المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الضمير بعده توكيد الْأَقْدَمُونَ هـ والوصل أولى للفاء الْعالَمِينَ هـ - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ٥

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌(سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 21 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 51 الى 91]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف:

- ‌ التفسير

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 92 الى 112]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الحج)

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 23 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 64]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 65 الى 78]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة المؤمنون)

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 31 الى 56]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 90]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 91 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة النور)

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 10]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 26]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 51 الى 64]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الفرقان)

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 21 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 51 الى 77]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الشعراء)

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 68]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 122]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 123 الى 175]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة النمل)

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 44]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 93]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة القصص)

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 21]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 22 الى 42]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 43 الى 70]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة العنكبوت)

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 15]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 16 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 42 الى 69]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الروم)

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 32]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 33 الى 60]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة لقمان)

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 19]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة ألم السجدة)

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الأحزاب)

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌ الوقوف

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 21 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 73]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة سبأ)

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 21]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 54]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة فاطر)

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 26]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 45]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة يس)

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 44]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 45 الى 83]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة والصافات)

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌ التفسير

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 83 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة ص)

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 88]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة الزمر)

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 31]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌الفهرس

الفصل: الضمير بعده توكيد الْأَقْدَمُونَ هـ والوصل أولى للفاء الْعالَمِينَ هـ

الضمير بعده توكيد الْأَقْدَمُونَ هـ والوصل أولى للفاء الْعالَمِينَ هـ لا لأن الَّذِي صفة الرب يَهْدِينِ هـ لا يَشْفِينِ هـ وَيَسْقِينِ هـ يُحْيِينِ هـ لا الدِّينِ هـ بِالصَّالِحِينَ هـ لا الْآخِرِينَ هـ لا النَّعِيمِ هـ لا الضَّالِّينَ هـ لا يُبْعَثُونَ هـ وَلا بَنُونَ هـ لا سَلِيمٍ هـ ط بناء على أن ما بعده إلى آخر أحوال الجنة والنار هو من كلام الله تعالى وهو الظاهر. وقيل: هو من تتمة كلام إبراهيم الْعالَمِينَ هـ الْمُجْرِمُونَ هـ شافِعِينَ هـ حَمِيمٍ هـ ط الْمُؤْمِنِينَ هـ لَآيَةً ط مُؤْمِنِينَ هـ الرَّحِيمُ هـ الْمُرْسَلِينَ ج لأن «إذ» تصلح ظرفا للتكذيب مفعولا لا ذكر تَتَّقُونَ ج هـ لأن ما بعده من تمام المقول أَمِينٌ هـ لا للفاء وَأَطِيعُونِ ج هـ مِنْ أَجْرٍ ج الْعالَمِينَ ج هـ وَأَطِيعُونِ هـ لا الْأَرْذَلُونَ هـ ط يَعْمَلُونَ ج هـ لأن ما بعده من تمام المقول تَشْعُرُونَ هـ لذلك الْمُؤْمِنِينَ ج هـ مُبِينٌ هـ الْمَرْجُومِينَ هـ ط كَذَّبُونِ هـ ج الْمُؤْمِنِينَ هـ الْمَشْحُونِ ج هـ الْباقِينَ هـ لَآيَةً ط مُؤْمِنِينَ هـ ط الرَّحِيمُ هـ.

‌التفسير:

القصة الثانية قصة إبراهيم عليه السلام وكان يعلم أنهم عبدة أصنام ولكنه سألهم للإلزام والتبكيت. ومثله أهل المعاني بأن يقول أحد للتاجر: ما مالك؟ وهو يعلم أن ماله الرقيق ثم يقول له الرقيق: جمال وليس بمال. وإنما قال في سورة الصافات ماذا تَعْبُدُونَ [الصافات: 85] بزيادة «ذا» لأنه أراد هناك مزيد التوبيخ ولذلك بني الكلام على الزيادة ثم أردفه بقوله أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ [الصافات: 86] وحين صرح هنالك بالتوبيخ لم يجيبوه وهاهنا ظنوا أنه يريد الاستفهام حقيقة فأجابوه ولكنهم بسطوا الكلام بسطا ولم يقتصروا على أَصْناماً بل زادوا ناصبه وعقبوه بقولهم فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ إظهارا للابتهاج والافتخار. قال في الكشاف: وإنما قالوا فَنَظَلُّ لأنهم كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل. قلت: وهذا مبني على النقل الصحيح والظن به حسن. قال: لا بد في يَسْمَعُونَكُمْ من تقدير حذف المضاف معناه هل يسمعون دعاءكم؟ قلت: ويحتمل أن يكون المحذوف مفعولا ثانيا أي هل يسمعونكم تدعون إذ تدعون وهو حكاية حال ماضية لأن «إذ» للمضي ومعناه استحضار الأحوال الماضية التي كانوا يدعونها فيها. وحين تمسكوا في الجواب بطريقة التقليد قائلين على سبيل الإضراب بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ نبههم إبراهيم بقوله أَفَرَأَيْتُمْ على أن الباطل لا يتغير بأن يكون قديما أو حديثا ولا بأن يكون في مرتكبيه كثرة أو قلة، وصرح بأن معبوديه أعداء لقوله تعالى كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [مريم: 82] أو لأن الذي يغري على عبادتها هو الشيطان وهو أعدى عدو للإنسان. وإنما لم يقل عدوّ لكم لأنه أراد تصوير المسألة في نفسه ليكون

ص: 273

أدل على النصح وأقرب إلى القبول كأنه قال: إني فكرت في أمري فرأيت عبادتي لها عبادة للعدوّ. ويحكى عن الشافعي أن رجلا واجهه بشيء فقال: لو كنت بحيث أنت لاحتجت إلى أدب. وقوله إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ استثناء منقطع أي لكن رب العالمين حبيب لي. ثم وصف لهم الرب بأنه الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ أي خلق بدني على كماله الممكن له ثم يهدين في الاستقبال إلى ضروب مصالح الدين والدنيا كامتصاص الدم في البطن والثدي بعد الولادة نظيره ما مر في «طه» الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه: 50] . ثم نبه بقوله وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ أن الذي يتعلق به قوام البدن من الاغتذاء بالطعام والإساغة بالشراب هو من جملة إنعام الله تعالى لأنه خلق هناك قوى جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة وغيرها، ولولاها لما تم أمر الانتفاع بالغذاء بل نفس الغذاء من جملة نعمه الشاملة، ثم قال وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وذلك أن البدن ليس دائما على النهج الطبيعي بحيث تصدر عنه الأفعال الموضوع هو لها سليمة فاسترداد الصحة بعد زوالها ليس إلا بإذن الله وبما خلق لكل داء دواء وإنما لم يقل أمرضني لأن كثيرا من أسباب المرض يحدث بإسراف الإنسان في المطعم والمشرب. وأيضا الصحة تحتاج إلى سبب قاهر يقسر الأخلاط والقوى على النسبة المطلوبة، أما المرض فإنه بسبب تنافر الأخلاط وطلب كل منها مركزه الأصلي. وأيضا فيه رعاية الأدب في مقام المدح وتعداد النعم وإنما لم يراع هذه النكتة في قوله وَالَّذِي يُمِيتُنِي لأن الإماتة ليست بضر كالمرض. إما بعدم الإحساس وقتئذ، وإما لأنها مقدمة الوصول إلى عالم الخير والراحة. وإنما زاد لفظة «هو» في الإطعام والشفاء لأنهما قد ينسبان إلى الإنسان فيقال: زيد يطعم وعمرو يداوي. فأكد إعلاما بأن ذلك في الحقيقة من الله، واما الإماتة والإحياء فلا يدعيهما مدع فأطلق. ثم أشار إلى ما بعد الإحياء من المجازاة بقوله وَالَّذِي أَطْمَعُ فحمل الأشاعرة الطمع على مجرد الظن والرجاء بناء على أنه لا يجب لأحد على الله شيء. وحمله المعتزلة على اليقين تارة وعلى هضم النفس والتواضع وتعليم الأمة أخرى، كما أنه أضاف الخطيئة إلى نفسه لمثل ذلك. وقد تحمل الخطيئة على المعاريض المنسوبة إليه من قوله إِنِّي سَقِيمٌ [الصافات: 89] وقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ [الأنبياء: 63] وقوله لسارة «هي أختي» وإنما علق المغفرة بيوم الدين لأن أثرها يتبين يومئذ وهو في الدنيا خفي. قال بعضهم: فائدة زيادة «لي» هي أن يعلم أن المغفرة فائدتها تعود إليه والله سبحانه لا يستفيد بذلك كمالا لم يكن له. والمراد: أطمع أن يغفر لي لمجرد عبوديتي له واحتياجي إليه لا بواسطة شفيع كما

قال لجبرائيل: أما إليك فلا.

وحين قدم الثناء شرع في الدعاء تعليما لأمته إذا أرادوا مسألة فقال رَبِّ هَبْ لِي

ص: 274

حُكْماً

وهو إشارة إلى كمال القوة النظرية وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وهو إشارة إلى كمال القوة العملية. ولقد أجابه حيث قال وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ وقيل: الحكم النبوة إذ النبي ذو حكمة وذو حكم. بين عباد الله تعالى وزيف بأنه كان حاصلا فكيف يطلبه؟

والظاهر أنه أراد بالحكم النسب الذهنية المطابقة للخارجية أعني العلوم النظرية كما بينا.

قالت الأشاعرة: في الآية دلالة على مسألة خلق الأعمال، إنه طلب العلم من الله فلولا أن العلم بخلقه وإلا كان السؤال عبثا. وحمله المعتزلة على منح الألطاف. قيل: الحكم المطلوب بالدعاء إن كان هو العلم بغير الله لزم أن يكون سائلا لما يشغله عن الله وهو باطل، وإن كان العلم بالله بقدر ما هو شرط صحة الإيمان لزم طلب ما هو حاصل لأدنى المؤمنين فضلا عن إبراهيم، فإذن هو العلم الزائد على ما هو ضروري في الإيمان وهو الوقوف على حقيقة الذات والصفات، ثم لا يكشف المقال عنها غير الخيال وبه يصير المؤمن من الواصلين إلى العين دون السامعين إلى الأثر. ثم طلب الذكر الجميل بقوله وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ والإضافة فيه كقوله قَدَمَ صِدْقٍ [يونس: 2] وقال ابن عباس: وقد أعطاه الله ذلك لقوله وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ [الصافات: 78] ولهذا اتفق أهل الأديان قاطبة على حبه وادعاء متابعته. ومدح الكافر ليس مقصودا لذاته من حيث هو كافر وإنما المقصود أن يكون ممدوح كل إنسان ومحمودا بكل لسان. وفائدة الثناء على الشخص بعد وفاته هو انصراف الهمم إلى ما به يحصل له عند الله زلفى وقد يصير ذلك المدح داعيا للمادح أو لمن يسمعه إلى اكتساب مثل تلك الفضائل. وقيل: سأل ربه أن يجعل من ذريته في آخر الزمان من يكون داعيا إلى ملته وهو محمد صلى الله عليه وسلم. ثم سأل ما هو غاية كل سعادة فقال وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وقد مر معنى هذه الوراثة في قوله وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها [الأعراف: 43] وكذلك في سورة مريم تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا [مريم: 63] ثم طلب السعادة الحقيقية لأشد الناس التصاقا به وهو أبوه قائلا وَاغْفِرْ لِأَبِي وقد سبق في آخر التوبة وفي «مريم» ما يتعلق به من المباحث. وهاهنا سؤال: وهو أنه متى حصلت الجنة بدعائه امتنع حصول الخزي فكيف قال بعده وَلا تُخْزِنِي وأيضا قال تعالى إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ [النحل: 27] وما كان نصيب الكافر كيف يستجير منه المعصوم؟ أجاب عنه في التفسير الكبير كما أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فكذلك.

درجات الأبرار دركات المقربين، وخزي كل واحد ما يليق بحاله فكأنه سأل الشركة أوّلا ثم الخصوصية ثانيا. وأقول: يحتمل أن يكون هذا الدعاء من تتمة دعائه لأبيه أي لا تخزني ولا تفضحني بسبب تعذيب أبي يوم يبعث الضالون أو العباد كلهم، ومثل هذا الضمير مما يعلم عوده بالقرينة. ويجوز أن يكون سأل الجنة بشرط التعظيم والإجلال، ويجوز أن يكون أخر

ص: 275

هذا الدعاء لما يعقبه من حديث يوم القيامة وأهوالها وأحوالها فأراد أن لا ينقطع نظم الكلام. وفي قوله إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ إشارة إلى ما وصفه الله به في قوله تعالى وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الصافات: 84] وفي هذا الاستثناء وجوه منها: أنه منقطع والمضاف محذوف أي إلا حال من أتى الله بقلب سليم والمراد بالحال سلامة القلب والمعنى: أن المال والبنين لا ينفعان وإنما ينفع سلامة القلب عن الأمراض الروحانية كالجهل وسائر الأخلاق الذميمة، ويندرج في سلامة القلب سلامة سائر الجوارح لأنه رئيسها. ولا شك أن المال والبنين ليسا من جنس سلامة القلب فيكون الاستثناء منقطعا. ومنها أنه متصل وذلك على وجهين: أحدهما لا ينفع غنى إلا غنى من أتى الله بقلب سليم لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه. وثانيهما أن يجعل من باب قولهم:

تحية بينهم ضرب وجيع والمضاف المحذوف الحال أو السلامة نظيره أن يقال لك: هل لزيد مال وبنون؟ فتقول:

ماله وبنوه سلامة قلبه تريد نفي المال والبنين عنه وإثبات سلامة القلب له بدلا عن ذلك.

ومنها أن يكون الموصول مفعولا لينفع والاستثناء مفرغ أي لا ينفع مال ولا بنون أحدا إلا رجلا سلم قلبه مع ماله وبنيه حيث أنفقه في طاعة الله وما قصر في باب تأديبهم وإرشادهم، أو سلم قلبه من فتنة المال والبنين فلم يكفر ولم يعص. وقد يفسر السليم بالذائب من خشية الله تعالى.

وحين انجرّ الكلام إلى ذكر يوم القيامة وصف الله تعالى أو إبراهيم أحواله وأهواله فقال وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ قال المفسرون: الجنة تقرب من موقف السعداء ليكون لهم فرجا معجلا، وتجعل النار بارزة مكشوفة للأشقياء ليزدادوا غما وحسرة، ولمثل هذا اليوم وبخهم بقوله أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ يعني الآلهة التي كنتم تعبدونها من دون الله هل ينفعونكم بنصرتهم لكم أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لأنهم وآلهتهم وقود النار وذلك قوله فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ أي الآلهة وَالْغاوُونَ الذين عبدوهم قال جار الله: الكبكبة تكرير الكب جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى كأنه إذا ألقى في جهنم ينكب مرة بعد مرة حتى يستقر في قعرها أعاذنا الله منها. والمراد بجنود إبليس شياطينهم أو متبعوه من عصاة الجن والإنس. قالُوا يعني الغاوين وجنود إبليس وَهُمْ يعني والحال أن الأصنام وعبدتهم فِيها يَخْتَصِمُونَ قال أكثر المفسرين: يجوز أن ينطق الله الأصنام بحيث

ص: 276