الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في تِلْكَ أو هو مرفوع بدلا من ال آياتُ أو خبرا بعد خبر وإن كان التقدير هي هدى به فلك الوقف لِلْمُؤْمِنِينَ هـ لا لأن الَّذِينَ صفتهم يُوقِنُونَ هـ يَعْمَهُونَ هـ ط تنصيصا على أن أُوْلئِكَ مبتدأ مستأنف. الْأَخْسَرُونَ هـ عَلِيمٍ هـ ناراً هـ تَصْطَلُونَ حَوْلَها ط الْعالَمِينَ هـ الْحَكِيمُ هـ لا لعطف الجملتين الداخلتين تحت النداء عَصاكَ ط للعدول عن بيان حال الخطاب إلى ذكر حال المخاطب مع حذف أي فألقاها فحييت وَلَمْ يُعَقِّبْ ط لابتداء النداء الْمُرْسَلُونَ هـ لا لأن «إلّا» إن كان بمعنى «لكن» فالاستدراك يوجب الوصل أيضا. رَحِيمٌ هـ وَقَوْمِهِ ط فاسِقِينَ هـ مُبِينٌ ج هـ للآية والعطف وَعُلُوًّا ط لاختلاف الجملتين وتعظيم الأمر بالاعتبار بعد حذف أي فأغرقناهم الْمُفْسِدِينَ هـ.
التفسير:
تلك الآيات التي تضمنتها هذه السورة آيات القرآن الذي علم أنه منزل مبارك مصدق لما بين يديه وكتاب مبين. فإن أريد به اللوح فآياته أنه أثبت فيه كل كائن، وإن أريد به السورة أو القرآن فالغرض تفخيم شأنهما من قبل التنكير. فآياتهما أن إعجازهما ظاهر مكشوف وفيهما من العلوم والحكم ما لا يخفى، ولأن الواو لا تفيد الترتيب فلا حكمة ظاهرة في عكس الترتيب بين ما هاهنا وبين ما في أول «الحجر» . ومعنى كون الآيات هدى وبشرى أنها تزيد في إيمانهم وتبشرهم بالثواب. قال جار الله: يحتمل أن يكون قوله وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ من تتمة الموصول إلا أن الأوجه أن يكون جملة مستقلة ابتدائية شبيهة بالمعترضة بدليل تكرير المبتدأ الذي هو هم فكأنه قيل: وما يؤمن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، لأن خوف العاقبة هو الذي يسهل عليهم متاعب التكاليف. وأقول: إنه وصفهم بالإيمان ليكون إشارة إلى معرفتهم المبتدأ، ثم وصفهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهما الطاعة بالنفس والمال، وهذه إشارة إلى وسط. ثم وصفهم بمعرفة المعاد فلا أحسن من هذا النسق. وفيه أن المهتدي بالقرآن حقيقة هو الذي يكون موقنا بأحوال المعاد لا شاكا فيها، آتيا بالطاعات للاحتياط قائلا: إن كنت مصيبا فيها فقد نلت السعادة وإن كنت مخطئا فلم تفتني إلا لذات يسيرة زائلة. ثم أورد وعيد المنكرين للمعاد وإسناد تزيين الأعمال إلى الله ظاهر على قول الأشاعرة، وأما المعتزلة فتأولوه بوجوه منها: أنه استعارة فكأنه لما متعهم بطول العمر وسعة الرزق وجعلوا ذلك التمتع ذريعة إلى اتباع الشهوات وإيثار اللذات فقد زين لهم بذلك أعمالهم. ومنها أنه مجاز حكمي وهو الذي يصححه بعض الملابسات. ولا ريب أن إمهال الشيطان وتخليته حتى زين لهم أعمالهم كما قال وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ [النمل: 24] ملابسة ظاهرة للتزيين. ومنها أنه أراد زينا
لهم أمر الدين ولا يلزمهم أن يتمسكوا به وذلك بأن بينا لهم حسنه وما لهم فيه من الثواب فَهُمْ يَعْمَهُونَ يعدلون ويتحيرون عما زينا لهم قاله الحسن لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ أي القتل والأسر كيوم بدر. ثم مهد مقدمة لما سيذكر في السورة من الأخبار العجيبة فقال وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ لتؤتاه وتلقنه من عند أيّ حكيم وأيّ عليم. وإِذْ قالَ منصوب ب عَلِيمٍ أو باذكر كأنه قيل: خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى العجيبة الشأن. والخبر خبر الطريق لأنه كان قد ضله. وفي قوله سَآتِيكُمْ مع قوله في «طه» و «القصص» لَعَلِّي آتِيكُمْ [طه: 10] دليل على أنه كان قوي الرجاء إلا أنه كان يجوّز النقيض، وعد أهله بأنه يأتيهم بأحد الأمرين وإن أبطأ لبعد المسافة أو غيره. قالوا: في «أو» دليل على أنه جزم بوجدان أحد الأمرين ثقة بعناية الله تعالى أنه لا يكاد يجمع بين حرمانين على عبده والاصطلاء بالنار الاستدفاء بها والاجتماع عليها وإنما خصت هذه السورة بقوله فَلَمَّا جاءَها وقد قال في «طه» و «القصص» فَلَمَّا أَتاها [طه: 11] نُودِيَ لأنه كرر لفظ آتِيكُمْ هاهنا بخلاف السورتين فاحترز من تكرار ما يقاربه في الاشتقاق مرة أخرى.
وأَنْ مفسرة لأن النداء فيه معنى القول لا مخففة من الثقيلة بدليل فقدان «قد» في فعلها.
قال جار الله: معنى بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ بورك من في مكان النار، ومن حول مكانها، ومكانها البقعة التي حصلت النار فيها كما قال في القصص نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ [القصص: 30] وسبب البركة حدوث أمر ديني فيها وهو تكليم الله إياه وإظهار المعجزات عليه. وقيل: معنى بورك تبارك، والنار بمعنى النور أي تبارك من في النار وهو الله سبحانه مروي عن ابن عباس. وعن قتادة والزجاج أن من في النار هو نور الله، ومن حولها الملائكة. وقال الجبائي: ناداه بكلام سمعه من الشجرة في البقعة المباركة وهي الشام فكانت الشجرة محلا للكلام والمتكلم هو الله بأن خلقه فيها، ثم إن الشجرة كانت في النار ومن حولها الملائكة. وقيل: من في النار هو موسى لقربه منها، ومن حولها الملائكة. وفي الابتداء بهذا الخطاب عند مجيء موسى بشارة له بأنه قد قضي أمر عظيم تنتشر منه البركة في أرض الشام.
وفي قوله وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ تنزيه له عما لا يليق بذاته من الحدوث والحلول ونحوهما مما هو من خواص المحدثات، وتنبيه على أن الكائن من جلائل الأمور التي لا يقدر عليها إلا رب العالمين. والهاء في إِنَّهُ إما للشأن وإما راجع إلى ما دل عليه سياق الكلام أي أن المتكلم أَنَا وعلى هذا فالله مع وصفيه بيان لانا وفيه تلويح إلى ما أراد إظهاره عليه، يريد أنا القادر القوي على إظهار الخوارق الحكيم الذي لا يفعل جزافا
ولا عبثا. وقوله وَأَلْقِ عَصاكَ معطوف على بُورِكَ وكلاهما تفسير ل نُودِيَ والمعنى:
قيل له بورك وألق: ومعنى لَمْ يُعَقِّبْ لم يرجع يقال: عقب المقاتل إذا كر بعد الفر.
وإنما اقتصر هاهنا على قوله لا تَخَفْ ولم يضف إليه أقبل كما في «القصص» لأنه أراد أن يبني عليه قوله إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ وسبب نفي الخوف عن الرسل مشاهدة مزيد فضل الله وعنايته في حقهم. ثم استثنى من ظلم منهم بترك ما هو أولى به، وقد مر بحث عصمة الأنبياء في أول «البقرة» . وفي الآية لطائف وإشارات منها: أنه أشار بقوله إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إلى أن موسى قد جعل رسولا. ومنها أنه أشار بقوله إِلَّا مَنْ ظَلَمَ إلى ما وجد من موسى في حق القبطي، وبقوله ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ أي توبة بعد ذنب إلى قول موسى رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي [القصص: 16] وقرىء «ألا» بحرف التنبيه.
ومنها أنه أشار بقوله ثُمَّ بَدَّلَ معطوفا على ظَلَمَ إلى أن النبي المرسل بدّل النية ولم يصر على فعله وإلا كان هذا العطف مقطوعا عن الكلام ضائعا، فإنه إذا ظلم ولم يبدل كان خائفا أيضا. ومنها أنه أشار بقوله فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ إلى أن الخوف وإن لحق المستثنى إلا أنه منفي عنه أيضا بسبب غفرانه ورحمته، فنفي الخوف ثابت على كل حال فهذا الاستثناء قريب من تأكيد المدح بما يشبه الذم كقوله:
هو البدر إلا أنه البحر زاخر وكقوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
…
بهن فلول من قراع الكتائب
وهذه اللطائف مما سمح بها الخاطر أوان الكتابة أرجو أن تكون صوابا إن شاء العزيز.
قوله وَأَدْخِلْ يَدَكَ وفي «القصص» اسْلُكْ يَدَكَ [القصص: 32] موافقة لأضمم ولأن المبالغة في أَدْخِلْ أكثر منها في اسْلُكْ لأن سلك لازم ومتعد. وهناك قال فَذانِكَ بُرْهانانِ [القصص: 32] وهاهنا قال فِي تِسْعِ آياتٍ وكان أبلغ في العدد فناسب الأبلغ في اللفظ. قال النحويون: متعلق الجار محذوف مستأنف أي أذهب في تسع آيات. أو المراد وأدخل يدك في تسع أي في جملتهن وعدادهن، اذهب إلى فرعون. وتفسير التسع قد مر في آخر «سبحان» وإنما قال هاهنا إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ دون أن يقول وَمَلَائِهِ [الآية: 32] كما في القصص لأن الملأ أشراف القوم وقد وصفهم هاهنا بقوله فَلَمَّا جاءَتْهُمْ إلى قوله ظُلْماً وَعُلُوًّا فلم يناسب أن يطلق عليهم لفظ ينبىء عن المدح. ومعنى مُبْصِرَةً ظاهرة بينة كأنها تبصر بطباق العين فتهدي، ويجوز أن يكون الإبصار مجازا باعتبار إبصار صاحبها وهو