالى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [الإسراء: 65] . وفيه أن السعادة كل السعادة في نسبة العبدية، فهي التي توصل إلى العندية فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:

55]

«وأنا عند المنكسرة قلوبهم لأجلي»

وكمال العندية في كمال الحرية عما سوى الله. وأما فائدة تفصيل القرآن وتقطيعه سورا، فمن ذلك أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع واشتملت الأنواع على الأصناف، كان إفراز كل من صاحبه أحسن، ولهذا وضع المصنفون كتبهم على الأبواب والفصول ونحوها. ومنها أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر، كان أنشط له كالمسافر إذا قطع ميلا أو طوى فرسخا، ومن ثم جزأوا القرآن أسباعا وأجزاء وعشورا وأخماسا، ومنها أن الحافظ إذا حفظ السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها فيحل في نفسه، ومنه حديث أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا. ولهذا كانت القراءة في الصلاة بسورة تامة أفضل. و «من مثله» متعلق بمحذوف أي بسورة كائنة من مثله، والضمير لما نزلنا أو لعبدنا. ويجوّز أن يتعلق بقوله «فأتوا» والضمير للعبد معناه، فأتوا بسورة مما هو على صفته في البيان الغريب والنظم الأنيق، أو فأتوا ممن هو على حاله من كونه بشرا عربيا أو أميا لم يقرأ الكتب ولم يقصد إلى مثل ونظير معين، ولكنه كقول من قال للحجاج وقد توعده بقوله «لأحملنك على الأدهم مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب» أراد من كان على صفة الأمير من السلطان والقدرة وبسطة اليد، ولم يقصد أحدا يجعله مثل الحجاج. وردّ الضمير على المنزل أوجه وعليه المحققون. ويروى عن عمر وابن مسعود وابن عباس والحسن، ولأن ذلك يطابق الآيات الأخر فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [البقرة: 23] فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ [هود: 13] ، ولأن البحث إنما وقع في المنزل لا في المنزل عليه، إذ المعنى وإن ارتبتم أن القرآن منزل من عند الله فهاتوا أنتم شيئا مما يماثله. ولو كان الضمير مردودا إلى الرسول اقتضى الترتيب أن يقال: وإن ارتبتم في أن محمدا صلى الله عليه وسلم منزل عليه، فأتوا بسورة ممن يماثله. وأيضا لو كان عائدا إلى القرآن اقتضى أن يكونوا عاجزين عن الإتيان بمثله، مجتمعين أو متفرقين، أميين أو قارئين. ولو عاد إلى

ص: 193

النبي صلى الله عليه وسلم اقتضى أن يكون الشخص الواحد الأمي الذي هو مثله عاجزا، ولا شك أن الإعجاز على الوجه الأول أقوى، ولا سيما فإنه يلزم من الوجه الثاني تقرير نقص للنبي صلى الله عليه وسلم، وإيهام أنّ الإتيان بالقرآن ممن يكون قارئا ممكن. وأيضا الأول هو الملائم لقوله «وادعوا شهداءكم» إذ لو كان المراد فليأت واحد آخر أمي بنحو ما أتى به هذا الواحد، لم يحتج أن يستظهر بالشهداء وهي جمع شهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادات. والمراد بها إما آلهتهم كأنه قيل: إن كان الأمر كما تقولون من أنها تستحق العبادة لما أنها تنفع وتضر فقد دفعتم في منازعة محمد إلى فاقة شديدة فتعجلوا الاستعانة بها، وإلا فاعلموا أنكم مبطلون فيكون في الكلام محاجة من جهتين: من جهة إبطال كونها آلهة، ومن جهة إبطال ما أنكروه من إعجاز القرآن. وإما أكابرهم ورؤساؤهم أي ادعوهم ليعينوكم على المعارضة، أو ليحكموا لكم وعليكم. ومعنى «دون» أدنى مكان من الشيء، ومنه الشيء الدون وهو الحقير، ودوّن الكتب إذا جمعها بتقليل المسافة بينها. ويقال هذا دون ذلك إذا كان أحط منه قليلا، ودونك هذا أي خذه من دونك أي من أدنى مكان منك، فاختصر واستعير للتفاوت في الأحوال والرتب. وقيل: زيد دون عمرو في الشرف والعلم، ومنه قول من قال لعدوّه وقد كان يثني عليه رياء: أنا دون هذا وفوق ما في نفسك. واتسع فيه فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد وتخطى حكم إلى حكم. قال الله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 28] أي لا يتجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين.

و «من دون الله» متعلق ب «شهداءكم» أو ب «ادعوا» وعلى الأول يحتمل ثلاثة معان: ادعوا الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة أنكم على الحق، أو ادعوا الذين زعمتم أنهم يشهدون لكم بين يدي الله من قول الأعشى:

تريك القذى من دونها وهي دونه أي تريك القذى قدام الزجاجة والحال أن الخمر قدام القذى لرقتها وصفائها، وفي أمرهم أن يستظهروا بالجماد الذي لا ينطق في معارضة القرآن المعجز بفصاحته غاية التهكم بهم، أو ادعوا شهداءكم من دون الله أي من دون أوليائه ومن غير المؤمنين ليشهدوا لكم أنكم أتيتم بمثله، وهذا من المساهلة وإرخاء العنان والإشعار بأن شهداءهم- وهم فرسان البلاغة- تأبى بهم الطباع وتجمح بهم الإنسانية والأنفة أن يرضوا لأنفسهم الشهادة بصحة الفاسد. وعلى الثاني يحتمل معنيين: ادعوا من دون الله شهداءكم يعني لا تستشهدوا بالله ولا تقولوا الله

ص: 194

يشهد أن ما ندعيه حق كما يقول العاجز عن إقامة البينة على صحة دعواه، وادعوا الشهداء من الناس الذين شهادتهم ظاهرة تصحح بها الدعاوى عند الحكام، وهذا تعجيز لهم وبيان لانقطاعهم وانخزالهم، وأن الحجة قد بهرتهم ولم تبق لهم متشبثا غير قولهم «الله يشهد إنا لصادقون» . سئل بعض العرب عن نسبه فقال: قرشي والحمد لله، فقيل له: قولك: «الحمد لله» في هذا المقام ريبة. أو المراد بالشهداء، الله تعالى، وكل من له أهلية الحضور من الجن والإنس. فكأنه قيل لهم ادعوا غير الله من الجن والإنس من أردتم كقوله قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ [الإسراء: 88] الآية وإنما استثنى الله لأنه القادر وحده على أن يأتي بمثله دون كل شاهد. واعلم أن التحقيق في التحدي هو أن النبي يقول: إني مخصوص من الله تعالى بمزيد الكرامة والنور، وجعلني واسطة بينكم وبين هدايتكم فاتبعون أهدكم سبيل الخير والرشاد، وإن كنتم في ريب مما أقول، فانظروا إلى هذا الذي أقدر عليه بإظهار الله تعالى إياه على يدي وأنتم لا تقدرون عليه لعدم إقداره، لتعرفوا أني خصصت بمزيد فضل من عنده وأني صادق فيما أقول، فإن أنصفوا من أنفسهم بمشيئة الله تعالى ونور هدايته اتبعوه واهتدوا، وإلا بقوا في الضلالة خائبين. وكل هذا من عالم الأسباب التي ربط الله تعالى بها الوقائع والحوادث حسب ما أراد، ولا يلزم من هذا أن يكون للعبد قدرة مستقلة يقع التحدي عليها، بل الله يهدي من يشاء وكل بقدر. وقوله «إن كنتم صادقين» قيد لقوله «فأتوا» ولقوله «وادعوا» المعطوف عليه. ويجوز أن يكون قيدا لقوله «وادعوا» لأن قوله «فأتوا» مقيد بقوله و «إن كنتم» وجواب الشرط الثاني محذوف لدلالة ما قبله وهو مثله عليه التقدير: وإن كنتم في ريب فأتوا، وإن كنتم صادقين في أن أصنامكم تعينكم، أو في أن القرآن غير معجز، فادعوا شهداءكم. وإنما قلنا: الجواب محذوف، لأن الجزاء لا يتقدم على الشرط، فإن للشرط صدر الكلام كالاستفهام، ولهذا لم يلزم الفاء في قولك «أنت مكرم إن جئتني» وإنما تقدم ما يدل عليه ومثله في القرآن كثير فاعتبره في كل موضع. وأما قوله «فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا» الآية. فأقول أولا: إنها تدل على إعجاز القرآن وصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من وجوه:

أحدها: أنا نعلم بالتواتر أن العرب كانوا يعادونه صلى الله عليه وسلم أشد المعاداة، ويتهالكون في إبطال أمره وفراق الأوطان والعشيرة وبذل النفوس والمهج منهم من أقوى ما يدل على ذلك. فإذا انضاف إليه مثل هذا التقريع وهو قوله «فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا» فلو أمكنهم الإتيان بمثله لأتوا به، وحيث لم يأتوا به ظهر كونه معجزا. وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم إن كان متهما عندهم فيما يتعلق بالنبوة، فقد كان معلوم الحال في وفور العقل. فلو خاف صلى الله عليه وسلم عاقبة أمره لتهمة فيه صلى الله عليه وسلم حاشاه عن ذلك- لم يبالغ في التحدي إلى هذه الغاية. وثالثها: أنه صلى الله عليه وسلم لو لم

ص: 195

يكن قاطعا بنبوته لكان يجوز خلافه، وبتقدير وقوع خلافه يظهر كذبه، فالمبطل المزوّر لا يقطع في الكلام قطعا، وحيث جزم دل على صدقه. ورابعها: أن قوله «ولن تفعلوا» وفي «لن» ، تأكيد بليغ في نفي المستقبل إلى يوم الدين، إخبار بالغيب. وقد وقع كما

قال صلى الله عليه وسلم، لأن أحدا لو عارضه صلى الله عليه وسلم لم يمتنع أن يتواصفه الناس ويتناقلوه عادة، لا سيما والطاعنون فيه صلى الله عليه وسلم أكثف عددا من الذابين عنه صلى الله عليه وسلم، وإذا لم تقع المعارضة إلى الآن غلب على الظن، بل حصل الجزم أنها لا تقع أبدا لاستقرار الإسلام وقلة شوكة الطاعنين.

وإنما جيء ب «إن» الذي للشك دون «إذا» الذي للوجوب والقطع، مع أن انتفاء إتيانهم بالسورة واجب بناء على حسبانهم وطمعهم، فإنهم كانوا بعد غير جازمين بالعجز عن المعارضة لاتكالهم على بلاغتهم. وأيضا فيه تهكم كما يقول الموصوف بالقوة الواثق من نفسه بالغلبة على من يقاويه: إن غلبتك لم أبق عليك. وإنما اختير قوله «فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا» على قوله «فإن لم تأتوا بسورة من مثله ولن تأتوا بسورة من مثله، طلبا للوجازة، فإن الإتيان فعل من الأفعال، وحذف مفعول فعل كثير دون مفعول أتى فهو جار مجرى الكناية التي تعطيك اختصارا يغنيك عن طول المكنى عنه، كما لو قلت: أتيت فلانا وأعطيته درهما. فيقال لك:

نعم ما فعلت. وقوله «ولن تفعلوا» جملة معترضة لا محل لها. وليس الواو للحال وإنما هو للاستئناف. والمعترضة تجيء بالواو وبدون الواو، وقد اجتمعتا في قوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [الواقعة: 76] وإنما لم يقل فإن لم تفعلوا فاتركوا العناد كما هو الظاهر، لأن اتقاء النار لصيقه وضميمه ترك العناد، فوضع موضعه من حيث إنه من نتائجه، لأن من اتقى النار ترك المعاندة، ونظيره قول الملك لجيشه: إن أردتم الكرامة عندي فاحذروا سخطي. يريد فاتبعون وافعلوا ما هو نتيجة حذر السخط، فهو من باب الكناية. وفائدته الإيجاز الذي هو من حلية القرآن، وتهويل شأن العناد بأنه الموجب للنار، ولهذا شنع بتفظيع أمرها. والوقود ما ترفع به النار، وأما المصدر فمضموم وقد جاء فيه الفتح. فإن قلت: صلة «الذي» و «التي» يجب أن تكون قصة معلومة للمخاطب، فكيف علم أولئك أن نار الآخرة توقد بالناس والحجارة؟ قلنا: لا يمتنع أن يتقدم لهم بذلك سماع من أهل الكتاب، أو سمعوه من رسول الله، أو يكون إشارة إلى ما نزلت بمكة قبل نزول هذه بالمدينة وذلك في سورة التحريم قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ [التحريم: 6] ولهذا عرّفت هاهنا مشارا بها إلى ما عرفوه ثمة أوّلا، والمعنى: اتقوا نارا ممتازة عن غيرها من النيران بأنها لا تتقّد إلا بالناس والحجارة، أو بأنها توقد بنفس ما يراد إحراقه وإحماؤه، أو بأنها لإفراط حرها إذا اتصلت بما لا يشتعل به نار اشتعلت وارتفع لهبها. ولعل لكفار

ص: 196