المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ط وَجْهَ اللَّهِ ز ط الْمُفْلِحُونَ هـ عِنْدَ اللَّهِ ج - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ٥

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌(سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 21 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 51 الى 91]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف:

- ‌ التفسير

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 92 الى 112]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الحج)

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 23 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 64]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 65 الى 78]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة المؤمنون)

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 31 الى 56]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 90]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 91 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة النور)

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 10]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 26]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 51 الى 64]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الفرقان)

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 21 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 51 الى 77]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الشعراء)

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 68]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 122]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 123 الى 175]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة النمل)

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 44]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 93]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة القصص)

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 21]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 22 الى 42]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 43 الى 70]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة العنكبوت)

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 15]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 16 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 42 الى 69]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الروم)

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 32]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 33 الى 60]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة لقمان)

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 19]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة ألم السجدة)

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الأحزاب)

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌ الوقوف

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 21 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 73]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة سبأ)

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 21]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 54]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة فاطر)

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 26]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 45]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة يس)

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 44]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 45 الى 83]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة والصافات)

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌ التفسير

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 83 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة ص)

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 88]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة الزمر)

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 31]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌الفهرس

الفصل: ط وَجْهَ اللَّهِ ز ط الْمُفْلِحُونَ هـ عِنْدَ اللَّهِ ج

ط وَجْهَ اللَّهِ ز ط الْمُفْلِحُونَ هـ عِنْدَ اللَّهِ ج ط لعطف جملتي الشرط الْمُضْعِفُونَ هـ يُحْيِيكُمْ ط شَيْءٍ ط يُشْرِكُونَ هـ يَرْجِعُونَ هـ مِنْ قَبْلُ ط مُشْرِكِينَ هـ يَصَّدَّعُونَ هـ كُفْرُهُ ج لما مر يَمْهَدُونَ هـ لا وقد يوقف على جعل اللام للقسم وحذف نون التأكيد مِنْ فَضْلِهِ هـ الْكافِرِينَ هـ تَشْكُرُونَ هـ جْرَمُوا

ط وقيل:

يوقف على قًّا

أي وكان الانتقام حقا. ثم ابتدأ علينا أي واجب عليناصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

هـ خِلالِهِ ط ج للشرط مع الفاء يَسْتَبْشِرُونَ هـ لَمُبْلِسِينَ هـ مَوْتِها ط الْمَوْتى ج لاتفاق الجملتين مع العدول عن بيان الإحياء إلى بيان القدرة قَدِيرٌ هـ يَكْفُرُونَ هـ مُدْبِرِينَ هـ ضَلالَتِهِمْ ط مُسْلِمُونَ هـ وَشَيْبَةً ط ما يَشاءُ ج ط لاختلاف الجملتين مع اتحاد المقول الْقَدِيرُ هـ الْمُجْرِمُونَ هـ لا لأن ما بعده جواب القسم غَيْرَ ساعَةٍ ط يُؤْفَكُونَ هـ يَوْمِ الْبَعْثِ ز لاختلاف الجملتين مع اتحاد المقول لا تَعْلَمُونَ هـ يُسْتَعْتَبُونَ هـ مَثَلٍ ط مُبْطِلُونَ هـ لا يَعْلَمُونَ هـ لا يُوقِنُونَ هـ.

‌التفسير:

لما بين التوحيد بالدلائل وبالمثل بين أنه أمر وجداني يعرفونه في حال الضر والبلاء وإن كانوا ينكرونه في حال الرحمة والرخاء، وفي لفظي المس والإذاقة دليل على أن الإنسان قليل الصبر في حالتي الضراء والسراء. وإنما قال إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ ولم يقل «إذا هم يشركون» كما قال في آخر «العنكبوت» ، لأن الكلام هناك مع أهل الشرك وهاهنا مع الناس كلهم وليس كل الناس كذلك. ثم استفهم على سبيل الإنكار قائلا أَمْ أَنْزَلْنا كأنه قال: إذا تقررت الحجج المذكورة فماذا يقولون، أيتبعون أهواءهم بغير علم أم لهم دليل على ما يقولون؟ وإسناد التكلم الى الدليل مجاز كما تقول: نطقت الحال بكذا. و «ما» في قوله بِما كانُوا مصدرية والضمير في بِهِ لله أو موصولة والضمير لها أي بالأمر الذي بسببه يشركون، ويجوز أن يكون على حذف المضاف أي ذا سلطان وهو الملك فذلك الملك يتكلم بالبرهان الذي بسببه يُشْرِكُونَ وحين ذكر الشرك الظاهر أتبعه ذكر الخفي وهو أن تكون عبادة الله للدنيا فإذا أتاه بهواه رضي، وإذا منع وتعسر سخط وقنط، والرحمة المطر والصحة والأمن وأمثالها، والسيئة أضداد ذلك. وإنما لم يذكر سبب الرحمة ليعلم أنها بفضله وذكر سبب السيئة وهو شؤم معاصيهم ليدل على عدله. والفرح بالنعمة مذموم إذا كان مع قطع النظر عن المنعم، فإذا كان مع ملاحظة المنعم فمحمود بل الفرح الكلي يجب أن يكون بالمنعم. والقنوط من رحمة الله أيضا مذموم كما مر في قوله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ [يوسف: 87] ثم أشار بقوله أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ إلى أن الكل من الله فيجب أن يكون نظر المحقق في الحالين على الله. ففي حالة

ص: 415

الرحمة يشتغل بالشكر، وفي حالة الضراء لا ينسب الله إلى عدم القدرة وإلى عدم العناية بحال العبد بل يشتغل بالتوبة والإنابة إلى أوان الفرج والنصر، وهذه مرتبة المؤمن الموحد فلذلك قال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ولا يخفى أن بسط الرزق مما يشاهد ويرى فلذلك قال أَوَلَمْ يَرَوْا وقال في «الزمر» أَوَلَمْ يَعْلَمُوا [الآية: 52] مناسبة لما قبله وهو أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ [القصص: 78] وقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ قال جار الله:

لما ذكر أن السيئة أصابتهم بما قدمت أيديهم أتبعه ذكر ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك قائلا فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ الآية. وأقول: لما بين كيفية التعظيم لأمر الله أشار إلى الشفقة على خلق الله قائلا فَآتِ أيها المكلف أو النبي والأمة يتبعونه لا محالة كما مر في قوله فَأَقِمْ وَجْهَكَ [الروم: 30] وفيه أن الله إذا بسط الرزق فلا ينقص بالإنفاق، وإذا ضيق لم يزدد بالإمساك، فينبغي أن لا يتوقف الإنسان في الإحسان. وفي تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر دلالة على أنهم أولى بالإشفاق عليهم من سائر الأصناف. وإنما قال ذَا الْقُرْبى ولم يقل «القريب» ليكون نصا في معناه ولا يشتبه بالقرب المكاني، وفيه أن القرابة أمر له دوام بخلاف المسكنة وكونه من أبناء السبيل. وفي قوله فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ دون أن يقول «فآت هذه الأصناف حقوقهم» تشريف لذوي القرابة حيث جعل الصنفين الآخرين تابعا لهم على الإطلاق. فإنه إذا قال الملك: خل فلانا يدخل وفلانا أيضا كان أدخل في التعظيم من أن يقول: خل فلانا وفلانا يدخلان ذلِكَ الإيتاء خَيْرٌ في نفسه أو خير من المنع لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ أي ذاته أو جهة قربته فإن من أنفق ألوفا رياء وسمعة لم ينل درجة من أنفق رغيفا لوجه الله وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ كقوله في أول «البقرة» لأن قوله فَأَقِمْ وَجْهَكَ [الروم: 30] اشارة إلى الإيمان بالغيب وغيره أو إلى إقامة الصلاة، وقوله وَآتِ ذَا الْقُرْبى أمر بالزكاة بل بالصدقة المطلقة. وفي قوله يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ إشارة إلى الاعتراف بالمعاد. ثم أراد أن يعظم شأن الصدقة فضم إلى ذلك تقبيح أمر الربا استطرادا.

فمن قرأ ممدودا فظاهر، ومن قرأ مقصورا فهو من الإتيان أي وما غشيتموه أو أصبتموه من إعطاء ربا ليربو أي ليزيد في أموال أكلة الربا، وفي القراءة الأخرى ليزيد في أموالهم فَلا يَرْبُوا فلا يزكو ولا ينمو عِنْدَ اللَّهِ لأنه يمحق بركتها نظيره ما مر في آخر البقرة يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ [الآية: 276] قيل: نزلت في ثقيف وكانوا يرابون. وقيل: نزلت في الهبة أو الإهداء لأجل عوض زائد، فبين الله تعالى أن ذلك لا يوجب الثواب عند الله وإن كان مباحا.

وفي الحديث «الجانب المستغزر يثاب عن هبته»

أي الرجل الغريب إذا أهدى شيئا فإنه ينبغي أن يزاد في عوضه. قال جار الله: في قوله فَأُولئِكَ التفات حسن كأنه قال ذلك لخواصه ولملائكته وهو أمدح لهم من أن يقول «فأنتم المضعفون» أي ذوو الإضعاف

ص: 416

من الحسنات نظيره المقوي والموسر لذوي القوة واليسار، والرابط محذوف أي هم المضعفون به. وجوز في الكشاف أن يراد فمؤتوه أولئك هم المضعفون. قالت العلماء:

أراد الإضعاف في الثواب لا في المقدار، فليس من أعطى رغيفا فإن الله يعطيه عشرة أرغفة، وإنما المراد أن الرغيف الواحد لو اقتضى أن يكون ثوابه قصرا في الجنة فإن الله تعالى يعطيه عشرة قصور تفضلا.

ثم عاد إلى بيان التوحيد مرة أخرى بتذكير الخلق والرزق والإماتة والإحياء بعدها نظرا إلى الدلائل، ثم طلب منهم الإنصاف بقوله هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ قال جار الله:«من» الأولى والثانية والثالثة كل واحدة منهن مستقلة بتأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم. قلت: الأولى للتبعيض كأنه أقام فعل البعض مقام فعل الكل توسعة على الخصم، والثالثة لتأكيد الاستفهام، والمتوسطة للابتداء ولكنه يفيد أنه رضي منهم بشيء واحد من تلك الأشياء للتوسعة المذكورة أيضا. ثم بين أن الشرك وسائر المعاصي سبب ظهور الفساد في البر والبحر وذلك لقلة المنافع وكثرة المضار ومحق البركات من كل شي. وفسره ابن عباس بإجداب البر وانقطاع مادة البحر وتموجه بمائه، وعن الحسن:

المراد بالبحر مدن البحر وقراه التي على سواحله، وقال عكرمة: العرب تسمي الأمصار بحارا لِنُذِيقَهُمْ وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن نعاقبهم بجميعها في الآخرة إرادة أن يرجعوا عما هم عليه، وجوز جار الله أن يراد ظهر الشر والمعاصي في الأرض برا وبحرا بكسب الناس. وعلى هذا فاللام في قوله لِنُذِيقَهُمْ لام العاقبة. ثم أمرهم بالنظر في حال أشكالهم الذين كانت أفعالهم كأفعالهم كقوم نوح وعاد وثمود كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ فيه إشارة إلى أن بعضهم كانوا مرتكبي ما دون الشرك من المعاصي ولكنهم شاركوا المشركين في الهلاك تغليظا عليهم. أو هو كقوله وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال: 25] أو المراد أن أهل الشرك كانوا أكثر من أهل سائر الأديان الباطلة كالمعطلة والمجسمة ونحوهم. خاطب نبيه وبتبعيته أمته بقوله فَأَقِمْ كأنه قال: وإذ قد ظهر فساد سائر الملل والنحل فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ البليغ الاستقامة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ من الله يَوْمٌ لا يرده راد. ويجوز أن يتعلق قوله مِنَ اللَّهِ بقوله لا مَرَدَّ أي لا راد له من جهة الله فلا يقدر غيره على رده فلا دافع له أصلا يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ أي يتصدعون والتصدع التفرق. ثم بين وجه تفرق الناس بقوله مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي وبال كفره عليه لا على غيره وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً أي آمن وعمل صالحا لأن العمل الصالح لا يتصور إلا بعد الإيمان، على أن الإيمان، أيضا عمل صالح قلبي ولساني وسيصرح به في قوله لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

ص: 417

الصَّالِحاتِ

ومعنى يَمْهَدُونَ يوطؤن كما يسوّي الراقد مضجعه، وجوز جار الله أن يراد فعلى أنفسهم يشفقون من قولهم: في المشفق أم فرشت فأنامت. وذلك أن الإشفاق يلزمه التمهيد عرفا وعادة. ثم بين غاية التمهيد بقوله لِيَجْزِيَ وقوله مِنْ فَضْلِهِ عند أهل السنة ظاهر: وحمله المعتزلة على شبه الكناية لأن الفضل تبع للثواب فلا يكون إلا بعد حصول ما هو تبع له، أو الفضل بمعنى العطاء والثواب. وفي قوله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ وعيد عظيم لهم لأنه إذا لم يحبهم أرحم الراحمين فلا يتصور لهم خلاص من عذابه ولا مناص ولا رحمة من جهته ولا نعمة، وفيه تعريض بأنه يحب المؤمنين ولا وعد أعظم من هذا ولا شرف فوق ذلك. قال جار الله: تكرير الذين آمنوا وعملوا الصالحات وترك الضمير إلى الصريح لتقرير أنه لا يفلح عنده إلا المؤمن الصالح. وقوله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس. قلت: يشبه أن يكون مراده أنه ذكر الكافر أولا ثم المؤمن، وفي الآية الثانية قرر أولا أمر المؤمن ثم أردفه بتقرير أمر الكافر. أو أراد أن قوله لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ دل بصريحه على ثواب المؤمن وبتعريضه على حرمان الكافر، وقوله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ دل بصريحه على حرمان الكافر وبتعريضه على ثواب المؤمن. فالأول طرد والثاني عكس وكل منهما مقرر للآخر. وحين ذكر ظهور الفساد والهلاك بسبب الشرك ذكر ظهور الصلاح وبين أنه من دلائل الوحدانية بقوله وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ ولم يذكر أنه بسبب العمل الصالح لما مر من أن الكريم لا يذكر، لإحسانه سببا ويذكر لأضراره سببا. ومن قرأ على التوحيد فللدلالة على الجنس، ومن قرأ على الجمع فإما لأنه أراد الجنوب والشمال والصبا وهي رياح الرحمة دون الدبور التي هي للعذاب، وإما لأن أكثر الرياح نافعة والضارة كالسموم قليلة جدا لا تهب إلا حينا، وإما لأن الرياح إذا اجتمعت وتزاحمت وتراكمت حتى صارت ريحا واحدا أضرت بالأشجار والأبنية وقلعتها وإذا تفرقت وصارت رياحا اعتدلت ونفعت. قوله مُبَشِّراتٍ أي بالمطر كقوله بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ [الأعراف: 57] وقيل: أي بتصحيح الأهوية وإصلاح الأبدان.

وقوله وَلِيُذِيقَكُمْ إما معطوف على ما قبله معنى كأنه قيل: ليبشركم وليذيقكم بعض رحمته لأن راحات الدنيا زائلة لا محالة، وإما معطوف على محذوف أي وليكون كذا وكذا أرسلناها. وفي قوله بِأَمْرِهِ إشارة إلى أن مجرد هبوب الريح لا يكفي في جريان الفلك ولكنها تجري بإذن الله وجعله الريح على اعتدال وقوام. وفي قوله وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ دلالة على أن ركوب البحر لأجل التجارة جائز. وفي قوله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إشارة إلى أن نعم الله تعالى يجب أن تقابل بالشكر. وإنما بنى الكلام في هذه الآية على الخطاب بخلاف

ص: 418

قوله لنذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون تشريفا لأهل الرحمة، ورحمة الله قريب من المحسنين فكان من حقهم أن يخاطبوا ثم أشار إلى أصل النبوة مع تسلية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لَقَدْ أَرْسَلْنا

واختصر الكلام فدل بذكر عاقبة الفريقين المجرم والمؤمن عليهما، فعاقبة المجرمين الذين لم يصدّقوا رسلهم الانتقام منهم، وعاقبة الذين صدّقوهم النصر والظفر على الأعداء. وفي قوله قًّا عَلَيْنا

تعظيم لأهل الإيمان ورفع في شأنهم وإلا فلا يجب لأحد على الله شيء. ثم أراد أن يشير إلى الأصل الثالث وهو المعاد فمهد لذلك مقدمة منتزعة مما تقدم ذكره وهو بيان إرسال الرياح لأجل إحداث السحاب الماطر المبسوطة بعضها على الاتصال والمتفرق بعضها كسفا أي قطعا. وقوله فَتَرَى الْوَدْقَ أي المطر يخرج من خلاله قد مر في النور. ثم ذكر في ضمن ذلك عجز الإنسان وقلة ثباته وتوكله وقوله مِنْ قَبْلِهِ مكرر للتأكيد ومعناه الدلالة على أن عهدهم بالمطر تطاول فاستحكم بأسهم وتحقق إبلاسهم. وقيل: أراد أنهم من قبل نزول المطر، أو من قبل ما ذكرنا من إرسال الريح وبسط السحاب كانوا مبلسين، وذلك أن عند رؤية السحب وهبوب الرياح قد يرجى المطر فلا يتحقق الإبلاس. ثم صرح بالمقصود قائلا إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الإبداء والإعادة قَدِيرٌ.

ثم أكد تزلزل الإنسان وتذبذبه وأنه بأدنى سبب يكفر بنعمة الله فقال وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً ضارة باردة أو حارة فَرَأَوْهُ أي رأوا أثر الرحمة وهو النبات. ومن قرأ آثار فالضمير عائد إلى المعنى لأن آثار الرحمة النبات أيضا واسم النبات يقع على القليل والكثير، وإنما قال مُصْفَرًّا ولم يقل «أصفر» لأن تلك الصفرة حادثة. وقيل: فرأوا السحاب مصفرا لأنه إذا كان كذلك لم يمطر. ثم زاد في تسلية رسوله بقوله فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى إلى قوله فَهُمْ مُسْلِمُونَ وقد مر في آخر النمل. ثم أعاد من دلائل التوحيد دليلا آخر من الأنفس وهو خلق الآدمي وذكر أحواله وأطواره وتقلبه من ضعف الطفولية إلى قوة الشباب والكهولة ومنها إلى ضعف الهرم. وفي قوله خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ إشارة إلى أن أساس أمر الإنسان الضعف كقوله خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ [الأنبياء: 37] وقيل: من ضعف أي من نطفة.

وهذا الترديد في الأطوار المختلفة أظهر دليل على وجود الصانع العليم القدير. وقوله يَخْلُقُ ما يَشاءُ كقوله في دليل الآفاق فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ [الروم: 48] والكل إشارة إلى بطلان القول بالطبيعة المستقلة. ثم عاد إلى ذكر المعاد وأحوال القيامة، وذكر أن الكفار يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا أو في القبور أو فيما بين فناء الدنيا إلى البعث، وأن أهل العلم والإيمان وهم الملائكة والأنبياء وغيرهم حالهم بالعكس. وذلك أن

ص: 419

الموعود بوعد إذا ضرب له أجل يستكثر الأجل ويريد تعجيله، والموعود بوعيد إذا ضرب له أجل يستقل المدة ويريد تأخيرها. ومعنى يُؤْفَكُونَ يصرفون عن الصدق والتحقيق أي هكذا كان أمرهم في الدنيا مبينا على الظن الكاذب وكانوا يصرون بمثله. ويحتمل أن يكونوا ناسين أو كاذبين. ومعنى في كتاب الله في اللوح المحفوظ أو في علمه وقضائه، أو فيما كتب وأوجب. وفيه رد قول الكفار وإطلاع لهم على مصدوقية الحال. قال جار الله:

في الحديث «ما بين فناء الدنيا إلى وقت البعث أربعون»

قالوا: لا نعلم أهي أربعون سنة أو أربعون ألف سنة. وذلك وقت يفنون فيه وينقطع عذابهم. والفاء في قوله فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ جواب شرط يدل عليه الكلام كأنه قيل: إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث وبه تبين بطلان قولكم وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ أنه حق. ثم بين أن ذلك اليوم لا يقبل فيه عذر من أهل الشرك وسائر أنواع الظلم وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي لا يطلب منهم الرضا فلا يقال لهم أرضوا ربكم بتوبة وطاعة، وقد مر في «النحل» . ثم بين أن القرآن مشحون بقصص وأخبار كلها كالمثل في غرابتها وحسن مواقعها، وأن الرسول مهما جاءهم بدليل أنكروه لأن الذي اجترأ على العناد في دليل واحد، الأغلب أن يتجرأ على أمثاله وهذا نتيجة الطبع والخذلان، فلا علاج في مثل هذه القضية إلا بالصبر وتحمل أعباء الرسالة إلى إنجاز وعد الله بالنصرة وإعلاء الدين. ومعنى لا يَسْتَخِفَّنَّكَ لا يحملنك على الخفة والقلق قوم شاكون فأمثال هذه الأفعال والأقوال لا تستبعد من أهل الريب والضلال أمر أن لا يضجر ويشتغل بالدعاء إلى الحق حتى يأتي أوان النصر والظفر والله المستعان.

ص: 420