المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الديباج والحرير وحلوه بالذهب ولم يحلوا حلاله ولم يحرّموا حرامه. - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ١

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌مقدمة المصنف

- ‌هي النفس ما حمّلتها تتحمّل

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في فضل القراءة والقارئ، وآداب القراءة وجواز اختلاف القراآت، وذكر القراء المشهورين المعتبرين

- ‌ذكر القراء السبعة وتسمية نقلتهم من الرواة وطرقهم من الثقات:

- ‌ذكر الأئمة المختارين وتسمية رواتهم:

- ‌المقدمة الثانية

- ‌نكت في الاستعاذة

- ‌المقدمة الثالثة في مسائل مهمة

- ‌المقدمة الرابعة في كيفية جمع القرآن

- ‌المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك

- ‌المقدمة السادسة في ذكر السبع الطول والمثاني والمئين والطواسيم والحواميم والمفصّل والمسبحات وغير ذلك

- ‌المقدمة السابعة في ذكر الحروف التي كتب بعضها على خلاف بعض في المصحف وهي في الأصل واحدة

- ‌المقدمة الثامنة في أقسام الوقف

- ‌المقدمة التاسعة في تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة

- ‌المقدمة العاشرة في أن كلام الله تعالى قديم أولا

- ‌المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

- ‌(سورة فاتحة الكتاب)

- ‌[سورة الفاتحة (1) : الآيات 1 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة البقرة)

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 1 الى 5]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 23 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 28 الى 29]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 34 الى 39]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 46]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 54 الى 57]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 60 الى 61]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 62 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 83 الى 86]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 91]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 92 الى 96]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 101]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 108]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 113]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 119 الى 123]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 124 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 134]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 152]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 157]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 162]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 165 الى 167]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 176]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 187]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 189]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 195]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 203]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الوقوف

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 210]

- ‌القراآت:

- ‌التفسير:

- ‌ التأويل

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 211 الى 214]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 215 الى 218]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 221]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 222 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 228 الى 232]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 233 الى 237]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 242]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 245]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 246 الى 251]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: الديباج والحرير وحلوه بالذهب ولم يحلوا حلاله ولم يحرّموا حرامه.

الديباج والحرير وحلوه بالذهب ولم يحلوا حلاله ولم يحرّموا حرامه. اللهم ارزقنا العلم بكتابك والعمل به.

[سورة البقرة (2) : الآيات 102 الى 103]

وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (103)

‌القراآت:

وَلكِنَّ خفيفا الشَّياطِينُ بالرفع: ابن عامر وحمزة وعلي وخلف وكذلك قوله وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الْمَلَكَيْنِ بكسر اللام هاهنا وفي سورة الأعراف: قتيبة. على أن المنزل عليهما علم السحر كانا ملكين ببابل.

‌الوقوف:

عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ (ج) لأن الواو قد تصلح حالا لبيان نزاهة سليمان وردّ ما افتروا عليه السِّحْرَ (ط) قيل: على جعل «ما» نافية ولا يتضح لمناقضته ما في سياق الآية من إثبات السحر بل «ما» خبرية معطوفة على قوله السِّحْرَ على أنها وإن كانت نافية يحتمل كون الواو حالا على تقدير: يعلمون الناس السحر غير منزل فلا يفصل. وفي الآية عشر «ماآت» إحداها كافة في إِنَّما والأخيرة نكرة منصوبة في لَبِئْسَ ما والباقية خبرية ثم نافية ثم خبرية على التعاقب وَمارُوتَ (ط) فَلا تَكْفُرْ (ط) وَزَوْجِهِ (ط) بِإِذْنِ اللَّهِ (ط) وَلا يَنْفَعُهُمْ (ط) مِنْ خَلاقٍ (ط) يجوز الوقف لابتداء اللام أَنْفُسَهُمْ (ط) يُعَلِّمُونَ (هـ) خَيْرٌ (ط) يَعْلَمُونَ (هـ) .

‌التفسير:

من قبائح أفعالهم أنهم نبذوا كتاب الله وأقبلوا على السحر ودعوا الناس إليه، وهذا شأن اليهود الذين كانوا في زمن محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنهم الذين تقدموا من اليهود. وقيل: إنهم الذين كانوا في زمن سليمان عليه السلام من السحرة لأن أكثر اليهود ينكرون نبوة سليمان ويعدّونه من جملة ملوك الدنيا، فالذين كانوا منهم في زمانه لا يمتنع أن يعتقدوا فيه أنه إنما وجد ذلك الملك العظيم بسبب السحر. والأولى أن يقال: اللفظ يتناول الكل. قال السدي: لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها، فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت. ومعنى «تتلو» تقرأ، أو عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ أي على عهده وفي زمانه. وقيل: تلا عليه أي كذب. فالقوم لما ادعوا

ص: 345

أن سليمان إنما وجد تلك المملكة بسبب ذلك العلم كان ذلك الادعاء كالافتراء على ملك سليمان. وأما الشياطين فالأكثرون على أنهم شياطين الجن، وأنهم كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة، وقد دوّنوها ويقرأونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان حتى قالوا: إن الجن تعلم الغيب وكانوا يقولون: هذا علم سليمان وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم. وقيل: إنهم شياطين الإنس لما روي في الخبر أن سليمان كان قد دفن كثيرا من العلوم التي خصه الله تعالى بها تحت سرير ملكه حرصا على أنه إن هلك الظاهر منها يبقى ذلك المدفون، فلما مضت مدة على ذلك توصل قوم من المنافقين إلى أن كتبوا في خلال ذلك أشياء من السحر تناسب تلك الأشياء من بعض الوجوه، ثم من بعد موته واطلاع الناس على تلك الكتب أوهموا الناس أنه من عمل سليمان وأنه ما وصل إلى ما وصل إلا بهذه الأشياء. وزيفوا قول الأكثرين بأن شياطين الجن لو قدروا على تغيير كتب الأنبياء وشرائعهم بحيث يبقى ذلك التحريف مخيفا فيما بين الناس لارتفع الوثوق عن جميع الشرائع، وهذا بخلاف ما يفعله الإنسان فإنه لا يكاد يخفى على بني نوعه. واختلف في سبب إضافتهم السحر إلى سليمان فقيل: ليروج ذلك منهم.

وقيل: لأنهم ما كانوا مقرين بنبوته. وقيل: لأنه لما خالط الجن وأظهر أسرارا عجيبة غلب على ظنونهم أنه استفاد ذلك من الجن. وقوله وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ تنزيه له عما نسب القوم إليه من السحر المستلزم للكفر، فإن كونه نبيا ينافي كونه ساحرا كافرا. ثم بين أن الذي برأه منه لاصق بغيره فقال وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا ثم ذكر ما به كفروا فقد كان من الجائز أن يتوهم أنهم كفروا لا بالسحر فقال يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ أي ويعلمونهم الذي أنزل على الملكين. وهاروت وماروت عطف بيان للملكين علمان لهما ممتنعان من الصرف للعلمية والعجمة، وليسا من الهرت والمرت وهو الكسر كما زعم بعضهم، لأنهما لو كانا منهما لانصرفا. وقيل: بدلان منهما.

ولنذكر هاهنا حقيقة السحر وقصة هاروت وماروت. أما السحر ففي اللغة عبارة عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه ومنه الساحر للعالم. وسحره خدعه، والسحر الرئة، وفي الشرع: مختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل من غير حقيقة ويجري مجرى التمويه والخداع.

ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله قال تعالى سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ [الأعراف: 116] يعني موّهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى. وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح ويحمد وهو السحر الحلال

قال صلى الله عليه وسلم «إن من البيان لسحرا»

سمى صلى الله عليه وسلم بعض البيان سحرا لأن صاحبه يوضح الشيء المشكل، ويكشف عن حقيقته بحسن بيانه ولطف عبارته، ويقدر على تحسين القبيح وتقبيح الحسن، يسخط تارة فيقول أسوأ ما يمكن، ويرضى تارة فيقول أحسن ما يعلم. ثم

ص: 346

السحر على أقسام: منها سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم الدهر وهو قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم، ومنها تصدر الخيرات والشرور والسعادة والنحوسة، ويستحدثون الخوارق بواسطة تمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية، وهم الذين بعث الله تعالى إبراهيم عليه السلام مبطلا لمقالتهم ورادا عليهم مذاهبهم. ومنها سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية بدليل أن الجذع الذي يتمكن الإنسان من المشي عليه لو كان موضوعا على الأرض لا يمكنه المشي عليه لو كان كالجسر، وما ذاك إلا لأن تخيل السقوط متى قوي أوجبه. وقد اجتمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر، والمصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران، وما ذاك إلا لأن النفوس خلقت مطيعة للأوهام. وحكي في الشفاء عن أرسطو أن الدجاجة إذا تشبهت كثيرا بالديكة في الصوت وفي الحراب مع الديكة في الصوت تنبت على ساقها مثل الشيء النابت على ساق الديك. وهذا يدل على أن الأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية.

واجتمعت الأمم على أن الدعاء مظنة الإجابة، وأن الدعاء باللسان من غير طلب نفساني قليل الأثر. ويحكى أن بعض الملوك عرض له فالج، فدخل عليه بعض الحذاق من الأطباء على حين غفلة منه وشافهه بالشتم والقدح في العرض، فاشتد غضب الملك وقفز من مرقده قفزة اضطرارية وزالت تلك العلة المزمنة. والإصابة بالعين مما اتفق عليه العقلاء، والتحقيق فيه أن النفس إذا كانت مستعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السموات، كانت كأنها روح من الأرواح السماوية، وكانت قوية التأثير في مواد هذا العالم. أما إذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصرف البتة إلا في هذا البدن.

فإذا أراد أن يتعدى تأثيرها إلى بدن آخر اتخذ تمثال ذلك الغير ووضعه عند الحس فاشتغل الحس به وتبعه الخيال عليه وأقبلت النفس الناطقة بالكلية على ذلك، فقويت التأثيرات النفسانية والتصرفات الروحانية، ويعضده الانقطاع عن المألوف والمشتهيات وتقليل الغذاء والاعتزال عن الناس، ثم إن كانت النفس مناسبة لهذا الأمر بحسب ماهيتها وخاصيتها عظم التأثير. وأما الرقى فإن كانت بألفاظ معلومة فالأمر فيها ظاهر لأن الغرض منها أن حسن البصر كما اشتغل بالأمور المناسبة للغرض، فحس السمع أيضا يشتغل بها، فإن الحواس متى تطابقت متوجهة إلى الغرض الواحد كان توجه النفس إليه أقوى وإن كانت بألفاظ غير معلومة حصلت للنفس هناك حالة شبيهة بالحيرة والدهشة، ويحصل لها إذ ذاك انجذاب وانقطاع عن المحسوسات وإقبال على ذلك الفعل، فيقوى التأثير النفساني فيحصل الغرض.

وهكذا القول في الدخن قالوا: فثبت أن هذا القدر من القوة النفسانية مستقل بالتأثير فإن

ص: 347

انضم إليه الاستعانة بالقسم الأول وهو تأثيرات الكواكب قوي الأثر جدا، لا سيما إن حصل لهذه النفس مدد من النفوس المفارقة المشابهة لها أو من الأنوار الفائضة من النفوس الفلكية. ومنها سحر من يستعين بالأرواح الأرضية وهو المسمى بالعزائم، وتسخير الجن ومنه التخييلات الآخذة بالعيون وتسمى الشعوذة. وذلك أن أغلاط البصر كثيرة، فإن راكب السفينة إذا نظر إلى الشط رأى السفينة واقفة والشط متحركا، والقطرة النازلة ترى خطا مستقيما، والعنبة ترى في الماء كالزجاجة، ويرى العظيم من البعيد صغيرا. وقد لا تقف القوة الباصرة على المحسوس وقوفا تاما إذا أدركت المحسوس في زمان صغير جدا فيخلط البعض بالبعض ولا يتميز، فإن الرحى إذا أخرجت من مركزها إلى محيطها خطوطا كثيرة بألوان مختلفة ثم أديرت، فإن البصر يرى لونا واحدا كأنه مركب من كل تلك الألوان.

وأيضا النفس إذا كانت مشغولة بشيء فربما حضر عند الحس شيء آخر، فلا يشعر الحس به البتة كما أن الإنسان عند دخوله على السلطان قد يلقاه إنسان ويتكلم معه فلا يعرفه ولا يفهم كلامه لما أن قلبه مشغول بشيء آخر، وكذا الناظر في المرآة ربما قصد أن يرى سطح المرآة هل هو مستو أم لا، فلا يرى شيئا مما في المرآة. فالمشعوذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أذهان الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه، حتى إذا استقر بهم الشغل بذلك الشيء والتحديق نحوه، عمل شيئا آخر عملا بسرعة فيبقى ذلك العمل خفيا لتعاون الشيئين اشتغالهم بالأول وسرعة إتيانه بالثاني. ومنها الأعمال العجيبة التي تظهر من الآلات المركبة على النسب الهندسية، أو لضروب الخيلاء كفارسين يقتتلان فيقتل أحدهما الآخر، ومنه الصور التي يصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان، وقد يصورونها ضاحكة أو باكية. وقد يفرق بين ضحك السرور وضحك الخجل، ومن هذا الباب تركيب صندوق الساعات وعلم جر الأثقال وهذا لا يعد من السحر عرفا، لأن لها أسبابا معلومة يقينية.

ومنها الاستعانة بخواص الأدوية والأحجار، ومنها تعليق القلب وهو أن يدعي الساحر أنه قد عرف الاسم الأعظم وأن الجن ينقادون له في أكثر الأمور، فإذا اتفق أن كان السامع ضعيف القلب قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك وحصل في قلبه نوع من الرعب، وحينئذ تضعف القوى الحساسة فيتمكن الساحر من أن يفعل فيه ما شاء. وإن من جرب الأمور وعرف أحوال الناس علم أن لتعليق القلب أثرا عظيما في تنفيذ الأعمال وإخفاء الأسرار.

ومنها السعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفية لطيفة وذلك شائع في الناس. فهذه جملة الكلام في أقسام السحر، وعند المسلمين كلها مستندة إلى قدرة الله، فإنه لا يمتنع وقوع هذه الخوارق بإجراء العادة عند سحر السحرة. واتفقوا على أن العلم به ليس بقبيح ولا محظور،

ص: 348

لأن العلم لذاته شريف ولعموم قوله تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر: 9] ولأن الفرق بينه وبين المعجز يمكن به إلا أن اجتنابه أقرب إلى السلامة كتعلم الفلسفة التي لا يؤمن أن تجر إلى الغواية. وأما أن الساحر هل يكفر أم لا فلا نزاع بين الأمة في أن من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم وهي الخالقة لما فيه من الحوادث والخيرات والشرور، فإنه يكون كافرا على الإطلاق، وهذا هو القسم الأول من السحر. وأما النوع الثاني وهو أن يعتقد أنه قد يبلغ روح الإنسان في التصفية والقوة إلى حيث يقدر على إيجاد الأجسام وإعدامها وتغيير البنية والشكل، فالأظهر إجماع الأمة أيضا على تفكيره، وأما أن يعتقد الساحر أنه قد يبلغ في التصفية وقراءة الرقى وتدخين بعض الأدوية إلى حيث يخلق الله تعالى عقيب أفعاله على سبيل العادة الأجسام والحياة والعقل وتغيير البنية والشكل، فالمعتزلة اتفقوا على تكفير من يجوز ذلك قالوا: لأنه مع هذا الاعتقاد لا يمكنه أن يعرف صدق الأنبياء والرسل، وزيف بأن الإنسان لو ادعى النبوة وكان كاذبا في دعواه فإنه لا يجوز من الله تعالى إظهار الخوارق على يده لئلا يحصل التلبيس، أما إذا لم يدع النبوة فظهرت الخوارق على يده لم يفض ذلك إلى التلبيس، فإن المحق يتميز عن المبطل بما أن المحق تحصل له هذه الأشياء مع ادعاء النبوة والمبطل لا تحصل له هذه الأشياء مع ادعاء النبوة، وإن حصلت لم يتم فصوله الباطل كنار العرفج. وأما سائر أنواع السحر فلا شك أنها ليست بكفر، وحكم من كفر بالسحر حكم المرتد. وإذا سحر إنسانا فمات فإن قال: إني سحرته وسحري يقتل غالبا وجب عليه القود، وإن قال: سحرته وسحري قد يقتل وقد لا يقتل، فهو شبه عمد، وإن قال: سحرت غيره فوافق اسمه اسمه فخطأ. وعن أبي حنيفة أنه قال: يقتل الساحر إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله «إني أترك السحر وأتوب منه» فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه. وإن شهد شاهدان علي أنه ساحر أو وصفوه بصفة يعلم أنه ساحر قتل ولا يستتاب، وإن أقر بأني كنت أسحر مرة وقد تركت ذلك منذ زمان قبل منه ولم يقتل. وأما قصة هاروت وماروت فقد يروى عن ابن عباس أن الملائكة لما قالت أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ فأجابهم الله بقوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ [البقرة: 31] ثم وكل عليهم جمعا من الملائكة وهم الكرام الكاتبون وكانوا يعرجون بأعمالهم الخبيثة، فعجبت الملائكة منهم ومن تبقية الله لهم مع ما ظهر منهم من القبائح. ثم أضافوا إليهما عمل السحر فازداد تعجب الملائكة، فأراد الله أن يبتلي الملائكة فقال لهم: اختاروا ملكين من أعظم الملائكة علما وزهدا وديانة لأنزلهم إلى الأرض فأختبرهم. فاختاروا هاروت وماروت، وركب فيهما شهوة الإنس وأنزلهما ونهاهما عن

ص: 349

الشرك والقتل والزنا والشرب. فنزلا، فأمر الله تعالى الكوكب المسمى بالزهرة والملك الموكل به فهبطا إلى الأرض، فجعلت الزهرة في صورة امرأة، والملك في صورة رجل. ثم إن الزهرة اتخذت منزلا وزينت نفسها ودعتهما إليها، ونصب الملك نفسه في منزلها في مثال صنم فأقبلا عليها وطلبا الفاحشة فأبت عليهما إلا أن يشربا الخمر فقالا: لا نشرب الخمر. ثم غلبت الشهوة عليهما فشربا ثم دعواها إلى ذلك فقالت: بقيت خصلة لست أمكنكما من نفسي حتى تفعلاها. قالا: وما هي؟ قالت: تسجدان لهذا الصنم. فقالا: لا نشرك بالله شيئا. ثم غلبت الشهوة عليهما فقالا: نفعل ثم نستغفر. فسجدا للصنم. ثم دخل سائل عليهم فقالت: إن أظهر هذا السائل للناس ما رأى منا فسد أمرنا، فإن أردتما الوصول إليّ فاقتلا هذا الرجل. فامتنعا منه، ثم اشتغلا بقتله. فلما فرغا من القتل ارتفعت الزهرة وملكها إلى موضعهما من السماء فعرفا حينئذ أنه إنما أصابهما بسبب تعيير بني آدم. وفي رواية أخرى أن الزهرة كانت فاجرة من أهل الأرض

، وأنهما واقعاها بعد أن شربا الخمر وقتلا النفس وسجدا للصنم وعلماها الاسم الأعظم الذي كانا يعرجان به إلى السماء، فتكلمت المرأة بذلك الاسم فعرجت إلى السماء فمسخها الله تعالى وصيرها هذا الكوكب ثم إن الله تعالى خيرهما بين عذاب الآخرة آجلا وبين الدنيا عاجلا، فاختارا عذاب الدنيا فجعلهما ببابل منكوسين في بئر إلى يوم القيامة وهما يعلمان الناس السحر ويدعوان إليه ولا يراهما أحد إلا من ذهب إلى ذلك الموضع ليعلم السحر خاصة. وهذه القصة عند المحققين غير مقبولة، فليس في كتاب الله ما يدل عليها، ولأن الدلائل الدالة على عصمة الملائكة تنافيها، ولاستبعاد كونهما معلمين للسحر حال العذاب، ولأن الفاجرة كيف يعقل أنها صعدت إلى السماء وجعلها الله تعالى كوكبا مضيئا، ولأنه ذكر في القصة أن الله تعالى قال لهما لو ابتليتكما بما ابتليت به بني آدم لعصيتماني فقالا: لو فعلت بنا يا رب لما عصيناك وهذا منهم تكذيب الله وتجهيل. فإذن السبب في إنزالهما أن السحرة كثرت في ذلك الزمان واستنبطت أبوابا غريبة من السحر وكانوا يدعون النبوة، فبعث الله هذين الملكين ليعلما الناس أبواب السحر حتى يتمكنوا من معارضة أولئك الكاذبين، ولا شك أن هذا من أحسن الأغراض والمقاصد. وأيضا تعريف حقيقة السحر ليميز بينه وبين المعجزة حسن، وكذا السحر لإيقاع الفرقة بين أعداء الله والألفة بين أوليائه. ولعل للجن أنواعا من السحر لا يقدر البشر على معارضتها إلا بإعانة الملك وإرشاده، ويجوز أن يكون ذلك تشديدا في التكليف من حيث إنه إذا علمه ما أمكنه أن يتوصل به إلى اللذات العاجلة ثم يمنعه من استعماله، كان ذلك في نهاية المشقة فيستوجب مزيد الثواب كما ابتلي قوم طالوت بالنهر فَمَنْ شَرِبَ

ص: 350

مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي

[البقرة: 942] ويقال: هذه الواقعة كانت في زمان إدريس لأنهما إذا كانا ملكين نزلا بصورة البشر لهذا الغرض، فلا بد من رسول في وقتهما ليكون ذلك معجزة له، ولا يجوز كونهما رسولين لأن رسول الإنس ثبت أنه لا يكون إلا منهم.

قوله تعالى وَما يُعَلِّمانِ أي وما يعلم الملكان أحدا حتى ينهياه وينصحاه ويقولا له إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ ابتلاء واختبار من الله فَلا تَكْفُرْ بأن تتعلمه معتقدا له أنه حق أو متوصلا به إلى شيء من المعاصي والأعراض العاجلة فَيَتَعَلَّمُونَ الضمير لما دل عليه العموم في مِنْ أَحَدٍ أي فيتعلم الناس من الملكين ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ إما لأنه إذا اعتقد أن السحر حق كفر فبانت منه امرأته، وإما لأنه يفرّق بينهما بالتمويه والاحتيال كالنفث في العقد ونحو ذلك مما يحدث الله عنده الفرك والنشوز ابتلاء منه، لا أن السحر له أثر في نفسه بدليل قوله وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ بإدارته وقدرته، لأن إن شاء أحدث عند ذلك شيئا من أفعاله وإن شاء لم يحدث، وكان الذي يتعلمونه منهما لم يكن مقصورا على هذه الصورة، ولكن سكون المرء وركونه إلى زوجه لما كان أشد خصت بالذكر ليدل بذلك على أن سائر الصور بتأثير السحر فيها أولى وقرأ الأعمش وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ فجعل الجارّ جزءا من المجرور وهو «أحد» وأضاف إلى المجموع وفصل بينهما بالظرف. ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم لأنهم يستعملونه في وجوه المفاسد وَلَقَدْ عَلِمُوا علم هؤلاء اليهود اللام فيه للابتداء وكذا في لَمَنِ اشْتَراهُ استبدل ما تتلو الشياطين واختاره على كتاب الله ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ من نصيب كأنه قدر له هذا المقدار، وقيل: الخلاق الخلاص. وقيل معنى الآية أن الملكين إنما قصدا بتعليم السحر الاحتراز عنه ليصل بذلك الاحتراز إلى منافع الآخرة، فلما استعمل السحر للدنيا فكأنه اشترى بمنافع الآخرة منافع الدنيا وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أي باعوها والمخصوص محذوف وهو السحر أو منافع الدنيا، وجواب «لو» محذوف يدل عليه ما قبله أي لو كانوا يعلمون لعلموا قبح ما شروا. ويجوز أن يكون «لو» للتمني مجازا كما تقدم من الترجي في لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وحينئذ لا يحتاج إلى الجواب. بقي هاهنا سؤال وهو أنه كيف أثبت لهم العلم أولا في قوله وَلَقَدْ عَلِمُوا على سبيل التوكيد بالقسم إجمالا ثم نفاه عنهم في قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ؟ فإن «لو» لامتناع الثاني لامتناع الأول، وكذا لو كان للتمني فإن التمني استدعاء أمر هو كالممتنع. والجواب أن الذين علموا غير الذين لم يعلموا، فالذين علموا هم الذين علموا السحر ودعوا الناس إلى تعلمه ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، والذين لا يعلمون هم الجهال الذين يرغبون في تعلم السحر. سلمنا أن القوم واحد، ولكنهم علموا

ص: 351