المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فحييت فلما رآها وَلَمْ يُعَقِّبْ ط لا تَخَفْ ج لمثل - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ٥

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌(سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 21 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 51 الى 91]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف:

- ‌ التفسير

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 92 الى 112]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الحج)

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 22]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 23 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 64]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 65 الى 78]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة المؤمنون)

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 31 الى 56]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 90]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 91 الى 118]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة النور)

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 10]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 26]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 51 الى 64]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الفرقان)

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 21 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 51 الى 77]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الشعراء)

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 68]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 122]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 123 الى 175]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 الى 227]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة النمل)

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 44]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 93]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة القصص)

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 21]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 22 الى 42]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 43 الى 70]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة العنكبوت)

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 15]

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 16 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 42 الى 69]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الروم)

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 32]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 33 الى 60]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة لقمان)

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 19]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة ألم السجدة)

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الأحزاب)

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌ الوقوف

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 21 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 73]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة سبأ)

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 21]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 54]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة فاطر)

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 26]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 45]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة يس)

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 44]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 45 الى 83]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة والصافات)

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 82]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌ التفسير

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 83 الى 182]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة ص)

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 88]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌(سورة الزمر)

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 31]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌الفهرس

الفصل: فحييت فلما رآها وَلَمْ يُعَقِّبْ ط لا تَخَفْ ج لمثل

فحييت فلما رآها وَلَمْ يُعَقِّبْ ط لا تَخَفْ ج لمثل ما مر أي لا تخف بأس العصا إنك أمنت بها بأس فرعون الْآمِنِينَ هـ سُوءٍ ز لعطف الجملتين المتفقتين مع طول الكلام هـ وَمَلَائِهِ ط فاسِقِينَ هـ يَقْتُلُونِ هـ يُصَدِّقُنِي ز للابتداء بأن مع اتحاد القول واحتمال التعليل يُكَذِّبُونِ هـ بِآياتِنا ج أي لا يصلون إليكما بسبب آياتنا وعلى إِلَيْكُما أوجه أي أنتم الغالبون بآياتنا الْغالِبُونَ هـ الْأَوَّلِينَ هـ الدَّارِ ط الظَّالِمُونَ هـ غَيْرِي ج لتنويع الكلام إِلى إِلهِ مُوسى لا لأن ما بعده مقوله أيضا الْكاذِبِينَ هـ لا يُرْجَعُونَ هـ فِي الْيَمِّ ج للابتداء بأمر الاعتبار واختلاف الجملتين مع فاء التعقيب الظَّالِمِينَ هـ إِلَى النَّارِ ج لعطف الجملتين المختلفتين لا يُنْصَرُونَ هـ لَعْنَةً ط لمثل ذلك الْمَقْبُوحِينَ هـ.

‌التفسير:

ذهب بعض المفسرين إلى أن موسى خرج وما قصد مدين ولكنه سلم نفسه إلى الله تعالى وأخذ يمشي من غير معرفة طريق فأوصله الله إلى مدين. وقد يؤيد هذا التفسير ما روي عن ابن عباس أنه خرج وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، ويحتمل أن يكون معنى قول ابن عباس أنه لما خرج قصد مدين لأنه وقع في نفسه أن بينه وبينهم قرابة لأنهم من ولد مدين بن إبراهيم وهو كان من بني إسرائيل لكن لم يكن له علم بالطريق بل اعتمد على فضل الله تعالى. أما أنه قصد مدين فلقوله سبحانه وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ أي قصد نحو هذه القرية ولم تكن في سلطان فرعون وبينها وبين مصر مسيرة ثمان. وأما أنه اعتمد على فضل الله فلقوله. عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ أي وسطه وجادّته نظيره قول جده إبراهيم عليه السلام إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ [الصافات: 99] وكذا الخلف الصدق يقتدي بالسلف الصالح فيهتدي. قال السدي: لما أخذ في المسير جاءه ملك على فرس فسجد له موسى من الفرح فقال: لا تفعل واتبعني فاتبعه نحو مدين. عن ابن جريج أنه خرج بغير زاد ولا ظهر ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر. وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وكان بئرا فيما روي وورود الماء مجيئه والوصول إليه ضدّ الصدور. وَجَدَ عَلَيْهِ أي على شفيره ومستقاه أُمَّةً مِنَ النَّاسِ جماعة كثيرة العدد أصنافا يَسْقُونَ مواشيهم وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ أي في مكان أسفل من مكانهم امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ أي تدفعان وتطردان أغنامهما لأن على الماء من هو أقوى منهما فلم يتمكنا من السقي، وكانتا تكرهان المزاحمة على الماء واختلاط أغنامهما بأغنامهم أو اختلاطهما بالرجال. وقيل: تذودان الناس عن غنمهما. وقيل: تذودان عن وجوههما نظر الناظر. وبالجملة حذف مفعول تَذُودانِ لأن الغرض تقرير الذود لا المذود. وكذا في يَسْقُونَ ولا نَسْقِي المقصود هو ذكر السقي لا المسقي، وكذا في قراءة من

ص: 337

قرأ حَتَّى يُصْدِرَ من الإصدار أي حتى يصدر الرعاء مواشيهم الغرض بيان الإصدار. قالَ ما خَطْبُكُما هو مصدر بمعنى المفعول أي ما مخطو بكما من الذياد قالَتا لا نَسْقِي الآية.

سألهما عن سبب الذود فذكرتا أنا ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مساجلة الرجال ومزاحمتهم فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يفرغوا وما لنا رجل يقوم بذلك. وَأَبُونا شَيْخٌ قد أضعفه الكبر فلا يصلح للقيام به، وهذه الضرورة هي التي سوغت لنبي الله شعيب أن رضي لابنتيه بسقي الماشية على أن الأمر في نفسه ليس بمحظور، ولعل العرب وخصوصا أهل البدو منهم لا يعدّونه قادحا للمروءة. وزعم بعضهم أن أباهما هو ثيرون ابن أخي شعيب وشعيب مات بعد ما عمي وهو اختيار أبي عبيد ينميه إلى ابن عباس. وعن الحسن أنه رجل مسلم قبل الدين من شعيب. أما قوله فَسَقى لَهُما فمعناه فسقى غنمهما لأجلهما وفيه قولان: أحدهما أنه سأل القوم فسمحوا وكان لهم دلو يجتمع عليها أربعون رجلا فيخرجونها من البئر فاستقى موسى بها وحده وصب الماء في الحوض ودعا بالبركة، ثم قرب غنمهما فشربت حتى رويت ثم سرحهما مع غنمهما. والثاني أنه عمد إلى البئر وعليها صخرة لا يقلها إلا سبعة رجال أو عشرة أو أربعون أو مائة- أقوال- فأقلها وحده وسقى أغنامهما، كل ذلك في شمس وحر. ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ظل شجرة فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ذهب أكثر المفسرين الظاهريين ومنهم ابن عباس إلى أنه طلب من الله طعاما يأكله. وعدي فَقِيرٌ باللام لأنه ضمن معنى سائل وطالب. وعن الضحاك أنه مكث سبعة أيام لم يذق فيها طعاما إلا بقل الأرض وإن خضرته تتراءى في بطنه من الهزال، وفيه دليل على أنه نزع الدلو وأقل الصخرة بقوة ربانية. وقال بعض أهل التحقيق: أراد إني فقير من الدنيا لأجل ما أنزلت إليّ من خير الدين، وذلك أنه كان عند فرعون في ملك وثروة فأظهر الرضا بهذا الذل شكرا لله.

يروى أنهما لما رجعتا إلى أبيهما قبل الناس وأغنامهما حفل بطان قال لهما: ما أعجلكما؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا. فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه لي

وذلك قوله سبحانه فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قيل: من جملة حيائها أنها قد استترت بكم درعها ثم قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ عن عطاء بن السائب أنه حين قال رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ رفع صوته بدعائه ليسمعهما فلذلك قيل له لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا وضعفت الرواية بأن هذا نوع من الدناءة وضعف اليقين بالله فلا يليق بالنبي.

وقد روي أنها حين قالت: ليجزيك كره ذلك. ولما قدم إليه الطعام امتنع وقال: إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بدنيانا ولا نأخذ على المعروف ثمنا حتى قال شعيب هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا.

ص: 338

سؤال: كيف ساغ لموسى أن يعمل بقول امرأة وأن يمشي معها وهي أجنبية؟

الجواب: العمل بقول الواحد حرا أو عبدا ذكرا كان أو أنثى سائغ في الأخبار، والمشي مع الأجنبية لا بأس به في حال الاضطرار مع التورع والعفاف، ويؤيده ما

روي أن موسى تبعها فألزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق. قال الضحاك: لما دخل عليه قال له: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا موسى بن عمران بن يصهر ابن قاهث بن لاوى بن يعقوب.

وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ أي المقصوص من لدن ولادته إلى قتل القبطيّ وفراره خوفا من فرعون وملئه ف قالَ له شعيب لا تَخَفْ من فرعون أو ضيما نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فلا سلطان لفرعون بأرضنا قالَتْ إِحْداهُما وهي كبراهما اسمها صفراء وكانت الصغرى صفيراء يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قال النحويون: جعل القوي الأمين اسما لكونه معرفة صريحة أولى من جعل «أفعل» التفضيل المضاف اسما لكونه قريبا من المعرفة، ولكن كمال العناية صار سببا للتقديم. وورود الفعل وهو اسْتَأْجَرْتَ بلفظ الماضي للدلالة على أنه أمر قد جرب وعرف. وقال المحققون: إن قولها هذا كلام حكيم جامع لا مزيد عليه لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان أعني الكفاية والأمانة اللتين هما ثمرتا الكياسة والديانة في الذي يقوم بأمرك، فقد حصل مرادك وكمل فراغك. عن ابن عباس أن شعيبا أحفظته الغيرة فقال: وما علمك بقوّته وأمانته؟ فذكرت إقلال الحجر ونزع الدلو وأنه صوّب رأسه أي خفضه حين بلغته رسالته، وأنه أمرها بالمشي خلفه فلذلك قال أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ وليس هذا عقدا حتى تلزم الجهالة في المعقود عليها ولكنه حكاية عزم وتقرير وعد ولو كان عقدا لقال أنكحتك ابنتي فلانة. وفي قوله هاتَيْنِ دليل على أنه كانت له غيرهما. قال أهل اللغة: تَأْجُرَنِي من أجرته إذا كنت له أجيرا فيكون ثَمانِيَ حجج ظرفه أو من أجرته كذا إذا أثبته إياه فيكون الثماني مفعولا به ثانيا ومعناه رعية ثماني حجج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً أي عمل عشر حجج فَمِنْ عِنْدِكَ أي فإتمامه من عندك لا من عندي إذ هو تفضل منك وتبرع وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ الزام أتم الأجلين أو بالتكاليف الشاقة في مدة الرعي، وإنما أعامل معك معاملة الأنبياء يأخذون بالأسمح- بالحاء لا بالجيم- قال أهل الاشتقاق: حقيقة قولهم شققت عليه وشق عليه الأمر أنه إذا صعب الأمر فكأنه شق عليه ظنه باثنين يقول تارة أطيقه وتارة لا أطيقه. ثم أكد وعد المسامحة بقوله سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ عموما أو في باب حسن المعاملة. وقوله إِنْ شاءَ اللَّهُ أدب جميل كقول إسماعيل سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات: 102] أي على الذبح. وفيه أن الاعتماد في جميع الأمور على معونة الله والأمر موكول إلى مشيئته. استدل الفقهاء بالآية على أن العمل قد يكون مهرا كالمال،

ص: 339

وعلى أن إلحاق الزيادة بالثمن والمثمن جائز، وعلى أن عقد النكاح لا يفسده الشروط التي لا يوجبها العقد. ويمكن أن يقال: إنه شرع من قبلنا فلا يلزمنا. وجوّز في الكشاف أن يكون استأجره لرعية ثماني سنين بمبلغ معلوم ووفاه إياه ثم أنكحه ابنته. وجعل قوله عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي عبارة عما جرى بينهما قالَ موسى ذلِكَ الذي شارطتني عليه قائم بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ و «ما» مؤكدة لإبهام أيّ زائدة في شيوعها فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ أي لا يعتدي عليّ في طلب الزيادة فإن قضيت الثماني فلا أطالب بالزيادة وإن قضيت العشر باختياري فلم أطالب بالزيادة أيضا. وقيل: أراد أيهما قضيت فلا أكون متعديا.

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تزوّج كبراهما

وقيل صغراهما ولا خلاف في أنه قضى أوفى الأجلين.

قال القاضي في قوله فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ دليل على أنه لم يزد على العشرة وفيه نظر لأنه لا يفهم من هذا التركيب إلا أن الإيناس حاصل على عقيب مجموع الأمرين، ولا يدل على أن ذلك حصل عقيب أحدهما وهو قضاء الأجل ويؤيده ما روي عن مجاهد أنه بعد العشر المشروط مكث عشر سنين أخر. قال أهل اللغة: الجذوة بحركات الجم العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن، وشاطىء الوادي جانبه، و «من» الأولى والثانية كلتاهما لابتداء الغاية أي أتاه النداء من شاطىء الوادي من قبل الشجرة، فالثانية بدل من الأولى بدل الاشتمال لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ، ووصفت البقعة بالمباركة لأن فيها ابتداء الرسالة والتكليم. احتجت المعتزلة على مذهبهم أن الله تعالى يتكلم بكلام يخلقه في جسم بقوله مِنَ الشَّجَرَةِ وقال أهل السنة: مما وراء النهر إن الكلام القديم القائم بذات الله غير مسموع والمسموع من الشجرة وهو الصوت والحرف دال على كلام الله. وذهب الأشعري إلى أن الكلام الذي ليس بحرف ولا صوت يمكن أن يكون مسموعا كما أن الذات التي ليست بجسم ولا عرض يمكن أن تكون مرئية.

روي أن شعيبا كانت عنده عصيّ الأنبياء فقال لموسى بالليل: ادخل البيت فخذ عصا من تلك العصيّ فأخذ عصا هبط بها آدم من الجنة ولم تزل الأنبياء يتوارثونها حتى وقعت إلى شعيب فمسها وكان مكفوفا فشعر بها فقال: غيرها، فما وقع في يده إلا هي سبع مرات فعلم أن له شأنا.

وعن الكلبي: الشجرة التي منها نودي شجرة العوسج ومنها كانت عصاه، ولما أصبح قال له شعيب: إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك وإن كان الكلأ هناك أكثر لأن فيها تنينا أخشاه عليك وعلى الغنم. فأخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على منعها فمشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله فنام فإذا بالتنين قد أقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت إلى موسى دامية فارتاح لذلك. وحين رجع إلى شعيب مس الغنم فوجدها ملأى البطون غزيرة

ص: 340

اللبن فأخبره موسى ففرح وعلم أن لموسى والعصا شأنا. قيل: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن موسى ذهب ليقتبس النار فكلمه الملك الجبار وقد مر في النمل تفسير قوله فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ إلى قوله مِنْ غَيْرِ سُوءٍ [الآية: 10] أما قوله وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فذكر جار الله له معنيين: أحدهما حقيقة وهو أنه لما قلب الله العصا حية فزع واضطرب فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء فقيل له: إن اتقاءك بيدك فيه نقصان قدرك عند الأعداء فإن ألقيتها، فكما تنقلب حية فادخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب النقص وإظهار معجزة أخرى. وثانيهما مجاز وهو أن يراد بضم الجناح التجلد وضبط النفس حتى لا يضطرب فيكون استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف أرخى جناحيه وإلا ضمهما. ومعنى مِنَ الرَّهْبِ من أجل الخوف.

والفرق بين هذه العبارة وبين قوله اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ أن الغرض هناك خروج اليد بيضاء وهاهنا الغرض إخفاء الخوف أو أراد بالجناح المضموم هاهنا اليد اليمنى وبالجناح المضموم إليه في قوله وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ اليد اليسرى، وقيل: إن الرهب هو الكم بلغة حمير وزيفه النقاد. من قرأ فَذانِكَ بالتخفيف فمثنى ذاك، ومن قرأ بالتشديد فمثنى ذلك وأصله ذان لك قلبت اللام نونا وأدغمت. وسميت الحجة برهانا لبياضها وإنارتها من قولهم «امرأة برهرهة» أي بيضاء، والعين واللام مكررتان. والدليل على زيادة النون قولهم «أبره الرجل» إذا جاء بالبرهان ونظيره «السلطان» من السليط الزيت، لإنارتها. وظاهر الكلام يقتضي أنه تعالى أمره بذلك قبل لقاء فرعون، والسر فيه أن يكون على بصيرة من أمره عند لقاء المعاند اللجوج. وزعم القاضي أنه في حال أداء الرسالة لأن المعجز إنما يظهر ليستدل المرسل إليه على الرسالة ولا يخفى ضعف هذا الكلام لأن الحكمة في الإظهار لا تنحصر في الاستدلال بل لعل هناك أنواعا أخر من الحكم والمقاصد قد ذكرنا واحدا منها. ومما يؤكد أن هذا الكلام قد جرى ولم يكن هناك أحد غير موسى قوله معتذرا رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً الآية. والردء اسم ما يعان به من ردأته أي أعنته فعل بمعنى مفعول به ويُصَدِّقُنِي بالرفع صفة وبالجزم جواب كما مر في قوله وَلِيًّا يَرِثُنِي [مريم: 6] والمراد بتصديق أخيه أن يذب ويجادل عنه لا أن يقول: صدقت فإن هذا القدر لا يفتقر إلى البيان والفصاحة لأن سحبان وباقلا يستويان فيه. ويجوز أن يكون الضمير في يُصَدِّقُنِي لفرعون. وجوّز جار الله أن يكون من الإسناد المجازي بناء على أن يصدق مسند إلى هارون وهو ببيانه وبلاغته سبب تصديق فرعون يؤيده قوله إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قال الجبائي:

إنما سأل موسى أن يرسل هارون بأمر الله تعالى ولم يكن ليسأل ما لا يأمن أن يجاب أو لا يكون حكمة. ولقائل أن يقول: لعله سأله مشروطا على معنى إن اقتضت الحكمة ذلك كما

ص: 341

يقول الداعي في دعائه. وقال السدي: علم أن الاثنين أقوى من الواحد فلهذا سأل اعترض القاضي بأن هذا من حيث العادة وأما من حيث الدلالة فلا فرق بين معجزة ومعجزتين، لأن المبعوث إليه في أيهما نظر علم وإن لم ينظر فالحال واحدة. هذا إذا كانت طريقة الدلالة بين المعجزتين واحدة، فأما إذا اختلف وأمكن في إحداهما من إزالة الشبهة ما لا يمكن في الأخرى فغير ممتنع أن يقال: إنهما بمجموعهما أقوى من واحدة كما قال السدي، لكن ذلك لا يتأتى في موسى وهارون لأن معجزتهما كانت واحدة.

قال جار الله معنى سَنَشُدُّ عَضُدَكَ سنقوّيك بأخيك إما لأن اليد تشتد بشدة العضد وجملة البدن يقوى على مزاولة الأمور بشدة اليد، وإما لأن الرجل واشتداده بالأخ شبه باليد في اشتدادها باشتداد العضد. والسلطان التسلط والغلبة والحجة الواضحة. وقوله بِآياتِنا إما متعلق بمقدر أي اذهبا بآياتنا، أو متعلق بظاهر وهو نَجْعَلُ أو فَلا يَصِلُونَ. ويجوز أن يكون بيانا ل الْغالِبُونَ كأنه قيل: بماذا نغلب؟ فقيل: بآياتنا. وامتنع أن تكون صلة ل الْغالِبُونَ لتقدمه، ويجوز أن تكون قسما جوابه فَلا يَصِلُونَ مقدما عليه مثله. ويجوز أن يكون من لغو القسم الذي لا جواب له كقولك «زيد وأبيك منطلق» والمراد الغلبة بالحجة والبرهان في الحال أو بالدولة والمملكة في المآل، وصلب السحرة بعد تسليم ثبوته لا يقدح في قوله وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ لأن الدولة الباقية أعلى شأنا وسِحْرٌ مُفْتَرىً أي سحر تعمله أنت ثم تنسبه إلى الله فهو كذب من هذا الوجه، أو سحر ظاهر افتراؤه لا سحر يخفى افتراؤه، أو سحر موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر فإن كل سحر ففاعله يوهم خلافه فهو المفترى. ومعنى ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ قد مر في سورة المؤمنين. قال جار الله فِي آبائِنَا حال عن هذا أي كائنا في زمانهم وأيامهم قلت: لا مانع من أن يكون الظرف لغوا ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك وقد سمعوا بنحوه، أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته، أو أرادوا أن الكهان لم يخبروا بمجيء ما جاء به موسى. وكل هذه المقالات لا تصدر إلا عن المحجوج اللجوج الذي قصارى أمره التمسك بحبل التقليد.

من قرأ قالَ مُوسى بغير واو فعلى طريقة السؤال والجواب. ووجه قراءة الأكثرين أنهم قالوا ذلك وَقالَ مُوسى هذا ليوازن العاقل الناظر بين القولين فيتبين له الغث من السمين.

وقوله رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ إفحام للخصم المعاند إذ لا سبيل إلى دفاعه بالحجة أي يعلم أني محق وأنهم مبطلون. وقوله وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ يعني العاقبة الحميدة كأن المذمومة غير معتدّ بها ضم طريقة الوعيد إلى الإفحام المذكور. وقيل: معناه ربي أعلم بالأنبياء السالفة فهو جواب لقولهم ما سَمِعْنا بِهذا وقال جار الله: رَبِّي أَعْلَمُ

ص: 342

بحال من أهله للفلاح حيث جعله نبيا ووعده حسنى العقبى، ولو كان كاذبا كما يزعمون لم يؤهله لذلك لأنه لا يفلح عنده الظالمون، واعلم أن فرعون كان من عادته عند ظهور حجة لموسى أن يتعلق في دفع تلك الحجة بشبهة يروّجها على أغمار قومه فذكر هاهنا أمرين:

الأوّل قوله ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فكأنه استدل بعدم الدليل على عدم المدلول وهو خطأ من جهة أن الدليل على المدلول وهو وجود الصانع أكثر من أن يحصى، ومن جهة أن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول. وأما قوله غَيْرِي فقد تكلف له بعضهم أنه لم يرد به أنه خالق السموات والأرض وما فيهما فإن امتناع ذلك بديهي، وإنما أراد به نفي الصانع والاقتصار على الطبائع وأنه لا تكليف على الناس إلا أن يطيعوا ملكهم وينقادوا لأمره.

الثاني قوله فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ وقد تكلفوا له هاهنا أيضا فقيل: إنه يبعد من العاقل أن يروم صعود السماء بآلة، ولكنه أراد أنه لا سبيل إلى إثبات الصانع من حيث العقل كما مر، ولا من حيث الحس فإن الإحساس به يتوقف على الصعود وهو متعذر، وإلا فابن يا هامان مثل هذا البناء وإنما قال ذلك تهكما. فبمجموع هذه الأشياء قرر أنه لا دليل على الصانع، ثم رتب النتيجة عليه وهو قوله وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ يحتمل أن يريد لأعلمه من الكاذبين. والأكثرون من المفسرين على أنه بنى مثل هذا البناء جهلا منه أو تلبيسا على ملئه حيث صادفهم أغبى الناس وأخلاهم من الفطن.

يروى أن هامان جمع العمال حتّى اجتمع منهم خمسون ألف بناء سوى الأجراء، وأمر بطبخ الآجر والجص ونجر الخشب وضرب المسامير فشيدوه حتى بلغ مبلغا لا يقدر الباني أن يقوم عليه، فبعث الله جبريل عند غروب الشمس فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع، وقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل، ووقعت قطعة في البحر، وقطعة في المغرب ولم يبق أحد من عماله إلا قد هلك.

وروي في القصة أن فرعون ارتقى فوقه فرمى بنشابة نحو السماء فأراد الله أن يفتنهم فردّت إليه وهي ملطوخة بالدم فقال: قد قتلت إله موسى، فعند ذلك بعث الله جبرائيل لهدمه.

قال أهل البيان: إن صح حديث ردّ النشابة ملطوخة فقد تهكم به بالفعل كما ثبت التهكم بالقول في غير موضع. وإنما قال فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ ولم يقل: اطبخ لي الآجر. لأن هذه العبارة أحسن، ولأن فيه تعليم الصنعة، وقد كان أوّل من عمل الآجر فرعون. عن عمر أنه حين سافر إلى الشام ورأى القصور المشيدة بالآجر قال: ما علمت أن أحدا بنى الآجر غير فرعون. والطلوع والاطلاع الصعود يقال: طلع الجبل واطلع.

وفي قوله سبحانه وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ يعني أرض مصر بِغَيْرِ الْحَقِّ إشارة إلى أن الاستكبار بالحق إنما هو لله تعالى كما

جاء في الحديث القدسي «الكبرياء

ص: 343